روايات

رواية عازف بنيران قلبي الفصل العاشر 10 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الفصل العاشر 10 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الجزء العاشر

رواية عازف بنيران قلبي البارت العاشر

عازف بنيران قلبي
عازف بنيران قلبي

رواية عازف بنيران قلبي الحلقة العاشرة

أنا الذي ماتت أغصاني، وجف ينبوعي، أنا الذي تحولت جنات عشقي، مقابراً لدموعي كان كاذبا عندما قال انه يحبني
حقا مُؤلمة جدًا تلكَ الأوجاع
التي نُخبئها خلف إبتسامات كاذبة و ضحكات ليست من القلب
❈-❈-❈
‏أنهى حمامه، ثم اتجه لغرفة أخيه ظنا أنه وحده لم يكن على علم بوجود ليلى بالقصر، كان يرتدي ثيابا بيتيه تتكون من تيشرت ضيق من اللون الأسود يبرز عضلاته وبنطال من اللون الرمادي ..فتح الباب فجأة وهو يتحدث إلى أخيه
– سليم !! ولكنه توقف عن الحديث عندما وجد أخيه يضمها بذراعيه و يقبلها ، ابتعد يواليهما ظهره متجها للخارج متأسفًا
– آسف مكنتش أعرف أن معاك حد…قالها بأنفاس متقطعة متجها لغرفته..ناداه سليم
– راكان أستنى..توقف مجرى الدم بعروقه وتثلجت أوصاله حينما ناداه سليم، هو الآن لايريد أن يرى أحدا، أو يتحدث ..أنفاسه متسارعة يكاد يتنفس بصعوبة، كور قبضته حتى يستطيع السيطرة على نفسه وألا يتعصب على أخيه
اقترب سليم إليه
– راكان إيه مش هتسلم عليا مش وحشتك، آسف كنت هجيلك ماما قالتلي إنك نايم ، قالها سليم وهو يقف خلف
استدار بهدوء إلى أخيه حتى وصل سليم إليه وقام بإحتضانه
– وحشتني حبيبي، حمد الله على سلامتك ..لم يستطع التحدث ولا حتى النظر إليه كأنه فاقد لكل شيئا، هز رأسه وهو يرسم إبتسامة على وجهه، لحظات وهو يحاول أن يجمع شتات نفسه ولكن كيف عليه التحمل وهو يستنشق رائحتها على ثياب أخيه
تحرك سريعا لغرفته دون حديث، فقد تحمل مالا يتحمله أحدًا، أغلق الباب خلفه ولم يستمع سوى لأنفاسه المتسارعة، انزلقت عبرة غائرة بجانب عينيه هوى جالسا عندما فقد الحركة
والمشهد أمام عينيه، هي بأحضانه ويقبلها بلهفة عاشق حد النخاع وهي صامتة بأحضانه كأنه حبيبها منذ أعوام
رجفة قوية أصابت جسده حتى شعر بارتعاش جسده كالذي يعاني بحُمى، ليته يعاني حمى الجسد، ولا يعاني حمّى قلبه
أطبق على جفنيه حتى عصر عينيه يلكم رأسه وهو يصرخ بآهات محبوسة داخل صدره كيف عليه أن يخرجها ، كيف عليه أن يحكي مايؤلم صدره، ماأصعب هذا الشعور
اتجه لمرحاضه وقام بفتح المياه ووقف تحتها بملابسه عندما فقد السيطرة بالكامل على نفسه جلس تحت المياه حتى اختلطت دموعه بالمياه
يعض على كفيه وصورتهما أمام عينيه
دلف سليم بعد فترة إلى جناحه وظل ينادي بإسمه …ولكنه تراجع وانتظر بالخارج ينتظره
ظل راكان فترة ليست قليلة داخل مرحاضه مما انتاب سليم شعوره بالخوف عليه، فاتجه إليه يطرق على باب المرحاض
– راكان إنت كويس !!..استمع لصوته بالخارج فأجابه بصوتا كاد أن يكون متزنا
– كويس ياسليم، شوية خارج
وقف أمام المرآة ينظر لنفسه لعينيه التي تغير لونها، ووجه الذي أصبح عبارة عن لوحة من الألم والحزن والغضب معا، حتى حدث حاله
– لمّا من أولها عامل كدا، طيب قدام هتعمل إيه
واحدة باعتك وهي عارفة ومتأكدة إنك حبيتها
نسيت قالتلك إيه عايزة تشوف وجعك، برافو عليها طلعت أقوى منك ياحضرة وكيل النيابة
ابتسم بسخرية على نفسه
– إزاي تدي لواحدة مكانة مش تستهالها، ضغط على أنينة عطره حتى تهشمت بيديه، ولم يشعر بذاك ، فقط صدى صوتها باذنيه وهي تحادثه
– عايزة أشوفك بتتألم كدا ياراكان وانت شايف حبيبتك في حضن أخوك
آآآآآآه خرجت منه صرخة وهو يدفع كل ماامامه من على المرآة حتى أصبح حمامه عبارة عن أشياء متناثرة بكل مكان …دلف سليم سريعا وهو يدفع باب الحمام حينما استمع لصرخاته
– راكان فيه ايه؟! إيه اللي حصل؟
أشار بيديه حتى يتوقف وابعد نظره عنه
– مفيش حاجة افتكرت حاجة وعصبتني مش أكتر إنزل وأنا شوية هنزل، أنا أصلا ماليش نفس..دنى سليم منه وهو يدوس على الزجاج المتناثر بهدوء حتى لا يؤذي راكان عندما سحبه بهدوء
– خلي بالك الإزاز، ممكن يدخل لرجلك.. رفع نظره لأخيه أخيرا ووجد لهفته وحزنه عليه، لم يشعر بنفسه إلا حينما جذبه وهو يضمه لأحضانه مردفا:
– سليم أنت عندي اغلى من روحي، خليك دايما متأكد لو طلبت حياتي مش هتأخر عنك
خرج سليم من أحضانه ينظر إليه بتيه ثم تسائل:
– مش فاهم حاجة ياراكان، طول عمرك وإنت سندي وحمايتي وقوتي، ليه الكلام دا دلوقتي
احتضن وجهه وأغروقت عيناه بالدموع
– عايزك تبقى واثق أن أخوك عمره مايفكر يأذيك حتى لو بنظرة، خليك دايما واثق فيا أوعى في يوم الثقة دي تهتز مهما يحصل، والله مستعد أفديك بروحي، قالها وانزلقت دمعة من عينيه لم يستطع السيطرة عليها
كانت تقف على باب الغرفة واستمعت لحديثهما فدلفت وهي تبكي وتتحدث
– وأنا كمان ماليش دعوة عايزاكو تفدوني بحياتكم .. قالتها بشقاوتها مما ابتسم راكان يجذبها لأحضانه
– أنت أميرة قلب اخوكي، واللي يفكر بس يقرب منك اكله بسناني حتى لو الزفت يونس
ضمهما سليم وهو يقهقه
– وأنا عايز من العشق الممنوع دا، ضحكات صاخبة منهما وهو يضموا بعضهما البعض
دفعهم بمزاح
– عايز ألبس ياحلو منك ليها، ايه الأحضان اللي ببلاش دي
ضحكت سيلين بشقاوة وبسطت يديها
– عايزة عشرين مليون جنيه عشان اشتري فستان لفرح الأستاذ اللي جنبك دا
قطب مابين حاجبه وغمز إليها
– لو فرحي مش هديلك عشرين بس، وحياة مراتي اللي لسة مشفتهاش مية مليون لأحلى بنوتة
وضع سليم يديه بخصره:
– نعم ياختي منك له، عايزة كام، ليه دا فرح الملكة ايزابيل فستانها ماوصلش للمبلغ دا
– هنا تذكر سليم شيئا فاستدار إليه متسائلا:
– مقولتش الفستان دا بكام، شكله غالي جدا، شايف تصميمه مكلف شوية
ربت على كتفه وأجابه:
– متبقاش عبيط مفيش حاجة تغلى عليك، ياله أمري لله اعتبرها هدية فرحك مع إني عاملك مفاجأة حلوة كمان
دقق النظر إليه وتسائل:
– إيه غرضك من جوازك ياراكان..اتجه لغرفة ملابسه وهو يشير لسيلين
– اسبقينا حبيبتي، وأنا هلبس وانزل
ضربت سيلين بخفة على وجهها
– اوووبس ماما زمانها هتقوم القيامة، دول مستنينك بقالهم فترة عشان الغدا، الضيوف زمانهم زهقوا مننا
ضيق عيناه متسائلا:
– ضيوف؟! هو إحنا عندنا ضيوف
– إيه يابني انت نسيت ولا إيه!! دا لسة شايفني مع ليلى من شوية
رجفة سرت بجسده عندما ذكره بصورة أراد لو يمحيها من ذاكرته للأبد..ابتسم إليه إبتسامة بسيطة وأردف متسائلا:
– قصدك إيه؟
أجابه سليم :
– ليلى وأهلها تحت ماما عزمتهم على الغدا، وكمان اتصلت بحلا ولسة ماتكلمناش في موضوع حلا دا خليك فاكر
اخذ عدة أنفاس عله يهدأ من ضجيجه الداخلي وأشار بيديه:
– طيب إنزل إنت وأنا هلحقك ..هبط سليم للاسفل حيث تجمع العائلة، بينما توقف راكان ينظر حوله بتيه وتشتت محاولا استجماع نفسه
-انت قدها مش دي اللي تبكي عليها، مش دي اللي تخسرك اخوك، مش دي اللي تحرق قلبك، وانت شاكك إنها عارفة إنك بتكنلها مشاعر..فوق عمرك ماكنت ضعيف، دوس على قلبك، لو وصلت تفتح صدرك وتطلعه من جسمك، فوق ياراكان، فوق..ظل يكررها عدة مرات
❈-❈-❈
عند ليلى بعد رؤية راكان لهما
دفعت سليم وجسدها يرتعش، حاولت أن تتحدث وتسيطر على نفسها ولكنها ضعفت..مسد سليم على ظهرها
– ليلى إيه اللي حصل؟ إنتِ مكسوفة من راكان
عادي حبيبتي متنسيش إننا متجوزين
– لا مش متجوزين ياسليم..قالتها بغضب، ياريت يبقى في حدود لحد مااجي بيتك
توسعت عيناه مذهولا وهز رأسه رافضا حديثها
– لا طبعا إنتِ مراتي على فكرة، وليا حقوق كتير إلا حاجة واحدة
هبت من مكانها مذعورة عندما علمت بمعنى حديثه فنظرت إليه بغضب، نعم لقد اختل توازنها بالكامل لم تعد تتحمل ما تشعر به
– لا طبعا انت من حقك تمسك أيدي ونقعد مع بعض لوحدنا بحدود، غير كدا إحنا في حكم المخطوبين
انكمشت ملامحه بإعتراض تجلى في نبرته عندما تحدث
– ليلى إيه اللي بتقوليه دا، إنتِ مراتي..
شعرت حينها بانياب حادة تنهش بصدره وتمزق قلبها، هناك جبل يطبق على نفسها وتختنق
اغروقت عيناها بالدموع عندما عجزت عن رده فجلست على الفراش تضع يديها على وجهها وتبكي بصمت
اتجه يجلس أمامها عندما اصيب بالرهبة من حالتها التي ظهرت عليها من قبلته الوحيدة
انزل كفيها يضم وجهها بين راحتيه
– ليلى حبيبتي ممكن تتكلمي معايا بصراحة، انتِ ليه وافقتي تتجوزيني وانت في حياتك حد تاني
صدمة اصابتها وهي تهز رأسها وعبراتها تسقط من وجنتيها ..هنا أتقن سليم أن بحياتها شخص آخر
نصب قامته وتوقف يواليها ظهره
– أنا حبيتك وحبيتك قوي كمان، لكن توصل إنك ..نهضت سريعا تقف بمقابلته
– لا ياسليم مش زي ماانت مفكر، مفيش حد في حياتي اقسم بالله مافيه حد في حياتي، يعني مش مواعدة حد ابدا، بس فيه موضوع مهم لازم تعرفه بعد الغدا
أمسك كفيها ونظر لمقلتيها
– أنا معاكِ ياليلى لو مفيش حد شاغل قلبك، أما لو اي حاجة غير كدا كله يهون، أهم حاجة عايز قلبك ليا وبس، أنا مش هتحمل فكرة مراتي متجوازني عشان تنسى حبيبها، صدقيني وقتها ممكن تشوفيني سليم تاني خالص
رفعت كفيها المرتعشين تضم وجهه مع انسدال عبراتها:
– إنت جميل قوي ياسليم، وتستاهل حد احسن مني، حقيقي أنا خسارة فيك، خايفة مقدرش أسعدك.
ختمت كلماتها بدموع الوجع، أمسك كفيها يقبله
– وأنا مش عايز غيرك، أما لو فيه حد تاني أوعدك أنسحب
– مش عشان كدا ابدا، أنا بس أول مرة حد يقرب مني كدا، غير أن أخوك شافنا، دلوقتي يقول عليا إيه
مسح دموعها وتحدث بصوتا متهدج بمشاعره
– حبيبتي عادي اللي بيحصل بينا دا، ومتخافيش راكان عمره مايفكر فيكِ بسوء
ابتعدت عنه عندما استمعت لطرقات على باب الغرفة، دلفت العاملة
– والد حضرتك عايزك تحت ياهانم ..أومأت برأسها دون حديث، رفعت بصرها وتحدثت:
– لازم نتكلم، هحكيلك كل حاجة وقتها القرار في أيدك.. قالتها ثم تحركت للخارج
زفر مختنقا ثم توجه إلى غرفة أخيه
بعد قليل تجمع الجميع حول مائدة الطعام، كانت زينب تشرف بنفسها على المائدة..اتجهت ليلى تجلس بجواره ثم همست إليه:
– عايزة بعد الأكل نخرج الجنينه، ممكن!! شكلها حلو قوي، وأنا بحب المناظر دي، استدار يومأ برأسه
– طبعا حبيبتي الجنينة وصاحبها تحت أمرك
كان أسعد يترأس المائدة بجواره زوجته وعلى الجانب الآخر عاصم وزوجته..هبط راكان وهو يوزع نظراته على الجميع
– آسف أتأخرت عليكم …قالها بإبتسامة عذبة من يراه الآن لم يقل أن هذا الذي كان يصارع نفسه
❈-❈-❈
جلس بمقابلة والده على المائدة مرحبا بالجميع اتجه بنظره لحلا التي ترسم ابتسامة فدنت برأسها
– دا كله تأخير، أنا زهقت وكنت همشي،
قوس فمه وأجابها:
– وإيه اللي قعدك؟
توسعت بؤبوتها مشدوهة من حديثه المستفز
– دي مقابلتك ليا بعد أكتر من أسبوع ياراكان
أشار بعينيه على الطعام وهو يرسم إبتسامة ثم تحدث
– كلي حبيبتي وبعدين نتكلم …دلفت فرح وسارة في تلك الأثناء
– هاي ياجماعة …إيه دا عندكم ضيوف
استدار راكان يبتسم بسخرية مردفا
– اهلا برنسس العيلة الفاشلة، قالها بصوتا خفيض ، ثم تحدث
– تعالي ياسوسو دول مش ضيوف ، بما أنكم أول مرة تتقابلوا فأنا هتولى التعريف بدلا عن سليم طبعا
تسمحلي ياسليم قالها وهو ينظر إليه بمغذى
تعالي يافرح اتغدوا معانا ..هذا ماأردف به أسعد
اتجهت فرح تجذب مقعد بجوار راكان وتحدثت بصوتا مرتفع بعض الشئ وهي توزع نظراتها بين ليلى وحلا ودرة
– إيه ياآبيه راكان مش تعرفنا على ضيوفك
كانت نبرة قوية موجهه إلى سليم
وضع محرمة الطعام الخاصة به على ساقيه ورفع نظره إلى عاصم
– أعرفك يا استاذ عاصم ..دول بنات عمي سارة وفرح، بنات عمي جلال ..طبعا حضرتك شوفته يوم الخطوبة، وبما إن الخطوبة كانت على الضيق فمحضروش
– أهلا يابنات قالها عاصم بابتسامة مرحبة بهما
ثم اتجه بنظره إلى سمية وتحدث
– دي طنط سمية حماة سليم تكون أم ..توقف للحظة عندما رفعت ليلى بصرها إليه وتلاقت نظراتهما فأكمل بصوتا كاد أن يكون متزنا
-دي الباشمهندسة خطيبة سليم واللي جنبها، باشمهندسة برضو بس لسة بتدرس ، منورة ياباشمهندسة درة
ابتسمت درة وأجابته
– ميرسي ياحضرة المستشار، أكمل حديثه متجها إلى كريم:
– ودا كريم أخو ليلى، قصدي الباشمهندسة ليلى ودرة
طالعتهم فرح بتكبر وأشارت عليهم:
– دي بقى خطيبتك ياسليم ، منورة يا…نسيت اسمك قولتلي اسمها إيه ياآبيه
انكمشت ملامح سليم ورفع بصره إليها ثم تحدث:
– ليلى مراتي يافرح مش خطيبتي، وفرحنا بعد أقل من شهرين
عقبالكم يابنات ..قالها عاصم وهو يشملهم بنظرات تفحصيه عندما لم يروقه طريقة فرح بحديثها
قاطعته سارة وهي تنظر بأصبعها ثم رفعت كفيها للجميع وهي تطالع سيلين بتشفي
– أنا مخطوبة ياعمو، إيه حضرتك مش شايف الدبلة في إيدي
نظر راكان لسيلين التي تحاول منع دموعها فرفع بصره إلى سارة:
– مبروك ياسارة، إنما خطيبك فين أراضيه مش باين يعني، إيه يابنتي هو إنتِ طفشتيه
احرقها بكلماته ..ثم رفع نظره لعاصم
– دي خطيبة الدكتور يونس طبعا حضرتك عارفه…أومأ عاصم وأجابه
– آه طبعا اتقابلنا كذا مرة
جلست فرح تطالع ليلى بنظرات تقيميه ثم اردفت
-هو أنتِ شغالة ياليلى مع سليم في الشركة..عشان كدا خطفتيه..قصدي يعني عرفتوا بعض
أومأت برأسها وأجابتها
– أيوة بقالي سنة وشهرين…كانت تتلاعب بطعامها ثم رفعت بصرها إلى سليم
– مع إن سليم عمره ماجابلي سيرتك ابدا
قاطعتها سارة وهي تتناول بعض الخضروات التي توضع أمام راكان وتحدثت بمغذى
– يمكن مفكرك هتزعلي يافروحة..فهم راكان لعبتهما
فاتجه يرمقها بنظره سخرية وهو يلوك طعامه بهدوء، ولم يعيرها إهتمام بينما سليم تحدث
– وليه أحكي عن حبيبتي للغرب ..وبعدين الرسول وصانا بالكتمان ..يمكن وقتها كان الرسول على علم من خبث النفوس،
تجمدت بأرضها وقد شعرت للحظة برغبتها في التلاشي فلم تعد تستطع الحديث

قاطعهم أسعد وهو يتحدث معتذرا
– هو إحنا مش هناكل ولا إيه الأكل برد ياسليم ،دلوقتي الأستاذ عاصم يقول علينا إيه
هز عاصم رأسه
– لا ابدا خليهم براحتهم، إحنا مش جعانين ابدا
وضعت زينب الطعام أمام سمية
– الصراحة مكنتش عارفة انتوا بتحبوا إيه، فعملت كذا نوع يارب يعجبك ..ثم اتجهت إلى راكان تضع طعامه أمامه..كان يجلس صامت لاينظر لأحد إلا إذا وجه إليه الأسئلة
– يارب ناكل مش نعمل زي العيال الصغير
رفع جسده وهمس إليها
– روحي كلي يازوزو دلوقتي الناس تقول عليا إيه طفل وأمه بتأكله
لكزته بخفة وهي مازالت تضع له أنواع من الخضار
– كل واسكت، شكلك مش عجبني الأيام دي، وياريت أنا ومراتك نكون متفقين، كنت عرفتها أزاي تهتم بيك
زفر بإختناق فهو يشعر وكأن أحدهم يقوم بخنقه، فرفع بصره لوالدته
– ماما قولت نتكلم بعدين في الموضوع دا
تحركت دون حديث وهي ترمق حلا الصامتة بجواره ..دنت حلا منه وهمست:
– راكان عايزة أمشي بعد الأكل، لو سمحت حاسة الكل مش طايقني
اقترب منها متعمد خفض صوته
– بعد كدا متخرجيش من مكانك من غير علمي
كانت ليلى تراقب حديثهما ونظراتهما بصمت، تنهدت بحزن وشعرت بوجع حاد في كامل جسدها والألم بصدرها اخذ يزداد بقسوة ..تذكرت حديث أسما
– لازم تحكي لسليم عن أمجد، وتعرفيه كل حاجة، وكان من الأفضل تحكي لراكان، بس إنتِ مُصرة أن راكان ميعرفش
انسدلت عبرة أزالتها سريعا حتى لا يراها احدا، ولكن هناك من رآها ..أخرجه عندما
مطت فرح شفتيها وتسائلت:
– مين اللي جنبك دي ياآبيه
ضحكة افلتها سليم وهو ينظر إليها بخبث
– أهو السؤال دا كنت مستنيه من وقت مادخلتي ياحلولة، وياسلام لو جدو جه رحب بيها
عقدت حاجبيها واردفت بسخرية
– اشمعنى ياسولم …
– دي خطيبتي يااستاذة فرح، فيه أسئلة تاني، ولا نكمل أكلنا …قالها راكان بغضب
حمحم أسعد حتى ينتبه راكان إليه فتحدث
– إيه رأيك ياليلى في القصر بتاعنا، بتمنى ترتاحي عندنا يابنتي
توترت ولم تعلم بما تجيبه فاتجهت إلى سليم
– اكيد حلو ياعمي، بس أهم من القصر، الدفى والحب يحاوطوا سكانه
ابتسم أسعد واتجه لأبنه:
– خير مااخترت ياحبيبي، ربنا يسعدك
رفع يديها وطبع قبلة عليها ينظر لعيناها
– ليلى يابابا دي الجمال والأحساس كله، جذبت كفيها سريعا، وتوردت وجنتيها حينما وجدت أنظار الجميع إليها
ابتسمت سيلين تنظر لوالدها
– دي درة يابابا اللي كلمت حضرتك عنها ..
ثم اتجهت لسارة
– دي خطيبة ابن خالتك، معرفش تعرفوا بعض ولا لا
نظرت سارة بإستخفاف إليها
– لا متقبلناش أنت عارفة نور عارف طريقة معرفتي بالناس، فبالتالي معرفناش على بعض
اندفعت الدماء لأوردة ليلى وأجابتها
– نفس إحساسنا برضو، مش اي حد نتعرف عليه، لازم نقيم الناس بأسلوبها، مش مظهرها
نهض راكان معتذرا
– أنا الحمد لله..أتمنى محدش يضايق، كملوا غداكم..ثم اتجه لحلا
– كملي اكلك براحتك
عند أسما ونوح
اغمضت جفونها بقوة عندما فقدت السيطرة كاملة على أبعاده ظلت تصرح وتركله حينما دفعها فوق الأريكة يشق ثيابها ويردف بصوتا متقطع كحاله من الثمالة:
– عايزة تبعديني عنك ياأسما، وأنت بتحبيني وأنا بحبك، طيب هتجوز غيرك، بس لازم اخد حق وجع قلبي منك
دفعته بقوة وهبت من مكانها سريعا متجه لباب الملحق ولكنه أمسكها بقوة، صرخت به
– نوح فوق، انت مش حاسس بحاجة، عشان خاطري يانوح ..
أنا بحببببببك قالها بصراخ كأنه فقد عقله وتحدث بغضب:
– الليلة هتكوني ملكي ياأسما،قالها وهو يجذبها بعنف
أمسكت المزهرية التي توضع على الطاولة وضربته على رأسه وصاحت بغضب
– ابعد عني ياحيوان، أنا بكرهك ..ترنح بوقفه ثم سقط مغشيا عليه ..كانت هذه اللحظات أشد ألما وغضبا في حياتها فلأول مرة تريد موته
جحظت عينيها وهي تهز رأسها بهسترية رافضة مافعلته
– انا قتلته، لا أنا قتلته…زحفت على ركبتيها إلى أن وصلت إليه، رفعت رأسه من على الأرض تضعها على ركبتيها وتضرب بخفة
– نوح، فوق ،حبيبي أنا آسفة…نظرت ليديها الملطخة بالدماء ثم صاحت بصراخ كالمجنونة
– أنا قتلته نوح أنا قتلته..نظرت حولها بتيه لا تعلم ماذا عليها أن تفعل
اتجهت تجذب الأسعافات الأولية وجسدها ينتفض
بقصر البنداري أنهى الجميع طعامهم متجهين لغرفة المعيشة وأحاديث بينهم في محبة
تحرك راكان للخارج بينما توجهت ليلى إلى سليم الصامت، تبسط يديها
– ممكن نتكلم شوية، نصب عوده وتحرك للخارج ..كان راكان يجلس ينفث تبغه وبجواره حلا تتحدث ولكنه كأنه لم يهتم لحديثها
– راكان اتجوزتني ليه ؟
طالعها بنظرات مبهمة واجابها
– يمكن عشان انتقم منك مثلا! وانتقم من توفيق اللي حرق قلبي
جحظت عيناها ثم نهضت سريعا وصاحت بغضب
– أكيد إنت مجنون مش كدا ،جذبها بعنف يضغط على ذراعيها
-صوتك يعلى تاني هدفنك، متنسيش نفسك، ايوة اتجوزتك انتقام، ضغط على فكيها بعنف وتحدث بصوتا كفحيح أفعى:
– مفكرة حبا فيكِ، فوقي يامدام ، اوعي تفكري أنا معرفش انتوا بتعملوا إيه انتِ وتوفيق والزفت اللي كنتِ متجوزاه، راح تتجوزي واحد أد ابوكي، عشان شوية فلوس، كنتِ تعالي وأنا ارمهلك على الجزمة.. قالها ثم دفعها بقوة حتى سقطت على الأرض أمامه
في تلك الأثناء خرجت ليلى بجوار سليم الذي راقه هذا المنظر..فأردف مبتسما:
– ايوة كدا تعجبني ياراكي، كنت مفكرك لسة أهبل ..أسرعت ليلى إليه عندما وجدته يجذبها بعنف وهو يتحدث بغضب
– دلوقتي تروحي على شقتك وإياكِ تطلعي منها لحد مااقولك تعملي إيه، اتقي شري، أنا لسة بكلمك بالعقل
وصلت ليلى وهي تحاول مساعدتها على الوقوف فنظرت إليه:
– دا مش أسلوب حضاري في التعامل على فكرة، وبعدين مش من حقك تكلمها كدا
أخرج تبغه وهو ينظر لسليم
– خد خطيبتك ياسليم من قدامي، وصل السائق إليه
– نعم ياباشا ..أشار إلى حلا
– وصل أستاذة حلا لشقتها وعرف الحارس ممنوع تخرج من باب الشقة
اوما برأسه
– حاضر ياباشا ..عُلم وينفذ ..
اتجهت إليه
– راكان اديني فرصة اشرحلك..نظر للرجل الذي سحبها بهدوء
– لو سمحتِ ياأستاذة بلاش تجبيلنا الكلام
تنهد بغضب وهو يطالع خروجها …أما سليم الذي وقف يضع يديه بجيب بنطاله ويدقق النظر:
– انتقام مش كدا، ايوة مستحيل تسيب حقك
طيب فيه حاجة لازم تعرفها ..استدار لليلى وتحدث
– نورسين بتقول لليلى إنها حامل منك، إيه رأيك في الكلام دا
تحولت أنظاره للذهول وهو يردد الكلام
– بتقول حامل من مين ..رفع بصره لليلى
بنظرة جوفاء قاسية ثم تحدث بسخرية:
-وياترى إيه اللي ودى الباشمهندسة لنورسين، إيه بتعمل فحص للعيلة
برقت عيناها من شدة الغضب والذي زاد من توهجها وأردفت غاضبة:
– اولا سليم فهم غلط، هي ماقلتليش، أنا سمعتها بتتكلم مع المهندسة نجوى
سألها بعينان متسلتطان بقوة على عيناها حتى يلمح بهما الكذب
– وطبعا حضرتك سمعتي من هنا وجريت تشتكي لسليم مش كدا
تابع آثار كلماته النارية على ملامحها فوجد خيط من الدموع يلمع بعيناها وهي تتحدث:
– لا مكنتش بشكيك لسليم، كنت عايزة أعرف انت إزاي تكون كدا …قاطعهم رنين هاتفها امسكته وهي تتحرك خطوة
– ايوة …إنما سليم الذي توقف ينظر بحزن إلى راكان واردف
– كان نفسي تلاقي حب حياتك في واحدة زي ليلى ياراكان، دي اللي تخليك تحب حق وحقيقي
استدار يطالعه بذهول فأكمل
– تعرف أتمنيت من قلبي إنك تحبها قبلي، لكن كل ماأشوفكم وانتم مش طايقين بعض فقدت الأمل فيك، مع أنها في الوقت دا جذبتني
.صدمة زلزلته فرفع بصره لأخيه وهو يكمل حديثه
– أتمنى منك ياراكان تهتم شوية بنفسك، وتفوق الأيام بتعد فينا، مستني لحد إمتى عشان تكون أسرة.
كانت الصدمة تجتاحه،فكأنه فقد الكلام وابحركة، لقد شق صدره بحديثه، فظل يناظره مشدوها فأكمل سليم حديثه :
– ليه دايما واخد موقف من ليلى ياراكان؟
– ليه دايما بحس إنك بتكرهها، حاولت تقرب منها بأساليبك، ورفضت عشان كدا الحال بينكم كدا
صدمة قوية نالت منه حتى شعر بأن الكون يدور به فزاغت نظراته إليها وتذكر حديثها معه مرت لحظات حتى شعر بأن قدميه لم تعد تحملنه ..فجلس عاجز عن الرد
دنى سليم منه وهو يربت على كتفه
– ليلى كويسة ياراكان، لو واخد منها موقف، أتمنى تتلاشاه عشان خاطر أخوك
ازدرد ريقه بصعوبه يستجمع الكلمات التي جفت على لسانه وحاول أن يتحدث:
– ليه بتقول كدا ياسليم، ليلى محترمة وربنا يسعدكم
أرجع خصلاته للخلف وأردف بغموض:
– هو ممكن حد يحبك من مجرد الأطمنان وشعور بالأمان
اجابه وهو مازال يطالعها وهي تتحدث بالهاتف
– الأمان اساس الحب ياسليم، يعني لو حسيت بالأمان معاها دا كافي إنك تعشقها مش تحبها
..تحرك سليم عندما وجد فرح تتجه إليها
توقف أمام فرح
– عايزة إيه يافرح..لكمته بصدره وصاحت بغضب
– عايزة حقي فيك يابن عمي، من صغرنا والكل بيقول سليم لفرح
جذبها من رسغها بعنف متجها بها لمنزلها
– تعالي يافرح شكلك مش ناوية تجبيها لبر
تحرك يجذبها خلفه، بينما راكان الذي جلس شارد بحديث سليم، وحديثها عن نورسين
يجمع الخيوط ببعضها
– هو سليم راح فين؟! تسائلت بها ليلى
رمقها بنظرة غاضبة وهو ينفث تبغه فتحدث متسائلا:
– إيه حكايتك بالظبط؟! هو فعلا إنتِ بريئة ولا ورا البراءة دي حاجة تانية
– ليه بتألفي حكايات عني لسليم!
عايزة توصلي لأيه بالظبط
ملئت صدرها بالأكسجين وتوجهت بنظرها إليه
– ليه دايما بتحسسني اني مهتمية بيك، وشغلني، عشان ألف قصص عليك
نهض متحركا حيث وقوفها وأمال بجسده ينظر لمقلتيها
– أخويا أقرب إلي من روحي، يعني لو طلب روحي مش هتأخر، فمتحاوليش تدخلي بينا عشان مزعلكيش ياليلى
دار حولها وأكمل
– كفاية اللي حصل لحد دلوقتي بينا، وأنت بتقرري وبتحطي مبررات لنفسك
❈-❈-❈
سحب كم من الهواء فزفره بوجع حتى لافح وجهها وتحدث:
– كلامك لسة معلم جوايا، متفتكريش أسفك هقبله، أنا بحاول أضغط على نفسي وأبلع رزالتلك ودمك التقيل، وبجاحتك، غير غرورك عشان أخويا مش أكتر
توسعت عيناها بذهول
– دا كله فيا، دا أنت مجمعني كأني مموتة لك قتيل
جلس وكأنه لم يستمع لحديثها، وجد درة وسيلين وهم يتحدثون بضحكات صاخبة
– مفيش أحسن من البراءة اللي بتميز البنت، إنما انتِ ماشاء الله بلاش أقول مكنة بجاحة ماشية على الأرض برجلين
– انت واحد مستفز على فكرة، نفث سيجاره وابتسم بسخرية
– من بعض ماعندكم ياباشمهندسة
وطأت رأسها للأسفل وحاولت الحديث
– عارفة أنا غلطت وعارفة كمان مش من حقك تسامحنى، لكن فيه حاجة لازم تعرفها
” عمري مافكرت أفرق بينك وبين سليم ابدا، بالعكس أكتر حاجة وجعاني، رفعت بصرها ونظرت إليه بعيناها اللامعه بطبقة من الدموع
وأردفت:
– ياريت لو يرجع بيا الزمن لوقت ماكنتش اتوجعت كدا، ولا كنت وصلت لمرحلة كارهة نفسي قوي كدا
دنت خطوة حتى أصبحت بمقابلته ولم يفصل بينهما سوى خطوة واحدة
– عارف أكتر حاجة توجع بجد، لما يوصل بيك الحال إنك تكره نفسك..قالتها وعبراتها تنسدل على وجنتيها
– مش قصدي أوجعك بكلامي، ولا قصدي ألف قصة عليك، كل اللي أقدر اقوله لك ياراكان أنا اتلعب بيا صح وللأسف اكتشفت اني غبية بس بعد فوات الأوان ..قالتها واستدارت متحركة
-” ليلى” أطبقت على جفنيها فكيف ماتشعر به الآن، يكفي آلامها …دنى بخطواته ووقف خلفها مباشرة
– انت مخبية عليا حاجة، هزت رأسها رافضة ولم تنطق بسبب دموعها ، لم يرحمها وأكمل ما آلام روحها
– ليه قولتي عايزة أشوفك وانت بتتوجع، تقصدي ايه؟
استدارت بعدما جففت عبراتها ونظرت مدققة النظر إليه، فتحدثت بصوتا كاد أن يخرج بصعوبة
-أنا مش غبية ياراكان، وعارفة قصدك ايه؟
بس ليه دايما حياتك مقرفة كدا، ليه دايما مفكر أن كل ست تتمنى قربك، لو كنت راعيت مشاعري صدقني وقتها مكنتش أستاهل الوجع دا، ولا إنت تستاهل تكون كدا
ساد بينهما صمت ثقيلا مشحونا بالمشاعر المختلطة مابين الأنكار والإستنكار من الخذلان والألم ..ناظرت لمقلتيه وتحدثت
– تنكر إنك قولتلي عايزك تمن لمساعدتك، تنكر قربك من نورسين وطريقتك معاها ومع غيرها
اقترب يضغط على رسغها وتحدث بغضب
– انت ليه غبية وبتفسري كل حاجة على هواكي، ليه بتحسسيني أنا واحد منحط، ومعنديش اخلاق
قلبها بدأ يدق بصدرها يكاد أن يتوقف من تسارع نبضاته بسبب قربه ورائحته التي غزت رئتيها وأنفاسه التي تضرب وجهها
– مكنش قصدي اللي فهمتيه ياباشمهندسة ياذكية، قالها وهو يدفعها بعيدا
توقفت تنظر إليه بصدمة من حديثه حتى اكمل ماأكمل عليها من صدمات
– انا ماليش علاقات منحطة تخلي واحدة زيك تاخد فكرة زبالة بسبب تفكيرها المريض كدا، بجد كل مرة بتصدميني

❈-❈-❈
رمقته بإحتقار فقد دبحها بكلماته، فاستدارت متحركة دون أن تعيره إهتمام، تابعت خطواتها الواهنة ودموعها المنسدلة، وساقيها التي أصبحت هلامتين كل ماتستنج معنى حديثه
عض على شفتيه السفلية بغل:
– غبية، واحدة غبية..وصل سليم يسأل عليها
– هي ليلى راحت فين؟
– معرفش، قالها وهو يتجه للخارج متجها لسيارته
تابعه بنظراته وعلم أنهما تقابلا بنقاش حادا ككل مرة
❈-❈-❈
عند أسما ونوح
كانت أسما تجلس على الأرضية الباردة على حالتها، ملابسها الممزقةوخصلاتها المتمردة على وجهها بسبب يد نوح
استيقظ نوح وهو يشعر بألما يفتك به، حاول يتذكر ماصار له ..هناك تشوش في الصور أمامه محاولا التذكر، اعتدل وكأنه أصابه مس، آهات خارجة من جوفه ، بدأت أنفاسه في الاضطراب وخفقاته تتسارع في سباق شديد حتى شعر بأنه فقد أحداهن ..عندما أعتدل ووجدها بتلك الهيئة ..جحظت عيناه وهو يهز رأسه بالنفي لما وصل عقله إليه ..حتى لم يشعر بنفسه وهو يضرب رأسه بالجدار ..كأنها لم تشعر به وبما يفعله..دنى منها ورفع يديه بأرتعاشة إلى وجهها
– أسما حبيبتي إيه اللي حصل؟
دموع فقط تنساب على وجنتيها..نهض سريعا لغرفتها وجلب إسدالها
– البسي ياأسما..حبيبتي البس دا واستري نفسك
شهقة خرجت من جوفها وهي تبكي بهستريا
– فين الستر دا يادكتور، فين الستر اللي عايز تستروا، انت عرتني يانوح بدل ماتسترني عر.تني قالتها بنشيج
جذبها لأحضانه يربت على ظهرها وتساقطت عبراته
– قولي إيه اللي حصل، أنا اذيتك يااسما، حبيبتي ردي عاليا
دفعته بقوتها الضعيفة، ورغم ضعفها إلا أنها قوة أنثى جرحت كرامتها وتحدثت بغضب جحيمي:
– ابعد عني ياحيوان أياك تلمسني تاني، ورغم مافعلته به، إلا أنه لم يتركها..جذبها يحاوطها بذراعيه يربط على ظهرها حتى سقطت مابين ذراعيه ورقة شجر هبتها الرياح بطريقة اوقعتها بمكان لم تخرج منه
حملها متجها إلى غرفتها ..وضعها برفق على التخت، محاولا إفاقتها لبعض الوقت ، مسد على خصلاتها ودموعه تنسدل بقوة تحرق وجنتيه يضع جبينه فوق رأسها
– ليه ياأسما توصلينا لكدا، ليه عايزة تموتي الحب دا
مسد على وجهها بحب وأمال يطبع قبلة على جبينها
– عايزة تبعديني عنك عشان تكونِ مرتاحة، حاضر ياأسما، هبعد عشان مااوجعش قلبك،
دنى ينظر لمقلتيها وهمس أمام شفتيها
– خليكِ فاكرة إنتِ اللي كسرت حبي وحبك، خليك عيشي مع الأحصنة واحكيلهم عن قصة حبك الفاشلة اللي محاولتيش تدافعي عنها
نهض وهو يتجول بنظراته بالغرفة ويشير بيديه
– كل مكان في المزرعة هيوجعك ويوجعني، من الأحسن حد مننا يمشي من هنا
أطبق على جفنيه متألما
– هنقل بعد فرحي لفيلا الكومي، خليكِ هنا، عيشي على ذكرياتنا اللي دبحتيها بإيدك
قالها وتحرك للخارج…ثم رفع هاتفه
– عمو عاصم ممكن اطلب منك طلب بس مهم قوي …على الجانب الآخر أجابه عاصم الذي كان عائدا لمنزله مع أسرته:
– فيه حاجة يانوح …حمحم نوح وحاول أن يتحدث:
أسما صديقة ليلى تعبانة قوي، ومفيش غيري في المزرعة، لميا سافرت إسكندرية، فلو ينفع تبعت ليلى تبات عندها الليلة، أنا مش عارف اعمل ايه
زفر عاصم محاولا إيجاد حلا، فأجابه:
– هخليها تكلم خطيبها تستأذن منه يابني ولو وافق، أنا معنديش مانع
– فيه حاجة يابابا، توقف بالسيارة واستدار ينظر للخلف
– كلمي سليم استأذني منه، عشان تروحي تباتي عند أسما
ضيقت عيناها وتسألت بالحيرة:
– ليه إيه اللي حصل؟
أشار بيديه : اتصلي واستأذني؟ بيقول أسما تعبانة ومش عارف يتصرف
تحرك عاصم بالسيارة متجها للمزرعة بعد موافقة سليم
وصل راكان لمزرعة نوح، يبحث عنه، رفع هاتفه – انت فين مش موجود في البيت ليه؟
وصل حيث مكانه وجده جالسا،يضع رأسه بين راحتيه كالذي فقد أعز مالديه..توقف يطالعه بنظراته المدققة:
– عملت ايه يانوح؟! مد انامل يرفع ذقنه ينظر بمقلتيه
– نوح إيه اللي عامل فيك كدا ؟
ساد صمتًا مختنق بحزن أكبر وألم يغزو قلبه
أغمض عيناه وانسدلت عبراته مستسلمه لعذاب روحه، بكى حتى ارتفعت شهقاته
وقف راكان مذهولا من حالته، جلس على عقيبه أمامه:
– نوح إيه اللي حصل؟ وإيه الخرابيش دي؟!
نهض وجذبه واقفا، وهو يهز رأسه:
– أوعى يكون اللي فهمته صح يانوح، اوعى
هزه بعنف حتى يتحدث، ولكن ماكان منه سوى الصمت والبكاء
مسح راكان على خصلاته بغضب يدور حول نفسه يحاول جذبه للحديث:
– نوح، احكي إيه اللي حصل، ياله أنا سامعك
أخيرا رفع بصره إليه وتحدث من بين شهقاته
– انا حيوان ياراكان، كنت هدبح البنت اللي بحبها
احتدت نظرات راكان عندما فهم حديثه، هو كان يتمنى أن شكه وهما ولكنه صعقه بحديثه،حينها لم يشعر بذراعه الذي رفعه على أشده هاويا على وجهه بصفعة قوية جعلته يترنح للخلف رغم قوة بنيانه، ثم هزه وصاح بغضب:
– من إمتى وأنت حيوان كدا يلاَ، قالها بقلبا مقهور، ظل يدور حوله كالأسد الجريح يمسح على وجهه
– البنت عاملة ايه؟ وهي فين دلوقتي؟
اشار بيده المرتعشة للملحق الذي تمكث فيه
ثم اتجه إليه وتكاثرت عبراته
– تفتكر ممكن اكون اذيتها! أنا مش فاكر كل حاجة وهي مش راضية تتكلم، وخايف عليها لتعمل حاجة في نفسها؛ عشان كدا بعت لليلى تيجي
استمعوا لطرقات ليلى على منزل أسما وهي تنادي
– “أسما” حبيبتي فينك، افتحي الجو برد، لولا جت ياباشمهندسة
وقف راكان مذهولا وكأن الأرض تدور به عاجزا عن الفعل
توقف نوح مترنحا متجها إلى ليلى..دفعه راكان بغضب.
– إيه هتقابلها كدا، روح ألبس حاجة، ربنا يعيني عليك وعلى عاميلك المتخلفة، فينك ياحمزة تشوف مصايب الدكتور
لحظات وأتت ليلى تنادي وهي تقرع الجرس:
– نوح، يادكتور يابتاع التجميل، أين أنت، ليلى وصلت ..توقفت عن الحديث عندما خرج راكان ينظر إليها ثم تحدث
– عرفنا والله إن حضرتك وصلتي، حتى شوفي الغيوم كترت في السما والجو هيمطر
ولا زعابيب أمشير
رغم صدمتها من وجوده، ولكنها شعرت بالسعادة الداخليه، عقدت ذراعيها
– هو حضرتك عاملي زي عفريت العلبة، كل مكان تنطلي فيه،طيب تصدق يااسمك إيه
ياريتك تطلع فلوس، وقتها هكون غنية
ابتسم رغم الموقف، الذي لايدعى الابتسام فاقترب منها
– من جمالي بتلاقيني في كل مكان، وعشان كدا كل مانتقابل هعملك شيك بمليون دولار، ماهو مش أي حد برضو، دا أنا راكان البنداري
– مغرور، ومتكبر، ومفكر نفسه حلو وهو شكل غطى الحلة..قالتها وهي تتحرك متجهة لمنزل أسما مرة أخرى…سامعك على فكرة
..وصل المسؤل عن الخيول
– حضرتلك الحصان ياباشا..أشار بيديه وتحدث
– مش دلوقتي يااسماعيل، شوية كدا
توقفت ثم استدارت متناسية
– الأرض مبلولة، والجو فيه مطر إزاي عايز تمشي بالحصان دلوقتي والدنيا ليل..
وضع يديه بجيب بنطاله وتحرك إليها ينظر لليل عيناها الذي لم يرى بسحره
– مالكيش دعوة خليكي في حالك…
تهكمت وتحدثت:
يارب توقع ورقبتك تتكسر، جحظت عيناه اقترب يرمقها شرزا يود لو يجذب لسانها
قاطعهما وصول نوح، جحظت عيناها من مظهره..أسرعت إليه
– نوح ايه اللي عمل فيك كدا؟
أمسكها من ذراعيها برفق متجها لأسما
– تعالي! شوفي أسما ياليلى، وأعرفيلي منها كل حاجة
تحركت بجواره
– تمام، هي عندها برد ولا إيه، بس هي مكلماني من فترة كانت كويسة، توقفت عن الحديث
تطالعه متسائلة:
– تقصد إيه أعرف منها…قام بفتح الباب وهرب بنظراته منها :
– ادخلي ياليلى مش قادر اتكلم
تحركت للداخل تنادي على أسما
تسمرت بوقفتها حينما وجدتها بتلك الهيئة
كانت تجلس تنظر في نقطة وهمية ولا تشعر بشيئا، خصلاته المتمردة على وجهها بالكامل، ثيابها الممزقة، ناهيك عن علامته التي تركت اثارا على عنقها وشفتها المتورمة
أسرعت ليلى تجلس أمامها تحتضن وجهها
– حبيبتي إيه اللي عمل فيكي كدا؟
أسما ردي عليا…مين الحقير اللي عمل فيكي كدا
كانت دموعها تنساب على وجنتيها بصمت
لم تظهر أي تعابير على وجهها رغم مابه ولكنها اردف بلسان ثقيل
– ابن خالتك، هو اللي عمل كدا، الراجل اللي كنت بحميه بروحي ، هو اللي دبحني
فغرت شفتيها بعدم تصديق، وهي تهز رأسها رافضة
– لا مستحيل، نوح مش حقير
وضعت يديها على اذنيها وبدأت تصرخ
– متجبيش سيرته قدامي، أنا بكرهه
ضمتها لأحضانها تحاول تهدأتها لفترة من الوقت ، كانت تهمس بصوتا ممزق
– نوح كان عايز يدبحني،حبيبي كان هيدبحني بسكينه باردة، ظلت تهذي بكلماتها، حتى شعرت بانتظام أنفاسها
تحركت ليلى بعدما اطمئنت عليها متجها إليه ونيران تغلي بأوردتها
توقفت أمامه تنظر إليه بشمئزاز، رفع نظره إليها
وترقرت عيناه بالدمع
– إسما عاملة ايه؟
تهكمت واجابته:
– لا تصدق صعبت عليا، يقتل القتيل ويمشي في جنازته..طلعت واحد حقير يابن خالتي
توقف راكان وصاح بغضب:
– روحي شوفي صحبتك عملت إيه، وبعدين تعالي اتكلمي
أشارت عليه مستهزئة:
– شوف مين اللي بتكلم، اقتربت منه ودون وصاحت بغضب:
– إنت عامل زي الديب اللي بيعظ الديك عشان يصلي الفجر..هقول ايه ماانتو زي بعض
تحرك راكان يجيب على هاتفه، الذي لم ينقطع رنينه، ولم يعيرها إهتمام حتى توجهت إلى نوح وبدأت تصرخ بوجهه:
– من إمتى وإنت حيوان كدا؟ عملت إيه في البت يانوح؟ انت اللي تكسرها بالشكل دا
توقف وصرخ بوجهها:
– إيه كفاية، ليه الكل بيدوس عليا، فيه حد فيكم سأل أنا حاسس بإيه، هي وبعدت عني بعد ماكنا متواعدين نعيش حياتنا كلها مع بعض
تنهد بوجع وأكمل
– وماما مفيش غير إهتمامها بالبنات وناسية أن ليها ولد من حقه يشعر باهتمامها، وبابا اللي عمال يضغط ومش شايف غير المناصب والمراكز ومش عايز يفهم أن سعادة ابنه أغلى من كنوز الدنيا، دا أنا ابنه الوحيد
أمسك خصلاته وصاح بغضب كالمجنون:
– حتى هي عايزة تدفني بالحيا، عملت ايه كنت سكران ومحستش بنفسي، إيه اجرمت
اقتربت وامسكته من ثيابه
– انت مش أجرمت بس يابن خالتي، إنت نزلت من نظري، قالتها تدفعه ،ثم استدارت للمغادرة
– بلاش إنت ِ ياباشمهندسة، خلي حد تاني يقول كدا
وصل إليها بخطوة مردفا:
-على الاقل أنا محبتش واحدة وروحت ارتبط بغيرها
هزة عنيفة أصابت جسدها وشعرت كأن الأرض تدور بيها فتحدثت مرتبكة:
– إيه اللي بتقوله دا يانوح؟! اتجننت!
اقترب يهمس لها
– ياترى مين اللي بتحبيه ياليلى تعالي نخمن كدا
– آسر اللي جالي يبكي وقدم استقالته وسافر، ولا راكان..هز رأسه ينظر إليها بتشفي عندما تحول لون بشرتها وهزت رأسها
– اسكت يامجنون، شكلك اتجننت على الآخر
كأنه لم يستمع إليها فاكمل حديثه:
– أنا متأكد إنه راكان، ماهو مش معقول آسر، آسر بقاله سنين قدامنا، إنما راكان اللي ظهر فجأة وقلب حياتنا، غير نظراتكوا لبعض
جذبها من ذراعها بقسوة وتحدث بصوتا جحيمي:
– بتعملي غلط ياليلى، دي جريمة، إنك تحبي واحد وتتجوزي أخوه
دفعها عندما وصل لحالة الجنون كلما تذكر حديث أسما
– سليم ميستهلش، مع إن علاقتي طفيفة بيه ، لكن هو راجل مهما كان وعمري ماهقف معاكي، أنا قولت قبل كدا لراكان
” لو حاول ياذيكِ هقف معاكِ، ودلوقتي بقولك نفس الكلام يابنت خالتي
– فوقي من الغيبوبة دي، أنا كنت سكران عشان كدا محستش بنفسي وأنا بأذي أسما، إنما أنت بتأذي بقصد
” انتِ، راكان، وسليم”، تفتكري لو واحد فيهم عرف هيكون موقفك إيه
أصاب نقطة دامية داخل صدرها فنظرت للبعيد
– إنت مش فاهم حاجة يانوح، متحكمش على حاجة وإنت مش عارف اللي بيحصل
جذبها واجلسها بجواره ممسكا كفيها
– ليلى مهما كان اللي هتقوليه، مش يديلك الحق أنك تاذي نفسك وتاذيهم، فوقي يامجنونة انتِ بتحكمي على نفسك بالإعدام
رفعت نظرها وبعيونا باكية
– نوح مفيش حاجة من اللي بتقولها، معرفش إيه اللي خلاك تقول كدا
أوقفها يهزها بعنف:
– يعني أسما هتكذب عليا، وهي بتقول ليلى بتحب واحد وهتتجوز من واحد تاني، لا وكمان قلبها هيوجعها طول ماهي شايفاها قدام عيونها
– إيه ياليلى!! أنا مش غبي لدرجة دي، لما إنت ِ بتحبي راكان وافقتي على سليم ليه
– آه ايوة بحبه، قالتها بصراخ
بأنفاسا مرتجفة ولسان تجمدت فوقه الكلمات أكملت بقلبا ينزف تمنت أن تنتهي حياتها
– ايوة يانوح حبيت الشخص الغلط، حبيته واتخطبت لأخوه ارتحت كدا
جحظت عيناه ينظر إليها بذهول غير مصدقا، تمنى لو كذبت حديثه،
أما الذي يقف على بُعد خطوتين ترنح جسده للخلف، يطبق على جفنيه بألما، ورغم أنه كان يشك بأمرها إلا أن الشك شيئا والحقيقة شيئا آخر
توقف يحاول أن يتنفس وكلمات سليم تخترق قلبه قبل أذنيه، كم يعشقها اخيه، والآن هي تعترف بحبه ..استمع الى ماشقه لنصفين
– عايز تسمع مني إيه يابن خالتي، ان بنت خالتك منحطة، عشان تحب واحد وتتجوز أخوه، مش دا اللي عايز تسمعه
كأنها ضغطت بكلماتها على جرحه، فانفلتت أعصابه وانفجر صارخا بصوت جهوري
– اومال تسمي إيه اللي بتعمليه، ضغط على كتفيها بعنف
– مستنية مني اصقفلك، واقولك برافو ..نزلت دموعه وأكمل ما احرق روحها:
– هتقدري تتحملي إنك تكوني مع واحد وقلبك مع واحد تاني، بلاش دي يمكن عندك قوة خارقة أنا كراجل مش قادر اتحمل اتجوز غير أسما، إنما البعيدة عايزة تكون مع اللي بتحبه في بيت واحد
اطلق زفرة حارة من أعماق قلبه لعل يخفف أوجاعه وقال ماجعل جسدها ينتفض
– طيب شوفي يابنت خالتي ياايرون ومِن
راكان هو كمان بيحبك…اشربي بقى، واعرفي إنك بتلعبي بالنار
للحظة فقط لم تستوعب حديثه الدامي لقلبها، هنا توقف الزمن وثبت دوران الأرض ولم يكن سوى ضربات قلبها العنيفة بحبه فقط ورغم ذلك نفت حديثه:
– دا وهمك اللي مصورك كدا يانوح،
رفع الكأس يتجرعه دفعة واحدة ونظر إليها ثم تحدث متهكما
– مش وهم يابنت خالي، ياريته وهم، ماكنش راكان اتوجع كدا وانتِ بتقوليله هوجعك
ماانت عارفة انه بيحبك أهو وبكل بجاحة رايحة تقوليله كدا
توقفت لثواني تقاوم صرخة عبأت صدرها ولكنها كتمتها وتابعت بعينا باكيةكنت حاسة،مجرد إحساس ليس إلا، وكنت بقول كلام وخلاص، بس برضو مهما كان دا ميشفعلوش عندي، دا طلب يعاملني زي جواريه
– غلطانة ياليلى، وغلطك كبير، وبحذرك محدش هيحترق بالنار غيرك
بنظرات تحمل بين طياتها الكثير والكثير من العتاب تحدثت:
– ياااه يانوح دا ليلى طلعت شيطانة قوي
مازال غضبه منها يعشش فوق قلبه فاردف بقهر
– انت وصاحبتك ياليلى نزلتوا من نظري قوي
وضع كوبه ووصل أمامها يشير لقلبه
– وحياة وجع قلبي منها لأوجعها، وإنتِ كمان الصراحة تفوقتي في وجع راكان، بس متخافيش يابنت خالتي
النار بتمسك في اللي ماسكها الأول
هزت رأسها وتحركت مترنحة للخارج وهي تتحدث
– مش فاهم حاجة يانوح صدقني
خرجت تسير بخطوات واهية، يترنح جسدها ودموعها تفترش خطاويها، حتى وصلت لمكانا بعيد بعض الشي وأطلقت صرخة من أعماق قلبها ثم بكت بشهقات وقالت من بين بكائها
-” ياااااارب خدني وريحني من الوجع دا”
كان يتابعها من مسافة ليست ببعيدة، كور قبضته حتى تحول جسده لنيران لو خرجت لأحرقت الأخضر واليابس ، تحرك إلى أن توقف أمامها وجها لوجه ،فتجمدت الدماء بأوردتها وتبدلت نظراته المشتعلة، إلى نظرات حنونة حينما وجدها بتلك الهيئة
لأول مرة يختبر ذلك الشعور القاسي حين شعر بضلوعه تنقبض بقوة معتصرة قلبه بين شقه الأيسر لينتج عن ذلك ألم حاد يسري كالنيران بأوردته فأصبح كل أنش في جسده يأن ألما
حينما دنت منه وتحدثت من بين بكائها
– عايزة أكون لوحدي ممكن تسبني لوحدي
ولا دي كتيرة عليا، لو سمحت عايزة أكون لوحدي
كان لحديثها وقع خاص على قلبه الذي لأول مرة لا يعرف كيف يسيطر على شعوره، لأول مرة يريد أن يسحقها بين أحضانه ويربط على قلبها، ولكن كيف وهي الذي اودت بهم في الظلمات..حتى اشعرته بالعشق الأسود الممنوع
رفع نظره يطالع عينيها الباكية وشفتيها المرتجفة هنا لم يتحمل، فهذه الشفاه كان أخيه يتمتع بها منذ ساعات
أطبق على جفنيه غاضبا وشعور ينتابه، بأن يقبض على عنقها بسبب مافعلته بهم
ورغم ماشعر به إلا أنه انكر شعوره اتجاهها وكأنه لم يستمع لشيئا، فلم يجد خيارات أمامه، نعم هو مجبر على ذلك، فلم يعد فرصة الرجوع خطوة للخلف، أخاه ومابعده الطوفان، سيدوس على قلبه ويحرقه لو كلفه الأمر، فهي الخائنة الوحيدة من نظره، لم يكن لديه شيئا سوى كرهه فقط، وجع يديه بجيب بنطاله وتسائل وهو ينظر للبعيد
– ليه عايزة تتجوزي سليم؟! طمعانة فيه، ولا زي مابتقولي فكرتي اني هيمان بحب الأميرة فعقلك الصغير خيلك إنك بكدا بتكسريني وتحرقي قلبي
نفث من سيجاره بوجهها فكلما تذكر حديثها ود لو احرقها كما يحرق تبغه فأكمل عندما وجدها صامتة:
– انا فعلا زي ماقولتي، أي واحدة بتعجبني بجبها لعندي، وآخرة علاقتنا ليلة ولو عجبتني ممكن ليلتين ..دنى وهو يركل بعض الحصى وامال وعلى وجهه إبتسامة سخرية
– واه نورسين حامل مني، مالك إنتِ بحياتي، ركزي في حياتك
بينما هو يتفنن في إظهار قسوته، حتى تكرهه لم يتحمل مشاهد طبقة من الدموع تحاول أخفائها أمامه حتى لا تظهر ضعفها أمامه
بصعوبة كممت صراخ قلبها الذي انتفض غضبا وألما من حديثه ثم رفعت بصرها إليه ولو كانت النظرات تحرق لأحرقته بالنيران التي تخرج من مقلتيها ..
دنت منه بملامح حزينة وقلبا مكسور ولم تشعر بنفسها وهي تلكمه بصدره وتتحدث بغضب:
– أنا بكرهك ياراكان، بكره كل حاجة فيك، من غرورك، لغبائك لكل حاجة
تنهدت بحرقة شديدة وحاولت التظاهر بالقوة أمامه وقالت بنبرة لم تهتز:
– سليم شخص يتحب، مش يستاهل اشغل نفسي بواحد مريض ذيك، اه منكرش اني ماوصلتش لمرحلة الحب معه بس أكيد بكرة هحبه وأعشقه
اطبقت على جفنيها بألما ثم أطلقت زفرة خارجة من فمها وهي ترفع سبابتها أمامه
– عيش حياتك مع اللي اذيتك، وابعد عني وعن حياتي، أنا وسليم هنتجوز قريب، وانت كمان ، متخليش غرورك المريض يثبتلك أن الكل هيموت عليك
كان مشدوها لما يسمعه ملجم اللسان عن شراسة حديثها ورغم خطئها إلا أنها مازالت تقف أمامه وتنكر حبه:
استدارت متحركة تمنت لو تحكي له كل مايؤلم روحها، تمنت أن تحكي عن شعورها، تمنت لو يضمها ويطمئنها ولكن كيف وهو مؤلم روحها
– “ليلى” أردف بها راكان بقوة
اقترب منها ونزل بجسده حتى أصبح بمقابلها وقريبا منها للحد الغير مسموح حتى تراجعت للخلف حينما ضربت أنفاسه بشرتها
– عيني عليكِ لو حسيت مجرد إحساس إنك هتاذي أخويا، صدقيني وقتها هدفنك حية
ازداد الغضب بداخلها حتى تشكلت غصة مريرة جعلتها عاجزة عن التنفس، فيكفي ماصار لها في تلك الليلة
– دا جوزي،بلاش تحسسني انه عدوي
تحركت وهي ترمقه بنظرة جحيمية، مما اشتعل جوفه بعاصفة غضب هوجاء فتحرك سريعا خلفها
– لو ابن خالتك يهمك خلي المختلة عقليا دي تفوق قبل مايتجوز، الفرح بعد يومين
قالها وتحرك سريعا متجها لإسطبل الخيول
عند سيلين تجلس أمام المسبح بجوار سليم تحكي له عن درة، قاطعهما يونس، عندما ألقى بجسده بجوارها
– عاملة ايه وحشتيني
لكزه سليم
– احترم نفسك يادكتور…اعتدل ينظر لعيناها التي تشبه موج البحر
– ماهي اختك اللي مجنناني.. توقفت وهي تضع الشال على كتف سليم
– حبيبي هروح أنام تصبح على خير
– حبك برص ياختي، مفيش حبيب غيري هنا
رمقته بنظرة احتقارية ثم تحركت
❈-❈-❈
بعد مرور عدة أيام وهو اليوم المقرر بزفاف نوح ..تألقت ليلى بفستانها الدهبي الذي جعلها كأميرة مع وضعها للمسات التجميلة الخفيفة ..خرجت منتظرة درة الذي ينتظرها نور بالأسفل..كانت درة ترتدي فستان باللون الأخضر الذي يعكس جمال بشرتها، مما زاد من جمال طلتها
هبطت الأختين مع والدتهما ووالدهما ،أشار عاصم إلى كريم
– روح اركب مع اختك وخطيبها ياحبيبي، بينما تحركت ليلى بإبتسامتها الخلابة عندما وصل سليم يقف ينتظرها أمام المنزل
فتح الباب وهو يطلق صفيرا
– مدامي الحلوة ممكن تتخطف مني في الفرح
ابتسمت له واستقلت السيارة بجانبه، منطلقا لحفلة الزفاف ..
رفع كفيها يطبع قبلة عليهما …حبيبتي طالعة تخطف القلب
نظرت من نافذة السيارة للخارج:
– انت بتبالغ مش أكتر ياحبيبي..جذبها يضمها من أكتافها
– ليلى أنا بحبك قوي، وضعت رأسها على كتفه ولم ترد ، زفر باختناق فتحدث
– مفيش وأنت كمان ياحبيبي
اعتدلت تفرك بفستانها وتهرب من نظراته
– هو مش إحنا اتكلمنا قبل كدا ياسليم، قولتلك خلينا نتعرف على بعض ، بعد فترة
تشابكت أصابعه بأصابعها وترجلا من السيارة متجهين لداخل الحفل الذي كان عبارة زفاف اسطوري..دنت من إذنه بسبب الأصوات المرتفعة
-سليم ممكن مانطولش في الفرح..توقف عن السير
– دا فرح نوح حبيبتي ليه مش عايزة تحضري
عايزة أروح لأسما، أصلها تعبانة ومقدرش اسبها لوحدها
ابتسم يقرص وجنتيها
– عُلم حبيبي، نقعد شوية وأوصلك عندها
التمعت عيناها بابتسامة بريئة
– شكرا ياسليم، ربنا يخليك ليا، همس أمام شفتيها
– بس لازم مقابل حبيبي
نظرت حولها وتوردت وجنتيها من مغذى حديثه
فنظرت للأسفل وتحدثت بتقطع :
– سليم بس بقى، اطلق ضحكة وهو يمسد على وجنتيها
– حبيبتي طفلة ، إيه الطماطم دي عايزة أكلها
وضعت رأسها بصدرها عندما جذبها بقوة حينما اصطدم أحدهما بظهرها
شعرت بدقات قلبه العنيفة بداخل صدره، رفعت رأسها فتقابلت نظراتهما ، لم يتحمل قربها بذاك الشكل، فجذبها إلى مكان لا يوجد سواهم واقتنص قبلة أعادت أنفاسه التي سلبتها منذ وجدها بتلك الهيئة..شعرت بإنسحاب أنفاسها فجأة ..ظلت للحظات حتى تسيطر على حالها، تحاول بأقصى مالديها أن تتعايش معه، هو زوجها وسيكون حبيبها، هذا ماوعدت به نفسها
رأت نور ودرة الذي يبدو على ملامحهم الغضب والحزن فتركت يديه وتحركت
– هروح أشوف درة، قالتها دون النظر إليها
اطلق ضحكة وهو يتحدث
– اهربي، اهربي ، فرحنا قرب هشوفك هتهربي فين
أمسكت ذراع اختها
– مالك في إيه.. هزت رأسها بالنفي
– مفيش حبيبتي، روحي سلمي على حماتك
هزت رأسها متجهة لزينب وأسعد، بينما تحرك سليم والابتسامة تشق ثغره، ووجه الذي أنار بحبها، اصطدم براكان الذي يجاور يونس متجهين للحفلة
رفع بصره إليه
– يخربيتك ياسليم مش صابر لما تروح، إنما راكان الذي شعر وكأن أحدهما طعنه بخنجر بقوة فتحدث بصوتا غاضب دون أن يشعر:
– إيه مش واخد بالك من وشك، روح امسح الروج…قالها وتحرك وجسده ينتفض بنيران الغضب يود لو يدمر المكان بما فيه
خرج العروس وعريسها الذي ينتظرها اسفل الدرج على موسيقى هادئة، هنا لم يشعر بنفسه وهو يفك رابطة عنقه عندما أحس إنها تطبق على عنقه ..رفع نظره إلى ليلى التي تقف بمقابلته تنظر إليه بوجع، نظر إليها بمغذى
أومأت بعيناها:
– لا تقلق إنها بخير، فلقد تركتها ليلى في صباح اليوم مع أسيا، التي جلست تراعيها، فهي منذ ذلك اليوم وهي ملزمة الفراش، جسدها أصبح كالمشلول، لا تريد أن ترى احدا، أو تتحدث مع أحدا تذكرت منذ ساعات عندما كانت بالمزرعة ووجدت انهيارها بسبب زفافه، اتجهت سريعة إليه وحسمت أمرها أن توقف ذلك الزفاف ولكنها لم تجده ووجدت آخر شخص تود لم تراه في ذلك الوقت
توقف راكان أمامها
– نوح خرج مع يونس مفيش غيري انا وحمزة وأصدقاء نوح، وعلى مااظن ماينفعش تدخلي بيت مفهوش غير الرجالة
– راكان لو سمحت لازم توقف الفرح دا، والله حرام اللي بيحصل دا …قالتها بقلبا مشطور
اتجه بنظره لأسيا وهي تسند أسما متحركة للخارج علها تستنشق بعض الهواء، كانت تتحرك كطفل يتعلم السير
جلست بين الأشجار:
– خلينا شوية هنا مش قادرة امشي، مسدت على خصلاتها بحنان ، فرفعت بصرها عندما شعرت بأنسحاب أنفاسها
– انا مش قادرة أكمل، كنت مفكرة نفسي قوية بس أنا ضعيفة، أتمنى لو الفرح يتلغي ياأسيا
آه قلبي بيوجعني قوي
استمع راكان لحديثها فاتجه إليها
– دا تمن اللي عملتيه، اشربي بقى ..قالها وتحرك لسيارته ..أسرعت ليلى خلفه
– راكان استنى، قالتها بصراخ
زفر بغضب فكلما يستمع لأسمه من شفتيها، يود لو يمنع صوتها الذي يخترق روحه
– كلم نوح ياراكان ممكن يسمع منك
ابتسم بسخرية رافعا حاجبه
– ليه هو أنا غبي؛ أنا ماصدقت يخرج من دايرته المريضة
خرجت من شرودها وهي تنظر للعروسين
حاوط نوح العروس بذراعيه متجها لمكانهما المخصص للعروسين..
كانت تنظر بساعتها كل فترة، سحبها سليم لساحة الرقص، ذهبت ببصرها جهة راكان الذي كان يتحدث مع حمزة وكأنه يهرب من نظراته إليها، ابتسمت إلى سليم ورفعت رأسها وهي تتحدث معه
– قلبي وجعني قوي، مش قادرة أكون هنا وأسما تعبانة ياسليم ، بليز ممكن نمشي
ابتسم إليها وأجابها
– هنخلص الرقصة دي، وبعدين نمشي
أومأت برأسها دون حديث آخر، عند درة
وقف نور يبسط يديه إليها
– تعالي نرقص، ولا دي كمان حرام
جذبت يديه واجلسته تنظر لوالدها الذي يراقبهما
– نور من فضلك مينفعش كدا، إزاي عايزني أكون في حضنك واحنا مش مكتوب كتابنا
أخرج سيجاره وغادر غاضبا ..خليكي هنا لما تبقي مراتي ،مسحت على وجهها تحاول أن تسيطر على نفسها ولا تبكي جلست بجورها لميا وربتت على كتفها:
– خطيبك طالع يطلع نار من بوقه ليه يابت، مزعلاه ليه
ابتسمت درة إليها :
– لا مفيش ولا حاجة يالولو، هو مبيحبش الدوشة مش اكتر، اتجهت سيلين تجلس بجوارها
– أخيرا خطيبك مشي كنت عايزة اجيلك بس اتكسفت
تجهمت ملامحها مغتاظة من حديثها:
– لا ياريتك جيتي ياختي..قوست فمها ونظرت للميا
– مبحبش أكون عزول ياختي،ليكون الحب مقطع نفسه
توجه صديق من أصدقاء سليم :
– ممكن ترقصي معايا ياسلين..ابتسمت له
– أكيد ياعلي، تحركت معه إلى الاستيج
رآها ذاك الأسد فهب فزعا متجها بنيران تخرج من عينيه ..وصل عندهما ثم جذبها بقوة
– شكلك اتجننتي وعايزة اموتك، قالها بصوتا صاخب حتى توقفت الموسيقى بسبب صوته
اتجه راكان سريعا حينما وجد الوضع تأزم من صراخ سيلين ..دفعته سيلين بشراسة
– ابعد عني اتجننت، سحبها بقوة، وقف كلا من يحيى محاولا السيطرة على الوضع، جذب راكان يونس يدفعه بقوة هو وحمزة للخارج
تأسف يحيى مطالبا الجميع بإستمرار الرقص
بينما بالخارج ..اطاح يونس بكل شيئا وهو يصرخ
– وديني هموتها ياراكان، اختك المستفزة هموتها.. حاول دفع راكان
– وسع كدا، هي مفكرة نفسها مين عشان ترقص مع حد غيري
دفعه بقوة وهو ينظر للناس حوله
– ماتخرص، فضحتنا، دنى وتحدث بصوتا كالفحيح
– سيلين نجوم السما اقربلك منها يايونس، فاتلم ..اتجه بنظره لحمزة
– خد الزفت دا من قدامي، وجد ليلى تخرج مع سليم متجهين للسيارة
زفر مختنقا
– هو أنا هلاقيها منين ولا منين، دا إيه القهر دا كله، دا لو عامل ذنوب العالم كله مش هتعاقب بالطريقة دي
ربت حمزة على كتفه
– انا هاخد يونس، وانت خلي بالك من نوح، شكله مش مطمني
قهقهات مرتفعة ولم يعلم بما أصابه حتى ضحك بذلك الشكل فاتجه لحمزة
– ودا اعمله ايه، ادخل معاه الأوضة، واربطه مع عروسته ولا إيه لا دا كدا كتير والله
لكزه حمزة وهو ينظر ليونس الذي قاد سيارته كالمجنون
– أمشي شوف المجنون دا كمان الحكاية مش ناقصة
– بعد مرور شهر
– أتى اليوم الموعود فهو سعيد على البعض وحزينا على البعض
تجلس بجناح كأميرة بأكبر الفنادق بالقاهرة الذي سيقام به حفلة الزفاف، والعديد من العاملات حولها يقمن بتجهزيها
نظرت لذاك الفستان الذي يعلق أمامها، وكأنه يعد كفنها ، تمنت لو يأتي ويخطفها ويربط على قلبها بحبه ..اطبقت على جفنيها وعبراتها تسيل بغزارة على وجنتيها، فاليوم ستخطو لأولى كابوسها بالحياة
تجهمت ملامح العاملة التي تقوم بتزيينها وتحدثت
– دي رابع مرة اظبط مكياجك ، لو سمحتِ مينفعش كدا …أشارت أسما لها بالخروج لفترة
ثم اتجهت واحتضنت كفيها
– لو منك اهرب ياليلى، اهربي انفدي بجلدك، اختاري سعادتك حبيبتي محدش هيقاسمك وجع قلبك، ياريت الوقت يرجع بيا كنت غيرت حاجات كتيرة
هزت رأسها رافضة
– مستحيل ياأسما، مش أنا اللي أكسر ابويا مهما يحصل، مش أنا اللي اذل نفسي لقلبي، مش أنا اللي ارمي نفسي على واحد بايعني
ضمت وجهها رافضة حديثها
– راكان بيحبك ياهبلة، كل كلامه ماإلا رد لكرامته اللي دوستي عليها، وحياة ربنا بيحبك سمعته وهو بيقول لحمزة
شهقة خرجت من فمها تبكي بنحيب
– عرفت ياأسما، نوح قالي، بس مفيش حاجة بأيدي اعملها، إحنا الاتنين غلطنا ولازم ندفع تمن غلطنا
استمعوا لطرقات على الباب..فدخلت العاملة
– ياله ياعروسة آخر مرة هظبط مكياجك، عشان الوقت
أومأت برأسها ودقائق كانت انتهت من زينها بالكامل ..اقتربت درة وأسما ينظرون إليها بأنبهار
– طالعة ملكة ياحبية اختك
رسمت ابتسامة على وجهها وهزت رأسها
– ميرسي يادرة ، عقبالك حبيبتي…استمعوا لطرقات خفيفة على الباب …أخو العريس برة عايز يدخل لحضرتك
هزة عنيفة أصابت جسدها، رفعت نظرها سريعا لأسما التي لم تكن بحال أفضل من ليلى
دلف بهيئته الجذابة التي أشعرتها بدقات عنيفة بصدرها ولكن دقات تصيب قلبها بقوة، نظر لدرة وأسما يلقي تحيته:
– مساء الخير..ثم رفع نظره إليها، صاعقة أصابته
حتى شعر بإنسحاب الأرض من تحت قدمه، فلمعت عيناه بالدموع، لا يعلم دموع سعادة لفستانها الذي تخيله بها،وكأن تصميمه لها وحدها ، أم دموع حزن من وجع قلبه
لأنها أصبحت لغيره وليس أي احد، لكنه أقرب لروحه
– ممكن تسبونا لوحدنا خمس دقايق، قالها وهو يطالعها بنظرات مبهمة، ضغطت على يد أسما حتى لا تتركها لوحدها معه، نعم تشعر الآن بالضعف حتى وصل شعورها إنها ستلقي بنفسها بأحضانه وتقص له كيف تشعر الآن
– إحنا لسة بنخلص قبل ماسليم يوصل
أجاب أسما ومازالت أنظاره على ليلى
– قولت سبونا لوحدنا، استغربت درة مايصير حولها ورغم ذلك تحركت تجذب أسما
جذب مقعد وأشار بعينيه
– اقعدي ياليلى، قالها بصوتا حزينا.
جلست ومازالت عينيها لا تفارق عينيه، كأنها تخبره بكم الآم التي تصيب قلبه، جلس بمقابلتها وتحدث بقلبا يأن وجعا
– أنا قولتلك قبل كدا إن سليم روحي ، أنا بعتبره ابني مش اخويا، فيه حاجات كتير إنتِ مش تعرفيها
تنهد وسحب نظره بعيدا عنها وأكمل
– انتِ نجحتي بامتياز وجعتِ قلبي فوق ماتتخيلي، ولسة الوجع مستمر
اتجه مرة أخرى ينظر لعيناها التي زرفت الدموع
– أنا مستعد اتحمل أكتر من كدا، لكن لو حسيت إن سليم حزين من جوازته صدقيني مش عارف ممكن اعمل معاكِ ايه،
ليلى أنا حاولت اكرهك ومقدرتش، متوصلنيش إني اكرهك بجد، إحنا غلطنا ولازم نتعاقب فلازم تجني تمن اللي عملتيه
سحب كم من الأكسجين يملأ رئتيه التي شعر بمنع تنفسه، محاولا ألا يضعف أمامها فأكمل بصوتا كاد أن يكون متزنا:
– طول ماهو سعيد طلباتك أوامر، مش هتكوني مجرد مرات ابن البنداري، لا هخليك ملكة عيلة البنداري..فبعيدا على انتقامك مني بلاش توجعيني في أخويا لو سمحتِ، حتى لو مجرد كلمة تزعله
ابتسم بسخريه على القدر ووقف
– اجهزي عشان هو جهز، أنا طلبت منه أقعد معاكِ خمس دقايق، هو مستعجل مش مصدق حبيته تكون في حضنه
اطبقت على جفنيها وشعور بتوقف قلبها كاد أن يزهق روحها ، جسدها بدأ ينتفض بألما فتوقفت واتجهت تقف أمامه ووجهها الذي تحول عن عبارة من الألم والوجع
– راكان…رفع ابهامه يضعها على شفتيها المطلية بأحمر الشفاه
– اشش، مش عايز أسمع حاجة، وقت السمع عدى وخلص، دلوقتي فكري في حياتك وجوزك
– إحنا القدر فرقنا …عايزة تسمعي مني إيه
ايوة مالناش نصيب في بعض، يمكن ربنا شايف حاجة إحنا مش شايفنها ، بس بلاش تأذي سليم
نظرت إليه بقلبا يأن وجعا وتحدثت بحزن:
انا مش خاينة ولا منحطة، أنا بقيت أكره نفسي أوي وانت السبب في دا كله،تعرف نفسي في ايه بتمنى أموت وارتاح من وجع قلبي دا، انت السبب ياراكان متلومنيش،
هز رأسه يستمع لحديثها بقلب مشطور
– دلوقتي مش هنقول مين السبب ياليلى
إنتِ غلطي ولازم تدفعي تمن غلطك، وأنا ربنا بيخلص مني حاجات كتيرة كنت مش واخد بالي منها …الخلاصة يامرات أخويا
– إنك خططي ونجحتي، المهم حافظي على جوزك، وخليكِ قد كلمتك وزي ماتربيتي، أنك مش خاينة، ولا منحطة ، أتمنى ياليلى تكوني زي أول مرة شفتك فيها، أتمنى تكوني قد اختيارك وتكونِ حكيمة وتعرفي تسعدي سليم، وزي ماقولتلك، مستعد أتحمل من الوجع أكتر من كدا، إلا أشوف وجع أخواتي
أشارت على نفسها في لحظة تيه منها وتسائلت بعينين مغروقتين بالدموع
– وأنا فين من دا كله، فين وجعي
استدار حتى لا يضعف أمامها
– انت اللي اخترتي للأسف، انتِ اللي دوستي ودوستي بالجامد قوي، عيشي حياتك، وعلى فكرة إنتِ عندي زيك زي أي ست بسهر معاها
…قالها ثم خرج بخطوات رغم إنها متزنة إلا إنها خاوية واهنة متحاملة بالألم
هوت بجسدها تنظر بتيه حولها، ليتها أصيبت بالصمم حتى لا تشعر بحقارتها أمامه وهو ينسبها كالبنات التي تسهرن بأحضانه
هنا فاق الألم حدوده وضغطت تعض بأسنانها على كفيها
– غبية فهمتيه إنك بتحبيه، شوفتي حرق قلبك، ولا اهتم، تستاهلي ياغبية
كورت قبضتها تضغط على فستان زفافها
– ماشي ياراكان، والله لأخليك تلف حوالين نفسك، مبقاش ليلى المحجوب اللي مخلتكش تندم على كل كلمة
بعد قليل كان ينتظرها سليم بآخر الدرج
هبطت بطلتها التي خطفت القلوب ، ينتظرها أميرها ..حبس سليم أنفاسه داخل صدره
ينتظر عروسته الجميلة ..وصلت وهي تطوق ذراع والدها والموسيقى الهادئة مع خطواتها
وصلت أمامه مبتسمة ببرائة وهي تبحث بعينيها بالأرجاء ولكنه اختفى
ضم سليم وجهها يطبع قبلة على جبينها، ثم فجأة نزل لشفتيها يقتنص قبلته أمام الجميع
تصنمت بوقفتها تحاول السيطرة على نفسها
حاوطها بذراعيه، ثم رفعها من خصرها
– ألف مبروك ياحبيبي
سحب كفيها متجهين لمكان رقصتهم الأولى
ضمها بقوة وهو يهمس لها
– أخيرا هتباتي في حضني يالولا، ياااه كنت مفكر اليوم دا مش هيجي ابدا
تذكرت حديثه:
– لو فعلا حبتيني في يوم من الأيام زي ماقولتي ليونس، اثبتيلي دا بسعادة سليم
وضعت رأسها بصدر سليم تضغط على نفسها حتى لا تبكي ..رفع سليم ذراعها حتى تطوق عنقه ويتحركا على نغمات الموسيقى
رفعت ذراعيها تطوق عنقه وتنظر إليه مبتسمة
ظلا يتمايلان لبعض الوقت على موسيقى رومانسية ..حتى انتهى من رقصتهما الأولى
❈-❈-❈
عند راكان خرج من حفلة الزفاف بعد حديثه معها، استقل سيارته يتحرك بشوارع القاهرة، يحاول أن ينسى طلتها التي خطفت قلبه، وبكائها الذي مزق روحه وكوها..ظلا يتحرك دون هدواة حتى استمع لرنين هاتفه
– انت فين يابني البكري، وازاي تسيب أخوك في يوم زي دا…خمس دقايق وتكون عندي، وياريت تبطل هلس
قالتها زينب وهي تصيح بالهاتف
أما حلا التي جذبها توفيق بجانب في القاعة
– انتِ اتجننتي يابت إزاي جاية هنا، عايزة راكان يولع فيك
عقدت ذراعيها وأردفت غاضبة:
– راكان كتب كتابه عليا…صدمة أصابته حتى فقد النطق والحركة للحظات، ثم اتجه ينظر إليها
– ليه راكان بيخطط لأيه..
– مش بيخطط لحاجة، اتجوزنا ، وعايشين زي أي اتنين متجوزين، بعد مابعتني لعنده ، افتكر حبنا ومقدرش يقاوم
– برافووو ياحلا، كنت خايف لتفشلي، نخلص من الفرح وبعدين اقولك على الخطوة الجاية
انتهت حفلة الزفاف وصل راكان إلى الفندق وهاتفه الذي لم يصمت عن الرنين
اتجه سريعا إلى أخيه
– ألف مبروووك يا حبيبي، آسف كان فيه حاجة مهمة جت فجأة
طوقه سليم ينظر إليه بعتاب
– يوم فرح أخوك، بكرة تترد لك ..ربت على ظهره : بقولك مبروك ياعريس عقبال مااشوف ولادك، وأنا بشرط عليك بعد تسع شهور عايز ولد ، وياسلام لو طلع الواد زي عمه ويتولد في الشهر السابع هيكون كدا كتر خيرك
قهقه سليم وهو ينظر لليلى التى تحاول السيطرة على نفسها، أيعقل يكون بكل ذاك الجبروت ليطلب منهما ذلك
زفرت بغضب فكلامه يجعلها تستشيط غضبا
اتجهت بنظرها إليه:
– كل واحد أولى باله ياحضرة المستشار، وعلى مااظن إنت كمان هتتجوز وهنيجي نباركلك لكن مستحيل اطلب منك كدا
ابتسم بسخريه فمن هذه التي تقف أمامه
منذ قليل كانت ملاك تستعد أن تلقي نفسها بأحضانه والآن تحولت لقطة شرسة، تستعد أن تقوم بتمزيق وجهه
دنى منها عندما وجد سليم يتحدث مع والدته
– متخافيش مش هطلب منك تربي ولادي، لاني مش هتحمل على ولادي تربيتك ليهم
– سليم..قالها راكان وهو يطالعها ثم اتجه بنظره لأخيه
طايرة خاصة لليونان وكمان تركيا ياحبيبي هدية جوازك عشان تقضي شهر عسلك وتتبسط
ثم اتجه بنظره إليها
-مبروك يامرات أخويا..وياله عشان أوصلكم للمطار

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى