رواية غمرة عشقك الفصل الرابع عشر 14 بقلم دهب عطية
رواية غمرة عشقك الجزء الرابع عشر
رواية غمرة عشقك البارت الرابع عشر
رواية غمرة عشقك الحلقة الرابعة عشر
تنحنح ابراهيم بخشونة وهو يقف في احد مكاتب المواظفين الفارغة…. وكانت تنتظرهُ رزان على احد المقاعد تضع ساق على اخرى بتعالي وكانت ترتدي تنورة قصير صفراء تعتليها ستره مماثلة… شعرها
الاشقر المصبوغ تطلقه للخلف بحرية….
انتبهت له رزان بعد ان سمعت تنحنح خشن….
رفعت عيناها الخضراء عليه بنفس الصلف والغضب
المشتعل بعينيها وهي ترمقه بإزدراء ثم قالت وهي تزفر دخان سجارتها بتكبر…..
“انت بقه ابراهيم راضي……”
اوما ابراهيم براسه بايجاب وكانت ملامحه جامدة
وهو يتفقدها ملياً بتعابير مبهمة….
“انتي بقه مين…… وعايزه إيه…..”
تعلقت عينا( رزان) عليه من اول راسه لاخمص قدميه وسيم ضخم البنية….عنفوان شبابه عالي بجاذبية
قاتلة…… لكنه للاسف فقير….. لذلك يقع ضحية
سمر الخبيثة…. الخائنة…. التي تواعد رجلان في نفس الوقت رجل غني له سلطة تفتح الابواب المغلقة و رجل يمتلك الشباب والهيبة لكنه فارغ الجيوب؟!…
اشارت على المقعد بجوارها وهي تبتسم ببرود معرفة عن نفسها….
“انا رزان الشافعي….. كانت سمر خطيبتك شغاله عندي في البيوتي سنتر وسبته بعد ما خطبتها…”
هز ابراهيم راسه بتفهم وهو يتقدم منها ليجلس بمقعد مقابل لها ثم رفع عيناه القاتمة عليها
يسالها باستفهام اكبر…..
“اهلا وسهلا يامدام………خير ان شاء الله… في
حاجه حصلت من سمر…….”
وضعت السجارة بين شفتيها واخرجت علبة السجائر وعزمت عليه…. رفض وهو يقول بحنق فهو لا يحترم
أبداً المرأة المدخنة للسجائر……
“شكراً…… ممكن تدخلي في الموضوع عشان عندي شغل ومش ناقص عطله…..”
ابتسمت بخبث الافاعي وهي تحكي له بمنتهى البساطه والسلاسه….. ومزالت تنفث في السجارة
بوتيرة مقررة…..
“جوزي بقاله فتره متغير معايا….. فـ….”
قاطعها ابراهيم هادراً بذهول وبغض…
“انتي بتقولي اي ياست انتي….. انتي مجنونة ولا إي….. حد قالك عليا اني مصلح اجتماعي….”
رفعت رزان عينيها على ابراهيم الذي نهض بغضب يلهث بصوتٍ مرتفع غاضب….. ابتسمت رزان بمنتهى البرود وهي تقول بنبرة سوداوية…..
“قعد وسمعني لحد الاخر…… اللي عرفته يهمك زي
ما يهمني اني اقولك……”
جلس من جديد بعصبية وعيناه حادة النظرات
وهو يتمسك بحبل الصبر قليلاً….
“تقوليلي إيه……. ويهمني بإيه مشاكلك انتي وجوزك…. انا لا اعرفك ولا اعرف جوزك….”
“بس سمر تعرفنا……”انهت سجارتها ووضعتها في المنفضة وهي تنظر إليه بعد تلك الجملة…..
اسودت ملامحه بتعبير غير مقروء وهو يهز راسه
باستفهام……
“تقصدي اي بكلام ده…..سمر مالها ومال جوزك..”
ردت رزان بنبرة قاتمة….
“جيالك في الكلام…. ياريت متقطعنيش… ”
انتظرها على احر من الجمر ولم يقاطعها……
فتابعت رزان الحكايه بمنتهى الهدوء…..
” جوزي ماهر كان بقاله فترة متغير معايا وبيخرج كتير وبيسهر طول الوقت برا….. وكنت علطول شكه ان بيخوني مع واحده بس انا معرفهاش ولما بدات اتخانق معاه بدأ يهددني بطلاق…… ويهددني انه ممكن يأذيني ويوريني النجوم في عز الضهر لو بس فكرت ادور وراه…. وماهر المحمدي يقدر يعمل اي حاجة هو عايزها بفلوسه…. والسلطه اللي بين إيده
كمان مقويه قلبه……….. ”
“من فترة قصيرة جت سمر وقالتي انها هتسيب الشغل عشان هتتجوز….. باركتلها ومدتش
خوانه ليها… وبعدها بفتره ماهر نزل بليل كالعادة
ونسي محفظته ومفاتيح عربيته….
“فتشت في المحفظة وانا على أمل الاقي اي حاجة تدينه وطلعه خاين وفي نفس الوقت اعرف مين دي اللي حبها ماهر عليا……. لقيت صورة واحده في محفظته…… ومش محتاجه اقولك صورة مين…”
نظرت له ببرود لتجد وجهه تحول للاحمرار الضاري
وكانه على حافة الانفجار… عيناه ترى من خلالهم
نيران السعير المفجعة……
اكملت رزان بمنتهى البرود الميت…
“صورة سمر…. كانت هي…. اتصدمت ومكنتش قادره اصدق ان البنت اللي كنت بعطف عليها وبشوف نفسي فيها تخوني بشكل ده…… لم رجع ماهر ووجهته بصورة….. رد عليا بمنتهى البرود…وقالي
انُ بيحبها وهيتجوزها…. ”
اسودت عينا إبراهيم اكثر واصبحت مرعبة… بينما انتفخت أوداجه بعروق حمراء بارزة…. وهو ينظر
لرزان بصمت مبهم يحمل مشاعر متاججة
بالنيران…..يشعر برجولته تزأر بحدة بداخله… من ما سمعه والذي لم يصدقه برغم غضبه…. ربما يثق
بسمر ثقه عمياء ولي أبعد حد…..لكنه عنوة عنه يشعر بطعنة غدر….. هناك شيءٍ في القصة مفقود…… هناك معلومة صادقة وعشرة زائفة….. قد تشتت برغم
من صمته المبهم امام رزان التي تحدق فيه بخبث
كالحيه التي تتفقد فريستها بعد ان بخة سمها
المميت بداخلها……
رجلاً يحمل صورة زوجته هو… يحبها ويجزم لزوجته الأخرى بانه سيتزوج حبيبته…. حبيبته هو…
سيتزوج زوجته هو…… من هذا الذي يجرؤ على
أخذ حياته منه… (سمر)……. هل جن جنونه ليفكر بان ابراهيم راضي يترك حياته وزوجته له……. يجب ان يعلمه كيف تكون الرجولة… يجب ان يعرف هذا القذر عرف الرجال ان رفع الغريب عيناه على اهل بيته….
رفع ابراهيم عيناه على رزان وهو يقول بنبرة
خشنة مكبوته مزالت تكذب الأمر….
“انتي متاكده من كلامك ده…. ولا جايه تفتري على سمر وخلاص بسبب حاجه تانيه بينكم….”
برمت شفتيها بازدراء وهي تقول بتعالي به لمحة
من الغل……
“اي اللي هيكون بيني وبين واحده شغاله عندي… اعقلها ياسطا ابراهيم….. انا مش جيالك من فراغ
انا جايلك بعد ما جوزي رمى عليا يمين الطلاق
بسبب حُبه لواحده انت هتجوزها بعد كام شهر وهتحط اسمك وشرفك في ايد واحده لمؤخذه ا…..”
هب ابراهيم واقفا وهو يهدر بتشنج….
“اخرسي…. سمر اشرف منك ومن الكلب اللي
كان متجوزك…..”
هبت واقفه هي الاخرى وهي تبخ سمها كالحيه..
“لا والله اشرف مني… بعد دا كله…. دي مشيه معاكم انتوا الاتنين…. و وعداكم بالجواز…. هو انت مش قادر تصدق انها *…..” كانت ستسب سمر باقذع الكلمات التي تنال شرفها وشرف امها أيضاً لكن ابراهيم منعها بنبرة حازمة غير مقروءة….
“قولتلك ولا كلمة……. انتي قولتي اللي عندك وانا قولت اللي عندي…… والغلط كله عند جوزك مش
عندها…. ودا بقا لي حساب تاني معايا… عشان
يحرم تاني يبص لحاجة غيره….”
عقبت رزان ذاهله من توعدة الصريح لماهر……
“ماهر !….هتحاسب ماهر المحمدي… شكلك عايز
تدخل عش الدبابير برجلك…..” ابتسمت بازدراء
مضيفه بنبرة مزرية…
“ولا انت كدا كدا دخلته….. سمر دخلتك وضحكت عليك واستغفلتك كمان وبقيت معاها لمؤخذه بقرون……”
كور ابراهيم يده ومسكها من ذراعها باليد الاخرى وهو يعتصر ذراعها بقوة وهزها وهو يهدر بانفاس متحشرجه وصوت شبية بزئير الأسد الغاضب….
“لولا انك واحده ست انا كنت عرفتك مقامك… امشي اطلعي برا……….. غوري من وشي….”
لوت رزان شفتيها باستفزاز وهي تقول ببرود
مزعج….
“همشي انا كده عملت اللي عليا وريحة ضميري
من ناحيتك…….. وانت بقه بايدك تختار….. يتبقى راجل يتبقى جوز واحده لمؤخذة مشيها بطال…”
سحبت ذراعها من بين قبضته وخرجت بخطوات متغطرسة بينما كعب حذائها العالِ يقرعان الارض المصقوله بثقه وخيلاء….
نظر ابراهيم لاثارها بعيون تتأجج بنيران حارقة…
برغم الثقة…. وبرغم الحب… لكن ما سمعه كان اكبر
من تحمله…….كل شيء سمعه واكتشفه كان اكبر
من طاقته……
على مراى الجميع خرج من المكتب ثم توجه لدراجته
البخارية قادها باقصى سرعة لكي يصل لبيتها… يجب ان يعرف منها كل شيء… من ماهر وماذا تعرف عنه……. وهل….. هل كان بينهما شيءٍ اخفته عنه….
او خشيت ان تحكيه…..
يجب ان توضح الرؤية امامه لكي يعرف من هو المظلوم والظالم بتلك القصة الغامضة التي كان
ظهروها عليه اشبه بمطرقة حادة ثقيلة هبطت
على راسه بقوة وهو كان في لحظة استرخاء
من كل شيء؟!…
اعتصر عيناه لثوانٍ وهو يشعر بتشتت ، لاول مرة يضيع في امرا يخصه ويخصها…..كانوا كيان
واحد……والان……يشعر ان الطوفان يقترب
منهما لدرجة تجعله يراها على مراى عيناه
تبتعد………. تبتعد عنه باقصى سرعة…….
…………………………………………………………..
بعد اللف والدوران هنا وهناك بالدراجة البخارية
صعد الى المبنى القاطنة به…..
وقف امام الباب بملامح جامدة صلبة التعابير لابعد حد…عيناه مظلمة مخيفة وشفتيه مستقيمة بحدة عنيفة وهو يطرق على الباب بجسد يتشنج اثار
الغضب المتأجج بداخله…..ساعات طويلة يدور بالدراجة محاولاً السيطرة على انفعالته محاولا
تهدئة هذا التشتت والضياع…. محاولا ترتيب افكاره وقص الموضوع عليها بدون ان يظلمها بالباطل كما يستشعر بان تلك القصة تنقصها براءتها امامه…..
فُتح الباب وطلت عليه البهية ذات العيون
السوداء الامعة ترمقه بنظرات مشتاقة ما بين
الدهشة والحب….
“ابراهيم…….مقولتش انك جاي يعني…انا برن
عليك من بدري على فكرة……”
كان ينظر لها بصمت ويقراء هذا الاشتياق وكانه بدا يشكك في شوقها والاهم……..حبها !..
اي خلل أصابه فجعله رجل متذبذب حتى في رؤية حبها الصادق و الظاهر بدون البحث عن المصداقيه خلفه……
شعرت سمر بالقلق يدب في اوصولها وهي تبصره بحيرة من صمته الغريب وملامحه المخيفة التي لاول مرة ترتعب منها…. ومن تلك النظرات الاكثر غرابة من هيئته المفجعه……
ابتعدت سمر عن عتبة الباب وتقدمت منه خطوتين
و وقفت أمامه ومدت يدها ومررتها على لحيته النابتة وهي تقول بصوتٍ حاني قلق….
“مالك ياحبيبي……فيك إيه……وبتبصلي كدا لي…”
انزل أبراهيم يدها برفق وهو ينظر له تلك النظرة
القاتمة وهو يخبرها بنبرة خافته زادت قلقها
على اثارها…..
“عايز اتكلم معاكي…..فوق السطح……..دلوقتي ياسمر……”
نظرت لسور السلم الممتد امامهما وعلى اثاره رأت
جزء بسيط من السماء السوداء القاتمة …… فقالت
بامتناع هادئ….
“دلوقتي يابراهيم…….مينفعش نطلع بالليل كده لو حد شفنا هيقول إيه……خلينا نتكلم في التلفون… ”
هدر بقسوة وجفاء لاول مرة معها….
“انا مش طالع احب فيكي……..موضوع مهم ولازم نتكلم فيه…..وكلام التلفونات ده مينفعش…..”استدار
بعد ان لمح نظرتها المصدومه من طريقته معها
بل ولمح جزء بسيط من اول خيطٍ من الالم بينهما
في عيناها…..
نظرت لظهره وهو يصعد السلالم بخطوات ثابته تحمل تشنج ملحوظ وكانه يعاني غضبٍ هائل
مكبوت…
أخذ اكبر قدر من هواء الليل البارد وهو ينتظرها
على سطح البيت…..يظن ان بعض الهواء سيخمد نيران غضبه يظن انه سيكن مسيطراً على غضبه
حتى يفهم تلك القصة اللعينه….
لكن اللعنة مع مرور الوقت الافكار السوداوية تنهش بعقله وتخيلات تنهش برجولته التي تزأر بغضبا
داخله……
وصل لحالة لم يصل لها يوماً وبرغم ذلك يحاول لملمت شتاته وغضبه ويكون رحيم مع من
احبها…..لكن كيف وهي سبب تلك الحالة
العنيفة؟!…
اشبه الوصف بسفاح يقف منتظر اول ضحاياه…برغم من كونه سفاح لكنه لاول مره ينفذ جريمة على أرض الواقع…..الوصف صادق فهو مابين غضب قوي نحوها
لخوف بل رعب في ان يؤذيها باي كلمة باطلة ظالمه
لها…..
لهذا الحد يغيرنا الحب فقط ليجعلنا ضعفاء مقيدين
الأيدي امام من حب……حتى في حق من حقوقنا
نخشى……
آآه…….آآه….
تاوه بصوتٍ مكبوت وهو يسمع خطواتها الهادئة تتقدم منه ليسمعها تساله بصوتٍ قلق …..
“في اي يابراهيم مالك….”
اغمض عينيه ولم يستدير لها بل لفظ اسم الوغد
بدون مقدمات….
“مين ماهر المحمدي دي ياسمر……”
داهم الخوف امعائها وكانه لكمها بقوة في معدتها
وشعرت بالغصة في حلقها تأبى الانزلاق لجوفها
الذي اشتعل فجأه من هول الجملة المصاحبة
لصدمة كبيرة بعد معرفة أبراهيم بالامر…..
وقد طاف نسيم الليل البارد من حولها بقوة
فتحرك شعرها قليلا خلفها…….وتخلل جسدها الهواء باعثٍ خيطٍ من الصقيع البارد بداخلها….
صمتها كان كالسطو الذي نزل على ظهره فأعجره…
استدار اليها بوجها زاد توهج مرعب وعيون قاتمة بشراسة وكانه على وشك قتلها حيه……وبرغم كل تلك الاضطربات الجسدية الا انه سالها بصوتٍ
مخيف حازم….
“اي اللي بينك وبينه…… وسكوتك ده معنى إيه…….اتكلمي…..”تقدم منها في لحظة ومسك ذراعها
هزها بقوة وهو يحاول السيطرة على نفسه لكن صمتها كان كسكين البارد على عنقه….
“اتكلمي ياسمر اي اللي بينك وبين الراجل ده……..اتكلمي…..”
نظرت اليه كالخرقاء وكانه تبصر أخيراً حقيقة نظراته السوداوية نحوها……انه يرسم علاقة مشبوهة في عقله…….. انه يتهمها اتهام شنيع…….
اغمضت عينيها ثم فتحتها بقوة وهي تداهم نظراته المرعبة وقبضة يده تعتصر بمنتهى العنف ذراعها وبرغم الآلام إلا ان نظراته كانت اكثر ايذاء لها…
أخيراً تكلمت فقالت بصوتٍ ميت التعبير….
“مفيش بيني وبينه حاجة يابراهيم……”
ترك ذراعها وهدأت انفاسه قليلاً لكن نظراته وغضبه كانا يتوهجان اكثر وهو يسألها بنبرة قاتمة….
“يعني عمره ما كلمك……ولا شوفتيه قبل كده…”
“شوفته وكلمني…….”ردت بنبرة مرتبكة مما
جعله يقول بنبرة صلبة…..
“اتكلمي علطول………..انا سامع…..”
اولته ظهرها وهي تقص عليه الأمر وتخفي عيناها
الخائفة من ردة فعله بعد ان يعلم…..
“ماهر كان من حوالي تلات سنين كده طلب ان
يتجوزني عرفي……وانا رفضت وبهدلته وهددته اني هقول لمراته لو مطلعنيش من دماغه……وفعلا سكت ومتكلمش في الموضوع…..وكنت ناويه اسيب الشغل
خوف من انه يعملي حاجه او يسلط عليا حد…بس
خوفت اسيب الشغل ومقدرش اسد في شغلانه
تانيه خصوصاً ان أحمد كان في ثانويه عامة
ودروس ومصاريف البيت…. وكمان كان فضلي مبلغ بسيط وكمل تمن شقة تمليك لينا….. كملت في شغل وانا بحاول أصد ماهر باي طريقه…. بعدين قبل ما اقبلك بكام شهر عرض عليا انه يتجوزني رسمي…
ولم هددته تاني بمراته مكنش همه….. وكانه مستبيع جوازهم ومش باقي على حاجة…….كنت بدور على شغل تاني كويس وقتها وبمراتب قريب من اللي باخده من البيوتي سنتر بتاع رزان……و وقتها قبلتك وحبيتك وتخطبنا…..ساعتها سبت الشغل علطول قبل حتى ما نعمل الخطوبة…..عشان ابعد عنه وعن زنه… هي دي كل الحكاية يابراهيم… “استدرات اليه وهي تحاول قراءة ملامحه السوداوية التي لم تهدئ بل
زادت قتامة وقد انتفخت أوداجه بعروق حمراء….
لم تهتز ملامحه ولم يرف له جفن…وهو ينظر اليها
بقسوة…..
“الكلام ده متقلش ليه قبل كده……جايه تحكي لم وجهتك وعرفت من برا…..”
هتفت بصدق ممتزج بالخوف عليه….
“كنت خايفه عليك منه….ماهر شراني….كفايه اللي عمله يوم……”اغلقت فمها وهي تشعر بمدى غباءها
في قص تهديد ماهر الخفي نحوها…..
تشرست شفتيه وهو يسالها بكبت….
“عمل إيه…….هتخبي تاني ولا هتكدبي….”
“انا مبكدبش يابراهيم…..”لم تكن بينهما مسافة طويلة وهو يسحبها من ذراعها لتقع على صدره
مزمجر فيها وهو يرفع فكها بقساوة….
“عمل اي ياسمر…..انطقي….قبلتيه امتى….وقالك اي…..”
نزلت دموعها التي كانت متجمدة كغلال زجاجي شفاف في عينيها……
“هددني انه هيأذيك…….مقلهاش بلسانه لكن عنيه قالتها….ماهر مش عايز يسبني في حالي… ماهر
مبيسبش حاجة لحد…..”
اتكئ على فكها وهو يزمجر كزائير الأسد الغاضب….
“انتي مش حاجة انتي مراتي…. سامعه….مراتي..
ومش واحد ***زي ده هياخدك مني…. هو غلطان وهيتحاسب….. وانتي كمان غلطانه وهنتحاسب واقسم بالله ياسمر …. هطلع عليكي القديم
والجديد…… “ترك فكها بقوة المتها…..انتفض
قلبها برعب لتسمعه يقول بغضب هائج…..
“سبتي واحد وسخ زي ده يتمادى معاكي عشان قرشين زيادة بتاخديهم من مراته……يغور القرش
اللي يخليكي رخيصه بشكل ده….عايزه متحلويش
في عينيه وهو بيشوفك كل يوم…..عايزاه ميفكرش فيكي وانت سمعتي عرضه الوسخ زيه ولسه قدامه
شغاله عند مراته……تلات سنين قدامه…. تلات سنين عارفه نيته الوسخه من ناحيتك وسكته…..إيه استحليتي نظراته…..وكلامه ليكي……ويترى كان
بيرفع ايده عليكي ولا لا…..”
كانت سترفع هي يدها وتضربه وهي تصرخ بتشنج…
“اخرس انا ولا كلمة….”مسك يدها قبل ان تهوى على صدغه وصرخ وسط سكون الليل من حولهما…
“ليكي عين ترفعي ايدك وتكلمي….بعد اللي سمعته منك……”
ارادت ايذاءه بالكلمات كم فعل معها فقالت
“انا مقولتش ان لمسني مقولتش اني استحليت كلامه….انا اشرف من الشرف يابن راضي…انا طول
عمري نضيفة ومفيش غبار عليا…وطول عمري بنحت
في صخر عشان أأكل اهلي بالحلال….لو كنت عايزه ماهر كان زماني بقيت ستك وتاج راسك….وعينك
هتبقى في الارض مش هترفعها وتبصلي البصه
المقرفة دي……”نفضت يده وخلعت الدبله والخاتمين
والاسوار من يداها وهي تضعهم بين يداه بقوة وكانها ترى خطوط النهاية بينهما بسيطة كبساطة الارتباط به……
“خد دهبك اهوه…..وكل واحد يروح لحاله….انا مش عيزاك……..طالما شايفني واحده *****يبقى خلاص كل واحد يروح لحاله…… وربنا يسعدك مع واحده اشرف من كده واحسن….”
القى ابراهيم الذهب بينهما أرضا وهو يسحبها من رسغها قبل ان ترحل….
“راحه فين…… انتي فكراها سهله اوي كده….مش انا اللي يضحك عليه ياسمر………مش انا….”
تلوت بين يداه القوية وهي تقول بشراسة….
“انا مضحكتش عليك احنا لسه على البر….انا مش مراتك….كل اللي بينا الدبله والشبكة بتاعتك وانا ادتهملك عايز اي تاني……”
اتكئ على خصرها اكثر وهو يصرخ بجنون وغضب…
“عايز اي تاني!…..عايزك….انتي فكراني هسيبك ليه..”
ضربته في صدره لكي تتخلص من حصاره القوي
على خصرها….
“كفايه جنان يابراهيم….ماهر مايلزمنيش زي مانت كمان مبقاتش تلزمني….خلاص كفايه لحد كده.. انا استكفيت….. “كانت تقصد انها اكتفت من هذا
الوجع قد انكسرت الثقة بينهما ودخل الشك
وكلا منهما رسم صورة بشعه بعقله عن الآخر….
سحبها بقوة لاقرب حائط ودفع ظهرها به وهو
يهدر بجنون عنيف…..
“انا بقه لسه مستكفتش منك…..”صرخت بقوة وهي تجده يكبل ذراعيها فوق راسها على الحائط وتهجم
عليها كالمجنون كي يكتم صراخها بقبلة عنيفة قوية بعيدة كل البعد عن تلك القبلة التي حلمت بتجربة
مشاعرها الصاخبة بالحب معه………
كان يقضم شفتيها بقوة ويتعمق بتلك القبلة المؤذية
كان يبحث عن شيءٍ بشفتيها يخدر غضبه يخدر
عذابه……يبحث عن ملاذه بداخلها…..لكن لم يجد الا أمرأه تعافر بين يداه تحرك راسها يمينا ويسارا محاولة التخلص من شفتيه القاسية المتسلطة
على شفتيها…
زمجرت من تحت القبلة باعجوبة….
“ابعد عني يابراهيم……متبقش حيوان…..امم…”اغلق
فمها من جديد وهو يتشرس في آلامها…..نزلت دموعها وهي تتلوى بين يداه فلمس ملح الدموع
بشفتيه التي تطوف على وجهها وشفتيها
بجنون وغضب..
مجرد التخيل انها ستبتعد وتكون لغيره يقتله
حيا يجعل منه شيطان……….. مؤذي لعين…..
حتى كلماتها واعترافها يطوف بعقله…..ولا يشعر بالراحه بل يستشعر بالنيران تحرق صدره وتنتهك رجولته……
ابتعد عنها وهو يسمع النحيب يتزايد من بين شفتيها… حررها منه بمنتهى الرزانة وتركها…حتى هي لم تصدق انه تركها انها كانت تظن ان النهاية ستكون سلب أعز ما تملك على يداه حتى ينال انتقامه منها……اي انتقام ياسمر………ماذا فعلتي لكي ينتقم ابراهيم منكِ ؟…….
انه لم يرفع يده على جسدها انه لم يقبلها بشهوة مريضة….إبراهيم كان يريد ان يالمها يريد ان يثير
رعبها….يريد ان يجعلها ترى النهاية الوشيكه معه
طالما قررت الانفصال عنه وحذفه من حياتها ببساطه…..
نظرت له برعب مشتبك بالغضب ثم لم تلبث ان قذفت ما بفمها عليه وهي تهدر بصوتٍ عنيف
“حيوان……وندل…. وجبان….مش عايزه اشوف
وشك تاني…….غوور…..”دفعته من امامها وكانت ستهبط على السلالم لكنه مسك يدها ومنعها
بالقوة وهو يقول بصرامة قاتمة…….
“هتجوزك ياسمر حتى لو كان غصب عنك……..هتجوزك….”
صرخت في وجهه وهي تبعده بكل قوتها…
“نجوم السما اقربلك مني يابن راضي…..اقربلك مني……..”
هبطت على السلالم بجسد يرتجف وعيون حمراء كالدماء….ممن تتزوج انها رأت الظلم في عيناه شعرت برعب في احضانه….شفتيه كانتا كالنيران تحرقها وتشوه روحها وحبها النقي…. ممن تتزوج من ابراهيم حبيبها…..أين هو انها وجدت شيطان بهيئته ليس هو………..مستحيل….
دخلت غرفتها واغلقت الباب على نفسها وظلت تبكي
على الفراش بحرقة وقهر….انتهت الفرحة التي كانت تخشى عليها……ضال الحبيب طريقة وسط ظلماته
وبقى الحب والامه…………. فقط الامه !……
…………………………………………………………..
دخلت حنين أحد غرف الخدم لتبدل ثيابها المتسخه
باخرى نظيفة حتى تخرج من هنا… فقد انتهى
عملها في المطبخ هي و(ام منه)…..
توترت حدقتيها وهي تنظر للغرفة الشاسعه الانيقة
غرفة الخدم !…..
ابتسمت ساخره من تلك الرفاهية السخيفة التي يتمتع بها أصحاب البيت…..
سمعت الباب يطرق عليها وتدخل ام منه بعدها وبين يدها قميص وردي وتنورة سوداء قصيرة…
هتفت ام منه بابتسامة متسعة….
“كويس انك لسه مغيرتيش ياحنين….”
عقدت حنين حاجبيها وهي ترى السيدة تتقدم منها وبين يداها تلك الثياب….
“في حاجه يام منه…. في حاجه في المطبخ لسه معملناهاش…..”
لكزتها ام منه وهي تقول بصوتٍ خفيض…
“لا ياحنين كله تمام…. انا جيبالك مصلحه حلوه…”
زفرة حنين بتعب وارهاق واضح….
“مصلحة اي يام منه…. انا مش قادرة اعمل حاجه انا تعبت اوي النهاردة…..”
زمجرت السيدة بحنق منها….
“تعبت اي بس ياحنين….دا انا جيبالك مصلحه سُقع… اتحيلت على آية هانم لحد ما وفقت…….”
نظرت لها حنين بوجوم وهي تقول بسأم…
“مصلحة إيه……. اتكلمي علطول يام منه…”
اشارة لها ام منه على حافة الفراش وهي
تقول….
“طب قعدي عشان نتكلم…..” بالفعل جلست حنين وهي بجوارها…. قالت ام منه بتوضيح اكبر……
“اسمعي ياستي…..آية هانم محتاجه حد يخدم على الضيوف مع الشاغلين اللي عندها… وانا رشحتك
ليها……. وهي كانت في الاول رفضه بسبب
اللي عملتيه في عز بيه اخوها لكن لم اتحيلت
عليها وحكتلها ظروفك…. وفقت علطول وبعتتلك البس ده عشان تلبسيه وتخدمي بيه على الضيوف….”
احتل الحنق وجه حنين وهي تهدر بتشنج…
“لي عملتي كده يام منه….. اخرتها هشتغل خدامه…”
لكزتها ام منه بخبث وهي توضح اكثر….
“يابت متبقيش هبله دول ساعتين وهيروحه لحالهم
وهتاخدي فيهم مرتب شهر من اللي كنتي بتاخديه
في المصنع…. الست هتديكي الف ونص في شويه اللي هتخدمي فيهم……. في احلى من كده….”
ذاب الحنق واحتلت الدهشة وجه حنين وهي
تسألها بتعجب….
“الف ونص !….. هي قالتلك هتديني الف ونص…”
ابتسمت السيدة وهي تحاول مساعدتها بكل الطرق
لأجل كسب ثواب بها…..
“آآه والله…. دا غير الفلوس اللي ليكي معايا دي بقه
تمن تعبك ووقفتك معايا في المطبخ….ها قولتي
إيه…. هتاخدي القرشين اللي ليكي معايا وتروحي ولا تقعدي ساعتين كمان وتاخدي الف ونص دا غير حسابك معايا….. ”
زاغت عينا حنين بتردد… انها تحتاج للمبلغ بشدة.. انها تعمل اكثر من عشر ساعات في المخبز وتحصل على هذا المبلغ الضئيل شهرياً…..
ساعتين من الخدمة وتنقل بين هذا وهذهِ لا
بائس من التحمل قليلاً فهم ساعتين فقط….
كانت تقنع نفسها بقوة في قبول العرض الثمين..لكن
اتى في عقلها المخادع الذي ادعى انه سائق الهانم
حتى الان لا تفهم لماذا ادعى امامها هذا الادعاء
بماذا كان يريد ان يصل ياترى؟…..
“ها قولتي اي ياحنين….. “افاقت من شرودها على صوت ام منه مما جعلها تحسم امرها وهي تنهض
متناولة من بين يداها الثياب….
“موفقه يام منه…….. طالما ساعتين….”
“طب البسي الهدوم دي وظبطي نفسك كده… خدي…” مدت لها السيدة علبة تحتوي على
زينة الوجه…
اخذت حنين العلبة وهي تنظر لها بغرابه….
“اي دا يام منه….”
تعجبت السيدة من السؤال فاجابت
سريعاً…
“هيكون اي ياحنين مكياج….”
اومات حنين بتفهم وهي تعيد صيغة السؤال
بشكلا اوضح….
“عارفه انه مكياج مديهولي ليه….”
هتفت السيدة باستغراب…
“جرالك اي ياحنين…… انتي هتخدمي على ناس مستوى…… هتقبليهم ووشك باهتان كده…”
عوجت حنين شفتيها وقالت بتبرم…
“امرك غريب يام منه…….. هما مالهم بوشي…”
هتفت السيدة بجزع….
“يابت ماتتعبنيش معاكي…. لازم يكون لبسك نضيف وشكلك يشرح القلب عشان الناس اللي هتخرجي عليهم دول بهوات وهوانم عايزه تطلعي عليهم
كده…….” زفرت السيدة بضيق من كثرة الجدال
فاضافت بضجر….
“متقطعيش برزقك ياحنين…. ومتزعليش آية هانم منك…….” ابتعدت عنها لتقف عند باب الغرفة
وهي تقول بحنق……
“ساعة كده وطلعي ياحنين لحسان الضيوف
بدأت تهل……”
اومات لها بوجوم…. ثم وقفت امام المرآة الكبيرة
متفقدة مظهرها المخزي الغير مرتب واثار الطحين
وسكر متعلقان بثوبها……
اتجهت الى الحمام المتواجد بالغرفة ودخلت إليه
اغتسلت سريعاً ثم بدات بإرتداد التنورة القصيرة السوداء الاصقه… يصل طولها لفوق الركبة تحديداً
تعتلي التنورة قميص وردي شاحب كان أيضاً محدد جسدها النحيف الذي برزة مفاتنه بعد ارتدى لبس
الخدم !…..
حلت شعرها واطلقته للخلف ومشطت اياه بالفرشاة
تحرر بنعومة الحرير بانسياب خلف ظهرها…..كان
راضخ كصاحبته تماماً……مسكت قلم الكحل وزينة عينيها البنية الداكنة….ووضعت القليل من الزينة
المناسبة فوق جفنيها….. و وجنتيها قد
وردتها قليلاً بالحمرة فكانت بشرتها شاحبه
بيضاء تريد القليل من الحياة ونقطة الحمرة
بها بثت الحياة في وجهها الرقيق…..الحزين……
ذات العيون الشفافة…..والملامح الصادقة في
التعبير……
نظرت لهيئتها بعد الانتهاء…..كانت امرأه اخرى غيرها
امرأه جميلة بسيطة الملامح لكن مؤثرة….شيءٍ ما في تلك المرأة مؤثر….ربما جسدها الذي انكشف عنه الستار الفضفاض فأصبح يافع الانوثه والجمال او ربما وجهها الذي كان يحتاج لبعض الاهتمام وحينما حصل عليه اشرق بجاذبية غير متوقعة !…
انها بسيطة الملامح والهيئة لكن بداخلها شيءٍ
كامن يميزها بعيداً كمال البعد عن البساطه…..
اقتحمت الغرفة أحد الخدم وكانت شابة اصغر منها عمراً… هتفت بحرج بعد ان ابصرت حنين بالغرفة…
“انا اسفه جداً مكنتش أعرف ان في حد هنا…”
تفقدتها حنين فكانت ترتدي ثيابٍ مثلها لكن شتات
بينها وبين الشابة في الهيئة…. كانت الشابة تضع
زينة مبالغ بها وتفتح أول أزرار القميص تقريباً ثلاثة
توترت حنين وهي تنظر للقميص التي ترتديه وجدت
الزر الاول مفتوح اغلقته سريعاً وهي تقول بحرج…
“ولا يهمك انا كدا كدا كنت طالعه…..”
تأملة الشابة حنين أيضا بدقة ثم عقبت بجرأه….
“لي مش حطه روج على شفايفك…دا حتى
الميكب بتاعك كانه ممسوح….. تحبي اساعدك
انا شاطره اوي في الميك اب…..”
نظرت حنين لوجه الشابة المبالغ في زينته ثم
تخيلت وجهها هكذآ يشبه المهرجين في السِرك……هزت راسها سريعاً وهي تقول
برفض…..
“لا شكراً انا كده تمام اوي….”
ابتسمت الشابة بتفهم وهي تقترح بمودة….
“طب خلاص استني هحطلك زبدة كاكاو على شفايفك اهو تديها لامعه بدل ما تطلعي كده….”
مدت الشابه قلم الحمرة والذي كان يعطي لامعه لشفاه باللون الوردي…….
ابتسمت الشابة برضا وهي ترفع يدها عنها…
ثم قالت بمزاح وقح….
“يسلام لو كان روج أحمر…. كان هيبقى دمار عليكي……..” ضحكت الفتاة بميوعه وهي تقف مكان حنين عند المرآة كي تظبط زينة وجهها اكثر…..
عقدت حنين حاجبيها من غرابة الشابة في التحدث بكل هذا الارتياح معها…. لكنها حلت العقدة سريعاً
ليس الجميع انطوائي مثلها ، قليل الكلام ويخشى
الجميع وصداقة الجميع مثلها !…….
شكرتها حنين باللطف وهي تتقدم لتخرج من الغرفة الى حفلة عيد الميلاد…..البعيدة كل البعد عن حفلات الميلاد فهي كانت تبدو كمؤتمر صحفي…..
رجال ببذل فخمة انيقة….نفيسة الثمن لا محال..
سيدات ملكات جمال….ملابسهن غاية في الروعة والاناقة و….العري بالتاكيد أحد ابراز الاشياء
المهمة لموضة عصرية !…قصات جميلة…. وصبغات شعر عصرية بألوان لا تعرف لها هوية او أسم….
فغرت حنين شفتيها وهي تتابع تلك الاجواء الجديدة كلياًّ عليها…..حتى التلفاز لا يعرض الاغنياء بكل هذا السخاء…
حتى الردهة وحديقة (الفيلا)المقام فيهم الحفل تم تحضيرهم بطريقة منمقه فخمة….كالوحة فنية تخشى ان تفسدها بنظرة من عينيها
من شدة فخامتها …..
سمعت حنين رئيسة الخدم تنادي عليها بالاشارة…اتجهت حنين اليها سريعاً وهي
تقول بتهذيب….
“تحت امرك ياهانم…..”
سالتها السيدة وهي تتفقدها عن كثف….
“انتي حنين اللي تبع ام منه…….”
اومات حنين بتهذيب….
“ايوا ياهانم………… انا…”
عرفتها السيدة عن نفسها بهدوء بصوتٍ هادئ
رخيم….
“انا نرمين المسئولة عن الخدم هنا….وكمان مسئولة عن خدمتكم في الحفلة….”
رحبت بها حنين باستحياء وهي تهز راسها
بتفهم…..
“تشرفنا يامدام نرمين….”
قالت نرمين بابتسامة دبلوماسية…..
“الشرف لينا احنا ياحنين……المهم هتبقي مع البنات ساعتين زي ما اتفقت معايا آية هانم هتخدمي على الضيوف من المشروبات اللي هتطلع من هنا….”رمقت
نرمين حذاء حنين فقالت بعدم استحسان…..
“اي الشوز اللي انتي لبساه دا ياحنين….”
نظرت حنين للحذاء الرياضي المتهالك الذي ترتديها
ثم رفعت عينيها على السيدة نرمين بحرج وقالت بحنق من هذا الموقف…..
“معنديش غيره……”
رمقت نرمين الحذاء من جديد ثم اشارت على أحد الخدم كي يحضر لحنين حذاء أسود بكعب عالٍ….
“اقلعي اللي في رجلك ده والبسي دا أحسن….”
ترددت حنين وهي تنظر للحذاء ورفع الكعب
باسفله وارتفاعه كذلك…..رفعت عيناها
للسيدة وهي تقول بتردد أكبر….
“هو لازم يعني…..”
أكدت نرمين بصوتٍ خشن جاد وحازم…..
“أكيد لازم مظهرك قدام الناس مهم…انتي بتخدمي في فيلا عز الدين الخولي….رجل أعمال معروف
والناس اللي جايين الحفلة فوق المستوى العالي كمان…….لازم الخدم يكونه سوبر ستار…..في كل حاجة………فهمتي ولا إيه…….”
اومات لها حنين بتفهم بعد ان ارتفعت خفقات قلبها بعد لفظ اسمه وسط الحديث….
خلعت الحذاء الرياضي…..وارتدت الكعب ووقفت
عليه باعجوبة وحاولت التحرك به وتجربة السير
عليه قليلاً قبل الخروج للمدعوين….
تمتمت حنين بداخلها بقلق…
“يارب عدي اليوم دا على خير وميحصلش نصيبه بسبب الزفت اللي في رجلي ده……”
…………………………………………………………..
هندم عز الدين بذلته امام المرآة ثم وضع عطره
الفخم……..وهو ينظر لنفسه عبر المرآة….كان وسيم بجاذبية مهلكة لاية امرأة تقع عيناها عليه…..
كنجوم السينما…..بجسده الضخم وطوله الفارع…
وملامحه الوسيمة… وشعره البني المائل للاشقر
بخصلات ذهبية تنعكس جمالا مع عيناه العسلية
الشبيهة بعيون النمور ، الساكنة المبهمة في
خطاها…….
طرق ناعم على باب غرفته قبل ان يسمح للطارق بدخول…..دخلت (ميرال)التي كانت تتألق بفستان
أخضر اللون قصير جداً مجسم على جسدها
مبرز مفاتنها بسخاء…..
ابتسمت ميرال وهي تتغنج في سيرها نحو
عز الدين لتقف امامه بعدها قائلة بدلال….
“اي ياعز….كل دا تاخير…..الناس كلها وصلت تحت….”
قربت جسدها منه بخبث انثوي وهي تقول برقه..
“عنك ياحبيبي….خليني انا اعملهالك….”مسكت ربطت العنق وبدات بعقدها ببطء ودلال وهي تنظر لعيناه الغير مبالية بما تفعله…..
كان في سابق يتأثر من قربها حتى بعد الطلاق كانت كلما حاولت التأثير عليه بتلك الطريقة تجد استجابة ضئيله وتاثير بسيط بها….. لكن الان يبدو انه أصبح كالوح الثلج في تلك الأمور……….ربما…..
فهو لم يكن يوماً بارد المشاعر….بل كان رجل بكل معنى الكلمة مؤثر بقوة فكانت لمساته تحرك الصنم
وتذيب الثلج……..
عضت على شفتيها وازدادت الخفقات مع شعورها بسخونه تجتاح جسدها آثار تذكرها لتلك الليالي الحميمية التي كانت تجمعها بهذا الرجل
القوي………..الوسيم…..
اي غباء اقترفته حينما طلبت الطلاق منه وتنازلت عن كل هذا بسهولة؟!……..المؤلم انه لم يوقفها عن هذا القرار المتسرع بل وافق على الانفصال بدون نقاش !….
“روحتي فين ياميرال…..مش يلا بينا… “سمعت صوته الفاتر يناديها وهو يرتدي ساعة يده
الغالية الملفته بقوة من كثرة فخامتها….
لاحت على شفتيه ابتسامة عابرة وهو يتذكر تعقيب
حنين على بذلته وساعته حينما ادعى انه
سائق آية الخولي….
زادت الابتسامة اتساعاً على محياه وهو يتذكر
بوابل الشماته والمعايرة منها…..كم كانت خرقاء
في تلك اللحظة خرقاء جميلة…….شفافة التعابير….صادقة النظرات….هل أعجب بها هي
ام بالاسى الشفاف المحتل هيئتها الحزينة…..
تفقدته ميرال بحيرة وهي تساله بابتسامة فاترة….
“بتضحك على اي ياعز…..”
تلاشت ابتسامته بتدريج حينما وعى لما يفعله
ووعى اكثر لوجود ميرال معه….
“ولا حاجه ياميرال……..يلا عشان ننزل….”
فتح يده لها فتقدمت منه بسعادة وراحه بعد تلك الحركة…….
أحاط عز الدين خصرها وهو ينزل على السلالم الطويلة المزينة بالبلونات مبهجة الشكل
ولالوان تليق بيوم ميلاد صغير اتمم عامة
الأول في تلك الحياة…..
صفق المدعوين لهما بانبهار فكانت صدمة كبيرة بنسبة لهم رؤية ميرال من جديد تتأبط بذراع عز الدين الخولي في حفل عائلي كهذا……
فهم الجميع انهما عادوا لبعضهما ولم يبقى الا الإفصاح عن الامر رسميا……
ظلت ميرال ملتصقه بعز طول تلك الساعات محاولة
اخبار الجميع انها عادت إليه من جديد وانهما كيان
واحد مهما ابتعدا…….
………………………………………………………………
هبطت آية على السلالم وهي تحمل ابنها علي
على ذراعها…..كانت ترتدي فستان حريري طويل
(تركواز)اللون عصري الشكل زاد جمالها وتألق
جسدها الفاتن به بنعومة وسخاء بداخله…
كان ملفوف على جسدها الانثوي وكانه صمم باسمها……
كانت تطلق شعرها البني القصير المائل للاشقر ، حول
عنقها بدلال…. وجهها الأبيض الناضر مزين بزينة رقيقة زادت حلاوة ملامحها وبهاء طلتها على الجميع……
كان( علي) الصغير يرتدي حُلة جميلة مماثلة للون فستان أمه…..كانا معا هالة من الدفء والراحة
والجاذبية مجرد ان تقف وتتاملهما معاً ستقول
في سرك محظوظ رب تلك الأسرة…..
لوى خالد شفتيه بعد ان ظل يتاملها للحظات بحب وشوق يجتاح نظراته…. وابنه كان يعانقها بقوة
وكانه يخشى على امه من العيون المحيطة بها كما يخشى هو أيضا عليها منهن…..
يغار ابنه عليها وهو يحترق من الغيرة كلما رآها هكذا امامه كالنجمة الساطعة في السماء….. او كفراشة تخرج من شرنقتها……او كوردة تزدهر وتتفتح كل يوم عن السابق…..
(اية الخولي) مهلكه وتهلكه كلما نظر لها وعلم انه اصبح لا يمتلك بها إلا النظر اليها مثله كالغريب بينما كان في سابق ينعم في احضانه و من نهر حبها
يروي ظمأ رجولته كلما أراد…
قد ضال الطريق وأضاع عائلته لاجل شهواته المريضة واستهتاره بالجميع….
ادرك الحقيقة متأخرة……. وتلك الاشهر التي مرت عليه جعلته يرى حقيقية حقارته مع الجميع
وهي أول من تذوق تلك الحقارة……
ربما يبغض نفسه في بعض الاوقات… وبعض الاوقات يكابر في الاعتراف بالغلط وكانه يخشى ترميم ما تم
هدمه على يداه……
سمع والده (فؤاد) يقول بعتاب وتقريع له….
“شايف مراتك وابنك…. بص كويس وشوف ضيعت من ايدك اي…..”
لم يرد خالد بل ظل يتابعهما بعيناه الخضراء القاتمة
بنظرات غير مقروءة…..
اضاف والده الواقف بجواره وهو يقول بأسى….
“ابنك كمل سنه من عمره ياخالد… وانت مكنتش معاه…. زي ما مراتك قضت شهور الحمل والخلفة
وانت برضو مش معاها…. امتى هتفوق ياخالد امتى بس…….. بتعاقبني ولا بتعاقب نفسك… لو غصبت عليك تتجوزها زمان فالاني كنت عارف ومتأكد انك بتحبها زي ماهي بتحبك……”
عاند وكابر مشاعره وهو يقول باستنكار….
“بس انا مبحبهاش وعمري ماحبتها…..”
ضحك فؤاد ضحكة خالية من اية مرح وهو
يقول هازئا من رد ابنه….
” وكان حبك ليها جريمة وخايف تثبت عليك… ربنا يهديك……… وتعقل وتفوق قبل السنة ما تجر سنين وساعتها هتلاقيها مع غيرك عايشه وعمله عيله
وحياة تانية بعيد عنك….. ”
شعر بشيءٍ يقبض على صدره بعد كلمات والده
مجرد التخيل انها ستكن لرجل غيره يشعر بقبضة
من جهنم تحتجز قلبه……
قبض على كفيه بقوة فظهرت مفاصله البيضاء وهو يسمع الاكثر من والده مما جعله يرفع عيناه ليجدها تقف مع(رائف الدسوقي) الممثل السينمائي المشهور
والذي نال بعض الشائعات من الصحافة عن علاقة عاطفية تجمع بينه وبين آية الخولي…..
لماذا اتى الى هنا مفترض الحفل عائلي للاصدقاء
والعائلة….. أأصبح رائف من العائلة !…..
اتجه نحوها بخطوات ثابته ليقف امامها بمنتهى الهدوء محافظ على ثباته الانفعالي لابعد حد…
انتبه له رائف… والذي كان رجل في اواخر الثلاثينات وسيم الملامح فارع الطول رفيع الجسد بشعر غزير أسود طويل منساب لاخر مؤخرة عنقه…… كان وسيم
بارز كنجوم السينما الذي هو واحداً منهم….
تحدث رائف بابتسامة لبقه وهو يصافح خالد
بفتور…
“أهلا ياخالد بيه….كل سنة والباشا الصغير بتاعنا طيب…..”قرص رائف وجنتى( علي) الذي تحمله
آية على يداها من وقت ان نزلت للحفل…..
رد خالد ببرود لبق كذلك….
“وانت طيب يارائف بيه……”
مالى خالد على آية واخذ منها الصغير وهو يتاملها عن قرب…….اخفضت آية عينيها ولم تنظر اليه وسحبت يداها بعد ان حمل الطفل……
رفعت عينيها العسلية على رائف الذي اخبرها بنبرة حانية قبل ان يرحل بهدوء….
“هستناكي يأية في اول عرض للفيلم…انتي عارفه وجودك هيفرق معايا أد إيه…..”
اهدته أجمل إبتسامة لديها وقالت برقة…
“أكيد يارائف هاجي…..مش محتاجة عزومه يعني…انت عارف انت غالي عندي أد إيه…
ونجاحك مهم اوي بنسبالي…..”
سمعت من يخرج زفير عالٍ من انفه وكانه بركان وهاج في لحظة…..رفعت آية عيناها بخبث على
خالد فوجدت وجهه أحمر وعيناه الخضراء تكاد تخرج شرار وهو يرمقها بنظرة مخيفة..باستثناء انفاسه الهائجة والغير منتظمة…..
كان قد رحل رائف في تلك اللحظة حينها
سألها خالد بقلة صبر…..
“مين اللي عزم الزفت دا هنا…..”
ردت ببرود وهي ترمقه ببغض….
“انا….اي مشكلتك بقه المرادي…ناوي تعمل مشاكل
زي اللي عملتها في النادي….”
تجاهل عتابها وكبح انفعاله وهو يقول بغيظ منها…
“وبتاع اي يجي هنا يأية….الحفلة دي مفيهاش غير قريبك وصحابك….”
ردت باسلوب مستفز…
“ااه ورائف من ضمن صحابي…..”
عض على شفته السفلى وهو ينظر لها حينها عدت( اية) بداخلها بيقين حتى ثلاثة ثم سمعته ينفجر في وجهها بغيرة كالنيران تتغذى على صبره عليها……
“اتعدلي ياهانم وتكلمي عدل….عزمه واحد كانت
طلعه عليكي وعليه اشاعات اني في بينكم
حاجة…….انتي بتاكدي كلام الناس بعد عزومتك
دي ليه….”
ردت ببرود عكس تلك المتعة المريضة التي
تحصل عليها كلما اثارت غضبه……
“ممكن افهم انت شاغل بالك ليه أأكد ولا انفي…هو احنا مش خلصنا وكل واحد راح لحاله….”
“آية متستفزنيش بردك….. انا…” توقف بتشتت فماذا سيقول وهو قطع كل ما بينهما وتركها بكامل اردته…
لاح الحزن على ملامحها حينما وجدته يصمت بوجوم….قالت وهي تمد يداها لاخذ ابنها منه…
“ممكن تجيب علي ياخالد…..باباك عايز يشوفه.. ”
مدت يدها لتأخذ الطفل منه لكنه اطبق على يداها الإثنين فوق خصر الصغير… رفعت عينيها عليه بدهشة فوجدته ينظر لها بعيناه الخضراء
العميقة ثم قال بدون تردد….
“آية…….ابعدي عن رائف… وعن اي راجل تاني….”
سحبت ابنها برفق وهي ترد عليه بكبرياء امرأة
طُعنت بأسم آلحب……
“حتى الحق ده ضيعته من أيدك…..”
أصابتهُ في صميم قلبه قبل ان ترحل بخطوات
انثوية ثابتة الخطى………
…………………………………………………………
كان تتأبط ميرال بذراعه وهو يتحدث مع احد
رجال الاعمال وكان من الاقارب لكن من بعيد…..
تحدث الرجل لعز الدين مُهنئا اياه….
“بس مبروك رجوعك لميرال هانم……وكويس انك رجعت لعقلك…… ميرال متتعوضش….”
ابتسمت ميرال بصلف وهي ترفع عيناها الزرقاء بفعل العدسات ، على الرجل لتجده ياكلها بعيناه وهو يرسم
بنظراته جسدها الممشوق بداخل الفستان العاري
الملفت بشدة…..ارجعت شعرها الاحمر المصبوغ للخلف وهي تنظر لعز الدين بهيام مصطنع قائلة
بتملق وتكبر…..
“انت عارف ياحسام….. انا وعز منقدرش نستغنى عن بعض أبدا……. ولا اي ياحبيبي…..”
اوما لها بملامح واجمه وهو يفتح حوار آخر
مع حسام قائلاً…..
“واخبار شركتك الجديدة اي ياحسام…..”
كانت تسير بصعوبة وبطء شديد وكانا كعبي حذائها
العالٍ يقرعان الارض المصقولة بـ….حرس وكانها
تسير على حبل رفيع في ساحة السِرك وكل العيون عليها…هذا ما تستشعره وهي تسير به مرتديه طاقم الخدم الغاية في الفاتنة وتألق عليها مع انه
طاقم……. خدم !……كانت تمسك بين يداها المرتجفة
صنية عليها بعض المشروبات المستوردة المنعشة
بألوان غريبة……كانت تخشى في البداية ان تكون
احد انوع الكحول لكن الفتاة الجريئة التي قابلتها في غرفة الخدم اخبرتها وقتها وهي تضحك
ضحكة خليعة…..
“ياريت….كان زماني بلبعت من الازازه شوية…دي مشروبات ارفرنجي خالص…حاجات كده عمرنا ماشوفناها ولا سمعنا عنها……بس اكيد مش خمرة
متقلقيش……البيه صاحب البيت هنا ملوش في الحاجات دي عمري ماشوفته بيشرب اكتر من السجاير…. طب انتي عارفه ياحنين انا كنت
شغاله في فيلا تانيه قبل ماجي هنا كان عندهم
ركن للمشروبات دي… كله ازايز خمرة وبتواريخ قديمة وكانت عجبي جااامده فشخ…….”
عقدت حنين حاجبيها وقتها وهي تعقب
بعدم استيعاب….
“فشخ !……….يعني اي….”
وضحت الشابة وهي تسكب في الكؤوس
الفاخرة…..
“يعني جاااحده… جباره وجايبه من الآخر….انتي مفكتيش شفرة اللغه من السبعينات ولا اي…..”
هزت راسها وهي تبتسم لتسمع السيدة نرمين
تصيح باوامر ان يخرجوا للضيوف…..
رفعت حنين عيناها على الشابة والتي تدعى(نيرة)
وهي صبية في التاسعة عشر من عمرها…….
وجدت نيرة تبتسم باتساع يحمل اغواء واضح
لرجل تقدم له العصير ثم بادلها الرجل الإبتسامة بعبث ثم بعدها ابتعدت حينما وجدت زوجته
تقترب منه….
مرت نيرة بجوار حنين وهي تسالها بحيرة…
“وقفه كدا ليه….مش ناويه تقدمي الحاجات اللي
في ايدك دي للي ضيوف……”
اومات حنين براسها وهي تسالها عن امرا ما
وعيناها على الرجل الذي كانت تضحك في
وجهه نيرة….
“ناويه….بس هو لازم الضحكه دي وانا بقدم العصير….”
ردت نيرة وهي تبرم شفتيها المطليه بالحمرة…
“مش شرط…انتي اخرك تبتسمي لان شكلك احلى
لم تبتسمي لكن لو ضحكتي هتكون معجزة…..”
رفعت حنين أحد حاجبيها وقالت مستنكرة…
“وكانك تعرفيني من زمان يعني….”
هزت نيرة كتفيها وهي تقول بثقة…
“مش لازم اعرفك…باين انك نادرا اما تضحكي…
بقولك ايه انا ماشيه نرمين بتشاورلنا عشان نكمل شغل….. ”
ابتعدت عنها فتقدمت حنين بحذر على هذا الحذاء
العالٍ…وتارة تنظر للامام وتارة تحت قدميها خشيةٍ
ان تقع ارضا وتتسبب في الكوارث واحراج
نفسها……..
قدمت العصير لمجموعة من الرجال واقفون على شكل دائرة صغيرة…كان حوالي اربعة يتحدثون
في وضع اسهم الشركات….
كانت تقعد حاجبيها وهي تسمعهم…مفترض ان
يكون عيد ميلاد….. مليء بالاطفال والامهات
التي تلاحق اطفالها بتزمر حرصا على الا يتأذى احدهما…….. اين الامهات انهن متواجدين لكن
بصورة اخرى انهن فعلا يركضون ويحاولون الالحاق
لكن ليس باطفالهما بل بتنافس مع من اكثر ثراء من الاخرى من تانقت وابدعت في طلتها لتكن
نجمة الحفل……….
لكنها شعرت ان هناك من غطت على تلك المنافسة
بالفعل واصبحت نجمة الحفل انها(آية الخولي)التي كانت تتألق بفستان عصري بالون غاية في روعة وتسريحات(ويفي) على شعرها القصير كانت
تنافس لمعة ملامحها بعد ان تم تزينة بيد محترفة…….
هبطت عينا حنين على (علي) الواقف بجوار امه يمسك بذيل فستانها…يبدو انهُ تعلم الوقوف حديثاً…ويسير خطوة ويقع عشرة لكنه يحاول… ويحاول ولا ييأس هكذآ هو الإنسان من اول
خطوه في حياته……
الصبي جميل جداً طفلا غاية في الجمال والروعة…انه يتميز بخضرة عيناه كوالده….وبشرته البيضاء وشعره الاشقر كامه…..انه مزيج بين
الاثنين وكانه يوحد حب يأبى التوحد في قلوب الأحبة……
انتبهت حنين لوجود خالد يقف عن بعد منهما ينظر لاية نظرة تحمل الوعة والاشتياق والحنق أيضاً…
وفهمت حنين سبب تلك النظرة فكانت( اية) تقف بجوار شاب وسيم يبدو انه……..حقاً عرفته كان
يتابع اخيها محمود فلم اكشن له على التلفاز في صباح…..انه( رائف الدسوقي) الممثل الساطع في عالم السينما حديثاً…..
حاولت حنين الخروج من تلك الدائرة المعقدة
وسير مبتعدة للخارج حيثُ حديقة الفيلا
والضيوف بالخارج لم يتقدم لهم حتى الان
شيءٍ……
…………………………………………………………..
ضحكت اية بقوة مفعمة بالانوثة وهي تقف بجوار خالها (فؤاد)ويشاركهما الوقفة رائف الذي انغمس مع آية بالحديث عن بعد الكواليس المضحكة لفيلمه
الجديد……وأيضاً فؤاد انغمس في الحوار للطف وذوق رائف في الحوار……
هتفت آية بحماس عفوي….
“لا انا عايزه القصص دي تطلع ترند من برنامجي اي رايك استضيفك فيه بعد عرض الفليم….ها موافق..”
انكمشت ملامح رائف وهو يخبرها بنبرة صادقة
وعيناه تطوف على ملامحها الجميلة الفاتنة..
“مش لازم تبقى الحكايات دي على الهوا..وتبقى
شوو ليكي ولبرنامجك ياية……ممكن احتفظ بيهم واحكيهم للغالين بس على قلبي…..”
توترت خفقات قلبها من جملته والتي تعني الكثير يجب ان تكون تعودت على تلك الكلمات المنمقة منه القريبة من التملق نحوها………يبدو انه جيد في التمثيل حتى معها……..
ابتسمت آية ابتسامة حزينة لم تعد تثق في اي
رجل…انها قد أحبت من بينهم واحد جعلها تلعن
كل الرجال بعد خيانته لها……
بدت هادئه طبيعية جداً وهي تستمع لهم فقد شعر فؤاد بتشتت ابنة اخته من جملة رائف الملموس معانيها…. فما كان منه الا سلك طريق اخر لحوار مختلف من نوعه……
مالت آية على صغيرها لتحمله بين يداها وتهدهد بها بحنان وهي تقبله…….
سمع الجميع موسيقى غريبة ناعمة تصدح من
حولهما……..
تقدمت جليسة الأطفال من اية بعد ان اشارت اليها أخذت (علي) منها لتسمع اية تقول بأمر…
“وديه برا في الجنينة…في ركن مخصوص للاطفال
خليه معاهم وعينك عليه….اوعي يقع او يجراله حاجة……”
اومات لها السيدة وهي ترحل… سألها فؤاد
بهدوء….
“لي ودتي يأية…..”
ردت وهي تنظر لساحة الرقص التي تجمع بها بعض الثنائيات وقد لبى الحب طلب الاغنية التي تدوي
بنعومة في أرجاء المكان……..
“مانت شايف الدوشة ياخالو…. شويه كده وجيبه عشان نطفي الشمع…..”
رفعت عينيها العسلية في زاويا معينة..وجدته يقف عن بعد يريح ظهره على الحائط وعيناه الخضراء عميقة النظرات ترسل لها جوابات غرامية..وقحة..
تحكي عن مدى رغبته بها وشوقه اليها…تحكي ان جسده لم يعرف السكينة الا بحضنها ولمسها..
و……..
اغمضت عيناها وهي تحاول الهروب من عينيه وتفسيرها……انها تتمزق من لوعة حبه وجراحه
انهُ أذاها بقوة واخبرها بصراحة…انها لا تكفيه
وانه لن يكتفي بامرأه واحده في حياته بل يريد الاكثر والاكثر…….بلعت الغصة المؤلمه في حلقها
وهي تنتبه لرائف الذي عرض عليها بالباقة…..
“تحبي ترقصي يآية…….”كانت ستعتذر منه بحرج لكنها سمعت صوت معذبها يعصف من خلفها
بتملك احمق……تحبه مهم انكرت….
“خليك مكانك يارائف بيه…انا وآية متفقين على الرقصة دي من الأول……….مش كده يام ابني…..”
لاحت سخرية مريرة في حلقها وهي تشعر ان هذا
كل ما يربطه بها (علي)ابنهما……
كانت سترفض بانف مرفوع كالعادة لكنها شعرت
بكفه الكبير يطوق كفها الصغير اللين….سحبها معه برفق لساحة الرقص حيثُ الاضاءة الخافته والموسيقى الناعمة المشعلة بالمشاعر المتأججة…….
عبس وجه رائف وهو يراها تسير معه كالمسحورة
ولم تبدي اية رفض او حتى استجابة بل كانت كالمنومة مغناطيسين في….عشقه….
ابتسم فؤاد بسعادة وهو يشعر ان هناك بصيص أمل
لعودتهما……….
وقفت امامه وهي تنظر لعيناه من الاعلى لفرق الطول بينهما…..مع انها ترتدي الحذاء العالٍ لكنها قصيرة
بنسبة له كطفلة شقية عابثة رائعة الملامح….انثى
بكل ما تحمله الكلمة من معنى…….
احتقن وجهها وهي تنظر لها بتردد ثم قالت
بتلعثم وكانها لم تحضر شيءٍ لتعنفه كالعادة…
“اي اللي انت عملته ده….انت فكرني هرقص معاك فعلاً…..”
مد يده و وضعها على خصرها وقربها منه في لحظة وهو يقول بنبرة مترجيه تشتبك بها الرغبة بالحبيبة المغرية كطبق حلوى شهي محظور عليه…..
“خلينا ننسى كل حاجة النهاردة يأية…. النهاردة بس
يآية عشان خاطري……” أسند جبهته على جبهتها
ولفحها بانفاسه الساخنة الممتزجة بعطره القوي…
هتفت بنبرة واهيه….
“خالد……. ابعد….. سبني لو سمحت…..”
قربها اكثر منه فشعر بجسدها كله يلامس جسده بشوق وكانه يصرخ لوعة منه على هجره له….
“نكمل الرقصه دي وهسيبك يآية….”
اغمضت عينيها وهي تشعر انها تتخدر اكثر
وشوقها العاطفي يزيد جموح بقربه…
“مش عايزه……… خالد… ”
توسل بنبرة خافته وهو يدفن وجهه بجيدها الناعم
“بس انا عايز…. عشان خاطري يآية….. متبعديش..”
امتقع وجهها رغم التأثر بقربه.. وقالت بعتاب ومقت…
“مين بعد الاول عن التاني…. انا ولا انت….خالد سبني مفيش حاجة هترجع بينا زي الاول….”
اخبرها بصوتٍ متوسل هادئ….
“عارف ومش طالب منك غير الرقصة دي… الرقصة دي بس يآية…..”
نظرت اليه بعلامة استفعام…..
“الرقصة دي هتفرق…. هتغير حاجة بينا…..”
لم يرد عليها وظلت يداه تحاصرها في احضانه…..
اغمضت عينيها وتنهدت بعذاب وهي تشعر به يدفن وجهه بجيدها اكثر ويضمها اليه اكثر واكثر وكانه
يخشى الهجر من جديد……
مضت يداها أخيراً مستسلمة لمشاعرها وضعف قلبها….. طوقت يداها عنقه برفق….
وهي تئن بداخلها بشوق متيم بقربه….
(وحشتني ياخالد….. وحشني حضنك اوي… اوي ياحبيبي……)
لا تدري انها كانت تضمه وهي شاردة بحب وهو يستشعر نبضات قلبها فوق صدره…….
وضع قبلة حانية على جيدها ثم رفع وجهه برفق لعينيها ليجدها ضائعة في مشاعرها وقد اخمدت قلبها وجراحها لمجرد دقائق مسروقة من عمرها…. وهذا شجعه ليريح من جديد جبهته على خاصتها ويستنشق انفاسها الساخنة بشوق……..
شعرت انها ستموت من هذا القرب همست بترجي واهٍ بان يتركها لكي تعود لجمودها في بعده…
“خالد…….. كفاية انا…..”
قاطعها وهو يخبرها بهمس أجش….
“لم الرقصة تخلص…. ابعدي زي مانتي عايزه….”
بلعت ريقها بتأثر من انفاسه الساخنة وقربه..
وعيناه الخضراء وآآه منها في عمقها وعبثها الشهواني….
كالمسحورة غرزت اصابعها في شعره الغزير الاسود باشتياق مثلما كانت تفعل في احضانه في الماضي كلما حاول تقبيلها وسحبها للفراش….حدجت به
عنوة عنها بحب ممزوج باللهفة عليه….
“لم تخلص هـ………”
مرر يده على خصرها بحنان وكانه يخبرها بعد تلك الحركة انه يتذكر تلك الأيام ولم ينسى يوماً اي حركة ولمسه منها على جسده….
“لم تخلص ابعدي…. زي مانتي عايزه…”
عاد من جديد ليضمها لصدره وهما يرقصان رقصة
عبارة عن عناق حميمي وهمسات من لوعة الحب….
…………………………………………………………….
تقدمت حنين بخطوات ثابته نحو حديقة الفيلا الكبيرة حيثُ يوجد عدد ضئيل من المدعوين….
اتجهت عند أول رجلان وامرأة ولم تبصر الرجلان جيداً كل ما راته تلك المرأة يافعة الجمال والانوثة
بفستان عاري وشعر ناري……
تنحنحت حنين وهي تقدم الصنية بتهذيب…
“اتفضلوا…..”
ألتفت حسام إليها بينما كان عز الدين منشغل في الحديث مع صاحبة الشعر الناري التي تتدلل عليه بميوعة مما جعل وجه حنين يحتقن بعد ان ابصرتهما وقد تذكرت وقتها عرض الزواج الذي ألقاه عليها
منذ اشهر قليلة…..
غمغمت بضيق وهي ترمقهما خلسة…
“هتتوقعي اي من واحد كان متجوز اربعة….”
سمعت حسام يطلب منها نوع عصير معين وهو يتفحص جسدها من خلال زي الخدم البارز
مفاتنها…..
اومات له حنين وهي تقول بخفوت….
” حاضر هجيبه لحضرتك حالا….. ”
استدارت لتغادر لكن نادتها ميرال بصلف…
“ياريت تجبيلي كاس معاكي…….”
ألتفتت إليها بوجوم كي تهز راسها اليها بتهذيب
لكن عيناها ابصرت عيون النمر الجائع وهو
ينتبه لوجودها أخيراً… يتفحص هيئتها
وما ترتديه وهذا أحد اسباب توحش نظراته وهو يتقدم منها بغضب امام دهشة ميرال وحسام…
سالها عز الدين وهو يقف امامها بهالة عملاقة مخيفة….
“بتعملي اي هنا……….مروحتيش ليه لحد دلوقتي…….وبعدين اي اللي انتي لبساه ده….”
افصحت عن الامر ببساطه حتى يفيق لي الفرق الشاسع بينهما…
“دا لبس خدم…. وبعدين انا بخدم على الضيوف في ساعتين دول……..وهاخد مبلغ كويس من آية هانم…”
مسح على وجهه بنفاذ صبر هل رآها الجميع بهذا الشكل المغري…..انها كانت تخفي جسدها الانثوي
المهلك خلف الملابس المحتشمة الباهته… تلك
التنورة اللعينة تفصل الجزء السفلي اللين وتكشف عن ساقيها البيضاء الطويلة الرشيقه بها…… اما القميص الوردي الشاحب انه يبرز مفاتنها الرقيقة بنعومة وحياء يتعب الأعصاب…
شعرها لم يراه حُر متألق كاليوم كان راضخ خلف ظهرها….بني داكن طويل وناعم……وجهها ينبض بالحياة بعض ان اضافة له بعض الألوان متخليه
عن شحوبها الحزين أليوم فقط اليوم……ليراها
هو ويجزم بداخله ان رغبته بها زادت واتسعت واصبحت متوحشة بداخله بلا هوادة تفترسه…
بينما غضبه وتلك الغيرة تنهش قلبه من رؤيتها
هكذا امام العيون……
زفر بعصبية وهو يمسك ذراعها ويسحبها خلفه
قائلاً بنبرة مرعبة…
“تعالي معايا ….”
حاولت الحاق بخطواته وهي تتأوه بتعب من
قدميها…..
“آآه رجلي براحه ياعز……. آآه رجلي ياعز حرام عليك…..”
لم يهتم بتأوه الصادر من بين شفتيها المطليه التي اتضحت أكثر بعد ان تزينة امام عيناه…..
لاول مره يستشعر نحوها بشعور راغب بها كاي رجل يرغب بامرأه…. ربما البداية كان اعجاب بشفافيتها
الغير مصطنعه والجديدة عليه كلياًّ وكذلك هشاشة شخصيتها الرطبه…….
أنتفض قلبه وهي تناديه بئن….
“عز رجلي…….”
وقف امام باب مكتبه وفتحه لها وهو يقول بنبرة خشنة حادة ……
“ادخلي…..خليني اشوف اي القرف اللي انتي لبساه ده…..”
كبحت وجع قدميها وهي تقف امامه بتمرد صائحه بتشنج…..
“وانت مالك ومال القرف اللي ان لبساه…. مين انت أصلا…. وبعدين ما كل اللي بيخدمه عليك انت وضيوفك لبسين كده جت عليا…..”
سحبها بقوة لتقع على صدره لتسمعه يزمجر بجنون…..
“انا مليش دعوه بحد…. انا ليا فيكي انتي….”
نظرت لعيناه العسلية وتوهج انفاسه الغاضبة العالية
همست بضياع امام عيناه المهلكه لحواس اية امرأة تقف بقربه مثلها…..
“انت عايز اي مني بظبط…”
كرر عرضه من جديد وهو يتعمق بملامحها الجميلة الحزينة وعينيها الواسعتين على شكل
لوزتين حلوتين شهيتين……
“عايز اتجوزك……ورسمي…. قدام الناس كلها… ”
“لحد امتى…..”بلعت غصة حلقها بصعوبة امام عيناه وهي تنتظر اجابته….اخبرها امام وجهها القريب منه
مجيب بنبرة مبهمة…..
“لحد ما زهق…..”
لوت حنين شفتيها الامعة امام عيناه المتاججة
بتأثر مع كل حركة تقوم بها وهي بتلك
الهيئة المغريه…..
“يعني زيي……… زي الأربعة اللي قبلي…..”
هتف بمعجزة بين تخبط مشاعره من قربها…..
“بظبط………ياحنين…..”
تشرست نظراتها وهي تساله ببرود….
“اسميها صراحه……….. ولا وقحه….”
امام لوزتي عينيها الناضجة قال بالقرب منها بمنتهى الجدية وكانه حسم الأمر ….
“صراحه….احنا الاتنين وعيين ونقدر نختار حياتنا بايدينا….انا عايز اتجوزك في الحلال ولو قدرنا نتفق ونرتاح مع بعض هنكمل………..ولو مقدرناش
هننفصل زي اي اتنين متجوزين…….الفرق بينا
وبينهم هو ان الطلاق بينا مشروط اذا مرتحناش
مع بعض…….من غير عِناد او لوي دراع مش عيزاني هطلقك…..وانا كذلك لو زهقت من جوزنا هنتكلم وننفصل بمنتهى التحضر زي ما عملت في جوازتي الاربعة………قولتي اي… ”
بلعت ريقها وترترت حدقتيها وهي تبتعد عنه اولته ظهرها وهي تقول بارتباك…..
“اكيد مش هرد عليك دلوقتي… اديني فرصة افكر…..”
نظر لظهرها و راسها المنحني بحزن وشرود….ثم
تنهد وهو يبعد عيناه بقوة عن تلك التنورة اللعينة….
“فكري براحتك….وعلى ما تفكري هكون ببعتلك كل طلباتك انتي واخواتك ومصروف كل اسبوع تصرفي منه مش عايزك تشتغلي وتطلعي من البيت تاني…”
فور إنتهاء كلامه الغير متوقع وجدها تستدير إليه تحدج به بدهشة…..
“انت بتقول ايه انا لسه موفقتش….”
“وكمان مرفضتيش……”رد ببساطة وهو يتجه لمكتبه ليسحب محرام قطني ويتجه نحوها من جديد….
“ارفعي وشك ياحنين…..”
توترت حدقتيها وهي لا تفهم ما الذي ينوي
فعله….. سالته بارتياع….
“انت بتعمل اي ياعز……..”
تأثرت ملامحه وخفق قلبه امام تساءل عينيها وهمسها باسمه مجرداً….اكان اسمه حلو هكذا
من بين شفاه زوجاته الأربعة…اكان يتأثر كما يتأثر
الان من مجرد همس منها…….
كان يتأثر في اللحظات الحميمية كاي رجل خلق بالفطرة ليتأثر بجسد امرأه قريبه منه….حلالاً له..
لكن حنين بها شيءٍ يلمسه بالاعماق…. نعم حركت رغباته الان بتلك الملابس المغرية…… لكن هناك
شيء أقوى بها أحيا أعمق فؤاده……جعله يلتوي
لوعة حينما رفضته وعنادت معه…..
قال أخيراً بصوتٍ خارج من أعمق مظلمه….
“امسحي وشك من المكياج ده… ولا ناويه تروحي كده….. ”
“انا كده كدا هدخل اغير وغسل وشي…..”ضاع اعتراضها هباءا وهي تراه يمرر المحرام الناعم
على وجهها وفوق جفنيها برفق وكذلك وصل المحرام لشفتيها الامعة مسح لمعة الحمرة الوردية
وهو يحدج بعينيها…….همست حنين أخيراً بعد ان وجدت صوتها وقد أمسكت بيده بخجل….
“عز…………سبني انا همسح وشي…..”
رمق عيناها البنية المتوسلة إليه بالابتعاد عنها…الان على الأقل……..هز راسه وهو يكتفي بتلك النظرة تركها لتمسح وجهها بيدها….بالفعل مسحت وجهها وهي تحاول ابعاد عيناها عن عينيه العسلية المتربصة لها……
كان عز الذين يرمقها من أول راسها حتى اخمص قدميها المتكورة في حذاء بكعب عالٍ…انتبه
لاحمرار كاحليها في الحذاء والتورم الذي اصابهم كذلك……..
تقدم منها عز الدين بقلق….
“حنين……مالها رجلك…..”
الان انتبهت للوجع الذي يداهم قدميها من وقت ان سحبها بقوة من الحديقة حتى غرفة المكتب…بل ووقوفها امامه بالحذاء زاد الوجع أحمرارٍ و ورم…
رفعت عينيها عليه فوجدته امامها يسير بها برفق لاقرب أريكة متواجدة.. وجعلها تمدد ساقيها عليها وهي جالسه لكي يفحصها لها……
توردت وجنتيها من هذا الموقف التي لا تحسد عليه…… سمعته يسألها باهتمام وهو يتفحص
كاحلها بعيناه…
“انتي اول مرة تلبسي كعب عالي…..”
اومات براسها لتسمع بعدها زفرة ضيق وهو يمد
يده ليمسك كاحلها المتورم برفق… خرج انين الوجع من بين شفتيها مما جعله يبعد يده وهو يزفر بحنق من جديد….
“استني هجبلك حاجة تخفف الورم ده….”
اومات براسها بصمت وقد بدأت عيناها تترقرق بدموع فبعد ان ازالت الحذاء وارحت قدميها
شعرت بالوجع اكثر من السابق……
بالفعل خرج عز الدين وعاد بعد دقيقتين.. وقد أحضر لها دهان معالج تورم كاحليها… وبيده الآخرى كان يحمل عصير ليمون كي يضخ الدم قليلاً بوجهها الشاحب بطريقة مقلقة تزيد قلقه عليها….
“خدي دا ياحنين اشربيه……” اخذت منه الكوب بحرج وارتشفت منه القليل….. لتشعر بسائل
هلامي ابيض يُضع على كاحليها ويدين
كبيرتين بارزتي العروق بشكلا جذاب…. تمر
فوق كاحليها برفق حاني وبطء شديد……
“عز…… انت بتعمل إيه…. سيبني انا هعمله لنفسي..”
اوقفها بنبرة ثابته اثارت مشاعرها لاول مرة معه…..
“مفيهاش حاجة ياحنين انا مش غريب عنك قريب اوي هبقى جوزك….. وانتي هتبقي مراتي…..”
انه لا يذكرها فقط بل انه يذكر نفسه كذلك بان تلك المرأة الممدده امامه والتي يدلك كاحليها الان بمنتهى الرضا ستكون زوجته….حنين ستكون زوجته
اي سحر خوضتي إليه ياحنين لتجعليني اقدم على الترجي منكِ عدة مرات كي تقبلي بي زوجا لكِ…..اي سحر وقع علي جعلني أجلس تحت قدميكِ ادلكها لكِ بحنان حتى لا تزيد الامك……..اي سحر هذا الذي يجعلني اشتهي قربك وحولي الكثيرات ممن يتمنون نظرةً واحدةً مني……..اي سحر……وما سر التعويذة
التي جعلت عز الدين الخولي يخضع لكِ وينساق
خلفك مغمض العينين……..ما سر التعويذة ياحنيني
ما سرها…….
فُتح الباب فجأه وقطع تفكيره وتشتته بقربها
وجد ميرال امامه بملامح غاضبة وحينما ابصرته يجلس تحت قدمي الخادمه التي ابصرته يسحبها امامهما ويبتعد…حتى امتعضت ملامحها وهي تقول باهانة لاذعة……..ونظراتها تحمل الحقد نحو حنين التي جعلت رجل كعز الدين يكن تحت قدميها بسهولة…
“أوه…..Sorry ياعز مكنتش اعرف انك قعد لوحدك مع الخدامه…….”
نهض عز الدين ونادها من تحت اسنانه بتحذير…
“ميرال…..”
تابعت ميرال بوقاحة وهي ترمق حنين بغيرة وغل ….
“ويترى متفق معاكي على كام ساعة……اصل انا عارفه عز في الحاجات دي بيحب ياخد راحته
اوي……”
توردت وجنتي حنين بحرج وغضب كذلك وهي
تستشعر ان تلك المرأة تعرف عنه أشياء حساسه
ربما لا تكتشفها إلا الزوجه….. اكانت احد زوجاته؟……
شعرت انها على وشك الاغماء من شدة الضغط ونظرات تلك المرأه المهينة وكلماتها اللعينة تثبت
في روحها…. من خادمة…… الى عاهرها..كذلك تعني كلماتها لا محال…..
تقدم منها عز الدين ومسك ذراعها وهو يمنعها من التفوه بالمزيد..
“اخرسي ياميرال قولتلك اخرسي….”صاحت
ميرال كالمجنونة بغيرة عليه…….
“ويترى ادتها عرقها ولا ادهولها انا…..”
لم تسمع حنين إلا صفعه قوية تهوى على وجنتي
ميرال التي انحنت وهي تصرخ من شدة الألم..
لتجد عز الدين يهدر بغضب……
“اللي بتكلمي عنها دي هتبقى مراتي…..مرات عز
الدين الخولي……..سمعاني ولا اطرشتي…..”
رفعت ميرال عينيها الحمراء المحتقنة من كثرة الغل وهي تنظر اليه ثم لحنين خلفه و التي كانت ممدده مكانها.. وكانها تحنطت كتمثال شمع وهي تتابع كل
ما يحدث حولها بغير استيعاب……..
همست ميرال وسط ذهولها ونظراتها الحاقدة نحوهما…….
“مراتك…………..دي هتبقى مراتك…..”
……………………………………………………………
بعد عدة أيام……كان يقف إبراهيم خلف احد
الجدران يتابع سيارات (ماهر المحمدي)التي صفت
امام ملهى ليلي…..
رمقه ابراهيم بتوعد وهو يراقبه يقف امام هذا الملهى بشموخ.. وفخامة بذلته وسجارته الكبيرة البنية بين شفتيه بغطرسة وهو يشير لطاقم
الحراسة الخاص به…..
“روحه انتوا…..مش عايز حد معايا النهاردة….”
اعترض رئيس الحرس بخفوت…
“بس ياماهر بيه لازم نستنا هنا عـ…..”
اوقفه ماهر باشارة من يده وهو يقول بملل..
“مش عايز دوشه كتير روحوا……وخلي السواق يستنا….. ”
اوما له رئيس الحرس بتهذيب وهو يبتعد لياخذ طاقم الحماية الخاص بماهر معه ويرحلوا……
ابتسم ابراهيم بشراشة وهو يلمح ماهر يدخل
الملهى بعدها بمفردة…..تمتم بتوعد شرس…..
“أخيرا مشيت الكلاب بتوعك…….النهارده يومك
يابن الـ*****…….ومش هرحمك…….متخلقش
لسه اللي يفكر ياخدها مني….. “..
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)