رواية غرورها جن جنوني الفصل الخامس 5 بقلم ابتسام محمود
رواية غرورها جن جنوني البارت الخامس
رواية غرورها جن جنوني الجزء الخامس
رواية غرورها جن جنوني الحلقة الخامسة
يدلف “مستقبل” غرفة “توتا” بالمشفى بعد أن قام بإيصال “كارما” منزلها، علم ما حدث لأخته فتوجه على الفور، فيقول بقلق:
– توتا حبيبتي ألف سلامة عليكي طمنيني.
ردت بتعب مضنٍ وهي مسندة رأسها للوراء من أثر البنج:
الحمد لله يا وجود.
– أنتى فقدتي الذاكرة؟
– لا، ليه؟
– ركزي كده معايا الله يرضى عليكي ونقول واحدة واحدة تاني من الأول، أنا أبقى مين.
رمقته بغيظ:
– بالله عليك حتى لو فقدت الذاكرة، ما لقيوش غيرك ترجعلي الذاكرة يا متخلف، أنت مستقبل إيه ما أنتوا شبه بعض فمش هتفرق أقول اسمك أو اسمه.
يقاطعها بوجوم:
– لا اسكيوزمي أنا وهو نختلف اختلاف البحر والنهر.
يطرق “حازم” باب الغرفة ويدخل يطمئن على قدمها، كانت ترسل له نظرات توعد، لم يعطها أي اهتمام فكان يمسك بدفتر يكتب به بعض الملحوظات، فتقول بغيظ:
– أنت بتبصلي وتبص للورقة اللي في إيدك ليه؟
رد عليها بنبرة جديدة بها برود:
– أكيد مش برسم جمالك.
مسكت السرير بقوة تخرج به كل شحنات غضبها حتى لا تقفد أعصابها، لكنها لم تتحمل أوشكت على الانفجار:
– جمالي صعب عليك أنك تعرف توصفه أو حتى تحدده.
– أوووووه قصفت جبهتك.
قالها “مستقبل” الذي كان يصفق، ابتسم “حازم” وقلبه يعتصر ألمًا ويخبرها:
– ثقتك في نفسك هتخليكي في يوم تقعي على وشك في الوحل، وساعتها هتشوفي جمالك اللي معكوس في الطينة.
قال جملته وانسحب مسرعًا حتى لا ينقلب المكان لحرب عالمية جديدة.
صرخت بضيق وهي تضرب الفراش التي تتمدد عليه، ثم تأوهت ألمًا من قدمها فتقول لأخيها الذي يضحك بشدة:
– اللى قهرني غبائي؛ يسألنى أربعة ولا معاهم اتنين زيادة بنج، وأنا زي الهبلة أقول أربعة، لا وبعدها يدخلني يديني بنج نصفي ويعملي عملية.
ابتسم وهو ينظر لهاتفه بعد ما سمع صوت رسالة، لم يرفع عينه من الشاشة محاولًا أن يستوعب ما كُتب بها، ويحدثها في الوقت نفسه بدون وعي، فكل تركيزه ينصب في كلمات الرسالة:
– وأنتي كنتي عايزة تاخدي ستة ليه؟
– مستقبل قوم امشي أنت وفونك دا بدل ما ارميكم من البلكونة.
أغلق المحمول بدون أن يكمل الرسالة لآخرها، فكل ما قرأه هراء فتاة تحاول إثارة غضبه، فيرد عليها بتركيز:
– معلش ما كنتش واخد بالي، وقدر يضحك عليكي.
شفت بدل ما أكون ناصحة وأقوله لا شكتين البنج على الجلد أسهل وبعد كده مش هحس بحاجة أقوله خيط على طول، شفت غباء زي كده.. بيسيطر وقت اللزوم؟
– شوفت يا أختي شوفت.
– فين؟!
– لا حول ولا قوة إلا بالله، أقولك فقدتي الذاكرة تقولي لا، هكون شوفت فين؟ ما أنتي أهو قدامي ولسه قايلة بشفايفك.
– فعلًا كده كتير، امشي غور من وشي بدل ما تهديني.
قالتها بعصبية وهي تبحث عن أي شيء تقذفه به، لكنه نهض يركض باتجاه الباب وهو يفتحه اصطدم بأبيه، الذي كان قادمًا لهما.
– هو أنت يا ابني مش ناوي تعقل؟
– واعقل ليه؟ أنا كده مرتاح ومبسوط، سلام أنا بقى علشان أوفر عليكم وصلة الموعظة.
دخل “مهيمن” ولم يغلق الباب:
– ربنا يهديك يا مستقبل زي ما هدى أمك.
– حد بيجيب في سيرتي.
كان صوت معشوقته المميز التي تأتي من خلفه.
فرد عليها بابتسامة جانبية:
– كنت لسه بشكر فيكي، عملتلها أكل.
– يا روحي أنا عارفة اللي في قلبك مهما اسمع بودني.
– أحبك وأنتي واثقة في نفسك.
– تؤ تؤ، مش ثقة في نفسي، دي ثقتي في اللي جوه قلبك ليا.
– يا سيدي على عصافير الكنارية اللي مش مقدرين إن في قلب خالي عنده حرمان عاطفي.
قالتها “توتا” وهي تميل رأسها لليمين بعد أن كانت تتفحصهم بحب، فردت عليها والدتها بحنان:
– بكره قلبك يرفرف أول ما تشوفي اللي قلبك هيدق ليه، ساعتها اعرفي إنك طبيتي في مصيدة الحب.
– يا رب يوعدني يا ماما؛ مع إن شكلي كده والله أعلم هعنس جنبكم.
ضحكت “نايا” وقالت بمكر:
– أنتي بس ادي لقلبك السراح واطلقيه يتصرف زي ما هو عايز، صدقيني مش هيكمل ساعة ويرجعلك مليان بعد ما كان خالي وحيد.
– وأنت يا كوتش ما عندكش نصيحة لقلبي الغلبان، ما أنت برضو حبيب قديم.
أغمض عينيه بعد ما نظر لمعشوقته يكاد أن يخطفها لداخل أعماقه، وقال وهو يأخذ نفسًا عميقًا يملأ رئته بأفضل رائحة له:
– أنا مش بعرف أقول، بس اللي متأكد منه هتحسي بمشاعر متلخبطة جواكي أو بمعنى أصح حرب أهلية؛ لأن اللي زيك صعب يصرح بحبه غير بعد معركة داخلية بين قلبك وعقلك.
– كده اطمنت على حالي إني مش هوصل لليڤل اللي أنتوا فيه.
– ليه بقى؟
– لأن أنتوا تخطيتوا ليڤل الوحش بمراحل، وأنا ما اقدرش حتى أعدي أول مرحلة.
تحتضنها “نايا” بحنان:
– هتعدي بس ادي لنفسك فرصة وبلاش عند.
– دعواتكم معايا أنتم بس.
– ربنا يسعد قلبك الصغنن ويكبر مع كل دقة حب.
قالها “مهيمن” وهو يأكلها بيده.
– آمين يا رب.
ثم ألقى على أذنها كلام بحذر؛ جعلها تهتف بعصبية كالتي لدغتها أفعى.
★★★★★★
عندما أوصل “وجود” خطيبته منزلها، بعد أن تناولا العشاء بإحدى المطاعم، ذهب إلى منزله حتى ينال قسطًا من الراحة، فقبل أن يدخل بالعربة فيلاته يسمع صوت “زينة” الرقيق:
– أبيه وجود.
قالتها وقلبها يتسابق في دقاته؛ حين شعر باقترابه نحوها، كم تمنت أن تنطق حروف اسمه بدون أي ألقاب أو حواجز تمنعها عنه! تريد عندما تراه أن تنغمس بداخل أحضانه وتغمض عينيها، لكنها لم تتجرأ على فعل أي شيء. حتى الحديث تتفوه بصعوبة؛ تهرب منها الكلمات، وتغرق في بحر عيونه حين تنظر لها، فيحدث اضطراب وتوتر شديد بأعصابها، يجعلها صامتة، هائمة به. أما هو، يترجل من سيارته متوجهًا إليها بهدوء يسألها:
– واقفة كده ليه يا زينة، في حاجة؟
ازدردت ريقها بعد أن تحمحمت، محاولة أن تجبر لسانها على الحديث:
– أحم.. أصل.. أنكل ونون في المستشف…
قاطعها بقلق:
– مستشفى ليه، حد فيهم حصله حاجة؟
تعبث بأصابعها بتوتر وهي تجيبه:
– توتا وقعت على رجلها.
ضرب رأسه، ظنّ أنها أصيبت في ماتش:
– نفسي تبطل أم التمرينات العنيفة دي، خلاص شكرًا يا زينة أنا هروحلها.
تراقص قلبها فرحًا على أنغام حروف اسمها، فأغمضت زُرقتها وابتسمت كالبلهاء، ثم بعد أن فتحتها وجدته سيذهب، هرولت إليه قائلة:
– أبيه ممكن اروح معاك اطمن عليها.
– اتفضلي.
رد عليها بلامبالاة وهو يحرك المفتاح داخل العربة حتى تسير، جلست على المقعد وبداخلها سعادة لم توصف؛ أصبحت مثل طفلة صغيرة تلمع عيناها من كثرة فرحتها بلعبتها الجديدة، ووجهها يظهر عليه الحب والاشتياق.
★★★★★★
بعد أن نزل “مستقبل” دلف سيارته بوجه غاضب، يكمل باقي الرسالة التي جعلته مثل المجنون. حاول الاتصال بها كثيرًا لكن بدون فائدة، حرك العربة بسرعة جنونية وظل شاردًا فيما قرأه، وأصبح عقله كالطيور المهاجرة التي تسافر مسافات بعيدة ولم تتوقف أبدًا، حتى وصل أمام فيلاتها، فتح له الأمن الباب الحديدي ودخل على الفور، عندما شاهدته يمشي كالثور الهائج في الممر، الذي يوصل للباب الرئيس للمنزل، نزلت مهرولة من حجرتها بخوف وقالت عندما فتحت له الباب:
– مستقبل محدش هنا ممكن نتكلم بعدين.
– رد عليها بصوت مزمجر:
– لا ما أنتي ما ترميش كلام وتسيبيني زي المجنون، وما ترديش عليا حتى على الموب.
ابتلعت ريقها بارتباك، ثم أبلغته بتلعثم:
– طيب لو سمحت امشى دلوقتي؛ لأن بابا لو جيه وشافك هنا من غير سليم أو أنيس ما يكونوا موجودين هيعمل مشكلة.
أغمض عينيه التي اعتراهما الغضب، ثم أردف:
– تمام أنا همشي بس أقسم بآيات الله لو طلعت من هنا وما ردتيش على أم الموب هرجع اكسره على راسك.
ردت بعصبية بعد أن أخذت خطوة للوراء تحميها منه:
– مستقبل مش بحب الأسلوب دا، وأنا قلت ليك ألف مرة قبل كده.
عض على شفتيه غيظًا ليسيطر على لسانه، وأبلغها بتحذير:
– ما تعنديش قصادي علشان ما اندمكيش.
أجابته بلامبالاة:
– ما تنرفزنيش أنت علشان ما ازعلكش.
قالتها بشجاعة لا تعرف من أين أتت بها، جعلته يضم قبضته غضبًا محاولًا الاحتفاظ بعقله حتى لا يتهور عليها، وظل يستنشق الهواء بوحشية:
– تزعلي مين؟ يلا سمعيني تاني.
نظرت له بهلع وهي تخبره:
– يووووه، امشي يا مستقبل.
حدقها بوجوم، ورفع يده محذرها أن تجيب على هاتفها، ثم صعد سيارته وانصرف، ووقف بالقرب من فيلاتها متصلًا بها، حين سمعت رنين محمولها، تمنت أن تحطمه إربًا أو لا يوجد من الأساس اختراع هذا الجهاز، فردت بامتعاض:
– أمم.
– لا وحياة مامي كلميني عدل أصل بخاف.
فردت بعصبية وضيق:
– عايز إيه يا مستقبل مني بقى؟
لم ينجح في تمالك أعصابه هذا المرة ورد باندفاعية:
– أنا اللي عايز إيه يا بت عيلة زهير! ترمي كلامك زي الدبش ولا كأني واحدة صاحبتك بتاخدي رأيها، ولا كنتي متوقعة جنابك هستنى كمان تجيبيلي دعوة فرحك لحد البيت. اتعدلي يا بت الناس؛ لأن أنتي لحد دلوقتي ما شوفتيش وشي الغبي اللي المثل بيقولك عليه اتقى شر الحليم إذا غضب، تمام.
لم يأته ردها فأردف بصوت مرتفع كالرعد:
– قلت تمام.
– أنا هتج…
قاطعها مسرعًا حتى لا تندم على ما تقوله:
– بصي أنا قاطعتك وهعمل نفسي ما اعرفش كنتي هتكملي هرتلة بإيه أو ما سمعتش، أهو عداني العيب وبحذرك لو ردك ما اتعدلش هدخل أكسر دماغك وأقول لأبوكي يضربك طلقة، وأنتي عارفة أبوكي مش محتاج تسخين.
ثم يكمل كلامه بعد أن فتح هاتفه على رسالتها التي أرسلتها وهو جالس بالمشفى ويقرأها لها بصوت جهوري:
– شكلك نسيتي اللي كتبتيه، اقرأه ليكي بنفسي.
“أنا خلاص رميت طوبتك بطول دراعي، وما بقتش اطيقك.. ودا من زمان، وبحب واحد ما بيشوفش غيري قدامه وهيتقدم ليا وهتجوزه.
بعد ما أنهى الرسالة قال بتهكم وهو ما زال على وجومه:
– حد قالك يا هانم أني بشوف قمر منور غيرك.
لم تجب عليه فجملته الأخيرة ضغطت على مشاعرها، كيف أن تتحدى شخصًا تعلم جيدًا أنه سينتصر عليها من أول لحظة؟ قبل أن تبدأ معه اللعبة، وهي الآن خاسرة أمامه، فبكلمة منه جعلتها تنصهر أمام حروفه، وهذا هو حال العاشقين.. يذوبون في حروف من يحبون، فترد عليه بعينين دامعتين وهمست بحروف مرتبكة:
– لو صح ما كنتش تعاكس اللي تسوى وما تسواش.
– أمم وبعدين.
– ولا قبلين.
– وأنا بتنيل أتمرمغ في حب مين غيرك، اتفضلي جاوبي ياللي قدرتي تقولي إنك بتحبي غيري، كارما أنتي لو مش حاسة بالنار اللي جوايا اقفلي أحسن، لأن فعلًا كلمة كمان فيها مقاوحة أو استهبال وربي ما هدْرَى بنفسي هعمل إيه.
– خلاص يا مستقبل اعتبره ما حصلش.
– خلاااص! بعد اللي كتبتيه وبعد حرقتي، جاية تقولي أعتبره!
ردت بحدة:
– كنت عايزاك تحس بناري.
– نار إيه يا آنسة يا محترمة اللي بتتكلمي عنها، كنتي قفشتيني في أوضة مع واحدة ولا سمعتيني بعشق في غيرك، وكل اللي بعمله وبتقولي عليه بيضايقك، أقسم بالله مش هتكوني بتحسي بنص اللي جوايا دلوقتي، كارما أنا تعبت ومش قادر اتكلم تاني سلام.
– مستق…
أغلق الهاتف حتى لا يسمع حرفًا آخر يزيد لهيب رجولته متوجهًا إلى بار يجلس مع أصدقائه.
★★★★★★★★
أوقف العربة “وجود” في منتصف المشفى، ثم ترجل بطوله الفارع مسرعًا، عقله يكاد أن ينفجر من قلقه على أخته، فقال “للسايس” وهو يقذف له مفتاح السيارة:
– اركنها.
التقط “السايس” المفتاح من الهواء بمهارة لاعب كرة قدم:
– متقلقش عليها يا باشا هخليهالك عروسة.
نزلت “زينة” خلفه، التي كانت طوال الطريق ترسم حياتهما معًا، دلفا إلى الغرفة المرادة بعد ما استعلم عن مكانها وقال بهلع:
– قلبى أنتي كويسة؟
– أخويا العاقل اللي بيجبر خاطري دايمًا أهو وصل.
– حبيبتي طمنيني عليكي.
ردت عليه وعينها تجول في الغرفة وتشير على نفسها:
– أنا.. مش تمام خالص!
ثم تكمل بتأكيد:
– خااالص.
فيرد عليها وهو يهرول يجلس بجوارها متسائلًا:
– إيه اللي بيوجعك؟
– تحبوا تتكلموا ولا اتكلم أنا، بقول اعمل بأصلي واسبقكم الطلعة دي، اتفضل يا كوتش صب على آذننا من جديد الخبر الفاجع.
– يا ستير يا رب، هو للدرجة بقى يفجع.
قالتها “نايا” وهي تضيق عينها بذهول، فردت عليها بلهجة حادة:
– بالنسبة ليا أنا مفجع بصراحة.
زفر “مهيمن” أنفاسه بحنق ملحوظ:
مش عايز رغي كتير، مش قولتي مش موافقة.
– يعنى هو أنا قولت مش موافقة وأنتوا سكتوا، دا ما شاء الله عليكم فضلتوا ساعة تبرروا وتخططوا وترسموا، علشان تقولوا إن…
قاطعها حتى يسرد ما حدث لـ”وجود” الذي أصبح مذهولًا من تصرفاتهم وأقوالهم.
فلاش باك..
بعدما ظل “مهيمن” و”نايا” يمدحان في الحب، ويتمنان لها حياة سعيدة وأن يذوق قلبها طعم الحب، قال “مهيمن”:
– إيه رأيك في حازم؟
أجابته بكل صراحة:
– زفت والحمد لله.
فقالت “نايا” بتوضيح:
– لا مش نقصد أنتي بتشوفي إيه؛ أقصد يعني إيه رأيك فيه كعريس؟
– ومين دي اللي ترضى بواحد عنجهي ومناخيره في السما، دا ميعرفش غير الأوامر في حياته.
رمشت “نايا” عدة رمشات وقالت وهي تزدرد ريقها:
– أصل هو متقدم…
أوقفها “مهيمن” عن الحديث بقول:
– افتكري إنى حذرتك وقولتلك بلاش.
فلم تنتظر أحدًا منهما أن يكمل الخبر الصاعق بالنسبة لها، وقالت بدون أن يقدر أحد على سد فيْها الذي فتح (كالبلاعة) التي امتلأ خوفها فانفجرت وأخرجت من جوفها المياه الراكضة المتسخة، واستمرت في قذف كل ما بدخلها بدون أن تحسب حسابًا لأي شيء سوف يحدث له ضرر بعد كلامها:
– أنتوا عايزني أنا أتجوز الجزار دا، دا اللي اداله الشهادة خاف منه ليشق بطنه ببصته وكلامه اللي كله تهديد، دا مش إنسان، دا دا.. دا ناقصه ديل علشان يهوهو على حق.
فدخل “حازم” عقب حديثها اللاذع قائلًا بتحدٍ وشجاعة واهية:
– ما أنا لو ناقص ليا ديل، فأنتي ناقص يتقطع لسانك علشان تبقي تهبهبي صح، ومش هوصفك حتى بحيوان، آخرك تكوني زي البابور، وكمان مش هيبقى ناقصه جاز؛ لأن أنتي اتنين في واحد.
هزت رأسها محاولة استيعاب ما تفوَّه به، ثم ردت عليه بغل وضيق:
– طيب خلي بالك بقى لأني هولع في وشك اللي ناقصه برقع الحيا.
ضحك بسخرية قبل أن يرد عليها بحدة:
– شكل اللي فهمك الحيا فهمولك غلط؛ البرقع دا المفروض للبنات الرقيقة علشان بتختشي بسرعة، بس نجبلك من فين أنوثة علشان تتلمي وتبلعي لسانك.
– شكلك مش عايش على وش الدنيا، وما سمعتش مثل اللي اختشوا ماتوا.
– للأسف ما كنتش عايش في العصر العثماني.
أبلغها حديثه وهو يمط شفته، ثم عقد يده على صدره، يتأملها وهي تفتح ثغرها غيظًا، فكان كلًّا من أبيها وأمها يحدقان بذهول؛ لدرجة لم يتمكن أحد منهما من الحديث من شدة الدهشة التي أصابتهما بشلل مفاجئ بعدم النطق، وقبل أن يخرج أردف جملته بعند، جعلها تشتعل من الداخل والخارج:
– سبحان الله بتعاندي وأنتي أصلًا مكتوبة ليا من قبل ما توعي على وش الدنيا.
– بابا البني آدم دا قال إيه؟ ها حد يسمعني تاني كده؟
مالت على “الكومود” متخذة آلة حادة، ثم قالت:
– وتسمعوني ليه تاني، أنا أروح أشق بطنه وأريح البشرية وأمه وارتاح.
قفز “مهيمن” من مجلسه ممسكًا يدها بحذر:
– هو عيل وفهم غلطه سيبك منه وارتاحي، أنتي شكلك نسيتي إن رجلك بتوجعك.
أخرجت صرخة قوية من أعماقها سمع بها كل من في المشفى.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غرورها جن جنوني)