روايات

رواية كانت أنثى الفصل الأول 1 بقلم لولي سامي

رواية كانت أنثى الفصل الأول 1 بقلم لولي سامي

رواية كانت أنثى الجزء الأول

رواية كانت أنثى البارت الأول

كانت أنثى
كانت أنثى

رواية كانت أنثى الحلقة الأولى

المرأة مثل الرجل بل هي افضل منه.
فإذا كان الرجل يتميز بالذكاء والقيادة، فالمرأة الان استطاعت أن تكون سفيرة ووزيرة بل قاضية .
وإذا كان لديه القدرة على إتقان اي عمل ،فالمرأة لديها القدرة على إتقان أكثر من عمل في آن واحد.
فلتقدري ذاتك يا عزيزتي .
واعلمي أنك قادرة على فعل كل شيء واي شيء ، ولم تحتاجين الرجل في شئ .
كوني استقلالية فإنتي تملكين كل مقومات الاعتماد على الذات.
هذه كانت مقدمة مقالي الذي كتبته في يوم من ايام عملي من أجل إدراجه بعمودي الاسبوعي في المجلة.
نسيت ان اعرفكم بنفسي/ أنا شروق الحسيني كاتبة ومحررة بمجلة نسائية بتهتم بقضايا المرأة وبنزل فيها كل اسبوع مقال .
بتكلم فيه عن دعم المرأة وعن قوتها وصفاتها وقدراتها.
وقد ايه هي مهمة في المجتمع لحد ما طلع عليا لقب مروجة فكرة independent woman .
وطبعا سعيدة جدا للي وصلتله، واللي كان هدفي في يوم من الأيام اني اثبت فكرة جديدة عن المرأة ، غير أنها تكون مدلله وقدراتها محدودة في الإغراء وانتقاء الازياء وتربية الأطفال.
ومحدش يفتكر اني معقدة ولا وحشة بالعكس انا امتلك قدر من الجمال ليس بقليل….
أنيقة ولي ذوق خاص في اختيار ملابسي، ولكن انشغالي بعملي يبعدني قليلا عن الاعتناء الكامل بذاتي….
ولكن لم يهمني فأنا الان اصبحت ذو مركز مرموق بالمجلة
بجانب كل هذا مهتمة جدا بمنزلي، فانا زوجة وأم لثلاث اطفال ،والحمد لله بهتم بيهم جدا ، بجانب عملي وغير مقصرة في أي شئ علشان بس اقدر أثبت أن المرأة قادرة على النجاح في كل حاجه،
لدرجة اني أرى نفسي امرأة قوية جدا وكاملة،
برغم كم الإرهاق الذي أشعر به ولكني مستمرة بالسعي للوصول لهدفي وهو ( أن المرأة قادرة على كل ما يفعله الرجال ….)
حتى جاء اليوم الذي هدم كل أفكاري ومبادئي في الحياة وكأني كنت أنظر للحياة من منظور واحد خاص بي أنا فقط .
لأعود مجددا واعيد التفكير في كل ما مضى واتذكر كل المواقف والتجارب والحروب التي افتخر أنني خوضتها بل وفزت بها.
لاصعق حين اجد كل ما مضى لم يندرج تحت مسمى فوز بل هو الخسارة بعينها .
…………………
اجلس على مكتبي اتابع كتابة مقالي بحماس تام فيجب أن انهيه اليوم واقدمه حتى يتم مراجعته ،
ليندرج بعمودي الاسبوعي بالمجلة.
فقد وصلت بعد مجهود مضني أن يكون لي عمود خاص أدون به مقالاتي.
وهذا عمل شاق لم يصل له أي كاتب أو محرر ببساطة .

دلف ساعي المكتب بعد أن طلبته ويسمى العم مصيلحي لاطلب منه قدح من القهوة ، فانا احتاج مزيدا من التركيز ولكنه لم يذهب لإحضار القهوة ،
تعجبت من مكوثه واقفا بمكانه فرفعت وجههي متعجبه وسألته / خير يا عم مصيلحي في حاجة ؟؟
أبتلع ريقه العم مصيلحي وقال بتلعثم / انا اسف يا استاذة شروق …. عارف انك مشغولة ومش عايزة اعطلك …بس …بس.
_ خير يا عم مصيلحي قول على طول انا مش فاضية .
_ في واحدة برة مصرة تقابلك وبتقول عندها مشكلة ومحتاجاكي ضروري .
تعجبت مما استمع له فانا محررة وكاتبة لست قسم الشكاوي لاوضح له ربما اختلط عليها الأمر / هتلاقيها متلخبطة يا عم مصيلحي وجهها لقسم الشكاوي .
وعدت ثانية أصب تركيزي على ما بيدي لأجد العم مصيليحي يقول لي / مانا قولتلها يا أستاذة بس هي مصرة عليكي ده حتى طلبتك بالاسم.
لارفع راسي مجددا وانظر باندهاش وعقلي يفكر
لما تصر علي هكذا ؟
بل لماذا تطلبني بالاسم ؟
ربما كانت أحدا يعرفني….
لاتخذ قراري واترك قلمي لارى من هذه التي جاءت خصيصا لي ، فقد زاد فضولي لمعرفتها ومعرفة إصرارها علي / خليها تدخل يا عم مصيلحي بس هاتلي القهوة وحاول تفهمها اني مستعجلة .
اومأ العم مصيلحي وأدخل السيدة لتبدو امامي امرأة ذو ملامح جميلة ولكن ينقصها الاعتناء بنفسها قليلا……
لا يهم فانا مثلها تقريبا .
مددت يدي وحيتها ثم أشرت لها بالجلوس .
جلست وهي تنظر للاسفل وتفرك بيدها لاحظت التوتر الشديد عليها ولكني في عجلة من امري فحاولت إنهاء هذه المقابلة فتحدثت انا بلباقة قائلة / عم مصيلحي قالي أن حضرتك طلبتيني بالاسم،
اتفضلي انا سمعاكي.
رفعت السيدة وجهها المحتقن لي من أثر التوتر وابتلعت ريقها قبل أن تتحدث قائلة / انا بصراحة من أشد المعجبين بمقالاتك،
وتقريبا بشتري المجلة علشان اقرا مقالك بس ،…..
ثم أكملت بحزن / اصلي مش هيهمني الموضة والاكلات اللي سعر محتوياتها غالي……..
ولا اخبار مين عمل ايه!!!
اومأت براسي كتحية على اشادتها لعملي، ولكنه بالنسبة لي كان أمرا عاديا فقد اعتدت سماع هذه الاشادات ، ومن المؤكد أنها لم تطلبني بغرض الإشادة فقط لاحثها على استكمال الحوار / كملي سمعاكي.
أطبقت شفتيها ثم اردفت قائلة / انا معجبة بمقالاتك علشان هي اللي بتساعدني اني اكمل اللي بعمله، بس انا جاية هنا علشان أسألك السؤال اللي مش لاقياله إجابة .
قطبت حاجبي لاجدها تسال قائلة / ثم بعد ؟
سألتها بدوري مستفسرة عن معنى سؤالها / نعم !؟
لاجدها تسال مجددا ولكن بايضاح / ثم بعد ؟؟
يعني بقيت امرأة عاملة، وأم شاطرة ، وست يعتمد عليها اللي رايح واللي جاي لدرجة أنها شالت كل المسؤوليات اللي تخصها واللي متخصهاش .
وأثبتت للكل جدارتها وتفوقها في كل المجالات ……..
ثم بعد ؟؟
لم اسأل نفسي علي مدار حياتي الشخصية أو العملية هذا السؤال …. ثم بعد ؟؟
ما الهدف خلف كل هذا ؟؟؟
مجرد إثبات للمقدرة على اي شئ وكل شئ !! ….
ثم بعد؟؟
رمشت باهدابي غير واعية بماذا اجيبها لتكمل هي رسم الصورة التي لم اراها من قبل / يعني بعد ما أثبت أن اقدر اعتمد على نفسي ، واقدر احل مشاكلي.
في ناس هتسيبني من غير حتى ما تسأل انا عملت كدة ازاي ؟ وتعبت ولا متعبتش ؟
وناس تانية هتشوفني هيرو فهتحملني مسؤولياتها هي كمان .
والمشكلة مش في كل دول !!
أثارت فضولي أكثر من اللازم لتكمل بذكر المشكلة التي لم أصل لها حتى الآن / المشكلة الأكبر اني مش هلاقي نفسي..
هتوه زي مانا تايهه دلوقتي!!
اللي قدامك دي كنت في الاول شيك جدا في لبسي واناقتي ،
كنت لازم اخلي الشنطة تليق مع الجزمة ، والاتنين يليقوا على اللبس اللي لابساه، وكل لبسي يليق على المكان اللي رايحاه والوقت كمان …
دلوقتي انا بحاول البس اي كوتش على اي لبس علشان الحق الشغل ….والحق العيال …..والحق السوق …..
وكمان علشان رجلي تستحمل بعد كل ده أن أقف عليها اكمل عمايل اكل في البيت .
لم أشعر بذاتي سوى أنني أرجعت قدمي للخلف كمحاولة من جسدي لاخفاء الحذاء الذي ارتديه فهو بنفس المواصفات التي ذكرتها المدعوة.
قطع حديثنا دلوف العم مصيليحي الذي ذكرني بمقالي بهدف استعجالها كما طلبت منه.
لأجد نفسي أغلق الدفتر الذي أدون به مقالي الجديد وكأني اخفي جُرم ما.
وضع العم مصيلحي القهوة امامي قائلا ما اتفقنا عليه لإنهاء هذه المقابلة سريعا / المدير بيستعجل المقال سيادتك أقوله ايه ؟
أدركت السيدة مقصد العم مصيليحي لتستقيم واقفة وهي تقدم لي بيدها ظرف ما قائلة / بعتذر إني عطلتك عن عملك ، وعلشان كده كتبت لك قصتي اتمنى انك تقريرها بتمعن.
ومنتظرة إتصال من حضرتك لو في اي استفسار او لو وصلتي لإجابة عن سؤالي عن اذنك.
استقمت بدوري لاسلم عليها وطلبت منها رقم هاتفها .
دونت رقم هاتفها بورقة من أمامي وذهبت وتركتني وانا مشوشة الفكر .
ذهبت دون أن أعرف قصتها أو سبب سؤالها!!
ذهبت دون أن أعرف حتى اسمها!!
ولكن اسمها ليس بالأمر العسر أو مهم فمن المؤكد أن صورة تحقيق شخصيتها متواجدة مع الأمن بالاسفل ، الاهم هي قصتها تُرى ماذا خلفها .
زفرت انفاسي واخذت أتطلع لخطابها هل افتحه الآن أم اتركه لوقت اخر .
توصلت لفكرة عدم فتح الخطاب وانا بهذا الفكر المشوش ربما أثر ما بخطابها على مبادئي.
فيجب التوصل لإجابة سؤالها اولا من وجهة نظري … ثم بعد؟؟
قبل أن أواجه مشكلتها فلانتظر قليلا حتى يهدأ عقلي من التفكير واكون بحالة مزاجية تسمح بالتدبر.
جلست على مقعدي وارجعت راسي للخلف احاول التفكير في كل ما ذكرته ، كما احاول مقارنته بكل ما مضى وما وصلت إليه .
ثم بعد …!؟
تُرى هل أسعى خلف سراب ؟؟
لملمت أوراقي واخبرت الساعي أن يخبر اعتذراي عن عمود الغد فالأمر يتطلب قليلا من التفكير حتى انتبهت على أنه قد حان موعد الانصراف .
هرولت لالحق بحضانة ابنتي ونعود سويا للمنزل قبل وصول حافلة مدرسة اولادي .
استقلت سيارة أجرة ولكن في طريقي للحضانة القريبة من منزلي وجدت اتصال من مشرفة حافلة اولادي قبل ميعاد وصولهم وهذا معناه إما وصلوا قبلي أو حدث مكروه لا قدر الله .
لاجيبها على الفور والقلق يبدو من نبرة صوتي / أيوة يا مس سماح …. في حاجة بعد الشر !؟
سمعت صوتها أكثر توترا مني وهي تخبرني قائلة / استاذة شروق …. عايزة حضرتك تيجي عند شارع (x) اللي جنب المدرسة …. ابن حضرتك باب الميكروباص قفل على أيده .
ورحت بيه الصيدلية بس الصيدلي شايف أنه يروح مستشفى افضل .
صفعت وجنتي من أثر الخضة وأبلغت السائق بالتوجه مباشرة للعنوان المنشود وانا مازلت معها بالمكالمة ،
حاولت تهدأتي وطمأنتي أن الموضوع بسيط ولكني لم اطمئن قبل أن أرى ابني بنفسي.
فسألتها لحين الوصول حتى استطيع تفهم الامر/ ميكروباص ايه اللي قفل على ايد الولد انتوا مش كنتوا مروحين في باص .
حاولت المشرفة تبسيط الأمر مع وضوح تام في اضطرابها فقالت / باص المدرسة عطل واضطريت اوقف ميكروباص وبعد ما ركبت الاولاد كلهم وقولت أتمم عليهم وعدتدهم، وانا بقفل الباب علشان اركب جنب السواق قدام لاقيت ابن حضرتك صرت جامد علشان كان حاطط أيده وقفلت الباب على صوباعه .
فتحت الباب بسرعة ورحت بيه لأقرب صيدلية …. متقلقيش والله الصيدلي قالي بسيطة .
بدأت دموعي تنهمر على وجنتي وانا اتخيل الموقف والألم الذي عاشه ابني .
بينما عقلي يتوقع دائما الاسوا لتحاول التخفيف علي حالي فسألتها حتى اهيئ عقلي لما ساراه / العقلة …. العقلة طارت .
أسرعت بالإجابة لا اعرف هل لمجرد طمأنتي ام انها الحقيقة / لا والله… لا لا لا خالص بقولك بسيطة والله.
تذكرت أخيه كيف نسى عقلي لاسأل عليه سريعا / وأخوه اخوه فين ؟
اجابتني بثقة / اخوه في الميكروباص وراكن اهو قدام الصيدلية متقلقيش.
أغلقت معها والسيارة على وشك الوصول لاحاول رسم الثبات.
فكفكفت دموعي يجب أن يراني اولادي قوية حتى لا يفزعوا يكفيهم رعب الموقف .
دلفت السيارة للشارع القريب من العنوان ،
لأجد اتصال من مسؤولة الحضانة تبلغني أنني قد تأخرت عن موعد استلام ابنتي،
لاصفع جبهتي على ذاكرتي واعتذر منها واطلب منها تسليمها لإحدى العاملات بالحضانة .
وعند عودتي سادفع لها مبلغا كتعويضا عن التاخير .
ثم أمسكت بهاتفي واحاول الاتصال على مازن زوجي وانا على يقين أنه لن يجيب على اتصالاتي ولكن قولت ربما .
وصلت الصيدلية بعد أن أعدت الاتصال عليه مرتين لاغلق الهاتف واحاول الصمود والتعامل مع الموقف بكل حكمة .
هرولت تجاه الحافلة لاستلم ابني مروان ثم دلفنا لداخل الصيدلية ليهرع أنس مرميا باحضاني.
بكى بشدة وانا احاول تهدأة حالي والمشرفة تحاول تهدأته بينما الصيدلي جلب لي كوبا من الماء ولم اكذب فانا كنت في احتياج شديد له .
ارتشفت نصف الكوب وهدهدت أنس ثم سقيته نصف الكوب هو الآخر .
وبدأت امسك يده لاتطلع عليها ولكنها كانت ملفوفة بشاش قطني.
نظرت تجاه الصيدلي باستفسار فانا اريد الحقيقة ولكن لا اريد اخافة ابني ليحاول الصيدلي طمأنتي فقال لي / بصي الموضوع بسيط جدا بس انا شايف تروحي مستشفى علشان اعتقد هتضطروا تشيلوا الضوفر..
بس علشان ميعملش التهاب تحته ولا حاجه بعد الشر.

حاولت التماسك بشدة فانا حتى الآن لم أرى إصبع ابني بعيني بعد.
لاحاول تهدأته فقدت شعرت بذعره لمجرد ذكر نزع الظافر .
استقلنا سيارة اجرة وابلغتها بالعنوان ليتوجه مباشرة بحضانة ابنتي التي استلمتها واعطيت العاملة تعويض عن تأخري ثم طلبت من السائق التوجه لأقرب مشفى .
بالفعل طلبت طبيب جراح وتم إزاحة اللفافة من علي يد انس ليقرر بالفعل ضرورة نزع الظافر .
استنشقت اخيرا الهواء واعتبرت أن هذا كرم من الله أنها انتهت لهذا فقط ولم تصل لقطع العقلة .
اجلست أنس بمقعد بالمشفى فقد كان مرعوبا حقا فور استماعه للفظ إجراء عملية ونزع الظافر .
ركعت أمامه كمحاولة لتوصيل المعلومة فقلت له وانا اصطنع اللامبالاة / العملية بسيطة جدا يا أنوس مش هتحس غير بحقنة البنج بس .
كان يتحدث وسط تشنجاته من أثر البكاء فسألني بذعر / يعني أنا هكون مع الدكتور لوحدي ونايم يا ماما ؟؟
ما ممكن يقطع صباعي كله.
ابتسمت كمحاولة لطمأنته قائلة / لا يمكن اسيبك يا قلبي وكمان الحقنة هتكون في صباعك علشان متحسش بالجرح،
لكن مش هتنام ولا حاجه ومتخافش هكون جنبك.
بالكاد حاولت إقناعه أنه من الضروري إجراء هذه العملية البسيطة.
ولكن هيهات أن تعقد اتفاقا مع طفل فهو أشبه بالكتابة علي رمال شاطئ البحر.
فبعد لحظات ينتهى كل ما تم الاتفاق عليه .
فور دلوف الطبيب عاد أنس بالبكاء ثانية بل أشد من الاول حاولت احتضانه بعد أن أكدت علي الطبيب عدم خروجي من الغرفة .
كان الطبيب يعتقد أنني لم استطيع التحمل لذلك نصحني بالخروج وإلزام أمر امساك الطفل لممرضة.
ولكني رأيت أنني كلما أصبحت بجوار ابني وشددت باحتضانه فسأكون مطمأنه له اكثر من الممرضة .
فاخبرته بإصرار أنني ساتحمل بل إنه لم يستطيع التحكم به بدوني .
وبالفعل شددت باحتضان أنس وهو الاخر شدد باحتضاني.
بينما الممرضة حاولت تثبيت يده الأخرى ليبدأ الطبيب بالعمل.
وكان مما أثار تعجب الطبيب أنني اشاهد ما يفعله بإصبع ابني ولم ادير وجههي .
كان كل خوفي أن يخطأ فأردت التحمل من أجل طمأنة جوارحي .
بهذه اللحظة دلف علينا طبيب آخر وقف يلاحظ ما يتم …
عرض تقديم المساعدة وينحيني عن هذه المهمة ،ليرفض أنس أن اتركه فطمأنته باني لم اتركه قط.
أنهى الطبيب ما يفعله وقام بتغطية الجرح ، ودون لي قائمة بالدواء اللازم والتعليمات اللازمة عند التغيير عليه .
خرجت من غرفة الجراحة البسيطة ليهرول علي مروان وبيده أخته اللذان اجلستهم بالخارج لحين إنهاء عملية أخيهم .
ركعت بمستوى ارتفاعههم لاحتضنهم جميعا واحاول تهدأتهم بأن كل شيء بخير.
استمعت لرأي الطبيبان بالداخل وهما يتحدثان بأمري .
_ مين الطلقة اللي كانت هنا دي؟
_ ده والدة الطفل حاولت أخرجها علشان متضعفش بس هي ما شاء الله أثبتت جبروتها ، ده كانت بتشوفني وانا بنزع ضوفر ابنها متهزتش.
_ملامحها جميلة محتاجة بس شوية اهتمام بنفسها ، ده اكيد يا مطلقة يا أرملة.
_ اشمعنى!؟
_ علشان اتعودت تقابل صعوبات وتفضل ثابته كدة .
الست اللي في حياتها راجل بيكون لها السند اللي بتترمي عليه في صعابها ، لكن أنها تتحمل الصعاب ولوحدها يبقى مفيش راجل في حياتها واضطرت لكدة.
_ أو ممكن يكون مسافر !؟
_ احتمال برضه.
استقمت مع اخر جملة استمعتها ربما مسافر !!
فوجوده أشبه بعدمه ولكن هل هذا بسبب تقصير منه ام ان أسلوبي الاعتمادي والاستقلالي من جعله كذلك.
حملت شمس ابنتي وامسكت بيدي أنس وطلبت من مروان السير بجوارنا فالمشفى لم تكن بعيدة عن المنزل بل كانت بالشارع المجاور .
وصلنا المنزل بعد يوم ملئ بالاحداث المرهقة فكريا ونفسيا وجسديا .
لم اطلب من الاولاد شئ من قبيل تغيير ملابسهم أو حتى غسل أيديهم أو وجههم.
ربما لاني قدرت مدى إجهادهم فأرتموا حرفيا كلا منهم على فراشه وراحا في سبات عميق ،
أو ربما هذا ما كنت أريده وهو الاختلاء بذاتي.

دلفت غرفتي لاغير ملابسي وقفت لحظات أمام المرآه فشعرت بانهياري التام لاهبط جالسة على مقعد المرأه.
اخذت ابكي وأبكي .
بكيت بقدر ما احتجزت البكاء
بكيت بقدر صلابتي التي تصنعتها
بكيت وقد اشتقت لضعفي
فادعاء القوة بوقت الوهن لأمر جلل .
اخيرا كفكفت دموعي وبدأت بنزع ملابسي لانظر لملابسي بعين التقييم وعقلي يسترجع كلام الزائرة المجهولة اليوم لاسأل ذاتي ما هذا الذي توصلت إليه ؟
اهذا ما كنت أسعى خلفه؟
الإهمال بذاتي لهذه الدرجة ؟
صدحت بأذني جملة الطبيب / (محتاجة بس الاهتمام بنفسها شوية) ماذا لو كان هذا رأي مازن أيضا ؟
اتسعت حدقتي غير مصدقة أمن المعقول بعد كل ما أفعله يصل به الأمر لهذا الرأي !!
ولما لا ؟
وهو لا يرى مني سوى الإهمال بذاتي حتى لو اهتميت باولاده أو بمنزله .
فمهما ارتديت بالمنزل ولكن يصبح المنظر النهائي غير محبذ ،
فالشعر ململم لإنهاء مهامي ،
والوجه لم يطأه اي مستحضرات تجميل .
فلم امتلك من الوقت ما يجعلني اقوم بذلك .
وربما غفيت قبله من كثرة الانهاك اليومي الذي اعيشه.
نظرت لنفسي لاسأل ذاتي مجددا / لحظة …
ماذا افعل ؟؟
انا من أكثرت علي بالمهام .
انا من أردت إثبات أنني قديرة على تحمل كل شيء،
بل وسعيت بتحقيقه لأصل لهذا المستوى إهمال ظاهري واجهاد داخلي .
وياريت العائد مربح في اي جهة من الجهات؟؟

تحاملت على ذاتي فاليوم حقا كان مرهق ولكن يجب أن أعد وجبة دسمة للاولاد تعويضا عن يومهم الصعب .
غيرت ملابسي وذهبت للمطبخ لابدأ بإخراج مستلزمات الطعام وقد شعرت بالوهن الشديد.
طرأ لعقلي لماذا لم اطلب طعام من الخارج واريح جسدي قليلا ؟
ولكن أجابت حافظة نقودي على عقلي فراتبي لم يتحمل كل هذه المصاريف في يوم واحد .
لأعود التفكير ثانية هل هذا ما كنت اتوق إليه ؟
السعي خلف الإجهاد دون تحقيق أي سبل من الراحة !!

اقضي نصف يومي بالعمل والنصف الآخر بإنهاء الأعمال المنزلية والدراسة لاولادي؟
لينتهي اليوم وقد خارت كل قوايا وكأنني كنت بحرب عاتية .
حتى راتبي الذي افتخر بحصولي عليه لم اهنأ علي راحة بسببه.
فهو لم يتحمل توفير عاملة لتنظيف المنزل .
ولم يتحمل شراء طعام غداء من الخارج .
وأحيانا كثيرة لم يتحمل شراء ملابس جديدة لي .
كل ما يوفره مواصلات جيدة للغدو والعودة من العمل،
ووجبة الافطار التي والحمد لله اهنأ بها قليلا.
ضحكت بسخرية في عز حزني فشر البلية ما يضحك .
وللحق واجهت ذاتي بما جنيته.
أنني وصلت لمركز مرموق بالجريدة وأصبحت ذو واجهة اجتماعية جيدة نوعا ما ، حتى أصبح لي متابعين من خارج الجريدة ينتظرون مقالي .
أهذا ما سعيت خلفه الواجهة الاجتماعية وربما القليل من الشهرة ؟؟
ضحكت بسخرية مجددا من ذاتي فيا ليتهم ينتظرون مقالي ويقتنعون به ويؤثر عليهم ؟
بل يدخلهم بصراع نفسي بين ما يقرأه لي وما يروه بالواقع هكذا كان ملخص الزائرة المجهولة .
انتبهت على لسعة من النار باصبعي وكأنها توقظني على نيران الواقع لاربت على حالي وانا اقول / يالا علشان تبقى كملت.
انهيت الطعام وايقظت الاولاد لاعطي انس الدواء ويبداوا في تناول طعامهم ثم استذكار دروسهم لحين قدوم والدهم الحاضر الغائب….. المسافر.
انتهى يومي ولكن لم ينتهي يوم والدهم بعد فقد عاد بالأمس بعد عناء بالعمل فهو يعمل صباحا كمحاسب بإحدى المصالح الحكومية ومساءا يعمل بإحدى المكاتب الحسابية .
يعود بعد أن أُنهك جسديا من الفترة التي يقضيها خارج منزله فهي فترة تتعدى الأربعة عشر ساعة يوميا ،
يعود كالطفل الذي ينتظر الحلوى على حسن أعماله تتحول الحلوى كل يوم لعقاب لا يعلم سببه .
فور وصول مازن للمنزل وجد هادئا على غير العادة فسأل عن أطفاله فاعلمته أنهم نائمين ليشتعل الحماس بوجهه ويقبلني على وجنتي طالبا منى الاستعداد للقاء حلم به طوال اليوم .
وتوجه للمرحاض للاغتسال بينما أنا كدت اشتعل من الغضب،
فلم يسالني حتى عن سبب اتصالي به .
تصنعت التجاهل وعدم الاهتمام لادلف لغرفتي اتدثر بغطائي دون حتى أن أعد له طعامه .
خرج من المرحاض فلم يجد أحد نادى علي بصوت خافت وبرغم استماعي لصوته الا أنني لم اجيبه .
دلف الغرفة ليجدني قد غفوت ،
اقترب مني واعتبرني امازحه ليرفع فجأة الغطاء عني لازمجر به قائلة / في ايه يا مازن عايزة انام !!
نظر لشكلي وملابسي ليقول لي والتعجب يكسو ملامحه / ايه ده مغيرتيش ليه ؟
اعتدلت بجلستي وجلست القرفصاء فقد أثار غضبي بهذا السؤال لأنهره قائلة / واغير ليه ها؟؟
سالتني عاملة ايه طول اليوم؟
تعبانة ولا مرتاحة قبل ما تطلب مني البس ؟
اطمنت على يومي كان كويس ولا كان منيل ؟
سألت حتى أنا اتصلت بيك ليه؟
بالرغم انك مردتش ولا حتى اتصلت تطمن يمكن اكون في مصيبة .
تحولت ملامحه السعيدة الي مقتضبة ليخرج هو الآخر ما يشعر به قائلا / يعني بعد يوم طويل عريض من الشقاء مش من حقي ارجع الاقي مراتي مستنياني ؟؟
دايخ من هنا لهنا علشان ارجع الاقيكي مصدرالي النكد علشان متصلتش ولا رديت على تليفونك ؟
وكمان هيكون ايه اللي حصل يعني مانتي كويسة اهو..
افتح ليه مجال للنكد زي ما بتعملي ؟
وابدا اسأل كنتي بتتصلي ليه؟
علشان تفتحي اسطوانة يعني انت رديت أو اتصلت !!
مليون مرة بقولك انا شغلي حسابات يعني لو غلطت في صفر هضيع .
نظرت له بعين الخزي لأسأله والأسى يغلف نبرتي / يعني احنا لما نضيع ده عادي عندك؟؟
رأي الحزن بعيونها واستشعر أن هناك خطب ما بصوتها دب القلق اوساره ليجلس قبالتها ماسكا بكف يدها قائلا بنبرة هادئة / بعد الشر عليكم …..
مقدرش اعيش من غيركم اصلا…..
كل الفكرة اني عارفك انك قوية وبتقدري تتصرفي….
فبعتمد عليكي مش اكتر ،….
مش انتي دائما بتقوليلي متشيلش هم طول مانا موجودة …..
انا بتصرف
تغلغت الدموع في مقلتي وانا ارى الإجابة أمامي بوضوح نعم أنا السبب ….
أنا من أوصلته أني بدونه استطيع فعل كل شيء واي شئ.
وكل ما فعله هو ترك لي المجداف كليا دون الأخذ بالاعتبار ما إذا كانت هناك أمواج عاتية لم استطيع انا على مجابهتها.
أغلقت عيوني وكفكفت دموعي ليدب الزعر بقلبه لأول مرة يرى دموعي المصطحبة بالصمت بهذا الشكل .
مسح دموعي بيده ورفع وجهي إليه سائلا بقلق بادي علي صوته وملامحه / مالك يا شروق قلقتيني ؟؟
حقك عليا يا ستي بس طمنيني ايه اللي حصل ؟
سحبت نفس عميق ثم قلت بكل هدوء / أنس باب الميكروباص قفل على أيده …..
لم ينتظر استماع باقي حديثي خوفا من أن يكون الباقي أكثر قبحا .
استقام سريعا ليهم بالذهاب لابنه فأمسكت انا بيده محاولة تهدأته فقد علمت ما حلق بخياله / متقلقش مفيش حاجه بعد الشر.
استدار بخوف يستشعر صدق حديثي من ملامحي ليجدني اطمأنه بإماءة من عيوني.
ثم بدأت اسرد عليه احداث اليوم وكيف تحاملت على ذاتي وانا في قمة رعبي لاحاول فقط أن أطمئن أبنائي ولا اشعرهم بالذعر .
قبل جبهتي قائلا بأسف / حقك عليا….
انا فعلا المفروض اكون موجود ، وانا اللي اتصرف وكفاية عليكي تهدي الاولاد وتهدي نفسك كمان .
بجد كتر خيرك انك قدرتي تتصرفي وانتي مرعوبة بالشكل ده ومعاكي اطفال كمان .
قبل جبهتي ثانية وعدل لي الوسادة قائلا بابتسامة/ نامي انتي عقبال ما أطمن علي أنس .
لم تمر لحظات إلا وقد غفوت حتى أنني لم اشعر بعودته .
لم اشعر إلا بصوته بالفجر يوقظني قائلا / يالا يا شروق قومي لبسي الاولاد اتاخرنا.
تركني ودلف للمرحاض بينما أنا اخذت افكر هل اذهب للعمل أم انتوى عمل إجازة اليوم.
شعرت بانهاك جسدي ومن المحتم أن انس لم يذهب للمدرسة إذا فهي الإجازة اليوم واريح نفسي وجسدي واريح أبنائي.
لاسحب الغطاء ادثر نفسي ثانية .
خرج مازن من المرحاض متعجبا فوكزني بغرض ايقاظي لاخبره من أسفل الغطاء بعدم ذهابي اليوم فانا مجهدة وبالتأكيد أبنائي مجهدين .
سمعت تمتمته وهو يقول / طب مادام هتاخدي إجازة كنا قضينا ليلتنا امبارح وغيبتي بالمرة ….
استغفر الله العظيم….ستات نكد بصحيح.
كدت أن اقفز من نومي الكمه في وجهه هذا المتبلد عديم الاحساس،
ولكني أثرت إراحة جسدي فلكمه يحتاج لطاقة وانا افتقدها حاليا.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية كانت أنثى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى