رواية غوثهم الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم شمس محمد
رواية غوثهم الجزء الثالث والعشرون
رواية غوثهم البارت الثالث والعشرون
رواية غوثهم الحلقة الثالثة والعشرون
_قلبٌ تائبٌ عن الزاد والهوىٰ أتى عِند عينيها وهوىٰ، أنا من حَسبت نفسي زاهدًا قلبي في الحب ثابتًا لا يميل، وبنظرةٍ منها ارتشف من داء الحُبِ كأسًا وأصبح في هواها هو العليل، فأي داءٍ من الحب يوصفه لي الطبيب، أم أن الشفاء فقط بجوار الحبيب، غدوت أهيم في أرجاء المدينةِ وأنا الغريب، وأصبح الصبر لا يسعني على الرغم من كوني “أيوب” ولا قلبي الضعيف يتحمل معضلة “يعقوب”.
***************
<“عادوا من جديد…والإرادة ليس من حديد”>
في الطريق العمومي، كان “إسماعيل” يقود سيارته مقررًا العودة إلى بيته بعدما تأكد من كافة الأمور الخاصة بالحفل، كان يشعر بالتعب والإرهاق يصارع الطريق لكي يعود وينعم بالراحة، وهل مثله كُتِبَت له الراحة؟؟.
قبل أن يستغرق في التفكير أكثر من هذا وجد أربع سيارت دفع رُباعي تعترض طريقه حتى أوقف هو سيارته فورًا قبل أن يصطدم بأيٍ منها، فوجد أحدهم يفتح باب سيارته ويسحبه منها فرفع كفيه مستسلمًا وهتف بحدةٍ:
_إيدك يا غالي لاتوحشك، على الهادي يا رايق.
دفعه الرجل بالسلاح، فزفر بقوةٍ وتمم على مديته الصغيرة في جيبه فوجد باب إحدى السيارات يُفتَح ونزل منه رجلّ أشقر يبتسم بسماجةٍ جعلت “إسماعيل” يبستم بسخريةٍ وهو يقول:
_الخواجة بنفسه ؟؟ يحرقك ويحرق معرفتك يا بعيد.
اتسعت إبتسامة الأخر وهتف باستفزازٍ بلغة عربية ركيكة:
_معلش يا “إسماعيل”…هحطك تحت الإقامة الجبرية.
اتسعت عينا “إسماعيل” بخوفٍ وخاصةً وهو يجد الرجال يتجهون نحوه، فالقادم لم يكن يسيرًا، فهاهو شارف على خوض معارك جديدة يحاول بكامل طاقته لنسيانها وإخراج أثرها من ذاكرته، لكنها كما الحبر الملتصق بالورق تشعبت حتى سكنت في أدق الخلايا، اقترب أخرٌ منه يحاول تكبيله فهتف “إسماعيل” بطريقةٍ سوقية لعله يوقفهم عن الحركة:
_بس ياعم أنتَ وهو !! إيدك يابا لا توحشك والمرة دي بجد
دفع أحدهم بيده بعيدًا عنه ثم التفت للأخر يركله بقدمه في بطنه، لم يكن مستسلمًا ذات يومٍ إنما اعتادت على المحاربة، لذا أخرج مديته الصغيرة فجأةً وهتف بنبرةٍ جامدة وهو يلهث بأنفاسٍ مُتقطعة:
_ولا ؟؟ اللي هيقرب مني وربنا المعبود اسيبله تذكار في وشه، واللِعب اللي معاكم دي تحطوها في جيبكم، أرجع ياض منك ليه.
أمرهم “ماكسيم” بالابتعاد عنه بنظراته ليقف “إسماعيل” بمفرده أمامهم ثم رفع مَديته وهو يقول بنفس النبرة القوية:
_اللي عندك أرميه يا خواجة، لو عجبني هاخده، معجبنيش يبقى كأنه وقع على الأرض ميستاهلش أوطي أخده.
ابتسم “ماكسيم” بخبثٍ وأشار لمساعده لكي يتولى هو مهمة التحدث عنه، فاقترب شابٌ يقرب “إسماعيل” في السن يتحدث اللغة المصرية بطلاقةٍ على الرغم من جنسيته الأخرىٰ:
_بص يا “إسماعيل” من الأخر كدا مصلحة حلوة ليك، أظن أنتَ فاهم المصلحة دي نوعها إيه، واللي أنتَ عاوزه هتاخده، بس المرة دي المصلحة كتيرة أوي وهتفرحك، هيبقى غباء منك لو رفضت.
ابتسم “إسماعيل” باستخفافٍ ونطق بتهكمٍ:
_فهمت، يفتح الله يا ريس، الشغلانة دي بطلتها خلاص، روح أحفر وهات أي شيخ ملهوش لازمة زيك كدا وهو يدلك.
تدخل “ماكسيم” يقول بنبرةٍ ظنها ثابتة لكنها كانت مندفعة جعلت الأخر يتشبث بحبال المُعاندة:
_يا “إسماعيل” أنتَ فاهم بتوفر علينا قد إيه، كتير أوي، يبقى أنتَ تستاهل الخير دا، بدل ما نتعب نفسنا ونحفر ونجيب شيخ، عندنا أنتَ أهو، اعتبر نفسك موهوب وأنا بستثمر فيك.
هتف “إسماعيل” بحدةٍ بالغة يتهكم بحديثه ويسخر من الأخر الذي تحولت ملامحه في لمح البصر إلى الغضب:
_ولا فُكك من جو العبط دا، أنا مش محمد صلاح بروح أمك علشان تستثمر فيا، واللي عندك أعمله وأعلى مافي خيل اللي جابوك دربوه واركبوه.
أشار “ماكسيم” لرجاله برأسه حتى التفوا حول “إسماعيل” يكبلون حركته وذلك من خلال إرجاع يديه للخلف يمسكهما أحدهم والأخر اقترب منه يقف أمامه بنظراتٍ مُهددة، وقد جاوره “ماكسيم” الذي أخرج سلاحه ورفعه في وجه “إسماعيل” وهتف بنبرةٍ هادئة على عكس الوضع بأكمله:
_هي واحدة بس…طلقة واحدة وتبقى كل حاجة خلصت.
ابتسم “إسماعيل” باتساعٍ وزادت ثقته وانتفخت أوداجه وهتف مُستخفًا بما يفعله الأخر:
_طب يلا، على البركة يا ريس.
تعجب “ماكسيم” من بروده بل إنه اغتاظ من لامبالاته، حينها أبتسم “إسماعيل” بخبثٍ وهو يقول بلامبالاةٍ طغت على حديثه:
_أقولك اخطفني أحسن، على الأقل دي مضمونة.
تحدث “ماكسيم” من بين أسنانه بغيظٍ حاول احتوائه والتحكم به لكن زمام الأمور فُلِتَ منه ليتضح عليه الغضب:
_أنتَ جايب الثقة دي منين؟؟ والأغرب هو برودك.
هتف “إسماعيل” بوجهٍ مبتسمٍ يعكس مدى ثقته في حديثه:
_علشان عارف إنك مش هتقدر تعمل أي حاجة، لو قتلتني هتبقى حمار، هتستفاد إيه يعني لما تقتلني ؟؟ ولا أي حاجة هتبقى زي اللي رقصِت على السلم، لا اللي فوق سمعوها…ولا اللي تحت لامؤاخذة شافوها، ذنوب سايحة على الفاضي واسمها رقاصة.
ظهر الغضب في نظرات “ماكسيم” وقد تضرج وجهه بحمرةٍ قاتمة تنذر بفعلٍ اهوج على وشك الإخراج من فوهته، ليضيف حينها “إسماعيل” بشجاعةٍ حقيقية:
_وفرضًا إنك خطفتني ونزلتني غصب عني ولا حتى متكتف، مستحيل يحصل اللي أنتَ عاوزه، علشان لازم أنا أكون راضي عن نزولي وراضي عن اللي بعمله، أظن كدا جربت مرة وكنت هضيع نفسك، يعني لا طايل بلح الشام ولا حتى عنب اليمن.
كان مُحقًا فيما يتحدث عنه، هذه الأمور أصبحت برضاه هو وكامل رغبته ووعيه حتى يتعرف على المكان وما يحتويه لذا سكنته ثقةٌ وشجاعةٌ جعلتاه يقف مرفوع الرأس يمسك لجام الخيل في يده كما اعتاد من صِغره ليأتيه ما يُبدد ثقته هذه عن طريق صفعةٍ نزلت على صفحة وجهه من كف “ماكسيم” الذي اغتاظ أكثر من ثقة “إسماعيل”.
رمش “إسماعيل” بغير تصديق مُرفرفًا بأهدابه وخاصةً وهو يشعر بذاك الشيء اللزج الذي مر بجانب شفته وقد كان خيطًا من الدم نزل نتيجة الخاتم الذي يرتديه الأخر، وقبل أن ينطق “إسماعيل” أو حتى يزمجر غضبًا لكرامته، وجد “ماكسيم” يرفع كفه لكي يهبط بالصفعة الثانية وقبل أن يحدث هذا وجد صوتًا نبرته قوية أوقفت فعله بقولها:
_طلاق تلاتة لو الكف دا نزل، لأكون قاطعه في نفس الثانية.
التفت “ماكسيم” لصاحب الصوت ولم يكن سوى “إيهاب” الذي كان يركب الدراجة النارية وخلفه مساعده “ميكي”، حينها ابتسم الغربي بغرورٍ وهو يهتف:
_لأ لأ….دا أنا كدا شاطر، عمهم بنفسه جايلي هنا !!
نزل “إيهاب” من على الدراجة وسار إليه بتؤدة وفي يده سيجارةٍ وضعها بين شفتيه وهو يجول في المكان بنظراتٍ ثاقبة ثم حرك رأسه مُشيرًا نحو أخيه هاتفًا بلهجةٍ أمرة بعدما ألقى سيجارته أرضًا:
_قول للعيال بتوعك يبعدوا عن أخويا ودا أمر مش طلب.
أشار لهم الأخر حتى ابتعدوا عن “إسماعيل” الذي ارتخت أعصابه براحةٍ كُبرىٰ وتبدل حاله إلى الأمان فور ظهور أخيه وحاميه الذي كرس حياته لأجله هو، وقد أصبح حُرًا بعد ترك الرجال له، حينها اقترب منه “إيهاب” يقف مقابلًا له فوجد الانكسار باديًا في نظراته وملامحه، حينها تحدث بنبرةٍ جامدة يستفسر من أخيه:
_ضربك كام كف ؟؟
تنهد “إسماعيل” بثقلٍ حينما فهم ما بفكر به أخوه وهتف بنبرةٍ خافتة:
_قلم وكان نازل بالتاني.
حينها سحبه “إيهاب” من رسغه ودفعه نحو “ماكسيم” وهو يقول أمرًا له بنبرةٍ جامدة لا تقبل المفاوضة أو حتى مجرد النقاش:
_يبقى اللي علمتهولك توريهولي دلوقتي، على مبدأنا الواحد باتنين، خد حقك بإيدك يا “إسماعيل” أنتَ مش عيل صغير هاخد حقك ليك.
اشتعل لهيب الحماس بصدر “إسماعيل” الذي وقف مقابل “ماكسيم” إثر دفعة أخيه له، وهنا نطق مساعد الأخر يحذره بقوله:
_لو اللي بتفكر فيه دا حصل مترجعش تزعل، “ماكسيم” بيه مش هيسكت أبدًا عن اللي بيحصل دا أو اللي هيحصل حتى.
حرك “إيهاب” كتفيه بلامبالاةٍ وقلب شفتيه كذلك وهتف بعدها باستهتارٍ:
_وإيـه يعني ؟؟ لو أنتَ فاكرها جاية معايا حظ وبوم طخ، أنا كنت صايع وبنصبلك الفخ.
طالعه الرجل بتعجبٍ وكذلك “ماكسيم” ليتفاجأ بكف “إسماعيل” يهبط على صفحة وجهه في ضربةٍ غير متوقعة، وعقبها “إسماعيل” بالأخرى أيضًا على وجنته الأخرى وسط حالة الذهول من رجال “ماكسيم” الذي اتقدت عيناه بغضبٍ جعل “إسماعيل” يميل عليه يهمس في أذنه بخبثٍ:
_لو كنت سلكت نتيك، كانت سِلكت سكتك، بس أنتَ مش سالك وغاوي لعب شمال، وأنا بصراحة غاسل أيدي من كل حاجة غلط، رَيح يا خواجة شكلك جاي من طريق طويل، وشك أصفر وباهت، ولا دا طبعه كدا ؟؟.
لم يصله الرد على حديثه، فقط صوت فكيه وهما يصطكان ببعضهما من شدة الغضب الذي حاول هو التحكم به فوجد “إيهاب” يقترب من أخيه بفخرٍ ثم وضع يده على كتفه يقربه منه وهتف بنبرةٍ رخيمة أظهرت مدى راحته:
_Good Evening
يا خواجة، معلش بقى إحنا عيلة محافظة مينفعش نبات برة البيت، Bye.
رحل بأخيه من المكان وركب معه سيارته بعدما أمر “ميكي” بنظراته أن يتبعهما بالدراجة فلحقهما على الفور وتحرك خلفهما ليقف “ماكسيم” بغضبٍ أشتعل عن السابق فصرخ بنبرةٍ عالية وعقبها بإخراج عيار ناري في الهواء من سلاحه كتعبيرٍ منه عن الغضب والهزيمة التي دمرته كُليًا.
__________________________________
<“أتى نهار الليْل…..وانتهى عذاب الوَيل”>
في صباح اليوم التالي في شقة “غالية” كانت تجلس على الفراش وبين ذراعيها “يوسف” ينام بهدوءٍ يضع كلا كفيه أسفل وجنته وبين فخذيه يحتضن الوسادة الصغيرة، ابتسمت بحبٍ وهي تداعب خصلاته فهذه العادة لازال يمارسها أثناء نومه، كفيه المضمومين أسفل وجنته، والوسادة التي يضعها بين فخذيه يشدد مسكته عليها، اخفضت رأسها نحوه تقبله على جبينه وهي تبكي بفرحةٍ جعلته ينتفض من نومه بخوفٍ فقالت هي بنبرةٍ مبحوحة:
_أنا يا حبيبي، أنا ماما، مالك خوفت كدا ليه؟؟
أمعن النظر في وجهها بعقلٍ مشوشٍ فلازال تائهًا بين نومه وواقعه، بينما هي تجولت في ملامحه بنظراتها القلقة لتجده يرتمي عليها يعانقها بثقل جسده، فطوقته هي بكلا ذراعيها معًا وسألته بصوتٍ مُضطرب:
_مالك يا حبيبي؟؟ إيه خوفك كدا ؟؟.
تنهد “يوسف” مُطولًا وهتف بنبرةٍ هادئة:
_أنا بس مستغرب، علشان متعودتش حد يصحيني، هو أنتِ كنتي نايمة جنبي طول الليل ؟؟.
سألها بلهفةٍ وهو ينظر لها بعدما تحرك للخلف قليلًا فحركت رأسها موافقةً ثم وضعت كفًا على وجنته تقول بتأكيدٍ:
_طبعًا، هو أنا هيجيلي قلب أبعد عن حضنك ؟؟ طول الليل بقرألك قرآن وأنتَ نايم جنبي، أنتَ وحشتني أوي أوي.
أبتسم لها بحبٍ شديد فوجد هاتفه يصدح عاليًا حينها التفت للهاتف يمسكه فوجدها المكالمة رقم ٣٥ من “إيـهاب” حينها انتفض من محله وضغط على زر الايجاب ليصله قول الأخر بضجرٍ:
_أنتَ فين يا عمنا ؟؟ النهاردة الخميس والحفلة بكرة، لازم تجيلي نشوف هنتعامل إزاي علشان كل حاجة تبقى جاهزة.
فرك “يوسف” خصلاته وتنهد بثقلٍ ثم هتف بنبرةٍ هادئة:
_طيب يا “إيهاب” شوية وهجيلك على البيت وبعدها نروح الكافيه نظبط الدنيا، كنت مع أمي وأختي.
هتف “إيهاب” بفرحةٍ لأجل الأخر فور سماعه سيرة أسرته:
_بجد ؟؟ بقيت معاهم ؟؟.
ابتسم “يوسف” ونظر لوالدته يطالعها بشوقٍ وهتف بنبرةٍ صادقة:
_لقيت روحي أخيرًا، الروح ردت فيا من تاني.
أبتسم “إيهاب” على الجهة الأخرى وهتف بتأثرٍ أنهاه بالمرح:
_ربنا يخليكم لبعض ويباركلك فيهم، يعني لقينا عروسة الواد “إسماعيل” خلاص ؟؟.
ضحك “يوسف” رغمًا عنه وهتف بنبرةٍ ضاحكة:
_ياعم شرف لينا، بس متحطش أمل أوي في الموضوع دا.
أنهى المكالمة مع صديقه فنظر لوالدته مرةً أخرى ليجدها تسأله بإحباطٍ بعدما استمعت لمكالمته:
_أنــتَ هتمشي تاني؟؟.
حرك رأسه موافقًا بقلة حيلة وهتف مرغمًا على التحدث:
_ للأسف لازم أمشي علشان ورايا حاجات كتير محدش غيري هيعرف يعملها، أنا مش هتأخر وبكرة الصبح هكون عندك هنا، بس خلاص أنا رجعت ومش هسيبك تاني.
تنهدت بعمقٍ وقالت بنبرةٍ باكية تعبر عما يجول بداخلها:
_خايفة عليك أوي، عاوزاك معايا متسبنيش، أنا ماصدقت أشوفك تاني، كنت متأكدة من رجوعك ليا بس ماكنتش أتوقع إنك تتأخر عليا كدا.
أمسك كفيها يقبل كلًا منهما على حٍدة ثم رفع عينيه نحوها يهتف بتأثرٍ:
_و أنا ماكنتش أعرف إنك مستنياني ومرحبة بيا كدا، وعد مني أخلص اللي ورايا دا وأخدك معايا علطول، يدوبك هتحرك علشان ألحق أرجعلك تاني، هتستنيني صح؟؟
سألها بلهفةٍ ليجدها تخطفه بين ذراعيها تربت علي ظهره وهي تقول بنبرةٍ أقرب للبكاء:
_هستناك عمر تاني فوق عمري بس ترجعلي قصاد عيوني.
دلفت في هذه اللحظة “قمر” تمسك في يدها صينية ممتلئة بأصناف الطعام المختلفة وقالت بنبرةٍ مرحة:
_جيبتلك جبنة وبيض ولبن وفطار ناس مرتاحة، مرضيتش أجيبلك فول وطعمية قولت شكلك ابن ناس واخد على العز.
ضحك رغمًا عنه وكذلك والدته فابتعد هو عن والدته وشاكس شقيقته بقوله:
_أنا ماكنتش متوقع إنك لبط كدا، بس أنا لازم أمشي مش هلحق أفطر، افطري أنتِ يا “قمورة”.
شهقت “قمر” بلهفةٍ وسألته بنبرةٍ حزينة:
_هتمشي تاني ؟؟ أنتَ جاي تعشمنا وتمشي ؟؟.
اقترب منها يربت على خصلاتها وهتف مُتكئًا على حروف كلماته:
_أنا جاي علشان روحي، أنا ماليش غيركم، بس ورايا كام حاجة لازم أخلصهم بنفسي، بكرة هتلاقيني عندك أو ممكن بليل كمان.
حركت رأسها موافقةً لكنه لمح الحزن في نظراتها لذا ضمها إليه يقربها منه وقال بصدقٍ يبدد به مخاوفها:
_هجيلك تاني والله، وهفطر معاكي كمان، أنا مش بعيد عنك.
رفعت عينيها له تقول بصوتٍ مختنقٍ:
_هستناك يا “يوسف”.
_وأنا مش عاوز اكتر من كدا يا روح قلب “يوسف”.
عانقته من جديد فربت هو على ظهرها ثم التفت لوالدته يقول بنبرةٍ صبغها بالمرح:
_يلا يا “غالية” تعالي في حضني أنتِ كمان.
اقتربت منه تستقر أسفل ذراعه هي الأخرى وهو يضمهما إليه بجوار قلبه يستشعر بنبضاته لأول مرّةٍ وكأنه ظهور عائلته أحياه من جديد.
__________________________________
<“لم أكن خائنًا….لكنها دُنيا تأبىٰ الأمين”>
كان “إيهاب” جالسًا على مقعد السُفرة فوجد “سمارة” تقترب منه الطاولة وهو يبتسم لها فوجدها تضع الصحون فوق الطاولة بعنفٍ جعل جسده يجفل وثبت نظره عليها فوجد وجهها مُتهجمًا، حينها سألها بتعجبٍ من حالتها:
_مالك يا بومة ؟؟ هو حد جِـه جنبك ؟؟.
رمقته بطرف عينها ثم هتفت بنبرةٍ محتدة:
_ابعد عني الساعة دي أنا مش طايقاك.
عقد ما بين حاجبيه وأشار نحو نفسه مستنكرًا:
_أنا !! مش طيقاني ليه ياختي، واكل ورثك؟؟
كادت بسمة ترتسم على شفتيها لكنها طفت هذه البسمة وعادت للوجوم من جديد، فرفع صوته يحذرها بقوله:
_”سمارة” !! عدي يومك معايا أنا دماغي مقلوبة، لاوية بوزك ليه على الصبح ؟؟.
زفرت بقوةٍ ثم سحبت مقعدًا تجلس عليه وهتفت بنبرةٍ جامدة:
_يابن الناس هو أنا هنا زي قِلتي؟؟ صحيت امبارح ملقتكش موجود، وبسألك مش عاوز تجاوبني، وراجع ولا أكن حاجة حصلت، بتغني ورايق، دمي أنا يتحرق وأنتَ رايق ؟.
فهم هو سبب ضيقها لذا هتف بنبرةٍ جامدة:
_ماهو علشان محصلش حاجة، قولتلك “إسماعيل” عربيته عطلت على الطريق وكان لازم مساعدة، خدت “ميكي” ونزلت، عاملة حوار ليه على الصبح ؟؟.
هتفت بنبرةٍ هادئة تقول بطريقةٍ أكثر لينًا:
_ماهو بصراحة مش قادرة اصدقك، عينك كدبت عليا وأنا بعرفك لما تكدب، بس ياريت تفتكر إنك مش حر نفسك زي الاول وإني متعلقة في رقبتك، شقاوتك وفتحة صدرك في وش الدنيا دي هتيجي علينا إحنا في الأخر، توعدني إنك تخلي بالك من نفسك وتبطل تمشي في مشاكل تاني ؟؟.
نظر لها بقلة حيلة فوجدها تمسك كفه وهي تقول بتوسلٍ تحاول استعطافه به:
_يا سي “إيهاب” أنا خايفة عليك أنتَ، الأول كنت بتروح بقلب جامد وكل اللي كان عليك إنك مش في رقبتك حد، دلوقتي أنا ليك أهو، وماليش غيرك والله، سوئت عليك النبي يا شيخ توعدني إنك تخلي بالك من نفسك.
رفع كفه يربت على كفها وهتف بنبرةٍ هادئة على عكس طبيعته وعادته:
_قبل ما أوعدك أنا لازم أقولك أني لو معملتش كدا الدنيا هتدوسنا يا “سمارة” الناس مبترحمش بقوا زي الغول، أنتِ و “إسماعيل” في رقبتي ليوم الدين، اللي ييجي جنبكم أكله بسناني، علشان كدا آمنكم وبعدها إن شاء الله اترزع جنبك هنا العمر كله.
سألته بتوجسٍ وكأنها تخشى التفوه أمامه:
_يعني مش هتوعدني برضه يا عمهم ؟؟.
ضحك رغمًا عنه واقترب منها يقبل رأسها ثم هتف بنبرةٍ حاول صبغها بالمرح:
_وربنا المعبود ما فيه عمهم غيرك أنتِ.
ضحكت رغمًا عنها ونظرت له بقلقٍ وخاصةً حينما تهرب منها بنظراته يضع عينيه على أطباق الطعام.
__________________________________
<“تتوالى الصفعات والوجه من حديد”>
انتفض “مُـحي” من محله فور انتهاء حديث “إسماعيل” الذي أخبره بما حدث معه بالأمس، ليقول الأخر مستنكرًا بدهشةٍ:
_تاني يا “إسماعيل” ؟؟ حطك في دماغه تاني؟؟
حرك رأسه موافقًا بقلة حيلة ثم هتف بنبرةٍ خافتة:
_للأسف، ولو “إيهاب” حطه في دماغه يبقى اللي جاي هيتعب الكُل معاه، أنا اللي عليا أني ارفض زي ما أنا واللي مني يخلوا بالهم من نفسهم، ماضمنش ممكن يعمل إيه في اللي ليا، وأظن يعني أنتَ مني وتخصني، يعني خلي بالك.
حرك رأسه موافقًا ثم سأله من جديد بأملٍ طفق يظهر عليه
_يعني أنا منك وأخصك بجد؟؟ ولا لسه شايل مني؟
تنهد “إسماعيل” بثقلٍ وجلس بجواره يضع يده على كتفه يهتف بقلة حيلة:
_شوف صحيح أنتَ طلعت عين أبويا، وكفرت سيئات اللي خلفوني بس برضه غصب عنك احنا واحد كلنا ملناش غير بعض هنا، خلي بالك من نفسك وبلاش حريم الأيام دي، محدش ضامن ممكن يستغلوا النقطة دي.
زمجر “مُـحي” وهتف بضيقٍ يعبر عن استياءه:
_يوه !! حد برضه يستغل نعمة ربنا أنه يعمل كدا، ياعم خليهم يستغلوها كويس بس وأنا في الخدمة سداد.
قبل أن يُعلق “إسماعيل” بسخريةٍ عليه فُتِح الباب ودلف منه “نَـعيم” بهيبةٍ ووقارٍ وهو يقول بنبرةٍ جامدة:
_مطلعتش سلاحك ليه وتخلص عليهم امبارح ؟؟ إزاي يعني تستنى يضربوك ؟؟.
وقف “إسماعيل” بسرعةٍ فهتف “نَـعيم” مرةً أخرىٰ بنفس الطريقة الجامدة التي أعربت عن ضيقه:
_ اسمع !! اللي ييجي جنبك تاني خلص عليه، سواء أنتَ أو البيه الكبير اللي مقاليش على اللي حصل دا، لولا “ميكي” وقع بلسانه قدامي، بس ماشي خلصوا حفلتكم بس ونشوف صرفة ليكم.
خرج من الغرفة مرةً أخرى فقال “مُـحي” بسخريةٍ بعدما رفع صوته حتى يصل لأبيه:
_براحتك يا حج، المهم النسوان برة الموضوع دا.
ضحك “إسماعيل” رغمًا عنه وهو ينظر للأخر بقلة حيلة الذي ضحك هو الأخر معه.
__________________________________
<زارنا ضيفٌ ثقيل الوجود؛ أخذ منا الفرح وترك الوعود>
كانت “فاتن” تجلس برفقة “عهد” وأسرتها الصغيرة تنتظر عودة “يوسف” معهن وقد دارت بينهن أحاديث كثيرة كانت “عهد” تستمع لهن وهي تداعب خصلات الصغيرة “وعد”، فأضافت “فاتن” بعدما تنهدت بعمقٍ:
_للأسف “يوسف” طول عمره قافل على نفسه من الدنيا كلها، م سامح لحد يدخل جواه، كله المرحوم أخويا، كان قمور زيه كدا، بس الطبع مختلف خالص.
انتبهت لها “عهد” ونطقت بتبرمٍ وضيقٍ:
_أكيد الصفات الرخمة دي اكتساب منه مش جينات وراثية، مين طبعه يبقى رخم كدا غير نسخة واحدة منه هو.
ضحكت “وعد” حينما استمعت لها فلكزتها شقيقتها في كتفها ونظرت لها بعينين مُتسعتين تحذرها من التحدث، وحينها صدح صوت جرس الباب وقد تحركت “عهد” من محلها تفتح الباب بعدما فكت حصار مقابضه بالملزلاج الحديدي وكذلك أدارت المفتاح وقد سبق ووضعت غطاء رأسها لتجده هو أمامها مبتسم الوجه وقال بسخريةٍ:
_أهلًا أستاذة “عـهد” لو تكرمتي ياريت تناديلي عمتي.
رمقته بطرف عينها وهتفت بتهكمٍ:
_الله ؟؟ وأنا مالي بتقولي ليه أصلًا؟؟.
اتسعت ابتسامته أكثر وهتف بنبرةٍ هادئة وكأنه أكثر راحةً واسترخاءً:
_دا أنتِ قلبك أسود أوي، ماشي يا ستي خليها علينا، هاتي عمتو بس علشان ورايا مشوار ضروري ولازم أشوفها قبل ما أنزل.
أتت عمته من الداخل تسأله بلهفةٍ فور وصولها صوته:
_حبيبي، أنتَ جيت ؟؟ كنت فين؟؟
نظر لها بقلة حيلة وهتف بنبرةٍ هادئة:
_كنت في مشوار مهم، تعالي يلا علشان اتطمن عليكي قبل ما أنزل تاني، كتر خير الناس لحد كدا.
حركت رأسها موافقةً وتحركت معه تسبقه نحو شقته، فيما هتفت “عهد” بلهفةٍ توقفه بقولها:
_ممكن لو حضرتك هتنزل تاني تقولها تيجي تقعد مع ماما هنا و”وعد” ؟؟ يعني يونسوا بعض لحد ما أرجع من شغلي.
التفت ينظر لها برأسه فالتقت نظراتهما سويًا ليجد الأمل باديًا على نظراتها وكأنها تنتظر منه جوابًا في غاية الأهمية وأمام براءة هذه النظرات لم يملك سوىٰ قطع الوعد بنظراته ونطق مؤكدًا:
_وعد مني كل ما أنزل من هنا، هتفضل تيجي هنا عندك، بس نصيحة مني بلاش “ميادة الحناوي” خليكِ في “أم كلثوم” كفاية نكد كدا.
التفت من جديد يكتم ضحكته على هيئتها المذهولة بعدما تدلى فكها للأسفل واتسعت عيناها بدهشةٍ حتى اختفى أثره من المكان، فتحدثت هي بدهشةٍ:
_الواد دا سمعني ولا إيه ؟؟ يا مُرك يا “عهد” يعني هو اللي كتب على السبورة يرد عليا ؟؟؟.
تفاجئت من قولها لنفسها ثم شهقت من جديد وأغلقت الباب وكأنها تحتمي في شقتها من تواجده.
دلف “يوسف” خلف عمته الشقة فسألته هي بلهفةٍ:
_كنت فين يا “يوسف” ؟؟ أنتَ كويس صح؟؟
جلس على المقعد باسترخاءٍ وجاوبها بلامبالاةٍ:
_كويس أوي أوي فوق ما تتخيلي، تقدري تعتبريني اتولدت من جديد تاني.
نظرت له بتعجبٍ فتجاهلها هو وسألها بنبرةٍ بدت كأنها مجرد أحاديثٍ عابرة:
_قوليلي صحيح، مرتاحة عند أم “عهد” ولا بتضايقي معاهم؟؟.
ردت عليه بسرعةٍ وهي تجلس أمامه تمحي ظنونه:
_بالعكس، دول ناس حلوين اوي وشبهي، حياتهم صعبة أوي وشافوا كتير، و “عهد” دي زي السكر بنت مؤدبة وجميلة أوي ربنا يعوضها بدل الحيوان اللي اسمه “سعد” دا.
انتبه لها “يوسف” فاعتدل في جلسته يسألها باهتمامٍ:
_ماله الزفت ؟؟ هو عمل حاجة ليها ولا إيه؟؟.
ردت عليه بنبرةٍ طغى عليها الحزن:
_للأسف بيهددها برسايل من أرقام كتير، وبيفضل يبصلها علطول، وبيتلكم عنها مع الناس إنها لسه تخصه وأي عريس ييجي يتقدم ليها يتدخل ويبوظ الموضوع، مامتها قالتلي إنها جالها عرسان كتير وللأسف كلهم محترمين ويستاهلوها بس هو بيسلط ناس يتكلموا عنها ويبعتهم بيت أهلها، وهناك عمتها بتكمل هي كمان وتغلط فيها وفي أمها.
تحدث هو بنبرةٍ جامدة وقد شعر بالحنق يستولى عليه من أفعال “سعد” المشينة تجاه المرأة وفتاتها:
_يعني خلاص ملهوش كبير يوفقه عن حده؟؟ واحدة ورفصت واحد وخلاص، مش موضوع بقى علشان ياخدها حكاية، وهي المفروض توقفه عند حده.
سألته عمته بقلة حيلة تعبر له عن مدى وضاعة الأمر في المجتمع بأكمله:
_أنتَ عارف فيه كام بنت زي “عهد” يا “يوسف” ؟؟ كتير أوي، شباب بيحبوهم لدرجة الهوس، لأغراض للأسف مش كويسة، وبمجرد الحصول على الغرض، كل شيء بيرجع زي الأول، حب هوس أو امتلاك، إنما حب شخصي، لأ للأسف….طب والله لو كان عندي ولد تاني كنت جوزتهاله.
رفع عينيه نحوها يقول بتهكمٍ لاذع:
_أنتِ لو عندك ولد تاني مستحيل كنت هخليه يتجوز علشان السُلالة الهباب دي متتكاثرش وتطفح زي الباكبورت في وشنا، كفاية الحيلة الأول اتجوز وربنا يستر من خِلفته.
نظرت له بعينين دامعتين وهتفت بتأثرٍ:
_تصدق أنه وحشني، نفسي أتطمن عليه أوي.
رفع حاجبيه مستنكرًا وهتف مُستخفًا بها:
_طب ما أمي كانت عايشة على أمل إنها تشوفني، حرمتوها من الأمل دا ليه ؟؟ أظن من العدل إنك تجربي الحرمان دا زيها.
نظرت له ببكاءٍ ثم نكست رأسها للأسفل بخزيٍ منه تهرب من نظراته الموجهة نحوها، بينما هو قرر اللعب معها لو قليلًا لذا قرر إخفاء خبر إيجاد والدته و وقف يقول بفتورٍ:
_أنا هدخل أغير هدومي علشان نازل، عاوزة حاجة؟؟
ردت عليه بقلة حيلة وهي تمسح وجهها:
_شكرًا، ياريت بس متتأخرش عليا.
تنهد هو بعمقٍ ثم قرر الدخول متجاهلًا إياها فشاغله الأكبر الآن هو والدته وشقيقته الذي اضطر آسفًا أن يتركهما لكنه قرر أن يتبدل الوضع بأكمله من جديد ليضمن سلامتهما
__________________________________
<“زارنا الفرح مرة…فتشبثنا به مراتٍ”>
في منتصف اليوم كانت “مهرائيل” تجلس بجوار”آيات” في غرفتها والأخرى تفرك كفيها ببعضهما بتوترٍ جعل الأخرى تقول بضجرٍ منها:
_ بت !! أنا خُلقي ضيق، متوترة ليه؟؟ مش الواد دا عمال ينطلك في كل حتة ؟؟ زعلانة بقى ولا إيه؟؟.
هتفت “آيات” بصوتٍ مهتزٍ من فرط توترها:
_بصراحة متوترة أوي، يعني الرؤية الشرعية دي بتكون موترة أوي و “تَـيام” دا بيوترني من غير أي حاجة، خايفة أقعد معاه لوحدنا، بس جوايا حاجة كدا متشوقة أوي لموضوعنا يكمل يا “مهرائيل”.
جلست بجوارها “مهرائيل” تتحدث بنبرةٍ هادئة تحاول تبديد توترها هذا بقولها:
_ بس بصراحة يعني هو ذوق أوي، ومحترم، وبالنسبة ليا أفضل من “أيمن” الإتم دا مليون مرة، مفيش أصلًا مقارنة بين الاتنين، بعدين النهاردة هيبقى القرار النهائي وبعدها الخطوبة، بعدين دا شكله كتكوت أوي، شوفتي قدم اليوم وخلاه الخميس بدل الجمعة إزاي ؟؟.
ضحكت “آيات” و هتفت بنبرةٍ خافتة:
_بس قلبي بيقولي أنه طيب، وأنا بصدق قلبي أو يا “مُهرة”
احتضنتها “مُهرة” وهي تقول بصوتٍ مختنقٍ من فرط الحماس:
_ياروحي، ربنا يفرحك ويكمل موضوعك معاه على خير يا رب، بت لو فكر ياخدك مني أنا هقتله وأبلعه، محدش ياخدك مني، فاهمة ؟؟؟.
حركت رأسها موافقةً وهي تضحك بسعادةٍ والأخرى تتشبث بها تراها كما ابنتها وليس مجرد صديقة جمعت الدنيا طرقهما سويًا، إنما كلٌ منهما تتمسك بالأخرى كما يتمسك الغريق بطوق النجاة.
بعد مرور عدة دقائق في مندرة بيت “عبدالقادر” اجتمع بأبنائه مع ابنيه ومعهما “بيشوي” و “تَـيام” و والدة “تَـيام” التي جلست بينهم بوقارٍ تبتسم بهدوءٍ بعدما اقتبست البسمة من وجه ابنها، كان “تَـيام” جالسًا بجوار والدته مُبتسم الوجه وحينما وجد الصمت مُخيمًا على الجلسة مال على “بيشوي” الذي أمسك طبق الحلو يأكل منه، فلكزه في كتفه يهمس بحنقٍ:
_ما تنطق يابني، هو أنا جايبك هنا ليه؟؟ قول ياعم.
زفر “بيشوي” بضجرٍ وترك طبقه ثم هتف بنبرةٍ هادئة:
_مساء الخير يا حج، إحنا جايين طالبين القُرب منك في بنتك المصون الآنسة الكريمة “آيات”.
نظر له “عبدالقادر” وهتف بتعجبٍ:
_لمين ؟؟؟
كتم “أيهم” ضحكته و كذلك “أيوب” فيما نطق “تَـيام” بلهفةٍ أعربت عن دهشته:
_هو إيه اللي لمين ؟؟ هو أنا شفاف يا حج؟؟
ضحكت والدته فنطق “عبدالقادر” ببلاهةٍ:
_ولما هو ليك يا أستاذ، أتكلم أنتَ.
نظر له “تَـيام” بخجلٍ وهتف بنبرةٍ هادئة:
_بصراحة مش جايلي عين، ومش عارف ليه.
تفهم “عبدالقادر” حاله وما يشعر به لذا تنهد بعمقٍ ورسم إبتسامة هادئة على ملامحه يهتف بصدقٍ:
_عيب عليك لما تبقى في بيتك وتبقى مكسوف كدا، أقف قدامي وقولي طلبك وأنا هرد عليك.
سحب “تَـيام” قدرًا هائلًا من الهواء داخل رئتيه ثم رفع رأسه بثباتٍ وهو يقول بلهجةٍ خافتة:
_طب، اسمحلي يا حج “عبدالقادر” أطلب منك إيد الآنسة “آيات” بنت حضرتك علشان تكون مراتي ونكمل مشوار حياتنا سوا، وطبعًا دا شرف ليا إني أناسب العيلة وتكون جوهرة غالية زيها من نصيب العبدلله، قولت إيه يا حج؟؟
نظر له “عبدالقادر” بوجهٍ مبتسمٍ ثم نظر في وجه الجالسين ليجد الفرحة على وجوههم، حينها أبتسم هو الأخر باتساعٍ أكثر من ذي قبل وقال:
_و أنا علشان كلامك الحلو دا هسمع رأيها هي الأول قدامنا وبعدها أقولك رأيي، متزعلش دا حقها عليا كأب.
حرك رأسه موافقًا وأضاف بإذعانٍ له:
_اللي تشوفه يا حج تحت أمرك طبعًا مقدرش أكسر كلمتك.
في الخارج كانت كلًا من “آيـات” و “مهرائيل” تقفان بجوار بعضهما والبسمة الفرحة تشق وجهيهما، فوصلهما صوت “عبدالقادر” وهو ينادي على ابنته حتى تنحنحت هي عدة مراتٍ ثم دلفت والأخرى معها تجاورها، فسألها “عبدالقادر” بنبرةٍ ضاحكة:
_أظن سمعتي ومش هنجدده، موافقة يا “آيات” ؟؟.
رفعت عينيها نحو “تَـيام” الذي شعر بالقلق حتى جال بخاطره أن تلك الفترة السابقة ماهي إلا اختبارٌ منها وبالطبع بسبب طريقته رسب في هذا الاختبار، بينما هي أثلجت نيران روحه حينما هتفت بنبرةٍ خافتة:
_بعد إذن حضرتك يا بابا وبعد إذن أخواتي من بعد حضرتك، أنا موافقة، وربنا يجعله الزوج الصالح ليا ويجعلني خير الزوجة الصالحة ليه.
تنهد “تَـيام” براحةٍ وكأن هناك جبلٌ أُزيح من فوق صدره بمجرد نطقها بالموافقة الأكيدة، وقد انفرجت شفتاه ببسمةٍ راضية خصيصًا حينما قال “أيوب” بنبرةٍ هادئة:
_وأنا عن نفسي موافق، كفاية أني هبقى متطمن على أختي معاه، والفترة الجاية بقى يتعمله إعادة تأهيل محترمة.
هتف “تَـيام” بنبرةٍ ضاحكة يقول:
_ياعم إن شاء الله تطعموني من جديد وأسنن عندكم هنا.
هتفت “نجلاء” بنبرةٍ فرحة وهي تطالع وجه “آيات”:
_أنا بس عاوزة أقول لحضراتكم إني معنديش غير “تيام” ربنا مأرادش أني أجيب غيره وحمدت ربنا على كدا، كان نفسي في بنوتة وإن شاء الله أنا هعتبر “آيات” بنتي، يعني في عينيا وفي إيد أمينة معايا، ووعد مني ابني ميزعلهاش ولو حصل وزعلها أنا هقف في صفها.
تدخل “أيهم” ينطق بثباتٍ صبغه بالمرح ليرسل رسالةً مُبطنة للأخر:
_على راسي يا ست أم “تَـيام” بس يؤسفني أقولك إنك مش هتلحقي تاخدي صف حد علشان لو البأف دا زعل أختي، مش هيلحق يتنفس بعدها، دي كنز عيلة “العطار” دي.
انتشرت الضحكات على حديثه وقد أيده “إياد” بقوله:
_أنا موجود اللي ييجي جنبها هزعله علشانها، دي تويتي حبيبتي.
رد عليه “تَـيام” بمرحٍ يستفسر منه:
_بقولك إيه يا باشا البشوات كلهم، سيبك منهم كلهم، أهم حاجة أنتَ موافق ؟؟؟ دا المهم عندي.
نظر له “إياد” بقلة حيلة وجاوبه مُستسلمًا:
_والله يابني بكرة نبقى مكانك، علشان كدا يلا موافق خلينا نفرح الناس ياكش نلاقي حد يفرحنا إحنا كمان.
هتف “أيوب” يشاكسه بقوله:
_وهو أنتَ هتفرح إزاي بلماضتك دي؟؟ وانهي عيلة هتعمل في نفسها كدا وتوافق عليك ؟؟
مال عليه “إياد” يجاوبه بنبرةٍ هامسة:
_بلاش أقولك أنهي عيلة، خليني ساكت علشان القمر عيلته شكلها مزعلاك.
رفع “أيوب” عينيه يراقب الوضع حوله ثم أعاد بصره من جديد نحو الصغير وهو يقول بنفس النبرة الهامسة:
_اقسملك بربي الليلة دي تتفض وهربيك من تاني.
على ضفةٍ أخرى كان “بيشوي” يراقبها بنظراته ووجهه مُبتسمًا، كانت ترتدي بنطالًا باللون الأسود وفوقه سترة بيضاء اللون الحذاء الرياضي باللون الأبيض، لاحظت هي نظراته نحوها فنطقت بصوتٍ مُرتبكٍ:
_طب عن إذنكم بقى هروح أجيب العصير.
تحركت من المكان نحو المطبخ فسحب “بيشوي” هاتفه وقام بضبط المـنبه لكي يصدح صوته بعد مرور خمس ثواني، ثم وضعه على الطاولة مرةً أخرىٰ، وبعد مرور المدة المحددة صدح صوت هاتفه فوقف هو يقول بثباتٍ برع في الاتصاف به:
_عن اذنكم دي مكالمة تبع الشغل ضروري أرد عليها.
تحرك من المكان نحو الخارج ثم ذهب للمطبخ فوجدها تقوم بسكب العصير وقد شعر بالامتنان لعدم وجود “وداد” بالمكان لذا دلف يحمحم بخشونةٍ من خلفها جعلت عينيها تتسع بذهولٍ والتفت على الفور لتجده يقف خلفها وقد باغتها بسؤاله الغير متوقع:
_هتفضلي تتجاهلي فيا لحد إمتى يا “مهرائيل”؟؟
هربت من النظر إليه ونظرت أرضًا وهي تقول بتلعثمٍ:
_أنا…أنا مش بهرب ولا حاجة، ههرب منك ليه يعني؟
هتف بنبرةٍ جامدة يرد على استفسارها:
_أسألي نفسك يا “مهرائيل”، كنت ناقص كمان إنك تتجاهليني؟؟ كان ممكن تقوليلي إنك مش عاوزاني بطريقة ألطف من دي شوية، بس شكلك اختارتي السهل، على العموم ردك وصل عليا.
تحدثت هي بلهفةٍ وقد بدا البكاء بالاعلان عن نفسه:
_بس أنا مش قاصدة اتجاهلك، ومبحبش حد يفرض حاجة من عنده عليا، لو سمحت ياريت متتسرعش في حكمك عليا لاني مش هتحمل حد يظلمني أبدًا.
أقترب منها أكثر يسألها بنفاذ صبرٍ وقد شعر بالضيق أكثر:
_أومال إيه يا “مهرائيل” ؟؟ لو مش تجاهل منك يبقى إيه؟؟ كل دا علشان عاوز اتجوزك ؟؟ أبوكِ مطفحني الدم وأنتِ بتكملي معاه ؟؟ اللي مخليني أكمل في الموضوع دا هو أني شايف القبول في عينيكِ، بس لو هتبقى كدا يبقى كملت منك ومش هفرض نفسي عليكم، سلام.
تركها وعاد للجلسة من جديد بوجهٍ مُقتضبٍ، بينما هي خلفه وقفت تبكي بحزنٍ وهي تقف عاجزة عن الدفاع عن نفسها ولم تملك القوة في توضيح الأمور وهي نفسها لم تفهم ما يجول بخاطرها، تريد تركه حتى ينعم بالراحة بعيدًا عن صراعات والدها وتريد البقاء معه وهي تراه بطلها الوحيد، لذا تقف كما هي تحاول التشبث بفرحة رفيقتها لعل هذا يُبعد الحزن عنها.
__________________________________
<اتخذت من كل السُـبل الرحيل، وكأن لم يكن هناك البديل>
بعد مرور بعض الوقت من جلسة “تَـيام” مع الرجال رحل مع أمه ومعهما “بيشوي” بعد الاتفاق على مقابلةٍ أخرى يتم بها تحديد الزواج والاتفاق على كافة شيءٍ، وقد انتظر “أيوب” هذا الرحيل ومن بعدها فراغ البيت عليه، لذا أخذ حقائبه وأمتعته ونزل حتى ردهة البيت فوجد “عبدالقادر” يقف له في ردهة البيت وهو يقول بقلة حيلة:
_برضه ماشي ؟؟ لازمته إيه تبعد عني تاني؟؟ اليوم الواحد بعيد عنك صعب والله، خليك معايا يا “أيوب”.
هتف “أيوب” بنبرةٍ هادئة وهو يضع الحقائب بجوار بعضها:
_والله العظيم أنا محتاج أروح هناك، محتاج أروح أرتاح من كل دا، مش هروب بس واحد متأكد من مكان راحته، وعد مني مش هتأخر وأول ما أعرف أشم نفسي هناك هجيلك، مش هقدر أغيب عنك يا “عبده”.
نظر له والده بسخريةٍ وهتف بغلبٍ على أمره:
_والله العظيم أنتَ تعبت “عبده” معاك وطلعت عينه، خلي بالك من نفسك ومتنساش تعمل الحاجات اللي “رقية” كانت بتحبها يا واد.
ابتسم بلمحة حزنٍ ظهرت في عينيه وهتف بنبرةٍ محشرجة:
_وأنا وقلبي منقدرش ننسى حاجة “رقية” بتحبها، ادعيلي بس أقدر أرجع تاني “أيوب” الزاهد اللي كان باله رايق.
احتضنه “عبدالقادر” يربت فوق ظهره ثم هتف بنبرةٍ متأثرة لأجل ابنه:
_هدعيلك ربنا يراضيك ويعوضك بحق صبرك على كل اللي فات، إن شاء الله ربنا يفرح قلبك الطيب دا يا “أيوب”.
ابتسم له الأخر وتنهد بعمقٍ وهتف بنبرةٍ هادئة:
_يــا صــبر “أيـــوب”.
ربت والده على كتفه ليميل هو ويقبله ثم ودعه بنظراته وحمل امتعته يخرج بها من البيت ثم وضعها في سيارته ثم ركب سيارته وأغلق بابها مقررًا الرحيل من هنا لعله يجد نفسه الضائعة، وفي قرارة نفسه علم أنه سيعود كما كان من قبل “أيوب” ذاك الزاهد وليس هذا المفتون.
وقف “عبدالقادر” ينظر في أثره على أعتاب البيت بعينين دامعتين ثم تنهد بثقلٍ وتحدث بصوتٍ خافتٍ خالطه الوجع:
_لو بأيدي كنت اتدخلت بس أنتَ نفسك عزيزة، ربنا يجعلها من نصيبك وتبقى هي “قـمـر أيـوب”.
__________________________________
<“الماضي عاد …. وبدون ميعاد”>
دلف “يوسف” محله بعدما ترك الحارة وقد تأخر بسبب النوم الذي داهمه فجأةً على غير المعتاد فوجد “إيهاب” يُلقي أوامره على الرجال والعمال بالمكان بنبرةٍ جامدة جعلتهم يخضعون له مُذعنين بكامل حواسهم وما إن رأى “يوسف” أمامه أمرهم بالتحرك، حتى فرغ المكان عليهما فسأله “إيهاب” بنبرةٍ جامدة:
_أنتَ كنت فين كل دا ؟؟ سايبني أحرق في دمي لوحدي؟
رد عليه “يوسف” بحيرةٍ بعدما تلبسه التعجب:
_مالك يا “عمهم” ؟؟ حد جه جنبك ؟؟.
تنهد مُطولًا وهتف بنبرةٍ هادئة:
_لأ، بس متوتر شوية، المهم كل حاجة تمام، والمسرح بيجهز برة و الورق والتراخيص معايا هنا، وكل حاجة وصلت، حتى الدعاوي، وكروت الدخول اللي هتتوزع بكرة، تمم على حاجتك يا عمنا بقى.
مد يده له بالأوراق وبكروت الدعوات، فأخذها منه “يوسف” يتفحصها بنظراته ثم أبتسم برضا تام وتحدث بامتنانٍ له يثني عليه:
_أنا كنت متأكد إن محدش هيعمل كدا غيرك يا “عمهم” جامد يا غالي، وإيه الكروت الجامدة دي؟؟ الصرف باين.
أبتسم له “إيهاب” ثم سحب واحدةً منهم يضعها نصب عينيه وهو يقول بزهوٍ:
_فُرسان الخريطة، وعليها “ليل” و “عنتر” أكتر حاجتين بيخلوا صاحبك يولع ، وريني شطارتك بقى وروحله اعزمه بدعوة حلوة من دول، واتوصى لحد ما أشوفك كمان شوية.
نظر له “يوسف” بتعجبٍ فوجده يجمع حاجته بعجالةٍ لذا سأله بلهفةٍ خالطها التعجب:
_أنتَ رايح فين ؟؟ مش المفروض نتابع سوا؟؟
هتف بنفس العُجالة:
_معاك ربنا يا عمنا، “إسماعيل” و “مُـحي” هييجوا كمان شوية وأنا تممت على كل حاجة، ظبطوا ولو فيه حاجة كلموني، بس لازم أمشي دلوقتي.
تحرك من المكان بلهفةٍ جعلت “يوسف” ينظر في أثره بتعجبٍ ثم هتف ببلاهةٍ:
_الواد دا ماله؟؟ يكونش اتجوز على مراته ؟؟.
بعد مرور دقائق تحرك “يوسف” من محله ثم توجه للمكان المقابل له الخاص بـ “سراج”، ولحسن حظه أو ربما سوءه وجده هو في وجهه، فابتسم بسخريةٍ وهو يقول:
_طب اسلك شوية وادخل اتفرج علينا من جوة، مش معقول يا جدع، واقف كدا عيني عينك تتفرج ؟؟.
زفر “سراج” بضيقٍ وهتف مُستخفًا به:
_خير يا “چـو” ؟؟ نورت مكاني والله.
حرك رأسه موافقًا وأضاف مؤكدًا بثقةٍ:
_دا كدا كدا يا غالي، شرف ليك أني أجيلك لهنا.
رفع “سراج” عينيه نحوه يطالعه بنظراتٍ مُتفرسة جعلت “يوسف” يُخرج بطاقة الدعوة من جيبه ثم اقترب منه يضعها في جيب قميص “سراج” الذي أخفض رأسه نحو قميصه ثم رفعها من جديد يقول بسخريةٍ:
_دا بقشيش ولا إيه يا غالي؟؟.
حرك رأسه نفيًا وأضاف مُعدلًا عليه:
_لأ ياعم مقامك محفوظ برضه، دي دعوة حضور الحفلة بتاعة بكرة علشان تيجي تلاقي كرسي تقعد عليه، جايب ناس مكسرين الدُنيا، عقبال فرحك كدا لما أوجب معاك بيهم.
هتف “سراج” بتقريرٍ أكثر من كونه مستفسرًا:
_يعني بترد على اليوم اللي كنت ناوي أعمله بكرة واللي عملته النهاردة ؟؟.
قلب “يوسف” شفتيه بتفكيرٍ عابرٍ ثم نطق بلامبالاةٍ:
_والله يابني أنا مش سامعلك صوت أرد عليه أصلًا، ومع ذلك هقولك الرد على السفيه بيفخم ويعلي فيه، اللي بنعمله دا يوم Free نفرح الناس بيه، عاوز تفرح تعالى مش عاوز براحتك كدا كدا الفرحة مش لايقة عليك، شبه البومة.
التفت “يوسف” حتى يغادر المكان فوصله صوت “سراج” يهتف بخبثٍ:
_على كدا هتعزم “نادر” و “شهد” كمان ولا بتعزم الغاليين بس عليك ؟؟.
التفت له “يوسف” يهتف بوجهٍ مبتسمٍ:
_لأ دي بقى أسأل أمك عنها.
رحل من جديد تاركًا “سراج” خلفه يتأكل من الغيظ حتى ضغط على حواف مكتبه بيديه معًا يحاول احجام غيظه قبل أن يتفاقم عن ذي قبل في فترةٍ يجب عليه التروي بها.
لاذ “إيهاب” بالفرار أخيرًا ليذهب إلى وجهةٍ محددة كان يصارع نفسه لأجل الذهاب إلى هُناك بعدما علم الطريق وذهب إليه، لذا كان يحاول الذهاب إلى هناك بأقصى سرعةٍ ممكنة جعلته يشق الطريق أسفله شقًا، حتى أوقف السيارة عند جسرٍ مائي يتوجب عليه عبوره لكي يتجه إلى بيتٍ يُطلق عليه “العوامة” باللغة الدارجة، لذا نزل من سيارته وعبر الجسر حتى وقف أمام بابٍ خشبي تُغطيه إضاءة تكميلية باللون البرتقالي، ابتسم بسخريةٍ على تطور الحال ثم طرق الباب بهدوء حتى فُتح له الباب وطلت منه فتاةٌ ما إن رأته ارتمت عليه تحتضنه وهي تقول بلهفةٍ:
_وحشتني أوي يا “إيهاب”.
رفع ذراعيه يطوقها بهما وهو يقول بشوقٍ هو الأخر:
_وأنتِ وحشتيني أوي يا “تهاني”.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غوثهم)