روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الرابع والعشرون

رواية غمرة عشقك البارت الرابع والعشرون

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الرابعة والعشرون

وصلت السيارة لاحد الاماكن المهجورة بها عدد من المباني الشاغرة……..
وقع قلبها بقدميها وهي ترمق المكان من خلال نافذة السيارة…… ثم رفعت عينيها السوداوين عليه لتجده يرمقها في المرآة الاماميه…. بلعت ريقها بصعوبة وهي تنظر اليه بتردد…..
سالها بنبرة مرعبه وهو يرمقها عبر المرآة الامامية
بغضب يلمع بعيناه…..
“خايفه……”
اهتزت حدقتيها امام عيناه ثم ارجعت خصلة من شعرها بوجل….
“لا……”
رد ببرود وعيناه لا تحيد عن المرآة…..
“كدابة…… عينكي فضحاكي….. تفتكري وصلت معاكي لدرجة اللي تخليني اقتلك ودفنك هنا…..”
شحب وجهها سريعاً وتسارعت خفقات قلبها وامتنعت عن الرد بفزع واضح عليها….
ضحك ضحكة قاسية خالية من اية فرح وهو
يقول….
“اسحب كلمتي….انتي مش خايفه… انتي مرعوبه…
عارفه ليه……”لم ترد عليه بل ظلت صامته وهي تنظر لعيناه فقال بغضب فجأه جعلها تتراجع برعب…
“عشااااااان مبتثقيش فيا…….ماشيه بدماغك…. ”
نزلت دموعها وهربت منه وهي تخرج من السيارة

 

 

 

فلحق بها سريعاً ومسك يدها واوقفها… انهمرت العبارات على وجنتيها وهي تقول بتشنج…
“عاااااايز اي مني؟….. سبني………”
اسندها عند باب السيارة المغلق وظل امامها ينظر لها بقوة وهو يحدثها بغضب وعيناه تتأجج بنيران ملتهبة…
“انتي اللي عايزه إيه…… مالك ومالي ياسمر….. مالك
ومال اشتغل ولا قعد في البيت…….. شغله بالك ليه
مش اختارتي حياتك معاه ابعدي عني وسبيني بقا…….مالك ومالي متابعه اخباري ليه….. وعايزه
إيه مني…… ”
برقة عينيها بضجر وقالت بتشنج…..
“انت بتكلم وكانك متعرفش انا اتجوزته ليه….”
رد ببساطه وسخرية في ان واحد….
“لا عارف عشان تخرجيني من السجن مش دقق عصافير فاهم وعارف………بس وبعدين….”
“يعني اي وبعدين…..” حركت راسها حائرة وهي تنظر إليه بغضب…..وشوق….ابراهيم امامها بعد كل هذا الغياب لكنه غاضب قاسي….ليس حبيبها الذي
عشقته وتمنت رضاه……
مسك كتفيها بنفاذ صبر وعتصرهم بين يداه وهو يصيح بتشنج تحت اشعة الشمس الحارقه ككلماته
التي تصب على قلبها العليل بحبه…..
“يعني انتي عايزه إيه…. عايزاني افضل معاكي
ابقا عشيقك….. عايزه تكوني معانا احنا الاتنين….. عايزه اي بظبط…..فهميني عايزه إيه….انطقي ساكته ليه…”
صرخت هائجة فيه….
“كفاااااااايه…..مش عايزه حاجه سبني…سبني…”
دفعته بصعوبه ومع ذلك هو من تركها……
صعدت احد المباني المهجورة ووقفت اعلى سطح
بنية بطابق واحد……..جلست على السطح وظلت تنتحب بقوة وهو بالاسفل عند السيارة يراها
بوضوح واقفه تستند على العمود وتوليه ظهرها
وهي تبكي بحرقة وبصوتٍ عالٍ…..
ضرب سطح السيارة بغضب وهو ينظر لها من الأعلى
لماذا يتأثر ببكاءها ويشعر بالغضب والكره من الحياة ومن نفسه لمجرد رؤيتها تبكي…….مزال عشقها كالوشم على قلبه……
مسك حجرة صغيرة من الأرض وقذفها بقوة نحو السطح الواقفة عليه لكن بعيد عنها بمسافة….
انتبهت سمر وسط بكاءها للحجر الملقى جوارها…
رفعت عينيها الحمراء عليه فوجدته يعصف صوته بغضب…
“انزلي ومتهربيش لسه كلمنا مخلصش…..”
صاحت سمر من اعلى السطح بغضب….
“هتقول اي اكتر من اللي انت قولته….امشي وسبني في حالي…….”

 

 

صاح بغضب وهو يعض على شفتيه….
“انزلي ياسمر…..”
اولته ظهرها بعناد ووضعت يدها على صدرها وطيف من الحنين الدافئ يغمرها لمجرد سماع اسمها بصوته……..
اشتقت اليك ياقاسي القلب…..ياجلف ألا تفهم اني أحبك….وأريد ان اساعدك باي طريقة كي اعوضك
عن شقاءك بسببِ…….
انت بالفعل عشيقي وليس ذنبي فليس على القلب سلطان يامغفل….
حتى انت مازلت تحبني وبرغم قساوتك عيناك تفصح عن الكثير……. انكر يابراهيم ومهم انكرت سأظل ابرهن بحبك مهما فعلت…….
اجتاحه الغضب ولحق بها للأعلى……
وصل اليها وحافظ على مسافة بينهما وهو يضع يده بجيبه ويرمقها بقسوة و…….شوق…..ربما يريد ان يقتل هذا الاحساس اللعين لكنه يطارده كالصوص…….
قال بخشونة وغضب وهو ينظر إليها….
“كلامنا لسه مخلصش ياسمر…..”
صاحت بغضب وهي تتقدم منه….
“عايز إيه قولي عايز ايـ…..”
“ابعدي…….متقربيش…….”قالها بنبرة غاضبه وهو يتراجع خطوتين قائلاً ببرود…..
“حفظي على مسافة بينا……..انتي ناسيه انك متجوزه…..”
تيبس جسدها مكانه وهي تنظر له بوجهاً مبلل…
نظر ابراهيم اليها مليا ثم قال بنبرة تحارب كي
تخرج الكلمات…….
“ادتيله حقي فيكي…….”
اهتزت حدقتيها وثبت جسدها أكثر كتمثال بل روح……
وكان الجواب وصل إليه سريعاً…. فقال بنبرة
مطعونة بالالم…
“بسرعه دي ياسمر……كان سهل ان ياخد مكاني
في حضنك…….”
نزلت دموعها واسبلت جفنيها…. ماذا يحدث معهم
ماذا يريد ان يعرف وهل تأجيل الامر سيفيد بشيء
سينالها ماهر يوماً ما…… عاجلا ام اجلا… ستكن زوجته… لماذا تصعبها علي ارجوك أرحم قلبي
ارحمه يابن راضي فهو هُلك لأجل حبك…..
قال بصوتٍ خشن منفعل…..
“وطالما انتي عايشه ومرتاحه مع جوزك…. شغله
بالك بيا ليه……”
نظرت للناحية الأخرى وقالت بنبرة
مهتزة…..
“انا مش فاهمه انت بتكلم عن ايه……”
تحدث بهدوء وهو يطول النظر إليها….
“مدام رندا مرات راجح العراقي…..مش هي دي
اللي كلمتيها برضو على شغل ليا……”
عضت على شفتها بحرج وانكرت سريعاً
وعيناها هاربه من حصاره…
“لا…….. محصلش……”
صاح بغضب منها…….
“كدابة مفيش حد هيعملها غيرك…. بلاش تلفي ودوري عليا……”
لوحت بيدها باستهانه وتردد كذلك…..

 

 

“وفرض دا حصل اي المشكلة اني عايزه اساعدك…”
اظلمت عيناه وهو يسألها بخفوت
خطر…
“وتساعديني بصفتك إيه…….”
ردت سريعاً…..
“بصفتنا جيران…..”
تحدث بنبرة خافته مرعبه ووجه يظلم برعب
كلما زاد الجدال……
“على كده انا طالب منك طلب بما اننا جيران تكلميلي جوزك اشتغل في شركته اوهوه اكون
سواق معاليه ومعاليكي وخدامك وخدامه…. وينعل
ابو اللي يزعلكوا……مش ده اللي انتي عايزاه ياسمر هانم….. “صرخ في اخر جملة بغضب ونتفخت اوداجه وحمر وجهه بطريقة مخيفه…..
سحبت نفساً عميقا وحاولت التحدث بهدوء اكثر
امام صراخه العالي…..
” ابراهيم…… ”
صاح بعصبية وانفعال عليها……
“مفيش ابراهيم….. انتي اختارتي خليكي قد اختيارك وبعدي عني…. ياما بقا تكوني بتفكري تكوني معانا احنا الاتنين فا دي ليها حسبه تانيه…..”
تقدمت منه بغضب ومسكت ياقة قميصة وسحبته نحوها بعنف هادره بقوة….
“اخرس…. قولتهالك وهقولهالك تاني…. انا اشرف من الشرف يابن راضي…… ومش انا اللي انزل للمستوى ده……”
مسك خصرها بين يداه واعتصره بقوة وهو يخبرها بقسوة……
“امال انتي دلوقتي نزلتي لانهُ مستوى….. انهُ
مستوى خلاكي تسبيني وتتجوزيه……… عشان تخرجيني من السجن…… كُنتِ سبتيني فيه……
كُنت سبتيني ولاني اخرج القيكي معاه…. نزلتي
لانهو مستوى ياهانم…… بقيتي هانم ياسمر….. لا وكمان بتتوسطي ليا عند الهوانم اللي زيك عشان اشتغل…..دا انا عندي اموت من الجوع ولا اوطي
راسي قدامك….كفاية عملتها مرة يوم ما خرجت
ولقيتك مراته….”
دفعها بقوة ونفور فوقعت أرضا بقسوة…. تاوهت بغضب والم وهي ترفع كف يدها لتجد احد الاحجار الصغيره المسننه جرحت كف يدها وسال الدم منه…….
اولاها ظهره وهو يقول بنبرة حازمة خشنة…
“مش هعيد كلامي كتير….. خليكي بعيد عني….
وزي ما ختارتي طريقك ومكمله حياتك فيه… سبيني انا كمان اكمل بعيد عنك…..”
تجاهلت جرح يدها وهي تسأله بخوف….
“هتجوز……”
ضحك بقوة ضحك كثيراً وهو يهرب من عيناها ثم حينما انتهت ضحكاته بتدريج رد عليها بسخط…
“عايزاني اعيش على حبك دا انتي معملتهاش!…
بعتي وكملتي حياتك ولا كاني كنت فيها……”
(والله لسه بحبك……. وهفضل احبك….) قالتها بداخلها وهي تنظر لجراح يداها ثم ضغطت على شفتيها بوجع وهي تنهض من مكانها… قائلة بصعوبة……..
“ربنا يسعدك انت تستاهل كل خير…. وانا اوعدك
مش هقرب منك تاني……”
اغمض عيناه بقوة… ربما كان يود الوصول لتلك النقطه معها لكنه حينما سمعها منها شعر بالغضب
وكان جزء بداخله يصرخ مطالب بقربها يصرخ
برجاء ان لا تبتعد وتتركه……..مازلت احتاجك

 

 

رغم بشاعة ما اقترفتي بحقي…..
اوقفها قبل ان تبتعد بكلمات ساخره….
“كد احسن مش كده….انا كل واحد فينا يرمى نفسه في حضن واحد تاني………كده احسن صح……”
استدارت اليه وصرخت بغيرة عليه….
“كفااايه يابراهيم….انت مش هتعمل كدا فيا…مش
هتبقى مع واحده تانيه غيري….”
تقدم منها في لحظة وفعها في اقرب عمود وهو يزمجز بغضب وغيرة عنيفة…..
“واشمعنا انتي عملتيها…..مجرد كلام خلاكي عمله ازاي……احساسي انا اي بقا لما كل يوم ابقى عارف انك في حضنه لما كل يوم ابقى نايم وبتخيلك معاه………احساسي إيه وانا شايفك مراته وبكره هتبقي ام ولاده احساسي إيه ياسمر…..ردي عليا شيفاني جبل…….”ضرب العمود خلفها بغضب
ثم تابع وهو ينظر لها بإزدراء…
“على قد ماحبيتك على قد ما كرهتك وقرفت من نفسي……معقول اللي حبتها ضعيفه اوي كده….دا
انا كنت شيفك ضهري…. السند اللي هتسند عليه لو وقعت……عارفه ده معنى اي……عارفه حبك وصل
جوايا لأي……كنتي روحي… نفسي…….كنتي انا
وكنت انتي كنا واحد… وكنت بثق فيكي اكتر من نفسي عملتي أي بعتي كل حاجة عشان تخرجيني
وكانها كدا اتحلت………وكاننا مدبحناش بنفس السكينة…….”تابع بسخط قوي…
“بس بكره انتي تنسي الفلوس بتنسي والعيشه الحلوه بتخفف الوجع…..وكل حاجة بتعدي…وانا
متاكد انك هتنسيني…….حتى بصي لنفسك لبستي
زي ماهو عايز…. وكويتي شعرك زي الهوانم……بقيتي زيهم ياسمر…….وكاني معرفكيش…….”
اسمى تعريف لحالتها الان انها تقف بين يد جلادها
والكلمات تنزل عليها كسياط…. جلد بدون رأفه على حالها…….جلادها يقف يحاسبها ويقاضيها ويعذبها
ويحرق روحها ويهشم قلبها الذي ينبض بوجعٍ
بين اضلعها…….
نزلت دموعها فرفعت يدها المجروحه تمسح وجنتها
سال الدماء على وجنتها مكان مسحت الدموع عقد
حاجبيه ونظر لها بقلق ابتعد عنها قليلاً ثم رفع يدها
المصابة وقال بقلق……
“مالها إيدك……..”
سحبت يدها وهي تبتعد عنه بعد ان حررها من
بين يداه……
“أبداً اذتها من غير ما تقصد……زي ما بتعمل معايا دلوقتي…….. انسى…….. ليك حق تعمل اكتر من
كده……انا مكنش ينفع احشر نفسي في حياتك تاني…… كفايه اللي حصلك بسببي…. “صمتت
قليلاً وهي تبرر قبل ان بتبعد…..
“بس انا كنت عايزه اساعدك……..”
رد ابراهيم ببغض…..
“وانا مش محتاج مساعدتك……”
قبل ان تهبط على سلالم البنيه المهجورة قالت بصوتٍ باهت حزين…..

 

 

“مش هتكرر تاني يابراهيم………هبعد زي مانت عايزه…..واوعدك اني مش هضايقك تاني
بوجودي…..”
اختفت عن ابصاره… فركل ابراهيم بقدمه العمود الصخري بغضب وهيجان وهو يلعن ويسب بكلماتٍ
نابيةٍ…..
سمعت السب والصراخ وهي تهبط على السلالم لاح عليها الدوار سندت على الحائط بقوة وهي تحاول
الجلوس بتعب وانهزام على اعلى احد درجات السُلم
بالطابق السفلي وكان امامها الشارع حيثُ السيارة الفارهة التي صفها امام المبنى المهجور……
نزلت دموعها ووضعت يدها على خدها بتعب بداخلها
حروب تقام…….حروب عجز وضعف وغضب وحب…
ماذا تفعل معه…….ماذا تفعل في طريقهما المسدود
بماذا سيفيد القرب……هو محق يجب ان تبتعد عنه
وتتركه لحياته ومستقبله مع امراه غيرها….لماذا
تخشى الحقيقه يحق له المتابعة مع غيرها كما هي تابعت السير وحدها ؟!…..
اخرجت زفيرا عميقا قاسياً وهي تشعر باقدامه تتقدم منها ثم تجاوزه بدون ان يلمسها وهو يقول بخشونة…
“قومي عشان اوصلك مكان ما سبتك…..”
ابتعد بعد تلك الجملة نحو السيارة استلقى مكان السائق بقرف واغلق الباب خلفه……
نهضت من مكانها بصمت وتجهت نحو السيارة
فتحت الباب الخلفي فوجدته يقول بحنق…..
“تعالي هنا……..”
تساءلت بغرابة…..
“اشمعنا……”
رد بحنق وهو يدير محرك السيارة….
“اسمعي الكلام…..خليني اجبلك شاش وقطن لايدك اللي بتنزف دي……”
اتجهت بجواره وجلست بدون ان تتفوه بحرفٍ اخر..
عند اقرب صيدلية على الطريق وقف واشترى له
مستلزمات طبية لجرح يدها…….
دخل السيارة من جديد وعدل جلسته نحوها وقال بهدوء…..
“قربي ايدك…….”
مدت يدها اليه وفتحت كفها المجروح وهي تنظر له بنفس الصمت الميت
وعيناها تطوف على ملامحه بشوق وعذاب….
هناك أخرى ستتمتع بقربه وحنانه يوماً ما…..
هناك من ستكون زوجتك يابن راضي وانا سأكون
مجرد ذكرى تلوح في ذهنك من حين لأخر……

 

 

نظر لكفها المجروح ثم تافف بحنق منها ومنه…..
بدا بوضع القليل من المعقم على القطنة البيضاء وتحريكها على الجرح كي يمسح الدماء ويطهر
الجرح من التلوث…….
حينما شعرت بلسعة المعقم وضعت يدها الأخرى سريعاً على يده الممسكه بالقطن……..رفع عيناه القاتمة على عينيها وهي يسألها بقلق
اشتاقت إليه……..
“بتوجعك……”
اومات وهي تبكي لا تعرف هل تبكي لاجل هذا الوجع البسيط اما تبكي لانها فقدت حبيبي لن يعوض ولو بمال العالم…….
عقد حاجبيه لكثرة عباراتها المنهمرة وليدها التي مزالت تمسك يده تمنعه من الاستمرار في تعقيم الجرح……..
حمل كفها المجروح بيد واحده ورفعه بالقرب من فمه
نفخ به برفق وباليد الاخرى واصل تطهير الجرح ومسح الدماء الجافة من حوله……
نزلت دموعها وهي تعاتبه بشجن….
“ليه بتعمل كده……مش قولت ابعدي عني…..”
بدأ يلف الشاش الطبي حول يدها وهو
يقول بخشونة هارب من عينيها الغارقه بدموع….
“ولسه بقولك ابعدي…….اللي بيحصل ده ملوش علاقه باللي اتكلمنا فيه فوق……”
ردت بوجهاً مبلل بدموع…
“انت اتغيرت اوي يابراهيم……”
رد ببساطه وهو يبعد يداه عنها بعد ان
انتهى……
“وانتي كنتي سبب التغيير ده…..”
اشاحت براسها للناحية الأخرى فوجدته يمد لها منديل معطر ومبلل وهو يقول بهدوء…..
“امسحي وشك من الدم…….”
اخذته منه بصمت بدون ان ترفع عيناها عليه…قال وهو يدير المحرك مجدداً……
“السواق بتاعك مستنينا في نفس إشارة المرور….”
نظرت اليه ورفعت حاجبها بدهشة….
“انت متفق معاه ولا إيه؟…..”
اوما لها بتأكيد وهو يلوي شفتيه بضجر…..ثم انطلق بسيارة………..
بعد مدة تركها ابراهيم في نفس اشارة المرور
ودخل السائق مكانه بتردد وهو ينظر لها ثم ليدها المصابه….صاحت سمر بغضب نحوه….
“انت عارف لو ماهر خد خبر باللي انت عملته ده هيعمل فيك إيه…..”
هتف السائق بزعر…..
“انا اسف ياهانم حقك عليا….ابوس ايدك متجبيش سيره للباشا……الفلوس عمتني انا….. ”
قاطعته ببرود وهي تنظر للمكان الذي ذهب منه ابراهيم……
“انا عن نفسي مسمحاك….لكن لو انت بقا عايز تحافظ
على شغلك وتتقي شر ماهر…… ولا كانك سمعت ولا شوفت……. فهمت ولا إيه…….”

 

 

اوما لها الرجل بوجل……
“اومرك ياهانم…….. اللي تشوفي…….”
ادارت وجهها اليه ناظره لها بشزراً…..ثم قالت بقرف….
“اطلع على الفيلا…….”
بعد قليل دخلت الفيلا بخطوات ثقيله صعدت على السلالم فوجدت ماهر يحدثها من الردهة عند احد الاركان جالس على احد المقاعد الفخمة واضع قدم على اخرى بغرور واضح وهو يرمقها من اعلى راسها حتى اخمص قدميها بنظرات تجمع ما بين الرغبة والشك بها……..
“كنتي فين ياسنيوريتا…….”
استدارت اليه وهي على اول درجات السُلم
وقالت بارهاق….
“عند اهلي….. حتى ابقى اسأل السواق بتاعك……”
نظر ماهر ليدها الملفوفه بالشاش الطبي وسأل باستفهام…..
“ومالها أيدك……”
ردت سمر ببرود…….
“وقعت عليها واتعورت…….اي اسأله تانيه….لاني تعبانه وعايزه انام….. ”
نهض ماهر وتقدم منها واقف امامها قائلاً بمكر
ويداه تلامس كتفيها وتضغط عليهم بوقاحة…..
“الف سلامه عليكي ياسنيوريتا…. تحبي اعملك مساچ……….عشان التعب دا كله يروح…..”
غز عطره مجدداً انفها فشعرت ببعض بوادر التقزز
تداهمها ونفس شعور التقيؤ مصاحب لتلك الأعراض
فقالت وهي تحاول الابتعاد عنه قدر المستطاع….
“أبعد عني ياماهر…….. انا تعبانه وعايزه انام……”
قال وهو يحاول تقبيلها رغماً عنها…..
“وانا تعبان وعايزك…. كفايه اسبوع صابر عليكي كده كتير فوق طاقتي ياسماره……… فوق طاقتي….”
حاولت دفعه وهي تصرخ بشمئزاز وصدرها يطبق عليها من غزوة انفاسه الكريهة……..
“قولتلك مش عايزه انت مبتفهمش…..”

 

 

كبل يدها بيد واحده وهو يحاول تقبيلها مجدداً باصرار ورغبة اكبر……
“انتي اللي مش فاهمة…… مش فاهمه انا بحبك قد إيه…….. انتي اللي مش فاهمة………”
حاولت دفعه والمقاومة قدر المستطاع….
“ياخي ابعد بقا………حرااااااام عليك……”
صرخت بقوة وهي تراه يحملها على ذراعيه وقد اظلمت عيناه برغبة وهو يقول بجنون…..
“حرام عليكي اللي بتعملي فيا انا جوزك….. انا اللي جوزك مش هو……. اااااانا……”
دخل بها الغرفة وهي تصرخ وتستنجد بالخدم ولكن لم يتدخل أحد بل ظل الكل يتابع عمله بصمت….
القاها على الفراش وهو فوقها يكبل يداها محاول تقبيلها بمنتهى الهمجيه وكانه حيوان تقوده
شهوته ولا يشعر بمن ترتجف وتصرخ وتبكي اسفله…
كانت تقاوم بكل ذره بها وهذا أغاظه بقوة منها ومن تلك المقاومة والمعافرة وتلوي اسفله…. مما جعله يثور كالشيطان وهو يصفعها عدة مرات شاتمها
باقذع الكلمات التي تمس امها وابيها وشرفها كذلك…….
صرخت اكثر وهي تحاول المقاومة بقوة وبعد معافرة
قوية صرخ ماهر وهو يمسك عضوة بغضب ثم قذف ما بفمه عليها وهو يبتعد……فقد ركلته بين ساقيه اثناء تلويها مما جعله يبتعد وهو يتألم بحنق…..
اقترب منها ماهر مجددا ومسك حفنه من شعرها
بقوة وهو يقول بغضب……
“اقسم بالله ماهرحمك يابنت ال****واللي عايزه هاخده منك……… هاخده ولوو حتى بالغصب….”
القاها على الفراش بقوة فصرخت بتعب لتجده
يخرج من الغرفة سريعاً مغلق الباب خلفه بالمفتاح
عليها…….
وقتها فقط تركت نفسها تقع بهذا السواد تستمد
منه الراحة وعدم الوعي للحياة وما فيها…..
……………………………………………………………..
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ،
سورة البقرة”.
عند تلك الاية سارت الرعشة اقوى بداخله وهو يقف بين صفٍ طويل يصلي في المسجد بين يد الله بخشوع تام……ولسانه يردد الاية بحزن وعجزاً ومع تلك المشاعر تلوح بسمة صغيرة تحتل ثغره وهو يسمع رسائل موثقه اتيه فقط كي تحفزه ألا ييأس من رحمة آلله…..
بعد الانتهاء من الصلاة بدأ بالجلوس بالمسجد
ومسك احد المصاحف لقراءة بعضاً من ايات
آلله…….
يحتاج لان يهدأ ويرتاح مع الحديث الى آلله…
دوما يرى هذا المصحف منفذ اً لهمومه واحزانه
يرتاح هنا يشعر بعد كل فريضة انه بمكانه انه لم
يغترب ويقسو انه مزال ابن راضي…الذي يرضى
ويحمد الله بأقل شيءٍ يأتيه…….

 

 

“تقبل الله…..”
رفع ابراهيم عيناه بدهشة ليجد عمار امامه بجلبابه الابيض وسبحته ناصعة البياض كذلك……ابتسم ابراهيم ذاهلا وهو يغلق المصحف مصدقاً…..
ثم عانقه وهو يقول بدهشة….
“عمار………..اي جدع عاش من شافك…..”
رد عمار وهو يبادله العناق قائلاً….
“مين اللي المفروض يقول كده انا ولا انت…مش مكلمك يابني في التلفون وقايلك تعاليلي…..اي
نسيت العنوان…….”
رد ابراهيم عليه بحرج…
“لا بس مكنتش فاضي اجيلك….اصلي بقالي فترة بدور على شغل…..”
تساءل عمار بهدوء…..
“ولقيت على كده؟..”
هز ابراهيم راسه وهو يبتسم ساخراً….ربت عمار على كتفه وهو ينهض من مكانه…..
“طب تعالى نتكلم برا……..الكلام هنا مش هينفع….”
عند المقهى الشعبي بالحي جالس عمار على احد المقاعد يرتشف الشاي وبجواره ابراهيم يجلس
ينفث عن همه وغضبه من خلال سجارته…..
ضحك عمار ساخراً وهو يقول….
“والله العظيم نفس حالي بس الفرق بقا ان انا خدتها من قصرها ولا دورت ولا عملت نزلت اشتغلت مع ابويا في محل العطارة وديها ماشيه…..”
نفث ابراهيم دخان سجارته وهو يقول هازئاً…
“ومرتاح على كده……”
رد عمار وهو ينظر امامه بوجوم…..
“ابدا والله ومش فاهم اي حاجة….ومطلع عين ابويا واللي شغلين معاه……..بس هعمل ايه بخبط ماهي اتقفلت خلاص…ومبقاش ينفع غير انك ترضى باللي قدامك…….”
رد ابراهيم بخشونة…..
“انا بفكر اشتغل حُر وفتح اي مشروع صغير وبدأ
من الصفر…….”
قال عمار بجدية بها لمحة من التشأم…..
“حلو الطموح ده…..بس حتى لو هتبدأ من الصفر محتاج مبلغ محترم….انت شايف الحياة بقت عامله ازاي وكل حاجة بقت في العالي……مابالك بقا بمشروع…….مصاريف تانيه……”
ارتشف ابراهيم من كوب الشاي وانزله وهو
يتحدث بهدوء……
“انت بتسدها في وشي ليه……سبها على ربنا انا عندي حته ارض كده في (……)لو بعتها على التريله
هيجيبوا مبلغ كويس ابدا بأيه اي مشروع حُر…..”
لمعة عينا عمار وهو يقول بحماس…..
“فكره انا كمان معايا مبلغ محترم في البنك….ادخل معاك شريك…….بس قولي اي هو المشروع…حاجه بتفهم فيها…….”
اعتدل ابراهيم في جلسته ونظر له ملياً وهو
يقول بجدية خشنة…..
“لا……هو تقريباً انت اللي فاهم المشروع ده اكتر مني…..عشان كده انا محتاج قعد معاك قعده تانيه
بس مش في شارع فوق عندي….تجيب دراسة المشروع بتاعك وتيجي نتكلم فيه……”
رفع عمار حاجبه بصدمة وقال ذاهلاً…..
“مشروعي؟!…..انت بتقول اي يابراهيم…..انت عايز

 

 

تفتح مصنع (…..)….دي مصاريف تاني يابراهيم…
احتمال فلوسي وفلوسك ميغطوش مصاريف المشروع…. ”
رد ابراهيم بايجاز…..
“مش مشكلة ناخد قرض من البنك بضمان المشروع….”
هتف عمار بدهشة وتردد كذلك….فهو لا يصدق
ان حلم حياته سيتحقق بعد كل هذ الشقاء
والسجن لسنوات طويلة…….
“انت داخل على الحاجة سخن كدا ليه…..ابراهيم انت مش خايف نخسر…….يعني احتمال كبير
يبقا في خساير……. ”
رد عليه ابراهيم بتصميم وبعضاً من بصيص
الامل بداخله…….
“مش هنخسر قد اللي خسرناه…..انا وانت مطرودين ومشبوهين في اي شغل……مش معقول هنفضل حطين ادينا على خدنا زي الولايه……خلينا نجرب
ونخبط في اي حاجة مش يمكن ننجح ونبقى
سبب في رزق و فتح بيوت لناس محتاجه
زينا……………خلينا نتوكل على الله ياعمار….
انا ظني في الله خير……..وان شاء الله ربنا
هيجبر بخاطرنا…….”
“ونعم بالله…..”
مط عمار شفتيه ونظر امامه شارداً وهو يفكر بجديه
في حديث ابراهيم….بالفعل لن يخسر اكثر من الخسائر الفادحة التي تعرض لها كالعمر الذي ضاع
هباءاً ظلم وافتراء من حاكم في الارض ظالم..لن يخسر كسمعته التي باتت في الحضيض واصبح
السارق اتى السارق ذهب…وعائلته مزالت تعاني شماتة البعض وسخرية البعض وطمع الاخرين
لن يخسر اكثر من هذا لن يخسر فهو تذوق مرارة
الظلم والخسارة منذ زمن لماذا الخوف الان…….
سمع عمار صوت ابراهيم يساله بخشونة….
“قولت اي ياعمار….هتجيب دراسة المشروع ونقعد مع بعض نفهم الدنيا راحه فين ولا ايه…….”
رفع عمار راسه اليه وقال وهو يهز راسه بجدية…
“سبني يومين يابراهيم اراجع دراسة المشروع
تاني عشان اعرف افهمك….لاني بقالي اكتر من سبع سنين مهوبتش ناحية الورق ده……سبني يومين
ولي في الخير ربنا يقدمه…….”
اوما له ابراهيم وهو يشعل سجارة جديده….
“ان شاء الله……….هستنا مكالمة منك…..وربنا

 

 

يكتبلنا الخير…… ”
……………………………………………………………
رمشت بعينيها عدت مرات وهي تشعر بطبول ضرب
براسها…..وتشنج قوي بمعدتها باستثناء الم جسدها وثقلة في انٍ واحد….
تاوهت بوجع وهي تحرك راسها بصعوبة….حاولت قدر المستطاع ان تستلقي على ظهرها…وحينما فعلت
نزلت موعها وهي تلامس وجنتيها الملتهبة اثار صفعاته عليهم…..
الصفعات؟!….
بدات تستعيد بعضا من القطات البشعة عن حلبة مصارعة كانت خسارتها عبارة عن نفسها….خسارة
نفسها وسقوط في الهوة بدون منازع……
نهضت بتثاقل وهي تشعر بتشنج معدتها يزيد….اتجهت الى الحمام وافرغت ما بمعدتها بمنتهى الاشمئزاز والنفور……برغم من ابتعاده عنها إلا انها مزالت تشعر برائحته بقبلاته الشبيه بحلزون سار على وجهها وجيدها تارك سائل هلامي مقرف خلفه…..
افرغت ما بمعدتها اكثر من الازم لدرجة انها شعرت بانسحاب الهواء من ريئتيها واحمر وجهها وعيناها
كذلك ……سعلت بقوة وهي تحاول غسل وجهها بنفور…
وحينما شعرت ان رائحته ولمساته مصبوغه على بشرتها….اوصدت باب الحمام و وقفت تحت الصنبور المياة بعد ان تخلصت من ملابسها……
ظلت تحت الماء الساخن فترة طويل…تدلك جسدها بقوة ونفور وتسيل المياة من اعلى راسها حتى اخمص قدميها تغسلها مع دموعها الغزيرة….
يجب ان تتخلص من هذا الرجل بات العيش معه كالجلوس على مقعد ملتهب بنيران تتشبع على اذى الأخرين…… تشعر انه ليس فقط مجنون بل سادي
يتلذذ بعذاب الاخرين وتتشبع روحه المريضة بارتعاد
وايذاء الطرف الآخر………
ماتلك البلوى ياسمر……ماذا جنيتِ لتصل بكِ الاقدار لهنا……مع هذا المجنون بماله وسلطته اللذين كانوا
كسلسال حديديّ طوقه حولك ويكاد يزهق روحك بالبطيء……..
اهربي يافتاة قبل ان تفقدي اكثر من ذلك…..
فانتِ نجوتِ اليوم من بين براثن شياطينه ربما المرة المقبلة ينالك كما يريد…وبعدها ستكوني صورة طبق الاصل من رزان…. هزيلة… مهزومة…. وافعالك مهزلة والخطايا حولك لا تحسب……..
لن تكوني رزان ياسمر انتِ ابعد من هذا الضعف…
تخلصي من ثوب الخنوع هذا ولوذي بالفرار بعيداً
عن هذا المجنون وسجنه الفخم !……
لفت جسدها بمئزر الحمام وخرجت بوجهاً شاحب
تزينه كدمات ارجوانية اللون عند صدغها واسفل عينيها……..كانت هزيلة الجسد بحق وشعرها مبلول
متهدل حول وجهها فاقد الحياة وعنفوانه المميز
كما حال صاحبته تماماً……
جلست على المقعد امام التسريحة وبدات بتمشيط شعرها المبلل ببطئ وضعف….ثم بعد مدة من التفكير
وجلد الذات بدلت ملابسها بأخرى للخروج واثناء ارتداءها للحذاء دخل عليها ماهر يحمل بين يده قنينة من الكحول تقريباً كان شرب نصفها لذلك يقف امامه يترنح والعرق يغطي وجهه وعيناه زائغة عليها بضعف واعتذار !……
نهضت عن حافة الفراش وهي تقول بانف مرفوع بترفع لا يلائم الكدمات المحتله وجهها…..
“كويس انك شرفت…….انا ماشيه وروقت طلاقي توصلني ياما قابل بقا قضية الخلع اللي هرفعها
عليك……”
ابتسم متهكماً مضيف….
“خلع !… عايزه تخلعيني ياسمارة….” تجرع من
القنينة وهو ينظر لها باستهانة……
عقدت سمر ساعديها امام صدرها وهي تحدثه بقرف….
“لو مطلقتنيش بذوق هرفع قضية خلع عليك..وقابل بقا الفضايح اللي هتجيلك….بعد ما يعرفه انك ماسك في واحده مش طايقه حتى تبص في وشك… “

 

 

جثى ماهر سريعاً على ركبتيه امامها….ارتعد جسدها قليلاً من هول تلك الحركة لتجده يتوسل لها
بدموع ورائحة الخمر تفوح من بين انفاسه….
“لا متسبنيش ياسمارة…. انا مقدرش اعيش من غيرك انا اسف…. انا بس كنت عايز المسك وقربك مني… كنت عايزك تحبيني زي ما بحبك…..”
انعقد حاجبيها معاً بصدمه وتوسعت عينيها وهي تنظر له ملياً….. لم تشعر بذرة من الشفقة نحوه
بل زاد النفور وانقباض صدرها عليها…. انه بالفعل
مجنون او يعاني من خلل ما…..
صرخ ماهر فجأه في جلسته جعلها تبتعد بوجل وتوجس منه….
“انا بس اللي بحبك….الشحات ده احسن مني في إيه…..انا….انا ممكن افعصه بايدي ده ولا يساوى…انا
هنا الكل في الكل انا اللي معايا الفلوس والسلطه…..”
تابع وهو ينظر لها بقرف……ثم رفع قنينة الكحول
وتجرع منها ثم انزلها وهو يزئر كالاسد المجروح…
“انتي كمان شحاته زيه…..عايزه اي اكتر من كده
فلوس وفيلل وعربيات ولبس ومجوهرات كل حاجة
عندك عايزه ايه تاني….ليه مش عايزه تحبيني….معاه
اي الشحات ده عشان تحبيه…….دا كلب ولا يساوى حاجة في سوق الرجالة……..دا كلب دا ابن ا***..”
هدرت بانفعال امام عيناه الغاضبة….
“كفايه اياك تشتمه…….هو ملوش دعوة بطلاق انت عارف انت عملت إيه……”رمقته بقرف…..
وكان الرغبة تاججت بداخله مجدداً مع كلماتها
فقال بنبرة سوادوية متوعدة…..
“بعمل اي باخد حقوقي وهاخدها….منك…..”اقترب منها محاول نيلها مجددا لكن تلك المرة الكحول
يفعل العجب به….
سحبت في لحظة خاطفة من بين يده القنينة الزجاجية هشمت نصفها في خشب السرير وبقى
الجزء الأمامي التي قربته منه بغضب وشياطين تتلاعب بعينيها ترسم لها افضل الحلول للتخلص
من ابشع الكوابيس التي تراود واقعها !……
“اياك تقرب مني تاني…اقسم بالله هقتلك…انا خلاص مبقتش بقيه على حاجة……..ابعد عني وخرج من
هنا……”
ابتسم ماهر بشر وهو يقول بوقاحة بذيئه…..
“ارمي الازازة دي وتعالي معايا على السرير
صدقيني هترتاحي اوي…….”
شعرت بتشنج معدتها ومطت شفتيها بتقزز وهي تقذف ما بفمها عليه قائلة بنفور…..
“هرتاح؟!….انت مفكرني واحده من الاوساخ بتوعك……..ابعد عني ياما وربي افتح كرشك
وريحك انا من الدنيا كلها…… ابعد….”هاجمته باصرار
باطراف الزجاجه الحادة حينما راته يقترب اكثر مصر على نيلها……للحظة خشى منها وراى الشر بعينيها ابتعد خطوتين وهو يحدثها بهدوء رافع
يداه معاً بقلق منها كي يهدئها……

 

 

“خلاص اهدي هبعد………بس مفيش خروج…. هحبسك هنا لحد ما ترجعي لعقلك ياسنيورتيا……”
دندن باستفزاز وهو يسير مترنحاً لخارج الغرفة ثم اغلق الباب خلفه بالمفتاح……وتركها تعاني وحشة
الخوف ورعب منه ومن رغباته الحيوانيه….
قذفت ما بفمها مجدداً وهي تنظر للباب بتوجس
ثم سريعاً جرت احد الارئك المتوجدة بالغرفة بصعوبة ثم وضعتها خلف الباب…ووضعت بعض الاشياء الثقيلة عليها كي تضمن اكثر ان الاريكة
ستعجز دخوله اليها في اي وقت من الليل…
جلست على الفراش وهي تنظر للباب بوجل
ووضعت بجوارها نصف الزجاجه الحادة فهي
السلاح المتوفر الان معها…….
نزلت دموعها مجدد وهي لا تعرف ماذا يمكنها ان تفعل الآن…. هل تتصل باعائلتها.. لا ان تدخل احد سيتاذى بسببها يكفي ايذاءها هي يكفي فهذا المجنون الاذى بعيناه……
…………………………………………………………….
ترجلت من السيارة وهي حامله طفلها علي بين يداها
نظرت بعبس لفيلا خالها (فؤاد)…..
ثم خطت خطواتها للداخل وهي تغمغم بعدم ارتياح لتلك الزيارة برغم من انها تحفز نفسها إلا تكن بهذا
الضعف ولا تمثل دور الهروب منه كما تفعل خلال الثلاثة اشهر الماضية…….
لكن بداخلها صراع وامراة عاشقة تريد ان تختبئ منه وتبتعد عن كل ما يحيط به….. لكن ماذا تفعل هذا الصغير اقوى رابط جمعهما…..

 

 

نظرت لعلي الذي ينظر للحديقة بفضول ويخرج بعد الصرخات الطفولية مع بعد الكلمات الغير مفهومة
لكن من بينهما (ادو)…
اومات له وهي تقول بابتسامة تقطر حنان….
“ايوا ياستاذ هنشوف جدو دلوقتي…. اي رأيك….”
ضحك الصغير وهو يجذبها من خصلات شعرها القصيرة كالعادة….. سحبت شعرها من بين يده
وكشرت عن انيابها بطصنع وهي تقول بحنق…..
“حد يعمل في مامي كده….. فين الاحترام… فين الادب…..فين السكر…. فين المام….. ” دغدغته ببطنه باسنانها برفق فضحك الصغير بقوة على اثارها
محاولاً اثناءها جذب خصلات شعرها القصيرة مجدداً… ضمته آية بحنان وهي تشتم رائحته
الطفولية المميزة بنهم…. وهي تتمتم بحب…
“انت الوحيد اللي بتهاون عليا ياعلي وحدتي…. انت ياحبيبي…..” قبلته من وجنتيه وهي تقف امام الباب كي تقرع الجرس……
تاففت بتثاقل هل خالد بداخل لا تريد ان تراه او يحدث اي تصادم بينهما…… انها تهرب منه منذ
ثلاثة اشهر تقريباً……. تهرب من قربه واعتذاراته
واتصالاته المتكررة…….مزالت مشتته ولم تتخذ قرار نهائي في قصتهما…. قلبها يدفعها لاعطاءه فرصة ثانية بل وألف اذا أراد… وعقلها وكرامتها يرفضنا تلك العلاقة اساسا… ومزال الصراع بداخلها قوي ولا تعرف من بينهم على صواب ومن ستنحاز إليه قلبها ام المنطق؟!…..
المنطق الذي يؤكد ان الخائن يظل خائن ولا فائدة معه من الفرص والمحاولات الفارغة… سيظل يخون وحتى ان اغلقتي عليه الف باب سيخونك بتفكير
…. بالمشاعر……. بتقصير نحوك…..يظل خائن يسعى
لإرضاء غرائزه فقط……… وستظلين انتِ هكذا أعلى الرفوف تنتظري كي يطالعكِ ولو حتى بنظرة…..
سحبت نفساً عميقاً وهي تنظر للباب الذي لم يفتح بعد…لولا ألحاح خالها ما كانت اتت لهنا….
فؤاد ابتزها عاطفياً مُلح بكل الطرق ان تاتي تزوره
كي يرى حفيده ويطمئن كذلك عليها…..
لم تجد مفر من المماطلة معه فهو يلح منذ اكثر من شهرين وهي تهرب منه متحججه بالعمل المتراكم
واوقات بتعب والارهاق…..
لكن بعد كل هذا الهرب الملحوظ اتت واين بقلب
بيته؟!…
ماذا سيقول عنها ان راها، تتعمد الحاق به او انها وافقت على طلبه وقد سامحته وانتهى كل شيءٍ
بسهولة هكذآ……..
فتحت الخادمة فدخلت اية وهي تلوح بابتسامة
راقيه على شفتيها….استقبلها فؤاد بحبور وتهلل
وجهه بسعادة وهو يعانقها بحنان ابوي قائلاً
بلاطفة….
“أخيراً شوفتك يايويو…..معقول خالك العجوز مش بيوحشك خالص كده…..”

 

 

بادلته العناق بحرج فهي تعلم انها قصرت في حقه
وحرمته من حفيده تلك الفترة الطويلة وهو ليس له ذنب فيما يحدث بينها وبين ابنه…..
“ازاي بس ياخالو بتقول كده هو انا اقدر استغنى عنك…… بجد وحشتني….”
خبطها برفق في كتفها وهو يفصل العناق ناظراً
لعيناها بعتاب….
“وحشتك….ياكدابة…. دانتي جاي النهاردة بالعافية وبطلوع الروح……”
ردت اية مبررة…..
“معلش ياخالو مانت عارف الشغل…..”
لاح التأثر الزائف على وجه فؤاد قائلاً بأسى….
“الشغل برضو يا آية ولا من ساعات ما رجعتي
الفيلا وقعدتي مع اخوكي ومراته نسيتني…
نسيتي خالك العجوز……”
ضحكت اية وهي تقول بمناغشة جميلة…
“عجوز اي بس دانت ولا بتوع السيما بالك انت يافؤش لو صبغة الشعرتين البيض دول العرايس
هتجيلك لحد البيت…….ومش هنلاحق……”
ضحك فؤاد وهو يسحب الصغير لاحضانه معلقاً…
“تعالي ياحبيب جدك وحشتني… اوعى تطلع زي
امك بكاش……. وتضحك عليا بكلمتين…..”
ضحك الصغير وهو يتمتم بأسم والده… تمتم فؤاد
بحنان…..
“خالد فوق زمانه نازل…. هيفرح اوي لم يشوفك…”
رد خالد من اعلى السلالم وهو يوزع نظراته عليهم بتساوي………
“انا فعلاً فرحان اني شوفته…. واخيراً ظهرت ياعلي انت وامك……..”
بلعت اية ريقها وحاولت الهروب منه وهي تلعن نفسها……
اقترب خالد منهم وتقدم من ابنه وحمله عن والده وقبله وعانقه باشتياق… ثلاثة اشهر كاملين يمتنع
عن رؤيته بسبب عنادها وهروبها اللعين……

 

 

تقدم منها وهو يحمل ابنه بيد واحده ثم مد يده الاخرى قائلا بنبرة أجش…..
“حمدلله على سلامتك يا آية…..أخيراً ظهرتي وشوفناكي…….. ويترى جايه عشان تشوفي خالك
ولا جايه مضطره عشان علي……”
رد فؤاد بخبث خلف ظهر ابنه….
“اي الكلام ده اكيد جايه تشوف خالها… مش كده يايويو…..”
لوى خالد شفتيه بابتسامة فاترة وهو ينظر لها ملياً ثم قال عابثاً…..
“ردي يايويو………. جاي تشوفي خالك فعلاً…..”
احمرت وجنتاها بانفعال منه فقالت بوجوم….
“أكيد……… امال جاي اشوف مين يعني……”اختلج
قلبها بالخفقات القويه فقالت بارتباك امام عيناه الخضراء الثاقبة عليها…..
“انا هروح احضر الفطار….انت عايز تفطر ياخالي مش كده……”
قال فؤاد بمحبة وهو ينظر اليهما….
“اكيد ياحبيبتي……انت وعداني في التلفون هتفطريني من ايدك النهادرة……..”
“حاضر ياحبيبي بس خد علاجك الأول…”
ردت اية عليه وعيناها لم تبرح عينا خالد الذي شعر بالغيرة والغضب من كلاهما…….
اتجهت للمطبخ سريعاً وهي تحمد ربها انها تخلصت من نظراته القوية عليها…..فهي كتعويذة غرام تشبكها
به اكثر من الازم……..
قال خالد لوالده وهو يحمل علي بيد واحده…..
“انا نسيت القهوة على النار…….”
كان سيدخل بطفل للمطبخ ولكن فؤاد اوقفه وهو يضحك بمكر….
“هات انت حفيدي و روح شوف القهوة بتاعتك…”
تخلى خالد عن عبوس وجهه وهو ينظر لوالده بل تلك المرة أيضاً ابتسم في وجهه بشكر وامتنان ليس لانه يفصح له المجال ليصلح أخطائه بل امتنان لوجوده في حياته وبقاءه معه برغم كل عيوبه
يظل والده خلف ظهره يدعمه ويوجهه للصالح…..
آسف يا ابي….اعتذر يا سندي….أرجو رضاك يا
معلمي……
دخل خالد المطبخ ولاح عليه العبوس المصطنع وهو يقول بتافف…..
“فين كنكنة القهوة اللي كنت حطتها على النار انتي شلتيها يا آية……”
رفعت اية حاجبيها بتوجس ثم برمت شفتيها باستخفاف….
“كنكنة؟!…هو لس في حد بيغلي القهوة في
كنكنة….”
“انا…..”ثم أضاف بحنق…..”متغيريش الموضوع اعمليلي واحده غيرها عشان مصدع…..”
برمت شفتيها بعناد وقالت…
“لا….تعالى اعمل لنفسك انا هعمل الفطار لخالي….”
رد وهو يضع يده بجيبه قائلا بزهو……
“القهوة بتاعتي قبل اي حاجة…..”
ردت بتحدي سافر وهي تضع يدها

 

 

بخصرها….
“وانا قولتلك لا………….اعملها لنفسك……”
لاح على وجهه البراءة وتاثر وترجاها بأدب…..
“يويو…..اعمليلي القهوة لو سمحت…انتي عارفه اني بحب اشربها من إيدك…….”
بلعت الابتسامة بصعوبة وهي تضع الركوة على الموقد وغمغمت بسخرية……
“الأدب مش لايق عليك……”
علق خالد بعد ان سمعها بوقاحة…..
“عارف والله عشان كده بحب قلة الادب اكتر..مريحة في تعامل مش كده…….”
ابتسمت وكشفت عن اسنانها وهي توليه ظهرها ثم قالت بنبرة عادية….
“معرفش….. دخلي اي انا بكلام ده……”
تنهد بعمق وهو ينظر لظهرها بعذاب…..
“حني عليا يايويو الاول و وريني ضحكتك…..”
استدارت اليه وهي عابسة الوجه….
“ضحكت اي……. انا مضحكتش أصلا…..”
“كدابة…..” ثم تابع وهو ينظر اليها بشوق….
“تلات شهور بتتهربي مني يا آية….. معقول… مستحقش فرصة تانيه منك…..”
اولته اية ظهرها وهي تعود للموقد تقلب القهوة بالمعلقة وهي تتافف بحزن…..
“خالد ياريت تنسى الموضوع ده ومتفتحهوش تاني….. انا مش مستعده لاي حاجة… صدقني…
مش هقدر…….”
قال بالحاح….
“لو ادتيني فرصة يمكن اغير رأيك……”
زفرة بسام واخبرته بوجوم….
“صدقني هتتعب معايا… انا مبقتش زي الأول.. وثقه بقيت بينا صفر……”
لن يمل وهو يترجاها باصرار….
“مستعد ارجعها يا اية والله مستعد بس اديني انتي بس فرصة……”
بلعت ريقها بصعوبة وهي تهز راسها بامتناع قائلة

 

 

بتشأم…..
“صدقني هنرجع لنفس الطريق من تاني…. الطلاق…
انا مش مستعده اعيش التجربة دي تاني
اعفيني……”
تقدم منها ومسك يداها بين يداه بترجي وهو يقول
بخفوت واعتذار…..
“مش هنرجع للطريق ده تاني…. انا مستحيل ابعد عنك تاني وسيبك حتى لو انتي عايزه كده….”
رمقته بقلق فتابع وهو يقراء نظراتها نحوه…
“آية اديني فرصة والله ما هتندمي….. انا محتاجك في حياتي يا اية….. انا معرفتش قيمتك في حياتي غير لما خرجتي منها….. وحياة علي فكري في رجوعنا من تاني…….. انا مبقتش قادر اعيش من غيرك…….”
سحبت يداها من بين يداه وقالت
بترقيع…..
“مانت قدرت زمان واتجوزت و……”
قاطعها خالد بهدوء محاول التاثير عليها عاطفيا
حتى ترضخ لطلبه…..
“عشان خاطري متفتحيش في القديم انا عارف انا عملت اي زمان وعارف اذيتك ووجعتك إزاي… بس
كلنا بنغلط مفيش حد معصوم من الغلط…… سامحي
يا اية…….. سامحيني واديني فرصة عشان خاطري وعشان خاطر ابننا……واوعدك هستغلها على قد ما
قدر ومش هتندمي…. ”
رمقته بتشكيك وعقلها مزال مشتاتٍ….وتساءلت بحزن….
“متاكد اني مش هندم ياخالد…….. متاكد……”
اوما لها وهو ينظر لعيناها العسلية بضعف واشتياق ورسائل كثيرة من الترجي والاعتذار ترسل اليها
بلغة العيون وما اصدق منها في لغات البشر……
اسبلت جفنيها وهي تقول حائرة…..
“سبني افكر وبعد كده هرد عليك…..”
هتف بحسرة وهو ينظر لها ذاهلاً….
“لسه هسيبك تفكري……. بعد تلات شهور….”
حركت كتفيها بخبث وهي توليه ظهرها….
“ومين قالك اني كنت بفكر في تلات شهور دول…. انا
مكنتش فاضيه لحاجة غير شغلي وابنك…..”
عض على شفتيه بغضب وهو ينظر لها….
“ابني !…. ابن الكلب…..” اتجه للموقد بتزمر
طفولي قائلا…
“ابعدي كده انا هعمل القهوة لنفسي……”
رفعت حاجبها ورمقته بصدمة….. فنظر لها خالد عابسا وهو يقول بحنق….
“اعمليلي فطار انا جعان ولا دا كمان محتاج تفكير
تلات شهور قدام……”
استفزته بترفع انثوي وهي تفتح المبرد كي تخرج الخضورات منه….
“انا محددتش امتى…. يمكن يكون اكتر من تلات شهور…….”
جفل للحظات وهو ينظر لها بصدمة ثم تفوه
بصعوبة وكانه سيصاب بازمة قلبية بسببها……
“انتي بتقولي اي يا اية….. هتقعدي تفكري تلات
شهور ترجعيلي ولا لا…….”
ردت آية بجدية مستفزة وهي تضع الاحتمالات لرفضه العاجل…….
“ايوا طبعا واكتر كمان…. هو انت فاكرها بساهل كده تعالي نرجع هوبا يلا بينا….. لا طبعاً انا محتاجه افكر واخد وقتي وبعد كده لو لينا نصيب استأذن عز اخويا وعز برضو هياخد وقته ويفكر واحتمال كبير يرفضك…”
عقد حاجبيه بتعجب وشعر بالهواء ينسحب من
امامه مع تلك الاحتمالية الخطيرة مما جعله يسألها
شزراً…..
“وان رفضني هتسكتي يا اية…..”
ردت بتهذيب جاد……
“ايوا هسكت….. اكسر كلام اخويا يعني…” ضربت كفيها الأثنين ببعضهم بتعجب وتمتمت بنبرة ناعمة منفعلة قليلاً….
“امرك غريب يا خالد…….. مش قولت هستحمل اي حاجة استحمل بقا…… دا لو عايزنا نرجع……”
قبض على كف يده وضرب الهواء بغضب….
“ماشي…. يا اية……. ماشي…..” خرج من المطبخ بوجها مكفهر…….نادت آية عليه بلؤم…
“القهوة……يا خالد……هتبرد….. ” ضحكت ضحكة شيطانية وهي ترقص حاجبيها باستمتاع…..
“ولسه ياحبيبي….. هختبر صبرك وحبك وشوف بقا وصلين معاك لحد فين……..”
بعد ان حضرت فطار فخم وضعوا الخدم الافطار
في الحديقة في الهواء الطلق……
وعند الطاولة المستديرة جلس الجميع يأكل بصمت باستثناء نظرات خالد عليها الجامعه بين الغيظ وسعادة لاجل تجمعها بينهم مجددا واكل الطعام كذلك من تحت يداها……..
بدأت تاكل بصمت وتطعم صغيرها كذلك الذي كان يتمتم بكلمات غير مفهومة ولكن ضحكاته وصرخاته
المبهجة اعطت للاجواء بريق آخر مليء بدفء والسعادة…….
تنهد فؤاد وهو ينهض من مكانه حامل الصغير معه وهو يقول…….
“تعالى بقا ياستاذ علي عشان انا عملك مفاجأه انما إيه……..”
قضمت اية من التوست بنعومة…ثم ضيقت عيناها وهي تساله بخبث……
“جبتله اي المرادي ياخالو….انت مش ملاحظ ان الهدايا الحلوة كلها لعلي….انا اتنسيت خالص كده…”
وزع فؤاد النظرات بينهما وهو يقول عابساً….
“بتغيري منه ولا إيه….شايف امك اللي يشوفها كده ميقولش انها اكتر واحده كانت مدلعه في
العيلة……….”
مطت اية شفتيها وهي تضيف بعتاب…
“كنت اديك قولت….انا عايزه شويه من الحب ده……وعايزه هدايا زي ابني مليش دعوة…..”
ابتسم خالد وهو يسألها بهدوء وعيناه تسافر على ملامحها الجميلة بتريث يحرقه شوقاً إليها…..
“عايزه هدايا اي يعني…..”
لوت شفتيها مطصنعه الثقل وهي تنظر لخالها بكبرياء…..
“انا بطلب من خالي……”
ابتسم خالد وهو يكبح غيظه منها وقال
بسماجة…

 

 

“وانا ابن خالك برضو……وانا وفؤش واحد مش كده يابابا……..”رفع خالد عيناه على والده بمرح…..
تهلل وجه فؤاد بسعادة تشفق عليها العيون مثلما
فعلت اية وهي ترى سعادته الواضحه من حوار
ابنه الرائق معه لاول مرة……..مما جعلها تقول بمناكفة…..
“لا مش كده اوعى تحرجني ياخالو….وتكسفني
قدام الخبيث ده……..”
لاحت الصدمة على وجه خالد وهو يتساءل بدهشة وكانه تفاجئ بصفة الجديدة به……
“خبيث…………انا خبيث يا اية……”
اومات ببساطة مستفزة…..
“أيون……”
رفع حاجبيه اكثر وهو يكشر عن أنيابه بغضب ثم حاول النهوض وهو يخبرها بتوعد……
“ايون !……..انا خبيث …..”
“اها…….حصل…..”قالتها بشقاوة وهي تنهض لتركض من امامه بقلب الساحة الخضراء لحق بها بشر وهو
يقول…..
“الكلمة دي مش هتعدي على خير….ااااية تعالي
هنا…”
ضحك الصغير وهو يراقبهم يركضون خلف بعضهم
بمرح مبهج……حاول الصغير النزول اليهما وهو
يزمجر في جده ا?

ضحك الصغير وهو يراقبهم يركضون خلف بعضهم
بمرح مبهج……حاول الصغير النزول اليهما وهو
يزمجر في جده الذي يحمله بين يداه…….
ضحك فؤاد بسعادة كذلك وهو يراقبهم ثم نظر لحفيدة وقال بحنان…….
“انزل معاهم من حقك تعيش اللحظة دي……”
قالها فؤاد وعيناه تدمع بشفقة نحو الصغير الذي
نادراً ما يحظى بقربهما معاً…….
ركض الصغير نحوهم بخطوات متعثرة لطيفة بل كثير من اللطف ببنطالة الجينز الصغير وقميصة
الانيق وشعره الاشقر المصفف للخلف بوسامة مع
بشرته الحليبية الناعمة وعيناه الخضراء..امام هذا
الوصف تذوب وانت ترى خطواته الحريصة وهو يتقدم منهم بابتسامة مرحة بريئة… بينما خالد
واية يركضون خلف بعضهم بسعادة ومزاح وضحكات الممزوجه بينهم تملء المكان فرح وابتهاج عالٍ………
أنتبه خالد لتقدم الصغير فحمل اياه سريعاً وهو
يقول بمزاح…….
“انت معايا صح……..يلا عليها……”
كركر الصغير بقوة وهو يرى والده يركض به نحو اية التي تتجاوزهم بسهولة……..كان علي يضحك بين
يدي والده وكانتا يداه الصغيرة ممدودة في الهواء محاول من خلالها النيل من امه والامساك بها……
كانت آية اثناء ركضها تلاعب صغيرة وتخرج له لسانها ويفعل الصغير مثلها مقلد حركاتها وهو ينظر لوالده منادي على اسم امه مجرداً كما علمه والده
جلست اية على العشب الأخضر مربعة قدميها وهي تمسك بطنها بتعب…..من بين ضحكاتها قالت بتعب
“لا مش قدره بجد بطني وجعتني من كتر
الجري والضحك……..”
جلس خالد بجوارها وهو يضحك بقوة وبين يداه الصغير الذي حينما لمست قدميه الأرض أنقض على امه وهو يضحك لتقع اية على ظهرها وصغير فوقها
ومزال يتمتم باسمها مجرداً…….صاحت اية وهي تضحك……
“اسمي مامي………اياك تقول اية دي تاني سامع………مامي……”
تمتم الصغير باسمها مجرداً وهو يجذب شعرها….

 

 

“ملكش دعوة بشعري هقول لخالد….آآه بس
ياعلي…”حاولت تخليص خصلات شعرها من بين قبضته وسحبه خالد بعدها من عليها واستلقى
على ظهره مثلها وبجوارها كذلك وظل يداعب الصغير بين يداه واوقات يحمله بكف واحد
ويرفعه للأعلى…..اثناءها قال خالد بحنق من صغيره……
“هتزعل يايويو تاني…….”
تمتم الصغير بطريقته….
“يو……”
ضحكت اية اكثر وهي تنظر لخالد بحنق…..
“يو !…..يو اي انت فسدته…..انت اب فاسد….”ضربته في كتفه بغيظ…….نظر لها خالد بحب وهو يهديها اعمق إبتسامة لم تخرج إلا من اعماق قلبه العاشق لها…..
بادلته الإبتسامة بحنان وهي تعود بعيناها لابنها المرفوع للاعلى بيدٍ واحده من والده المستلقي بجوارها على العشب الأخضر……
ابتسم فؤاد وهو يغلق مسجل الفيديو بعد ان سجل اجمل اللحظات بينهما….ربما كلما اشتاق لرؤيتهما معاً
سيشاهد تلك الدقائق المحدودة كي يعطي لنفسه
امل بعودتهما معاً مرة أخرى……
……………………………………………………………
جلست على حافة الفراش وهي تبتسم بنعومة
وعلى اذنها الهاتف…….
“ممكن تبطل قلة آدب وترد عليا علطول… هتتأخر
في الشغل ولا هتيجي بدري……”
همهم عز الدين الناحية الأخرى وهو ينظر في عدة ملفات متراكمه عليه…….
“مش عارف ياحنين…. بس شكلي هتاخر النهاردة…”
سالته بتشكيك حزين…..
“يعني مش هتيجي تتغدى معانا…….”
نفى عز الدين باعتذار مبرراً….
“لا ياحنيني عندي شغل….. اتغدي انتي وآية….
هي موجوده في البيت صح…….”
ردت وهي تنظر امامها بوجوم…..
“لا هي في النادي طلعت من ساعة كده هي
وعلي…..”
ضيق عيناه وهو يترك القلم واعطى لها كامل التركيز وهو يقول……

 

 

“عشان كده رنيتي عليا….. لو موجودين معاكي ولا كنتي هتفكري تسألي……”
ابتسمت حنين وهي تخبرها بدهشة…..
“يسلام مش لدرجادي….. وبعدين انت مضايق ليه هو انا قعده مع حد غريب دي اختك……”
رد بسأم وهو يقول بانانية حمقاء…..
“واي يعني أختي….. اهتمامك الاكتر يكون ليا… سامعه…….”
فلتت الضحكة من بين شفتيها وهي تراضيه
برفق…..
“سامعه…..الاهتمام كله ليك انت وبس..” ثم اضافت ببعضاً من العتاب…. “بس انا زعلانه منك…. معقول اليوم اللي اصمم اطبخ فيه عشانك متجيش….”
اخرج عز الدين زفير حانق من العمل وساعته التي
لا تنتهي والتي تبعده عنها ويختصر اليوم بينهما
في افضل ساعتين ليلاً…….. قال بتبرير واعتذار اليها……
“معلشي الشغل الفترة دي مينفعش يتاجل اكتر
من كده……..اتغدي انتي وآية وعلي….. انا هاكل هنا في المكتب هخلي السكرتيرة تطلبلي اي حاجة من المطعم اللي جمبي…. ”
انتبهت حواسها بأكملها بينما اندلع شيءٍ ساخن
فوق صدرها من الداخل وهي تساله ببطء….
“سكرتيرة !……… هو انت عندك سكرتيرة…..”
لاح التعجب على وجه عز الدين مما جعله
يتمتم باختصار……..
“اي السؤال الغريب ده….. اي راجل اعمال عنده سكرتيرة تنظم شغله ومواعيده…….اول مره
تعرفي ولا إيه؟!…… ”
نهضت من مكانها وسارت بالغرفة بانفعال هب في اوردتها في لحظة وهي تقول بغيرة عمياء…..
“لا طبعاً عارفة مش جهله يعني…. بس ليه سكرتيرة…
لي مش سكرتير راجل…….. مالها الرجاله يعني في الشغل ده……”
رد عز الدين باختصار لا يخلو من اسلوب التبجح
في تعامل معها او مع اي انثى على العموم……
“مش هينفعوا…… المكان ده اتعمل مخصوص للست
الابتسامة الحلوة الترحيب الراقي الاسلوب الناعم
واهم حاجة الشياكه وذكاء الانثى…… كذا ميزة
تخليكي تعتمدي الست اكتر من الراجل يعني عشان مصالحنا تمشي وكده……. لازم تكون الواجهه حلوه……… حلوة اوي فهماني ياحنين…”
صاحت بانفعال وهي تقف مكانها…..
“حلوة سمعت خلاص……” غمغمت بغضب…..
“يارب على البجاحه وربي عمري ما شفت راجل
بالبجاحه دي……..آآه مستغربة ليه جوز الأربعة
صح… ”
سألها بشك….

 

 

“بتقولي اي مش سمعك……”
سالته بضيق…..
“مبقولش……. انت هتاكل امتى……”
زم شفتيه باستغراب لكنه
رد بايجاز…..
“يعني مش دلوقت……”
اومات براسها وعيناها تلمع
بغضب…..
“تمام انا جايه……”
انتبه اكثر لما قالته…. ثم تساءل
بصدمة…..
“نعم جايه……… جايه فين……”
ردت وهي تبرم شفتيها بضجر….
“مالك مخضوض كدا ليه…. انا جايه اشوف الواجهه
الحلوة……” اغلقت الهاتف في وجهه ثم اغلقته كلياًّ
وهي تهم بارتداء ملابسها بغيظ وغيره مقلدة صوته
بازدراء…..
“الابتسامة الحلوة الترحيب الراقي الاسلوب الناعم
واهم حاجة الشياكه وذكاء الانثى…آآه الذكاء والخ
الخ الخ…….”
نظرت لنفسها بالمرآة بغضب ثم قالت بعد لحظة تفكير…….
“داهية لتكون السكرتيرة بتحوم حوليه……” فكرت قليلاً بعبوس اكثر واضافت….
“يكونش بيفكر فيها وناوي يضمها لحريمة… ااه حريمه ماهو عايش في دور حريم السلطان والجواري كلها بدور حوليه……….. جتك القرف على إيه يعني…..” نظرت في المرآة لبرهة ثم قالت بحنق….
“على إيه !…. انتي هتكدبي على نفسك… جوزك حلو وفي الطمع……..دا كفايه عنيه…..”
همت بدخول الى الحمام بخطوات غاضبة والغيرة تنهش بقلبها…….
“وربي لنا رايحله………. قال واجهه حلوة قال…
ماشي ياعز….. ماشي يابو عين زايغه… ”
بعد قليل كانت تستلقي السيارة وهي مرتديه فستان
صيفي انيق من اللون الأسود مطبع بورود من اللون البرتقالي….يصل طول الفستان لاخر كاحلها فضفاض
على جسدها لكنه يبرز قدّها النحيف الناعم بجمال
بقدميها ارتدت حذاء رياضي أبيض أنيق…….ووضعت القليل من الزينة على وجهها ورفعت شعرها على شكل ذيل حصان انيق…..بالفعل تأنقت اكثر من الازم وهي ذاهبه إليه فتلك أول مرة ستدخل مقر عمله
امام الموظفين….
لم تنسى كاي انثى وزوجه حنونه احضار علب الطعام التي اعدتها إليه كي تشاركه وجبة الغذاء بقلب مكتبه
بمنتهى السيطرة عليه وعلى تلك الواجهة اللعينة
التي تحضر له الطعام بيدها……
بعد مدة وبعد ان اوصلها السائق لمقر عمله وهو صرح شامخ وانيق يبرز الغناء الفاحش الذي يتمتع به اصحابه وزوجها واحداً منهم…….
تهامس بعض الموظفين عنها بفضول وخرس فضولهم حينما نشر احدهم ان تلك هي زوجة عز الدين الجديدة سيدة الاعمال التي كانت تعمل بالخارج مع والدها……..
عقدت حنين حاجبيها وهي تستمع لهذا الحديث..هل
هذا هو الخبر الذي نشرة عز الدين عنها كي يحافظ على عمله ومظهره الاجتماعي امام من يشبهوه….
برغم من شعورها بالغضب والغيظ إلا انها بلعت جوارحها وهي ترى احد الموظفات تشير لها على باب مكتبه الذي يمتد برواق صغير كبير وانيق في احد زواياه مكتب السكرتيرة….التي كانت غاية في الاناقة والجمال باستثناء بطنها المنتفخة قليلاً هل هي حامل……..

 

 

كانت السكرتيرة الجميلة تتحدث بالهاتف بصوتٍ
ناعم حنون…….
“لا ياحبيبي متقلقش عليا….آآه ان شاء الله هخرج
بدري النهاردة….عشان نتمشى شويه….بجد حسى
اني مش قدره اتنفس ياهاني…آآه تمام…ثواني
خليك معايا…….”
نهضت السكرتيرة بعد ان انتبهت لدخول حنين…..رحبت بها بالباقة وهي تقول….
“تشرفنا يافندم…..في معاد سابق…..”
برغم من ان تيبس جسد حنين للحظة وهي تترجم نظرياً ان تلك المرأة متزوجه وحامل أيضاً إلا ان سؤال المراة اغاظها فجعلها تقول بهجوم غريب
طابعه صك ملكيتها عليه……
“معاد سابق !…..عيزاني اخد معاد عشان اقبل جوزي……”
رفعت السكرتيرة حاجبيها ومررت عينيها عليها ذاهله تتفحصها عن كثف ثم ضربت جبهتها تذكراً
واضافت…..
“جوزك !…. اخ حضرتك انا اسفه اوي ازاي نسيت الصورة……..”
“اي صورة……”تساءلت حنين بتعجب….
ردت الاخرى سريعاً ببراءة…..
“صورة حضرتك شوفتها في درج المكتب صدفة
وانا برتب بعض الأوراق لعز بيه……انا آسفه جداً ارجوكي متزعليش……..هستأذنك اديلو خبر…..”
“لا خليكي انا هدخله……هو عارف اني جايه…”
منعت حنين السكرتيرة وهي تشعر بطيف من الدفء
والحب يطوف باعماقها……والابتسامة تزين وجهها
بعد حديث تلك المرأة…… صورة ….يحتفظ بصورة لها هل من ضمن الصور التي التقطها اليها في شهر العسل….
مؤكد ياحنين وهل كنتِ متفرغة في السابق للتصوير
وميوعة الفتيات تلك…..تعلمتِ الميوعة متاخرة يافتاة
وتذوقتِ السعادة متاخرة وكل بفضل عز الدين الذي
يخرجكِ عن المألوف فتشتتِ اكثر لمجرد المقارنة بين حالك في الماضي وحالك في الحاضر معه….
هل السبب المال….ام وجود الحب ورجل كعز الدين بحياتها الجافة…………يحق لها التغير في كلتا الحالتين…….يحق لها……
دخلت حنين اليه بوجهاً عابس وبرغم سعادتها بما سمعته بالخارج وراحة قلبها برؤية السكرتيرة الحامل
المتزوجة كذلك إلا انها غاضبة من ملاعبته لها
ومكره في الحديث عبر الهاتف هل كان يقصد اغضابها وجنونها كي تقدم على الذهاب إليه…ام
انه ببساطه كان يجيب على سؤالها ببراءة…..براءة وعز الدين معاً هذا انحلال عن النص !……
كان جالس على مقعده باسترخاء يراقب دخولها
بصمت وعيناه مشتعلة بالغضب….
“شرفتي ياهانم…….اقفلي الباب وراكي…..”
بلعت ريقها بتوجس واغلقت باب المكتب خلفها وهي لا تعرف لماذا هو غاضب هكذا……..
استدارت اليه فوجدته خلفها مباشرةً..صرخت بفزع
ووقعت الحقيبة من بين يدها أرضا…. كتم عز الدين
فمها بيده وحجزها خلف الحائط وهو يزمجر بغضب……
“بتقفلي السكه في وشي ياحنين…. اي اتجننتي خلاص مش مالي عينك…. وبرضو بتخرجي بمزاجك من غير ما تقوليلي….. احنا قولنا إيه….. اي مش
بتفهمي عربي خالص……..”
توسعت عينيها وهي تنظر له بخوف ثم نظرت ليده التي تكمم فمها وزمجرت من تحتها بغضب…..تركها
بحنق ومزال لاصقها خلف الحائط…..
“انطقي عايزه تقولي اي…….”
نظرت له شزراً وهدرت بشك……
“عايزه اقول انك قطعتلي الخلف….وبعدين انت مضايق اوي كدا ليه تكونش خايف من حاجة
مثلاً…….”
هدر بتشنج…..
“هخاف من اي يعني……وبعدين انتي ليكي عين تتكلمي وتحققي معايا كمان…….ازاي تخرجي
من ورايا ياهانم…..”
عاندت حنين وهي تقول امامه بتحدٍ هش مهم تصنعت القوى وشراسة مزالت هشة حزينة وتلك صفات اكتسبت اياها بالفطرة !…..
“مش من وراك انا قيلالك في التلفون وبعدين انا مرحتش في حته جتلك يعني في بيتها…..”
ضرب الحائط من خلفها بغضب هائل وهو
يزمجر…
“في بيتها….. في بيتها……. يالله…. اكتر واحده قبلتها
باقل كلمة بتعرف تخرجني عن شعوري……الصبر.. ”
ضرب الحائط مرة اخرى وهو يبتعد عنها……
نظرت له بتردد وتابعت بعيناها جلوسه مجدداً
على مكتبه بغضب….. قالت بحنق….
“على فكرة ياعز….انا مقفلتش السكه في وشك…”
هتف وهو يرفع سبابته بتوعد……
“عملتيها ياحنين….ولما ابقى اعملها فيكي هتعرفي الموضوع بيضايق ولا لا…..قبلي الجاي…. ”
زفرت بغضب وهي تحاول ابتزازه عاطفياً….
“اوف بقا….هو انا اللي علطول غلطانه….دا انا جيالك مخصوص وجيبالك الغدا معايا…..”
لوى شفتيه باقتضاب قائلاً….

 

 

“مش عايز…..شبعت….شوفتك شبعت…..”
نظرت له بحزن ممزوج بالغضب وهي تقول
بتشنج….
“انت بتتريق…..ماشي ياعز….انا ماشيه….”
ناداها وهو جالس مكانه خلف مكتبه الفخم….
“تعالي هنا ماشي راحه فين……..قربي هنا وترزعي مكانك………مفيش مرواح غير معايا……”
تقدمت منه وبنفس الابتزاز قالت بخبث…..
“هقعد كل ده معاك وانا جعانه….انت بتذنبني….”
ابتسم ساخرا وهو ينظر لاحد الاوراق
باستخفاف….
“اللي يشوفك كده يقول بتاكلي فعلاً…..انا عمري ما شفتك بتاكلي زي البنادمين ياحنين….”
لمعة عيناها بضراوة وهي تسأله
بخطورة…….
“قصدك اي باكل زي مين بقا…..”
رد ببساطة وعيناه على الأوراق….
“زي العصافير……”
راقها رده فابتسمت وهي تغير مسار اتجها وتلف حول المكتب بهيمنة تؤكد لك ان تلك المرأة تمتلك المكتب وصاحبه…….جلست في احضانه وهي تقبل
وجنته بحب قائلة باعتذار…..
“اسفه……”
عد اغلطها وهو ينظر لها بحنق برغم من مشاعر الشوق والحب الذي اشتعلت بعدما جلست في احضانه بطريقة حميمية وباسلوب انثى مهيمنة
بطريقة تشعل فتيل صبره اكثر نحوها…….
“على اي انك شكيتي فيا وجيتي بالاكل حجه عشان تيجي تشوفي السكرتيرة…ولا اسفه على خروجك من غير ما تقوليلي وقفل التلفون خالص بعد ما قفلتي
قبلها السكه في وشي وانا بكلمك….اسفه على إيه بظبط……”
مررت اصابعها على لحيته بفضول وهي تقول
بدلال……
“على كل حاجة….معادا موضوع الأكل….انا جيباه مخصوص عشانك……عشان ناكل انا وانت سوا…”
ابعد يدها وهو يقول بغضب…
“سيبي دقني وقومي من على رجلي…..”
رفعت حاجبها ذاهله….
“يسلام !……………… اقوم؟….”
اوما لها بحنق وابعد عيناه عنها بضعف…… ابتسمت وهي توزع القبلات على وجهه وعنقه باعتذار حبيبه تراضي رجلها المدلل…
“خلاص اسفه…. اسفة…. اسفة…. هنا كمان عشان اسفة……” فتحت اول ازرار القميص وكانت ستقبل
صدره لكنها شعرت به يبتلع ريقه بصعوبة وتتحشرج انفاسه وتثقل بشكل ملحوظ وعيناه تظلم وتلمع برغبة نحوها…….
شعرت بسادية وسعادة انها تاثر فيه وكم هذا عزز ثقتها بنفسها كانثى… حاولت التلاعبت على اوتار صبره وهي تقول بخبث مطصنعه الحزن…

 

 

“برضو مش عايز تسامحني براحتك…. انا هقوم
زي مانت عايز……”
نهضت من مكانها ببطء مهلك وحينما ابتعدت مقدار
شعرتين عنه جذبها لتجلس مجدداً وهو يكبل خصرها بيداه وشفتيه تهبط على ثغرها يكتشف تلك الفتنة التي تثير جنونه وغرئزة نحوها…..
همهمت باستمتاع انثوي وهي تغرز اصابعها في شعره الغزير وقربته منها اكثر فزاد عز الدين هجومه العنيف على شفتيها تاوهت وهي تبعد شفتيها بصعوبة عن أسنانه…..
“عز………مم……براحه… ”
هجم عليها مجدداً وهو يصيح….
“عشان تبطلي تقفلي التلفون في وشي تاني….”
ضحكت وسط قبلاته بجنون مما جعله يبتسم بحب وهو يعزف لحن اكثر نعومه على شفتيها الشهيه….
ويده العابثة حلت عقدة شعرها… بينما شفتيه افسدة زينة وجهها ، فساد مقبول في قاموس العشاق……
بعد قليل….
كانت مزالت بين احضانه وهي تغلق اول أزرار الفستان بحرج وعيناها على باب المكتب….
“يالهوي لو كان حد دخل……”
ضحك بغرور وهو ينظر لها ملياً وأضاف….
“خايفه من اي محدش يقدر يدخل هنا من غير ما يخبط على الباب ويستأذن الأول…. وبعدين احنا عملنا اي يعني…….. دي حاجات بسيطه لم نروح هنكمل……”
تمتمت ذاهله….
“حاجات بسيطه؟!….” احمرة وجنتيها وهي تتذكر لمساته الوقحة وقبلاته وكذلك هي كانت اكثره جنوناً
ورغبة وكان تغير المكان خارج حدود البيت اشعل قلوبهم واجسادهم شوقاً ورغبة بعلاقة حميمية مجنونة كالذي حدث جزء منها منذ لحظات
قليلة…….
استدارت حنين برأسها ومزالت تجلس في احضانه…
فتحت احد الإدراج ونظرت بهم…. سالها عز الدين باستغراب….
“بدوري على اي……”
“ها… ولا حاجه عادي…… بتفرج على المكتب… فضول…..” ابتسمت وهي تجد صوره لها موضوع
باطار زجاجي انيق…. كانت احد الصور الذي التقطها
عز الدين لها وهي على الدراجة الهوائية في حديقة العامة…. تتذكر هذا اليوم جيداً كان من امتع الأيام
حتى تلك الصورة كانت تضحك بها بقوة وسعادة..
ابتسمت وهي تمرر يدها على الصورة وتبتسم لاجل ضحكتها في الصورة…..
“حلوة الصورة دي…… بس غريبة انك محتفظ بيها
وهنا ؟!…”
احمر وجهه بحرج لأول مرة وهو يسحب منها الصورة ويضعها بدرج مجدداً قائلاً وهو يضمها لاحضانه كي ترتاح على صدره…..
“تقريباً اتعودت أشوف ضحكتك ولو حتى على صورة…….”
ابتسمت وهي تشتم رائحة بحب وتساءلت
بمناغشة……
“شكلي هتغر !…. حلوه ضحكتي لدرجادي….”
رد بصدق وهو يزيد من ضمها
لصدره…
“اوي احلى حاجة فيكي…..”

 

 

وكانه ذم في جمالها…. رفعت راسها عن احضانه
وهي تنظر له بحنق……
“يسلام قصدك إيه……… اني مش حلوه…..”
قرص طرف انفها برفق وهو يقول بقلة صبر…
“اتغلبي على عرق النكد ده شويه ياحنيني وفهمي
الكلام انتي حلوة كلك حلوة لكن ضحكتك الحلاوة بعينها……. فهمتي….”
ضحكت وهي تعود لاحضانه بصمت وظلت تتحدث معه في بعض الأشياء وهو يرد عليها ومزالت جالسه في احضانه باسترخاء جميل……
بعد قليل….
كانت قد أخذت جزء من سطح المكتب ورصت عليه علب الطعام… الطعام الذي اعدته بيداها بحب وتحمست بشدة لكي تعرف رأيه في الطهي…
خرج من حمام المكتب وهو يجفف يداه نظرت اليه بحب وهي تنتظره حتى يجلس على مقعده خلف المكتب ويتناول الطعام الذي وضع مكان
الملفات !……
تقدم منها وهي واقفه تقرب العلب اكثر من ناحية مقعده……. ضيق عز الدين عيناه وهو ينظر لها
ثم للطعام الشهي وكان عبارة عن رز بالحليب
مطبوخ بالفرن ودجاج مطهي بطريقة مميزة جعلت
رائحته الشهية تسيل لعابه…….. وكذلك حساء
الدجاج وسلطة خضراوة……..
“اي دا ياحنين….. انا هاكل كل ده…..”
ردت حنين بابتسامة واسعة حنونه….
“انا وانت……… المهم اي رأيك……”
“راحته وشكله يفتح النفس… طلعتي شاطره اهوه…..”صمت قليلاً وهو ينظر للمقعد اليتيم
المجاور للطعام ثم عبس وهو يقول…
“فين الكرسي بتاعك…هتقعدي فين….”تحرك كي يجلب لها مقعد لكنها اوقفته وهي تقول بابتسامة ماكرة……
“خليك مكانك…..امسك بس ايدي كده واسندني….”
لاح التعجب على وجهه وهو ينظر ليدها الممدوده…مسكها وهو يتابع ما تفعله….
تخلصت من حذاءها الرياضي سريعاً ثم
وجدها تضع قدمها على حافة المقعد وتصعد
بالقدم الاخرى على سطح المكتب….لتجلس مربعة القدمين على سطح مكتبه مستعدة للأكل وهي
تشير له بعيناها الواسعة كالوزة شهية بان يجلس على مقعده…..
قهقه عز الدين بقوة وهو ينظر لها ذاهلاً….وهي جالسه هكذآ فوق سطح مكتبه بمنتهى الثقة و……..والقوى الهشه…
ابتسمت حنين وهي تنظر للطعام ثم إليه…..
“بتضحك على إيه…….”
خفف ضحكته قليلاً ولم تذوب الابتسامة من على محياها وهو يسألها ..
“والله انتي مشكلة من قلة الكراسي يعني…..”
رفعت كتفيها وانزلتهم وهي ترد ببساطة…..

 

 

“عادي…..يعني دي كانت احلى قعده بنسبالي ايام الشغل في المصانع…..كنا وقت الراحة بندوخ على ما بنلاقي كرسي نقعد عليه واخر ما بنزهق…بنطلع نقعد
فوق تربيز حديد طويلة او سير قديم من بتوع البسكوت وناكل عليه…..اصل الوقت عندهم كان محسوب بدقيقة….. و النص ساعة هي النص ساعة……وتاخير بجزا… ”
ذأبت الإبتسامة وهو يتقدم من مقعده جالساً عليه
وهي مكانها فوق سطح المكتب جالسه بعشوئية
مثيرة !……
ابتسمت وهي تعطي له المعلقة وتاخذ الاخرى لتبدأ
بالاكل بصمت وهو كذلك اخذ اول معلقة من
( الأرز المعمر)ومعه قطعة من الدجاج…..
ابتسمت حنين وهي تراقبة وبين يدها المعلقة معلقة في الهواء….
وجدته يغلق عينيه باستمتاع وهو يهمهم برضا….
ازدادت الإبتسامة وهي تراه ياخذ معلقة أخرى وثانية وثالثة وفي الرابعة نظر لها بجدية قائلا بأمر…..
“انتي تطبخي كل يوم مفهوم……الفراخ دي معمول ازاي كده ولا الرز……الرز دا اول مرة اكله بطريقة
دي………دا رز إيه……”
ردت بخفوت ومحبة…..
“رز عادي مالك….بس معمر…معمول في الفرن يعني
لبن وسمنة كده يعني…….عمتا لو الاكل عجبك
اطبخلك كل يوم….. ”
اخذ معلقة اخرى باستمتاع وهو يقول بأمر..
“علطول…..علطول ياحنين وانتي اللي حكمتي
على نفسك……..”
ضحكت وهي تاكل وعيناها تلمع وهي تراقبه بحب وسعادة وفرشات تدغدغ معدتها بقوة لمجرد رؤيته ياكل من تحت يداها……..
بعد قليل….
ترك المعلقة أخيراً وهو ينظر للعلب التي انتهت بفضله هو……..ضحك وهو ينظر لجسده الرياضي بقلق…….
“انا كده محتاج اروح النادي كل يوم……..” نهض
عز الدين متجه للحمام كي يغتسل…….
ضحكت حنين وهي تلملم العلب وتغلقها ثم تضعها بالحقيبة الانيقة……..
ثم ضربت كفيها ببعضهم وهي تحاول النزول كي تغسل يداها….

 

 

وجدته خرج من الحمام وتقدم منها ومسك خصرها كي يساعدها على النزول حينما لمست قدميها الارض ومزال ملتصق بها ويداه تابى تحررها….. ابتسمت بنعومة ودلال إليه وشفتيها كانتا تلمع اثار الطعام…
نظر لشفتيها الامعه بجوع…… جوع من نوع آخر ربما هذا الجوع لا يشبع أبداً منها مهما نال منها يظل جائع اكثر من السابق…
ابعدت راسها وهي تقول بدلال….
“عز اياك…. انا لسه هدخل اغسل مكان الاكل
أبعد…..” حاولت دفعه والابتعاد لكنه كان
كالحائط لا يتزحزح….
رد وهو يميل عليها ليقبلها من وجنتيها
بحرارة…..
“واي يعني…………. دا احلى حاجة……”
حاولت ابعاده وهي ترى شفتيه تسير على طول جيدها ببطئ مهلك…….
“عز بس بقا…… طب هغسل الاول وعمل اللي انتَ عايزه…….. عز مممم…….” كتم اعتراضها بشفتيه الشهوانية فذابت بين يداه خاضعة لرغباته به
خضوع يشعله اكثر ويزيد تعلقه المجنون بها….
بعد ان قضت يوماً جميل بصحبته وتقريباً من وقت دخولها المكتب وهو لم يفتح ورقة ولم يستقبل احد ظل مغلق مكتبه مكتفي بها….كان يوماً جميلاً ربما
هو أفضل من اي خروجه سبق وخرجتها بصحبته….
أوقف السيارة امام باب الفيلا وترجل منها وهي معه
عانق خصرها بيده وسار بها للداخل…..وجدا آية في حديقة الفيلا تجري اتصالات ويبدو عليها القلق..
وحينما رأتهما معاً تنفست الصعداء وهي تتقدم منهم
وأول شيء فعلته هو ضم حنين بقوة وهي تهتف بحنان وقلق……
“معقول ياحنين خضتيني عليكي…….”
سالتها حنين وهي تفصل العناق…. بينما عز الدين
يتابع ما يحدث بتعجب……
“مالك يا اية اي اللي حصل…..”
زمجرت اية بحنق منها….فأصبحت ترى حنين
طوق النجاه لأخيها من مستنقع التيه الذي كان
يحيا به قبلها ، في احضان اية امراه تقع عيناه
عليها……..
“هو إيه اي اللي حصل…..دخلت البيت ملقتكيش وسالت الخدم محدش يعرف انتي روحتي فين….
رنيت عليكي لقيت تلفونك مقفول…. خوفت تكوني اتخنقتي مع عز وسبتي البيت….” نظرت اية لهم
وتنفست براحة…..
“الحمدلله انكم مع بعض…….. قلقت اوي….”
ابتسم عز الدين وهو يقرص وجنتي اخته قائلاً
بحب وثقه…..
“متقلقيش ياحبيبتي…. مفيش حاجة هتفرقنا

 

 

ان شاء آلله ولو في اي مشكله مش هتوصل ان حنين تسيب البيت وتمشي….. مش كده….” رفع عيناه على حنين التي كانت تنظر له بصدمة و… وسعادة وقلبها يرقص على اوتار حب هذا الوسيم المغرور…
هل يعني هذا ان إتفاقه على الطلاق في السابق
شرط محذوف من حياتهم الان….
هل يكن لها مشاعر….مثلما تكن له انهار من الحب تروي جفاء القلوب……..
اخفضت جفنيها بتشتت وحزن…لمجرد انه لم
يصارح بشيء عن مشاعره حتى الآن حتى هي مزالت متكتمه في مشاعرها خوفاً من ان يصدمها رده….
تمتمت اية بود….
“ربنا يسعدكم ياعز….دا اللي بتمناه….عن اذنكم هطلع
انام جمب علي لحسان جايه من برا هلكانه……”
ابتعدت عنهم وتركت اياهم واقفين في حديقة الفيلا
حيثُ الظلام والاضاءة الخافته الامعة وهواء الليل يتخلل اجسادهم المتلهفة للقرب من بعضها….
عانق خصرها مجدداً وهو يغمز لها بخبث….
“يلا عشان انا كمان عايز انام……..هلكان اوي….”
ضحكت بخجل وهي تهز راسها وتسير معه للداخل…….
…………………………………………………………….
بدلت اية ملابسة بقميص نوم مريح ودخلت للفراش بجوار ابنها…..وجدت رساله من خالد يسألها باهتمام…..
(روحتي يا آية..)
ردت باختصار….(آآه من ساعة كده…..خالو خد علاجه ونام…….ادتهوله زي ما تفقنا…..)
رد وهو يبتسم من الناحية الأخرى بحب…
(آه متقلقيش ادتهوله ونام…..)
ارسلت له آية بنصيحة حانيه….
(خد بالك منه يا خالد…ارجوك حاول تقرب منه اكتر من كده وتهتم بي وبصحته…هو في السن ده مش محتاج غير وجودك معاه وحبك ليه….عوضه عن غيابك على قد ما تقدر…..)
ارسل لها خالد بحرج……
(عارف….وبحاول…. بحاول اقرب منه اكتر….واحده واحده وان شاء الله علاقتنا هتبقى احسن من كده..)
ابتسمت بامل والحزن يلمع بعينيها وهي ترسل
له…..
(ان شآء الله… مبسوطه انك بدأت تلتفت لحياتك وللناس اللي حوليك….يعني والدك وابنك محتاجين
لوجودك وحبك وحنانك عليهم……)
أرسل سريعاً باستفهام…
(وانتي يا اية مش محتاجاني؟……)
ترددت في الاجابة كتبت عشرات السطور
ومسحتهم قبل إرسالهم اليه….. وحينما يأست
من رد مقنع اضطرت للهروب منه كعادتها….
(مضطره اقفل……عشان انام….عندي شغل اصبح بدري…….)
أرسل رسالة طويلة مليئة بالاعتدارات والابتزاز العاطفي كذلك……
(براحتك مش هضايقك برسايلي….بس اوعديني انك هتفكري في جوزنا تاني….انا محتاجك في حياتي يا آية……..صدقيني ندمت على كل حاجة عملتها فيكي…..وعرفت قيمتك خلاص…..انتي غاليه اوي
يا آية وبدعي ربنا كل يوم انك تبقي من نصيبي
من تاني……..ساعتها هستغل كل دقيقة من عمري عشان اعوضك واعوض ابننا عن غيابي في حياتكم…….. بس انتي اديني فرصة….فرصة واحده بس اثبتلك فيها اني قد اي اتغيرت عشانك وعشان
ابننا……)
بلعت ريقها وكتبت بجدية….
(اديني وقتي ياخالد وبلاش تضغط عليا أرجوك….)

 

 

 

أرسل سريعاً بتفهم ورفق…..
(حاضر زي ما تحبي وانا هستناكي لو العمر كله هستناكي………..)
ارسلت بعدها
(تمام……. تصبح على خير….)
(وانتي من أهله ياحبيبتي….)وصلتها اخر رسالة ابتسمت بحنين وهي تقراها مرراً وتكرراً حتى نامت والهاتف بين يداها……..
………………………………………………………….
كانت تنام على صدره العاري وتضم جسده اليها أكثر
جولة منهكه معه……اشعلها بلمساته وقبلاته ولم يتركها إلا حينما نال منها بقوة…….ونالت هي قدر كبير من المتعة وراحة في احضانه……
مررت اصابعها على صدره العاري وهي تساله بخفوت……
“عز……”
همهمات خشنة كانت الرد عليها…..فتابعت بتردد
“ممكن اسأل على حاجة….”
طبع قبلة على شعرها وسند خده عليه وهو يضمها اكثر قائلا بخفوت….
“اسالي ياحنيني……”
حسمت امرها وهي تسحب نفساً بسيط
وقالت……
“لما كنت في شركة……و أول ما دخلت لقيت الـ..الموظفين بيتكلمه عني…اني سيدة اعمال وكنت عايشة برا……….هو انت قايل اي عني بظبط…..”
رد عز الدين باختصار وهو يلامس الاستياء
والعتاب في سؤالها الهادئ…
“قايل حاجات تمنع الصحافة والناس تجرح فيكي او فيا……انتي عارفه ان الناس بتاخد بالمظاهر….
ومفيش حد هيفهم علاقتنا أبداً…….”
همست بسؤال حزين……
“وانت بقا فاهم علاقتنا ياعز……”
اجابها سريعاً بثقة…..
“طبعاً….ياحنين…لو مكنتش فاهمها هتجوزك ليه……وهنكمل لحد دلوقتي ليا…..”
صمتت قليلاً بوجوم ولم تعقب…شعرت به يمرر
كفه الكبير على ذراعها العاري وهو يقول برفق…..
“متفكريش في حاجة وسيبي اللي يتكلم يتكلم…انا عملت دا كله عشان احافظ عليكي وعلى نفسي وشغلي كمان من الاشاعات والكلام اللي ملوش لازمة….”
ظلت صامته أيضاً والظلام يفترس الغرفة من
حولهم واجسادهما مشتبكه ببعضها بعناق
حميمي…..سالها عز الدين وهو يلاس خصرها
العاري بحنان…..
“سكته ليه ياحنين….لو عايزاني اعرفهم انتي
مين وعايشة فين انا ممكن اعمل كده لو دا اللي يرضيكي…..”
هزت راسها وهي تقول بنزق…..
“لا……كفايه اللي قولته…انا ميرضنيش تبوظ شغلك
وسمعتك عشاني……”
رفع حاجبه بصدمة وعلت انفاسه قليلاً بانفعال ملحوظ……
“ابوظ سمعتي…اي الكلام الغريب دا ياحنين…ياحنين

 

 

افهمي حياتنا الشخصية تخصنا احنا الاتنين ومفيش حد ليه حاجة عندنا….. انا لما عملت كده كان بهدف اخرس الألسنة مش لاني مستعر منك زي مانتي بتلمحي…..افهميني ياحنين…. وحاولي تعذريني شوية……..”
اومات برأسها واغلقت عينيها بحزن….مسك كفها وطبع قبله طويلة عليه ثم ضمها اكثر ودفن انفه بشعرها ثم ثقل جفنيه بعدها ونام معها ……
ربما يجب ان نتنازل قليلاً كي نحافظ على بعض الاشياء الهامه في حياتنا ، لكن إحذر ان تتنازل
بقدر يقلل من شأنك امام نفسك……
……………………………………………………………
ثلاثون يوماً مُر كدهر عليها….اسواء ايام عاشتها بين تلك الحوائط ذات الدهان الفخم فخامه لن تمحي
ذكريات ومشاعر موجعة عاشتها بداخلها….
ثلاثون يوماً لا تخرج من تلك الغرفة تاكل اقل ما يقال عنه وجبة واحده طوال اليوم تاكل لقيمات
قليلة تساعدها فقط على الحركة…..
كم مرة فقدت الوعي في وحدتها وفاقت بمفردها.. كم وقت مرة على البكاء…. انها تبكي كل دقيقة
تقريباً….. روحها تدمرت وتشوهت لاجل الآخرين
ثلاثون يوماً تتلقى اتصالات من حنين ووالدتها
واخيها ومع كل مكالمة وسؤال عن احوالها تمثل
عليهم انها بخير ، برغم من ان صوتها المرتجف
الحزين يبعث رسائل واضحه انها ليست على ما
يرام……
تعذبت بالبطيء هنا رأت الرفاهية بابشع صورها
زيجة بُنة على تهديد وجنون من شخص حقير
مريض يتلذذ بخضوعها إليه…..
ثلاثون يوماً لم ترى الحقير إلا ثلاث مرات وفي كل مرة تشهر الزجاجة في وجهه وتصرخ بجنون ان يتركها ويخرج……
ثلاثون يوماً وهي تحتضر روحها الغائبة تداوي امرأة
كانت على وشك الاغتصاب…امراه تعرضت للاهانة وضرب في سبيل ان ينال الحيوان جسدها…..
وحتى ان لم ينالها….انها من يوم تهجمه عليها وهي تشعر انها اغتصبت بالفعل…..
ربما هناك اغتصاب العن من اغتصاب الجسد وهو اغتصاب براءتك نقاء روحك وصبغ اول نقطة
سوداء عليها ؟!……وكانك فريسة خلقت فقط كي ينتهك عرضك من قبل الجنس الآخر…….
اين العدل…..والى اين ساذهب في تلك القصة الى أين……..
نزلت دموعها مجدداً ونظرت للسقف بضياع..ومن ثم
نهضت بتكاسل كي تدلف للحمام…….
اثناء وهي في الحمام فتحت الصنبور وغسلت
وجهها ورفعت راسها للمرآة وتفاجئت عبر المراه بامرأة شبيهة لها ترمقها بخزي واسى وعينيها السوداوين تصرخ برحمة…..الرحمة فقط…..وكانها تتمزق بداخل والالم يخرج على شكل نظرات مطعونة بالوجع صامته صمت مؤلم………مؤلم كحياتها……

 

 

وضعت يدها أسفل عينيها عند تلك الكدمة التي لم تمحى بعد…….ربما لانها لم تعاجلها ظلت ساكنة مكانها……وكانها تود اخبرها انها اصبحت(ضعيفة)
ولم تعد تلك المرأة التي لا تقهر رغم الظروف؟!..
اكملت غسل وجهها وجففت بالمنشفة وخرجت…
وعند خروجها وجدته بقلب الغرفة… انها اشتمت
رائحته القوية التي تشمئز منها ويقبض صدرها
عليها بعدها….. وكانها ترى ابشع الكوابيس الحية امامها وهو بالفعل كذلك……
رفع ماهر عيناه عليها وهو واقف مكانه بشموخ ووقار
مصطنع…..
“هتفضلي على الحال دا كتير……”
نظرت بقرف إليه وثم جلست على الفراش بصمت ميت……
صرخ ماهر وهو يتقدم منها ويسحبها من
ذراعها….
“افهم إيه من سكوتك ده… انتي عايزه اي بظبط..”
نهضت معه ببساطة وبعيون جامد رمقتها وقالت
ببرود…..
“عايزاك تتطلقني……. طلقني فين كرامتك وانت بتجبرني اعيش معاك……..”
خفت نبرته وهو يمسك يدها بتذلل….
“اطلقك…. اي اللي حصل لده كله….. اللي حصل ده كان غصب عني…. حرام عليكي تمنعيني عنك انا جوزك……”
صاحت سمر بغضب واسحتقار…..
“طلقني ياماهر…. الكلام بتاعك ده مش هيأثر عليا..
انا قرفانه منك ابعد ايدك عني….” سحبت يدها بغضب وابتعدت……
لمعة عينا ماهر بدموع وهو ينظر لها بترجي….
“يعني انتي عايزه تتطلقي وتسبيني….تسبيني لوحدي…… وانا بحبك….. ”
اومات براسها بجمود وهي تعقد يداها امام صدرها باستهانه…… فهو يمثل المأسى ورجل العاشق الولهان
المصدوم في الحب….. يمثل بطريقه مقرفة ومستفزة
تستفز كل خلايا جسدها تجعلها تود حرقه في وقفته تلك حتى تتبدل نظرات الذئب لوجع كي يشعر بما
سببه لها…….
ارجع ماهر شعره للخلف بحزن وقال بوهن…
“خلاص ياسمارة لو راحتك في الطلاق… انا مستعد اطلقك……. وكمان هاخدك النهاردة اوديكي عند اهلك….. البسي وهخلي الخدم يحضروا
شنطتك…..”
نظرت له بشك وحركت رأسها باتجاه واحد وهي

 

 

تتمعن بنظر إليه…. قاطع ماهر وصلت النظرات
بطيبة وخنوع غريب….
“انتي لسه قايله فين كرامتك وانت بتجبرني اعيش معاك…. خلاص ياسنيوريتا… انا هبعد عنك خالص
وهطلقك زي مانتي عايزه……”
سألته بشك وهي تراقب نظراته الغريبة
نحوها….
“انت ناوي على اي يا ماهر….. هطلقني فعلاً ولا…”
قاطعها ماهر بصوتٍ حاني يحمل تضحية كبيرة….
“مفهاش ولا….سعادتك عندي اهم لو عايزاني كمان اروح لابراهيم وتحايل عليه يرجعلك انا هعمل كده……… ”
رفعت سبابتها في وجهه وهي تخرسه بغضب…
“ملكش دعوة بابراهيم…..الطلاق مش بسبب ابراهيم وانت عارف كده كويس……” صمتت قليلا ثم
قالت بوجوم….
“ممكن تخرج خليني البس ومشي من المكان
ده……. وياريت تطلع قد كلامك وطلقني عشان مرفعش عليك قضية وفضحك…..”
رفع يداه وهزها بوهن غريب…..
“لا لا يا سمر انا مش حمل الفضيحة هطلقك….
وربنا يسعدك معاه…..”
زفرت بحنق وهي تسحب طاقم من الدولاب وتذهب
للحمام صافعه الباب خلفها……
رفع ماهر الهاتف وحدث السائق بخشونة….
“حضر العربية…….. انا اللي هسوق بنفسي…..”
بعد قليل نزلت على السلالم بسرعة وكانها لا تصدق انها ستكن حُره بعد دقائق فقط…. برغم شعور السعادة الذي ينتابها إلا ان هناك انقباض قوي
بداخلها…. انقباض من نوع آخر… كـ…. كخوف
من شيءٍ قادم… لا تعرف هناك رجفة بقلبها
وانقباض بصدرها…. شعور بالفزع لا تعرف؟!…
وجدت ماهر يستلقي بمقعد السائق خفق قلبها خفقة
غريبة وهي تتقدم من السيارة وتساله بصوتٍ يرتجف
بعض الشيء…..
“هو فين السواق…..مش هو اللي هيوصلني.. “

 

 

فتح ماهر الباب من الجهه الاخرى كي تجلس وقال بهدوء خطر….
“انا اللي هوصلك…. اي مستخسر فيا توصيله اخيره ياسنيوريتا…….تعالي قعدي.. ” اخر كلمتين كانوا أمر
خرج بحده….جعلها تبلع ريقها وتجلس بجواره..وبرغم من انفعالات جسدها داخلياً إلا انها امامه كانت كتمثال من شمع……..
انطلق بسيارة سريعاً….وظل الصمت مخيم على المكان لدقائق معدودة…..
كانت تنظر من النافذة المجاورة لها وتنظر للشوارع والطريق والمارة…….وكان ثلاثون يوماً كانوا ثلاثون سنة وكانها ترى الشارع لاول مرة…ومع ذلك لم تشعر بسعادة بل بنفس الانقباض الناتج من خلفه خوف
غير مفسر بداخلها……
كانت تشعر بنظرات ماهر السامة تختلج خلوت الصمت وسكينة جسدها ومع ذلك حاولت تجاهله حتى تصل للبيت…….بيتها كي تحتمي منه ومن الجميع….. تحتاج لحضن امها وحنانها عليها…تحتاج لمناكفة أحمد ورائحة ارجيلة خالها وهو يدندن باغاني شعبية قديمة……اشتاقت للسوق وبائعين السوق الغلابة اشتاقت للعمل…..اشتاقت لهوايتها…..هواية سمر الشابة البسيطة التي كان
اقصى طموحها خلع عباءة الفقر والخروج من الحي…اليوم وبعد تحقيق الامنية الغبية اليوم هي تتلهف للحي والحياة به…..تتلهف لرؤية حبيب ساكن هناك شباك غرفته يطل على شرفة بيتها….اشتاقت إليه وهي تعلم ان الاشتياق حُرم عليها منذ الرحيل عنه؟!…….
لماذ نطالب بعالم غير عالمنا ونظن اننا قادرين على التجاوب معه…. ولماذا لا نرضى…. ولماذا ياتي الرضا
بعد ضياع اشياء استهانه بوجودها بين ايدينا… ولماذا لا نرضى…….. لماذا؟….
مزالت تسال نفسها على تعاقب لانها لم تكن راضية يوماً…… لكنها تغيرت بعد ان أحبت إبراهيم… هل
كان العقاب بعاده……لماذا عاقبها الله وقسى
عليها………
تمتمت بدهشة في سرها…
“استغفر الله العظيم……أستغفر الله العظيم… ”
انتبهت سمر بان الطريق التي تسير به السيارة
غير صحيح….. نظرت سريعا لماهر قائلة….
“احنا رايحين فين…. ولي مرحناش الحارة… انت واخدني على فين بظبط…….”
رد بنبرة تحمل انفعال قوي…..
“هنسافر انا حجزت تذكرتين لينا وهنسافر امريكا….
وهنعيش هناك……”
توسعت عينيها بصدمة وهدرت بضجر….
“يعني اي هنعيش هناك انت اتجننت…. وقف العربية…….” حاولت فتح الباب ولكنه كان
مؤصداً….. صرخت عليه بغضب…..
“وقف العريبة بقولك…. انا مش هسافر… مش هروح معاك في حته…..”
سحب شعرها بيد واحده واليد الاخرى تتحكم
بعجلة القيادة…..هتف ماهر بنبرة مهزوزة تحمل انفعال هستيري…
“مش هتروحي في حته هنسافر سوا وهنعيش
هناك انا وانتي…… هبعدك عنه وهتبقي ليا لوحدي… انا خلاص قريب اوي هبيع كل حاجة هنا وهنقل لهناك…… المهم ابعدك عنه وتبقي معايا………

 

 

معايا…..”
حاولت ضربه في صدره محاولة التخلص من
قبضته على شعرها….وهتفت بتشنج…..
“ابعد عني مش هروح في حته….على حثتي لو خرجت من البلد دي…… ابعد بقولك… اابعد….”
هاج عليها بوحشية وهو يتكا اكثر على خصلات شعرها……
“مش بمزاجك….. كله بمزاجي انا….. وبمزاجي هاخدك للمكان اللي يعجبني وهعمل اللي انا عايزه فيكي…”
هدرت بغضب وهي تبكي رغما عنها بخوف….
“قولتلك وقف العربية…… انت مجنون ابعد عني..”
لكمته في عينه بقوة تركها وهو يتأوه بقوة…
ثم حاول ايقاف السيارة وهو يتوعد لها بعد ان
سبها بشتائم نابيةٍ تمس امها وابيها…….
مرة بعد مرة حاول ايقاف السيارة لكنها لا تستجيب وسرعة السيارة تتزايد……..نظر لها تلك المرة بعجز
وغضب…….
صرخت سمر وهي تتابع محاولاته الفاشلة في
توقيف السيارة التي تزيد سرعتها برعب…..
“في اي مالها العربية…….. وقفها بقولك…..”
صاح بهتياج وهو يحاول ايقافها….
“مفهاش فرامل…….. مفهاش فرامل…..”
“يعني إيه مفيهاش فرامل…… يعني اااااايه….. ”
صرخت سمر وهي تشعر ان جسدها كل يضخ عرق وقلبها يخفق برعب وحدقتيها تهتز بعد استيعاب…
هل ستموت الآن…….. هل العمر انتهى هنا….
نظرت امامها ثم اليه وصرخت بغضب…..
“افتح الباب…… بقولك افتح الباب…. هنموت……”
توقف عن المحاولة وشعر بنشوة وهو يرى رعبها
ثم ابتسم بطريقة مرعبة وهو ينظر لها ببرود….
دمر اعصابها في تلك اللحظة ودموع عينيها تنزل بغزارة وشحوب وجهها يزيد وكان سرعة السيارة
والموت الوشيك لم يرعباها كما ارعبها بنظراته الشيطانية…….هدرت بنفس الانفعال المتعب….
“افتح الباب……… بقولك افتح……بتبصلي كدا
ليه؟…. افتح الباب….. ” مسكت ياقة سترته
بقوة وصرخت فيه بقوة أكبر…
“افتح الباب هنموت…….”
هتف ماهر بنبرة خافضه مرعبة….
“حتى الموت جمعنا سوا……عرفتي بقا انك ليا لوحدي ياسنيوريتا……”
تركته سمر بصدمة ونظرت امامها لتجد سيارة كبيرة تقترب منهما بسرعة هائلة……وضعت يداها على وجهها وصرخت صرخة عالية ولم تشعر بشيء إلا الظلام بعدها……. فقط الظلام والصمت التأم……

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى