روايات

رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل السادس 6 بقلم آية العربي

رواية عشق بين هشيم مشتعل الفصل السادس 6 بقلم آية العربي

رواية عشق بين هشيم مشتعل الجزء السادس

رواية عشق بين هشيم مشتعل البارت السادس

رواية عشق بين هشيم مشتعل الحلقة السادسة

احذر من التمرد على القدر ولا تحمل قلبك هموماً كثيرة فحياتك كُتبت قبل ولادتك
آية العربي
دائماً يؤمن بالقدر خيره وشره ، يوقن أن تدبير الأمور يتم بشكلٍ يفوق استيعاب البشر ، يثير تساؤلاتهم .
ولكن كيف له أن يستوعب أن ما حدث أمام عينيه لأرضه وزرعه وحياته وجهده كله خير ؟؟
يحتاج لطاقةٍ قصوى كي يتغلب على محنته وهو في نهاية المطاف بشرياً يمكن للشيطانِ أن يتلاعب بعقله .
يحتاج لرباطٍ قويٍ يعينه على تحمل ما حدث ، دوماً ابتعد عن المشاكل برمتها وشيد سمعةً طيبةً كانت هي رأس ثروته .
انهارت السمعة وانهار معها كل شيء ، ربما لم يكن عبداً جيداً بما يكفي ليعاقبه الله هكذا ؟
ربما لأنه عشق ونظر وتمنى ما لم تملك يداه ؟
الهذا حصل عليها مقابل كل ماكان يملكه ؟
تساؤلات تكاد تفتك برأسه الموضوعة بين يديه وهو يجلس القرفصاء في منتصف أرضه المحروقة .
تحول المكان من لونه الذهبي الرائع إلى الأسود المتفحم بعدما تناولت النيران وجبتها .
لا يبكي ولا يشكو ولا يتفوه بحرفٍ واحد ، تقف تطالعه من بعيد عاجزة عن تقديم الدعم مجاوراً لـ محمد الذي يردد بإيمان وحزن :
– لله الأمر من قبل ومن بعد ، لله الأمر من قبل ومن بعد.
ودت لو تقترب منه ، ودت لو تربت على كتفه وتسانده في مصيبته ولكنها تخشى ردة فعله .
نظر محمد نحو ابنه بحزن ، يعلم حالته الآن ويعلم كم يحب أرضه وكم تعب فيها ، لذا أشار نحو وردة فانخفضت بترقب لتسمعه فقال بنبرة معنية حزينة :
– روحي يا بتي شوفيه ، قوليله يقوم ويعوض علينا ربنا .
اعتدلت وتنفست بعمق ثم أومأت وتحركت نحوه بخطواتٍ متمهلة حتى وصلت إليه مما زاد توترها ولكنها عزمت أمرها لذا مدت يدها تضعها على كتفه فانتبه لها ولكنه لم يحرك ساكناً .
ربتت على كتفه وتحدثت بنبرة حزينة لينة :
– قوم يا صالح ، قوم ادخل چوة ، قعادك هنا لا هيودي ولا هيجيب .
ظل ثابتاً كما هو مما جعلها تأخذ خطوةً أشد جرأة وتحاول إيقافه حيث باتت تسحبه من ذراعه ولكنه نفضها ونهض يردف وهو يطالعها بعيون قاسيةٍ حزينة :
– بعدي يدك عني .
نظرت له بهدوء وتقبلت غضبه في تلك اللحظة مما جعلها توميء بتريث قائلة :
– تمام ، هبعد يدي بس علشان خاطر ابوك المريض ده ، ربنا هيعوض عليك والدنيا مش هتقف إهنة ، هتعاود تحرثها وتزرعها تاني يا صالح .
ابتسم ساخراً بألم ثم نظر لها بتعجب ، يحق لها أن تستهين بكل شيء ، فهي لم تعاني قسوة الحياة مثله ، خلقت وفي فمها ملعقة من ذهب فكيف لها أن تشعر بمَ يعتليه .
تحدث ويده متدليةً جواره بنبرة غاضبة يشوبها القهر والضيق :
– عتعرفي منين التعب والذل والشقى يا بنت الأكابر ، كل حاچة عنديكِ سهلة ، كل حاچة عنديكوا ملهاش قيمة .
ابتلعت حديثه بغصة مريرة ، يظنها لم تعاني قط ، معذورٌ في ظنه فهو لا يعلم عن حياتها القاسية شيء.
تحرك يعود لمنزله واتبعته بحزن ، مر على والده وطالعه بعمق ، لا يملك ما يهون به عليه لذا تحرك نحو الداخل وتركه لها ربما استطاعت إزالة حزنه ، كان هاتفه في الداخل يرن باستمرار ولم ينتبه له أحد .
تقدم يلتقطه من فوق الأريكة وأجاب بترقب وحزن قائلاً :
– أيوة مين ؟
ضحك رامي ضحكةً متشفيةً وتحدث بحقد واستخفاف :
– كيفك بعد ما أرضك ولعت يا أبو نسب ، دي قرصة ودن صغيرة من سيدك رامي علشان تعرف زين كيف تلعب مع عيلة السيوفي .
أغلق رامي بعدها وتركه في صدمته وحسرته ، طوال جلسته في الأرض وهو يفكر كيف حدث ذلك ومن أين جاء مصدر الحريق ، لقد شك في الأمر ولكنه عنف نفسه بأن هذا لا يمكن حدوثه ، إلا أن حدسه كان صائباً ، هم من أحرقوها ، هم من فعلوها ليعاقبوه ، يريدونها مشتعلةً إذا ! ، حسناً فليكن هذا .
تحرك بعنف كالإعصار نحو غرفته يفتح خزانة دولابه الموصودة ويلتقط منه بندقيته التي يحتاجها إذا ما ظهر سارقاً لأرضه .
فتح خزنتها ليجدها ممتلئة بالأعيرة النارية لذا تنفس بقوة وتحرك بها للخارج تحت أنظار وردة ومحمد ، كان حينها في أقوى حالات غضبه وحزنه ، يتجسد أمامه الآن كل ما حدث ويجبره على الثأر .
انتفض محمد بحسرة متسائلاً وهو يقف :
– واخد السلاح ورايح على فين يا صالح ؟
لم يجبه بل اندفع كطلقةٍ خرجت من فوهتها ليتسعين محمد الذي بدأ يسعل بوردة قائلاً وهو يلكزها مترجياً بخوف ينهش قلبه :
– الحقيه يا بتي ، اوعي تخليه يروح .
أجلسته مجدداُ ثم ركضت تلحق به وتناديه حتى وصلت إليه ومدت يدها لتوقفه ولكنه التفت يطالعها بنظراتٍ جحيمية وهو يردف بغضب وقد تحول لشخصٍ آخرٍ تماماً :
– بعدي عني ، هيدفع تمن اللي عمله ده حتى لو فيها موته ، إنتِ سامعة !
تنبهت حواسها لجملته وقد انتابها الذعر لتعاود اللحاق به بعدما تحرك وتسأله بتوجس وهي تجاري خطواته :
– قصدك مين يا صالح ؟ ، مين اللي عمل إكدة ؟
التفت يتحدث من بين أسنانه بنفس نظرته وقد تحول اللون الأبيض في عينيه إلى كئوس دمٍ حمراء :
– أخوكي ، عينتقم مني علشان أني طلعت بحبك واستغليتك كيف ما قولتي .
اتسعت عيناها وفرغ فاهها وهي تهز رأسها بتيه بينما تحرك هو يشق طريقه بخطواتٍ عنيفة ، انتبهت على نفسها وعلمت أنه إن ذهب سيكون إما قاتلاً لشقيقها أو مقتولاً لذا أسرعت تركض مجدداً حتى وصلت إليه ووقفت أمامه تمنعه من إكمال طريقه قائلة بترجي وهي تستعمل كامل قوتها :
– متروحش يا صالح ، أبوس يدك متروحش .
لم يكن وقتها صالح العاشق لها بل كان صاحب الحق المهدور والمحروق لذا أبعدها وعاود يكمل طريقه فطالعته بحسرة وعقلها يفكر كيف توقفه لذا أسرعت مجدداً لترتمي فجأة عند قدميه وتعانق كلتاهما بيدها لتعيق حركته مردفة بنبرة مترجية باكية ورأسها متدلي ومستند عليهما :
– أبوس رچلك متروحش ، مش هتاخد منيهم لا حق ولا باطل ، تعالى نروح نبلغ وأني هشهد معاك بس متروحش ليهم ، هيقتلوك يا صالح .
انخفض بنظره إليها يحدقها بتعجب وهو يحاول الفكاك وتحرير ساقيه من قبضتها إلا أنها كانت قابضة عليهما بقوة .
بدأ يعود لرشده تدريجياً ولم يرغب في استعمال قوته عليها حتى لا تتأذى لذا تحدث بجدية محذراً :
– بعدي عني قلتلك ، ملكيش صالح إنتِ .
هزت رأسها التي وضعتها على ساقيه تترجاه مردفة ببكاء :
– له مش هبعد ، أحب على رچلك متروحش ، وحياة عم محمد عنديك ما تروح ، تعالى نبلغ والحكومة تشوف شغلها .
مسح على وجهه بكفه بعنف ، بدأ يستغفر ربه ووقف عدة ثواني يفكر ، ثم انخفض يوقفها فوقفت تطالعه ، كانت عيناها ملتمعة دافئة أعادته لأيام عشقه وتغزله .
تنهد بعمقٍ شديد وجاهد ليردف بجدية ويحافظ على غضبه قائلاً :
– هتعملي إكدة علشان خاطر أخوكي ؟ ، خايفة على حياته ؟
تحدثت بعيون صادقة ونبرة متحشرجة :
– وعليك ، خلي القانون هو اللي يچبلك حقك .
زفر مطولاً ينظر حوله ثم استقر بعينه عندها وتحدث بجمود :
– ارچعي ع الدار .
هزت رأسها برفضٍ قائلة وهي تبتلع لعابها :
– لا مش راچعة ، هاچي معاك وهشهد معاك وهقول إني سمعته وهو بيكلمك .
لا يعلم لمَ يمكنها أن تفعل ذلك وتلك النقطة ستخدمه كثيراً ولكنه لن يقبل بذلك ، ليعود لأصله وشخصيته مجدداً لذا تحدث برفض :
– ملكيش صالح إنتِ بالموال ده ، ارجعي ع الدار وخدي بالك من أبوي .
تنفست بعمق ولكنها أشارت بيدها كأنها تشير لطفلٍ مردفة :
– لو عايزني أرجع هات السلاح .
صمت يطالعها فتحدثت مؤكدة بنبرة قوية :
– ياتچيب السلاح يا هاچي معاك يا صالح .
هل يثق بها ، هل يناولها سلاحه وهل ما قالته الآن نابعاً من قلبها ؟
هناك بعض الشك يراوده في أمرها لذا تحدث وهو يلتفت عائداً :
– امشي معايا .
زفرت براحة وتحركا سوياً عائدان إلى المنزل حتى رآهما محمد لذا التقطت أنفاسه المهدرة وأردف معاتباً حينما أصبح صالح أمامه :
– إكدة يا صالح ؟ ، من ميتى يا ولدي وإنت بتتصرف إكدة ، عايز تضيع نفسك وأموت بحسرتي .
تنهد بضيق يقبض على صدره وتحدث بنبرة مختنقة :
– تعبي وشقايا يا حچ محمد النار كلتها وابن السيوفي هو السبب ، متصل يشمت فيا ، بتعاقب على ذنب معملتوش ، الموضوع ده مش هيتحل غير بالقوة يا حچ .
تعلم أنه محق ، وتقف أمامهما الآن والخجل يجردها من قوتها فهي المتسببة في كل هذا ولكن أتى حديث محمد ليناً مربتاً على قلبها وهو يقول :
– هما عارفين زين إنك قوي ، واللي كلمك ده رايد يستفزك علشان يجر رچليك ويوقعك ، اللي حُصل حُصل ودلوك مهما حاولوا إنت قدام الناس چوز بتهم ، فكر صُح يا ولدي ومتوقعش نفسك ليهم مرة تانية ، المحصول اتحرق خلاص والعوض على الله .
تطلع على والده يفكر في حديثه ويجاهد ليتقبله ولكن يرى أن في هذا نوعاً من الخنوع .
تحرك للداخل نحو خزانته ووضع بها سلاحه وأغلقها ودس المفتاح في جيبه ثم عاد إلى الخارج يردف بنبرة جادة أقل حدة :
– خدي أبوي وادخلوا چوة ، هروح ابلغ وراجع ، ولو حُصل أي حاچة كلميني .
غادر وتركهما متجهاً إلى مركز الشرطة التابع للبلدة ليتبع الأصول إذاً عله يجد من يرد له حقه من عائلة السيوفي .
꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂
دلف صالح المركز وسأل عن كيفية تقديم بلاغ ضد أحدهم .
دله رجلٌ وبالفعل وصل إلى مكتب يجلس عليه شرطي ، ألقى السلام وتحدث بترقب :
– كنت رايد أقدم بلاغ لو سمحت .
رفع نظره إليه يطالعه ثم تساءل بترقب :
– إسمك إيه ، وعايز تبلغ في مين ؟
تحمحم صالح وتحدث بثبات :
– اسمي صالح محمد رشيد ، عايز أقدم بلاغ في رامي السيوفي لإنه حرق أرضي .
ضيق الشرطي عيناه واعتدل في جلسته بعدما سمع إسم عائلة السيوفي ثم تحدث بترقب :
– رامي السيوفي ؟ ، حرق أرضك إنت ؟ ، عندك دليل ع الكلام ده ؟
تنفس صالح وقال بنبرة ثابتة يمتلكها صاحب الحق :
– دليلي هي أرضي المحروقة تقدروا تحققوا يا باشا وهتعرفوا ، ده غير مكالمته ليا بعد اللي حصل طوالي وقالي إنها قرصة ودن يعني مقصودة والرقم موجود أهو .
قالها وهو يشهر هاتفه بين يديه فنظر له الشرطي قليلاً ثم نهض يردف بجمود وهو يشير بيده :
– هات بطاقتك .
دس صالح يده في جيب بنطاله الخلفي ثم أخرج محفظته وفتحها ينتشل منها هويته الشخصية ثم ناولها للشرطي الذي أخذها وتحدث وهو يتحرك خارج مكتبه :
– اقعد استناني هنا .
تحرك نحو غرفةٍ ما للفحص عن تلك الهوية وصاحبها هل له سجلات أو قضايا لديهم أم لا ومن ثم يأتي البلاغ عن رامي السيوفي .
جلس صالح على مقعد خشبي يفكر ، هل سيأخذ حقه هنا أم أن لعائلة السيوفي رأيٌ آخر كما حدث في عدة قضايا مسبقة ؟
ما زال حزنه قائماً على أرضه ولكنه يفكر فيها ، يتذكر هيأتها ونظرتها وهي تمنعه من حماقته التي كان ينوي فعلها ، هي من أرشده نحو اللجوء للقانون ، وهذا إن دل فهو يدل على أمورٍ خفية لا يعلم عنها شيئًا ، ولكن لينهي هذا الأمر ثم يبدأ بوضع النقاط على الأحرف معها .
꧁꧁꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂꧂
بعد وقتٍ
استيقظ جميع من في قصر السيوفي بينما يدخل رامي من باب القصر عائداً بعد أن قضى ليلته يحتفل بإنجازه العظيم مع صديقه في إحدى الملاهي الليلية .
يترنح يميناً ويساراً فرآه جابر الذي صرخ في وجهه بعنف قائلاً :
– وقف عندك .
زفر بقوة وتأفأف ثم وقف ولم يكمل طريقه للأعلى حيث كان ينوى الذهاب لغرفته للنوم ، باتت حياته تشبه الخفافيش ، ينام نهاراً ويستيقظ ليلاً ليشاغب ويفسد الأمور برمتها .
نظر نحو جابر الذي تقدم منه متسائلاً يحدقه بنظراتٍ تحذيرية :
– إنت شارب إيه ؟
تعمق في عينيه ثم ابتسم يردف ساخراً بعقل نصف واعٍ :
– شارب عصير قصب .
اشتم جابر رائحة المشروب فرفع يده عالياً ثم هوى بصفعةٍ قويةٍ على وجهه لأول مرة جعلت رقبة الآخر تلتف لأقصى اليمين وعيناه تجحظان بينما أسرعت شريفة التي كانت تقف بعيداً تتابع بصمت ووصلت إلى زوجها تردف بصدمة غير معتادة على رؤية هذا المشهد :
– عتعمل إيه بس يا چابر ! ، ميصحش إكدة إبنك راچل مهواش عيل صغير علشان تضربه .
تحركت نحو رامي تحاول استكشاف صدغه ولكنه أزاحها بعنف ونظر نحو والده نظرات نارية حاقدة يردف بفحيح متوعد :
– ارتحت إكدة ؟ ، ضربتني وارتحت ؟ ، إكدة بقى أنا همشي تحت طوعك واسمعك كلامك صُح ؟
طالعه جابر بغضب فتحرك يتابع بصوتٍ حاد ونبرة تجلت فيها القسوة :
– ده عمره ما هيحصل يا چابر يا سيوفي ، معيحصلش غير اللي أني عايزه ومهعملش غير اللي على كيفي ، ولو رايد تعاقبني عاقبني ، اعمل معايا كيف ما عملت مع بتك الفاجـ*رة واحرمني من الميراث واتبرى مني .
تحرك بعدما أنهى حديثه الذي جعل جابر مقيداً وعاجزاً عن الرد بينما نزل عادل لتوه يطالع ما يحدث بملل ، وشريفة تقف ضعيفة كورقةٍ في مهب ريحهم بعدما انقلعت شجرتها التي كانت تعلق أوراق قوتها عليها .
بدأ رامي يصعد الدرج تزامنا مع رنين باب القصر لتتجه نهال تفتحه فظهر شرطي يردف بترقب وهو يرى چابر أمامه :
– سلام عليكم يا حچ جابر .
أومأ له چابر وتحدث بترقب بعدما انتبه له الجميع حتى رامي الذي التفت يطالعه بترقب وتوتر :
– وعليكم السلام ، خير ؟
تحمحم الشرطي وتقدم قليلاً ثم قال :
– فيه بلاغ متقدم ضد رامي باشا ، من واحد اسمه صالح محمد رشيد ، بيتهمه إنه حرق أرضه .
اعتلت الصدمة وجوه الجميع والتفت جابر ينظر نحو إبنه الذي يقف في منتصف الدرج يطالع الشرطي بملامح أكدت لجابر أنه الفاعل فتضاعف غضبه ولكنه التفت ينظر للشرطي بجمود وتحدث بغضب :
– كلام إيه اللي عتقوله ده ؟ ، ابني أني عيحرق أرض الناس ليه ؟
هز الشرطي منكبيه قائلاً :
– هو ده اللي قاله يا چابر بيه ، وقال إن رامي بيه كلمه وقاله إنها قرصة ودن ، وبعد اذنك لازم ابنك ياچي معايا على القسم .
غضب جابر والتفت ينظر مجدداً نحو ابنه الذي زاغت أنظاره وارتسم التوتر على ملامحه وبرغم ذلك تحرك عائداً للأسفل يقول بتعالي ويجاهد ليعود لكامل وعيه :
– أچي معاك فين ؟ ، إنت اتجننت ولا إيه ؟
اغتاظ الشرطي فأسرع جابر بطريقته الإعتيادية يتقدم من الشرطي ويخرج من جيبه بعض العملات الورقية ثم دسها في جيب الشرطي يردف بخبث مرتسماً في عينيه :
– مينفعش تاخد ولد السيوفي معاك ، ده عيب في حقنا ، إنت هتقول إنك ملقتهوش ، وأني هچيبه وأجي ، بس لازمن الموضوع ده يتحل والجدع ده يتنازل عن البلاغ !
يعلم الشرطي جيداً ما بحوزة عائلة السيوفي ، تلك ليست المرة الأولى التي تتحول البلاغات لصالحهم ، وبرغم عدم رغبته في تنفيذ ما يريد إلا أن ما حدث مع من قبله كان له عبرة ليقبل لذا تحدث بضيق :
– طيب يا چابر بيه بس لازمن ياجي ع المركز ويدلي بأقواله ، وحاولوا تحلوها ودي أحسن ، يعني هو زي ما عرفنا إنه اتچوز بتك وأكيد النسب عصب ، ولا إيه ؟
برزت عروق جابر واحتقنت ملامحه بغضب ، لقد تبرأ منها وأراد قطع تلك الصلة ولكنها تعود وتلاحقه مهما حاول ، تحدث بجمود وتجهم :
– ولا نسب ولا عصب ولا زفت ، مادام بلغ عن ابني واتهمه باطل يبقى عدوي ، اتكل إنت واعمل اللي قولنا عليه .
زفر الشرطي وأومأ والتفت يغادر وتركهم فالتفت جابر ينظر إلى ابنه مردفاً بصرامة :
– عملت إكدة ليه ؟
توتر وتحدث بصراخ ليشوش على فعلته :
– عملت إيه ؟ انت هتصدق الكلب ده .
– رااااااامي .
قالها جابر بصراخ لينتفض الجميع على صوته ثم تابع :
– عملت إكدة ليه ؟
بات أمره ظاهراً لذا تحدث بنبرة دفاعية :
– يوووووه ، أيوة عملت ولسة هعمل اكتر من إكدة ، واحد دخل بينا وضحك على بتك الخاينة وكل ده علشان طمعان في اللي عندينا وفي الآخر نچوزهاله ونطردهم وبس إكدة ؟ ، أني لو بيدي كنت قتلته ، كان لازمن أحرق قلبه على أرضه بعد اللي عمله معانا .
طالعه جابر لثوانٍ ثم نظر نحو عادل الذي يبتسم بخبث وتحدث بتجبر وجمود وتفاخر :
– قوله يا عادل ، قوله وعلمه الانتقام بيبقى كيف ؟
ضيق رامي عينيه باستفهام فتحدث عادل ببرود :
– أني وأبوك ضيقناها عليه من كل ناحية ، مبقالوش عيش إهنة ، ولا هيقدر يبيع ولا يشتري من تجار البلد واللي هيتعامل معاه هيكون حسابه علينا ، أبوك عيخطط يخليه يغور من البلد هو وابوه ومرته ، عملتك دي هتچيب نتيچة عكسية .
شرد قليلاً يفكر في خطتهما التي تعد أشد شراً من خطته وللحظات أعجب بها ولكنه انتبه لمَ فعلاه بدونه لذا تحدث معنفاً بغضب :
– واني هعرف منيييييين ، مخبيين عني ليه حاﺟة زي دي ؟ ، هتعملوا إكدة ليييييه ؟ ، هو أني مش ولد السيوفي بردك ؟.
تقدم منه جابر ووقف أمامه يردف بعيون منتصرة :
– لإنك مش تحت طوعي ، ولا بتسمع كلمتي ، لإنك معتعملش غير اللي على كيفك ، مش ده حديتك يا ولد چابر ؟
صمت رامي يطالع والده بعجز فتابع جابر وهو يلتف حوله بانتصار وتعالي :
– لو عايز تملك البلد دي كيف ما أني عملت وتبقى إنت وأخوك ملوك من بعدي يبقى لازمن نكون إحنا التلاتة يد واحدة ، طول ما إحنا يد واحدة محدش هيقدر يغلبنا ، وحتة العيل ده هنفعصه برجلينا علشان يعرف كيف يلعب علينا ، بس بذكاء ، فهمت ؟
قالها وهو يلكزه بإصبعه على جانب رأسه فطالعه رامي بعمق ، يبدو أن رأس والده تحتوي على خبث مركز بعدما ظنه أنه كبر وبدأ يتهاون ويتنازل عن حقوقهم .
ابتسم چابر بفخر بعدما رأى نظرات ابنه نحوه وتحدث بنبرة ساخرة وهو يبتعد :
– اطلع غير هدومك وانزل علشان نروح نقول أقوالنا في ما هو منسوب إلينا .
زفر ووقف لثوانٍ يفكر ثم أومأ بقبول ورضوخ لرغبته بعد نظرات جابر التي تؤكد انتصارهم وتحرك يعاود الصعود بينما عاد جابر لقسوته مردفاً بعلو :
– بت يا نهاااااال .
ركضت نهال من المطبخ إليه فوجدت الجحيم في عينيه وهو يقول بفحيح :
– لو كلمة واحدة من اللي قلناها إهنة طلعت برا القصر ده هفصل راسك عن چسمك وارميها للكلاب ، فاهمة ؟
تجمدت أطرافها وانتابها الرعب فأومأت مرات عدة بذعر ودون نطق أحرف فاسترسل بصراخ :
– غوري اعملي فنجان قهوة لسيدك رامي .
بصعوبة حركت ساقيها بعدما تجمدتا وركضت عائدة لمطبخها لتعانقها والدتها بخوف وهي تعلم جيداً ماضي تلك العائلة وقسوتها .
꧁꧁꧁꧁꧂꧂꧂꧂
بعد يومين
اتجه صالح إلى مركز الشرطة ليرى مستجدات بلاغه بعدما هاتفه الشرطي .
كان يتأمل خبراً يثلج صدره المكلوم منذ يومين كانا الأصعب في حياته ، ولكن انهارت آماله بعدما أخبره الشرطي أن رامي السيوفي أثبت بالدلائل والشهود أنه لم يكن في ذلك الوقت حول الأرض وأن رقم الهاتف ليس تابعاً له وتم رفع البلاغ .
خرج من مركز الشرطة مقهوراً حزيناً ضائعاً ، خاصة بعدما تأخر مشتري المحصول على غير عادة ولم يجب على اتصالاته .
لا يعلم أين يذهب وهل يعود لمنزله خالي الوفاض؟ ، في طريقه وأثناء مروره رأى رامي ويجاوره فارس يسيران نحو أراضي عائلة السيوفي .
اشتعلت النيران داخل صدره وتهيأ له الانتقام في ابهى صورته فتحرك بخطواتٍ اندفاعية نحوهما حتى وصل ثم مد يده يلف رامي بعنف ليواجهه وقبل أن يستوعب الآخر لكمه صالح بقبضة فولاذية في وجهه ثم أسرع يقبض على تلابيبه مردفاً بقهر :
– بقى أنت يا خسيس مكنتش موجود عند الأرض وقتها ! ، ماعَرفش تبقى راجل أد عملتك السودة وتعترف ؟ ، بس حقي هاخده منك مهما حُصل .
كان فارس يتابع ما يحدث بتوتر بعدما اتخذ خطوةً للخلف ، حتى أنه لم يهاجم صالح دفاعاً عن صديقه خوفاً من بطشه ، هو على علم ويقين بالغضب الذي يكنه صالح له لذا اتخذ موقف المتفرج بينما حاول رامي مجابهته ودفعه ولكن القوة والغضب كانا من نصيب صالح .
صرخ رامي في وجههِ قائلاً وهو ينتفض بعنف :
– بعد يدك عني يا ابن ال ** ، وشرفي لقتلك .
حديثه زاد صالح غضباً مما جعله يعاود لكمه عند أنفه فنزفت الدماء منها وهذا جعل فارس يضطر للتدخل والفكاك بينهما فكان له نصيباً من لكمات صالح أدت إلى دفعه بعيداً فانحنى يتمسك بوجهه ويصرخ متألماً ولم يبالي صالح به بل بدأ يتعارك هو ورامي حتى تجمع القليل من الفلاحين الموجودين في الجوار واستطاعوا فك اشتباكهما بأقل الخسائر .
تحدث صالح وهو يهتز ويحاول الفكاك من بين يدي الرجلان اللذان يمسكان به قائلاً بوعيد :
– أني هعرفك قيمتك يا خسيس يا ندل .
كان الآخر يجفف أنفه بكفه ثم نفض جسده من بين قبضة الرجل الذي يمسكه ونظر نحو صالح نظرة حقد وكره وغضب وتوعد .
غادر الجميع وكذلك صالح ، ما فعله ربما خفف قليلاً من ثقل صدره ولكن عليه إيجاد حلاً بديلاً لمَ يواجهه ولأزمته المادية .
أما رامي وفارس فتحركا في طريقهما والأول يردف بوعيد وما زال يجفف أنفه المدمي :
– هقتله ، وشرفي هقتله .
تحدث فارس وهو يتألم من جرحه :
– الجدع ده مهواش سهل زي ما كنا عنفكر ، ده نابه حامي ولازمن ناخد بالنا منه .
التفت رامي ينظر نحو فارس وتوقف عن سيره قائلاً بنبرة حاقدة :
– مهياخدش في يدنا غلوة ، هنقتله ، لازمن يموت ، قولت إيه ؟
توغل الخوف قلبه ، هذه ليست هينة كحرق الأرض ، لذا وضع يده حول عنقه يدلكه كأنه تذكر حبل المشنقة وتحدث برفض وذعر :
– أعقل بس يا رامي ، قتل إيه إكدة هنروح ورا الشمس .
اغتاظ رامي من جبن فارس فهو دوماً ينتقم من خصومه عن طريق أصدقائه وبطرق غير مباشرة .
تحدث من بين أسنانه بغضب :
– أعقل إيه وزفت إيه ، قصدك يفلت إكدة من غير حساب بعد ما علم علينا ؟
شرد فارس قليلاً يفكر ثم تحدث بخبث متذكراً وهو يصدر صوتاً رناناً بإصبعيه :
– لقيتها ، هنبلغ فيه ونقول إن عنده بندقية مش مرخصة .
هدأ غضب رامي قليلاً وضيق عينيه يتساءل باستفهام :
– وهو عنده صحيح ولا في الفاضي ؟
تحمحم فارس وأردف مؤكداً :
– عنده طبعاً ، يوم ما شوفنا أختك معاه هددنا بيها أني وجمال ، ماني قلتلك .
نظر رامي أمامه وأومأ يفكر في الأمر ، يعد حلاً مناسباً ومنه انتقاماً سيشفي غليله ولكن أولاً يجب أن يخبر والده بعدما قرروا أن يتشاركوا سوياً في كل الأمور .
وبالفعل لف يغير مساره حيث قرر العودة إلى القصر وإخبار والده وشقيقه بالأمر .

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية اضغط على : (رواية عشق بين هشيم مشتعل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى