روايات

رواية غرورها جن جنوني الفصل السادس 6 بقلم ابتسام محمود

رواية غرورها جن جنوني الفصل السادس 6 بقلم ابتسام محمود

رواية غرورها جن جنوني البارت السادس

رواية غرورها جن جنوني الجزء السادس

رواية غرورها جن جنوني
رواية غرورها جن جنوني

رواية غرورها جن جنوني الحلقة السادسة

عندما كان يروي “مهيمن” لـ”وجود” ما حدث كانت “توتا” تسترجع الواقعة كشريط السينما أمام عينيها، وتصطك أسنانها بغيظ، أردف “مهيمن”:
– ومن ساعتها مش مبطلة تتوعد ليه.
تنحنح “وجود” فكان شكلها يكفي عن أي حديث، فبذكاء غيَّر مجرى الحديث الساخن كلهيب الشمس الساطعة في يوم حارق:
– أنتوا جيتوا ليه هنا؟ زينة…
عندما تذكر “زينة” حدق بالغرفة يبحث عنها وجدها تقف بخجل بعيدًا، فنادى عليها:
– ادخلي يا زينة، هو أنتي غريبة عن توتا.
حركة “نايا” رأسها للخلف عندما رأتها، ثم نهضت تصافحها بحب:
– معلش يا زينة، بسبب اللي حصل ما أخدتش بالي منك.
ردت بنبرة منخفضة تكاد تكون همسًا:
– ولا يهمك يا أنط.
بسط “مهيمن” يده صافحها واطمأن عليها، تطلعته بابتسامة وهي ترفع يدها حتى تسلم عليه، ثم نقلت بصرها “لتوتا” النائمة وتضرب فراشها غيظًا تسأل على صحتها، فأجبتها “توتا” بضيق:
– عاملة مشلولة والحمد لله.
رد “وجود” سريعًا وهو يحاوط جسدها:
– بعد الشر، إن شاء الله اللي يكرهك.
أردفت “توتا” بفرحة وغيظ بآنٍ واحد:
– يا رب اسمع منه، إلهي أشوفه كده ماشي متكسح، لا يزحف على الأرض شبه التعبان.
حدقتها “نايا” بزعر وخوف على من تقصده:
– بعد الشر عليه، وغير كده هو بيحبك مش بيكرهك.
– كده وبيحبني، أمال لو فيه بيني وبينه تار كان علقني على باب المستشفى.
قالتها وهي تحرك فاها يمينًا ويسارًا، ثم زفر “مهيمن” أنفاسه المتحجرة داخله بقوة حتى لا يتحدث ويغضبها بسبب كلامها المسيء لابن صديقه الغالي، ثم أخبر “زينة”:
– عندها تمزق في الأربطة.
فأردفت “زينة” بهدوء:
– الحمد لله إنها جت بسيطة.
– دا لو كان كسر كان هيبقى أرحم عليا من إنى أدخل مكان فيه الدكتور المبجل، وكمان عايز يتجوزني، بعد الشر عليا.
أخبرتهم ما تتمناه بملامح يعتليها الغضب، فترد عليها “زينة” بتساؤل وذهول وبنبرة خجولة:
– هو الجواز شر؟
أجابتها بشراسة وهي تقضم شفتها السفلى:
– طبعًا مش شر.
كان “مهيمن” يمسح وجهه بعصبية بالغة حتى يسيطر على أعصابه، لكنه فشل، فشل كليًّا وقال بتحذير:
– وبعدين معاكي يا توتا.
رفعت يدها باستسلام معتذرة منه، فهي تعلم موجة ثوران أبيها جيدًا، قائلة بتصليح ما قالته سابقًا:
– يلا مبروك عليكي يا زينة حضرة الجزار حازم.
ازدردت “زينة” ريقها بصعوبة وهي ترفع يدها ترجع بعض خصلات شعرها من على وجهها، تقول بعد أن أخذت وقتًا كيف تجيب على من تريد أن تزوجها من شخص لم يخطر على بالها حتى في أحلامها، فمن تعشقه يجلس أمام عينيها، وأجابتها بحرج:
– يا رب ألاقي حد يحبني كده وأنا مش هسيبه.
دوت ضحكة ساخرة على ثغر “توتا” الذي طلته باللون الكريزي من الغيظ:
– يالهوي، حد يقوله يجيب صبارة ويدفن نفسه، محدش طايقه خالص، البت بتخلع منه بس بشياكة.
وهي تقول جملتها لمحت نظرات نارية في عيون أبيها، فتكمل بعد أن رمشت بخوف:
– احنا قاعدين ليه؟ مش بسلامته قال ممكن امشي.
أومأ “مهيمن” رأسه وهو يضم قبضتيه غضبًا، فتنهض من على الفراش مسرعة وهي تطأطئ رأسها، تكاد أن ترى كوبرا تتسحب حتى تلتف على رقبتها لتخنقها، أسندها أخوها وذهبوا جميعهم في جو كالأسلاك الشائكة؛ من يقترب منها تكهربه.
★★★★★★
كان “مسقبل” يرد على أصحابه باقتضاب، حتى وقف شاب أمامه يشعل رماد غضبه عن قصد، وقف بكل ما أوتي به من قوة وضربه بالرأس، جعله يستلقي أرضًا، وذهب جلس بعيدًا وحده، اقتربت منه فتاة:
– ما كنتش أتخيل إنك كده، فكرتي عنك بصراحة اتغيرت.
أخبرها باستهزاء وهو يمسك كأس الخمر بيده اليسرى:
– وأنا مش مسؤول عن الفكرة اللي أخدتيها عني، ركزي في فكرتك الشخصية اللي منشورة في كل مكان، وعلى كل لسان…
ثم نهض وتركها وهو يبتسم بسخرية، متوجهًا إلى منزله.
★★★★★★
تدخل “أمل” التي تحضن زوجها إلى الفيلا في سعادة بعدما قضت عشاء ماتعًا مع زوجها كما تتمنى، يلمحان “كارما” تبكي بقهر، فتوجها إليها وعلى وجهيهما التساؤل والاستغراب:
– كاري مالك؟!
– أنا خلاص هتشل.
– ليه بس بتقولي كده؟
قالتها “أمل” بلهفة وقلق، فيقول “سليم” بمكر:
– إن شاء الله اللي زعل كاري القمر…
– بعد الشر عليه.
قالتها سريعًا بنبرة بها صدق من أعماق قلبها، حرك رأسه يسارًا وهو يحركها بتفهم الأمر، فقال:
– أمممم، هي فيها بعد الشر.. يبقى اطلع انام أحسن.
رفعت رأسها بعيون اغرورقت بالدموع، وتقول بعد أن بللت شفتيها:
– أبيه.. كده هتطلع من غير ما تعرف اللي مزعلني؟
ثم أخذت تستنشق الهواء بصعوبة وتكمل حديثها:
– أهون عليك تسيبني مقهورة.
نظر للأعلى بحيرة، وقال وهو يرفع جانب شفته العلوية:
– إذا كان قبل أي كلام قولتي بعد الشر فهقول إيه بقى، كاري يا حياتي الكلام في أي حوار يخص مستقبل أنا منسحب منه؛ لأني تعبت من كتر الكلام في نفس الموضوع اللي مش بينتهي.
– خلاص يا أبيه أنا غلطانة، وحتى مش هشتكي منه بعد كده، ما دام حضرتك بعتني بطول دراعك.
أخبرته بتعب مضنٍ بعد أن أغمضت جفنها بكسرة وضعف، فلم تجد من يربت عليها ولا حتى يهدِّئها؛ فهي كانت تحتاج إلى من يساعدها على إخماد نارها، وليس من يقول لها إن زواجها محكوم عليه بالفشل، من وجهة نظرهم.
رفع “سليم” رأسه مستغفرًا ربه؛ لأنه يعلم أن أخته تفكيرها مثل من أحبته وارتبطت به؛ تحب الجنان ولا تفضل أن يأمرها أحد بما تفعل، فيقول بقلة صبر:
– أنا هطلع أوضتي؛ لأن مهما أقول كلامي مش هيعجب.
ثم وجه نظره لزوجته وجد دموعها تنهمر، فأردف بعدما حرك يديه على بعضهما، وأخرج طرف لسانه وحركه على شفته السفلية:
– وهسيبلك أمل؛ لأنها دخلت في جو الكأبة وأنا مش طااالب نكد، تصبحوا على خير.
فكانت “أمل” تبكي بحزن صادق، على حال أخت زوجها، فهي لا تستطيع التحكم في دموعها والسيطرة عليها، عندما ترى أحدًا ممن تحبهم يبكي أو بداخل قلبه شيء يزعجه. فترد على سليم وهي تمسح دموعها:
– ماشى يا سولو، أنا نكد! طيب استعد للنكد اللي على حق لما اطلعلك.
لوح لهما بيده في الهواء قائلًا، قبل أن ينصرف من أمامهن:
– هشششششش، كاري بيتيها في حضنك النهاردا، اوعي تسيبيها شكلك فعلًا محتجاها.
جلست كارما على المقعد ترمقه وهو يبتعد بخطواته الجامدة، تحضن نفسها، تعرف وتأكدت أن مهما يحدث بينها وبين خطيبها لن تجد أخاها يقف في ظهرها؛ لأنه حذرها كثيرًا من الارتباط به، فتسأل نفسها سؤالًا بصوت مسموع:
– يا ترى لو عرف إن مليش ضهر هييجي عليا أكتر من كده؟
جلست “أمل” بجوارها تربت عليها:
– ما تقوليش كده، أخوكي لو شافك في مشكلة كبيرة هو أول من هيقف في وش التخين.
– أنتي ما سمعتيهوش يا أمل، أنا والله رجل في الجنة ورجل في النار، أعمل إيه لقلبي ما يقدرش يبعد عنه ثانية، كان نفسي أنيس يكون موجود.
– طيب ممكن تحكيلي حصل إيه؟
كتمت أنفاسها تحاول ترتيب كلامها لكن من أين تبدأ، أخيرًا أخرجت أنفاسها بقوة وفتحت هاتفها على رسالتها التي قلبت الموازين كلها.
بعد أن كانت هي من لها كل الحق في غضبها منه، أصبح هو الآن من له الحق، أخبرتها بصوت مبحوح من كثرة النحيب:
– اقرأي المسدج دي.
صعقت “أمل” مما قرأته، وأردفت بدهشة:
– أنتي اللي كتبتي كده؟
لم تجب عليها وأكتفت بهز رأسها، فتكمل “أمل” بحدة:
– ما أنتي بصراحة غلطانة في بنت عاقلة تقول لحبيبها، بحب غيرك وهتجوزه، وهو أصلًا لاسع لوحده.
تبكي “كارما” بحرقة أكثر من ذي قبل، تلوم نفسها على ما فعلته فكانت تود تهديده فقط، لم تعرف أن كل شيء سينقلب فوق رأسها، وينقلب الأمر من الجاني إلى المجني عليه، أخذتها “أمل” داخل حضنها الحنون، وتحاول أن تهدِّئها بقولها:
– والله كبري دماغك منه وهو يتعدل، بطلي حرق في دمك كل شوية، سيبيه يتفلق.
فما كان من كلامها إلا أنه زاد من اشتعال لهيب قلبها، شعرت برخص نفسها معه، هي تعلم حبه لها لكنها تود خضوعه لها وحدها ولا ينظر لفتاة غيرها حتى لو كان مزاحًا سخيفًا منه، فترد بشهيق غير قادرة على أخذ أنفاسها:
– بحبه يا أمل، مش عارفة أعمل في قلبى إيه؟
شعرت “أمل” بتخبط مشاعرها، فلم تحب أن تزيد من تمزق قلبها، فقالت بهدوء حتى تهدئ من حالها:
– خلاص اهدي كده، وروحي ليه الصبح اتكلمي معاه، وأكيد هو عارف إنك بتثيري غضبه، ومتأكد إنه كلام اتكتب من غير تفكير، وملهوش أي صحة.
– أكلمه!
قالتها بخوف منه، فتكمل حديثها بتوضيح بعد أن فتحت جفن عينيها:
– هكلمه بكرة أفضل؛ لأن لو كلمته دلوقتي ممكن يقسمني نصين أو يولع فيا، وأكيد زمانه راح يسكر مع أصحابه ما هى فرصة بقى، ولو لومت عليه يرمي عليا الوزر.
كان الدور على “أمل” أغمضت عينيها بضيق من هذا الشاب المستهتر متعجبة من حاله، تريد أن تعرف لماذا تحبه بكل سلبياته التي يتحلى بها من غير كسوف؟ تفتح عينها، وتطلق عنان أنفاسها بحنق محاولة التحفظ بسخطها داخلها؛ حتى لا تردف بحديث يحزنها أكثر من ذلك، مخبرة إياها باقتضاب:
– ادعيله، وبكرة إن شاء الله هيتصلح حاله.
نظرت كارما للسماء تترجى الله أن يبدل طبعه للأفضل، فهو وحده قادر على كل شيء، ثم تهتف وهي ترفع يدها للسماء:
– آمين يا رب.
لم تتركها أمل لحظة وظلت بجانبها تواسيها.

تنزل “دانية” من عربة ابنها “أنيس” في ظلمة الليل الدامس، تمسك رأسها بعد يوم طويل في شراء أغراض تجهيز حفل خطبة “أنيس”، تدخل مستندة على يده الحنونة بحب وفرحة، فأردف “أنيس” بإحراج:
– تعبتك معايا يا أمي.
– يا حبيبي تعبك راحة، أنت الغالي وأول ما العين شافت.
قالتها بعد أن وقفت من سيرها أمامه تمسد شعره، تتطلع بعيونه العسلية بسعادتها نفسها؛ التي تكاد أن تكون منغمسة بعسل النحل، وضعت يديها على ذقنه الذي يحددها شعر خفيف، فقبل “أنيس” يدها اليسرى برضا، وقال:
– ربنا ما يحرمني أبدًا من حنانك، اللي ممكن ما كنتش ألاقيه عند أمي الله يرحمها.
قال جملته الأخيرة بحزن واضح وعين لامعة بالدموع، رفعت يدها تمسح عبراته ثم ربتت على وجهه وعلى وجهها حزن:
– الله يكون في عون قلبها اللي عاش ومش شايفك، وأي أم يا حبيبي بتستنى اليوم دا.
دخل “فادي” عليهما وهو مبتسم، يقول:
– والله وعجزتوني يا أنيس.
– دا أنت كلك شباب يا بابا، شكلك بتخزي العين.
– لا وأنت الصادق، شكله بيداري على نصيبه عملها بره.
قالتها “دانية” وهي تقترب من زوجها بعين متفحصة، ضحك بشدة ثم وضع يده على خصرها يجذبها نحوه:
– بتشكي فيا يا عيوني.
– لا أبدًا يا حياتي، بس انجز وهات من الآخر حصل معاك إيه وأنت جاي؟
– لا أنا أسيبكم تصفوا أموركم مع بعض، وأروح أكلم شاهي قبل ما تحضر ليا محكمة وسين وجيم.
أردف “فادي” بتحذير:
– الحق بسرعة؛ لأن تأخير دقيقة كمان هتلاقيها فوق راسنا.
– مشكلتها شغلها في المحاماة باهت على راسها.
قالها “أنيس” وهو يصعد غرفته، فترد “دانية”:
– وليه ما تقولش ناصحة وبتحافظ عليك يا روحي؛ لأن اللي زيك ما يتعوضش؛ راجل چنتل، وسيم، وصاحب شركة وغير دا كله بيحبها، وبيحافظ على كرامتها قدام أي حد.
وقف على الدرج يبلغها:
– حبيبتي يا أمي، ربنا ما يحرمني من مجاملتك ليا، بس شاهي فعلًا بنت جدعة وتتحب.
– ربنا يخليكم لبعض يا روحي.
– اللهم آمين.
★★★★★
بدأت السماء تتجرد من ملابسها القاتمة بردائها الأبيض الزاهي، وبدأت الشمس تبعث أشعتها معلنة عن يوم جديد، بخيوطها الذهبية اللامعة ببهجة. تقف “زينة” في شرفتها تراقب من يرهق قلبها، وعندما لمحته يستيقظ من نومه ويقف في شرفته يستنشق الهواء النقي، عارٍ منتصفه الأعلى، تغمض عينها بخجل وتولي له ظهرها، وبعد ثوانٍ دخل المرحاض ويخرج على خصره فوطة قطنية، وشعره ينقط بعض قطرات الماء على صدره العاري، دلف داخل غرفة ملابسه.. ارتدى ملابس كلاسيك ونزل مسرعًا.
جهزت نفسها حتى تمارس رياضتها المفضلة، التي تجعلها تقابله كل صباح، وحين لم ترَ “كاميليا” التي تسكن بالقرب منهما، تقف تشجع نفسها وتقول:
– شكل كاميليا مش هتروح معاه النهاردا الشغل، لازم استغل الفرصة واعترف بحبي ليه، كفاية كتمان في قلبي.
ثم استمرت في الركض حتى رأته يهرول إلى ركوب سيارته، فتقول بصوت جهوري:
– أبيه أنا بحبك، واوعى تقول عليا طفلة.
شعرت بيد على كتفها، فتحت عينيها اللتين كانتا مغلقتين حتى تتشجع في ترتيل جملتها كي تحفظها وتلقيها بإتقان على أذنه عندما يخرج بالعربة من داخل الفيلا، لكن أفزعها رؤية “كاميليا” أمامها، التي أرسلت لها نظرات كالذئب الذي يود أن ينقض على الكتكوت الضعيف، أردفت بنبرة كفحيح أفعى:
– روحي يا شاطرة العبي بعيد عن هنا، لحسن تقعي على بوزك تتعوري.
أنفاسها أصبحت غير منتظمة، صدرها يعلو ويهبط بسرعة غزالة تهرب من نمر متوحش، وعندما وقف أمامهما “وجود” انسحبت “زينة” مكملة ركضها بعد ما ألقت عليه السلام وحده، ولم تبدِ أي اهتمام لمن أرعبتها.
★★★★★★
لم يغمض لـ”كارما” جفن طوال الليل؛ تود أن تصل إليه، فهو لم يكن يرد على مكالماتها عقابًا لها على ما تفوَّهت به، كانت تنتظره في شرفتها حتى تراه متى يرجع بيته، عندما أتى في الصباح الباكر نزلت مهرولة إلى فيلاته، دخلت من البوابة الحديدية وجدته يجلس على الأرض أمام المسبح يتحدث في هاتفه، مشيت بخطوات خفيفة لم يصدر لها صوت؛ حتى تسمع مع من يتكلم، كان المتحدث يعاتبه:
– ينفع ارجع البيت مش ألاقيك؟
رد عليه باعتذار:
– آسف إني مشيت يا وسام، هتتعوض أكيد.
أتاه صوت المتحدث بحزن:
– كنت عامل حسابي على اصطباحة في الجون.
– يا وسام بصراحة الجو نار عندك وتكييف الأوضة البايظ دا هولع فيه، تبقى تظبط التكييف وهتتعوض مرة تانية، وأسبوع كمان مش ليلة، وهيبقى أسبوع مليطة، بس سد.
– كلمت الصيانة وهيتصلح النهاردا، هستناك بكرة.
– تمام، على بركة الله.
كانت “كارما” واقفة تبرق عينها وتفتح فاها من حديثه الخليع، عندما قفل هاتفه تركض تقفز عليه، لكنه في هذه اللحظة كان يستعد للوقوف، فبعد بجسده حتى ينهض، فوقعت داخل المسبح:
– أكيد كنتي هتعملي ليا حاجة، شوفتي ربك عمل فيكي إيه.
قالها وهو يقهقه، فترد عليه بضيق:
– ما تتكلمش عني يا خمرجي يا بتاع البنات.
رمقها باستغراب وهو يضيق عينيه بتساؤل:
– أنتي هنا من إمتى؟
– من ساعة ما كنت بتقدم فروض الولاء والطاعة لوسام هانم.
قالتها ببرود، لكن بداخلها بركان لا يقدر على إخماده المحيط، ارتسمت على شفتيه ابتسامة، ثم مال برأسه لليمين وهو يتفحص ملامحها الغاضبة بهدوء، ثم تلفظ بوجوم:
– أممم، ويا ترى شوفتي قدمتها صح؟ ولا كان ناقص حاجة!
– كان ناقص طبعًا تبوس رجل الهانم علشان تغفر ليك، شكلك ما ظبطتش الأداء معاها، وإلا ما كانتش عاتبتك كل دا.
كان يقف يسمعها وهو يضع يديه على خصره، ولم يعطِها جوابًا ولا دفاعًا على ما قالته، فأردفت هي بغيظ ودموع بعد أن خرجت من المسبح تقف أمامه مبتلة حجابها رجع للخلف وخرجت خصلة من شعرها تقطر نقط الماء على وجهها الخمري:
ما بتردش عليا ليه؟ للدرجة دي شفافة قدامك.
صمتت عدة ثوانٍ وأكملت بدموع:
– ولا مشاعري وتعب أعصابي، مش ليهم أي قيمة عندك.
– روحي غيري وبعدين نتكلم.
– ما تغيرش الموضوع، رد عليا.
قالتها بعصبية، فرفع يده يسحب نظارته الشمسية من على عينه فتظهر مقلتاه الناعستان، يمسحهما بأطراف أنامله حتى يفوق ويقدر على فتحها، ثم لوى فمه استهزاء قائلًا:
– يا سبحان الله، تعصبيني وترجعي تزعلي.
– أعصبك؟ طب تمام أنا هعتبر نفسي طرشة وسمعت غلط، قول أنت كنت بتكلم مين.
أجابها بشجاعة واهية:
– كنت بكلم وسام؛ زي ما قولتي.
تمسح وجهها ثم ترد ببرود:
– آها وسام، مش تقول من بدري.
أجابها بتهكم، وهو يعقد ذراعه أعلى صدره:
– شوفتي مش حد غريب.
ترفع يدها بغل تمسكه من تلابيب قميصه وتقول بوجوم:
– وتطلع مين وسام دي كمان؟
يرفع يده بكل هدوء ينزل يديها، ويجيبها بلامبالاة:
– لا كله إلا وسام، دي خط أحمر.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غرورها جن جنوني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى