رواية عقاب مؤجل الفصل السادس 6 بقلم ناهد خالد
رواية عقاب مؤجل الجزء السادس
رواية عقاب مؤجل البارت السادس
رواية عقاب مؤجل الحلقة السادسة
كانت تدق جراب بقلب وجل ودقات متسارعة خاصًة وهي تستشعر خطوات تقترب من الباب فاغمضت عيناها وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن تزفره بمهل تزامنًا مع فتح الباب.
تجمدت ملامح بشرى وهي تبصر ابنتها أمامها لتهتف بجمود بعد ثواني من الصمت:
_ نعم؟ عاوزه مين؟
ادمعت عيناها وهي تهتف برجاء:
_ ماما..
_عاوزه مين؟
رددتها بجمود، لتتساقط الدموع من عين ريهام وهي تردد ببكاء:
_ ماما عشان خاطري كفاية كده.. انا مبقتش قادرة على عقابك ده.
شهقت بخضة حين تراجعت والدتها للخلف واغلقت الباب في وجهها بقوة لتجهش في البكاء وهي تنظر للباب المغلق بقهر وأكملت حديثها ببكاء وصوت مرتفع ليصل لوالدتها التي تقف خلف الباب:
_ أنا تعبت حرام كده.. انا عارفة اني غلط بس انا اتعذبت اصلا من قبل ما تعرفي، مفكرتيش احساسي كان ايه وانا بعمل حاجه انا عارفه انها غلط من وراكِ ورعبي كل مرة لحد يشوفنا سوا، وضميري الي كنت بحاول اسكته بس اوقات كان بيعذبني بسبب الي بعمله، ولا لما عرفت بحملي…
صمتت قليلاً وقد غلبها البكاء وخلف الباب تساقطت دموع والدتها بقهر وهي تكتم صوت بكاءها كي لا يصل لها فهل من السهل لها أن تقاطع ابنتها لعام كامل؟
_ وقتها كان امنيتي اجري عليكِ واترمي في حضنك واشكيلك مصيبتي، انا فضلت ايام مش بنام ولما بنام بحلم بكوابيس انك عرفتي وقتلتيني.. انا عيشت اسبوعين بموت ومحدش حاسس بيا ولا حتى هو لحد ما قولتله ووقتها سابني.. هو كمان اتخلى عني وقالي تتخلصي منه وسابني.. سابني اسبوع بلف حوالين نفسي لحد ما روحت لدكتور وحدد ميعاد العملية، حتى وقتها ملقتش حد يقف جنبي ولا يهون عليا وانا بموت من الرعب وحاسه اني هموت في العملية دي ومحدش هيلحقني.. حتى لما روحت اعملها لوحدي كنت عارفه اني لو مت الدكتور والي معاه هيرموني في اي حته ومحدش هيعرف عني حاجة، تخيلي احساسي وقتها وقهرتي، وقتها بس عرفت حجم ذنبي الي عملته وخدت عقابي.. والله خدت عقابي بكل العذاب الي اتعذبته في الفترة دي وبكل وجعي الي فضل جوايا طول السنين الي فاتت وقهرتي لما لقيته بيتقدم لاختي وانا واقفه متكتفة مش قادرة اعمل حاجة..
صمتت ثانيًة وانخرطت في بكاء مرير غافلة عن الواقف خلفها والذي قام بايصالها أمام المنزل ومن المفترض ان يذهب لعمله لكنه لم يستطع خشى أن تثور عليها والدتها او ترفض دلوفها للمنزل فصف سيارته جانبًا وقرر الدلوف للإطمئنان على الوضع وصدق حدسه حين رآها واقفة أمام الباب وصوت بكاءها واضح.
اغمض عيناه بغضب من ذاته وهو يسمع لحديثها لأول مرة تتحدث بتفصيل عن معانتها، تنهد بثقل وهو يستوعب ما فعله معها وتخليه عنها في أكثر وقت احتاجته بهِ.
_ أنا اكتر واحدة اتعذبت ودفعت تمن غلطتي، بس اكتر من كده مش هقدر، أنتِ بقالك سنة مبتكلمنيش ومقاطعاني وأنا مش قادرة استحمل الوضع ده، انا لوحدي حاسة انا تايهه من غيرك خصوصًا وانا مش عارفة اعيش معاه.. أنتِ اجبرتيني اتجوزه بس مش قادرة اتأقلم معاه، مش عارفه اشيل الحاجز الي اتبنى بينا، مش قادرة انسى الي مريت بيه معاه، انا عايشه معاه بس وكأننا اتنين غُرب ساكنين مع بعض، عشان كده انا لوحدي، وحتى لو حوليا الناس كلها أنتِ غيرهم، انا مبعرفش انام وانا عارفة إنك زعلانة مني، عشان خاطري يا ماما سامحيني بقى انا تعبت والله ومبقتش متحملة.
شعرت بيد توضع فوق كتفها فالتفت لتراه هو يقف خلفها بأعين محتقنة بالدموع وملامحه متأثرة بالحزن، اردفت بخفوت باكٍ:
– قولتلك مش هتسامحني.
وقبل أن يجيبها كانت والدتها تفتح باب الشقة ووجها مليء بالدموع لتنظر لها ريهام بلهفة لكنها انزلت عيناها بكسرة حين اردفت والدتها:
_ أنتِ كسرتيني يا بنتي وانا مستاهلش منك ده.
تنهد عاصم بعمق قبل أن يقول بهدوء :
_ يا طنط لو سمحتي ممكن تدخلينا ونتفاهم جوه، الوضع ده طول اوي وفي الاخر هي بنتك، ووالله حالتها صعبة اوي ومش عارفه تعيش كده وهي عارفة إنك زعلانه منها.
رمته بنظرات محتقنة قبل ان تبتعد عن الباب قليلاً وقالت بخفوت وصوت جامد:
_ ادخلي.. لوحدك.
اردفت الأخيرة وهي تطالعه بجانب عيناها، نظرت له ريهام مستشعرة حرجه لتجده يشير لها بالدلوف وعاد ادراجة للخارج بهدوء.
انهت سرد تفاصيل علاقتها بهِ مرة أخرى على مسامع والدتها بأعين منكسرة ورأسها منحنيه لا تقدر على رفع رأسها لها لتواجه نظراتها:
_ ماما انا آسفة بجد، ومش لاقية حاجة اقولها غير اني اسفة، انا يمكن كسرتك بس صدقيني انا كسرت نفسي قبلك.
انهت حديثها مجهشة في بكاء قوي، ولم تستطع والدتها الصمود اكثر فهي بالاخير أم تشهد انهيار ابنتها الصغيرة لتقترب محتضنة اياها وانخرط الاثنان في بكاء مرير لفترة طويلة.
وبعد فترة كانت والدتها تتحدث بهدوء:
_ أنتِ بجد عايشة معاه زي الغريبة؟ يعني علاقتكوا مش عادية؟
نفت برأسها مؤكدة :
_لا، انا وهو يدوب بنتكلم بالعافية، او بالأدق انا بكلمه بالعافية وقت اللزوم وبعمله طلباته مش اكتر من كده، ولولا حضرتك اضطرتيني اتجوزه مكنتش عملتها.
طالعتها بعدم تصديق وهي تسألها:
_ أنتِ يابنتي واعية لكلامك! أنا انصدمت أصلاً لما رفضتي تتجوزيه، بعد الي حصل بينكم المفروض أنتِ الي تجري وراه عشان يوافق يتجوزك مش هو الي يلف وراكِ ٣ سنين عشان ترضي تتجوزيه، لا يخطب اختك ويودي نفسه في داهية بخطفها عشانك، وكمان لما ضربتيه بالسكينه مترددش يتنازل عن المحضر، وبرضو أصر يتجوزك، احمدي ربنا انه مش من الرجالة التانية الي كان هرب وسابك تواجهي لوحدك، كنتِ هتعملي ايه ولا كنتِ بتفكري ازاي وأنتِ بترفضيه!!
تنهدت بعمق وهي تقول :
_ مكنتش هتجوز طول عمري.
_ وتكسريني برضو!
نظرت لها باستغراب لتؤكد:
_ايوه هتكسريني، اومال فاكرة ايه لما اشوف بنتي قدامي رافضة الجواز والعمر بيجري بيها من غير ما اطمن عليها ولا اشوف عيالها وابقى عارفة لو جرالي حاجه هسيبها لوحدها وبطولها!
اومأت متفهمة بصمت لتكمل والدتها :
_ لما جبرتك تتجوزيه عشان محدش يشيل غلطتكوا غيركوا، كان ممكن اقوله اتجوزها وطلقها بعدها بشهرين بس انتوا اختارتوا بعض من الأول وشيلتوا الذنب سوا كملوا بقى مش ده اختياركوا!
هزت رأسها بأسف وقالت:
_ بس انا مش قادرة انسى ومش عارفه اكمل معاه.
_ أنتِ لسة بتحبيه؟
نظرت لوالدتها بشرود لثواني قبل أن تردف بحيرة:
_ مش عارفة، والله ما عارفة، غضبي منه وخذلاني مغطيين على اي مشاعر جوايا.. معرفش انا بحبه ولا لأ بجد مش عارفة ياماما بس مش قادرة اتعامل معاه عادي ولا ارجع زي الأول.
قالت والدتها بهدوء :
_ لو عاوزه تتطلقي قوليلي وانا هطلقك منه.
نظرت لها بدهشة وهي تسألها:
_ واشمعنا دلوقتي؟
_عشان خلاص أنتِ عيشتي معاه وحاولتوا تبنوا أسرة وفشلتوا، وكمان أنتِ اتعاقبتي كفاية على غلطتك وافضلي عمرك كله ادعي ربنا يسامحك، فلو مش قادره تكملي مش هتقضي حياتك كلها في تجربة فاشلة!
نظرت لوالدتها بتفكير ولم تتحدث، ولكنها بعد دقائق قالت:
_ ماما أنتِ بجد مهتمتيش لما عرفتي اني اتسممت وفي المستشفى؟
ضحكت ساخرة:
_ أنتِ عبيطة؟ في أم تعرف إن بنتها بتموت ومتهتمش! انا كنت متبعاكِ بس مقدرتش انهي خصامي واجيلك أنا كان ممكن من أول يوم اتعامل معاكِ عادي بعد ما اتجوزتيه والموضوع خلص بس كنت هفضل عمري كله شايلة زعلي جوايا ومش مسامحاكِ لكن موقفي الي خدته وانا عارفة إنك بتتعذبي ببعدي عنك خفف زعلي ناحيتك وخلاني بالوقت اسامحك.
احتضنتها بقوة وهي تردد:
_ مكنتش متخيلة إن رمضان ده كمان يعدي علينا واحنا متخاصمين.
استمعت لوالدتها تقول :
_ اعملي حسابك تفطري معانا بكرة.
ابتعدت عنها تسألها:
_انتوا مين؟
_ رغد وجوزها.
ردت بحرج:
_ ماما أنا مش عارفة اتعامل مع محمد بعد جوازي، وخصوصًا إني عارفة أنه كان عاوز يتجوزني، وكوني اتجوزت خطيب اختي الاولاني مسببلي حرج كبير قدامه هو وخالتي وجوزها.
_ محدش يعرف سبب جوازك من عاصم وكلهم فاكرين ان الموضوع عادي محصلش نصيب بينه وبين رغد وبعدها بشهرين جه اتقدملك واتجوزتوا بعدها ب٣ شهور فالموضوع عادي.
_ عادي ازاي؟ هو عادي يسيب خطيبته ويحب اختها ويتجوزها؟
_ اه انا قولت لخالتك إن وقت خطوبته برغد حس بمشاعر ناحيتك عشان كده علاقته برغد مكملتش وبعد ما سابها بشهر جه كلمني عليكِ واعترفلي انه معجب بيكِ وحاسس انكوا متفقين سوا ومتفاهمين عنه هو ورغد وانا قولتله يسيبنا نفكر ولما خدت رأيك حسيتك ميالة له فوافقت يتقدم.
_الموضوع صعب يتصدق.
اردفت والدتها بلامبالاة:
_ صعب ولا سهل الي ميصدقش هو حر، المهم تعالي بكرة افطري معانا، ومحمد نسي موضعكوا اصلاً ودلوقتي هو مش ابن خالتك بس ده جوز اختك.
اومأت موافقة لكنها أردفت بتساؤل متردد:
_ اجي لوحدي؟
طالعتها والدتها بجمود قبل أن تسألها:
_ أنتِ عاوزه ايه؟
قالت بلهفة:
_ انا مش فارقلي المهم أنتِ عاوزه ايه، لو عاوزاني لوحدي معنديش مشكلة.
أصرت والدتها وهي تقول بينما تحدجها بتمعن:
_ الي تحبيه يا ريهام، شوفي راحتك فين.
صمتت قليلاً قبل أن تقول:
_هاجي لوحدي.
وطالت نظرات والدتها تجاهه وفي الاخير قالت :
_ فكري في الي قولتهولك، لو حابة تطلقي قوليلي لو شايفة حياتكوا مش هتنفع يبقى خدي قرارك ومتضيعيش عمرك يا ريهام.
ونظرت لوالدتها بهدوء تام وحديثها يدور بعقلها، وهي تفكر هل تطلب الطلاق؟ هل ستكون هذه هي نهاية علاقتهما الخاطئة من البداية؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عقاب مؤجل)