روايات

رواية قطر وعدى الفصل الثالث 3 بقلم ناهد خالد

رواية قطر وعدى الفصل الثالث 3 بقلم ناهد خالد

رواية قطر وعدى الجزء الثالث

رواية قطر وعدى البارت الثالث

رواية قطر وعدى الحلقة الثالثة

-مش هغصبك تيجي معايا لو مش حابه , بس أنا تعبت من المشاكل ومش مستعد اتحمل أكتر أنتِ حابه تفضلي براحتك ..
اتسعت عيناها بصدمة لحديثه لم تتوقع أنه مستعد للإبتعاد دونها , يخيرها إن كانت ستذهب معه أم لا وكأن ذهابها من عدمه لن يفرق معه فقد اتخذ قراره وانتهى الأمر !!..
اذدردت ريقها ببطئ وهي تطالعه بصمت لثوانِ ثم قالت :
-هاجي معاك .. هجهز شنطتي .
أشار لها بيده لتتوقف , فقطبت حاجبيها بتعجب وهي تراه يدلف لغرفتهما مرة أخرى .. هل تبرع بتحضير حقيبتها؟؟ , ولكن ازداد تعجبها وهي تراه يخرج سريعًا بحقيبتها , هتفت متسائله باستغراب :
-أنتَ كنت مجهزها ؟
أومئ بانشغال وهو يغلق أنوار الشقة :
-أنتِ فاكرة إنك لو كنتِ رفضتي كنت هسيبك ! , كده كده كنتِ هتيجي معايا .
-اومال سألتني ليه ؟!
هتفت بها بدهشة وهي تلتقط هاتفها من فوق الطاوله , ليجيبها وهو يشير لها بالخروج بعد أن أخرج الحقائب :
-قولت أشوف عِندك آخره ايه .
خرجت بملامح مندهشة من تفكيره ووقفت على مقدمة الدرج تنتظره حتى أغلق باب الشقة وهو يقول :
-هنجيب باقي الحاجة بعدين .
حمل الحقيبتان وترجل الدرج تتبعه هي بعدم رضى داخلي لكن استسلمت لإصراره على الرحيل .. بُهتت ملامحها وهي ترى والدة زوجها تخرج من شقتها تقف أمام ولدها بملامح مصدومة وهي تسأله بذعر :
-اي الشنط دي يا ياسر ؟
أجابها بهدوء تام :
-شنطنا … مش قولتلك هطلع امشيها .. لتكوني فكرتي إني همشيها واقعد !
تلجلجت في حديثها وهي تقول :
-يابني أنا مقولتلكش تمشيها .. أنتَ الي قولت..يعني الي بينا عادي وبيحصل في كل بيت متكبرش الموضوع.
نفى برأسه وهو يهتف بجدية :
-لا ياماما .. الي بيحصل ده مش عادي , وأنتِ عمرك ما هتتقبليها أنا عارفك كويس , وتعبت من المشاكل ووقوعي بينكوا في كل مشكلة مش عارف اراضي مين وأجي على مين , اريح لنا كلنا البُعد وكده كده هجيلك وهكون معاكِ وقت ما تحتاجيني بس إني أعيش بمراتي بره ده أفضل لينا كلنا .
تمسكت بذراعه وهي تهتف بنفي وقد بدأت في البكاء :
-لأ , لأ يا ياسر مش هتمشي..هتسيب أمك عشان مراتك ؟ , هتبعد عني عشانها وهتسمحلها تاخدك مني !..
هز رأسه بيأس وهو يقول :
-شوفتِ بقى إن طول الوقت هتكوني حطاها في دماغك ومعتبراها نِد ليكِ هتاخد منك ابنك وهتقسيني عليكِ .. عرفتِ إن وجودكوا مع بعض في بيت واحد مينفعش.. ماما لو سمحتِ سبيني ابعد , على فكره أنا من الأول كنت هقعد في شقتي لولا إن هي الي أصرت نيجي نقعد مع حضرتك عشان متزعليش وتفكري إنها السبب في بعدي عنك , ومع ذلك شايفاها وحشة .. وعمرك ما هتشوفيها غير بالصورة الي أنتِ رسماها ليها مهما عملت .
أنهى حديثه راميًا نظرة للتي خلفه يحثها على إتباعه , ومن ثم التف يأخذ خطواته للخارج وتبعته هي بعد إن رمت والدة زوجها بنظرة أخيرة فوجدت الأخيرة تنظر لها بكره يقطر من نظراتها , وهذا ما جعلها توقن من صواب قرار زوجها , فيبدو أن محاولاتها معها لم تكن ستجدي نفعًا ذات يوم ..
——————
-ممكن ادخل ؟
هتف بها ” مسعد ” وهو يقف على باب غرفة ابنته الشاردة أمام النافذه , فالتفت على صوت أبيها لتهتف بإبتسامة واسعة :
-اتفضل يابابا .
دلف للداخل وجلس فوق الفراش لتتبعه سريعًا تجلس جواره , فبدأ حديثه يقول :
-جيت من الشغل لقيت أمك بتقولي إن العريس معجبكيش .. قولتلها أحسن برضو أنا مكنتش موافق أصلاً , بس حابب أعرف السبب منك .
تنهدت تسرد عليهِ مقابلتها لذلك الرجل , وما إن انتهت حتى أكملت :
-حسيت أنه مش فارق معاه أنا عاوزه ايه , المهم إنه يضمن مستقبل ابنه وبس , وأنا معنديش استعداد أضيع كل الي عدى من عمري وأسيب شغلي في الآخر .
-ولما عمرك يعدي وتلاقي نفسك بقيتِ لوحدك ساعتها هيبقى ايه الوضع ؟
كان هذا صوت ” آمال “الذي صدح في الغرفة بعد أن دلفت لتستمع لحديث ابنتها … وقفت أمامها وهي تكمل حديثها بحزن أم على حال ابنتها :
-أنا مبقولكيش تسيبي شغلك وتوافقي تبقي مربيه لإبنه , ولا بقولك أنتِ غلطي لما رفضتيه .. بس وبعدين يا زينب , هتفضلي كده لإمتى يابنتي ؟ , أنا وأبوكِ مش عايشين ليكِ العمر كله , والعمر بيعدي وممكن فجأه تلاقي نفسك لوحدك ساعتها الوضع هيبقى ايه !,هتندمي إنك اتمسكتِ بشغلك ونسيتِ حياتك ولا هتفضلي على موقفك ؟ .
التمعت عيناها بالدموع وهي تردد :
-ليه مينفعش أتمسك بشغلي واتجوز !؟ , ليه مش زي باقي البنات الي بتتجوز وهي بتشتغل عادي ! .
أجابها ” مسعد ” بتوضيح :
-عشان أنتِ مش موظفة عادية , أنتِ مديرة , وكل الي بيتقدمولك أقل منك , وبيقلقوا إنك بعدين تتنطتي عليهم بوظيفتك , معظم الرجاله يابنتي ميحبوش إن مراتهم تبقى في وظيفه أعلى منهم .. وللأسف كل الي اتقدمولك من المعظم دول ..
نظرت لوالدها بحيرة وهي تردد بوهن :
-وأنا المطلوب مني ايه اعمله ؟؟ , أتنازل عن وظيفتي عشان اتجوز !؟
نفى برأسه وهو يربط بكفه على ذراعها :
-زي ما أمك قالت احنا مش عايشين العمركله , وهييجي يوم وتلاقي نفسك لوحدك ..
التف ل ” آمال ” يُكمل حديثه بجدية :
-وساعتها يا أم زينب جوزها نفسه مش هيسندها ولا مضمون , ولو في يوم جه عليها وحبت تبعد هتلاقي نفسها مش عارفه تسند حالها ولا لاقية اللقمة تاكلها , ويمكن ده يخليها تطاطي لجوزها وتكمل معاه .. الي هيسندها بجد شغلها ومكانتها , والبيت ده , هم الي هيحموها من غدر البشر .. أنتِ ضامنه جوزها ده يبقى ايه ولا خصاله ايه !؟
أعاد وجهه ل ” زينب ” مكملاً :
-اثبتي على موقفك يابنتي , وأعرفي إن الجواز نصيب زيه زي كل حاجه في حياتنا , ولو نصيبك متتجوزيش يبقى ساعتها تقدري تسندي نفسك وترضي بنصيبك .
ابتسمت لأبيها بإمتنان وهي تومئ لهُ موافقة على حديثه ليبادلها الإبتسامة قبل أن ينسحب للخارج هو ووالدتها , وما إن خرج حتى هتف بحدة :
-آمال , الي قولتيه جوه مسمعوش تاني .
حاولت التبرير وهي تقول :
-أنا بس ..
قاطعها بنبرة حادة :
-سمعتي أنا قولت ايه …
أومأت برأسها موافقة وهي تتجه للمطبخ لتكمل إعداد الطعام ..
————–
فتح باب الشقة وتبعها الأنوار لتظهر شقة أقل ما يقال عنها رائعة , ألوان الحوائط هادئة ومريحة للنفس , والإضاءة تعطي جمال خاص , والأثاث الذي كُسيَ بأقمشة بيضاء لحفظه من الأتربة , اتجهت ” زهرة ” لأحد الآرائك لتزيل القطعة القماشية من فوقها , ووقفت تنفض يدها من الأتربة التي غمرت كفيها … زفرت بضيق وهي تلتفت ل ” ياسر ” ورددت :
-محتاجه حملة نضافة للصبح دي .
-بقالها سنة مقفولة طبيعي يعني .
ردد جملته وهو يضع هاتفه فوق الطاولة وتبعها فتحه لأحد الحقائب وإخراجه لثياب له ,ثم أردف بمرح :
-تعالي بقى طلعيلك حاجه لزوم الشغل .
-أنتَ هتغير ؟ مش هتنزل الشغل ؟
تسائلت بها وهي تتجه لحقيبتها ليجيبها بهدوء :
-لأ , عندنا تنضيف مش فاضي .
وقفت تطالعه بإندهاش وهي تردد :
-أنتَ هتنضف معايا بجد ؟
اعتدل بعد أن التقطت ثيابه وهو يجيبها بتأكيد :
-طبعًا .. اومال هسيبك في الشقة دي كلها تنضفيها لوحدك ! معنديش دم للدرجادي !.
-ايوه يا حبيبي بس الشقة مبهدلة وهتتبهدل تراب غير إنها محتاجه مجهود .
أردف بسخرية :
-ويعني أنتِ مش هتتبهدلي تراب وهتبذلي مجهود ! , ايه الفرق بقى ! , يلا هروح أغير وأنتِ غيري عشان نبدأ .
أنهى حديثه متجهًا لأحد الغرف لتقف تطالع أثره بإبتسامة مُحبة , كل يوم ترى عوض الله لها في هذا الرجل , تأخرت في الزواج رُبما , ولكن حين اختارت أحسنت الإختيار ..
-لا كفاية بقى أنا مبقتش قادرة .
هتفت بها ” زهرة ” بعد ساعتان من التنظيف , وقد انتهوا من تنظيف غرفتهما والمرحاض والمطبخ فقط , جلس ” ياسر ” بجوارها على أرضية المطبخ وهو يردد بإنهاك :
-الموضوع صعب أوي , كل حاجه متربه بغباء , بقلك ايه أنا شايف إننا مش هنحتاج أي عفش من الشقة التانية كفاية البلاوي الي هنا .
أكدت على حديثه وهي تردد :
-طبعًا مش هنحتاج , أنا جهازي كله هنا والفرش الي اشتريناه سوا قبل الجواز برضو هنا … بصراحه كان عندك حق لما فرشت الشقتين .
-عشان تعرفي .. كنتِ معارضاني أنتِ وعماله تقوليلي مصاريف على الفاضي .
-كنت فاكره إننا مش هنحتاج للشقه هنا .
هز رأسه وهو يجيب بسخرية مبطنه:
-أنا بقى كنت واثق إننا هنحتاجها .. بقلك ايه هقوم اطلب دليفري وبعدها ادخل استحمى واغير هدومي وبكره نكمل بعد الشغل , ومش ضروري تيجي أنتِ عشان متبقيش تعبانه لما نييجي ننضف .
أومأت وهي تنهض معه مرددة :
-ماشي وأنا هروح أطلعلك هدوم , وبكره هبقى اتسلى كده في التنضيف لحد ما تيجي .
وأخيرًا بعد ساعات شاقة أصبحا على فراش النوم , يريحان جسدهما المنهك , ولكن عقلهما لم يرتاح بعد .. أحاطها بذراعه وهي نائمة على صدره وردد :
-متفكريش في حاجه يا زهرة .. احنا خلاص ارتاحنا وحياتنا إن شاء الله هتبقى هادية ومستقرة .
أتاه صوتها الحزين وهي تسأله :
-ليه مفضلناش هناك وقدرنا نتفاهم مع مامتك ونبقى عيلة واحدة ؟ , أنا مكنتش اتمنى إنك تسيب أهلك يا ياسر .
تنهيدة قوية صدرت منهِ قبل أن يقول :
-ولا أنا يا زهرة كنت اتمنى , بس مش كل الي بنتمناه بيحصل , هي دي الدنيا .. ومين عالم يمكن في يوم أمي تعرف إنك مش وحشة زي ماهي شايفة وتفهم إنك أحسن اختيار اختارته في حياتي .
دفنت رأسها في صدره وهي تغمغم :
-وأنتَ أعظم اختيار يا ياسر , وهفضل أقول إنك عوضي الحلو .
قبل أعلى رأسها بحنو وهو يهتف بحب :
-كانت أحسن صدفة في عمري يوم ما اشتغلتي في شركتي وشوفتك .
——————
التاسعة صباحًا ..
كيف لها أن تتأخر على عملها لهذا الحد , ساعة بأكملها تأخير , منذُ متى وأنتِ تتأخرين عن عملك يا ” زينب ” , هذا ما كانت تحادث بهِ ذاتها وهي تركض في أرجاء الغرفة حتى انتهت من ارتداء ثيابها والتقطت حقيبتها تسرع للخارج , وقبل أن تصل لباب الشقة استمعت لصوت والدتها يصدح من خلفها :
-استني يا زينب افطري .
رددت باستعجال :
-معلش يا ماما متأخره افطروا أنتوا .
وصلت للشركة التي تعمل بها أخيرًا , لتلتقط أنفاسها بصعوبة فقد وصلت في تمام التاسعة وخمسون دقيقة , جلست في غرفة مكتبها تتابع الأعمال لتدلف لها السكرتيرة الخاصة بعد ساعة تطلب منها الذهاب لمدير الشركة لأنه طلبها في أمر هام ..
قطبت حاجبيها باستغراب فلم تتعامل من قبل معه , رأته مرة تقريبًا أثناء اجتماع لجميع المسؤلين في الشركة ولم تراه من حينها فجميع تعاملاتها مع نائب رئيس مجلس الإدارة .. وقفت تعدل من بذلتها النسائية ذات اللون الأخضر القاتم وأسفلها قميص أبيض ناصع , اتجهت لمكتب مدير الشركة , ودقت الباب بعد أن أشارت لها السكرتيرة بالدخول , دلفت بعد أن سمعت صوته يأذن لها بالدلوف , وبخطى واثقة كانت تمتثل أمام مكتبه , وأخذت تطالعه بتفحص فهذة المرة الأولى التي تراه عن قرب .. شاب يبدو في الثلاثينات بشعر أسود غزير وملامح وجه غير واضحة لأنه وضع وجهه في الورق الذي أمامه يتابعه بدقة , حمحمت بخفوت ليرفع رأسه لها .. فوقعت عيناه على فتاة ترتدي بذلة لاقت لها كثيرًا بلونها الجذاب , وشعرها الأسود الذي جمعته على هيئة كعكة فوق رأسها مع القليل جدًا من مستحضرات التجميل وحددت عيناها البُنية بكحل أسود رُسم بإتقان , رغم بساطة ملامحها إلا أنها جميلة وجذابة بشكل ما خاصة مع بشرتها المائلة للخمرية , تنحنح بهدوء حين لاحظ إطالة تحديقه بها وأخفض عيناه الخضراء التي تشبه غابات الزيتون وهو يردد بهدوء :
-اتفضلي يا …
صمت وهو يحاول تذكر اسمها , لتجلس وهي تردد بنبرتها الهادئة :
-زينب سعد .
رفع نظره لها وردد بابتسامة :
-اتشرفت يا دكتورة .. طبعًا ده أول لقاء لينا , وأكيد مستغربة إني طلبتك .. أولاً أحب أعرفك بنفسي .
أكمل حديثه مشيرًا على اللافتة الصغير الموضوعة على المكتب أمامه :
-أنا دكتور ياسر الدميري مدير الشركة ..!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قطر وعدى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى