رواية قدري المر الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة فتحي
رواية قدري المر الجزء الحادي عشر
رواية قدري المر البارت الحادي عشر
رواية قدري المر الحلقة الحادية عشر
حين تنصدم بقسوة الأقربيين إليك، تحتاج لوقتًا
طويلًا لتستوعب بشاعة الوجة الذى تقاسمت معه
الذكريات، لتتغير أنت لتصبح فقط رد فعل وتتمنى
لو يصبح القلب فارغًا لترتاح قليلًا ويهدأ ما بداخلك
كى تتفادى الكثير والكثير من العذاب
كان يبذل قصارى جهده محاولًا النوم ليذهب لعالم لايوجد به، اشتياق أو وجع، لا يوجد به ظلم أو خذلان ماعاد يثق
بأحد، نعم لا يثق بأحد سواها فالروح تطمئن فى وجودها وتألفها؛ وكأنها رفيقة عمره
لا يعلم كيف انقلب حاله هكذا فى ليلة
وضحاها، روان قلبت حياته جعلته يفكر بها إنتشلته
من كل العالم ليكون لها وحدها، تجذبه إليها ببراءتها
أما النمش الذى بوجهها فأه منه، وكأن نجوم تضئ
بعد سنوات من ظلام كئيب
اغمض عيناه وهو يتذكر أول قبلة بينهما وكم كانت ناعمة
بين يديه ويتذكر أيضًا كلامه الجارح، يتلوى بين سرايا
الأوجاع
نهض من مكانه فقد جافاه النوم، ذهب إلى مكانه
المعتاد، فوجد خاله فتقدم نحوه يجلس بجواره
فى صمت بعد مدة حدثه خاله:
-مبروك يا مروان يتربى فى عزك يا بنى
مال بجزعه للأمام يبكى بحرقة وهو يغطى وجهه براحتيه
هاتفًا:
-نار فى قلبى يا خال نار من كل ناحية نار ريان
كان ابنى مش بس أخويا الصغير موته كان غدر
فى يوم فرحه بدلته لسه فى دولابى يا خال جبتها
بإيدى، ذنبه إيه ابنه يتولد من غير أب
ربت خاله على كتفاه هاتفًا بحزن:
-قضاء ربنا يابنى مش هنعترض عليه مالناش يد فيه
ندعيله بالرحمة، أما مروان انت أبوه يامروان
وضع يده على قلبه هاتفًا بحرقة:
-مروان انتهى يا خال، مروان اللى عمره ما ظلم بنى ادم
فى حياته، ظلم البنى أدمه الوحيدة اللى قلبى مال ليها
ياخال أنا تعبان أوى، أنا عايزها تسامحنى
-ما أنا قولتلك من الأول يا مروان خلى بالك
-طب والله كان غصب عنى أنا كان نيتى كلها الستر ليها
بس لما أبتديت غصب عنى أتشد ليها بقيت حاسس أني
عايز اصرخ فيها احاسبها، ليه فرطت فى نفسها ليه
مصانتش نفسها للحلال قلبى كنت ببقى مدبوح، لما كانت
بتكلم راجل تانى كنت بموت وأنا مش قادر أعبر عن
اللى جوايا، قولى اعمل ايه
ضحك خاله هاتفًا:
-يعنى تفضل رافض الجواز كدا ولما تحب تتدهول كدا
ربك يا مروان لو أراد هيألف القلوب أدعى وقول يارب
فين مروان الصغير
-يارب يا خال يارب
مروان عندها وديته ليها، هى الوحيدة اللى هتعرف تهتم
بيه أمى تعبانة ومش هتقدر عليه
قهقة خاله وهو يقول بخبث:
-طلعت مش سهل يا مروان بردوا واخد العيل ليها
تعلقها بيه
-كل شئ فى الحب مباح، وأنا طالب الحلال لعل قلبها
يحن عليا
******
بعد مرور اسبوع كان يقف أمام باب بيتها يشرف بنفسه
على الذبح فتحت باب البيت وولجت مندفعة هامسة
من بين اسنانها:
-أنت ايه اللى بتعمله دا؟! وبعدين انت معندكش دم
انت جيت سيبت ابن أخوك هنا ومشيت انت مش
طبيعى صح؟!
-ابن اخويا معاكِ فى أمان وفى أيد أمينة، ومش هلاقى
أكتر منك أآمنه على لحمى ودمى يا روان
رغمًا عنها كلماته تدغدغ روحها ابتلعت ريقها لتسأله بجمود
وهى تنظر نحو العجل المذبوح متساءلة:
-ايه اللى بتعمله هنا بتدبح عندنا ليه؟!
نظر فى عيناها هامسًا بنبرة عاشق محمومة:
-بدبح لله وبدعى يحط محبتى فى القلوب، بدبح
أنه فدا مروان الصغير من كل شر، وعقبال مروان
الكبير
جاء رجل من خلفه يسأله:
-أحنا العجل خلصناه تقطيع نوزع ايه ونخلى أيه؟!
-وزعه كله ما تخليش حاجة كله يتوزع لعل حد فيهم
أقرب إلى الله مني وله دعوة لا ترد
همس بصوت خفيض بالكاد وصل إليها:
-لعل حد اقرب منى لله دعوته ترحم قلبى من العذاب
اللى أنا فيه
ابتسم الرجل بسعادة هاتفًا:
-ربنا يرزقك الحلال ويرزقك راحة البال ويوسع عليك
انصرف الرجل فتأوه مروان هامسًا:
-وراحة القلب كمان
رفعت بصرها تنظر لطوله المديد، وبشرته الخمرية ورموشه
الكثيفة فتنهدت وهمت لتحدثه فقاطعها هو وهو يرمقها
من أعلاها لأدناها هاتفًا:
-فين خمارك خارجة كدا إزاى بهدوم البيت؟!
-أنا لابسة حجاب مش بشعرى، ودي جلابية بيت عادى
نظر حوله ثم جز على أسنانه هاتفًا:
-ادخلى جوا بقولك
توترت ملامحها وتسارعت أنفاسها هامسة:
-أنت مالكش حكم عليا ومتنساش اللى بينا
أما ابن اخوك فأنت لازم تأخده عشان أنا هانزل شغلى
-شغل؟! مافيش شغل انتِ فاهمة؟!
انزلقت دمعة حارقة على وجنتها وهى تقول::
-كفاية بقى كفاية أنا تعبت من كل اللى حصل الفترة دي
كفاية وسيبنى فى حالى أنا عايزة ابدأ حياتى من جديد
أنهت كلماتها وهى تهرول للداخل تنهد وهو يرفع رأسه
للسماء يدعوا الله فى صمت، كيف السبيل لوصالها
كيف سيكفر عن ذنبه
*****
مرت الأيام ثقيلة بعد أن أخذ منها مروان الصغير قلبها
يتمزق لأشلاء، خصوصًا بعد مكالمة خال مروان لها التى
أخبرها فيها أنه أخذ مروان الصغير للطبيب
القلق ينهش قلبها على مروان
ترى ما الذى حدث له؟! هل يوجد أحد يراعيه جيدًا؟
هل أشتاق الصغير إليها بقدر ما أشتاقت إليه؟!
اخذت سيارة اجرة وذهبت إلى بيته ولم تستطع
الصمود اكثر، دقائق وكانت تخرج زوجة خاله
حاملة الصغير بيدها فنهضت مسرعة تحمله منها
تقربه إلى انفها تستنشق رائحته ثم قبلته بوجع
هامسة:
-انت وحشتنى اوى
همست زوجة خال مروان بقهر:
-إحنا لسه راجعين بيه امبارح من المستشفى كان تعبان
اوى بيرجع دا غير أن الصفرا زايدة
ابتلعت ريقها بخوف وهى تجلس والصغير بين ذراعيها ثم
وضعت يدها على بطنه المنتفخ::
-بطنه منفوخة جامد عشان كدا بيرجع الاكل هيدخل فين
وكمان الصفرا لازمها رضاعة كل ساعتين
ثم تابعت:
-فى دوا ممكن حد يجيبه من الصيدلية انا اصلا مربية
اخواتى الصغيرين وعارفة
بعد مرور اكثر من ساعتين كانت تحمل الصغير وتغنى
له بسعادة وهى تجوب به الغرفة ولج مروان يقف
على باب الغرفة وهو يهمس لنفسه آه من عذاب العشق
ليته لم يقع أسيرها، تحمحم فأستدارت مسرعة تسحب
خمارها لتضعه على رأسها ثم وضعت الصغير على الفراش
لتضبط حجابها، زفر بحرقة فويلًا لقلبه من هذه القسوة
أقترب أكثر يسألها عن حالها بوهن حقيقى قد بدا عليه:
-عاملة ايه ياروان
فاجابته بتلعثم :
-الحمدلله، أنا جيت لما خالك كلمنى وكان بيسأل على
الأدوية بتاعة مروان، عشان راح بالليل للدكتور
سيبت الشغل وجيت اطمن عليه
غمغم بشراسة وهو يقول:
-بردو نزلتى الشغل أنا كل دا سايبك براحتك عشان نفسيتك لكن كدا كتير أنا ابقى قاعد فى بيتى ومعرفش
حاجة عن مراتى
-مش مراتك أنا رافعة دعوة عليك وهكسبها
فى ثانية كان يجذبها لصدره العريض ليرتفع جسدها عن
الارض وشفتاه تداهم شفتاها بشوق مجنون كانت تحاول
التخلص منه لكنه ثبت يدها خلف ظهرها وتابع تقبيلها
بشغف، ابتعد وهو يحاوط وجنتيها براحتيه وانامله
يمررها على النمش هاتفًا:
-مفيش قضية المحامى دا ابن خالة مها وزميلنا
من زمان، ومافيش حاجة هتبعدك عنى انتى مراتى لحد
اخر نفس فى عمرى، وقلبك بيحبنى أنا متأكد سامحى
أنا ومروان محتاجينك ياروان ألتمسى العذر ليا
أنا حتى لو غلطت فأنا توبت وربك بيقبل التوبة
همست بضعف وهى ما زالت تقاوم هجومه
-يعنى ايه كنتوا بتستغفلونى، تانى بردو تانى بتحركنى
على مزاجك
-ابدًا أنا بعتلك مها وطه لما شفت حالتك لما جيتِ
غبت فى الإتصال ساعتها لأني كلمت طه ومها أنا كنت خايف عليكى وطلبت يستنوا تحت أول ما تنزلى
-طلقنى انت لأنى هاروح ادور على محامى تاني
تطلب منه المستحيل هى أول من حركت مشاعره،
لم يذق حلاوة قربها، فكيف تبتعد عنه؟! كيف سيكمل
الحياه بعدها وكيف سيتحمل دقات قلبه الملتاعة
همست هى بوجع :
-طلقنى لو فعلا حبتنى طلقنى دا الحل الوحيد لكرامتى
انها ترجعلى
-أنا متأكد أنك حبتينى ليه ترضى بوجع قلبى وقلبك
-أنا قلبى واجعنى فعلا
اقترب اكثر يضمها هامسًا بصدق::
-خليكِ جنبى ورب الكون أنا هاضمد واداوى قلبك
هيكون هدفى خليكِ معايا يا روان
-صعب، صعب
-وأنا صعب أطلق خدى وقتك شهور سنين وأنا ومروان
مستنين
****
تجلس فى مكتب المحاماة سالت دمعة من عينيها
فمسحتها سريعًا قبل أن تقول لها السكرتيرة
-اتفضلى استاذ رائد مستنيكِ جوه
ما أن ولجت جلست أمامه صامته، عقد رائد حاجبيه
بعدم فهم وهو يسألها بقلق:
-روان انتِ كويسة؟!
انطلقت الدموع من عينيها تردد الكلام دفعة واحدة
وقد شعرت بروحها تكاد تفارقها من فرط الوجع:
-هو أنت ليه عملت كدا، مش المفروض كلمتك كمحامى
شرف، إزاى تقبل أنك تتفق معاهم عليا أنا بسحب
القضية وهشوف محامى تانى
نهض من على مقعده سريعًا هو يحاول استيعاب كلماتها
عن أى اتفاق تتحدث ثم حدثها بلين:
-ممكن تهدى، أنا متفقتش مع حد الحوار كله مها قالتلى
أديكى وقت عشان انتِ مذبذبة، بس أنا كنت مستنيى
الزيارة ديه وأنا فى أول جلستين هجبلك الطلاق
بس بلاش دموعك
توترت نظراتها مشيحة بوجهها بعيدًا عنه وهى تقول:
-أسفة على طريقتى بس حسيت أنه خسرت القضية
-متقلقيش أنا عمرى ما هخذلك
ضمت حقيبتها إلى صدرها ثم نهضت واقفة لتنصرف
وهى تقول بخفوت:
-معلش جيت من غير ميعاد عن إذنك
-طب استنى هوصلك أنا
هزت رأسها بالنفى سريعًا وهى تتجه للخارج، حتى كادت
أن تتعثر فى سجادة لكن كان كل ما يشغل بالها الهروب
من نظراته
*****
بعد مرور اسبوع
كان يجلس فى مكتبه وأمامه ظرف مد يده ليفتحه لتتملكه
الصدمة إعلان من المحكمة بجلسة طلاقهما جن جنونه
لم يتوقع ذلك، كيف حدث بدأ يرمى بكل شئ أمامه
على وهو يزمجر بشراسة، فولج طه مسرعًا يسأله
-ايه يا مروان فى ايه؟!
انت اتجننت ولا أيه؟!
-أنا لأ لسه بس هتجنن رائد رفع دعوة طلاق روان
مش قولت مها كلمته
هز طه رأسه بالإيجاب هاتفًا:
-أيوة يا عم والله كلمته قدامى مش عارف والله ايه
اللى يخليه يعمل كدا
فرك مروان رأسه وصدره يعلو ويهبط بهياج قائلًا:
-يبقى روان راحتله من ورايا روان مش عايزة ترجع
عن رأيها بس والله لأطلع بروح رائد
تحرك مروان منصرفًا، فتنهد طه بثقل وهو يقول:
-العاقل اللى فينا ضاع لا وكان عامل نفسه تقيل
استنى يا مروان استنى ياجدع
*****
ولج مندفعًا لمكتب رائد ومن خلفه السكرتيرة محاولة
إيقافه وجده أمامه فحدجه بنظرات نارية غاضبة
تكاد تحرقه فى مكانه ليتلقاها هو بإبتسامة باردة
لا تزيده إلا غضبًا واشتعالًا ، ألقى مروان الورقة
بوجهه متسائلًا:
-أيه الزفت دا؟! أيه اللى عملتوا دا؟!
تناول رائد الورقة يقرأها بصوت مرتفع وما أن انهى قرأتها
وضعها أمامه متسائلًا:
-مالها ديه قضية طلاق، روان طالبة الطلاق
زمجر بغضب وهو يقول:
-متجبش اسمها على لسانك يا رائد
-ليه روان موكلتى
تحولت عينيه بلحظة إلى اللون القاتم وراح يقبض على
تلابيب قميصه هاتفًا:
-تبعد عن روان يا رائد والقضية ديه تنسااها وبلاش
تحط نفسك معايا فى حتة ضلمة
-هو بالعافية يا مروان هى جت وعيطت هنا وعايزة
تطلق مش عايزاك وأنا قررت مش هخذلها
لكمة قوية اطاحت به أرضًا، فانتفض رائد لينقض
عليه تزامنًا مع وصول طه الذى وقف بينهم يدفع
مروان للخارج حتى لايفتك به ثم استدار ينظر
لرائد باستنكار هاتفًا:
-انت يا جدع انت اتجننت مالك ومال راجل ومراته
مش قولنا القضية أى كلام، ولا هو أى حاجة عشان تشد
معاه زى عادتك دا مش ماتش كوره، ديه مراته فاهم
تقبل حد يبص لمراتك لو اتجوزت بطل استفزاز بقى
-هى اللى جتلى تانى وطلبت امشى فى الاجراءات
طبيعي بعد ما عرفت حواركم ولسه مصرة
نظر له طه بملامح صارمة غاضبه يعقد حاجبيه قائلاً:
-اخرك يا رائد
-أخرى لو روان دخلت المكتب دا تانى مصرة على
موقفها فى اسبوع هكون مطلقها وكدا ابقى عملت
بأصلى
-هو غباوة وخلاص مش واضح قدامك انها بتحبه
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قدري المر)