روايات

رواية غمرة عشقك الفصل السابع عشر 17 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل السابع عشر 17 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء السابع عشر

رواية غمرة عشقك البارت السابع عشر

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة السابعة عشر

انزلت الهاتف عن اذنها وهي عاقدة الحاجبين
وعلامات الاستفهام تلوح على وجهها…..
نظرت الى ابنها الذي ذهب في سباتٍ عميق بالمقعد الخلفي للسيارة…..
اطرقت باصابعها على عجلة القيادة وهي تحدث نفسها بحيرة…..
“ياترى عايزين في اي ياعز… واي الموضوع ده اللي مش هيستنا لاخر النهار يعني…..”
انطلقت بسيارتها عازمة الى الذهاب الى الشركة كما امرها…… بان هناك امرا يخصه ويجب ان تعرفه..
بعد لحظات دخلت الشركة باناقتها المعتادة طاقم كلاسيكيً انيقٍ له رونق خاص أظهر حسنها وبهاء
طلتها في الشركة، بشعرها القصير الجذاب ونظارتها البنية الشفافة والتي تظلل على عيونها العسلية الامعة بجمال أخذ……ومع اول خطوة تخطوها
بشركة كانت تخطف الأنظار وهي تسير بين المواظفين بخطوات متهادية خلابة وبيداها عربة صغيرة انيقة يرتاح فيها( علي)ابنها الذي استيقظ لتوه بعد ان وضعته امه بالعربة الصغيرة…….
اوقفتها أحد الموظفات وهي تقول بصوتٍ منبهر..
“الاعلاميه الجميلة اية الخولي…. انا مبسوطه اوي اني شوفتك……. ممكن صورة بعد اذنك لو مش هضايقك……”
اومات لها آية بنبرة رقيقة…..
“اي اللي هيضايقني…. انتي اسمك إيه…..”

 

 

“سارة….مبسوطه اوي اني شوفت حضرتك انا بتابع
البرنامج مخصوص عشانك… روحك حلوة وطلتك علينا كده خفيفة….. وكمان حضرتك ماشاءالله قمر
قمر بصراحه……” قبلت الفتاه وجنتها وهي
ترفع الهاتف للأمام حتى تلتقط صورةٍ معها للذكرة وهي في غاية السعادة فهي من المعجبين جداً ببرنامج (آية) وشخصها كذلك لا تفوت خبرا يخصها ومعظم اصدقاءها لن يصدقوا انها قالبتها أبداً….. وهذهِ الصورة خير دليل لهم…..
سالتها آية بفتور بعد التقاط الصورة….
“قوليلي ياسارة……عز الدين فوق في مكتبه….”
ردت الفتاة سريعاً وهي تنظر اليها بنفس الانبهار…
“هو فوق منزلش…… بس ممكن تسالي السكرتيرة بتاعته فوق اذا كان في مكتبه ولا في اجتماع…”
اومات لها آية بعد الشكر وهي تذهب وتدفع العربة الصغيرة امامها برفق…….
وصلت الى مكتب عز الدين وسألت السكرتيرة التي تعرفها جيداً وقد قامت بزيارة اخيها عدت مرات
هنا………مرات قليلة فهي لا تطرق أبداً للشركة إلا
اذا كان أمراً ضرورياً…….
قالت السكرتيرة بتهذيب….
“بصراحة هو في اجتماع…..بقاله نص ساعة…بس هو مأكد عليا اول ما تيجي ادخلك علطول……”
لاحت بوادر من السأم على وجه آية وهي تكاد تختنق من وجودها هنا بمكان قريب جداً منه…
رفعت عيناها الحزينة تحت ظلال نظراتها البنية الشفافة لتجد مكتبه المنشود مغلق وبتاكيد هو بداخل……..
قالت السكرتيرة بعفوية بعد ان لاحظت نظراتها الخاطفه لمكتب خالد….
“تحبي تستني في مكتب خالد بيه هو جوا…..لسه
جاي……… جاي متأخر كالعادة…….”
“متأخر؟!….”
كانت لمحة بسيط منها لتجعل الفتاة تثرثر بغباء…
“أيوا هو علطول بيجي متأخر…بصراحة بيني وبينك هو مش مهتم بشغلوا خالص وعلطول صوته هو وعز بيه عالي كل ما يتجمعه في المكتب…….”
التوت شفتيها ساخرة وانتشر الالم بوجهها اكثر…
فهي تعلم عن سهراته الليلية في احد الاماكن المشبوهة المقززة كزوارها تماما !…..يبدوا انه لم يحصل على لعبة حتى الان لتسليه فقرر ان يلهو قليلاً حتى يجد ما يفرغ بها نقصه ويرضي
رجولته معها…….
بلعت آية غصة الالم وحاولت لملمت الاوجاع الان وهي ترفع عيناها العسلية خلف نظاراتها التي كان
وجودها مهم في تلك اللحظه حتى تخفي ما يمكن اخفاءه عن الأعين…….

 

 

“انا هستنا عز جوا………..”اشارت على مكتب اخيها وهي تدخل بابنها وتغلق الباب عليها……
اتجهت السكرتيرة سريعاً الى مكتب خالد واطرقت الباب ثم سمعته يسمح لها بالدخول بصوتٍ منزعج
ازعاج نابت من لا شيء !……
تابع بعيناه السكرتيرة وهي تدخل بابتسامة عريضة وكانها تحمل أخبار اكثر اكثر من سارة…..اغمض عيناه من جديد على تلك الاريكة الجلدية الذي يستلقي
عليها براحة…….
“عايزه اي يارشا……..انجزي مش عايز رغي كتير…”
لم يذوب الابتهاج من على وجهها وهي تقول…
“كنت جيبالك خبر حلو………وعايزه حلاوته…..”
لم يفتح عيناه الخضراء ولم يتحرك حتى
وكل ما خرج منه نبرة باردة هازئة بالخبر السار….
“خبر حلو…..وهنا……لا مش عايز اسمعه اطلعي وقفلي الباب وراكي………ومش عايز ازعاج….”
التوت شفتيها بضيق وهي تنظر اليه ثم قالت بحنق وهي تستدير……
“انت حر براحتك…….بس مترجعش تقولي مبلغتنيش ليه انها موجوده……”
سألها باقتضاب واهي…..
“هي مين دي ان شاء الله اللي هاعتبك اوي كده انك معرفتنيش بوجودها……”
اخبرته باختصار….
“المدام اية الخولي……….بنت عمتك…..”
انتفض من مكانه جالسا سريعاً….
“هي هنا يارشا؟…. انتي متاكده…..”
قالت رشا بسرعة….
“ااه والله انا لسه مدخلاه مكتب عز بيه…”
نهض من مكانه وهو يقترب منها مجفل الملامح…
“يعني قعده مع عز دلوقتي……”
هزت راسها وهي تبتسم بسعادة ثم مدت يدها
وهي تجيب عليه…
“لا عز بيه في اجتماع…..وهي لوحدها مع البيبي……..ايدك على الحلاوة بقه…..”
ضرب كف يدها المفتوح وهو يطردها علناً…..
“بعدين اطلعي برا يلا……..”
فغرت شفتيها وهي تراقبة يرتدي سترته
بعجله…..
“اي ده………..خدت اللي انت عايزه وبرا…..”
“رشا…..”لفظ اسمها بتحذير فهي تعدت حدودها
أكثر من الازم معه ولولا انه يعزها ويضعها بمكانة الاصدقاء لكانت مطروده من الوهلة الاول في تماديها معه……..لكن سنوات عملها هنا وتعامل معاها تعدى
تعامل السكرتيرة بمديرها اصبحت في بعض الاوقات صديقة جيدة و خبيثة أحياناً ! فنساء بحر عميق متقلب و غادر…….
ارتعد جسد رشا وهي تتراجع بقلق…..
“عندك حق ياخالد بيه…. انا مكاني برا اصلا مش هنا……”خرجت سريعاً مغلق الباب بتهذبب…..
تمتم خالد وهو يهندم سترته جيداً ثم تلاشت الإبتسامة بتدريج مُتسائلا بعدها بغرابة….
“آية هنا……………جايه ليه……”
……………………………………………………………

 

 

سار( علي) بخطوات متحفظة على الأرض ويستند
بيداه الصغيرة على الاريكة الجلدية التي تجلس عليها امه…… ابتسمت آية وهي تداعب شعره الغزير الاشقر الذي ورثه منها باستثناء خضرة عيناه الامعة كعينين والده…..
لاحت الابتسامه الاجمل على الاطلاق والتي ظنت
ان مع جراحه ستتلاشى يوماً !…..
تنهدت وهي تتذكر أحد الايام البعيدة بينهما والتي كانت لا تخلو من عشقها له وفتور ردود أفعاله معها
كلما تغازلة به وبثت عشقها نحوه…..
(بعد جولة طويلة منهكة جامحة بينهما كالعادة كان ينال منها بجنون ونهم وهي كانت تعطي كل ما تقدر عليه معه…دلال… وحب…..وخضوع الى رغباته الجامحه في تلك اللحظات….
استلقت على صدره العاري وجذبها هو لاحضانه بصمت وانفاسه كانت عالية متحشرجة بعد تلك الجولة الطويلة…..وهي كانت اكثر انهاك منه
وجهها احمر وجبهتها تضخ بقطرات العرق وكانه
كان سباق طويل تحارب به حتى ترضي كل غريزة به
لعلها تصل لقلبه….لكنها تعلم ان هذا الشيء لا يزرع حبٍ يوماً…….لكنها تحاول الوصول اليه باي طريقه
فهو عشق الطفولة والشباب عشقها الميؤوس منه
مهم كانت….مهم قدمت تجده يبتعد واوقات
تجده يعافر حتى يبقى تشعر انه يقدم حب زائف لمجرد انه يشفق على عشقها…..
شعرت به يمرر يده على طول ذراعها العاري وهو يسالها بنبرة فاترة بعد ان هدأت كل نيرانه في احضانها…….
“بتفكري في إيه……”
هزت آية راسها بحزن وقالت بنبرة خافته….
“ولا حاجة ياخالد…….”
“بتحبيني يا آية…….”سألها وهو ينظر للسقف بشرود…فرفعت عينيها ونظرت اليه في الاضاءة الخافته……
“بحبك دي قليله اوي عن اللي جوايا ناحيتك….انا بحبك من زمان اوي ياخالد من اول ما وعيت على الدنيا ولقيتك جمبي……”
نظر اليها وقال بنبرة باهته…..
“تفتكري استاهل………انا حساس اني بظلمك معايا…”
عقدت حاجبيها وهي تشرف عليه ساندة على
جزعها وهي تقول بتعجب……
“بتظلمني……….اي الكلام الغريب ده……”
لمعة عيناه بالحزن وضياع….
“اي الغريب في اني اقولك على اللي حاسس بيه ناحيتك ……..”
لاح الالم على ملامحها وهي تسأله…
“حاسس بيه ناحيتي……انت مش بتحبني زي ما بحبك…. و زي ما قولتلي قبل كده…. ”
برر موقفه كطفل آذى نفسه قبل الجميع…
“انا لسه مش عارف….. ”
“لسه مش عارف…. وطالما الموضوع كده لي
بتقربلي لي واحنا مع بعض بحس انك…..”عضت على شفتها وهي لا تعرف ماذا تقول تتلامس حبه لها في تلك اللحظات حينما يضمها ويقبلها ويلمسها……كل جزء بجسده يصرخ انها الملاذ الخاص به……ألا يشعر بنفسه حينما ينظر اليها وكيف تلمع عيناه ويتشتت بقربها …..العجب انها ترى حبه وتستشعره وهو لا…..الى هذا الحد معتوه حتى في ترجمة مشاعره نحوها….
كيف يفغل عن حبه وهي تراه منذ الوهلة الاول من ظهروه لذلك وافقت عليه حينما تقدم لها رسمياً
من اخيها…… لو كانت تشعر بشيءٍ اخر غير هذا الحب ما كانت وافقت عليه أبداً حتى لا تهين نفسها
وتجرح كبريائها مع من يدعي الان انه لم يقع في حبها يوماً، وغير قادر على حبها !….

 

 

تنهدت وهي تلملم اوجاعها وتحاول النهوض وحتى
ان كانت واثقه بمشاعره اكثر منه… حديثه يالمها ويهين الانثى القابعه بداخلها…..يهين عاشقة تعطي بدون مقابل…… ويذبذب ثقتها في نفسها وفي مشاعره نحوها التي تبرهن به كل يوم…….
عندما وجدها تتحرك لكي تبتعد عنه كبلها بذراعيه وهو يسألها بقلق….
“راحه فين يا اية……..انا مكنتش اقصد انا بس….”
حاولت الافلات منه وهي تقول بضيق….
“سبني ياخالد………انا راحه اخد شاور…..”
حاول معها وهو يراضيها بتبرير اهوج….
“يا آية افهميني انا لحد دلوقتي مش عارف انا
عايز إيه…..انا ضايع يا اية ومش بلاقي نفسي غير معاكي……”
طفلها المعتوه مهما انكرت هو من يدغدغ امومتها
بضياعه وحيرته وبنظراته المستاءة من العالم وما
فيه……تعلم ما يمر به….ضغوط والده واومره التي
في بعض الاوقات تكن متسلطه تسلط يريد ان
يمحي شخصيته حتى يكن مثله في كل شيء……
حتى وفاة والدته كان حادث مؤثر وقوي في حياته……وبرغم ذلك لم يحكي لاحد اوجاعه إلا
لها ولم ينهار إلا في احضانها….
والان يخبرها انه لم يحبها وأيضاً يبرر بلمحة اعتذار بعد ان شعر باثار كلماته السامة عليها…..
اقترب خالد منها وبدأ يقبلها ببطء وتريث…كانت تبعده عنها بالقوة وهي تقول بحنق….
“قولتلك سبني ياخالد…..مش عايزه ياخي…سبني…”
لكنه زاد هبوط القبلات الحارة على شفتيها وقسمات وجهها مما جعلها تستريح على الفراش وهو معها
ضربته في صدره وهي تقول بغضب….
“انت مش قولت اللي عندك سبني بقه….”
لم يرد عليها بل نظر لعينيها تلك النظرة المجنونة الجامعه ما بين الاشتياق والضياع لتجده يغرقها
بلمساته الحنونة وقبلاته الحانية…..ولاول مرة يكن
حنون بتلك الدرجة معها وكانه يعتذر عن كل ماسببه
لها في سابق وحتى الان وهو يخرف في اعتراف
حبه لها…….
شخصية معقدة تحتاج لعلاج مكثف وهي حاولت بكل جهد لكنه لا يستجيب مزال يظن ان رفضه لعلاقتهما سيمحي النقص الذي يشعر به والذي
كان سببه اوامر والده وتحكمه به……..
ولم تعلم ان حتى زواجهما كان أمراً من والده لذلك كان يرفضها مهم حاولت معه وعلمت هذا الأمر بعد الطلاق…. بعد ان اهانة كل ذرة كرامه تمتلكها بحبه
وكانت تظن انه أيضاً يحبها كما كانت تتوقع في سابق……لكنها كانت مخطئة…..مخطئة في كل
شيء كان بينهما في السابق….)
من ذكرى بعيدة اتت على صوت طرقات باب المكتب وبعدها يدخل هو ببذلته الأنيقة وهالة الوسامة المحيطه به كأحد نجوم هوليود…….. خاطف الأعين
من اول طلة له……
أسبلت جفنيها بتردد وهي تحاول محي تلك
الذكريات التي تداهم عقلها قبل دخوله
بدقائق…..
تنحنح خالد وهو يتقدم منها و وزع انظاره عليها ثم على ابنه الذي حينما راى والده تقدم منه وهو يحبي
على الأرض الناصعه……

 

 

انتشله خالد من الارض سريعاً وهو يقبله ويداعبه
ويرفعها للأعلى ثم للأسفل كما يفعل عز معه… لكن
(علي) كان مع والدها يكرر ضاحكا بقوة وهو ينظر الى ابيه ببراءة بها لمحة من الاشتياق وكانت تلك النظرة لها تأثير قوي على خالد الذي يشعر انه ابتعد
كثيراً عن اكثر شخص يحتاج إليه بتلك الحياة
ابنه…
أصبح لا يهتم بشيءٍ وينزلق اكثر لهذا المستنقع
القاتم……… وينسى من بحاجة إليه…..
“عامل إيه ياحبيب بابا… ها… اي اللي جابك هنا.. جاي تشوف بابا ولا خالك……”
تمتم الطفل بكلمات غير مفهوم ولكن كلمة
( بابا) كانت بين تلك الكلمات مما جعل خالد يبتسم
ويبتهج وجهه وهو يعيد اللعب معه بصورة اكثر صخب…..
وبعد برهة من الوقت واللعب وضعه على الاريكة
و احضر له بعض البسكويت والكعكات الجاهزة الشهية واعطى له حصة منهم لكي ياكلها……ثم
تقدم من آية التي تجاهل وجودها في تلك الدقائق التي قضاها مع ابنه……
“خدي ياية كُلي دول انا عارف انك بتحبي النوع ده……”
رفضت بتهذيب بارداً….
“شكراً مش عايزه……..”ادارة رأسها لكي تنظر لابنها
الذي يأكل بصمت وكل تركيزه على ما بين يداه….
رأته يجلس على احد المقاعد المقبلة لها وهو
يسألها بهدوء…..
“انتي لسه زعلانه من اللي حصل في اخر مرة شوفتك فيها……”
لم ترفع عيناها عليه بل قالت ببرود وتعالي….
“انا مش فاكره اصلا اي اللي حصل بينا اخر مرة……تقريباً نسيت… ”
برم خالد شفتيه هازئا……
“بقيتي بتنسي بسرعة مكنتيش كده الاول…..”
نظرت إليه بنفس الصلف الانثوي الجميل
الذي تتمتع به……
“مفيش حاجة بتفضل زي ماهي…..”
شعر بالانزعاج من اسلوبها المتعالي فغير مجرى الحديث بـ…..
“عندك حق………انتي جايه ليه هنا صحيح…..”
ردت بفتور وهي تساله بملل….
“جايه اشوف عز الدين…..هو الاجتماع هيخلص امته…. ”
ضيق عيناه وهو يسألها بغيرة…..
“زمانه خلص….زهقتي ولا إيه….دا انتي حتى لسه وصله…….ولا وراكي مشوار عشان كده مستعجله.. ”
أرادت اغاظته فاكدت المعلومة بغرور….
“حاجة زي كده……”
سألها بتسلط….
“مشوار فين بظبط…….”

 

 

“ميخصكش……”قالتها وهي تنهض من مكانها نحو ابنها عرقل سيرها وهو يقف امامها بدون ان يلمسها وقد اغتاظ من تلك الكلمة الباردة……فصاح عليها..
“ميخصنيش ازاي وانتي ساحبه ابني معاكي…”
رفعت حاجبها وتمردت عليه بقوة….
“متنساش ان هو كمان ابني…..وبعدين انت بتستجوبني على اساس إيه…… ”
“على اساس اني ا……”
عض على شفته وهو ينظر اليها بغضب..وهي لا تقل غضبا وعنفوان امامه………سمعا الصغير يصرخ بقوة
وقع قلب (اية) وهي تركض اليه وكذلك خالد الذي لحق بها سريعاً……..
حملت اية (علي) وضمته الى صدرها بحنان وبدات
تربت على ظهره برفق بعد بكاءه المفزوع من اصواتهما العالية……
تمتمت من تحت اسنانها بضيق وهي تلقي
عليه نظرة مزرية….
“عجبك كده….. كلو بسببك…….”
القى عليها نظرة غاضبة….ثم مالى على ابنه وقبله
وربت على ظهره بحنان ابوي…. ثم ابتعد بعدها خارج المكتب مغلق الباب خلفه بقوة جعل
جسدها يرتعد منه…….
لكن برغم من ارتعاد جسدها من نوبات غضبه عليها……الا انها تشعر بالانتصار كلما تمردت عليه
واثارت غضبه وتملكه نحوها الذي لم يتركه حتى
بعد ان تركها وتزوج غيرها……..
دخل عز الدين بعد دقائق قليلة من باب المكتب
وهو يقول لها باعتذار…..
“معلشي يايويو…….اتاخرتي عليكي شوية……”
برمت شفتيها باستنكار فهي تعرف ان بعد تدليل
اسمها منه تاتي كارثة…..وتلك المقدمة الخاصة
بهما دوماً…… نظرت اليه باستهجان…
“بصراحة هما مش شويه هما شويات ياعز…”
ابتسم عز الدين إليها وهو يخلع سترته ثم وضعها على ظهر مقعده وجلس بعدها باسترخاء عليه
استرخاء لم يكن ظاهر على ملامحه المضطربة من القادم…….قال بهدوء وهو ينظر الى سطح المكتب..
“معلشي الاجتماع طول شوية….هي رشا مجبتلكيش حاجة تشربيها…….”
ردت آية بنبرة هادئة بها لمحة من القلق….
“هي قالتلي بس انا مش عايزه….المهم ياعز كنت عايزني في إيه……”
نظر عز الدين اليها ثم لصغيرها الذي نام بداخل العربة براحة واسترخاء…….
تنهد بثقل وهو يعود لعينين اخته من جديد قائلاً بدون مقدمات تتعب الاعصاب….
“انا اتجوزت…… كتبت كتابي من يومين…..”
لاح التعجب على وجه آية وابتسمت باستغراب….
“انت جايبني هنا عشان تهزر معايا ياعز…..”نظرت
له جيداً لتجد ملامحه جامدة وهو ينظر اليها
بصمت مبهم…….عادت من جديد تترجم الكلمة بعد تلك النظرة…..
“اتجوزت !…….كتبت الكتاب من يومين !…..طب وليه مقولتليش…..هو انا مش أختك…..”
كان يلعب بالقلم على سطح المكتب وهو يقول
بنبرة هادئه مبررة….

 

 

“الموضوع جه بسرعه يا اية وانا ملحقتش
اقولك…”
لم تذوب الصدمة على وجهها وهي تحرك شفتيها
بقوة مستنكرة تبريره…..
“ملحقتش تقولي؟!….انت بتقول اي ياعز…انا اختك الوحيدة ولا نسيت……إزاي ملحقتش تقولي ومين
دي اللي اتجوزتها…… حد اعرفه…..”
سند بجزعيه على سطح مكتبه ناظرا لها بتأهب
ثم قال……
“حنين……..”
رفعت حاجبيها بدهشة واستنتجت الامر سريعاً …
“حنين!…البنت اللي كانت بتطبخ مع ام منه صح…”
اكتفى بايماءة بسيطة جعلتها تستشيط غضبا وهي تنهض بقوة من مكانها…….
“الخدامه ياعز…….اتجوزت الخدامة…..معقول فرقت اي عن ابن خالك……زيك زيه….مفيش حد فيكم بيفكر في شكله ولا مستواه……عينك وقعت على واحده عايز تتجوزها مش مهم الناس تقول إيه المهم اللي انتَ عايزه….فرقت اي عن خالد ياعز مانت كمان طلعت زيه……”
لم ينهض عز الدين من مكانه بل ظل ينظر اليها في جلسته ثم اشار لها ان تجلس بهدوء…..
“قعدي يا اية واهدي………محصلش حاجة لده كله انا هتجوز على سنة الله ورسوله……”
صاحت آية بنبرة مختنقة……
“من واحده مش مناسبة ليك…..انت عايز الناس تاكل وشنا…مفكرتش في شكلي قدام الناس لم يعرفه ان اخويا اتجوز خدامه…….مش كفاية الفضايح اللي عملها خالد والمشاكل اللي جتلي من تحت راسه والاشاعات الزفت اللي كانت بتطلع عليا….”اخرجت هدير انفاسها المتاججة غضبا وهي تنظر له
مستنكرة بنفس الغضب السائد على وجهها……
“هتقول للناس اي ياعز…. هتظهر قدامهم على
اساس إيه……”
رد عز الدين بنبرة رخيمة مرتبة وكانه يعلن عن
طقس اليوم…..
“محدش من الصحافة هيعرف حاجة عن حنين
حتى انا مش هعمل فرح…الفرح اللي هيتعمل زفه
في الحارة عندها……عشان دا من حقها ان اهلها والجيران يشفوها عروسة…..وانا هعلن عن جوزاي
بعدين وبرضو من غير ما عرفهم حاجة عنها…..كل اللي طلبه منك تيجي تحضري الفرح اخر الاسبوع وتبقي معايا….”
اطبقت شفتيها في خطٍ مستقيمٍ حاد وهي
تسمع شرحة المكثف…. ثم قالت بعد ان
انتهى بجزع…..
“واشمعنا دلوقتي عايزني معاك……مانت كتبت الكتاب من غير حتى ما تعرفني…..”
“قعدي ياية عشان نتكلم…..”اشار لها مجدداً بان تجلس بمنتهى البرود……لكنها لم تجيب وهي تقول بتشنج…….
“قولتلك اني مش هقعد ياعز…. والكلام خلص بينا
لحد كده….”

 

 

تأجج الغضب بعينا عز الدين ونبه عليها بتحذير
“آية انتي وعيه لنفسك انتي شايفه نفسك
بتكلميني إزاي…….”
دافعت آية عن موقفها بكبرياء….
“شايفه زي ما شفت انا أد إيه مليش لازمه عندك…لم تروح تجوز بشكل ده ويارتها جوازه عدله……”
صاح وهو ينهض عن مقعده…
“كفاية يا آية دي بقت مراتي……”
تراجعت قليلاً من صراخه لكنها تماسكت وهي
تقول بنبرة باهته…..
“عندك حق انا آسفه……بس انا مش هقف معاك في الجوازة دي وكمان مستحيل اعيش تحت سقف
واحد مع مراتك….”
لمعة عيناه بالقسوة واستفسر اكثر….
“معناه اي كلامك ده…..”
اضافة بعينان شاجنة وتنشج صوتها وهي تقول..
“معنى اني مش ههين نفسي ياعز قدام الشاغلين اللي شافوا مراتك اول مرة بتطبخ وبتخدم على الضيوف وبعدها باسبوعين بقت مرات اخويا……
إزاي عايزني استحمل نظراتهم والكلام اللي هيتقال
عليك وعليا وعليها هي كمان……..انا هنقل للشقه
اللي في الزمالك…..شقتنا القديمة……كده أحسن….
عشان مضايقش مراتك بوجودي ولا اضايق من وجودها…..انا مش هقدر اتعامل معاها بطريقة
عادية …. اعذرني دا فوق تحملي…..”
قصف صوته هادراً بأمر وهو ينظر لها كحاكم مستبد……
“مش مطلوب منك تتعاملي معاها يا اية….وهي
كمان هنبه عليها انها متقربش منك خالص….
وموضوع نقلك لشقه تانيه ده مش مقبول…..”
ردت آية بانف مرفوع متمرد على اوامره…..
“انا مش بستاذنك ياعز……انا هعمل اللي انا عيزاه
زي مانت عملت اللي انت عايزه….وبعدين ان انا
مش صغيرة انا عندي سبعة وعشرين سنة
وام لطفل….عديت مرحلة انك تكون واصي عليا
او توجهني للمكان اللي تحبه…..”
دار حول مكتبه سريعاً ووقف امامها ومسك كتفيها بين يداه وهو يخبرها بنبرة حادة حازمة كذلك…..
“انا اخوكي الكبير يا اية….حتى لو بقه عندك خمسين سنة هفضل مسئول عنك وهتنفذي كلامي حتى
لو كان غصب عنك…….”
لم تخشاه في تلك اللحظة وهي تقول بنبرة
كالصقيع…..
“انا ممكن انفذ كلامك لو رجعت عن الجوازة دي واتجوزت واحده من مقامك……”
ترك كتفيها سريعاً فبرمت شفتيها وهي تسحب حقيبتها وعربة ابنها……
“عرفت بقه ان كل واحد من حقه يعمل اللي هو عاوزه من غير ماحد يوجهة او يغصبه……مبروك ياعز………..جوازتك الخمسة…. “

 

 

ذهبت من المكان سريعاً وهي تشعر بالغضب
والحنق لا أحد يفكر بها الكل يبحث عن ارضاء غرائزة….طليقها واخيها نفس التفكير ونفس التصرفات….يتاجرون بالنساء بصفقات واهية
مبلغ مالي متفق عليه وقسيمة زواج وهذا هو
الزواج الشرعي من وجهة نظراهم….مستنقع قذر وتفكير مريض جعلها تسمع الكثير والكثير من الافتراء عليها وعلى العائلة التي تنتمي لها…..
ربما جزءاً منه ظلماً والآخر واقع تحيا به !……
قد تشوه الحب بعينيها من تفكيراهم وكرهت الزواج
خوفاً من ان يكون صفقة لأجلٍ مسمى كما كانت زيجات اخيها مع اي أمرأه يعقد عليها………
عزمت الأمر عن الابتعاد عنهم فهي تخشى على ابنها من ان يكون جزءا منهم يوماً ما……..
…………………………………………………………
كان العمل يسير على قدم وساق فوق السطح الكل يطهو معاً بهمة ونشاط لا تخلو من المزاح الشقي
بين الاصدقاء……
غطت حبيبة القِدر الكبير بعد ان قلبته ثم مسكت حبات كبيرة من البصل وذهبت بها الى احمد وكرم الذين كانوا يجلسان في أحد الاركان يقطعون البصل بعد ان حكمت عليهم نوال وزينب بذلك عقاباً لهم على مزاحهم السخيف مع الفتيات في نقد الطعام الذي يطهى…….
تقدمت حبيبة منهم وهي تقول بتشفي كابحه ضحكتها بصعوبة امام أعينهم الدامعه…..
“خدوا دول كمان قطعوهم……”
رفع أحمد عيناه الحمراء عليها وهو ينظر لها بحنق…
“خلي عندك ريحة الدم وتعالي قطعي معانا….”
وضعت يدها في خصرها وهي تقول بلؤم لذيذ…
“وقطع معاك ليه وانا مالي… هو انا اللي كنت بتريق على الطبيخ برضو انت والاستاذ اللي جمبك….”
كان كرم مغلق عيناه وهو يصيح بضيق…
“محدش يكلمني وانا مغمض عيني…..”
اتت نور عليهم وهي تقول بقلق نحو كرم….
“هتعور نفسك ياكرم…….فتح عينك… ”
رد كرم وهو يفتح عينيه فتحه بسيطة….
“بتحرقني يانور……… البصله دي طلعت ارخم من صاحبتك ياحبيبة…..”
همست حبيبة بخفوت وتحذير….
“بس ياكرم عيب عليك دي بتطبخ معانا……”
تفقدت نور كرم بشفقة ثم قالت باهتمام ورقة…
“طب تعالى ياكرم اغسل وشك وريح عينك شوية……دول عشر كيلو بصل حرام…..”
لكزتها حبيبة بغيظ وهي تقول بلؤم…..
“بس ينحنوحه انتي…. انتي عايزه مرات عمي وام سمر تدبحنا….قالو سبوهم يقطعو العشرة كيلو كلهم عشان يتلمه ويحرمه يتريقه على نعمة ربنا…..”
رفع أحمد عيناه الحمراء عليها بغيظ…..
“قسما بالله ياحبيبة لا مطلعه عليكي…بهون عليكي بسرعة انا ها……”
اسبلت جفنيها وهي تقول بتبرير بريء…
بعيد جداً عن البراءة…..
“بصراحة يا احمد انا مقدرش اكسر كلامهم أبداً…..وبعدين حاول تنجز شوية انت وكرم
محتاجين بصل كمان……”
نزلت دموعه اثار البصل فقال بغيظ منها….
“امشي ياحبيبة دلوقتي من وشي…..امشي.. ”
ضحكت عليه وهي تسحب نور بالاجبار معها….
هتفت نور وهي تقف امام الموقد معها….
“ياحبيبة سبيني….. هروح اساعدهم حرام….”
جفلت حبيبة وهي تنظر لها بدهشة وقالت…
“تساعديهم إي يانور… انتي عمرك مسكتي سكينة….”
لاحت الجدية على وجه نور وهي تقول بانف مرفوع….

 

 

“مسكتها كتير طبعاً وانا بقشر التفاح والكيوي….”
برمت حبيبة شفتيها كزوجة عمها حينما تستنكر
امراً ما……
“كيوي !…..لا طالما قشرتي الكيوي يبقى ميتخفش عليكي……اقفي بقه جمبي عشان نساوي الاكل ده الوقت بيجري…….”
اومات نور باقتضاب وهي ترفع عيناها السوداء على كرم لتجده ينظر نحوها باعين حمراء ثم ابتسم
عنوة عنه بعد نظرتها البريئة المعتذرة له عن ما يحدث إليه !…….
كان الفتيات يطهوا معا بصمت اما والدة احمد و زوجة عم حبيبة كانوا في الاسفل يقومون بتادية فريضة صلاة الظهر…….بعد ان صلى الفتيات
والشباب قبلهم…..
صعد (عارف) بوجهاً مكفهر للاعلى فوجد سطح البيت عبارة عن مطبخ شاسع يطهو فيه الجميع…
تنحنح وهو يتجه الى أحمد وكرم….ثم سألهم
بوجها عابس…..
“بتعمل اي ياض انت وهو…..”
رد أحمد ساخرا وهو يقطع البصل….
“زي مانت شايف ياحاج عارف بطبخ للراجل قبل ما يجي من الشغل….”
رد كرم بمزاح برغم عينيه الحمراء كالدماء….
“شهلي ياختي لحسان زمانه على وصول….”
صاح احمد بعصبية زائفة…..
“الله يام سعيد هقطع نفسي يعني ما يولع هو
وامه ابن الجزمه لا بيقدر ولا بيحس…..”
سمع كرم واحمد صوت ضاحكات الفتيات عليهم
انحرج الاثنين واكمله تقطيع البصل …..
لوى عارف شفتيه باستهجان….
“اي خفة الدم دي يابن جمال……”
رد أحمد بفتور وهو يكمل تقطيع البصل….
“معلشي ياخالي تاثير البصل…على العموم احنا بنطبخ الحاجات دي وهنطلعها لله…. تيجي تساعد..”
ساله عارف بتعجب وهو ينظر لهم……
“اساعد اي……….. اقطع بصل…..”
أومأ احمد ببساطه….
“آآه….اجبلك اتنين كيلو بصل تقعد تقطعهم معانا…”
برم عارف شفتيه بتقزز وهو يقول باشمئزاز…
“لا ياخوي قطعهم انتَ……انا طالع اشرب حجرين معسل….بقولك اي انزل حطلي فحميتين على نار..”
قال أحمد سريعاً وهو يترك السكين…..
“عيني ياخالي… انت تأمر ياغالي ياخو الغالية….”
لاحت الصدمة على وجه عارف ليجد كرم يصيح بعدها بحنية جارفة……
“لا ياحمد خليك انت… انا هروح احطله الفحم على النار…… دا خالك ده يعني خالي انا كمان….. اعملك شاي كمان ياخالي….”

 

 

اوقفه أحمد بقوة قبل ان يرحل……
“خالك مين وتعمل شاي لمين يابني….. دا بيتنا
ودا خالي وانا اللي هنزل اعمله…..”
صاح كرم بتعجب بريء….
“الله وانا وانت اي يابني؟…..”
رد أحمد بامتعاض…….
“اتنين ياحبيبي اي مبتعرفش تعد……”
صاحت حبيبة من على بعد متران….
“على فكره ياخالو العيال دي عايزين يهربوا من تقطيع البصل…..”
لوح أحمد بيده بحنق منها….
“بس متقوليش عيال يابت…..”
زمجرت حبيبة بغيظ منه…
“اي بت دي اسمي حبيبة ….”
توسعت ابتسامة عارف حتى ظهرت اسنانه وهو يقول بغزل نحوها….
“ماشاءالله أسمك حبيبة……اسم على مسمى…”
لكزه كرم بصدمة وهو يرى عارف يتقدم من حبيبة..
“الحق خالك هيشقط البت بتاعتك…..”
نفى أحمد برأسه وهو يقول بثقة….
“ياعم متخفش دا اعتزل من زمان…..”
رد كرم وهو ينظر عليهم….
“اعتزل اي دا كان مرمي في الاحتياطي ونزل
يلعب خلاص………حتى شوف… ”
نظر احمد الى ما يشير إليه كرم فوجد خاله يضحك مع حبيبة ويحدثها بحنان مبالغ فيه…..توسعت عينا احمد وتمتم بغيرة…..
“لا ياخالي لا…….. دي بذات لا…….”
دفعه كرم للذهاب وهو يقول هازئا…
“الحق بقه لحسان بقينا في مسلسل العشق الممنوع….. ”
اتجه له أحمد سريعاً ووقف امامه قائلاً بحنان مبالغ فيه……
“خالي…..حبيبي……تعالى هنا عشان ارصلك الحجر..”
دفعه عارف بعيداً عنه وهو ينظر للفتيات قائلاً….
“مش عايز انا واقف هنا مع الحلوين…..قولتيلي انتي كمان بقه اسمك إيه…..”
ابتسمت نور بخجل وهي تسلم عليه….
“اسمي نور يانكل……”
داعبها عارف بكلمات من طراز قديم…..
“ياحلاوة انكل طالعه من بؤك زي الشهد……”ابتسمت نور بخجل اكبر إليه……
نظر أحمد لخاله بتعجب ثم نظر الى تبسم نور بصدمة…. ولم يلبث إلا ثواني ثم صاح لرفيقه
الواقف خلفه عن بعد…
“الحق ياكرم نور بتتشقط……..”

 

 

هتف كرم وهو يتقدم منهم….
“هو نازل الملعب يحترف ولا إيه……”
برم أحمد شفتيه وهو ينظر لحبيبه ونور اللتانِ يتحدثان بمنتهى الرقة والمرح مع عارف وكان
صحبته أفضل منهم……
“شكله بيعوض اللي فاته……”
نظر كرم لعارف بغيظ…..
“بقولك اي أبعد خالك عن نور عشان منخسرش بعد……”
رد أحمد وهو ينظر لخاله بغيظ….
“ياعم نخسر بعد اي دا ناوي اخسر خالي حالا…”
مسك أحمد يد خاله ومن الناحية الأخرى مسكه
كرم…..اندهش عارف وهو يسالهم بارتياب…
“في ايه يالا منك لي مسكني كدا ليه…..”
هتف أحمد بحنان زائف……
“تعالى ياخالو عشان ارصلك حجر الشيشة….”
هتف كرم أيضاً من الناحية الأخرى بود….
“وانا بقه هعملك كوباية شاي هتحلف بيها…. ”
نظر عارف الى الفتيات وحرك حاجبيه
بعبث…
“مش عايز انا قعد مع الحلوين دول…..”
صاح أحمد باستنكار……
“متقطعش بعيشك ياخالي…طب على فكره بقه كتر الحلو بيجزع النفس ولا اي ياكرم……”نظر لصديقة
بخبث فأكد المعلومة وهو ينظر الى عارف….
“طبعاً ياصاحبي……مفيش احسن من الحاجة الحرشة…….”
لم ينزل عارف عيناه عن الفتيات وهو يقول
بنبرة لعوبة….
“وهي فين الحرشة…… خلينا في الحلو….”
هتف أحمد بجدية لخاله وهو يرفع حاجبيه….
“الدهن في العتاقي ياجدع سيبك من العصافير دول…..تعالى بس هجوزك واحده حرشة….زي جيرتنا ام فتحي…”
مصمص عارف بشفتيه وهو يقول بتأثر….
“ام فتحي ياااه على ام فتحي الوليه دي كانت زبده ماشي على الأرض آي والله …..”تنهد عارف بحزن وهو يتابع…..
“ربنا يرحمها عكستها مرة واحده ومن بعدها مشوفتهاش…..آه دنيا…..”
لاحت الدهشة على وجه الفتيات ثم لم تمر الثانية إلا وهم يضحكان بصخب عالي…..
تنحنح أحمد وهو يسحبه للأسفل هو وكرم ثم
صاح لحبيبة بغيرة….
“كملي طبيخ وبطلي مرقعه…..”

 

 

ابتسمت حبيبة ابتسامة لعوبة مستفزة وهي تتابع الطهو هي ونور وصديقتيها (شذى،وهنا)…..
بعد مدة طويلة وبعد انتهى الطعام باكمله لم يبقى
إلا التعبئة في العلب المخصصه له…….
مدحت زينب في طبخ حبيبة وقالت وهي تتذوق طعم الفراخ…..
“ماشاء الله ياحبيبة الفراخ حلوه حلاوة يام إبراهيم عسل…. ياختي يابخت اللي هيتجوزك جمال وتعليم وست بيت شاطره دا ام دعياله دعى اللي هتبقي من نصيبه ياحبيبة……”
ابتسمت حبيبة بخجل وهي تخفض رأسها للاسفل لتسمع زوجة عمها(نوال)تأكد بحب وفخر….
“امال اي يام أحمد دي نفسها في الاكل عشرة على عشرة….انا كنت في اي عزومه لازم اطلبها تقف معايا في المطبخ…..وكانت رحمة ورباب بيزعله مني بسبب الحركه دي يقولولي مين اللي بنتك احنا ولا هي…
اقولهم حبيبة دي مش بنت اخو جوزي دي بنتي
دي قعدت معايا اكتر ما قعدت مع أمها…..”
ترقرقت الدموع بعينا حبيبة وهي تتجه لزوجة عمها لتعانقها بحب….
“حبيبتي يامرات عمي… وانتي كمان غاليه عندي اوي………”
ربتت على ظهرها نوال برفق وحنان……
ظهر أحمد وكرم وبين ايديهم أكياس كبيرة تحتوي على العلب التي سيتم التعبئة بها…..
“يلا ياجماعه عشان وقت التوزيع هياخد وقت…”
هتفت حبيبة بسرعة وهي تنهض من احضان
زوجة عمها…..
“انا هروح معاك يا احمد وقت التوزيع….”
رضخ احمد لطلبها وهو يقول…
“ماشي بس ساعة واحده وانا هكمل انا وكرم عشان الوقت وكده……”
سمع أحمد نوال تخبره بجدية….
“بص ياحمد ياحبيبي عبي كام علبة كويسين كده وخليهم على جمب هاخدهم لواحده بتربي ايتام…”
اوما لها أحمد وهو يقول سريعاً…
“ماشي هتوصالك بيها كمان…..” نظر للجميع وقال بجدية….
“لو حد يعرف حد محتاج ياجماعه يقول الاقربون اولى بالمعروف……”
بدأ الجميع في تعبئة العلب والكل يمسك صنف ويقوم بتعبئته ثم يليه للاخر ليضع الصنف الثاني وهكذا… حتى انتهى الجميع من تلك التعبئة….
في الاسفل وضع الفتيات الاكياس المحملة بوجبات الطعام في سيارة صغيرة احضرها له أحد اصدقاء
أحمد…….
صعد الشباب السيارة وانطلقت بهم خارج الحارة الى الرصيف الحي والسوق ليبدأوا بتوزيع الوجبات على
المحتاجين كنوع من المساعدة البسيطة إليهم….
وضعت حبيبة أحد العلب في يد سيدة تبيع المناديل
في الشارع ثم وجدته ورشة حداده عليها بعض الرجال مشحمين الملابس يعلو وجوههم الشقاء والتعب….. اتجهت بالعلب اليهم لكنها وجدت من يمسك يدها وهو يقول بنبرة خشنة….
“انتي راحه فين ياحبيبة….”
ردت باختصار وهي تنظر للورشة….
“هفرق العلب في الورشة دي…..”
ارتسم الغضب على وجه أحمد وهو ينظر لها….
“اللي هو ازاي يعني انتي مش شايفه انها مليانه رجاله……

 

 


“واي يعني ياحمد…..” رمقته بتعجب..
انطلق صوته بغيرة كمدفع رشاش امام وجهها….
“هو اي اللي اي يعني انتي عايزه تجنيني وخلاص…. اقفي مكانك وهاتي العلب دي انا هدخلهم……”
بالفعل أخذ منها العلب وبدأ يوزعهم بداخل الورشة
ابتسمت وهي تتابعه باعين لامعه هائمة به….
تساءلت بدهشة سعيدة…
“بيغير دا ولا إيه…..”
اتى عليها وهتف بحنق وهو يسير بجوارها…
“يلا ياهانم وبعد كده متوزعيش على رجالة تاني حريم وعيال صغيره بس ماشي….”
اومات له بدون جدال وداخلها ترقص على اوتار
كلماته والسعادة تغمرها بجنون…..
اتجه كرم بأحد العلب لسيدة مسنة تحاول مرور الطريق…. ساعدها كرم واعطاه العلبة فدعت له بصوتٍ ضعيف متعب…
“ربنا يفرحك يابني ويسعدك ويكتبلك الخير
كله……..”
ابتسم كرم وقشعر بدنه عند تلك الدعوة فنظر نحو نور التي تنتظرة على الرصيف من الناحية الأخرى
انتبهت نور الى صبي يمر بجوارها وكان مشعث الشعر وملابسه مهترئ……اوقفته وهي تقول
بصوتٍ رقيق متأهب من مظهر الصبي الغريب
عليها….
“اسمع……..اسمع انت…..يا… ”
وقف الصبي الذي كان سنه لم يتجاوز العشر
سنوات….اشار الولد على نفسه وهو يقول
بوقاحة….
“انا………نعم ياموزه أأمريني أمر…..”
جفلت ملامح نور للحظات ثم قالت بعدها بسرعة
وهي تدفع العلبة نحوه ببراءة…..
“خد دا أكل………….ببلاش.. ”
ابتسم الصبي عليها فقال ببجاحه…
“ببلاش !…طب مفيش علبة سجاير معاها عشان يبقى عداكي العيب وازح…..”
تعجبت نور من الكلمة فقال بنفي…
“ازح !…….. لا مفيش سجاير…..”
رد الولد مستاءاً…..
“ياخسارة اصلي كنت خرمان…..”
سألته بفضول رغم علامات الاستفهام من كلماته الغريبة…..
“خرمان !……….هو انت ساكن هنا ؟…”
“آآه انا اغنى واحد هنا خدي في بالك…بنام في الحته دي….”اشار على احد المحلات المفتوحه..
“بتابت في المحل ده….”اشارت هي أيضاً عليه وهي تسأله ببراءة……
رد الولد باختصار لا يحمل الفرح أو حتى الحزن…
“قدامه اخر الليل……..لم صاحبه بيقفله وبيروح بيته…..”
تكورت شفتي نور بتأثر وهي تساله بشفقة….
“ياحرام………..طب وفين باباك ومامتك…..”
رد الصبي ببساطة بها لمحة من الضياع وهو
ينظر للشارع…
“مش عارف………انا علطول هنا……”
مدت يدها بحقيبتها واخرجت مبلغ بسيط
وهي تقول ببراءة….

 

 

“خد دول بس بلاش تشتري سجاير عشان متتعبش………انت اسمك إيه صحيح… ”
رد الولد وهو ياخذ النقود منها بسعادة…
“زيكو………. وانتي….”
ابتسمت لاجل ابتسامته الجميلة فقالت بطيبة…
“نور……………ينفع نبقى صحاب يازيكو……”
نظر اليها بدهشة واشار على نفسه بغير
استيعاب…
“تبقي صحبتي………… انا…..”
اومات له وهي ترفع يدها إليه كنوع من الترحيب به………تردد في ان يسلم عليها وهو ينظر ليده المتسخه……قالت نور بحزن بريء للصغير…
“انت مش عايز تسلم عليا ولا اي…..”
“ايدي وسخه….استني….”سحب كم قميصه المهتري
وغطى به كف يده ثم سلم عليها ليسمع الصبي بعدها
صوت كرم ياتي من خلفه صائحا بخوف على نور..
“انت بتعمل اي يالا عندك….”
ركض الصغير في لمح البصر خوفاً منه فقد ظن انه احد المخبرون الذين يبحثون عنهم بين الازقة والشوارع لوضعهم في الاصلاحية……
نظرت له نور بضيق لأول مرة وهي تقول بنبرة
متأثرة…..
“حرام عليك ياكرم خوفت زيكو منك…..”
اتى عليها كرم وسالها بغرابة….
“زيكو مين؟!…. انتي تعرفي يانور؟….”
اجابته بايجاز وهي ترمق الطريق الذي ركض منه
الصبي بشجن…….
“لسه متعرفه عليه دلوقتي وانا بديله علبة الأكل..”
ضرب كرم فخذيه ذاهلا وهو يوحد الله
ويستغفر وهو رافع رأسه للسماء بنفاذ صبر…..
“لا اله إلا الله….. استغفر الله العظيم…صبرني يارب………..نور لو سمحت ممكن تسبيني انا أزوع العلب….”
سالته بضيق….
“ولي انا موزعش معاك….”
تحركت شفتيه بشراسة وهو يقول بجزع…
“عشان انتي مش بتوزعي انتي ماشيه تتعرفي على الناس في شارع……..يلا قدامي……وهاتي ايدك دي عشان مضعيش مني انا مش ناقص…..”
لم تمد يدها اليه بل اغاظتها جملته فقالت
بحنق……
“اي اضيع منك دي هو انا صغيرة……”
اخبرها كرم بجدية خشنة….
“لا مش صغيرة بس انتي أول مرة تيجي هنا…..”
نظرت نور حولها بضياع فهو محق هذا الطريق
جديد عليها كلياًّ…..

 

 

“هاتي إيدك يانور…..”مد يده السمراء اليها فوضعت يدها بتردد داخل يده التي اقبضت عليها سريعاً لتشعر بشيءً بعدها يتسرب اليها رويداً رويداً
وكان شعور جميل لكنه محرم في نفس الوقت…… وهذا الإحساس وصل لكرم أيضاً حينما لمس
يدها للمرة الأولى……
سارا معاً بصمت والايادي تتعانق بشكلا قوي شاعري
تستشعره قلوب عذراء لم تقع في الحب يوماً ولم تجرب حلاوته وعذابه ؟!…..
………………………………………………………….
علت الزغاريد وبدأ الرجال بحمل جهاز العروس الى المبنى المقابل حيث شقة العريس(إبراهيم راضي)
والذي سيقام فرحه بعد أيام معدودة……

 

 

 

علت الزغاريد وبدأ الرجال بحمل جهاز العروس الى المبنى المقابل حيث شقة العريس(إبراهيم راضي)
والذي سيقام فرحه بعد أيام معدودة……
بدأت همسات الجيران عن جهاز سمر والجميع منبهر من جهازها العصري والغالي كذلك…. وبعض الجيران الحاقدين بدأوا في مصمصت شفتيهن وهم يقارنوا
بينها وبين العروس التي تزوجت منذ أسبوع
والتي جلبت اكثر منها وأجمل !……
لم تهتم (سمر) بالكلمات المتناثرة حولها بل ظلت تتابع جهازها وهو يصعد لشقة ابراهيم التي ستكون شقتها بعد ان تصبح زوجته رسميا وهذا سيحدث بعد ايام معدودة……
سمعت والدته تربت على كتفها وهي تقول بفرحة وفخر وهي تنظر لجهازها…..
“مبروك ياعروسة ابني…. ربنا يتمملكم على خير….”
قالت أمها التي تقف بجوارها…..
“اللهم امين ياام ابراهيم ويبعد عنهم العين…” اطلقت زغردة عالية كنوع من الفرح والابتهاج
لابنتها……
رفعت سمر عيناها على إبراهيم لتجده يحمل مع الرجال أحد الاجهزة الثقيلة….. وحينما التقط
عيناها في تلك النظرة غمز لها بوقاحة…
مما جعلها تبتسم وتطرق براسها للأسفل……
قطعت أمها وصلت الغزل بينهما وهي تقول…
“يلا ياسمر عشان نطلع نشوف جاهزك ونظبط الدنيا عشان نبدأ نفرش من بكرة…….”
اومات لها وهي تصعد المبنى معها بقلبٍ يرتجف و وجهه متورد خجلاً…. ليست أول مرة تاتي لهنا لكن تلك المرة مختلفة انها الان عروس وتنوي فرش شقتها قبل الزواج……
وصل الجميع للشقة ونزل الرجال بعد ان وضعوا الجهاز في الشقة… ولم يبقى سوى والدته
وشقيقتيه وابنة عمه وزوجة عمه….وهي بطبع
وامها……..
رمقت صفاء والدة حبيبة الجهاز المغلف الذي لم يفتح بعد…..باستهجان واضح وهي تقول بتجريح…
“بس العفش شوية صغيرين….. معقول هو دا بس اللي جبتيه ياسمر….. دا انا جيبه لحبيبة بنتي شيء وشويات ولسه بقول شوية…….”
تركت سمر أمها ترد عليها فهي تعلم امها في تلك المسائل متوحشة في رد !…. وبالفعل ردت امها كمدفاع رشاش امام وجه صفاء الذي جفل وقتها…..
“بسم الله ماشاءالله….. الله اكبر….انتي مش شايفه العفش مغرق الشقة ازاي ……. ولسه لم الكراتين تتفتح هتشوفي الجهاز على حق…. اصبري يام حبيبة ومتستعجليش دا انا جيبالها حاجات لو شوفتيها تتهبلي عليها….. تعالي بكرة افرشي معانا اهو تاخدي فكرة برضو عشان تجيبي لبنتك وتكملي الشويات بتوعك…….”
لجم لسان صفاء وأحمر وجهها بغيظ ثم نادت
ابنتها بضيق…
“حبيبة تعالي عيزاكي…..”
قالت حبيبة بحرج من الجميع…..
“روحي ياماما….. وانا جايه وراكي……”
عضت والدتها على شفتها وهي تنظر لها بتوعد
ثم خرجت من الشقة…..
برمت زينب شفتيها وهي تنظر لحبيبة قائلة
بعفوية…
“امك النفسية عندها عاليه…..كويس انك مش طالعلها……”
لكزتها سمر وهي تنادي عليها بتحفظ….
“ماما…..”
انتبهت زينب لما قالته فاعتذرت للحبيبة بحرج…
“انا مقصدش حاجة يابنتي….. بس كلامها زعلني اوي…..”
اعتذرت نوال بحرج للسيدة…..
“معلش يام أحمد متاخديش على كلام صفاء هي طيبة والله ولي في قلبها على لسانها…..”
وكانها القت على النيران بنزين فزاد توهجها
مما جعل زينب تنظر اليها بضجر…..
“يعني انتي شايفه اني مش جايبه لبنتي عزال
عليه القيمة يام ابراهيم…..”
صاحت رباب شقيقته الكبرى بنفي وهي تعدل
جملة امها مضيفة بمدح….
“بالعكس دا جهاز سمر حلو اوي ماشاءالله وذوقها
حلو اوي كمان….. الحاجه متنقيه على الفرازة مش
اي كلام……”
اكدت رحمة شقيقته الصغرى والتي كانت تحمل
ابنها ابراهيم بين يداها وتهدهد به برفق….
“آآه والله العظيم ياخالتي…. احنا مش بنقول الكلام ده عشان انتي قدمنا انا لسه قايله لرباب وحبيبة كده تحت ومشكرة في حاجتها…… دا احسن من جهازي كمان والله……”
انهت نوال النقاش وهي تقول بطيبة….
“بلاش نتكلم في شوية واليامه دا مش مقامي ولا مقامك يام أحمد…. وبعدين دا كله ليهم هما… احنا ملناش دعوة بالشوية وليامه دي بتاعهم هما… ومتشغليش بالك بكلام الناس….. الناس بتتكلم حتى لو محمله العربيات دي دهب مش جهاز هيقوله ابوها بيتاجر في المخدارت عشان كده جبلها دهب…..” ضحكت نوال بأستياء وهي تتابع لزينب بود…..
” بلاش تعكري فرحتنا….. ومتخدوش على كلام صفاء هي متقصدش حاجة……”
بلعت زينب اعتراضها بحنق ونظرت لسمر التي تقف بجوارها والتي رمقتها بنظرة معتذرة مترجيه ان لا تفتح الموضوع مره أخرى……فسكتت زينب على مضض……
دخل أحمد في تلك الاوقات يحمل على كتفه حقيبتين سفر بهم ملابس العروس……
صاح أحمد بعصبية لأول مرة تراها حبيبة

 

 

بهذا الشكل…..
“خلصي ياماا ارميهم فين…..”
صاحت سمر بانزعاج منه….
“اي ترميهم دي…. تعالى حطهم في اوضة النوم….”
صاح أحمد بعصبية اكبر عليها…..
“لوحتي رقبة امي….. افتحي ام الباب…..”
شهدت سمر امها بغيظ منه امام الجميع…..
“شايفه ابنك ياماا…..”
رمقته زينب بتحذير وهي تقول بصرامة….
“اتلم ياحمد ودخل الحاجة وانت ساكت…..”
قال بغيظ مكبوت……
“الماتش ياست بدأ بقالوا زفت ربع ساعة…..”
صاحت زينب باستنكار……
“مايولع الماتش ……الماتش ولا عزال اختك…..”
رد سريعاً ببساطة…..
“مش محتاجه سؤال يعني… الماتش اهم من اي حاجة……”
“آآه ياندل…….”لكزته سمر وهو يدخل الغرفة القى الحقائب على الفراش ثم اتجه إليها…..وطبع قبله سريعة على وجنتها وهو يقول بخفوت بجوار
اذنها….
“مبروك ياشقيق…….بقولك اي اسحبي انتي وامك مطوليش……”
رفعت سمر حاجبها وهي تنظر لها….
“اي ده انت مش هتستنانا…..”
مزال يقف بالغرفة معها فقال من بين اسنانه
بضجر…..
“استناكي اي دا البيت في وش البيت…وبعدين انا رايح احضر الماتش كفاية راحت عليه اول ربع ساعة……..وبعدين انا هقعد معاكي اعمل اي يعني
دي حاجات حريم مليش دعوة بيها…..”
دفعته سمر بصدره بغيظٍ…..
“خلاص ياحمد غوور…..دي عادتك ولا هتشتريه…”
“مش زعلانه صح…..”
نظرت له بحدة…..
“زعلانه دا انا هطق منك……”
لوح بيده وهو يوليها ظهره خارج من الغرفة….
“أولعي………………انا ماشي برضو……..”
غمغمت سمر وهي تنظر للحقائب المرصوصة
على الفراش……
“طبيعي مانت جبله…….”
قبل ان يخرج أحمد من الشقة كانت قد خرجت حبيبة لترى امها في شقتهم……قابلها على السلالم فقال بمزاح شقي وهو ينظر لظهرها……
“على هادي يامدلع………”
عضت حبيبة على شفتها وهي تنزل على السلالم وهو خلفها وحمدت ربها انها كانت ترتدي عباءة فضفاضة في تلك اللحظة فهي تعلم انه غير سالك النوايا أبداً……..
قالت حبيبة بخفوت بدون ان تنظر اليه وهي
تتابع هبوط الدرج…..
“المفروض تلحق وقتك عشان الماتش……”
احرجها أحمد بفظاظة صبيانية…..
“مانتي لو توسعي هعادي والحق وقتي…….”
وقفت حبيبة مكانها واستدارت اليه ذاهلة….معقبة
“انت بتكلم بجد ولا بتهزر…..الماتش مهم اوي كده…”

 

 

تجاوزها وهو يقول بعجلة……
“اهم من حياتي نفسها…..”ثم أضاف بصوتٍ
خافض حتى لا يسمعه أحد…..
” هكلمك بعد ما الماتش يخلص….. ”
حركت حبيبة حدقتيها ببرود للجهة الأخرى
وهي تقول ساخرة……
“مش هرد عليك خلي الماتش ينفعك…. مش هو
اهم من حياتك برضو…….”
توقف أحمد عند احد إدراج السلم السفلي وهي
كانت مزالت واقفه عند الدرج العالي……..سألها بغرابة….
“اي النفسنة دي يابيبه……. انتي زملكاويه ولا اي….”
اجابت مقتضبة…..
“انا مبحبش الكورة أصلا…..”
“بسيطه بكره تحبيها زيي…. ونتابع الماتش سوا…” غمز لها ثم أكمل الهبوط على درجات السلم بعجلة…
لوت شفتيها بسخط وهي تقول بغيظ….
“مستعجل اوي…….. يارب يخسروا……” عضت على شفتها وتراجعت في الدعوة وهي تقول ببراءة….
“يارب يكسبوا عشان مينكدش على نفسه…. واتنكد انا عشانه………..”
……………………………………………………………..
سحبتها رحمة من يدها للاسفل حيثُ شقة والديها
قالت سمر وهي تهبط معها على درجات السُلم….
“احنا نزلين تحت نعمل اي يا رحمة…..”
قالت رحمة بجذلاً مرتسم على ملامحها…..
“هوريكي حاجة هتعجبك اوي…..”
تساءلت سمر…
“حاجت اي يا رحمة ؟….”
“اصبري……”قالتها رحمة وهي تدخل الشقة ومنها الى غرفة ابراهيم……
حينما دخلت سمر نظرت للغرفة باستغراب لتجد ثوب زفاف ابيض كبير يحتل الفراش بأكمله….إبتسمت سريعاً ولمعة عيناها وخفق قلبها خفقات لا تعد…
جلست على حافة الفراش ومررت يدها على الفستان
الابيض الناصع المرصع بالماس براق رائع….. وكانه الماس حقيقي وليس تقليد…….. كانت تنورة الفستان
من الاسفل كبير ومنفوشة تكاد تبتلع من يرتديها بينما من الاعلى مجسم ومطرز بمهارة….وعصري الشكل……هذا التصميم مألوف إليها……حينما تذكرت رفعت عيناها على رحمة بدهشة……
“رحمة انتي بتهزري صح….. دا نفس اللي اخترته…. انتوا كنتوا متفقين…..”
ضحكت رحمة وهي تومأ براسها بتأكيد….
“بصراحه ابراهيم هو اللي بعتني ليكي من كام يوم
وداني كام صورة من الفساتين اللي موجوده في الاتلية…… وانتي اختارتي منهم الفستان ده وهو علطول راح اشتراه وحب يعملهالك مفاجأه…”
ضحكت سمر وهي تهز رأسه…المخادع يدبر ويخطط من خلف ظهرها كي يفاجئها بهذا الشكل الـ……رائع مهم انكرت….
سمعت رحمة تقول بحماس…
“مش ناويه تقومي تقسيه ياسمر……”
“دلوقتي وهنا…..”نظرت لها سمر بدهشة…
هزت رحمة كتفيها بالامبالاة…..
“اي يعني محدش معانا…وابراهيم تحت مع الناس…”
نظرت للفستان ثم لرحمة وقررت ارتداءها بعد لحظتين من التفكير……

 

 

 

دخل ابراهيم الشقة وذهب للحمام وغسل يداه ووجهه ثم احاط بالمنشفة مؤخرة عنقه وهو يجفف وجهه وشعره……
اتجه الى غرفته فسمع صوت شقيقته وسمر بداخل…
ابتسم بمكر بعد ان أدرك انها رات الفستان……
اطرق على الباب فقالت رحمة بتوجس….
“مين…….”
هتف ابراهيم وهو يحك في شعره….
“افتحي يارحمة……”
قالت رحمة بتردد خلف الباب…
“عايز اي يابراهيم مش هينفع تدخل…..”
زمجر بلؤم وهو يسألها….
“اللي هو ازاي يعني دي اوضتي…..انتي معاكي حد جوا…..”
قالت رحمة وهي تنظر للباب بحزم وكانه
امامها….
“آآه سمر وبتقيس الفستان ومش هينفع تشوفها… امك منبه عليك…. ومحذراك….. دا فال وحش
وانت عارف….”
طرق ابراهيم مرتين وهو يقول بخبث اليها…
“انتي بتصدقي الكلام ده… افتحي بس يارحمة اشوف الفستان…. مانا لازم اشوفه افرضي عريان…”
قالت سمر من خلف الباب باستهجان…
“على اساس ان لو عريان كنت هتجيبه يعني… ”
هتف ابراهيم وهو يبتسم بعد ان سمع صوتها
أخيراً…
“افتح ياشبح خليني اشوفك بالابيض….”
امتنعت سمر وهي تقول بتشفي…..
“لا………… يوم الفرح……..”
صاح ابراهيم بنفاذ صبر محذر إياها….
“افتحي يابت مانا هشوفك يعني هشوفك… افتحي بذوق بدل ما كسر الباب…..”
شهقت سمر بحرج وهي تنظر لرحمة التي ضحكت وهي تقول لاخيها بخبث…..
“طب اعملها كده يابراهيم وبقى وريني هتقول للحاج راضي إيه لم يسالك كسرت الباب ليه…..”
“هقوله الباب عصلج….. سمر الفستان حلو؟….” سألها
من خلف الباب…..فابتسمت سمر بجذلا وهي تمرر يدها على الثوب بعد ان اغلقت رحمة السحابة لها
من الخلف……..ثم تنهدت وهو تجيبه بسعادة…
“اوي يابراهيم…..”
ابتسم وهو يسالها من جديد ببحة خاصة
عميقة التعبير……
“عجبك ياست البنات……”
نظرت سمر لنفسها في المرآة وهو ترتديه وقد
تغيرت مائة وثمانين درجة به….. كانت جميلة
اقرب لاميرة خرجت من كتاب أساطير…. كان
الفستان يناسبها بقوة وكانه صمم خصيصا لها
ردت عليها بعيون متلألأة بالفرحة….
“عجبني اوي يابراهيم…….. دا تحفه…..”
زفر ابراهيم بجزع وهو يطلب منها بالحاح…..
“طب ما تفتحي كده أشوفه عليكي…… ”
ضحكت رحمة وقالت بسماجة….
“رايح نفسك ياهيما مش هنفتح الباب…وطلع بقه شقتك خلينا ناخد راحتنا…….مش كده ياعريس.. ”
توعد لها وهو يبتعد عن الباب….
“ماشي يارحمة………عنيا ليكي…..”
خرج ابراهيم من باب الشقة فقابل حبيبة تحمل ابراهيم الصغير ابن رحمة وتهدهد به وهو يزيد صراخة وقد كانت حائرة كالطفلة وهي تحمله
وكانت على وشك البكاء معه !……….
سألته حبيبة بصوتٍ نشج…..
“ابيه…..متعرفش رحمة فين…..هيما الصغير بيعيط ومش عارفه اعمله إيه…… شكله جعان… ”
لمعة عينا ابراهيم بالخبث وهو يخبرها بهدوء
حتى لا ترتاب منه…..
“رحمة في اوضتي مش عارف بتعمل اي…روحي ادهولها……”
تنهدت حبيبة براحة وهي تتجازوه لتدخل الشقة وبالفعل اطرقت على باب الغرفة والصغير بين يداها
يبكي بقوة مما جعل رحمة تفتح الباب سريعاً وتاخذ ابنها بين يداها بقلق وهي تسال حبيبة…..
“ماله ياحبيبة بيصرخ كدا ليه…..”
قالت حبيبة بقلة حيلة…..
“شكله جعان يارحمة….مش راضي يسكت معايا….”
في تلك اللحظات قد تجاوزهن إبراهيم ودخل غرفته وأوصد الباب جيداً……شهقت رحمة ولم يكن الحظ حليفها كي تمنع اغلاق الباب في وجهها….
“افتح يابراهيم…….. عيب يابراهيم مش كده….فال وحش والله………… لو امك عرفت هتزعل…..”
سالتها حبيبة بعدم استيعاب وهي تنظر
للباب المغلق…
“هو مين جوا يارحمة…..”
ردت عليها رحمة وهي تطرق على
الباب….
“سمر بتقيس الفستان جوا…..”
تهلل وجه حبيبة بسعادة وهي تقول بحماس…

 

 

“الله بجد………… انا عايزه اشوفها…..”
طرقت رحمة على الباب من جديد وهي تقول
بخيبة أمل……
“دا اذا فتحلنا…..دا قفل الباب بالمفتاح…..بقا دا ابراهيم اخويا التقيل في نفسه….. عملتي اي فيه ياسمر…. “ضحكت رحمة وهي تهز راسها وبرغم
ذلك كانت سعيدة لأجل فرحة اخيها وحبه لسمر
والتي تزيد غلاوتها مع الوقت في قلبها…..وستصبح
يوماً ما أختها الثالثة مع رباب وحبيبة…….
لم يهتم بطرق اخته على الباب ولم يستمع لجزءا
مما قالته اثناء طرقها…….كل ما كان ينظر له
تلك البهية التي تتألق بثوب الزفاف الأبيض الذي يكاد يبتلعها من شدة جماله وجحمة الكبير…..كانت كفراشة خرجت من شرنقتها للتو……. او كوردة ازدهرت في موسم الربيع فخطفت الأعين بجمال لونها وعطرها الطيب…..
لمعة عينا ابراهيم وهو يقف مكانه متسمر…..يدقق النظر بها من أول رأسها حتى أطراف ثوبها
الأبيض….أميرة متوجه تقف بجمالا وحسن بشعر اسود مموج مسترسل بجمالاً على كتفيها وظهرها منافس جمال الابيض الناصع مع عيون سوداء
لامعه تنظر نحوه بحب به لمحة من الخجل……
بينما ملامحها الحسناء تلوح بسعادة غير منتهية وهي بفستان زفافهما…..
بلعت سمر ريقها بتردد وهي تنظر له بين الحين والاخر منتظره اي تعليق منه بعد نظراته الجامعه مابين الحب……والدهشة……..والحماقة وهو يقف مكانه هكذآ بدون نطق حرف واحد لها……..
حينما يئست من تقدمه منها… تقدمت هي وهي تحاول رفع تنورة الفستان للاعلى قليلاً….. ثم سارت اليه ووقفت امامه وقالت باستياء…..
” هتفضل متنح كده يابراهيم…. هو وحش عليا ولا إيه…… ”
أول شيءٍ خرج منه وهو ينظر لعينيها بهيام…
“سمر……….. انتي بجد هتبقي مراتي……”
ابتسمت ذاهلة وهي تلكزة في كتفه….
“آآه بجد عندك مانع…….”
علق أخيراً بين ذهوله المدغدغ لانوثتها…..
“عندي مانع……. انا مش مصدق……اي الحلاوة
دي يابت……”
ضحكت سمر بقوة وهي تدور حول نفسها وهي
تنظر للفستان……
“حلو اوي يابراهيم…. انا لم اخترته مكنتش اعرف
ان هيبقى حلو كده……… دا بجد بتاعي محدش هيلبسه غيري…….”
اوما لها وهو ينظر لعينيها…..
“احنا متفقين اخر مرة اني هشتري مش هأجر….”
“بس دا شكله غاليه اوي……” مررت يداها على
الثوب وهي تنظر له…..
سحبها ابراهيم برفق عند المرآة لتقف امامها من جديد لكن المختلف في تلك الوقفه انه بالقرب منها يقف خلفها ينظر لصورتها المنعكسة في المرآة بحب وعيناه تحكي لها قصيدة غزل يعجز السان عن
قولها حتى لا يفسد عمق وصفها !…
“سيبك من ده كله المهم انه حلو عليكي……”
نظرت الى صورتهما عبر المرآة ثم زاد توهج
عينيها عشقا فقالت بنبرة ناعمة…….
“انا بحبك اوي ياهيما……..”
طبع قبله على وجنتها وهو يلصق وجنته بوجنتها الناعمة نعومة اشعلت مشاعره شوقاً إليها….. ضمها
بكلتا يداه من الخلف وكان حجم الفستان كارثة بنسبة له في تلك اللحظة فهو يشعر انه يعانقه
بدلاً منها…….

 

 

نظر ابراهيم لعينيها عبر المرآة وقال ببحة خاصة مؤثرة على قلبها الهائم به…
“وانا بعشقك ياقلب هيما………بحبك ياشبح…” قبلها من جديد وطالت القبلة على جنتها مما جعلها تضطرب من انفاسه الساخنة وقربه منها
فحاولت التملص منه بسرعة…..
زمجر ابراهيم ببراءة وهو يحاول نيل قبلة اخرى منها….
“اثبتي ياسمر محصلش حاجة دي بوسة بريئه…”
دفعته سمر بقوة وهي تحاول الخروج من
الغرفة……
“وسع بقه يابراهيم وبطل غلاسة…….”
مسك يدها قبل ان تهرب منه وقال…
“هي الحاجات دي بقت غلاسة اليومين دول
تعالي بس هقولك حاجة مهمه…….”
قالت برجاء به لمحة من الدلال وهي تمسك يده
بين يدها…..
“ابراهيم……وحياتي عندك افتح الباب وخرج شكلنا وحش اوي واختك وبنت عمك وقفين على الباب…..”
مد يده وارجع خصله من شعرها للخلف وهو
يقول بعبث حاني
“مش دلوقتي……..انا لسه مشوفتش الفستان…..”
ازداد الدلال وهي تنظر إليه بترجي…..
“يابراهيم عشان خاطري……. متحرجنيش اكتر من كده…………وحياتي ياهيما…. ”
نظر لها بحنق ثم للباب الذي مزال يطرق ثم بعد
برهة تركها بغضب وهو يتوعد لها بضراوة زائفة….
“ماشي ياسمر……..بس قسما بالله كل ده هيطلع عليكي…….اهربي زي مانتي عايزه……هنروح من
بعض فين…….”
ضحكت بقوة وهي تراه يفتح الباب ويخرج…..بدأ
قلبها يطبل على ألحان العشق وهي لا تصدق انها
ستكون زوجته بعد ايام فقط………
……………………………………………………………
صعد ابراهيم السيارة الكبيرة بجوار عبود الذي
كان يأكل كالعادة وجبة الإفطار بسيارة…..
نظر عبود لوجه ابراهيم العابس والذي قاد السيارة
بصمت غريب عليه…… سأله عبود….
“مالك يابراهيم المدير موفقش على الاجازة ولا
إيه……”
نظر ابراهيم امامه بوجوم…..
“وافق واداني أسبوع واحد ومحسوب من اول
بكرة……”
برم عبود شفتيه وعلق بسخط….
“دا راجل بارد صحيح دا انت لسه فرحك بعد
بكرة…..متزعلش نفسك لم نرجع انا هتكلم معاه…”
نظر ابراهيم اليه وقال ببرود…..
“سيبك منه انا هقعد زي مانا عايز ولم ارجع نشوف بقه هيعمل إيه…….. طالما الذوق مش جاي معاه سكه….”
تعجب عبود وهو يسأله….
“وطالما الموضوع كده قالب وشك ليه بقه…”
لاح السأم على وجه ابراهيم وهو يخبره….
“مانت عارف ياعبود… مفيش حد بيقدر….. صحاب الشغل عايزين يمصه دمك مص …”
خفف عنه عبود وهو يقول بمزاح…..
“كلهم كده…. ياعم روق….. الحمدلله ان اداك اسبوع انا يوم ما تجوزت اداني تلات ايام بالعافية تقولش باخد اجازة العيد……”
ابتسم ابراهيم وهو يهز رأسه وعيناه مثبته على الطريق…… ضحك عبود وهو يربت على كتف صديقه…..
“ايوا كده اضحك دانت عريس حتى في عريس يكشر التكشيرة دي…… مبروك ياهيما انت والعروسه ولاد حلال وتستاهلو كل خير……..”
“تعيش ياعبود عقبال عيالك…….” انتبه إبراهيم لكمين شرطه في طريق فقال بقلق….
“ربنا يستر كمين……. طالع من عندك الرخص واوراق الحمولة دي….. اول حاجة هيسألوا عنها…..”
فتح عبود أحد ادراج السيارة واخرج الورق
وهو يقول بخشونة……
“موجود ياجدع هي أول مرة يعني…..”
أوقف إبراهيم السيارة بعد ان اشار له الضابط بتوقف والذي كان وجهه ينم على الشر والاذى ولم يرتاح ابراهيم لنظراته……
“انزل يابني منك ليه… فتش يابني انت وهو
التريله دي…….”

 

 

لم يتحدث ابراهيم بل نزل من السيارة وترك لهم حرية التفتيش كما يريدون…. ثم سمع عبود
الواقف بجواره يستفسر من الضابط بهدوء…
“هو في حاجة ياباشا التريله دي محمله حاجات طلعه الجمارك…… والورق كله اهو تقدر حضرتك
تبص عليه……”
صاح الضابط بنبرة غاضبة ووجه مكفهر
الملامح…..
“خلي ورقك معاك وحط لسانك جوا بؤك انت هتعرفنا شغلنا ولا إيه……”
ارتعد جسد عبود فقال بخوف…..
“انا مش قصدي ياباشا انا بس…..”اوقفته يد
ابراهيم و الذي همس له بخفوت….
“اهدى ياعبود وسكت وسبهم يشوفوا شغلهم…
مفيش حاجة في العربية نخاف منها…..”
خرج الشرطي وهو يرفع يده بقطعة مربعة
مغلفة بقماشة بيضاء…….
“لقينا فرش الحشيش دا يا باشا تحت كرسي السواق…..”
اشار له الضابط بان يتقدم ليرى بنفسه…..
“فرش حشيش………….هاته يابني…….”حينما تقدم الشرطي تقدم ابراهيم كذلك وهو ينظر الى قطعة المخدرات بصدمة وتعجب…..
“حشيش اي !………..دا مش بتاعي ….”
ساله الضابط بتشكيك….
“ليه هي العربية دي مش بتاعتك…..”
اخبره ابراهيم وعلامات الصدمة تلوح على
وجهه…..
“ايوا بتاعتي وباسمي………بس….”
قاطعه الضابط وهو يسأله ببرود كي يثبت
التهمة عليه…
“حد بيدخلها او بيركبها غيرك……..”
اخبره ابراهيم بخشونة…..
“مفيش غيري بيسوقها…..وباكل من وراها عيش…”
لوح الضابط بالقطعة المربعة هازئاً….
“ودا اكل عيشك بقه …….ويترى دا توزيع بقه ولا تعاطي….بس شكله توزيع… توزيع بتاكل من وراه عيش مش كده…….خدو يابني على البوكس …لحد
ما نعمله المحضر النضيف…… ”
هدر ابراهيم بتشنج وهو يدفع يد العسكري….
“بوكس اي انتوا هتلبسوهاني ولا إيه قولتلك
معرفش عنها حاجة……”
“انت اتهبلت يالا……….وقف تزعقلي……”
اشار الضابط لعدة عساكر كي تتقدم من ابراهيم
حتى يكبلو اياه ويدخلوه سيارة الشرطة رغماً عنه…..وكان تكبيلة و ادخله مهمه صعبة خصوصاً
بانه يصيح بصوتٍ جهوري ان تلك المخدارت ليست له….وان هناك لبس في الموضوع……….
رفع ابراهيم رأسه وهو يجاهد حتى لا يدخل السيارة
فالتقطت عيناه القاتمة عيون بغيضة يعرفها جيداً تنظر إليه من خلال نافذة سيارة فارهة ، بتشفي لا
يخلو من الشر الأسود……….

 

 

حينها دخل ابراهيم بعدها مع الرجال بصمت
وقد أيقن بعدها ان النيران التي اشعلها في
سيارة لم تمسس أحداً سواه ؟!……

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى