رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الفصل العشرون 20 بقلم نعمة حسن
رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الجزء العشرون
رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه البارت العشرون
رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطينه الحلقة العشرون
عاد مهدي إلي منزله ليجد آصال تجلس علي الأريكه المقابله للتلفاز تشاهد تلك المباراه لتنهض ملهوفةً فور أن إنفرچ الباب وظهر والدها من خلفه.
_حمدالله علي السلامه يا بابا.
رسم إبتسامةً حانيه علي محيّاه وهو يدنو منها ويقول: الله يسلمك حبيبة بابا..
جلس علي مقعده المخصص ونظر إلي شاشة التلفاز وتسائل متعجبًا: من إمتا وإنتي بتتفرجي علي كوره؟؟!
تلجلجت وهي تشير إلي التلفاز بإضطراب وتقول: أصل كنت مستنيه حضرتك وقولت أتفرج علي أي حاجه علي ما ترجع.
هز رأسهُ تباعًا وقال: كنتي مستنياني ليه؟ عايزه تقولي حاجه؟!
أومأت بنفيٍ شديد وكأنهُ يُلقيها بالتُهم وقالت: لا أبدا، قولت يعني لو هتاكل أو حاجـ….
_اقعدي يا آصال.
هكذا قاطعها لتري الجدية وقد إرتسمت جلية علي وجهه فجلست دون النبس بكلمه ليقول متسائلاً: كنتي مستنياني عشان الأكل ولا عشان تعرفي كنت عايز إيه من رياض!
همّت بالحديث فقاطعها قائلًا: ومن غير كدب..
زمًت شفتيها بإذعان و أرختهُما بإبتسامه مستسلمه ثم جلست إلي جواره ليقول: هو اللي قاللك إني كلمته، مش كده؟
_كنت بسأله علي حاجه في التصميمات وحضرتك اتصلت بيه وأنا واقفه..
أومأ بتفهم وأردف: كنت باخد رأيه في حاجه..
زوت ما بين عينيها بإستغراب ليجيبها قبل أن تتسائل وقال: معتز طلب إيدك مني إمبارح في الخطوبه..
غمرتها حاله من الصدمه ليظل حاجبيها متقوسان من فرط الدهشه ولم تُعقب إلي أن إستطرد والدها وقال: وبما إن رياض أقرب الأقربين ليه قولت أسأله.
_وقاللك إيه؟
برز صوتها متحشرجًا مختنقًا ليجيبها والدها قائلًا: قاللي معتز طايش وبيحب علي نفسه، بس ده طبعا بعد ما قال كلمتين رفع بيهم الحرج عن نفسه الأول.
إشتدت تقطيبة حاجبيها وقالت: كلمتين إزاي مش فاهمه!
تنهد وقال بتعب: قاللي إن معتز أخلاقه عاليه وعنده طموح ومش عارف إيه.. بس هوائي وطايش ومش عارف هو عايز ايه بالظبط.. يعني قالهالي بالطريقه كده إن ممكن يكون مجرد إعجاب أو إنجذاب ويومين تلاته كده ويروحوا لحالهم..
_وحضرتك ليه سألته علي معتز؟ حتي لو كان قال عليه إمام مسجد أنا مكنتش هوافق!
نظر إليها بضيق وقال: تعرفي إنه أرمل وعنده بنت!!!
توارت عيناها عنه قليلا وقالت: أيوة.
كانت هنا الصدمه الثانيه!!
نظر إليها بدهشه وقال: أيوة؟!! وليه مقولتليش؟
_مجاش فرصه.
أجابت بإقتضاب ليقول وقد تجهم وجهه: مجاش فرصه ولا عشان عارفه إني هقف عند النقطه دي!
_وعيبه إيه بس يا بابا!! هو مطلق؟! ده أرمل!! يعني مراته ميته، إيه ذنبه هو يقضي بقية حياته لوحده؟!
لأول مره يري تمسكها بشئٍ ما ودفاعها المستميت عنه..
لم تعُد تلك الفتاه التي سرعان ما تذعن لأوامره وتلبي رغباته دون نقاش..
لم يَعُد حديثهُ مُسلّم به..
_أنا مقولتش ذنبه، أنا مليش دعوه بيه.. أنا بتكلم عنك إنتي.. ذنبك إنتي إيه تتجوزي واحد كان متجوز ومعاه بنت!! والواضح إنها بنت كبيره يعني مسئوليته تجاهها أكبر! لا انتي مطلقه ولا عانس ولا أرمله زيه.. ليه متاخديش واحد إنتي أول بخته زي ما هو أول بختك!
إنزعجت ملامحها بشده وقالت بتذمر: هو إيه اللي اول بختي وأول بخته يا بابا، كان زمان الكلام ده…
قاطعها مجددًا وقال: ملشي ياستي يا بتاعة الايام دي،أنا راجل دقه قديمه ودماغي قديمه زيي، وكل واحد حر في طريقة تفكيره وحر يمشي بيته ازاي.
_يعني إيه؟
نهض بغضب وقال: يعني قفليلنا عالحوار ده يا آصال.. كلماين وخلاص قولناهم.. خلصت
إتجه إلي غرفته صافقًا خلفهُ الباب بحده أربكتها لتتجه بدورها إلي غرفتها وأغلقت خلفها الباب.
ألقت بجسدها إلي الفراش بحزنٍ كسا ملامحها ببراعه ثم أمسكت بهاتفها وكتبت رقم رياض لتقوم بالإتصال به، ولكنها تراجعت في آخر لحظه وألقت الهاتف إلي جوارها بعشوائيه ثم تسطحت علي الفراش و شخصت بصرها نحو نقطةٍ ما.
……
في الصباح، نهضت بتكاسل ونظرت في الساعه المعلقه علي الحائط ثم وثبت سريعًا وتوجهت إلى المغسل وإستعدت في غضون دقائق بسيطه ثم خرجت من غرفتها لتري والدها وهو يقوم بتحضير طعام الإفطار ثم قال بإبتسامه: صباح الخير يا لولو..
تعجبت تغير حاله بين الأمس واليوم ثم تقدمت منهُ ورددت بإبتسامه: صباح الخير يا بابا..
_اقعدي يلا افطري، عاملك فطار إنما إيه.. وصايه.
جلست وبدأت بتناول طعامها علي عجالةٍ ثم نهضت وقالت: الحمدلله ، ألحق أروح أنا الشغل.
أومأ وقال: ربنا معاكي.
_ياارب.
إستدارت لتنصرف ولكنه إستوقفها عندما قال: آصــال..
نظرت إليه بإهتمام فقال: ركزي في شغلك.
أدركت المغزي من كلماته فأومأت بموافقه ثم إنصرف..
إستقلت سيارة أجره قصدتها للذهاب الى الشركه لتظل شاردةً تفكر في حديث والدها..
لم تستطع أن تدرك غايته مما فعل بعد.
هل كان طلبهُ لملاقاة رياض كي يطلب منهُ مشورةٍ فيما يخص طلب معتز!! أم كان له غرضًا آخر خفيًا لم يُخبرها به
توقفت السياره أمام مقرّ الشركه ثم ترجلت منها ودلفت إلي مبني الشركه ومنه إلي مكتبها.
…..
_آصال أنا معجب بيكي، ومن قبل معتز كمان، وكنت ناوي أتكلم مع والدك في الوقت المناسب، لا كنت ناوي أفاتحك إنتي في الموضوع الأول.. يييييييه..
_آصال أنا من زمان وأنا حاسس إني معجب بيكي، يعني جايز حب مش مجرد إعجاب، الحقيقه هي مشااعر كتير مش عارف أسميها، لكن اللي متأكد منه إني عايزك..
توقف وتمتم بحنق: وإيه عايزك دي كمان!!
إنفرج الباب بغتةً ودلف معتز الذي توقف أمام الباب وسأل بتعجب: إنت بتكلم نفسك!!
حمحم محاولًا لملمة شتات نفسه وعاد يطالع تلك الأوراق الموجوده أمامه متصنعًا الإنشغال وهو يقول: في حاجه؟!
حك معتز مؤخرة رأسهُ بتردد ثم جلس علي المقعد المقابل له ؛ فرفع رياض ناظريه عن مكتبهُ وشخص ببصره نحوه بإهتمام..
_أصل بصراحه أنا حاسس إنك مضايق مني عشان خدت خطوة زي دي من غير ما أقوللك..
إنفجر بالحديث بغتةً وقال: مش عشان مقولتليش يا معتز، عشان إنت خدت خطوة مش مدروسه، خدت خطوة وإنت مش متأكد منها.. أنا مش عارف إمتا حسيت إنك بتحب آصال ولا معجب بيها !! إنت عمرك ما جبت سيرة حاجه زي كده..
مسح الآخر علي وجهه بغضب وهو يخلل شعره بأصابعه مرات متكرره ثم قال: معاك حق، أنا فعلا متكلمتش معاك قبل كده في حاجه زي كده، بس أنا من فتره طويله وتقريبا من أول ما آصال إشتغلت هنا وأنا حاسس إني مشدود ليها..
_وإنت أي واحده تتشد ليها تتقدم لها؟! ده إنت بقا مش هتسيب كائن حي يفلت من تحت إيدك..
ضحك الآخر متصنعًا الفخر وهو يقول: من فضلك متبالغش..
_معتز لو سمحت، مفيش مجال للهزار دلوقتي أبداا..
تراجع الآخر عندما لمح ضيق صديقه والذي أخرج سريعًا علبة سجائرهُ وأشعل واحدةً وبدأ بتدخينها وهو مغمض العينين وقد أراح رأسه للخلف محاولًا تهدئة حاله ثم زفر دخان السيجاره ثم أخذ نفسًا بطئ،عميق حتي إمتلأت رئتيه بالهواء.
كان لا يزال علي وضعهِ المسترخي ولكنه إعتدل فجأةً وهو يقول: وبعدين إنت مش قُلتلي قبل كده إنك حاسس إنك بتحب إتنين؟!.. بإعتبار إن آصال واحده منهم، مين التانيه؟
نظر إليه معتز بتردد ثم أشاح بوجهه جانبًا وأعاد النظر إليه مجددًا فقال رياض ساخرًا: سر حربي هو ولا إيه؟!
_رقيه.
نطقها ببساطه نقيض ذلك الضجيج الذي لا يهدأ سواء أكان بعقله أو بقلبه..
إبتسم رياض بتهكم وأردف يقول: تصور إني كنت حاسس، طب والله العظيم كنت عارف إنها رقيه.. هارشك أنا بردو..
أفتر ثغره عن إبتسامةٍ عريضه ليستطرد رياض قائلًا: وطبعا انت لما لقيت رقيه إتخطبت وحسيت إن شكلك بقا أهبل لأن مفيش إعجاب من نحيتها زي ما في إعجاب من نحيتك فـ إنت حبيت تنتقم لكرامتك روحت من غير ماتفكر هوب كنتلوب إتقدمت لآصال.. من غير ما تفكر بقاا هل إنت فعلا عايز ترتبط بيها ولا لأ، أو مثلا هيكون إيه تصرفك لو رفضت.. من غير ما تدي لنفسك الوقت الكافي اللي يخليك تفهم هل إنت فعلا عايز تخطبها وبتحبها ولا بس إتقدمتلها لمجرد رد إعتبار لنفسك..
أسند معتز مرفقيه وإتكأ بهما علي فخذيه، واضعًا رأسه بين يديه بإحباط وقلة حيله.
هز الآخر رأسهُ بتعجب من حال صديقه ثم قال: بص يا معتز، أنا مُتفهم للحاله اللي إنت بتمر بيها، بس أنا مش عايزك تسيبها تتمكن منك لأقصي حد كده!! لازم تفوق وترسي علي بر لأن لو فضلت حيران وتايه كده هتفضل تاخد خطوات غلط ورا بعضها وفجأه هتتصدم إنك وصلت لنقطه مش دي اللي كنت عايزها من البدايه أبدا، عشان كده بقوللك خلي عندك تروي شويه، بلاش تهور وإستعجال، لازم قبل ما تاخد أي قرار تدرسه كويس أوي، تشوف نتايجه وعواقبه وإيه اللي هيترتب عليه، لازم تحط كل الإحتمالات قدامك وتكون جاهز ليها.. كفاياك عبث بقااا.
هُنا كان فصل الخطاب خيث ألقي رياض أواخر كلماته وإنتهي، عائدًا بظهرهِ إلي الخلف مجددًا وهو يشعر بأنه قد فرغ لتوه من إحدي المعارك الضاريه .
_يعني أعمل إيه دلوقتي!
تسائل معتز بقلة حيله ليقول رياض بعصبيه: أهو ده اللي إنت فالح فيه، شبه العيال الصغيره تجري تعمل المصيبه وتيجي تعيط وتقوللي أنا أعمل إيه دلوقتي.. مع إنك لو كنت خليت عندك شوية صبر وخدت رأيي الأول كنت هفيدك وأدلك علي التصرف الصح..
_رياض وحياة امك بلاش تجلدني أكتر من كده، كفايه جلد الذات اللي أنا فيه.. اللي حصل حصل خلاص،أتصرف إزاي أنا دلوقتي.. وفرضنا آصال وأبوها وافقوا علي الخطوبه وإتخطبنا وجيت بعدها إكتشفت إني بحب رقيه مش آصــال، هتصرف إزاي دلوقتي!
كان قد إنتهي لتوّه من تدخين تلك السيجاره التي لقت حتفها علي يديه وراح يُشعل واحدةً أخري فقال وهو ممسكًا بقداحته يثبتها أمام فمه ليشعل السيجاره المثبته بفمه: مش هتوافق!
بدأ بتدخين السيجاره تحت أنظار معتز الذي يحدق بهِ بتعجب وقال: مش هتوافق ليه؟! مين اللي قالك؟!
ليجيبه الآخر بثقه لا يعلم من أين لهُ بها: Becaus you’re not her type ..
_لا والله.. وانت بقا اللي نوعها المفضل ؟! وبعدين عرفت منين اذا كنت أنا her type ولا مش her type..
بسط راحتيّ كفيه أمامه وقال: لأن ببساطه آصال إنسانه واضحه، هاديه، رقيقه، وعلي قد ماهي رقيقه هتلاقيها قويه، التجربه اللي مرت بيها خلتها تبقا متحفظه جداا في اختياراتها وقراراتها، وأكيد لما تيجي ترتبط مش هترتبط بالهوائي الطايش اللي كل يوم بحال..
همّ بالإعتراض وقال: مش ذنبي إني كتاب مفتوح..
ضحك رياض باستهجان واضح وقال: قول كتاب متقطع ومتهلهل خمسين حته واللي جواه واضح للكل، يا أخي دنتا حتي موظفين الاستقبال حفظوك وحفظوا حواراتك..
_ااه، وانت بقا الراجل الغامض بسلامته اللي محدش يعرف أوله من أخره..
ونهض وهو يستطرد: أنا رايح علي مكتبي أشوف شغلي ، منك لله كلت دماغي ،كلام كلام كلام.. إيه يا أخي!! إييييه بقاا يا أخي..
وغادر تاركًا خلفه رياض يتمتم ساخطًا: مفيش فايده أبدا.
…..
قبل أن يدلف معتز إلي مكتبه ران بصرهُ سريعًا إلى مكتب رقيه ليتجهم وجهه فور رؤيته لذلك اللزج كما ينعتهُ سرًا ثم توجه إلى مكتبها بغضب.
_صباح الخير.. هاتي الملفات اللي راجعتيها يا آنسه رقيه من فضلك..
تحدث وهو ينظر بساعة يده متصنعًا الإنشغال ،متعمدًا تهميشهما لتقول هي بإرتباك واضح: بس أنا لسه مخلصتش مراجعة كل الملفات..
ليقاطعها مكشرًا عن أنيابه وتحدث بإنفعال وصوتٍ جهور وكأنهُ زئير مرعب وقال: اومال حضرتك سايبه شغلك وقاعده تتكلمي إنتي وأستاذ بديع خطيبك!!
_إسمه بليغ..
=أيًا كان، إحنا هنا مش في كافيه، إحنا في شركه محترمه وليها أصولها وقواعدها..
هب بليغ واقفًا وتمتم بإعتذار وهو يقول: الغلط مني أنا يا بشمهندس، أنا اللي أصرّيت أستناها لما تخلص شغلها عشان نخرج نختار فرش الشقه مع بعض..
حدجهُ معتز بنظراتٍ من لهب وإن كانت النظرات تحرق لأشعلته في التو.
_عايز تستناها يبقا تستناها في أي مكان تحت، إنما مينفعش تقعدلها كده فوق دماغها وهي بتشتغب، وبعدين عفش إيه اللي هتشتروه! مستعجلين أوي!
نظرت إليه بتمرد ليجابهها بنظراتهِ المتسلطه ثم قال بحزم: اتفضلي خلصي شغلك بسرعه.
ونظر إلي بليغ وقال باسطًا يدهُ: فرصه سعيده يا أستاذ بليغ…؟؟
أسرعت رقيه بالإجابه حيث قالت: بليغ…
_أنا بسأله هو..
قاطعها بفظاظه ليجيب بليغ قائلا بإبتسامه: بليـغ حمـدي.
ودّ معتز أن ينفجر ضاحكًا ولكنه إمتنع عن ذلك ثم قال: عن إذنك يا أستاذ بليغ، ومتنساش توصل سلامي للمرحومه ساميه جمال.
وإنصرف متجهًا نحو مكتبه مرةً أخري بينما تركها تغلي وتزبد من شدة الغيظ.
…..
توجهت آصال إلي مكتب رياض لتسليم ما تمكنت من تنفيذه من تصميمات حتي الآن..
دقت الباب فأذن لها بالدخول ففعلت، تقدمت منه وهي تشعر بالتوتر إلي أن توقفت أمامه و حطت ما تمسك بيدها أمامه ليرمقها هو بنظرةٍ شموليه أحاطتها ثم قال: خلصتي؟!
_لسه شوية حاجات بفنشها يعتبر..
أومأ وهو يتفحص ما صنعت بإكبارٍ وإعجاب ثم نظر إليها بإبتسامة رضا وقال: هايل يا آصال، إنتي فعلا ممتازة.
زفرت براحه وقالت: أخيرا، الحمد لله.
_لو في حاجه وقفت معاكي في الباقي قوليلي..
أومأت بموافقه ليقول بعد أن حمحم: أكيد والدك بلغك باللي كان عايز يقابلني عشانه..
تصاعدت دماء الغضب إلي عيناها وقالت: أيوة قاللي..
هز رأسهُ متسائلاً: وإيه رأيك؟
مسحت علي عنقها مطولًا وقالت: إيه رأي حضرتك؟
أزاح بصرهُ عنها وقال: نفس اللي قولته لوالدك.. وأكيد خدتي خبر بيه.
أومأت بتأكيد ليقول: القرار الأول والأخير ليكي، فكري كويس جداا وبعدين قرري..
_بس أنا مش موافقه..
قالتها وهي تستشف ردة فعله لتجده وقد نظر إليها مبتهجًا يحاول تجريد وجهه من أي تعبيرات وتسائل: مش موافقه ليه؟! عشان كلامي مع والدك ولا في حاجه تانيه؟
_من غير كلامك مع والدي، بشمهندس معتز منطلق وحيوي زيادة عن اللزوم،أنا مش هقدر أكون كده! أنا كل حاجه بحسبلها، مقدرش أعيش بنفس أسلوبه..
أثلجت كلماتها صدره ولكنهُ لم يُظهر ذلك، نهض وإستدار من خلف مكتبه ثم جلس علي المقعد المقابل لها وتحدث بهدوء وقال: طيب ووالدك رأيه إيه؟
_بابا أهم حاجه عنده راحتي ؛ عشان كده مستحيل هيوافق وانا رافضه..
أومأ بتأييد وقال: عامةً ربنا يقدم اللي فيه الخير.
نهضت لتتجه إلي مكتبها ولكن نداء رقيه قد إستوقفها لتتجه لها علي الفور..
….
في تلك الأثناء كان يقبع معتز خلف مكتبه يستعيد حديث رياض ويكرره بخلده مرات عديده..
نهض من مقعده قائمًا وقد إنتوي الذهاب إلي مكتب رقيه ليعتذر إليها عمّا بدر منهُ..
….
_أيوة يا رقيه، محتاجه حاجه؟
تسائلت آصال بينما كانت الأخري تفرك يداها بتوتر مفرط وهي تشعر بأن الغضب قد تملك منها وأصبح باديًا، أشارت لها بالجلوس فجلست وتسائلت مجددًا: في إيه شكلك مضايقه!
تحدثت رقيه بغضب شديد وقالت: مضايقه بس! قولي هطق، هفرقع، هولع من الغيظ..
_بس بس، إيه كل ده، بعد الشر عليكي، مالك حصل إيه؟
=سي زفت معتز، شاف بليغ هنا فتح جعورته عليا وخلي منظري زي النيـله قدامه، لا وعمال يقوللي إحنا هنا شركه محترمه مش في كافيه.. وكلم بليغ من طرطوفة مناخيره بمنتهي العجرفه وقلة الذوق..
…..
_فاتح جعورتي!
تمتم معتز الذي وصل لتوّه أمام مكتبها وإستمع إلي حوارها المنزعج مع آصال وأضاف: قال وأنا اللي كنت جاي أعتذرلك! ده إنت متستاهليش غير كده فعلا، ده إنتي عايزه تترچمي…
……
زفرت الأخري بضيق وقالت: طيب يا رقيه ماهو إنتي غلطانه بردو، ليه بليغ يكون موجود في المكتب أثناء الشغل! ليه حق معتز يتكلم..
=هو إتكلم بعقل؟! بقوللك كان بيزعق وصوته ده ولا سماعات الجامع اللي جمب بيتنا، وعامللي فيها مدير الشركه بجد وعمال يقوللي شعارات..
ضحكت آصال فتجعدت تلك الخطوط المحيطه بفمها وجوار عينيها لتكسبها جمالاً وجاذبية وقالت: طيب معلش هدي نفسك، مستر معتز معروف يعني دي مش أول مره يحصل صدام بينكوا..
قضمت رقيه أظافرها بغيظ وتمتمت وكأنها تتحدث إلي نفسها: آاااه يا معتززز يابن كراويه، أخرتك معايا زي الطيـن أقسم بالله.
…..
توسعت حدقتيّ معتز بذهول وهو يردد: معتز وإبن كراويه كمان!! الاتنين في جمله واحده! ده إنتي اللي آخر يوم ليكي هنا النهارده يا أنثي اليعسوب إنتي..
…..
أشارت لها آصال بالصمت وقالت: بس ليسمعك، إنتي عارفاه بيطلع من حيث لا ندري..
زفرت بحنقٍ يملؤها وقالت: أه يختي مخاوي، مش عارفه أنا كان جرالي إيه خلاني إتقندلت علي عيني وحبيته .. بقا من بين كل رجالة العاالم يااربي محبش غير إبن المجنونه اللي دماغه مهويه ده!!
….
شعر وكأنهُ قد فقد آخر ذره من ذرات تعقله..
ماذا قالت؟!
لاا علي الأغلب لقد إختلط عليه الأمر، لقد خُيّل لهُ..
….
تحدثت آصال بشفقةٍ من حالها وقالت: طيب يا رقيه أنا لحد دلوقتي مش قادره أفهم، ليه وافقتي تتخطبي لبليغ وإنتي لسه بتحبي معتز، ناويه علي إيه؟
زفرت الأخري بقلة حيله وبرز صوتها خافتًا تقول: مش عارفه، أنا حطيت نفسي في حوار أكبر مني ورجعت ندمت ، زهقي وغضبي من معتز خلوني هموت وأثبتله إني مش هفضل قدامه طول العمر، إني مش رهن إشارته.. لقيت نفسي إتدبست في خطوبه وليله كبيره أوي ومبقيتش عارفه أتصرف إزاي.. وكل ده والبأف معتز ولا هو هنا..
تنهدت آصال بحيؤه وقالت: طيب وبليغ، ذنبه إيه يتعلق بيكي وبعدين تسيبيه.. إنتي غلطانه يا رقيه.. جيتي تعالجي الغلط عالجتيه بغلط أكبر منه، والمتضرر الوحيد هو بليغ اللي إتعشم وأكيد دلوقتي بيرسم آمال وأحلام لمستقبلكوا سوا، هيكون مصيره إيه لما تصدميه صدمه زي دي!
نظرت إليها رقيه وقد سالت دمعاتها بيأس وهوان وقالت: مش عارفه، مش عارفه أتصرف إزاي! أنا حاسه إن أنا في دوامه..
_أول حاجه لازم تعمليها يا رقيه إنك تتراجعي عن الغلط ده.. لازم تسيبي بليغ في أول فرصه..
=أسيبه؟!
تسائلت رقيه بتعجب فأومأت آصال مؤكده وقالت: أيوة طبعا تسيبيه، طول ما قلبك فيه معتز مش هتعرفي تشوفي ولا تحبي غيره، يبقا إنتي كده غير إنك بتهلكي نفسك وأعصابك فـ إنتي بتظلمي غيرك.. كل لحظه بتعدي وإنتي بتوهمي بليغ إن ممكن يكون بينكوا أي رابط فـ إنتي كده بتظلميه.. وبتظلمي نفسك كمان.. سيبيه يا رقيـه.. سيبيه لإنك طول ما إنتي معاه هتفضلي حاسه بالذنب وهتفضلي بتظلميه..
أعادت شعرها للوراء بحركة عشوائيه وأضافت بتشتت: وهقولله إيه؟ أقولله أنا بحب واحد تاني!! ولو سألني ليه وافقتي عليا من الأساس هقولله إيه!!
_مش لازم تقولي عشان كذا.. قوليله إنك مش مرتاحه، لو صارحتيه بالحقيقه مش هيسامحك، وممكن تتسببي له في عقده نفسيه ميقدرش يخرج منها أبداا.. قوليله أي سبب المهم تبعدي، بلاش تفضلي تستنزفي في مشاعره وفي الآخر تسيبيه..
…
إستمع معتز إلي حوارهما بالكامل وهو لا يزال علي نفس حالته المصدومه..
هل تعشقه حقًا!!
هل فعلت كل ذلك من أجل لفت إنتباهه لها فقط!!
هل كانت تتعمد إثارة غضبه ؟! تتعمد إثارة غيرته عن قصد؟!
وقف مشدوهًا مصدومًا شاردّا إلي أن إنتشله من شروده صوت ذلك الكعب ليسرع عائدًا إلي مكتبه .
…..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه)