رواية قابل للكتمان الفصل العشرون 20 بقلم خديجة السيد
رواية قابل للكتمان الجزء العشرون
رواية قابل للكتمان البارت العشرون
رواية قابل للكتمان الحلقة العشرون
فهم على الفور ماذا رأت وعما تتحدث؟ تطلع فيها فاغر الشفاه لا يستوعب ما رأته و أنها كشفته لكن بتلقائيه اقترب منها كالممسوس وأخذ الهاتف من يدها بقوة شديدة هاتفا بسخط وانفعال
= انتٍ ازاي تفتشي في تليفوني وتمسكيه اصلا ده انا رغم اللي عرفته عندك ما فكرتش اعملها هاتي التليفون وما لكيش دعوه باللي فيه .
عندما دفعها بعيداً عنه كادت تسقط وشعرت بنصل يطعن قلبها، ولكن اسلوبه ذلك جعلها تزيد شكوكها به وإن الأمر ليس بسيط
بدأت تتنفس بعنف وهي تحاول استيعاب ردة فعله علي ما رأته! ووجدت نفسها تصرخ فيه بمقت
=لا ليا دعوه ونص! اوعى تفكر ان مش واخده بالي من تصرفاتك من بداية جوازنا وحالك الغريب بس كنت برجع واقول في نوعيه رجاله كده ما انا بشوف العجب في العيله دي او ما كنتش عاوزه اشغل نفسي وبقول كفايه عليا المصايب اللي انا فيها.. لكن الاقيك بتدور على الحاجات اللي بتمنعني عنها يبقى لازم اتكلم واعرف حالك ده ليه؟ وايه سببه؟ وليه اصلا بتمنعني وبنفس الوقت تروح تدور بره؟ ويا عالم اصلا الموضوع متوقف على مجرد صور بتشوفها ولا في حاجه ثانيه.
ابتلع ريقه بتوجس وخوف من ردة فعلها فهتف فيها بدفاعية
=ايه اللي شفتيه يعني عادي أنا دخلت على الحاجات دي بالصدفه وبعدين كل الرجال على فكره بتعمل كده مش لوحدي مجرد صور و شفتها، مالك ومالي؟ وبتتكلمي كانك شفتيني عملت جريمه.. انا حر وما لكيش دعوه بيا .
تدريجيا بدأت قسماتها تتشبع بالحقد عليه لأن سابق كأن يراها كفتيات الليل عندما تبادر بالعلاقه اولا، ولم لا يعرف كيف يتقن التعامل مع الأنثى بداخلها؟ ويمنعها من التمتع بحياتها معه وارتداء ما تريد ويبحث بالخارج عن ذلك، فالى هنا الف لا ولا! طالعت معاذ بوجهها المقهور وصوتها يترفع بكبرياء مستنكر
=يبقى انت كمان ملكش دعوه بيا البس اللي على مزاجي؟ ولا احط مكياج في بيتي! ولما اقرب منك واعوز انا اللي ابدا العلاقه ما تقوليش عيب وتشبهني بفتيات الليل والستات اللي مش كويسه؟
رفع وجهه المحرج لها ببطء ثم مسح عليه بارتباك وهو يتنفس بتحشرج مرددًا بمراوغه
= انتٍ مكبره الموضوع ليه؟ انا عاوزك زي ما انتٍ ما بحبش اشوفك بتحطي تجميل مبالغ أو تشبهي نفسك بلبسك بـ آآ.. بسمه ما تعمليش فيها مصدومه ما انتٍ عارفه اني ما بحبش اشوفك كده ولا تغريني بتصرفاتك المبتزله دي
فما ماتعمليش فيها مصدومه بقى ولا تتلككي بموضوع صور عاديه عشان تعملي إللي علي مزاجك .
هزت رأسها باعتراض شديدة وإصرار فأطبقت على أسنانها مرددة بصوت مثقل
= لأنها مش مجرد صور عاديه وانا متاكده انك فيك حاجه؟ انا شفت سجل البحث كله الحاجات دي بتبحث عنها من زمان التواريخ باينه؟ وبتتفنن في الحاجه اللي تكتبها نفس اللي انا بلبسه وبتمنعني منه طب ليه؟ كل اللي احنا فيه ده بسبب اننا بنكدب على بعض وانا صراحتك من اول ما كشفتني وما خبتش حاجه؟ جرب تصارحني انت كمان يا معاذ ايه اللي مخبيه عليا؟ قول الحقيقه من غير كذب انا مراتك وهكون ستر وغطي عليك.. مش عاوز نبدأ صفحه جديده يبقى لازم تقول كل حاجه مخبيها.
ساد صمت طويلاً وهو متردد في الحديث عن ذلك أم لا؟ فهل ستتفهم أمر كذلك من الأساس! لكن كان الرفض منتشر في معالم وجهه،احتقن وجه بسمة وقبل أن يبتعد من أمامها امسكت بمرفقه توقفه هادرة بحزم
= كل ما بتحاول تسكت وتهرب بتخلي شكوكٍ تزيد وافكر في حاجات مش كويسه فما تسيبنيش لعقلي! أعترف بالحقيقه عشان انا بالطريقه دي مش هعرف استمر معاك وانا شاكه في سلوكك أصلا .
اتسعت عينا بذهول من كلماتها ولم يجد مهرب عندما بدأت تستنجد من عقلها أشياء غير صحيحه، ليلتمع العزم بعينيه وشرد بذاكرته إلى أيام المراهقه.. متحدثاً باضطراب وبعينيه الزائغتين
=بطلي هبل انتٍ فهمتي ايه؟ هووف حاضر يا بسمه هقول لك انا كده ليه؟ الموضوع بدا وانا صغير كان عندي سبع سنين تقريباً كان طول الوقت ابويا وامي قريبين مني لدرجه لما كبرت شويه كنت بنام جنبهم ومتعود على كده من خوفهم يعني لا تعب في نص الليل ولا حاجه وما يحسوش بيا، وفين وفين لما لاحظوا ان كبرت خلاص ولازم انفصل في اوضه تانيه! بس انا كنت متعود انام جنبهم فصعب وكنت بسهيهم وادخل انام وسطهم.. و في مره شفتهم و هما آآ مع بعض! قصدي يعني قريبين وكده.. في علاقه وافهميها لوحدك بقى.
صدرت بسمة شهقة واضعة يدها على فمها، بينما توتر بشدة وهو يتابع بحرج شديد
=هم شافوني بعد كده بس ما حاولش حد منهم يفهمني انا شفت ايه ولا ليه بيعملوا كده؟ و فضل المشهد ده بعقلي احاول اترجم ايه ده وليه؟ بس ما عرفتش.. وعدت سنين وكنت 14 سنه او 15 مش فاكر.. وابتديت اتصاحب على ناس مش كويسين إللي هم كانوا نفسهم معايا قبل ما اقطع علاقتي بيهم.. وفي مره شفتهم بيتفرجوا على فيديوهات شبه كده مش كويسه وافتكرت إللي امي وابويا كانوا بيعملوا نفسه! فسالتهم ايه ده وكنت عاوز أعرف فضول يعني هم ساعتها اتريقوا عليا ان انا مش فاهم حاجه زي كده و أنا في السن ده..
ازدرد معاذ ريقه بملامح معذبه وتابع محاولة ابتلاع تلك الغصة بحلقه
= وابتدوا يقولوا كلام يعني ان انا شكلي خيبه وما بعرفش اقرب من واحده واعمل معاها علاقه، عشان عندي القلب ودخلوها في دماغي فعلا! ولما فهمت انها حاجه بتحصل بين المتجوزين وكده وتفاصيل العلاقه اكثر بقيت طول الوقت خايف اني لما اكبر اكتشف حاجه زي كده بسبب مرضي وما اقدرش اعملها مع مراتي وهم كانوا طول الوقت يقولوا ليا كده برده.. ولو واحده اكتشفت حاجه زي كده في جوزها هتفضحه في المنطقه كلها و محدش هيبصلها وهيفضل يتقال عليه مش راجل.. ساعتها افتكرت اهانه ابويا لمنذر و الكلام المهمين اللي بيقعد يقولهله، وبقيت اتخيل نفسي مكانه وانه هيعاملني نفس معامله منذر
مرت دقيقة عندما أدركت بسمة أن زوجها كان يتأثر بمعامله والده بمنذر! وهم سبب أيضا فيما هو فيه، فكيف لم تفكر في وضع كذلك مره في حياتها.. لكن بالنهايه ايقنت بان عائله شاهين صنعوا من أولادهم مرضه نفسيين حقا واكثر مما توقعت.
أفاقت على صوت معاذ وهو يهتف فيها بانكسار تراه للمرة الأولى بعينيه
= وما عرفتش ممكن اسأل مين على حاجه زي كده وخفت اقول لابويا عشان ما يعايرنيش ويقولي كلام صعب زي منذر، وانا برده كنت شاب صغير ومش فاهم إيه الصح والمفروض اعمله!! وعدت فتره واكتشفت ان اصحابي دول اتعرفوا على كام واحده كده مش كويسه بيدفعوا لها اي فلوس ويسمحلهم يقربوا منها فتيات ليل يعني! ودخلوا الفكره في دماغي أن اقطع الشك باليقين واجرب اقرب من اي واحده وانت كده هتتاكد انك سليم ولا لاء..
كانت بسمة حقا مصدومة فلم تتوقع ان يكون معاذ يعاني بذلك الشكل او يخفي شيء كذلك،
لكن رغم ملامحه المعذبة سألته بصوت بالكاد خرج منها من فرط صدمتها بما تفوه به وقد بدأ صوتها يحتد
=اوعى تقوليلي ان انت عملت حاجه زي كده فعلا وقربت من البنات دي وكان ليك علاقات سابقه مشبوهه بالقرف ده !!
انهار معاذ وظهر بملامح وجهه التي تتزايد فيها ملامحه المثقلة بالذنب وازداد خوفه من طريقة تفكيرها به في هذه اللحظة حتى أنه لم يقدر على وضع عينيه بعينيها شاعراً بحمم بركانية تصب على قلبه المعذب حتى أجابها بصوت مختنق
= انا رحت معاهم فعلا المكان ده وساعات هم كانوا بيجيبوا البنات دي في شقه اي واحد منهم اهله مش موجودين أو مسافرين! حاولت أقنع نفسي ان مجرد فرجه و مش هقرب من حد؟؟ بس مشكلتي بدات من هنا اصلا! تخيلي شاب عنده 15 سنه يشوف ستات اول مره في حياته بالمناظر ده وهي بتقرب من اصحابوا بطريقه مقزره ومقرفه، واوقات كان في منهم بيحاولوا يقربوا مني و آآ ويتحرشوا بيا، عشان ده في العادي اصلا شغلهم وعاوزين فلوس قصاد كده.. انا عارف ان رغم قرفي ده كله ورافضي؟هتقوليلي طب ليه ماانسحبتش بس كانت مسيطره عليا نفس الفكره اللي بسببها جيت معاهم وكانت دايما بتروضني الفكره دي ان اقرب واجرب بس كنت بصعوبه جدا اقنع نفسي ما اعملش كده.. لحد ما في واحده منهم ادتني رقمها وكنا بنتواصل .
اتسعت عيناها بتوجس بينما هو كان يريد تبرير موقفة الحرج فأردف مضيف بتشتت وضياع وندم
= كانت ست كبيره في الاربعين تقريبا! كانت بتصور نفسها صور مش كويسه ذي تلبس قمصان نوم وبدل رقص وتبين جسمها و آآ ومن الاخر يعني كل حاجه كنتي بتعمليها معايا يا بسمه هي كانت بتعملها، نفس اللبس و الطريقه اللي بتقربي مني وانها تزن عليا انها تبدا بالعلاقه هي..؟؟ كانت بتتصل بيا بالليل تستنى كلهم يناموا ويبدا الموضوع ده! وكانت بتقول انها معجبه بيا وبتحبني.. انا انجذابي ليها كان من نوع تاني انا والله ما حبيت غيرك يا بسمه.. وطول الوقت كنت بحس بالاشمئزاز منها ومن كل اللي زيها و من نفسي كمان! عشان كده ما كنتش قابل فكره ان تكون مراتي شبه واحده من دول؟؟ حتى لو انا اللي عاوز كده كنت بمنع نفسي! ولا أن اشبع رغـ.ـبتي بالطريقه القديمة دي حتي لو بالحلال.. عشان كده ما كنتش بتقبل فكره ان مراتي ام ابني تعاملني زيهم .
لانت ملامحها قليلا وهي تلمح تأنيب الضمير والعذاب الذي يرتسم على ملامح وجهه، و ارادت بشده ان تعرف نهايه هذا الموضوع
مما جعلها تهتف بصوت متحشرج
=كمل يا معاذ و خليك صريح لمستها؟ ارجوك ما تكذبش عليا طالما بدات تحكيلي اللي كاتمه في قلبك سنين! ضعفت في مره وقربت منها
تطلع لها بوجهه نافياً بخشونة واضطراب
=والله العظيم ما حصل ابدا حتى لو مجرد حضن ولا اي حاجه بسيطه ما حصلتش خالص
هي علاقتي بيها فضلت فتره طويله كده و استمرت على نفس الحال ده انها تبعتلي الصور الزباله دي او افكر اروح مع اصحابي نفس الاماكن دي واشوف المناظر دي، لكن عمري ما لمست واحده منها!! وكل ما احاول ابعد غصب عني بضعف وبرجع، ومحدش في البيت كان دريان ولا حاسس رغم انها كانت بتاخد مني كتير فلوس مقابل ده وانا كنت بطلبهم منهم باي حجه..
أخفض رأسه بندم شديدة وهو يتذكر عند بدء تلك العلاقة المشبوهة التي كانت بينه وبين تلك السيدة لمده أشهر من عذاب وتانيب ضمير وقله حيله، فقال باعتراف مخجل وصريح
=وهبقى كذاب لو قلتلك ان انا ما كنتش ببقى مبسوط ومستمتع بده، لان برده دخلوا في دماغي ان طالما بتساير معاها وحبيب ده ابقى انا كده شخص سليم! ما عنديش مضاعفات تمنعني.. حتى في مره ضحكت على نفسي وقلت لها خلاص دي هتكون اخر مره نكلم بعض بس اتفاجاتي بيها بتهددني انها هتيجي لابويا الوكاله وتقول له ان انا اللي كنت بحاول معاها مش هي! عشان كده استمر الحال فترة طويلة رغم احتقاري واشمئزازي منها بس كنت راضي وما حاولتش استخدم اي محاولة ابعد عنها ولا اهددها زي ما هي بتهددني.
قطبت بسمة حاجبيها واتقدت عيناها بغضب
لكن لم تكن تريد التركيز أنه مخطئ فيما يفعله أو تلومه علي تصرفاته المضطربة الآن.. وقالت
باهتمام كبير
=ايه اللي حصل بعد كده؟ قدرت تبعد عنها امتى و إزاي؟
أخذ نفس عميق طويلاً وهو يجيب عليها بصوت ثقيل مع أنفاسه المرهقة
=جت من عند ربنا واختفت هي فجاه؟ وانا كنت في اللحظه دي فعلا خلاص وصلت لاخري ومش طايق وابتديت مؤخراً احس ان ده حرام وغلط! لما انتظمت في صلاتي! بس يعني جاتلي فتره من الفترات حنيت وسالت عنها صحابي وعرفت انها كانت متجوزه وجوزها قتلها هي وعشقها! في اللحظه دي اترعبت جدآ لاجوزها يجي يقتلني أنا كمان ويعرف اللي كان بينا.. بس هديت شويه لما عرفت انه اتسجن وهيتعدم وقعدت فتره طويله في الخوف والقلق ده لحد من البيت يعرف، وحاولت انسى الموضوع وكنت نسيت فعلا لحد ما قابلتك واتجوزتك!! بس لما قربت منك ابتدت الذكريات تتعاد في دماغي وابتديت اقاوم بصعوبة، بس فشلت وعرفت في النهايه ان هو ده الحل احاول ما اخليكيش تعملي اي تصرف يخليني افتكر الفتره دي ولا افتكر الست دي.
كانت لا زالت مصدومة لسماعها صراحة كلماته البشعة، عمّ صمت مشحون بينهما ومثقل بمشاعر متناقضة، توتر بتوجس من صمتها فرفع كلتا يديه يحتضن وجهها وهو يقول في حالة يائسة من الدفاع عن نفسه
=بسمه انتٍ ما بتتكلميش ليه؟ مش انتٍ اللي اصرتي تعرفي ارجوكي ما تسيبنيش بعد ما عرفتي الحقيقه، انا عارف أنك استحملتي معايا حاجات كتير بس عشان خاطري اديكي عرفتي اللي فيها وما تحاوليش بقى تزيدي عليا، قولي عليا شخص مريض.. معقد اي حاجه بس ما تبعديش.. انا عارفه ان طول الوقت بقول لك بحبك بس ولا مره قدرت اللي بتعملي معايا! بس انا اهو بتغير واشتغلت عشانك .
اتسعت عيناها برفض واستنكار هاتفه
=آه افهم من كلامك انك ناوي تستمر كده وما فكرتش حتى أنك تسعي تتغير في الموضوع ده؟
تغضن جبينه بصدمة لكلماتها فصمت قليلا بينما زاد وتيرة تنفسه بقلق فانحنى برأسه هاتفا باضطراب
= انتٍ لو ركزتي في كل اللي قلته هتعرفي ان بعمل كل ده لمصلحتك وبحبك فعلا، يا بسمه انا بحرمك على نفسي شخصيا وعمري ما فكرت اتمتع بجمالك؟ رغم انك حلالي! عشان ما احسش ان انا بلوثك او تكوني في تفكيري واحده زيهم! عشان انتٍ افضل واشرف من كده بكتير حتي ما ينفعش تتحطيتي في مقارنه معاهم في عقلي، انا بحبك بجد.
أكفهرت ملامحها فضحكت بعدم تصديق وهدرت معاتبة بشدة
= ولله! بتحرم نفسك عليا وتحرمني انا كمان
ومن ناحيه تانيه تروح تدور علي إللي ناقصك في صور ستات مش كويسه و فتيات ليل و يا عالم الامور بكره هتوصل معاك لايه ده اذا ما وصلتش اصلا.. وتقولي مش عاوزه الوثك بتفكيري؟! انت بتضحك على نفسك ولا عليا..
ايه عاوزني ابقى ست متفتحه واسيب جوزي
يبص للستات اللي مش كويسه بحجه ما يجيش يعمل ده معايا عشان ما بقاش في نظره زيهم.. طب ما تخليك انت كمان راجل متفتح وتسيبني اعمل زيك و ابص على الرجاله واتمتع باللي انت منعني عنه؟؟!.
لم يتقبل حديثها بذلك الشكل وجعله ينفر منها ويعود يفكر بها كأنها فتاه سيئه، حيث اشمئزت ملامحه وأمسك كتفيها وهزها بعنف غير مسبوق منه نحوها ليهدر فيها بتوحش مخيف
=انتٍ اتهبلتي ما تحاسبي على كلامك وانا كنت مانعك من ايه أصلا؟ و ايه تبصي على الرجاله دي ما تحاسبي على كلامك، هو اي كلام ينفع يتقال كده عادي
تحول وجه بسمة بشراسة وبدأت ملامحها تحتد تدريجياً، ثم وجدت نفسها تنتفض بين يديه زاعقة بصوت غاضب بسخرية
= معاك انت كل حاجه تنفع! وبعدين مالك زعلت كده ليه وحسيت بالغيره ونقص برجولتك مش كده؟ طب ما ده بالظبط اللي انا حسيته ان انا ست مش كفايه في نظر جوزي عشان يبص بره وأي كانت المبررات بقى، وفي الاخر تقولي بحبك وتبص على غيري عادي ؟ لو هي دي طريقتك في الحب بيقي شكرا مش عاوزه.. وآه يا معاذ الست كمان ليها رغبات زي الراجل وانا فعلا ناقصني كتير.
اتسعت عينا بحرج شديدة وهو يهز راسه بحذر بان تصمت ولا تتحدث بذلك الكلام، لكنها لم تتراجع واكملت بتحدي وبازدراء
= ما تبصليش بالطريقه دي كاني بقول حاجه غلط وعيب جرب أسأل اي شيخ هيقول لك عادي طالما بتطلبها من جوزها، هو انت حاطط في دماغك بس ان الراجل اللي يحق لي يقولي للست اجهزي عشان عاوز اتمتع بيكي يا حلالي؟! لا يا بابا يحقلها هي كمان تطلب، انا كمان بتمنى على فكره ان احس بالراجل يكون معايا ويعترف باحتياجاتي
تنهد بصعوبة وعيناه تهتزان ولسانه يهمس ثقيلا مستنكراً
= هو انتٍ بجد هتفكري تسيبيني رغم التغيير اللي انا بعمله عشانك وفي الاخر هتمسكي في حاجه هايفه.
نظرت لعينيه اللامعتين وهي تشعر برجفه جسده لكنها قالت راجية بيأس لعله يفهمها
= معاذ انا الفتره الاخيره كنت خلاص قررت عاوزه اكمل معاك برضايه والله ما عاوزه اسيبك و كنت تقول ده نصيبي وهو برده في حاجات حلوه زي ما فيه الوحش! لكن حاجه زي دي مهمه في علاقتنا ولازم نلاقي حل! و لازم تقنع نفسك انا مش نفس الست الفـ.ـاجرة دي ومش بطلب منك كده عشان فلوس، حتي لو عملت نفس اللي كانت بتعمله معاك فده مش معناه ان انا شبهها؟؟ ولا يعبني لأني مراتك حلالك.. ومش غلط أنك تطلب من مراتك تكون نفس اللي بتحلم بيه وبتتمناه وبتكتبه في سجلات البحث وتيجي تطلبه مني أفضل.. ما هو مش معقول برده تسيب اللي حلالك واللي ربنا حلله وتروح تدور بره مع بنات مش كويسه وتيجي تقولي مبررات زي دي؟؟
ثم أضافت هاتفه بصوت قوي معتمدة
= تفتكر في الاخره المبررات دي هتنفعك، قدام ربنا؟؟.
❈-❈-❈
أخرجت ضحي الليمون من البراد قطعته قطع
وجاءت لتعصره وجدت منذر يدخل المطبخ ويفتح البراد ويخرج زجاجة الماء وبعدما انتهى من الشرب وجدها تقف وتمسك بيدها الليمون وتنظر اليه دون ان تعيره اي اهتمام فقال بهدوء
= بتعملي ايه الساعه قربت على اتناشر
نظرت ضحي الى يدها وأكملت عصير الليمون
فاقترب منها منذر وقال مرة أخرى بخفوت
= طب أساعدك في حاجه ؟
أومأت برأسها نافية فتنهد منذر بصوت مسموع وهو يكمل على مضض
= ماشي هتنامي فين انهارده؟ هتتلككي زي امبارح ان بنتك كانت سخنه شويه وعاوزه تكوني جنبها مع انها الحمد لله بقت كويسه.. والمربيه و والدتك هنا كمان.
لم تعیره ضحي اهتمام فقال بحده وانزعاج
= خلاص براحتك اعملي اللي عاوزاه بس خليكي فاكره انتٍ اللي بتبعدي اهو.
لم تلتفت اليه أيضآ فاقترب منها وأمسك
رأسها وقبلها بحنو ثم قال بتنهيده مطوله
= تصبحي على خير يا حبيبتي.
ارتعشت ضحي ثم أبتعدت عنه قليلاً وهي تضع الليمون في الخلاط وتضيف له الماء البارد وشغلت الخلاط حتى يغطي الصوت على دقات قلبها المفضوحه، و عندما انتهت وقبل أن تتحرك تفاجأت بقطع الأنوار في الفيلا.
ارتعدت واستدارت متوجهة نحو الإدراج تبحث عن شموع، لكن سرعان ما انتفضت بهلع حين شعرت باحد خلفها، فبسرعة أقترب اكثر هامسا
= ششش اهدي… ده أنا منذر!
فتحت عينها بارتياح و ضغطت على شفتها السفلى مانعة شهقتها المذعورة من الخروج لتخبئ وجهها بصدره الضخم! تبحث عن الأمان رغم ما فعله، ابتعدت عنه وهي ترتعد بخوف لمسته فكانت دافئ وخافت من ضعفها نحوه! حملت شتات نفسها وتحركت تمشي بصعوبة وسط الظلام كانت تعلم بأنه خلفها ويعلم بأنها تعلم وكلاهما يتجاهلان الامر .
وقبل أن تصعد إلى الاعلي وتذهب لغرفه ابنتها، كان يخطو خطوتين ويسحبها لحضنه اجل احتضنها من الخلف! كان الانفاس ساخنه ليهبط حتى يصل لاذنها باثاً لها انفاسه الحارقة مسبباً لها رعشة جسدية…بينما هي بالكاد يصل طولها اسفل صدره قصيرة بأكتفاف ناعمة، كلتا يديه يحاوطانها وشفتيه هامساً برجاء ودود
= مش هتعرفي تمشي في الضلمه لوحدك! عشان ما تتخبطيش استني نطلع سوا فوق الاوضه.
تنفست باضطراب كان الوضع اكثر من متوتر و
مريب وهو يحاوط جسد انثوي وليس أي جسد بلا زوجته وحبيبته، بينما صوته يرتجف
لذلك! رائحتها تغلغلت لرئتيه فغميت بصيرته!
لكن قطعت كل ذلك عندما ابتعدت هاتفه بصرامة
= ما تتعبش نفسك انا هتصرف اهتم بنفسك أفضل، وبعدين طريقي غير طريقك .
قبضة مؤلمة اعتصرت قلبه وهو يسمع تلك الكلمه منها.. ثم أسرعت ترحل من امامه وهو قد غضب بشده من كلماتها المتعمده، وعنادها في البعد عنه كأنها بتلك الطريقة تعاقبه وهي المخطئه من الأساس.. من وجهه نظره.
❈-❈-❈
نظرته اوجعتها وهو يظن طول الوقت أنها لم تعد تحبه او تشمئز وتنفر منه بسبب فارق العمر بينهما،والذي اصبح ملفت للانظار حولهما فكل ما يصادفون غرباء جدد يعتقدونها بانها أبنته التي ابتعدت عنه أو شقيقها الكبير.. لا تنكر رغم اسلوبه الغاضب والشك الذي اصبح يستخدمه معها مؤخراً الا انها أحيانا تتعاطف معه وتشفق عليه.. فبالنهايه معه الحق ان يشعر تلك الاحاسيس والخوف والتوتر و الحرج من نظرات الجميع حولهما..
بينما الأمر لم يتوقف فيما حدث بالسابق، فايضا منذ يومين قد سكنت سيده جديده في العماره معهم ومرت عليها وطلبت منها الخلاط لأنها تحتاجه لإعداد الغداء بسرعه قبل عوده زوجها، ولم ترفض ديمة بالطبع ورحبت بذلك وعندما عادت لتعيده إليها، فتح لها آدم واعتقدت أنه والدها وأخبرته دون قصد
= مساء الخير معلش كنت استلفت الخلاط ده من بنتك الصبح عشان الخلاط بتاعي باظ ممكن توديهلها وتشكرها.
كانت ديمة تقف بالخلف واستمعت الى حديثها
وارتجفت شفتيها تنظر له بقلق عندما تجهمت ملامح وبدا يصيح ويخلق اي شجار بغضب حتى يخرج ما فيه بها كعادته
= واحنا مالنا بالناس اللي حوالينا بتديهم حاجتنا ليه ما احنا طول عمرنا في حالنا مالنا ومالهم؟ شفتني عمري طلبت من حد منهم حاجه؟؟ ما لكيش دعوه بالناس احنا مش ضامنينهم.. اول واخر مره اشوف ليكي علاقه بحد في العماره هنا.
التمعت عيناها بآلم تخفي دموعها عنه فقد حاولت معه مرارا وتكرار ان تفهمه الامر لكن دائما يسمع الى هواجسه وافكاره… افاقت من شرودها وهو يسحب يدها ويضمها اليه بأسف
= ديمة ما تعيطيش حقك عليا انا اسف، بس عشان خاطري افهميني انا بخاف عليكي حتى من نفسي.. بلاش تقربي من حد سواء نعرفه ولا لا؟ خلينا كده احنا الاتنين مع بعض بس هو انتٍ مش مرتاحه معايا كده، ليه عاوزه تدخلي حياتنا ناس أغراب .
فتحت عيناها تنظر اليه وهي تتحسس ملامحه هاتفه بحزن
=هو لما يكون ليا صديقه واحده ولا اتنين حتى كده بدخلهم حياتي! انا فعلا ما ليش غيرك يا ادم بس للاسف بحس انك بقيت بتستغل ده عشان عارف ان انت مهما تعمل مش هقدر اسيبك واروح لحد.. لان انا زيك عنيت من الوحده .
أخرج زفرة طويله حملت جميع أوجاعه ليغمض عيناه يحارب ذكرياته وماضيه مرددا
= ما تفهميش الموضوع كده بس العالم اللي بره مش دايما كويس حتى لو محدش قرب منك ممكن غصب عنك العالم المصطنع ده يخليكي تاخدي قرار غلط ومش صح! صدقني نفضل لحالنا احسن.. وماشي مش هيفرق معايا لو عاوزه تخرجي ساعه ولا ساعتين تقابلي بسمه بس ملكيش دعوه بالناس بتوع الجامعه دول ولا حتى جيرانا هنا اتفقنا .
هزت رأسها بالايجاب وتحدثت بفهم مشاعره
=انا مش عاوزه اكتر من كده بس انت اللي مش عاوز تفهمني.. مهما اشوف واسمع هفضل جنبك ومش هندم ان انا اتجوزتك في يوم!
تنهد بعدم اقتناع وإضاءة في عقله فكره قد استخدمها مؤخراً ومضطر الى استخدامها مره اخرى حتى تنطفي تلك الهواجس والقلق داخله، اقترب منها بأعين تفيض القهر والحسرة وحدهم كانوا ينهشوا روحة قائلا بصوت ثقيل
= اه لو تعرفي بحبك قد ايه، وبقيت متعلق بيكي لدرجه الجنون.. وبغير عليكي من الكل حتى ولادنا رغم انهم الرابط الوحيد اللي بينا
واللي هيقدر يخلينا نتماسك ونحارب اي حاجه تحصل تأثر على علاقتنا .
استغربت حديثه الأخير بان اطفالهم هما السبب الوحيد لاستمرار زواجهما، اقتربت منه تدفن رأسها بصدره تتمسح به مرددة بحب
=ولادنا بس اللي مخليني متماسكه بيك لا طبعا حبنا كمان .
لم بجيبها وعاد يحتضنها من جديد ليبتسم بوهن وهو يغمرها بين ذراعيه بقبلات متفرقة
= وحياه غلاوتك عندي لا تسامحيني على اي حاجه بعملها معاك بقصد ولا من غير قصد.. انا بحبك فعلا.. وبخاف من البعد والفراق!؟.
ارتفعت عيني ديمة نحوه ترمقه بخجل وهي تشعر بيديه تُداعب وجنتيها وشفته لتهتف
= وانت اكثر.. بحبك ونفسي تصدق ده.
تمادى معها أكثر يغمرها بحبه وعشقه وبعد أن كانت دموعها تغرق وجهها، أصبحت الإبتسامة تشق شفتيها بأتساع وصوت ضحكاتها تتعالا ولأول مره ترى آدم كالطفل الصغير أمامها وبين أحضانها.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين..
أغمضت عينيها بيأس وهي تتذكر حالتها مع زوجها وخلافهما الذي لم ينتهِ حتى الآن. كانت تنفث زفرة سـ.ـاخنة تخرج من بين شفتيها مع تخيلاتها المريرة بسبب تجاهله لها الذي كان يعكس ما كانت تفعله، اعتدلت في وضعها الراقد و وضعت يدها فوق قلبها الذي ينبض بقوة، فهي تشتاق إليه بشدة ولم يأتِ حتى ذلك الوقت.
وما يحزنها أكثر أن عيد ميلادها اليوم وهو لم يتذكره، لكن والدتها تذكرته وأصرت عليها أن تخرج معها لتغيير مزاجها المعتكر.. وبعد مرور بعض الوقت، خرجت معها بالفعل عندما يأست من عودته أو اعتذاره.. بدت جميلة في ثيابها البيضاء وأخذت تنظر في المرآة الجانبية لها بتأنٍ، ثم استغربت من حديث والدتها للسائق وسألتها من أين تعرف ذلك المكان، لكنها لم ترد عليها و لم تفهم ما يدور في رأسها وتنهدت وسألتها مرة أخرى، وكانت الحيرة واضحة عليها
= طب احنا رايحين فين؟
ابتسمت كوثر قليلاً وهي تخبرها
= هتعرفي دلوقتي.. خلاص وصلنا .
دخلت ذلك المطعم الذي ارشادتها به والدتها دون حماس ولكن المفاجأة كان أمامها منذر
وبعض اصدقاءه في العمل يقفون يصيحون بفرحه، وهو يقف جانبهم مبتسماً ينظر إلى ملامحها التي اخذت تتغير شيئاً فشئ.. ثم اقترب منها يرمقها بنظرات متيمة للغاية و امسكاً بأناملها بأطراف أصابعه وأردف بنبرة رومانسية هادئة
= كل سنة وانتٍ في حضني ياحبيب عمري.
نظرت إلى والدتها علي الفور بصدمة وهي ابتسمت تشجعها، وهتفت مُتسائله بدهشه
= الحفله ديه عشاني انا.. افتكرتك نسيت انتوا جهزتوا الحاجات دي امتى .
أخفض منذر رأسه تجاهها يحتضنها مُقبلاً جبينها وهو يردد بمكر
= ما اقدرش انسى حاجه تخصك، انا بس اللي كنت عامل فيها ناسي انا ووالدتك عشان نعمل لك المفاجاه دي .
اتسعت عينا ضحي بعدم تصديق، وهو كان يتمناه أن تعرف أن حبها يجري بعروقه مجرى الدم، بل عشقه عنيف بدرجة تخطت انفجار فوهة البركان.. فاقترب يهمس في أذنها كلماته بأنفاس حارقه وبصوته الدافئ
= عجبك العيد ميلاد؟
هزت رأسها بالايجاب بحب وهي تحاول استيعاب الامر حتى الان، بينما تعلقت
نظراتهما بإبتسامة متسائلاً مجدداً
= لسه زعلانه مني؟
حاوطت خصره تهز رأسها بالنفي ثم ضمها لأحضانه اكثر وهو يسمعها تهمس
= بس بتعب لما بتبعد عني
رفعت رأسها تنظر لعيناه واضافت قائله بصوت هادئ
= وأنت لسه زعلان مني مش كده
تطلع فيها بعينان تهیم عشقا بجمال عيناها،
يلامس وجنتيها بحنان قبل أن يهتف مبتسماً
= تفتكري لو زعلان كنت عملتلك العيد ميلاد، ولا اتنازلت للمره إللي مش عارف عددها وانا اللي بدأت الصلح، كل ده عشان مش بعرف اكون بعيد عن حضنك فترة طويلة..
ابتسمت كوثر ابتسامة مشرقة وهي تراقبهم من بعيد براحه، وبدات تدعي لهم بالحال الصالح وان لا تصيبهم العين اليوم.
بدأ جسدهم بالتمايل على أنغام الأغنية الهادئة مع زخات المطر ترتطم بالنافذه مضيفةً
نغمة موسيقية أخرى على موسيقى العزف بينما أعينهما لا تكتفي بالنظر والشغف والتمرد كان جزءا من رقصتهما… ثم توقف عن الحركة بعد أن أشار للفرقة الموسيقية لكي تهديء من عزفها وأرخى ذراعه عن خصرها وتراجع مبتعداً خطوة وهو يمد يده نحوها واخذها ليجلسون.
توترت بشكل ملفت للأنظار من حضورها وسط الجميع وزاد احمرار وجهها حتى بات ككتلة ملتهبة من الحرج، لكنها هتفت بشك
=هي الناس اللي حوالينا دي؟ كلهم صحابك في الشغل مش كده لكن مش من ضمنهم يعني رغد
نظر لها بجمود قبل أن يرد ساخرًا
=ضحي هو انا اباني قدامك انسان سخيف ولا بحاول استفزك عشان اجيبها وانا عارف انها سبب خصامنا.. مش هتبقى حلوه يعني! ده غير انها مجرد جزء من شغلي مش من حياتنا عشان اعزمها على مناسبه زي دي
تسمرت في مكانها بخجل من نفسها وشعرت أنه محق وأخفضت نظراتها قائلة بتوتر
=تمام ما كنتش اقصد، بس ملاحظه في ناس عماله تصورنا هي الصور دي هتنزل في المجله زي ما صورك معاها نزلت .
عقد حاجيبة باستغراب ورد عليها منذر بجدية وهو يشير بيده
=لا يا حبيبتي دول مصورين عادي، عشان يعني تبقى للذكرى.. بس هو انتٍ عاوزه صورنا تنزل ؟؟
أسبلت عيناها نحوه متحرجة وحاولت تبتسم تدريجيًا وهي ترد بلا اهتمام مصطنع
= لا عادي براحتك مش مهم
مرر يده على كتفها و ظهرها بحنان ليشعرها بوجوده معها هامس بحزم
= لا مهم هنزل الصور على صفحتي بالفيس بوك طالما مضايقك كده ان صورنا تنزل وهي معايا وانتٍ لا.. وانا ما يرضينيش زعلك.!
تنفست الصعداء لموافقته، وهي غير مصدقه أنه فعل كل ذلك لأجلها… أخرج يده من جيبه، و وضعها على يدها ليمررها بثبات خلال أصابعها قائلاً بهدوء
= تعالي بقي عشان نطفي الشمع وتتمنى امنيه
❈-❈-❈
سارت ديمة بين طرق مدينه الغردقه جواره وهي لا تصدق انه من اقترح عليها هذا السفر بعدما وجدها تجلس حزينة في غرفتها ولا تفعل شيء غير المذاكره والاهتمام باطفالها، هتفت بابتسامة مشرقة
= الجو جميل اوي يا آدم، بجد انا مبسوطه ان احنا سافرنا لوحدنا نقضي يومين حلوين! عرفت بقى ان انا طلباتي بسيطه اهو انا راضيه على السفريه دي وممكن اقعد قصدها شهر ما اطلبش حاجه.
التف نحوها ينظر لعينيها التي تشع سعاده وقال بهدوء
= المهم بقيتي كويسه دلوقتي، وبعدين لا يا حبيبتي اطلبي اللي انتٍ عاوزاه براحتك طالما في حدود اتفقنا وده حقك عليا وانا كل ما الاقي نفسي فاضي هنعمل كده.
أومأت برأسها والسعاده تملئ قلبها من اهتمامه حتى لو كان بسيطاً، ثم مال عليها وهو يردف بمكر
= بقول لك ايه ما تيجي نطلع فوق بقى شويه
اصلك وحشتيني أوي.
أخفضت عينيها بخجل وسعادة وهي تهز رأسها وسارت معه نحو غرفه الفندق.
❈-❈-❈
عند عودتهم الى الفيلا وقفت ضحي قبالته تفرك يداها وهي تفكر بشيء حتى تكافئ على كل ما فعله معها اليوم، ولكن في النهايه حسمت الأمر بتلك القبلة ويستحق ان تعطيه كل جميل بقلبها الذي أعاد بريقه ثانية وأصبح ينبض بأسمه، قبلته بحب
وبعدما كانت كالغريقة في أفكارها والحالة التي وصلت إليها منذ اخر لقاء بينهم وهي تشعر بانها كانت باتت وحيدة كلياً، شريدة في بلاد غريبة عنها وأنه عندما يعود لم يهتم لامرها ابدأ وقد مل، لكنه فاجئها حقا اليوم.. لذلك أرادت تكافؤ ولم تجد منه سوى عزفه الأثير على خاصتها يبادلها ويخبرها بأنها تتغلغل بداخل روحه، وليس ليلة هي التي تحكي عشقه لها..
استلقى منذر بأنفاس لاهثة يضم حبيبته لصدره بحنان بالغ وهو مبتسماً بانه تصالح مع زوجته وقد عادت الحياه من جديد بينهما هادئ، فهي نعمة في حياته ولم يستطيع الإبتعاد عنها وكل يوم يتاكد من ذلك، لذا لا يفهم لما طول الوقت اصبحت مشتته وغير واثقه به.. بينما لم تكن ضحي بأفضل منه حال فلم تخفي سعادتها بعوده الحياه بينهما من جديد.. أحاطت خصرة جيد ثم وضعت يدها الأخري فوق صدره وهمست بتردد
= منذر هو انت رْهقت مني؟
طالعها بعشق فقرب وجهها منه يقبلها بتلذذ، وبعدها هتف مرددًا باستفسار
= رْهقت ؟! من ايه بالضبط يا ضحي ؟!
ربتت ضحي على صدره قائلة بنبرة متأثرة
= أقصد يعني.. مش اوقات بتحس انك بقيت في مكنه كبيره وتستحق واحده افضل! بتفهم في شغلك والمجتمع اللي بقيت فيه وتناسبك وتشرفك قدامهم، ومن ناحيه تانيه زهقت من مشاكلي ودوشتي! أو ما بتقعدش مع نفسك كدة و تقول ايه التدبيسة دي؟! ما انا حواليا بنات كتير احسن منها دلوقتي ومكمل معايا عشان اوليندا بس.. او بتحاول ترد ليا الجيميل واللي عملته معاك زمان، ولولا الحاجتين دول كان زمانك طلقتني او شفت غيري
سألها منذر بعد أن تفهم الأمر وقد انعقد ما بين حاجبيه يرد بلهجة شديدة الجدية
= يااه كل ده بتقعدي تفكري فيه، تمام عاوزاني بقى اقول لك الحقيقه.. لا طبعا ما رْهقتش و عمري ما هفكر اسيبك ولا ادور على واحده غيرك، وشيلي من دماغك فكره ان اللي حواليا ممكن بيوم ياثروا عليا ويخلوني ابص لغيرك لان بكل بساطه مفيش احسن ولا أفضل منك يا ضحى.. بس ممكن اكون تعبت شويه لاني بقيت احس بينا مشاكل كثير واحنا زمان ما كناش كده كنا بنحل قبل ما المشكله تكبر بس مش عارفين نوصل للموضوع لده دلوقتي.. بس مع ذلك بحاول اكون زوج واب كويس بس مش عارف.
رمقته بنظرة استغرابٍ من عينيها فقالت موضحة له بحبها المعتاد
= انت ليه بتقول كدا؟ انا عمري في حياتي ما كنت اتخيل اب او اتمني زوج وحبيب غيرك
أصابعه تحركت بين أناملها، منحها نظرة عميقة قبل أن ينطق عما يجيش بين جنبات صدره
= عشان المشاكل اللي احنا فيها ومش عارف العيب من ايه فاكره زمان حياتنا كانت عامله ازاي؟ او يمكن عشان ما اتوقعتش ان احنا في يوم ممكن نوصل للمستوى ده.. كنت فاكر لما كبرت ونجحت خلاص كده عمري ما هواجه اي مشاكل تاني.. بس اكتشفت او بحس ان كل ما بكبر بتبعدي عني مش عارف ليه
أربكها الحديث عن حياتهما الجديدة وجاهدت لتحافظ على ملامحها جادة حين ردت
=بص هو مفيش حاجه اسمها المشاكل هتنتهي ولا تخلص من حياتنا! وعلى فكره ده طبيعي احنا داخلين على عالم جديد واحنا نفسنا بنتغير مش العالم اللي حوالينا بس.. بس انا كمان مش مبسوطه بالمشاكل اللي بقت بينا ومش هقول لك ان انت السبب بس ولا هفتح في القديم واجيب سيره رغد دي.. لان ده ممكن يكون كله جزء وانا اللي مش عارفه اتعامل .
اقتضب مرددًا بصراحه وذراعه يلتف حول خصرها الممتلئ
= تمام وانا كمان هقول لك يمكن معاكي حق في المواضيع دي وانا اللي مش شايف ولا عارف اتعامل! بس على رايك برده ولا المشاكل عمرها هتخلص ولا احنا هنفضل زي ما احنا وما نتغيرش مع اللي حوالينا.. بس عارفه رغم كل ده وأنه صعب بس حلو اوي انا بحب بيتنا بيكي وببنتنا وبمشاكلنا.
تنهد بصوت قوي وهو يضيف بلهجة شبه محذرة من حدقتيه
= بس يعني بعد كل خناقه بينا بكون متضايق ان انتٍ مش فاهماني وطول الوقت بقيتي تشكي في ان ممكن ابص لغيرك.. مع اني ده مش حقيقي وبيضايقني ان انتٍ مش واثقه في حبي ليكي؟ ازاي يا ضحى بتفكري ان بعد كل اللي ما بينا بكل بساطه كده اتنازل عنك انتٍ لولا وجودك في حياتي ما كنتش وصلت لده اصلا و عمري ما هنكر ده!! انتٍ ليكي فضل كبير عليا ومساعدتك طول الوقت جنبي و عملتي إللي مستحيل واحده غيرك ممكن تعمله.. كل ده بيضايقني ان انتٍ مش واثقه فيا ولا فاهمه اللي بحاول اوصلهلك طول الوقت
بس لما بقعد مع نفسي بقول على قد ما انا تعبان بس أنا مبسوط و عمري ما حسيت ان ندمان اني خدت الخطوه دي من زمان وارتبطت بيكي..
أشعرها حرصه على الحافظ علي زواجهما بالقليل من الارتياح، ومع هذا عاد القلق ليستبد بها، فاجابت وهي ترمش بعينيها
= انا كمان بتضايق من كل خناقة بينا وبحس انها خلاص ممكن تكون لحظه النهايه ونبعد، و برده بعدي عنك حاجه كبيره أوي في حياتي مش عاوزها تحصل عشان انا بحبك بجد.. و بحاول والله كل مره اقول امسك اعصابي واكبر دماغي وبعمل كده بس في وقت مش بقدر.. عارف لدرجه اني بستغرب هو احنا ضحى ومنذر بتوع زمان نفسهم؟ طب ليه بنقول كلام لبعض وحش اوي ونضايق بعض .
وضع يده الأخرى أسفل ذقنها، داعب بشرتها بإبهامه، هاتفا لها بلهجته الصارمة مع نظرة عشق
= ضحى انا عمري ما بحاول اتخيل حياتي من غيرك مجرد تخيل بس مش بقدر!! و مش عاوز فما بالك ان اسيبك؟ انتٍ حاجه كبيره أوي في حياتي افهمي ده ومهما اي واحده تحاول توصل لك غير ده انتٍ اللي المفروض توقفيها وتقوليلها لا.. منذر ما يقدرش يستغنى عني وانا واثقه في حبه ليا.
هزت رأسها مرددة بإيماءة خفيفة من رأسها، وهي تحاول الابتسام له
= انا عارفه وكنت زمان بقول لنفسي كده هو بيحبني وده واضح جدا من افعاله وكلامه وكل حاجه بيعملها عشاني.. بس التغير اللي حصل بقيت بقول لنفسي ممكن يتاثر باللي حواليه ويفكر يبعد او يندم انه ارتبط بيا.
تحدث بصوت عاشق وهو متطلعًا إليها بنظراته الهائمة
= ضحي اوعي تكوني متخيلة ان انا ندمان.. انا لو رجع بيا الزمن من تاني في حاجات كتير في حياتي هغيرها ومش هختارها ولا هتنازل زي ما كنت بعمل زمان، بس هختارك انتٍ بالذات ومش هغيرك.
ظهرت تلك الابتسامة الرقيقة التي ازدانت بها شفتاها، ثم دنت منه مستطردة حوارها معه، بربكةٍ لطيفة في نبرتها
= مبسوطه ان احنا بنتكلم و متفاهمين كده.. هو ليه مش بعد كل مشكله ما نبقاش كده او حتى نتخانق بالطريقه دي و نتناقش
اقترب يلثم رقبتها وهو يشعر بذلك الشعور الذي يطوق قلبه كما تفعل يداه مع خصرها ليزداد قربا منها وانفه ينهل من رائحتها كضرير يتلقش الطريق بحذر، ثم تحدث هامسا
= انا كمان مبسوط ان احنا هاديين ووصلنا للدرجه دي، بس هنعمل ايه بقى كل مرحله وليها تغييرها و المفروض ان احنا اللي نتغير كمان.
أنهى كلماته بقبلة هناك على كتفها وبلا أي
حاجة للحديث كانت فقط تحتضنه بقوة تُشي
بحاجتها الحقيقية لوجوده بالقرب منها، لأن
هناك خوفاً صغيراً يُعشش بداخلها من أي
محاولة لأبعادِهُم عن بعضهما، لكن لم تستطيع إخفاء ضيقها من تلك الكلمه التي اصبح يرددها طوال الوقت “كل مرحله ولها تغييرها بحياتهم” ورغم ذلك لم تعلق واكتفت الى ذلك الحد.
❈-❈-❈
ذهب آدم مع ديمة الى حفله تبع الفندق بعد إصرار كبير منها، و كما توقعها حفله شبابيه و كان يمرحون هنا وهناك بسعاده دون تعب او توقف، وتلك الامور تجعله بتوجس أن ربما زوجته تشعر انها خاسرة و لا تناسب رجل كبير كزوج لها وهي مازالت شابة في الجامعة تذاكر دروسها وليس امرأة كامله، وتليق بادم الذي كسر سن الاربعين .
لذلك اينما كانت تتحرك كان يتحرك معها و يلتصق بذراعها، قضمت شفتيها بمقت تنظر إليه هاتفه بملامح قاتمة
= وبعدين يا آدم مش هطير ولا اهرب يا حبيبي.. ما تبعد شويه خليني حتى اعرف اكل الجاتوه.. ولا شكلك عينك فيه اصلا عشان كده لازق جانبي مش حبا فيا .
أبتسم آدم بهدوء رغم عنه لكن لم يبتعد إنما قرب الطبق منه وجعلها تتناول من يده، وهكذا تصرف بالذكاء حتى لا تلاحظ أمره او تتضايق مني غيرته وتصرفاته الغريبه، غمز إليها بطرف عينه قائلاً بحب
= بس ايه ده.. كريمة بتاكل كريمه.
ضحكت عليه ثم عندما انتهت من تناول الحلوى مطت شفتيها تنظر لاحمر الشفاه الذي تضعه في الحقيبه و اخرجته من حقيبتها لتضع على شفتها، الغضب كان يتصاعد داخله ولكنه كان يهدء هاتفا بإعجاب غير مزيف
= بتعملي ايه بس؟ والله قمر من غير حاجه وبعدين انا كنت بتعمد اكلك فوق شفايفك عشان تمسحيه وانتٍ بتاكلي تقومي تحطي غيره.
تراقص قلبها تخفي ابتسامتها وهي تنظر اليه مستنكره
= وانا اقول ليه بتاكلني والحنيه اللي نزلت مره واحده دي اتاريها ليها سبب مش هتبطل غيرتك دي.
ازدرد ريقه يرمقها بملامح شغوفه فسيكون كاذباً لو قال انه سيتجاهل غيرته بيوم تجاه التي حفرت في أعماق قلبه
= بطلي تحلوي وانا ابطل اغير.
نفضت ذراعه عنها برفق تثير مقته بنظراتها وحركاتها وهي تضحك بشقاوه، نظر حوله على الفور بقلق وضيق شديد يري هل ينظر اليها احد غيره ام لا! لكن لم يعرف إذا يوجد من ينظر عليها ام لا؟ لذلك وجد الحل بان يرحلوا افضل، اجتذبها من خصرها يُحاوطها والحنق يغمره وحاول عدم اظاهره قائلاً رغبة
= ما نيجي بقى نطلع فوق انا دماغي صدعت.. و كمان عشان اعرف استفرد بيكي كويس واكلك بذمه.
❈-❈-❈
في احد الانديه الشهيره، كانت رغد تتفقد صفحة منذر وتشاهد صوره بإعجاب كبير عبر هاتفها لتجد بالصدفة صور له مع زوجته! وهم باوضاع حميميه ظاهرة بينهما وعشق كبير، و ما زاد غضبها اكثر التعليقات التي تدعم لهما بالحياه الدائمه وانهم مناسبين الى بعض، صاحت بانزعاج
=لا بقى البنت دي لزقه! و سحريله فعلا مش معقول!
نظرت إليها لطيفة صديقتها بغرابة وتساءلت
=في ايه مالك؟ ايه اللي مضايقك أوي كده
شعرت بالحقد والغيرة من ضحي وكأن منذر من حقها هي والأخري تفعل تلك الأفعال لتجعلها تغار منها وتلفت الانتباه له نحوها، فقالت بوجه مكفهر
=اللي اسمها ضحى دي مرات منذر اللي بيشتغل معانا في الشركه، ست غريبه كده و بتغير علي جوزها جدآ مني ومتاكده ان هي اللي اقنعته أنه ينزل صورهم على فيسبوك..
شوفي لازقه فيه ازاي؟ قال يعني بتغيظني هي كده.. وشكله كده كان عيد ميلادها
سألتها الأخري بحاجبين معقودين بشكلٍ لافت
=مش فاهمه يعني فين المشكله؟ ما تلزق فيه براحتها ما انتٍ قلتي مراته وبعدين مين قال لك يعني ان هي اللي قالتله ينزل صورهم على صفحته ما يمكن هو وبعدين ما ينزلها براحته ده صفحته وهو حر فيها.
ابتسمت بسخرية وزادت نبرتها قوة وهي تتحدث بغرور وكبرياء
=ما انتٍ اصلك ما تعرفهاش كل ما تشوفني لازم يحصل تصادم بيني وبينها، ست غيوره بطريقه فظيعه و مش عارفه على ايه دي ولا حلوه ولا فيها اي حاجه مميزه.. مش عارفه منذر ده كان عقله فين لما ارتبط بواحده زيها
بصي كده عليها ولا مهتميه بنفسها ولا بجسمها
وملامحها اقل من العادي.
كانت كمن يجلس على مقعد مشتعل بالجمرات بجوارها وهي تتابع صور منذر و زوجته بحقد ظاهر فنظرت لها صديقتها بتعجب وهي تسألها بتوجس
=رغد هو انتٍ كويسه؟
استاءت من سؤالها وهي ما زالت تتفحص صورهما، فصاحت بنقم صريح
=ايه لازمه السؤال ده، انا بكلمك في موضوع ثاني شفتيني اشتكيتلك من حاجه ولا قلت لك تعبانه.. اصلا قبل عيد الميلاد ده بفتره كان واضح انه متضايق وهي السبب على طول
منكده عليه، بس هو السبب على طول بيجري يصالحها ويطلع نفسه اللي غلطان وكده بيخليها تسوا فيها وتفكر نفسها حاجه و المصيبه الأكبر بيقول لك بيحبها طب دي تتحب على ايه… هو في ايه مالك متنحه كده ليه
ارتفع حاجبيها بالاعلي بذهول وصدمه وأجابت بجدية صريحة
=عشان مستغرباكٍ او مصدومه انتٍ مش شايفه نفسك وانتٍ بتتكلمي عنها ايه كم الحقد اللي جواكي ده تجاهها ما تزعليش مني بس انا حاسكٍ مش طبيعيه بجد؟ جربي كده حتى تفكري في كل كلمه انتٍ قلتيها هتخافي على نفسك! مالك ومالهم يا حبيبتي اتنين متجوزين وما لناش دخل بيهم وحشه ولا حلوه بقى ليها ولجوزها، وبعدين في كلام قلتي ما يصحش برده يا رغد انتٍ مالك نازله
سلخ وتنمر في البنت كده ليه على فكره هي جميله مش وحشه مع ان ده مش موضوعنا ولا يخصنا.
نظرت لها من طرف عينها مرددة بتبرم ساخط
=في إيه انتٍ التانيه انا بتكلم على مصلحته واحنا اصدقاء اصلا.. انتٍ فهمتي ايه أنا بتكلم عشان مظهره في الشركه عندنا كمان.. عادي يعني
بدا على وجهها قلقٍ أكبر من حقدها الظاهر ضد زوجه منذر ولما قالته عنها، وألحت بتذمرٍ
= لا مش عادي ولا حاجه كلامك يخوف وانا ابتديت اشك اني في مشاعر ناحيتك تجاه منذر والكلام اللي انتٍ قلتيه على مراته ده من غيرتك عليه! رغد فوقي ده واحد متجوز و بيحب مراته ومش شايفك اصلا وكل الحاجات اللي انتٍ ذكرتيها عنها دي من حقها تغير عليه و تعمل ما بدلها معاه.. لكن انتٍ اللي مش من حقك تقولي عليها كده.
هبت رغد من مكانها واقفة بجمود فلم يعجبها الحديث معها، مرددة بوجوم
= انا ما حدش هيعرفني اقول إيه وما اقولش ده.. رايي وانا حره فيه وانا شايفاها ما تستحقوش وأن منذر يستحق الافضل منها! وانا مش هقعد معاكي تاني ولا هتكلم طالما كلامي بيتفاهم غلط .
❈-❈-❈
لم تتحدث بسمة و معاذ مرة أخرى عن هذا الموضوع منذ الليلة التي صرح فيها لها بكل شيء ولم يعد يجبرها على تلك الأفعال.. و أخبرته بأنها لا تقبل هذه الحياة وأنه يجب أن يعترف بحاجاتها وأن يحاولوا التغيير بهذا الموضوع أيضًا. وهو التزم الصمت معها على الرغم من المشاحنات والأحاسيس الكامنة بينهما.
ومع ذلك، لم يتوقف معاذ عن زيارة أسرته تقريبًا كل يوم. حتى حاول مساعدتهم ماليًا على الرغم من قصوره، ولكنهم رفضوا ذلك تمامًا لأن والده كان يعلم جيدًا أنه يعاني الآن من فكرة العمل وأن يتحمل المسؤولية بعد تلك الفترة الطويلة لذلك، لم يرغب في إضافة عبئ آخر عليه، واكتفى بالشعور بالذنب وهو يدعو له بالحال الصالح وكانت بسمة تذهب معه من حين لآخر، عندما بدأ شاهين يتعامل معها بلطف ولم يلومها على تلك الأمور السابقة، وذلك أزاح بينهما كثيرًا.
بينما في طريقهم للعوده تفاجات بسمه بفتاه تقف امام زوجها، ثم ابتسمت ابتسامة واسعه وهي تردد برقة بالغة
= ازيك يا معاذ عامل ايه عرفت ان انت بقيت تشتغل سواق ولا اللي اسمها اوبرا دي فكنت عاوزاك توصلني يوم الخميس لمشوار مهم.. قلت مش هلاقي احسن منك اطمن وانا معاه.
مسح علي وجهه بتململ يحاول إخفاء ضيقه وامتعاضه ثم رسم ابتسامه باردة و أجاب بلهجته الجافة
= تمام شوفي امتى عاوزه تروحي مشوارك وابقى قوليلي وانا لو فاضي هوصلك.
اتسعت عينا بسمة بذهول وهي تناظر تلك
الشاب الجميلة بضيق، فهزت الفتاة رأسها باعتراض وهي تقول بصوت ناعم
= لا ما تقولش كده ازعل منك لازم اليوم ده تكون فاضي انا بصراحه ما بامنش لاي سواق
وانا واثقه فيك، ومش بعيد بعد كده كل مشاويري انت اللي هتوصلني ليها .. اتفقنا.
زفر حانقًا كي لا يفقد ما تبقى من صبره مع التعامل مع الزبائن بعمله فاجاب بالموافقه، ثم
رحلت أخيرا تلك الشابة، بينما لم تستطع بسمة كتم غيرتها أكثر فقالت متسائلة من بين أسنانها
= هي البنت المايصه دي تعرفك منين؟ ومالها مصره أوي كده ان انت بالذات توصلها مشوارها؟؟ جايبه الثقه دي منين فيك ولا يكونش في سابق معرفه بينكم وانا ما اعرفش
هز رأسه بعدم مبالاة وهو يقول بصوت هادئ
= ولا اعرفها ولا نيله امها كانت جارتنا زمان مش اكتر..وبعدين ما كانت قدامك ما سالتهاش ليه مصممة اوصلها، ما جايز فعلا تكون خايفه حد غريب يوصلها والايام دي الدنيا ما بقتش امان فعلا.
توقفت خطوه وقد انفلتت أعصابها فقابلت وجهه بغضب لتهدر فيه آمرة
= ده على اساس انها كانت شايفاني وعلى عامله ليا اعتبار بقول لك ايه البت دي ولا ليكٍ علاقه بيها ولا هتوصلها تغور الفلوس من وشها مش من قله الزباين يعني!
ابتسم لها زوجها ابتسامته الخلابة يناغشها
= خلاص يا حبيبتي سيطري على غيرتك شويه احنا في الشارع، وبعدين خلي عندك ثقه فيا و بنفسك مين دي اللي ابصلها بس وأنتٍ جنبي .. ده كفايه عليا جنانك.
احمرت عيناها وقلبها يدق بقوة غضبًا من تلك الفتاة الشابة التي كانت تحاول مغازلة زوجها بشكل غير صريح، فردت بحنق متقد بالغضب
= نعم انا اغير من السلعوه دي؟؟ دي كلها سيليكون يا بابا و المكياج اللي هي حاطه مداري بلاوي.. هي فيها بس غير صوت مسرسع ومايص زيها.
انفجر معاذ ضاحكًا من غيرة زوجته المفضوحة عليه وطريقتها، فجزت علي أسنانها وهي تقول بنبرة حادة
= امشي وانت ساكت وما تضحكش! قال أغير قال
في الاعلي بعد وقت لاحق، خرج معاذ من المرحاض ليجد زوجته بتلك الهيئة الفاتنة التي خطفت أنفاسه، رمى المنشفة على الفراش ثم اقترب يجلس بعيد بهدوء زائف و عيناه تجول عليها يراقبها عن بعد وهي أيضًا بل وتتعمد أن تسترعي انتباهه بحركاتها الملهبة له بدلال، و هو رغم أنه لا يكف عن التهام كل تفصيله من تفاصيلها إلا أنه لا يجرؤ أن يفصح ذلك… فيخشى أن ترفضه بطريقة غير مباشرة او تلمح بان العلاقه ستتم كما تريد باحتياجها أيضاً.
اقتربت منه هي حتى أصبحت أمامه مُباشرةً
وتغنجت بكتفها لترمي شعرها الطويل على ظهرها للخلف وهي تردد بدلع مثير
= احلى حاجه امك عملتها النهارده انها خلت مالك يبات عندهم.
هز رأسه علي الفور بقلق منها وهو يسخر هاتفا بتهكم
= اه ما انا خدت بالي انتٍ اما صدقتي مسكتي في الكلمه وسبتيه عندها، مع انك ما كنتيش طايقاها ولا راضيه تعملي حاجه هناك.. لكن
اول ما قالتلك خلي مالك؟ الحب نزل مره واحده وقلتلها خليه ما هو مش هيبات عند حد غريب برده، لكن انا فهمتها على طول انتٍ ناويه على حاجه مش كده؟ عاوزه تستفردي بيا؟؟.
أحاطت بعنقه بدلال وهو أحاط خصرها ضاممًا إياها لصدره بقوة بتلقائيه وهو يسمعها تمزح
= صح ناويه استفرد بيك.. وهسقيك حاجه اصفره واتغرغر بيك.
حادت بنظراتها فجاه لتقبض علي تلابيب قميصة وأطبقت عليه بقوة وهي تضيف بسخط وغيرة
= ولا هو حلو بس للهانم اللي تحت تتدلع و تتمايص عليك وتتفرج على الصور اياها؟؟؟ وهتيجي لحد عندي وحرام !؟.
تطالع فيها بأعين متسعة فقرّبت وجهها منه دافنة إياه في عنقه تشتم عطره بتلذذ، تعجب من فعلتها وتحولها الغريبة تلك، قبل أن يتسائل بريبة
= في ايه انتٍ تتحولي فجاه كده ليه؟ ذي بتوع لحوم البشر انتٍ ناويه تاكليني ولا إيه!!
ما تهدي شفتني قربتلها ما هي اللي لازقه! وبعدين انتٍ هتعايريني ولا ايه كمان.
هدد ملامحها وتحولت مره أخرى وأحاطت عنقه بذراعها ثم همست بنعومة
= اعيرك بس ايه، يا روحي احنا ستر وغطاء على بعض، بس ما تحرقش دمي ولخص في حوارك عشان انت فاهم انا عاوزه ايه
تعبيراته امتلأت بالرهبة وهو يتساءل بصوت مرتجف
= وإيه اللي فتح عنيك عليا النهاردة ؟! ما انتٍ بقيلك كام يوم مكبره دماغك مني.. صحيح ما بعدتيش أوي ولسه بتهتمي بيا لكن في المساله دي بالذات بعدتي
طبعت بسمة قبله عميقة على ذقنه القريب من وجهها لتهمس بكلمات عميقة لروحه
= انا عمري ما بعت لكن كنت محتاجه وقت أفكر ولقيت أن الناس كلها أخطاء! فليه انا اقف على الواحده طالما بايدي اغير ؟!.
هز رأسه بالايجاب وهو يقول بصوت حزين
= صح كلنا اخطاء لكن في إللي بيدروها
أخفضت يدها لوجهه بأصابعها الناعمة كنعومة الحرير وهي ترد بصوت جاد
= مبيدرهاش غير الضعيف يا معاذ؟ وانا وانت اعترفنا عشان كده مش ضعفاً .
عقد حاجيبة باستغراب وهو يقول بشرود
= يعني أنا كده مش ضعيف؟! ولا كنت بداري غلطتي.
نفت برأسها وهي تقول بإصرار جاد
= كنت! بتداري ايام ما كنت ضعيف.. إنما دلوقتي بقيت كل حاجه على المكشوف، يبقى نصلح الخطأ ده.. ونقرب!!.
ليتابع تحديقه الشارد في الفراغ مفكرًا بتأنٍ في اقتراحها ربما حقًا الحل معها، و بتردد وضعت يدها على كتفه فسمح لها أن تربت عليه وتمنحه الدعم مستشعرا الدفء يسرى بجسده من ملامستها وكأنها تطرد الأحمال المثقلة بالأوزار التي تسللت إلى أعماقه فجأة.. وقد كان وبدأ في الاستسلام الى مطلبها ولاول مره ينفذ لها احتياجها في العلاقه الزوجيه.
في البداية شعر بجسده يتصلب، و لاحت أمام عينيه خيالات متقطعة لتلك السيدة عندما كانت تتحدث معه بذلك الإغراء و بخيالات أخرى من ذهابه الى تلك الاماكن ورؤيه ما يفعلون مع اصدقائه بكل جرأة.. أغمض عيناه بشدة ودون سابق إنذار كان يجتاحها بعاطفة بعنف وهي تبادله عشقه العاصف بجنون مماثل
فلم تغلق الانوار.. أو تكتم تأوهاتها وتصمت عن كلامها كما كان يأمرها سابقا.. او تخلع ملابسها في الظلام أو ترتدي شيء حشم بتلك الاوقات بالأخص، فصراحه كل شيء كان يرفضه سابق فعلته اليوم .
لكن الغريب أنها كانت تصر تفعل ذلك بثبات واراده كبير من داخلها؟ رغم ذلك الشعور كان علي العكس تماماً من قبل! لكن ربما ذلك يحدث بسبب عوده معاذ إليها من جديد وأمر عمله المفاجاه! وذلك جعلها تستغني عن الإعجاب بالآخرين والامر الذي كانت تشمئز من نفسها كلما شعرت به.. لكن الآن اكتفت بالتطلع بزوجها أخيراً دون النظر إلي الآخرين وتبحث عن ماذا ينقصها في زوجها بهم.
ضمها إليه محاصرًا إياها بذراعيه وقبل جبهتها في محاولة منه ليثبت لها أنه يشعر بكل العواطف التي سكنته، لكن جاء ما يعكر صفوه و بدأت تظهر بعقله أطياف مشاهد لتلك الفاشحه وأصدقاءه، وتلك النقطه التي كانت تثير تقززه وبنفس الوقت تحرك غرائزه كذكر ليتمنى أن ينالها.. لكن كما اقتربت بسمة و فعلت شيء مقارب للماضي يشعر بالصعوبة في الاستمرار رغم مقاومته وسرعان ما نهض بخطوات مسرعه تجاهها المرحاض ليفرغ ما بجوفه وهو يشعر بالاشمئزاز والقرف .
غسل وجهه جيد قبل خروجه ليراها تقف امامه في انتظاره بقلق، تحرك بارهاق واحراج لكنها اندفعت نحوه تتوسل له برجاء ورقة
= معاذ انت رايح فين استنى ارجوك.
اضطربت ملامحه وأغمض عينيه هاتفا بارهارق
= بسمة حاسس بالقرف من نفسي.. أرجوكِ ما تضغطيش عليا، لو قربت اللي حصل هيتكرر تاني؟ مش عاوز اخلي مراتي تحس اني بتصرف معاها زي فتيات الليل
اقترب منه دون أن تحيد بعينيها عنه وامسكت بيده بحنان ودعم هادرة برقة ونعومة
= احنا لسه في البدايه طبيعي يحصل كده! وانا عارفه ان ده هيحصل ومش زعلانه لان بقيت افهم دلوقتي اسبابه؟ بس في نفس الوقت ده بيعتمد عليك لازم تغير مفاهيمك
وتدخل جوه عقلك ان انا حلالك مش واحده من اللي كنت تعرفها زمان.
حدق فيها بذهول مرفرف بعينيه كأنه يتأكد
من قولها، والذي يجعل قلبه يخفق بجنون داخل أضلعه لكن سرعان ما تحولت ملامحه ومالت للصدمة والجدية
= افهم من كده انك عاوزه ده يتكرر بينا تاني وما حسيتيش بالقرف مني .
أخذ الأمر منها لحظات قبل أن تقول بصوت أجش عميق وهي تضع عينيها في عينيه مباشرة
= ايوه طبعا وعمري ما هشمئز من جوزي، معاذ انت لازم تقوم وتحارب وانا هفضل معاك..
عشان ما ينفعش تنجذب للحرام! وتقرف من الحلال .
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع! في الطريق وقف منذر امام محطه وقود لاملاء السياره بنزين، بينما كان هناك شخص يمر جانبه منحه نظرة سريعة من عينيه قبل أن يشتت نظراته عنه لكن بسرعه حدق فيه مجددًا، وتقدم منه يهتف بابتسامة واسعه
=ازيك يا منذر تصدق ما عرفتكش شكلك اتغير خالص انت مش فاكرني ولا ايه؟ انا جارك يوسف.. السيده زينب.!!
نفخ بإنزعاج من تكرر المقابلات بتلك الفتره
مع اشخاص من الماضي، لكنه ابتسم بمجامله و رحب بمقابلته الخاطفة باختصار، ثم فرك مقدمة رأسه قائلاً باقتضاب
=اه طبعا فاكرك وفاكر كل اهل السيده زينب فرصه سعيده، معلش مضطر بس استاذن عشان عندي شغل ومستعجل
هز رأسه بالايجاب بتفهم ثم تذكر شئ وأسرع يقول بغموضٍ زاد من اندهاش الآخر
=براحتك اتفضل بس يا ريت تسلملي على سيد الوالد انا زعلت والله لما عرفت اللي حصل، أصل انا بقيلي فتره مش بنزل السيده زينب ونقلت هنا.. اخبار رجله دلوقتي ايه في امل انه ممكن يرجع يمشي تاني!!.
تجمد منذر مكانه بذهول وهو يرد بحذر
= آآ لا مش فاهم تقصد ايه؟! ورجله مالها.
عقد الآخر حاجيبة باستغراب وأجابه بتلهف
=هو انت معقول ما تعرفش اللي حصل للحج شاهين والدك؟ كنت سمعت أنه عمل حادثه و أثرت على رجله وهو دلوقتي قاعد على كرسي عجل مش بيتحرك !!.
حاول منذر إستيعاب ما قيل له للتو، وهو ينظر له بعينين جاحظتين بصدمة من هول ما سمعه .
❈-❈-❈
بدأت تتدهور صحه ديمه الى حد ما فجاه دون مقدمات ولا تعرف السبب، وكانت الخادمه و زوجها يلاحظون ذلك باستمرار عليها، فاقترب منها آدم وهو يتحدث بتصميم
= قومي البسي هنروح مشوار! أنا حجزتلك عند دكتورة.. عايز افهم فيكي أيه!!
أردفت ديمة برجاء بوهن وحزن
= مافيش داعي! دلوقتي اشرب حاجه سخنه وابقى كويسه
هز رأسه برفض وهو يقول بإصرار جاد
= ديمه مش عاوز كلام كثير يلا قومي! ما انتٍ بقيلك اسبوع بتعملي كده وما فيش حاجه اتغيرت ولسه تعبانه يلا وبلاش كسل.
صمتت برهة تستجمع الكلمات بذهنها، ثم تفوهت بتوجس وقلق
= ماشي، بس يا رب ما يطلعش اللي في بالي صح! عشان دي نفس اعراض الحمل اللي كانت بتحصلي مع اني منتظمه على ميعاد البرشام وانت بتديه لي بنفسك أوقات.
نظر آدم نحوها مطولاً بصمت وبعدها اخذها بالفعل وذهب الى الطبيبة التي عاتبتها بشده
بعد الكشف متحدثة
= هو انا مش حذرتك ان الموضوع لو تكرر في خطر على حياتك، هو انتٍ ليه ما بتسمعيش الكلام يا ديمه للدرجه دي مش خايفه على صحتك .
ابتلعت ريقها بخوف، وهي تقول بنبرة يأس
= حامل مش كده زي ما توقعت! والله يا دكتوره منتظمه على الادويه بس مش عارفه اخذ ايه تاني عشان ما احملش .
بينما صدمة وسعاده ملئت قلب آدم وهو يردد مبتسماً
= بجد حامل!
تنهدت الدكتورة بضيق شديد وهي تقول بجدية
= ما هو مش معقول ورا بعض كده وما فيش راحه ليكي ولا لجسمك، عشان تكونوا على نور من البدايه الحمل المرادي هيكون في خطوره عليكي.. ولازم راحه وانتظام في الادويه والتحاليل اللي هطلبها منك.
تغيرت تعبيراته بفرحه إلى أخرى متعجبة ثم نهض غاضب وهو يصيح بحدة
= ما تفهموني بتتكلموا علي إيه انتوا الاتنين
وخطوره إيه اللي على صحتها وانتٍ حذرتيها
بايه
أخفضت ديمة عينيها بحرج فهي لم تخبر زوجها حتى لا يقلق عليها وكانت تظن بانها ستكتفي بطفلين ولم تنجب مره اخرى من الأساس لذلك وجدت ان لا داعي ان تخبره، هتفت الدكتورة بصوت جاد
= هو حضرتك ما تعرفش؟ الحمل الاخير انا حذرت مراتك ان الرحم عندها حصل مشاكل ومضاعفات وقالتها لو حصل حمل ثالث خلال فتره قصيره من غير ما يمر ثلاث سنين او اربعه على الاقل هيكون في خطر على حياتها.
دمعت عيناها بألم وهي تعترف بندم
= سامحني يا آدم انا ما رضيتش اقول لك عشان ما تقلقش ولا تشغل بالك عليا، بس ما توقعتش ان ممكن احمل تالت مع اني كنت واخدي كل احتياطاتي بس اهو حصل في النهايه برده.
اتسعت عينا آدم بعدم تصديق والضغط بلغ داخله ذروته والأمور حوله ازدادت سوء خلال لحظات، صدم و قلق وخاف بعد ذلك الكلام الذي لم يكن يعرفه..
وسرعان ما شعر بإحساس بالذنب تجاه زوجته
فكانت تخفي امر تعبها حتى لا يشغل باله و يقلق عليها بينما هو على الجانب الاخر كان يجعلها تحمل متعمداً ويبدل حبوب منع الحمل بفيتامينات حتى يربطها به، كلما زاد الخوف داخله من ان تتركه باي لحظه، و دخل في عقله بأن تلك الطريقة الوحيدة التي ستربطهم ببعض مجبره، مهما حدث وصار؟؟ وبالنهايه وصل الى انه كان يخطط لاذاها وموتها الذي ربما يحدث باي لحظه بسبب خطوره الحمل عليها.
❈-❈-❈
وفي نفس التوقيت، أدمعت عينا ضحي بإرهاق وهي تراقب تلك العلامات الحمراء التي ارتسمت فوق شريط (اختبار الحمل) الذي حملته بوهن، لقد باتت على يقين بأنها حامل من جديد لكن.. الأمر صعب عليها رغم فرحتها بحملها الجديد الذي حدث هذه المره دون مجهود وعمليات، إلا أن منذر اخبرها اكثر من مره بأنه لا يريد اطفال مجددا؟ لكن الأمر حدث رغم عنها حقا.
عضت شفتاها بتوتر لتزفر بتعب، تفكر عندما
ستخبره ماذا سيفعل هل سيصدق بان الأمر حدث دون ارادتها ام لا؟ فيخيفها قليلاً، فماذا ستكون ردة فعله بعد أن اتفق معها عقب إنجابها لـ اوليندا، بأنها ستتوجه إلى موانع الحمل حتي ينضج طفل آخر ويكتفون بطفل واحد.. حتى لا يعيد مأساته مع أولاده.
جلست فوق الفراش وبكت بقهر دافنة وجهها في ساعدها، ظلت على تلك الوضعية لبرهة يائسة من إيجاد ما يثلج صدرها الملتاع.. حتي دخلت والدتها وهي تسألها بدهشة وخوف ماذا بها، رفعت ملامحها وهي تقول بنبرة حزينة
=مصيبه يا ماما مش عارفه حصلت ازاي وامتى بس.
انزعجت والدتها من قولها ورددت قائله بتوجس
=مصيبه إيه؟ بعد الشر ما تفهميني مالك هو انتم محسودين يا بنتي ما بتعرفيش تقعدوا شويه من غير مشاكل.. ايه اللي حصل تاني مش كان ربنا هديكم واتصالحتوا.
قلبها كان يخفق بقوة من الخوف، ثم أبتلعت ريقها برهبة و أجابت بتوجس و توتر
=انا حامل! شفتي الخيبه كنت بتمنى ده يحصل من قبل ما ادخل بمواضيع العمليات واتعب جي يحصل دلوقتي و منذر محذرني اكتر من مره ان ما فيش اطفال تاني .
وضعت يدها على ذراعها لتربت عليه وهي تهتف بدهشة رغم ابتسامتها العريضة بفرحه
=يا بنتي استغفر ربنا حرام تقولي كده، بقي ربنا يرزقكم وانتٍ تزعلي برده لا طبعا اكيد هيفرح.. مهما كان برده وهينسى اي حاجه
وضعت يدها على وجنتيها لتمسح عبراتها ، وواصلت أنينها الخافت وهي ترد باختناق
=لا يا ماما صدقيني هيزعل ده لسه من قريب كنت اتكلمت بالموضوع تاني وحذرني وقالي مفيش اطفال تاني وآخر الكلام ممكن افكر في الموضوع ده مجرد تفكير بس بعد اقل حاجه ثلاث سنين ولا خمسه، وانا كنت فاهمه انه بياخدني علي قد عقلي وهو مش عاوز اطفال تاني.. يا ترى لما يعرف دلوقتي هيعمل ايه ده مش بعيد يفكرني قاصده
أحاطتها أمها من كتفيها بذراعيها ثم عبثت في خصلات شعرها وهي تبتسم لها تطمنها قائله
=طب اهدي وتعالي نفكر بالعقل، هو عارف ان عمر ما هيحصل حمل الا لما تعملي عمليه، يعني 100% غصب عنك حصل وانتٍ ما لكيش ذنب ايه بقى هيعترض على حكمه ربنا
تطلعت فيها بنظرات مترددة وضرب قلبها شعور مخيف من رده فعله وهي تقول بتوجس
=ماهو منذر قالي عشان ناخد احتياطاتنا اكثر خدي فعلا موانع حمل! بس انا كبرت دماغي و خوفت الموضوع ده يأثر على حملي الجاي اكثر على امل يعني انه يرضى في يوم بس ما توقعتش يحصل بدري كده… ولا اتوقعت احمل تاني من غير عمليه.. عرفتي ليه بقول لك بقى خايفه من رده فعله وانه مش هيصدقني انه حصل غصب عني.
مررت أنظارها على وجهها الحزين ببطء وهتفت بقلق شديد
=يا بنتي هو انتٍ هتقلقيني ليه طب ممكن انا اقول له وافهمه اللي حصل، ممكن لما الموضوع يجي مني ما يزعلش ويصدق ان انتٍ ما كنتيش قاصده.. وبعدين هو مكبر الموضوع ليه كده؟ مع ان اي واحد زيه هيفرح أن حواليه اولاد كثير وعزوه
وضعت يدها على عنقها، وقـامت بفركه بحركة متكررة واستدارت إليها برفض قائلة بإرهاق
=لا لا اوعي تعملي كده يا ماما لازم الموضوع يجي مني بقى وخلاص بس مش دلوقتي خالص! سيبيني الأول افكر همهدله ازاي؟ اصلك ما تعرفيش الموضوع ده ماثر على نفسيته قد ايه و عامل له عقده، كله بسبب اهله الله يسامحهم خلوه حاطط في دماغه أن لو جاب ولاد ثاني هيفرق بينهم وهنكون نسخه من شاهين ومايسه.. ربنا يسترها بقي من اللي جي ويصدقني !!.
** ** **
_________________
في المساء، أعدت ضحي طعامه المفضل و ارتدت فستانًا أحمرًا جذابًا للغاية وجلست تنتظره لتخبره بأمر حملها، على الرغم من قلقها من رد فعله، لكنها قررت أنه يجب عليه أن يعرف وبالتأكيد سيصدق أنها لم تكن تقصد فعل ذلك، أعدت علبة على شكل هدايا و وضعت فيها قطعة من ملابس الأطفال واختبار الحمل.
مر وقت طويل ولم يعود حتى أنها فقدت الأمل في عودته، حتى عندما حاولت الاتصال به وجدت الهاتف مغلقًا! تنهدت ضحي طويلاً ونهضت لتحمل الطعام وتنزل به إلى المطبخ وفي هذه الأثناء، فتح منذر الباب وسمع صوت موسيقاه ليتحرك ليغلقها بهدوء، ثم جلس على أقرب مقعد بوضوح عليه التعب
وضعت الطعام في مكانه بسرعة وتحركت نحوه، شعرت أن هناك خطبًا ما به، رفعت حاجبها وسألته والقلق ينهش قلبها
= مالك يا حبيبي في ايه انت كويس ؟
تطلع فيها بأعين مرتبكه و أضطر أن يقص عليها ما حدث مؤخرًا وعلم به، شعر بغصة في قلبه وهو يجيب عليها بحالة لا يرثي لها
= عرفت ان أبويا بقي عاجز بسبب الحادثه اللي عملها لما كان بيجري ورايا عشان يلحقني! أنا السبب يا ضحى لو كنت وقفت ما كانش كل ده حصل؟ بقي قعيد وقاعد على كرسي و رجله مش بتتحرك .
صمتت ضحي تفكر بما ستجبه وفي لحظة
صمتها القصير كسرته وهي تتسائل بريبة وحاولت عدم إظهار معرفتها من قبل
=وانت عرفت منين حاجه زي كده
لفظ الهواء ببطءٍ من صدره ليقول لها بصوت مخنوق
=واحد شافني كان يعرفني ايام ما كنا جيران فكرني كنت اعرف! قالي ايه اخباره، ما عرفتش ارد وقلتله انت تقصد إيه وهو ماله ؟؟ عرفت بالصدفه اللي حصله منه ومن ساعتها مش قادر استوعب.. انا ما كنتش عاوز اقابل حد منهم ما انا كنت في حالي رجعوا تاني دخلوا حياتي ليه؟؟ قلت له انا ما اعرفكش وما لكش دعوه بيا لكن هو اللي جري ورايا وحصل اللي حصل.
شعرت بغصة علقت في حلقها و قلبها يخفق بقوة من كلماته و نظرته التي تمنت أن يقتلع قلبها بيده و لا يكون هكذا هتفت بقوه واهيه
=منذر ما تعملش في نفسك كده واهدى يا حبيبي ده نصيبه و ده كان هيحصل سواء وقفت كلمته ولا مشيت! انت ما لكش ذنب وما تحملش نفسك فوق طاقتك.. واديك قلت بنفسك انت ما كنتش عاوز تقابله ولا تكلمه و هو اللي صمم وجري وراك وما خدش باله من الطريق ومش بعيد تكون غلطه كمان السواق و ما كانش منتبه؟ فانت سايب كل ده ومصمم تضغط على نفسك وتحمل نفسك ذنب مش ذنبك ليه.
زفر بضيق وفاض الأمر به صائحا بصوت مقهور
= عشان رغم كل اللي عمله وانا مش عاوز الاذيه لحد، لو كان في دماغي ااذيهم كنت عملت كده من زمان لكن انا اخترت أبعد.. ويا ريتهم حتى راحمني، كان ممكن يموت لقدر الله بسببي ولا حاجه مش كده
بدا على وجهها الناعم قلقٍ أكبر من حالته، و اردفت وهي تضم وجهه بين قبضتيها لتنظر إلى عينيه الشارده
= برده ما كانتش هتبقى غلطتك بس الحمد لله هو كويس وعايش الموضوع يعني متوقف على رجله، وغلطته هو أو غلطه السواق بس مش انت..
حدقها بذات النظرة التي رمقها بها في البداية عندما علم باصابه والده، ثم تحدث بآلم ينهش روحه
=انا تعبان يا ضحى مش عارف اعمل ايه؟ انا عارف انه غلط معايا كتير وانا مش هقدر اسامح ولا هسامحه، بس برده انا مش مؤذي زيهم! انا مش عاوز ابقى كده! مش عاوز ابقى نسخه منهم .
هزت رأسها وهي تردف باعتراضٍ حذر
=ومين قال لك ان انت كده نسخه منهم، منذر بطل تضغط على نفسك، انت قابلته بالصدفه وقلتله يبعد عنك وهو اللي صمم يجري وراك ما بصش قدامه ولا انتبه لنفسه.. ده قدره ومحدش بيقدر يغيره! وما ينفعش كمان نعترض عليه
أبتلعت لعابها بتوجس و توتر ثم أضافت بتردد
=هو انت فكرت تروح تشوفه او تطمن عليه وكده.
صمت لحظة واطرق رأسه حزناً ثم أجاب
بمراره
= لا و مش عاوز! قولي عليا بقى اناني ما عنديش دم ولا رحمه أي حاجة لكن مش قادر اشوف حد فيهم مهما يحصل.
تلتفت نحوه وتحدثت ببساطة دون اعتراض
= ماشي براحتك اعمل اللي يريحك، اكيد هاجيلك وقت وهتحس انك عاوز تعمل كده لكن طالما مش حاسس بالاحساس ده دلوقتي يبقى خلاص مش بالعافيه تغصب على نفسك تعمل حاجه مش عاوزها.
أحاط خصرها بیداه وسحبها بخفة لأحضانه
ثم إبتعد عنها قَليلاً يُحدق في عينيها الناعسة
متمتماً بصوتاً مسموع
= هو انا كده كويس يا ضحى ولا اتغيرت فعلا
أجابت مبتسمة بجدية وهي تشعر به من حزن و هم فوق رأسه
= كويس جدآ، احسن راجـل شوفته في حياتي بعد بابا واحلي نعمه في الدنيا هي وجودك .. طب أقولك حاجة ومتقولش عليا عبيطه ساعات لما بابا بيوحشني بقعد اتفرج عليك و انت بتتعامل مع اوليندا و بشوف فيك نفس الحنية نفس الطبطبة حتى نرفرْتك زي ابويا بالضبط.. عشان كده ما حستش بفراغ كبير بعد موته عشان انت مليته
أقتربت منه أكثر ودنات بشفتيها نحو خده وطبعت عليه قُبلة ناعمة ثم تابعت حديثها
بحنان يحتاجه
= مين بس اللي يقدر يقول عليك غير كده؟ ناس تعرفيهم! يمكن لكن ما حدش فكر يعرفك كويس يبقي ليه ده يضـايقك أو يأثر فيك، أنت بالنسبالي حاجه كبيره اوي يا منذر.. لو كنت لقيت حنيه منهم في يوم ما كنتش زمانك بعت ولا هم حصل لهم كده.. محدش عارف يمكن اللي هم فيه ده ذنب بيخلصوا
إرتفعت زاوية فمه بأبتسامة عاشقة وهمس هائِماً بتفاصيلها
=والله انتٍ اللي مصبرني على انا فيا ياضحى مش عارف لو ما كنتيش في حياتي كنت
عديت ازاي ده كله، ما كنتش فاكر ان عطا ربنا هيكرمني كثير أوي كده، سواء انتٍ ولا بنتي.. انتم جيتوا للدنيا عشان ربنا يكرمني عن عمري اللي راح
نظر إلى الغرفة ولاحظ الفوضى التي بها، و شعرت بأنه يكاد أن يتحدث لكنها قاطعته و أخبرته أنه يجب أن يرتاح وينام الآن ولا يفكر في أي شيء وبالنسبة لموضوع حملها، وجدت أن الوقت غير مناسب على الإطلاق.. علمت أنه سيغضب عندما يعلم بالأمر، لذا كان من الصعب أن تخبره الآن ويكفي ما هو به.
استند عليها بصعوبة وتحملت وزن جسده على ضعف جسمها وبهدوء توجهت نحو الفراش ومددت جسده عليه وساعدته في خلع جزمته وغطته كادت ترحل، لكنه بسرعة أمسك بيدها وهتف برجاء وضعف وهو يحدق بها شبه مغلق العينين
= ضحي تعالي نامي جنبي.. خديني في حضنك زي زمان.. محتاجلك بجد أوي.
ابتسمت بهدوء واستسلمت لطلبه بكل تأكيد
نائم بعدها فارداً ذراعيه كطائر وثوان حتى أصبحت ضحي ملتصقة به، تحتضن جسده البارد وأراح هو رأسه على صدرها فأخذت تمرر يدها على شعره المبعثر بأرياحية، ولم تستيقظ الا بالصباح على صوته وهو يتحدث بالهاتف مع شخص ما، نهضت بخطوات بطيئه وتحركت تجاهه وهي تقول بنبرة خافته
= صباح الخير صحيت امتى
إبتسم يجذبها مِن خصرُها لتجلس على ساقه
تَلف ذِراعاها على عنقه حدق بها لثوان قبل أن
يخاطبها مُدعياً الندم
= صباح النور، خدت بالي متأخر من اللي انتٍ كنتي عاملاه في الاوضه امبارح؟ بس الوقت ما كانش مناسب بقى وانا بوظتلك كل حاجه .
حركت رأسها بعدم إهتمام ثم سألته بنبرة
حائرة
= مش مهم يبقى نعوضها بعدين هو انا كنت سامعاك بتتكلم مع حد عن حفله ايه دي؟!.
زم شفتاه مُفكِراً ثُم إذ به يقترب منها واضعاً
رأسه مابين عنقها و كتفها رسم قبلة هناك
مجيباً أياها بصوتاً مرهق
= صح عندنا حفله قريب، جهزي نفسك بقى من دلوقتي عشان نويت اخدك معايا زي ما وعدتك المره اللي فاتت.. وبالمره نقضي وقت لطيف مع بعض ونتجاهل بقى اللي حصل.
❈-❈-❈
منذ خبر حمل ديمة وادم حبيس في غرفته يشعر بالحزن والذنب الشديد لم يكن يعرف بأنها إذا حملت للمره الثالثه سيكون هناك خطر على حياتها، فهي لم تخبره صحيح لكنه يحمل نفسه الذنب فهو لم يفكر في حياتها الصحيه عند إنجابها اكثر من مره في وقت قصير! بينما انتبه فقط على غيرته وحبه الشديد إليها و الذي اوقعه في ذلك المازق والذنب!
فكل ما كان يفكر فيه بذلك الوقت وهو يبدل حبايه الحمل باخرى! ان تشعر بالندم من فكره زواجها بشخص مثله يكبرها بسنوات عديده
حيث لم يتحمل أقوال الآخرين حولهم فكلما يروهم يعتقدون بانها ابنته! بالاضافه الى ابن عمه الذي أدخل ذلك الحديث في عقله عندما اخبره بأنها ستأتي وقت وتندم وترحل وتاخذ اطفالها معها وتحرموا منهم، مثل ما فعلت غيرها ! فكل ذلك جعله يتصرف بتهور واندفاع دون التفكير بالعواقب.
وكلما حاولت إقناع نفسه بالتخلي عن تلك الأفكار وأنها تحبه ولم تتركه، يشعر أنه يفقد جزءًا من روحه فماذا سيحدث بعد ذلك؟ كيف ستكون حياته إذا حدث لها شيء خطير عند ولادتها؟ كيف سيعيش بدونها؟ كيف سيسامح نفسه؟ ما ذنب ابنيه الصغيرين اللذين حُرِما من وجود أمهما في هذا العمر؟ الأمر صعب حقًا، لذلك قرر تجاهلها والاختفاء من أمامها.
في حين كانت ديمة تشاهد حزنه، تعتقد أن ذلك يرجع إلى خوفه الشديد عليها من أي مكروه قد يصيبها ولم تكن تعرف ماذا تفعل لتواسي نفسها أو تواسيه. بدأت تشعر بالذنب وأنها ارتكبت خطأً عندما لم تكن حذرة بما يكفي وبدأت تلوم نفسها بأنها شخص مهمل وغير واعٍ.
وفي تلك الأثناء، كانت تقوم بشراء بعض البقالة الضرورية للمنزل مع أطفالها، حيث كانت المساعدة في إجازة وعند عودتها، فوجئت بمكالمة واردة من أختها رانيا، لكنها أغلقت الخط ولم تجب لم تكن قادرة على التحدث معها في تلك الحالة وكانت متأكدة أنها ستخبرها عن الانفصال من آدم وتركها، كما هي معتادة منها، لذا لم تهتم كثيرًا بالأمر.
دخلت المنزل بهدوء أدخلت اطفالها بالاول في غرفتهم وبعد ذلك ذهبت تجاه المطبخ! لكنها تجمدت مكانها فجاه وهي تستمع صوت زوجها وهو يتحدث بالهاتف مع شخص بصوت عالي
قائلاً
= تعرف تسيبني في حالي يا حسين عشان انا مش طايقك انت بالذات! فضلت تزن عليا و تقولي هتسيبني زي بنتي وهتاخد العيال معاها وخليتني اصدق كلامك واللي شفته حواليا اكدلي ده لحد ما كنت معمي على اللي بعمله فيها وخليتها تحمل مرتين بقصد! وكنت ببدل حبوب الحمل بفيتامينات من غير ما تحس في الوقت اللي انا عاوزها تحمل فيه لما احس بالضعف وانها ممكن تمشي وتسيبني فعلا.
شهقت ديمة بعدم تصديق بينما أضاف زوجها بصوت أعنف
= لو تعرف تقطع علاقتك يبقى احسن وخير ما عملت بسببك ممكن مراتي تموت انا مش مسامحك ولا مسامح نفسي! مش فاهم كنت بتدخل في دماغي الكلام ده ليه كل ده عشان منظرك ومظهر العيله يا أخي ملعون ابوهم كلهم، اقفل بقى وابعد عني وريحني هو حد منكم كان حاسس بيا زمان وانا كنت مرمي هنا زي الكلب، دلوقتي بس افتكروا ان ليكوا حد من عيلتكم تسالوا عليه.
اغلقت الهاتف ثم التفت وصدم من وجودها، ابتلع ريقه بتوجس كببر مُقترباً منها يسألها بتوتر
=انتٍ جيتي يا حبيبتي.
تعلقت عيناها به عندما التفت وكل جسدها يرتجف ونحيبها اخذ يعلو شيئاً فشئ.. وهي لا تصدق الانسان الوحيد الذي احبته بصدق يطعنها بتلك الطريقه ولم يكن يصدق حبها ولا واثق بها! بكت وعاتبت إياه قائلة
= انت فعلا عملت كده؟ يعني انا كنت حاسه بالذنب وان انا ست مهمله مش عارفه اظبط حته حاجه بسيطه زي كده وهتكون السبب في دمار نفسي وعلاقتنا في الآخر تطلعي انت اللي عامل كل ده ومتعمد؟! طب ليه؟
لم ينفي ولم يؤكد عبارتها إنما ظلت نظراته عالقة بها لا يُصدق وجودها الان أمام عينيه وأنها سمعت مكالمته مع ابن عمه وعلمت الحقيقه الكبرى، حاوطها من ذراعيها وشعر بالقلق والتوتر وهو يقول
=ديمة اهدي وافهمي الموضوع مش زي ما انتٍ فاكره .
سقطت دموعها بقهر قتل فؤادها وهي لا تستوعب الأمر، ثم أزاحت قبضتيه عنها صارخة بعصبية
=انت لسه هتكدب ما كفايه، انا كنت عايشه مع مين؟ ده انا عملت كل حاجه عشانك اهلي قطعتهم و وقفت قصادهم واخترتك انت! رفضتني في الاول وصممت برده احاول معاك عشان ترضى تبصلي! شكوك المريضه اللي بدات تظهر الفتره الاخيره كنت بحاول اتفاداها وكل ما تقولي حاجه اقول حاضر وماشي! بلاش تصاحبي دول ماشي! بلاش تروحي الجامعه و روحي على الامتحانات بس ماشي! ما تكلميش ده ما تلبسيش ده خلينا نبقى لوحدنا ونبعد عن الناس! وكل اوامرك كنت بعملها رغم اني مش بلاقي مبرر ولا بقتنع
لكن عملت كل ده عشان بحبك وفي الاخر لسه شاكك .
هزت رأسها وهي تنفض رأسها عن تلك الذكريات المريرة، وهي تسمع صوته مرددا برجاء مفتعل
=ديمة انت ما تعرفيش انا بحس بايه كل ما اروح على اي تجمع! مش محتاجين يقولوا نظراتهم لوحدها كانت بتكشف اللي جواهم و في اللي كان بيقول في وشي! مش مكسوف من نفسك وانت متجوز حته عيله قد بنتك؟ اه ده انت شكلك مريض بقى وطالما ما عرفتش تطول بنتك قلت تتجوز واحده قدها واكنها بنتي، اي حاجه تقضي الغرض بدل ما تموت لوحدك.. كل ده كنت بحاول اعمل نفسي مش سامعه لكن جوايا بنهار .
ضربته بقبضة يدها المتكورة بعنف في صدره صائحه بتهكم
= تقوم عشان تريح نفسك قلت اربطها بالعيال جنبي مش كده ومش مهم بقى صحتها ولا هي عاوزه كده؟ مش كفايه عامل فيها جميل و
اتجوزتها عشان انقذها من اهلها اللي رموها هي ليها حد يسال عليها.
حاول تجاوز شعور الذنب الذي اقتحم فؤاده
وهو يرد بصوت حزين
=لا طبعا انا عمري ما افكر بالطريقه دي و بعدين انا ما كنتش اعرف انك تعبانه وانتٍ بنفسك خبيتي عليا ده، والله العظيم لو كنت عارف اكيد كنت هتراجع! ديمة انا بحبك بجد وكل اللي عملته ده بدافع الحب.. اكيد طبعا غلط لان الحب بالطريقه دي وصلني ان انا أذنيكٍ لكن انا من كتر حبي وخوفي لافقدك وانتٍ اخر امل ليا خلاني اتصرف اي تصرف من غير ما افكر في العواقب المهم تكوني جنبي.
هزت رأسها باعتراض وهي مُنهاره وصرخت بقهر وهي تقذف ما حولها بعيداً بجنون
= كفايه بقى شعارات ملهاش لازمه كنت بصدقك زمان وتصعب عليا واقول معلش اعذريه ما انتٍ ممكن لو كنتي مكانه تعملي كده بس انت في فتره من الفترات حسستني بعدم الامان بس ولا فكرت اعمل زيك واذيك؟ انت ما تستاهلش حبي ولا تضحياتي ولا اي حاجه عملتها معاك عشان انا مش لاقيلك اي مبرر حاولت بكل الطرق اطمنك وانت كنت بتاذيني يبقى ما تستاهلش.
نظرت اليه وتنهدت بحزن فقد دمرت حياتها باختيارها له وملئ الحزن ملامحها كما ملئ قلبها وسقطت دموعها وهي تردد بصوت حازم
= طلقني يا آدم، وقبل ما تحاول ترفض او تعترض صدقني المره دي مش هسكت ولا هعديلك! انا خلاص عرفت اللي فيها وانت ما تستاهلش اي حاجه عملتها ولا أني اجى علي نفسي اكثر من كده.. انا هدخل دلوقتي الم هدومي وانت شوف هتعمل ايه.
القهر والآلم كانوا يملئوا ثنايا روحها، وقفت تتأمل كل ركن من أركان شقتها التي دخلتها لأول مره عروساً بفستانها الأبيض تعيسه لكنه رسم حياتها وجددها وجعل السعاده تملئ فؤادها، أحلامها كانت دوماً بسيطه كل ما كانت تتمناه ان تعيش حياه هادئه مع شخص يُبحها بصدق وتنجب اطفالا تعتني بهم.. لكنه بعد ان اعطاها الكثير جعلها تسقط من جديد في دوامه ليس لها نهايه، ليشحب وجهه وهو يقول بصوت يُعذبها
= ديمة انا مش عايز اطلقك… ومش هقدر اعمل كده انا ما ليش غيرك
دموعها لم تكد تتوقف الا وعادت تنساب من جديد فوق وجنتيها، وأجابت بيأس
=حياتنا انتهت خلاص وما عنديش طاقه احارب تاني ولا اكبر واعدي! انت مش واثق في حبي بعد كل اللي عملته عشانك يبقى مالوش لازمه نعيش مع بعض، روح دور على سعادتك في مكان ثاني! الظاهر ان كلهم كانوا معاهم حق لما حذرونا كان شايفين حاجه احنا مش شايفينها.
خرج صوته من شفتيه بألم وهو يري نظراتها الجامده نحوه
= لا يا ديمة عشان خاطري ما تقوليش كده! لا حياتنا مع بعض ما انتهتش… احنا نقدر نكمل سواء وان شاء الله هتقومي وتبقي كويسه وهنربي ولادنا .
أبتعدت عنه تُلملم شتات نفسها وهي تنظر اليه بحسرة
= ايوه صح ولادنا اللي كنت بتخليني اخلفهم عشان تربطني بيك اكتر لان هي ده الحاجه الوحيده اللي كانت مخلياك متاكد اني عمري ما هسيبك لكن انا بالعند فيك برده هسيبك.. عشان تحس بغلطك وتعرف انت كنت بتهد مش بتبني .
أصابته كلماتها قلبه فأطبق جفنيه علي دمعة تنحدر من بينهما يتحسر علي ما اضاعه، وهي بكت بمراره وآلم لم يفارقها وتحركت بالفعل لتجهز نفسها للرحيل من هنا بلا عوده.
❈-❈-❈
في نفس التوقيت، كانت رانيا تجلس بجانب اختها في منزلها وكانت شارده الذهن بشئ ما، ثم تطلعت فيها بنظرات مترددة وهي تتسائل بشرود
= ما جربتيش تتصلي ولا تكلمي ديمه يا زينب في مره ؟!.
نظرت زينب إليها بدهشة وأجابت بتوتر
=هاه! لا بس ايه اللي فكرك بيها ما انتٍ حذرتيني اني ما اتصلش بيها ولو قابلتها في الشارع صدفة حتى اعمل نفسي مش شايفاها ولا اعرفها! بتسالي عنها ليه دلوقتي؟
نظر إليها في حالة لا يرثي لها مرادفة بعتاب
=ولما عملت كده طوعتني ليه يا زينب؟ ليه ما حاولتيش معايا وقلتيلي ان ما ينفعش وغلط وبلاش نسيبها كده زي كل مره.. وان انا اسمي كبرتكم على الفاضي عشان دي مش عمايل تطلع من حد عاقل
انصدمت الأخري من حالتها واقتربت منها وهي تتسائل بتوجس
=مالك بس يا رانيا وحدي الله يا حبيبتي و فهميني! ما هو مش معقول تكوني صحيتي كده حالك مقلوب؟ وفجاه افتكرتي ان انتٍ غلطتي في حق اختك الصغيره
بدأت تتجمع الدموع في عينيها و قالت بصوت يوشك علي البكاء
=انتٍ عارفه ان انا كنت دايما بسال شيوخ اعمل ايه عشان اشوف ابوكي في الحلم! و قالوا لي اقراي قران كتير وتصدقي.. ويوم ما ربنا حققلي طلبي اتفاجئت ان ابوك بيدور وشه في الحلم ومش عاوز يشوفني وكان زعلان مني أوي كل ما اقرب منه يبعد واخر كلمه قالها قبل ما يمشي يا ريتني ما وكلتك عن اختك الصغيره! ولما حاولت اسال اي شيخ عن تفسير الحلم سالني بينكم خلافات قلت له ايوه قالي عشان كده حاولي بقى تصلحي اللي ابوكي زعلان منه عشان يرتاح في تربته.. ولما قعدت افكر في كل حاجه زمان؟ افتكرت كلمتها إللي كانت بتقولها لي كل مره دايما بتستغنوا عني للغريب وعمركم ما فكرتوا ان انتم كمان غلط زي ما انا بغلط.
وضعت يدها على فمها وهي تبكي ثم قالت بحزن
=يا حبيبي يا بابا حتى وهو بعيد عننا عاوزنا نتجمع ربنا يرحمك، بس معاكي حق احنا قياسيين عليها كتير والمفروض حتى لو هي غلط نقف جنبها مش نبعد ونسيبها تواجه مصير قراراتها لوحدها، طب ما فكرتيش تكلميها.
لم تستطع السيطرة علي دموعها التي تحررت علي وجنتيها كمجري نهر منهمر، وهي تقول بخيبة أمل
=عملت فعلا كده اتصل عليها مرتين مره ما ردتش ومره قفلت التليفون خالص فعرفت انها مش طايقاني ولا عاوزه حد يقرب منها مننا تاني، تفتكري في امل ان احنا ممكن نرجع زي زمان؟!.
وقبل ان تجيب على اختها تفاجأت باتصال وارد من ديمة، شهقت بصدمة لتردد بلهفة
= الحقي ديمة بتتصل عليا؟!.
❈-❈-❈
بالشركة جلست رغد أمام منذر وهي تتابع حالته باهتمام بالغ كالمعتاد شارد الذهن وحزين، هتفت بصوت ساخراً
=رجعت تاني تسرح ومش بتركز في الشغل ايه اللي مضايقك يا منذر كده! ايه رجعت اتخنقت مع مراتك تاني؟ ما هي مش معقول كده مش حاسه بيك ولا حاسه بضغط الشغل إللي احنا فيه و مش وقتها
لم يفهم منذر المغزى من سؤالها ولا الصاق اي مشكله بضحي، فلم يتمالك اعصابه فسألها بعصبية منفعله
=هو انتٍ كل ما تلاقيني متضايق شويه هتقوليلي مراتك هي السبب مالك ومالها ماتسيبيها في حالها.. اصلا كل المشاكل اللي انا فيها دي ما لهاش دعوه بيها بتحطيها لي في كل حوار بينا ليه.
شعرت رغد بارتباك والتوتر وهي تردف بحرج
زائف
=آآ انا اسفه ما كنتش اقصد على فكره انا بهزر عادي انت اخذت الكلام جد.. بحاول يعني افتح معاك اي كلام عشان افهم مالك
هتف بهدوء زائف رغم احتقان وجهه
=معلش يا رغد ممكن تسيبيني في حالي لأني مضايق وعلي أخري.. والمشاكل عماله تظهر من تاني ومش عارف اعمل ايه ولا اتصرف إزاي.. واللي انا فيه ده اصلا بدون دخول في تفاصيل ابويا وأهلي هم السبب فيه مش مراتي .
استشعرت من نبرته وجود خطب ما فقالت بحذر
= والدك! عمري ما شفتك اتكلمت عليه قبل كده؟ ايه هي المشكله اللي بينكم؟ او يعني لو مش عاوز تحكي تفاصيل زي ما قلت احكيلي فكره عنها
نظرت إليها بيأس واردف بصوت مرهق
=ما فيش حاجه تنفع تتقال أصلا كل الموضوع اني زعلنا مع بعض جامد زمان وهو دلوقتي راجع تقريبا بيعتذر بس انا مش قادر اسامح! ولا قادر ارجع اشوفه و المشكله كمان مش هنا هو تعب وانا حاسس اني السبب.
ابتسمت بفرحه داخلها بأنه تحدث عن شيء بحياته لها اخيرا، ولم يخبرها مثل كل مره بانه اكتفي بالحديث مع ضحى وهذا مؤشر جيد بينهما، هتفت باهتمام
=واللي خلاك يعني مش قابل اعتذاره كبريائك منعك من كده ولا فعلا متضايق ومش قادر تنسى اللي عمله.
لوي شفته بسخرية مريرة وهو يقول بتهكم
= كبريائي! انا زمان ضعفي هو اللي خلاني سكت على كل اللي عمله معايا، انما دلوقتي قلبي اللي مش قادر يخليني اسامح واقبل الاعتذار.
مطت رغد فمها للأمام متحدثة بغرابة
= لا يمكن تقبل اعتذار حد؟ مهما غلط فيك
هز رأسه برفض وهو يقول بصوت متعباً
= ما عدا اللي بحبهم بقبل اعتذارهم ولو غلطان بعتذر على طول..و زمان كنت بقبل من الكل انما دلوقتي الوضع اتغير
ضغطت على شفتيها مرددة بخفوت
= طب اشمعنا كنت تقدر زمان ودلوقتي لا اية اللي اتغير؟
أغمض عينيه بألم هاتفا بحسرة
= كبرت وفهمت ان الاعتذار مش دايما بيكون الحل! أوقات فعلا بيدوب المشكلة خالص.. يعني مجرد كلمة انا اسف دي بتقصر مسافات طويلة اوي وبتخلي اللي قدامك بيقدرك .. بس اكتشفت ان انا كنت دايما بقولها على حاجات انا مش غلطان فيها وعمرها ما اتقالتلي رغم ان ناس كتير غلطت فيا، والمشكله انهم اهلي.
وضعت يدها فوق يده بحنان بالغ وبدأت تردد برقة زائدة كعادتها
= ما تخافش يا منذر انا جنبك لو احتجت اي حاجه، بس عشان خاطري جرب تحكيلي؟؟ صدقني هتفرق لما تحكي لاكتر من شخص على اللي جواك وبعدين جاهز فعلا اشوفلك حل وما تندمش انك حكيتلي.. جرب!.
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين.
إستمرت ضحى حوالي ثلاث ساعات في تجهيز نفسها، فكانت تريد أن تظهر بشكل رائع علي غير العاده اليوم بالأخص، وكلما ارتدت شيء تشعر بانه غير مناسب حتى بالنهايه اختارت فستان من اللون الازرق جميل مع حجابها و وضعت مكياج بسيط جداً.
اقترب منذر بتلك اللحظة وقبلها بشغف ثم داعب وجنتيها بإصبعه بإعجاب مرددًا
=ايه القمر ده بس، مش يلا بقي يا حبيبتي عشان اتاخرنا أوي، انا هنزل أشغل العربيه تكوني انتٍ كمان نزلتي ورايا مش عاوز تاخير.. وسيبي البنت بقى لوالدتك عشان ما
تبهدلكيش ونرجع نستنى تاني لحد ما تغيري
ابتسمت وهزت رأسها بالايجاب بمشاعرها المضطربة وخجلها حين بدأ يلثم عنقها بشفتيه بقبلات رقيقه متفرقه صعوداً لأذنها، وحين لاحظت أنه بدأ الاندماج هتفت بسرعه
= طب يلا وانا هحصلك، بس هدي البنت لماما الاول.
أبتعد عنها بصعوبة وهز رأسه ثم استمع إلى صوت صغيرته تهتف ببراءة بكلمات غير مفهومة وهي ممسكة بكتف أمها
= بـ…. بــا .. بــا
أبتسم منذر بحنان يقبل يد ابنته مرددًا بحب
=حبيبه بابا راجعلك على طول مش هنتاخر اقعدي مؤدبه بقى مع تيته.. أنا تحت يلا!
استمرت الصغيرة في ترديد كلماتها حتي رحل والدها، بينما اقتربت والدتها حتي تأخذ الصغيرة منها وقالت بإصرار
=فرصتك النهارده ما ترجعيش الا وانتٍ قايله له على خبر حملك بدل ما يعرف من بره و المشكله تكبر، وبعدين هتستني ايه لما بطنك تكبر مثلا وتولدي
نظرت ضحي إلي الخلف بخوف ثم قالت بحذر
=حاضر يا ماما بس وطي صوتك لا يسمعك انا اصلا كنت هقول لك والله في نفس اليوم لولا انه رجع متضايق من موضوع والده وكان على اخره.. اروح ازيد عليه بقي! ما تقلقيش هو النهارده شكله هيخرجنا بعد الحفله هنتهز الفرصه واقول له
ردت عليها كوثر بتأكيد قائلة بتلهف
=ايوه جدعه قوليه احسن وسط الناس عشان يعرف يمسك اعصابه وما يتعصبش عليكي يلا يا حبيبتي عشان ما تتاخريش وانا هدعيلك
هزت رأسها بالايجاب وهي تردد بلهفه وقلق
=ايوه بالله عليكي ادعيلي يا ماما عشان مش عارفه ليه قلبي مقبوض من ساعه لما صحيت وخايفة من رده فعله لما يعرف .
❈-❈-❈
تنحنح معاذ وهو يحل أزرار قميصه وعينيه على وجه بسمة الذي كان صافي بإتقان إذ أنها لم تقوم بوضع زينة الوجه في البيت أمامه.. فهكذا اتفقوا ستكون حياتهم يوم ستسير كما تريد ويوم تسير كما يريد ويتشاركون بكل شيء حتى احتياجاتهم لبعض.. ساعدت بسمة في تغيير ملابسة وعندما غادر الغرفة ليغتسل جهزت ملابس آخر له، عاد بعدما أن اغتسل وجلس جانبها ثم هتف بتعب
= دماغي وجعتني من دوشه الزباين خصوصا لو معاهم عيال! هو احنا صحيح ناويين نجيب اخ لمالك امتى؟ هم بيوجعوا دماغي صحيح بس نعمه من ربنا.
وضعت بسمه يدها فوق بطنها وهي تتخيل حملها من جديد لكن عندما تذكرت المسؤوليه التي كانت تحملها لوحدها هزت راسها معترضة وصححت له وهي ترفع إحدى حاجبيها
= هم نعمه وكل حاجه بس خليك فاكر قبل ما تجيبهم أن عليك مسؤولية حمايتهم، وحسن تربيتهم وتشاركهم في كل حاجه مش تسيب الحمل كله على مراتك.. وده الأهم من إنجابهم، هاه مستعد لكل ده؟. ولا مفكر هتبقى اب كده بالمجان من غير مجهود .
ابتسم معاذ هامسًا مُجيباً أياها بنبرة مطمئنه
= كل ده عشان قلتلك عاوز عيل تاني! طب ايه رايك بقى ان انا بأكثر وقت بعمري مسؤولية، هاتي بس انت طفل تاني وانت تشوفي.
هزَّت رأسها مترددة وردت بضيق
= اه وبعد كده ألبس انا وتشيل ايديك زي ما كنت شايلها في تربيه مالك وجيت على الجاهز في الاخر بس بدات تهتم، ما تطلبش يا حبيبي طفل تاني وانت ما عندكش نيه تهتم بيه من الاساس
غمغم بملل وهو يحني رأسه ليطبع على وجنتيها قبلة شغوفة
= بسمة حبيبتي هو انتٍ يجرا ليكٍ حاجه لو ما قفلتهاش في وشي، انا عاوز اجيب اخ او اخت لمالك وبعدين ما انا بقيت اصرف اهو عاوزاه ايه تاني؟
احتدت ملامحها الواجمة المكفهرة وهي تبادله النظر هاتفه
= هو انت مفكر مسؤوليتك كاب تجيب فلوس وبس! لا يا حبيبي في مسؤوليه تانيه اكبر انت كنت راميها عليا زمان وانا مش هعيد اللي حصل زمان تاني خلاص! عاوز تخلف تبقى توعدني بكلمه شرف من راجل بحق! انك هتتشارك معايا كل حاجه في ولادنا من اول ما يجوا الدنيا لحد ما يكبروا.. اكل وشرب ولو لازمت تغيرله ولما يتعب في نص الليل انت اللي تنزل بيه مش اخوك زي زمان، وتربي معايا مش ترمي عليا وبس.
صمت معاذ قليلاً يفكر فيه حديثها ثم قال بتردد بحنق
= يعني هي دي مشكلتك ماشي بوعدك اهو أني هساعدك بتربيتهم، وأكون أب صالحا و رجل مسؤولية ومش هعمل زي زمان.. ها ايه رأيك؟
كتفت بسمة ذراعيها وقالت دون اقتناع
= ما باخدش منك غير كلام وبس! بس اديك شفت عملت ايه عشان تبقى مسؤول وتنزل تشتغل فمستعده اعمل المستحيل ثاني لو هترمي عليا الحمل من جديد
احتضانها ثم ما لبث يناغشها هامس بحب
= ما يبقاش قلبك اسود بقى! طب بحبك
هزت رأسها كأنه يقول شيء عادي ثم أجابت وهي تزم شفتيها
= ماشي، ربنا يكرمك
أجاب معاذ بحنق بعد خطف قبلة سريعة من شفتيها
= ربنا يكرمك! دي تقولها للسواق لما يقول لك خلي عليكي يا ست المره دي وبتكون عزمه مراكبيه كمان ما تردي عدل عليا يا بسمه زي ما بكلمك .
رمقته بسمة بدهشة من جرأته رغم خجلها منه في هذه اللحظات إلا أنها لم تستطع إخفاء دهشتها من تصرفاته الجديدة، وهتفت بجفاء زائف
=يوووه عايزني أقول إيه يعني بحبك!.. طب يا سيدي بحبك بس مش قايلة.
انشق ثغره عن ابتسامة عريضة فلم يتمالك نفسه مرددًا وهو يُقهقه عليها
= خلاص يا اصاله ما انتٍ قلتيها!
ابتسمت بنعومة رغم عنها فشدها له وهو يحاوط كتفها بذراعه وبدأت بمداعبة كفه بإبهامها كما يحب وتحدث بمكر
= ايه رايك لو نجيبه دلوقتي بما ان مالك عند ابويا لسه.
بدأت بسمة ترفع أصابعها برشاقة تحل أزرار قميصه دون أن تبعد عينيها آسرة عينيه وتهمس له بنعومة وإغواء
= الظاهر طلعت مش لوحدي بس اللي بسرب الواد واستفرد باللي في البيت..
اتسعت عينا من فعلتها و انكمشت ملامحه و هو يقول مبرر بقلق مفكر إذا كانت تراجعت عن اتفاقهم.
= بسمة آآ ما احنا اتفقنا.. مش كل يوم انتٍ اللي لازم تبداي؟ ولا تقربي بالشكل ده مني!
هزت رأسها بتأكيد وهدوء متفهمة ثم سارعت لإطفاء الإضاءة و تركت الأباجور مطفأة دون أن تلقي نظرة عليها أيضا، ثم بدأ في الاقتراب لمساعدتها في خلع ملابسها في الظلام الدامس.. كانت تحاول أن تحافظ على حالة اليقظة والتحفيز فيه دائمًا، ولم يكن الأمر سهلاً أو بسيطًا أن يتغير في لحظة.
هذا هو طبعه وعليها أن تقبل ذلك، وفي الوقت نفسه تحاول أن تكون هي المبادرة في الغالب. تكتفي بإظهار الاهتمام والتجاوب من جانبها ولذا يجب عليها أن تستجيب لبعض طلباته أيضًا حتى يستجيب لطلباتها هو الآخر، لكي تسير الحياة كما يرغبان دون مشاكل أو أزمات. بعد الاتفاق على ذلك، تدرك ثقتها العالية بنفسها أنها تكون امرأة جذابة بدون أن تحتاج إلى أي شيء إضافي من جانبه وهذه ميزة جيدة فيه أيضًا ويجب أن تعترف بها.
لذا صارت هذه الليلة لطيفة فرغم كل شيء عليها أن تتقبل طبيعة وتناقضاته وهو لا يحب منها أن تتصرف بجرأة أو ترتدي ملابس فاضحة أمامه حتى لو أعجبه الأمر بمرات قليلة.. ومع الوقت ستكون هذه المرات القليله دائماً.
❈-❈-❈
كانت الحفلة تسير بشكل عادي ولم يترك منذر ضحي بمفردها لأنها لا تعرف أحد هنا و تشعر بالاحراج أو الملل، بينما الأمر عند رغد كان مختلف التي كانت تحاول الالتصاق بمنذر منذ وصوله وتفتح معه اي احاديث جانبيه، حيث تضايقت من وصول زوجته معه اليوم! و حاولت ضحى أيضاً ان تسيطر على غضبها من تلك السخيفه.
وبعد ذلك دار الحديث عن اجتماع سوف يعقد
بالايام القادمه مع مجموعة شركات متخصصه
في التجارة وكان هناك ملاحظات من منذر على هذا الاجتماع المرتقب ومن رغد لانها سوف تراجع مع الفريق القانوني العقد جيداً، تدخل بعض الناس بالحديث معهم حتي قالت احد زوجات الأعمال بانزعاج
=ما خلاص يا جماعه هو انتوا ما زهقتوش من الشغل؟ هي الحفله معموله ليه مش علشان نتبسط، اتكلموا بقى في الشغل بكره في الشركه.. ولا ايه.
هز رأسه بالايجاب وهو يردد
= فعلا معاكي حق، خلاص يا منذر خلينا نقفل على الشغل وما تقلقش رغد ليها اسلوب خاص
بالاقناع وبيشهدتك كمان و دائما تمدح شغلها فخلينا نعتمد عليها بكره تخلصلنا العقود.
ابتسمت رغد قائلة بتفاخر متعمدة إثارة غضب ضحي
= لا كده يبقوا اطمنوا طالما منذر بنفسه مدح فيا وعجبته! وبصراحه من اول ما اشتغل معانا وهو ملتزم جدا فلما يشكر في حد يبقى لازم تطمنوا.
كانت النيران تشتعل في صدر ضحي من هذه الفتاة و اغتاظت من جرأتها وتساءلت مع نفسها لماذا منذر يترك لها تقرير امور خاصه بعمله ولا يشعر حتى الآن باعجابها تجاهه، كان منهمك معها بالحديث حتى انه نسيها، قطع الصمت السائد بينهما أحد السيدات تتسائل باهتمام
= مدام ضحى ساكته ليه و مش بتشاركنا في الأحاديث ولا شكلك زيي زهقتي من كلامهم عن الشغل ومش فاهمه حاجه .
وقبل ان ترد امسك منذر يدها يقبلها بحب مرددًا
= ضحى ليها عالم خاص لوحدها، وبالنسبه لها كلامنا عن الاعمال و التجارة ممل
برزت رغد أسنانها من خلف ابتسامتها العابثة وهي تتسائل باستخفاف معتمد
= ويا ترى ايه هو عالمها بقى! اه صح ما انا جيت مره زرتكم وشفت بنفسي اصلها لسه مخلفه بيبي من فترة ومشغوله معاها جدا.. ست بيت يعني شاطره وكده.. عشان كده بالنسبه لها كلام الشغل والثقافه مش ذوقها!
زفرت ضحي أنفاسها لعلها تتمالك أعصابها قبل ان تفعل شيء متهور وتندم عليه بعد بسبب استفزازها المستمر والمعتمد وقبل ان يتحدث احد مجددا، قالت نفس السيدة وهي تضع أمامهما اطباق الطعام
= معاها حق بصراحه ده احنا لينا الجنه ان احنا مستحملين كل الكلام ده عن الشغل، اتفضلوا يا رب الاكل يعجبكم.. يا ريت بقى نوقف كلام خالص ونركز على الاكل
عندما جلسوا على الطاولة كان والد رغد بسيوني على راس المائدة وعلى يمينه منذر و على يساره زوجته وبجانبها ابنته رغد وضحي بجانب زوجها الذي لم يتركها بالطبع تبعد عنه، وفي ذلك الاثناء بدات تشعر ضحى بالغثيان وهي تنظر الى الطعام باشمئزاز محاوله ان تسيطر على نفسها حتى لا تلفت الانتباه، قطبت جبينها تلك السيدة مرددة بتعجب
= خير يا مدام ضحى الاكل مش عاجبك ولا ايه تحبي نغيره؟ ملاحظه انك ما اكلتيش حاجه
قاطعها منذر مجدداً توًا قبل أن تفتح ثغرها للرد هاتفًا بهدوء جاد
= معلش أصل ضحى ملهاش في الأكل بتاع بره، ومتعوده على اكل البيت افضل يعني وأمان
شعرت ضحى بالانزعاج قليلا فلا تفهم كلما وجه إليها احد سؤال يتحدث هو بدلاً منها، هل لهذه الدرجه يخشى ان تحرجه أمامهما ولا يثق بها…أجابت السيدة مبتسمة
=خير ما عملتي ما فيش طبعاً غير اكل البيت الصحي اللي بيتعمل قدام عينينا وضمنينه.
ضغطت رغد على شفتيها قائلة بتبرم
=معلش بقى يا سوزي ما هو قال لك من البدايه انها ليها عالم خالص لوحدها وما لهاش في الكلام بتاعنا ولا ثقافتنا ولا ليها في الاكل بتاعنا كمان.. على الله بس منذر هو كمان يكون لي جزء في حياتها أو عالمها الخاص ده
هز منذر رأسه باعتراض ثم تحدث بإنتشاء وكأنها أعظم انتصاراته
= لا عندك يا مدام رغد، اسمه عالمنا أنا وهي! وده اللي تقصده ضحي هي مستحيل يكون ليها عالم ولا حياه جديده انا مش فيها.. حتى مهما تحصل تغيرات ولا حاجات مش هتعرف تحبها زيي انا وبنتها خط احمر في حياتها وما بنتغيرش ابدأ مش كده ولا ايه؟!. يا حبيبتي.
أمتلئ قلب ضحي سعادة و ابتسامتها تُشرق وجهها من جديد هاتفه بخفوت
= اكيد طبعا هو انا ليا غيرك.
ابتسمت تلك السيدة هاتفه بنبرة سعيدة
= ربنا يخليكم لبعض واضح انكم بتحبوا بعض أوي، اتعلموا بقى انتم كمان بدل كلامكم على الشغل وبس وما حدش فكر منكم يشكر فينا
مع اننا جزء من نجاحكم وتعبنا زيكم.
كركرت رغد ضاحكة بسخرية وغيظ وهي تسير مبتعدة ولم تنظر خلفها لترى ردة فعلها، ولم تعبأ لها، فقد كانت متأكدة أنها تغلي من داخلها بعد نجاحها في استفزازها بكلماتها.
بينما أرجع أحد الأشخاص رأسه للخلف مطلقًا ضحكة عالية وهو يقول مازحاً
= الله! انتم هتقلبوا علينا الله يسامحك يا منذر شكلنا النهارده هنبات بره بسببك.
ضحك الجميع على مداعبته وكانت الاجواء هادئه نوعا ما، حيث ابتسمت ضحي براحه اخيرا بعدما نفضت تعاستها ورحلت رغد اخيرا، لف منذر ذراعه حول كتفيها وانحنى ليقبلها من أعلى رأسها قائلًا
=كمان شويه وهيبداوا الرقصه الأولي على فكره، عشان يعني لو عاوزه ترقصي معايا وما تضايقيش من اللي حصل المره اللي فاتت
ردت عليه بجدية وهي عابسة الوجه
=هو احنا ايه اللي هنستفاده من الرقص ده يا منذر؟ ولا حاجه الناس بتتفرج علينا و بناخدلنا كام لقطه النجاح مش بالرقص وانت اكيد عارف بايه، فكفايه عليك مجهودك اللي عملته هيبان للكل قد ايه انت شخص ناجح! اما بالنسبه للرقص فده مش بتاعنا او ليه ما نعملوش لما نروح لوحدنا.. وبالنسبه للمره اللي فاتت انا ما اتضايقتش انك رقصت قد ما انا اتضايقت ان انت كان قدامك اي حاجه تقولها عشان تمنع نفسك من انك تحطني وتحط نفسك في موقف زي ده.. ده دينا وعاداتنا ما بتتغيرش مع تغييرنا يا منذر.
تنهد بتعب لكنه لم يغضب أو يتضايق منها، فرسم على ثغره ابتسامة راضية مرددا باستسلام
=تمام خلاص مش لاقي رد! وزنقتيني بالكلام بعتذر يا ستي.
بعد فتره استاذنت ضحى لتذهب للمرحاض وعرض عليها زوجها ان ينتظرها هناك لكنها رفضت واخبرته انها ليس طفله صغيره، فكانت لا تريد ان تسمع اي عبرات سخيفه من احد أو تجدها الاخرى فرصه وتقترب منه، اخرجت الهاتف من حقيبتها لكي تتصل بوالدتها لتطمئن على ابنتها لكن عندما دخلت وجدت رغد و صديقه لها يقفان امام المرايا لكنها انسحبت بعد دقيقه بعد أن اخبرتها رغد بانها ستأتي بعد قليل، بينما تراجعت ضحي عن مكالمتها وهي تضغط على الأزرار بسرعه بارتباك ودون انتباه منها شغلت تسجيل الصوت و أعادت الهاتف داخل حقيبتها بتوتر مبالغ.
اقتربت بعدها لتغسل يدها وحاولت ان تتجاهلها بالمره، فكان الود بينها وبين الأخري مفقود تماماً، فعندما رأتها قالت بصوت ساخراً
= اخبارك ايه عرفتي تتاقلمي بحياتك مع جوزك ولا لسه! بس اعتقد هتلاقي اختلافات كبيرة فالموضوع مش هيكون سهل
ضغطت ضحي على شفتيها مرددة بتهكم
= يمكن فعلا مش سهل بس ما فيش حاجه صعبه عليا! بس اللي عايزه افهمه انتٍ ليه مهتمه أوي كده أن اتغير ولا مين قال لك اصلا ان انا عاوزه اغير من نفسي، ما انا يمكن اعرف اعيش حياتي من غير ما اتاقلم على الاجواء هنا
دنت رغد منها وهي تهتف بحماس مستخدمه جرأتها الزائدة
=لا لازم اهتم عشان مع الاسف انتٍ جزء من حياه منذر اقرب حد ليا، ويهمني راحته و نفسيته ما تتاثرش من اللي حواليه..و بصراحه في اختلافات بينكوا كتير على الاقل هو متفتح عنك وما عندوش عقليه مقفوله ومش بيقدر يسيطر على غيرته ذي ناس
احمر وجه ضحي غضباً وارتفع هرمون الغيرة لديها وهي تتسائل بحده
= وانتٍ بقى تعرفي ايه عن منذر عشان تقولي كده؟؟
مطت شفتاها للإمام بغرور وهي تقول باستفزاز
=اعرف مثلا انه عنده مشاكل بينه وبين ابوه ومش قادر يسامحه؟ ايه مالك اتصدمتي كده ليه؟ كنتي مفكره نفسك هتفضلي طول حياتك واخده دور الزوجه المفضله عنده واللي بيحكيلها كل حاجه.. تؤ اعتقد مجرد فتره و هتعدي وانا دلوقتي اللي قرب مني ليكي؟؟
شعرت ضحي بالصدمة حقا كون منذر تساير معها عن حياته حتى لو كان دون قصد،نظرت إليها بدونية فجة وفغرت شفتيها مرددة بذهول
=نعم ؟!!! انتٍ بني ادمه زباله وواقحه وما تربيتيش! مين انتٍ عشان تعرفيني المساحه بيني وبين جوزي ولا هو بيفكر في ايه ولا اعمله ازاي.. انا في الاول كنت بقول يمكن مش قصدها لكن بعد كده بقيت متاكده ان انتٍ عينك منه واللي زيك دي! بلاش اقول لك بنسميها ايه في مجتمعنا اللي مش عاجبك.
لوت ثغرها بابتسامة شيطانية وهي تردد بحماس مريب
= انا واخده بالي من اول مقابله بينا ان احنا مش طايقين بعض؟ وبصراحه القلوب عند بعضها عشان انا مش طايقك اكثر! وشتمتك ليا انا هعرف احاسبك عليها كويس.. بس خلينا دلوقتي في الاهم معقول بعد كل ده كنتي شاكه بس أني عيني من جوزك؟؟ تؤ تؤ يا حبيبتي لازم تتاكدي وانا اهو بقولها لك في وشك انا اللي انفعه مش انتٍ يا بتاعه حي السيده زينب.. ومنذر فعلا عاجبني وعاوزاه
هزت رأسها بعدم استيعاب وقاحتها وهتفت محتجة على سخريتها قائلة بعصبية ملحوظة
= انا عمري ما شفت واحده ناقصه تربيه زيك وما عندهاش حياء ولا احترام حتى لنفسها ولا لكرامتها ولا لاهلها اللي قاعدين بره! هو ده بقى اللي عاوزاني اتغير وابقى زيك؟؟ وادي العينه واحده عينها من واحد متجوز وبتقول لمراته انا فعلا عاجبني وعاوزاه، انتٍ عينتك ايه بالظبط.
قالت كلماتها الأخيرة بصوت عالي جعل كل من في الحمام يختلس النظر والسمع لهما… وهذا ما كانت تريد الوصول له الاخرى، رأتها ضحي تتغنج بجسدها بطريقة مستفزة، ثم زادت من استثارة حنقها بترديدها بابتسامة ماكرة
= لانك ما تنفعهوش! واحده زيك مش واثقه في نفسها ولا عارفه تتعيش مع حياته الجديده! انما انا بقى اعرف كويس اتعامل مع كل ده..و بيني وبينك انا احق بيه؟ اللي زيك هتلاقيهم كتير لكن اللي زي منذر ما بقالوش في حياتي غير مره واحده فتنزلي عنده برضاكي احسن
لم تهدأ ضحي بل غضبت اكثر لدرجه لم تعد تتمالك أعصابها عكس الاخرى التي كانت تفعل كل شيء حتى لو كان بسيط متعمده فعله وتعرف النتائج هذه جيد، ثم مـــدت يدها لتضعها على كتف رغد وأمسكت يدها القذرة بقوه وهي تصيح بتهديد ساخط
= ده انتٍ واحده حقيره حقاره ما شفتهاش في حياتي! والله ما سايباكي وهوريكٍ بقى بتاعه السيده زينب دي هتعمل ايه
بدأت في ضربها بقسوة بالفعل ولقد تجمع النساء والكل يشاهد تلك المشاحنات الدائرة
لمشاجرة نسائيه لذلك اصبح كل سيده تخرج تتهامس مع من في الخارج وتشير للحمام، و وصل لذلك لمن بالخارج حتي علم والدها وأمها ما حدث.. وركضت أم رغد تلحق ابنتها من يد ضحي بصعوبة بالغة.
حيث شرارات الاشتباك بدأت تتراقص أمام عيني والدتها والجميع وأدركت أن بين لحظة وأخرى ستندلع حربًا حامية الوطيس بينهما، لذلك تدخلت علي الفور لتحمي ابنتها منها لكن ضحي لم تتركها فقد اخذت قرارها في اعاده تربيتها من جديد! على يديها.
في الخارج بدأت الحفله في حال هرج وهنا تدخل منذر وقال بدهشة
= خير ان شاء الله في حاجه حصلت، ملاحظ حركه مش عاديه في الحفله .
تحدث صاحب الشركة و والد رغد بلهجة غاضبة بشدة
= بيقولوا الهانم مراتك بتضرب بنتي رغد جوه في الحمام!!
اتسعت عينا منذر وتمنى في تلك اللحظه ان تشق الأرض وتبتلعه من كم الإحراج الذي تسببت به زوجته مع صاحب الشركة، أخذ يتلفت ليجد العيون تنظر له ليحرج أكثر و يغضب من زوجته، وهو يقف عاجزاً لا يعرف ماذا يفعل هل يقتحم حمام النساء و يخرجها؟.
❈-❈-❈
دلف معاذ المنزل و بيد يمسك أكياسا من البقالة.. ثم جلس على الأريكة في الصالة و مال هادرا بمبالغه قليلاً نحو زوجته الواقفه امامه وهي تنظف المنزل
= الطلبات اللي طلبتيها مني يا بسمه اهي! و على الله تقوليلي حاجه نسيتها هو انا مش مكتوب عليا اشتغل وكمان اجيبلك حاجه السوق.. انا بقيت دلوقتي راجل مسؤول و بصرف على البيت يعني زيي زيك.
سخرت زوجته منه بتهكم ساخط
= طب يا راجل البيت، محسسني عملت اللي ما يعمل ما كان المفروض تعمل كده من زمان اصلا! هتذلني ولا ايه عشان بقيت تعمل زي اي راجل بجد.. ده واجبك علي فكره!
لم يكن تلك رده الفعل التي كان ينتظرها منها فحتى وكانت مهمته فاراد ان تمدح بتغيره ذلك حتى وان كان بسيط وما زال على حافه الطريق، لذلك هتف وعيناه تبرقان بالغضب
= بدل ما تقوليلي شكرا ولا كتر خيرك ماشي يا بسمه، حتى الكلمه الحلوه بقيت اشحتها منك ساعات .
شعرت بأنها ربما بالغت بالامر قليلا لكنها لم تقصد حقا، لذا اقتربت منه مبررة
= خلاص انت هتزعل وتتقمص، عماله اهد نفسي في البيت من الصبح تعبت عشان كده قلتلك انزل انت هات حاجه البيت ما تزعلش يا سيدي حقك عليا، وكتر خيرك كمان حلو كده
حدق بوجهها بذات الغضب وهو يرفع يديها عنه بجفاف هادرا بصلابة
= هو ايه اللي حلو كده انتٍ بتجبري خاطري وخلاص
رفعت أناملها تبعد خصلة من خصلاته ومالت بوجهها تلثم وجه بحنان كبير قبل أن تردد بصوت رقيق
= لا مش بجبر خاطرك ولا حاجه انت فعلا تستاهل الشكر والتقدير يا سيدي! طالما جوزي مهنيني يبقى لازم انا كمان ادلعه.. ربنا يهديك وتفضل كده على طول.. قولي صحيح اخبار والدك ايه؟ مش كان عنده ميعاد مع الدكتور امبارح وانت رحت وديته بالعربيه
تراخى وجه معاذ من ردة فعلها هذه وابتسم برضا، ثم أردف قائلاً بجدية
= الدكتور قال ان في امل يمشي بس هيعمل عمليه تكلفنا كتير وابويا قلب وشه من ساعه ما سمع المبلغ المطلوب واقعد يزعق فينا و اتعصب و قال ولا عاوز اروح واجاي هيفيد بايه يعني؟ و ولادي مش راضيين عني! بقى حساسه أوي الفتره دي.. انا بصراحه مش عارفه ادبر الفلوس منين ولو ربنا كرمني حتي هو هيرفض بقى يعند أوي.. مش عارف ايه اللي حصل لنا الواحد عمره ما عمل حاجه وحشه في حياته.
قطعت حديثه بصدمة لم تتمالكها وتتمالك لسانها وهي تردف بعدم تصديق
= معملتش حاجة وحشة في حياتك، يا راجل أكيد قصدك إنك معملتش غير حاجة وحشة في حياتك انت وباقي العيله الكريمه، ما تبصليش كده خليها تيجي مني احسن.. بدل من الغريب .
رفع حاجبيه لجوابها بغيظ ثم هز رأسه بيأس منها واسرع يقول مفكر
= ما فيش فايده فيكي وفي لسانك الطويل، خلاص يا بسمه كلنا اعترفنا بغلطنا وعرفنا ان احنا عملنا كتير مع منذر بس هو فين دلوقتي!
تعرفي انا فكرت لو هو موجود هيعرف يقنع ابويا يعمل العمليه.. هو انتٍ صحيح لسه بتكلمي ضحى وممكن تقول لك على عنوانهم يعني !؟.
❈-❈-❈
أوقف منذر السيارة عند مدخل الفيلا تقريبًا،
فترجلت ضحي تفكر برده فعله علي أفعالها التي تخجلها وتحاملت على نفسها وركضت إلي الاعلي بسرعه وهو لحق بها بغضب
دقق النظر فيها قبل أن يغلق الباب خلفهما وهو يصيح بصوته الجهوري الخشن
=انا لو واخد معايا عيله صغيره هتفهم عنك؟ كل مره اقعد اقول لك خلي بالك اوعي تعملي كده وفجاه الاقيكي عملتي كل حاجه حذرتك منها انتٍ عايزه توصلي لايه بالظبط بتحبي تعاندي معايا وخلاص وتخلي شكلي وحش قدام الناس.. عاجبك المهزله اللي انتٍ عملتيها هناك واحنا خارجين قدام الناس كده؟ ايه ما بتفهميش خلاص ايه شغل البلطجيه اللي عملتيه هناك ده
تجهمت تعابيرها للغاية وردت عليه بصوت معترضًا
=لا بقول لك ايه انا فوت كثير لكن هتقل ادبك عليا وتغلط فيا وفي تربيتي مش هسكتلك! طول الطريق كل ما احاول اشرحلك اللي حصل تقولي اسكتي هنتكلم لما نروح و حسابك معايا بعدين ومش راضي تسمع مبرراتي هو انا مجنونه هعمل كده من نفسي ولا الهانم اللي انت مش عاوز تصدق عليها الهوا الطاير مش قادر تغلطها .
أشعلت كلماتها عيناه اتقادًا، فهتف غير مبالٍ باستهزاء كبير
=ايوه هي المشكله هنا الغيره إللي بدات تظهر فجاه وما اعرفش طلعتلي منين انا تعبت من كنت ما بحاول اوصل لك اني بحبك ومش هبص لغيرك ومش هدافع عن نفسي تاني ولو مش عاجبك عنك، الظاهر من كتر ما انا عمال ادادي واكبر دماغي وابدا انا بالصالح خدتي على كده وبتتمادي في غلطك
لترمق زوجها بنظرات آسف مبتلعة ريقها مرة
وهب بأقصى درجات العنف والغضب ومازالت تجهل توابعه منذ البداية، رفعت حاجباها للأعلى بتهكم صائحة بحدة
=يا سلام طول الوقت دايما انا اللي غلطانه وانت مش شايف نفسك غلطان خالص! ما تبص لنفسك كل الحاجات اللي بتعملها دلوقتي كنت تقدر تعملها زمان انت اتغيرت! ومش للاحسن للاسف.. و إللي غيرك الزفت اللي دخلت حياتك دي وتقولي اصحاب من امتى بتصاحب بنات ونتكلم معاهم في تفاصيل حياتنا عادي من امتى بنروح نرقص ونحضن البنات وتقولي برده عادي..
رد عليها متبرمة من ضيق تفكيرها المحدود
= هو انتٍ لسه واقفه عند النقطه دي؟ فيها إيه إني أرقُص معاها ؟! مِش قولنا عشان الواحد ينجح يجاري الجو اللي عايش فيه؟! و قلتلك كل مرحله وليها تغيرها
امتعض وجـــه ضحي للغاية، فحديث زوجها ماهو إلا كالملح الذي يوضع على الجرح الملتهب ليزيد من ألمه، بالإضافة كأنه متعمداً اثارة مشاعرها الغاضبة أكثر بتلك الكلمة
فصرخت بجنون
=يا اخي ملعون التغيير ده انا كرهت الكلمه دي من كتر ما بقيت اسمعها منك، وبعدين بتتغير و تجاريه الناس على حسابي؟! على حساب كرامتي يا منذر؟!. هو انا لو رحت صحبت شاب بنيه الشغل ورقصت معاه هتعديها لي عادي ولا هتقعد تقولي عيب وحرام والمجتمع !! ولا بتحللها ليك وبس.
توتر قليلاً لذا أجابها بانزعاج وهو يشير بذراعه
= لا ده انتٍ بقيتي صعبه، يقول علينا إيه بسيوني بيه صاحب الشركه والد رغد دلوقتي؟! ربنا يستر اصلا وما يطردنيش.. كان لازم تمسكي اعصابك مهما قالتلك، لازم تفهمي إن في أصول وتقاليد لازم نراعيها
احتدت نظرات زوجته وهتفت ساخرة بلا وعي
= دلوقتي بتتكلم عن التقاليد؟! كانت فين التقاليد دي أيام ما رقصت مع الهانم وخليتها صاحبتك و رايح تحكيلها تفاصيل حياتك؟! مش طول عمرك بتحكيلي انا وبس عرفت منين الموضوع ان في مشاكل بينك وبين ابوك واهلك؟؟ قلتلها صح ما هي دي البدايه وبعد كده هتقول لها ايه تاني؟ ولا هتعمل ايه معاها؟
رمقها بنظرات نارية قبل أن يرد الأخر بنزق
= انا عمري ما اتنازلت على مبادئي ولا اتغيرت من ناحيه احترامي لنفسي واللي حواليا، واللي بقوله ده الصح، المجتمع اللي إحنا عايشين فيه هو اللي بيجبرني على الحاجات اللي بنعملها والتغيير، بس الظاهر أنها غلطتي أنا اللي خدتك للمجتمع ده وانا اللي عرفتك بناس
تيقنت ضحي عند تلك اللحظة أن رغد كانت محقة في كلماتها المبرر منه، أنها بالفعل واقعة بين صارع الحب وكرامتها لتجاهل أفعال زوجها مع الآخرين! لتجيب بصوت مقهور
= ايوه صح غلطتك اصلي ما بقتش قد المقام الظاهر كده ان هي كان معاها وانا اللي ما كنتش واخده بالي، ان التغيير هيجي عندي انا كمان مِش كده ؟! ما تصارحني بيها احسن بدل كل اللي بتعمله
هتف فيها منذر بحدة بعد أن نفذ صبره
= نفسي مره اتكلم معاكي تبطلي تتكلمي بالطريقه دي وتفسري كل حاجه على مزاجك،
حُبنا هو اللي مفروض يخليكي عندك ثقه في نفسك مش جبانه طول الوقت وكل كلمه توديكي
تبدلت نظرات ضحي للقتامة، وأصبحت نبرتها أكثر ريبة وهي تقول بنبرة ساخراً بألم
= مش انا اللي جبانه! ده المُجتمع هو اللي جـبان تقدر تفرض إرادتك لو كُنت قوي.. على الناس! زي ما رغد كده عملتلك غسيل مخ و قدرت توصلنا للي احنا فيه بس ارجع واقول انت اللي دخلتها حياتنا ويا ريتك تلحق تصلح الغلط ده قبل فوات الاوان! البنت دي لازم تطلع من حياتنا؟!. قلت ايه؟!.
أجاب منذر هادرًا بنفاذ صبر وعناد
=انا ما بيتلويش دراعي، ما تبطلي الهبل ده بقي انتٍ بتقارني نفسك بمين ما ينفعش اصلا تحطي نفسك بين اي حد؟؟ عشان تعرفي غلاوتك عندي، يا ضحي متحطميش كُل شيء أنا بحبك ومش عايز أسيبكٍ أبدًا.. وعايز دايما احنا الاتنين نتعود على الاجواء الجديده عشان دي حياتنا وننسى القديم بس خايف يكون بيوم حبنا ضِد مصلحتنا
زادت نظراتها حنقًا، غير مصدقة تلك القسوة الظاهرة عليه فصاحت بصوت شبه باكي
= قول مصلحتك! انا عمري ما اشتكيت من عيشتي معاك على الحلوه والمره كنت قابلاك ليه انت مش عاوز تقبلني كمان زي ما انا، ليه عاوز تفرد عليا مجتمع انا مش حباه ومش مقتنعه بيه؟؟!.
دنا منها ليحاصرها قائلًا بثقة مشيرًا بيده الأخري في الهواء
= أبدًا يا ضحي مصلحتنا إحنا الاتنين! تفرق إيه لو كملت حياتنا زي ما احنا عايشين دلوقت؟! يحصل إيه بحُبنا لو غيرنا معانا و جددناه فكري في المركز اللي وصلتلُة؟ انا كل خطوه كنت بخطيها كنت واخد عهد على نفسي هكبرك معايا، عشان المركز اللي وصلتلُه الفضل فيه انتٍ.. دلوقتي بتستكتري عليَّا نتشارك فيه ؟!
أزاحت قبضتيه عنها بقوة وهي تبتسم بتهكم مردده بمرارة
=قصدك عاوز تكمل حياتنا زي ما انت عاوز؟؟ بس اللي بيحب بجد بيقبل كل واحد بعيوبه وانا عملت كده في يوم و عمري ما ندمت ولا فكرت اخذ مقابل اللي عملته.. عشان برده إللي بيحب بيدي مبياخُدش.. شوف رغم كل احلامك دي ما جبتش سيرتي طول الوقت
انا وانا وأنا!! وأنا إيه ما فكرتش في طلباتي دلوقتي عاوز تعمل وتغير وانا ما ليش راي؟! روح يا منذر وسيبني في حالي احسن
كان يخشى من حدوث اصطدام خطر اكبر بينهما مع تواجدة هنا لذلك فضلت الانسحاب مؤقتاً وتحرك بالفعل ينوي الخروج ولكن من شده الغضب اصطدم بصندوق كان موجود فوق الكوميدينو وسقط كل ما بداخله، هبط ليحضر شيء قد أثار استغرابه وعندما تأكد بأنه اختيار حمل! هتف بلا وعي وقد تسارعت دقات قلبه
= ايه ده؟! فهميني ايه ده؟
رغم أنها كانت تخطط لمعرفته أو تفاجأة، لكن بكشف حملها بتلك اللحظة أسوأ شيء قد يحدث اليوم ووجودها على مقربة من خط النيران والمواجهة المباشرة معه وهي مخاطرة غير محسوبة العواقب، زاغت أبصارها من كلماته الغاضبة واستشعرت أنها على شفا الوقوع في مأزق كبير، ثم هتفت باقتضاب ظاهر في نبرتها
= ولا حاجه!؟
تفرس في وجهها بتراقب وصــاح بها بصوت قوي
= برده ما فيش فايده انطقي وما تكدبيش هو انتٍ فاكرني مش عارف ايه ده كويس؟ وفاهم كمان لما يكون علامتين حمر يبقى النتيجه معناها ايه؟؟.
انتظر بترقب كبير إجابتها التي لم تستغرق سوى ثوانٍ معدودة ليعرفها، وهي ترسم الجمود قائلة رغم خوفها
= صح هو اختبار حمل زي ما انت شايف و انا حامل! وقبل تغلط ولا تقول اي حاجه الموضوع حصل غصب عني وانا بندم فعلا ان انا ما سمعتش كلامك وخدت موانع.. بس حكمه ربنا بقى هنقول ايه.
ضاقت نظراته أكثر لتتحول لإظلام مرعب وهو يرد بتوعد
=لا واضح فعلا انك بتسمعي كلامي! انا حذرت كام مره اني مش عاوز اطفال تاني.. وعارفه ان انا تعبت قد ايه من الموضوع ده وبرده بتعملي اللي انتٍ عاوزاه تمام!! بس اللي في بطنك ده هينزل وزي ما انتٍ سومتيني انا كمان هسومك يا انا يا اللي في بطنك ؟!.
حبست أنفاسها مترقبة كلماته بعدم تصديق،
تنفست بصعوبة وظنت أنها ستفقد الوعــي من هول الصدمة.. هل بالفعل يطلب منها أن تجهض طفلها، حافظ على ثبات نبرته وهو يكمل بصوت آمر
= انا خارج ويا ريت اما ارجع تكوني عرفتي عاوزه ايه وقررتي وعقلتي كمان ؟!.
ســـار منذر للخارج بخطى متمهلة ممعنًا النظر في الأمام، لكنه اصطدمت بحماته وسلطت أنظارها عليه وبدات متوجسة من صمته المريب لذلك سألته مهتمة
=في ايه يا ابني صوتكم واصل لحد تحت! عيب كده انتم كبار الناس اللي شغالين في الفيلا تقول عليكم ايه
لم يلتفت منذر ناحيتها، وواصل تحركه تجاه الخارج قائلًا بنبرة مُقلقة
= اهي بنتك عندك أساليها ويا ريت تعقليها احسن هي ضربت منها على الاخر ومابقتش تسمع كلام حد غير نفسها.
تنهدت كوثر بعمق ثم دنت من الغرفة لتقف أمام الباب محدقة فيها بنظرات مطولة أسفة على حالها البائس، وسرعان ما لاحظت الحقيبه الموجوده على الفراش وهي تضع بها ملابسها لتفهم على الفور ماذا تنوي، ركضت نحوها تحاول منعها وهي تردد بتوسل
= انتٍ بتعملي ايه بتلمي شنطه هدومك؟ لا يا ضحى مش للدرجه دي خرب البيت وحش يا حبيبتي ما تخربيش على نفسك هي اول خناقه يعني وبترجعوا تتصالحوا
التفتت ضحي برأســها ناحيتها وهي شاعرة بتلك الآلام الموجوعة وهتفت بابتسامة باهتة
=لا يا ماما المره دي غير كل مره، ورحمه ابويا ما هقعد فيها ثانيه واحده بعد كرامتي اللي اتهانت وما فكرش حتى يسال ايه اللي حصل وكل إللي همه بس شغله اللي هيبوظ! وكله كوم وانه بيساومني على الطفل أني أنزله.. خلاص منذر اتبدل لواحد تاني خالص عمته القسوه والمصلحه!! عاوزه تفضلي براحتك بس انا همشي وهطلب الطلاق كمان.
** ** **
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قابل للكتمان)