روايات

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الرابع والأربعون 44 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الجزء الرابع والأربعون

رواية عازف بنيران قلبي البارت الرابع والأربعون

عازف بنيران قلبي
عازف بنيران قلبي

رواية عازف بنيران قلبي الحلقة الرابعة والأربعون

بكيتُ وهل بُكاء القلب يُجدي ؟!
فراقُ أحبتي وحنينُ وجدي ..
فما معنى الحياة إذا افترقنا؟؟
وهل يُجدي النحيبُ فلست أدري؟!
فلا التذكارُ يرحمني فأنسى..
ولا الأشواق تتركني لنومي..
وحتى لقائكِ سأظل أبكي ……وحتى لقائكِ سأظلُ أبكي
كيف أُخبرك بأنك الشيء الوحيد الذي أحمله بداخلي ولا أُريده أن ينتهي!!!
❈-❈-❈
اتجه راكان إلى سيارته واستقلها ثم تحرك بالسيارة، بسرعة جنونية وهو يصرخ بالهاتف إلى جاسر
-اقسم بالله لاموتها، سمعتني محدش يلومني بعد كدا
رفع يونس نظراته إلى راكان في حالة تنم عن خوفه الشديد بسبب ماصار
-راكان ممكن تهدى عشان نعرف نفكر، انت متثقش في نورسين دي ممكن تكون عاملة كمين
ضرب بقوة على المقود حتى شعر بتخدر كفيه من قوة الضربة
-عارف يايونس، عارف انها حقيرة وزبالة، بس قولي ازاي هفكر ومراتي وابني في ايديها
رفع كفيه يمرر يديه بخصلاته وكاد أن يقتلعها ونظر إلى الطريق بأعين مشوشة كلما تذكر حديثها وخوفها
رفع نظره بعينا اختلطت مياهها بنيران ألمه الضاري لتسقط عنوة عنه وهو يهمس
-كانت حاسة يايونس، قالتلي انا حاسة فيه حاجة وحشة هتحصل
قبض على المقود بشدة حتى ظهرت عروقه وهمس بفحيح
-اقسم بالله لادفعها التمن غالي..نظر يونس الى الطريق وسرعته المجنونة
-راكان أهدى لو سمحت انت كدا هتموتنا..راكان اركن وانا هسوق
-مراتي وابني يايونس ، ازاي عايزني اهدى
ظل يضرب على المقود بغضب
ربت يونس على ظهره:
-ان شاءالله خير ياحبيبي أهدى بس
التفت يناظره بعينين هالكة من فرط الألم وتحدث
-تفتكر ممكن نورسين ممكن تعمل حاجة فيهم
عند نورسين وليلى..
فتحت جفونها بتثاقل وارهاق، تتأوه من الألم ..ظلت تفتح عيناها وتغلقها لعدة مرات، حتى نظرت إلى سقف الغرفة، استمعت لصوت بجانبها
-حمدالله على السلامة يامدام ليلى البنداري..اعتدلت ليلى بهدوء تضع كفيها على أحشائها
-انا فين..قالتها وهي تنظر حولها بتشتت إلى أن وصلت انظارها إلى نورسين بعينان هالكة من شدة الألم
اعتدلت سريعا بعدما تذكرت ماحدث، واقتراب نورسين منها
-انتِ هنا في جهنم الحمرا يا لولو هانم
رمقتها ليلى وهي تزم شفتيها بسخرية:
-ايه دا هو انا في ضيافة عروسة المولد ولا ايه،ورغم رعبها إلا أنها قالتها بقوة
أمسكت نورسين مقصا وبدأت تتلاعب به وهي تطالعها بهدوء مستفز، نظرت إلى المقص مرة واليها مرة، ثم أطلقت ضحكة رنانة
-ضيافة!! تفتكري انا هعملك ضيافة، دا أنا لو اطول ادبحك مش هتأخر
قوست ليلى فمها، وتحدثت
-اكيد طبعا، مش أنا عدوتك، ال خطفت حبيب قلبك،ال ياحرام ماقدرتيش حتى أنه يقضي ليلة مع عروسة المولد، رغم اغرائتك الذبالة وسفرك وراه ياوقحة
نهضت نورسين وهي تضرب المقص بكفيها علها تخرج غضبها ولا تطعنها به
استدارت ليلى تبحث عن حمزة، ولكن صعقت وشعرت بهزة عنيفة عندما وجدته مُقيد
نهضت من مكانها تقترب من نورسين غاضبة
-ايه ال عملاه دا يازبالة، هستنى منك ايه، فكيه فورا، وإلا
دارت نورسين حولها وهي تفعل حركة من شفتيها
-تؤ تؤ..يالولة، متخلنيش استغباكي، هو انتِ مفكرة هخاف منك
دفعتها بقوة حتى سقطت على الفراش خلفها وأردفت بفحيح أفعى
-متفكريش انا بهدد بس، لا ياقلبي، انا جاية احرق قلبك وقلب حضرة النايب ال عمل فيها ذكي، ماهو نسي أن لحمي مر
وهخليه يتمنى الموت وهو شايفك قدامه كدا هو وابنه بتموتوا بالبطئ
وضعت المقص على وجهها وهمست بالقرب منها
-هو انا مقولتكيش يامدام، مش انا ناوية اولدك بطريقتي، عشان احرق قانون راكان البنداري عشان مايفكرش تاني في الولاد..
جذبت خصلة من شعرها لفتها على اصبعها وهمست بالقرب من أذنيها
-دا لو حبيب القلب وصل بالسلامة…اوووبس نسيت اقولك يالولا..اتجهت إلى حمزة الذي يحاول الفكاك من تلك القيود فتهكمت قائلة
-ماقولتش للمدام ليه يامتر، مش تفهمها أنها هي وراكان هنودعهم..اقتربت بخطوات سلحفية وهي ترمقه
-متحاولش يامتر، لانكوا مش هتعيشوا
رفعت هاتفها وتحدثت:
-اجهز زمان راكان وصل للجامعة، واكيد عارف هتعمل ايه..أغلقت الهاتف وهي توزع نظراتها على ليلى
-فيه مشاهد حلوة تتبهروا بيها النهاردة، كنت اتمنى تشوفيها معايا، بس للأسف، هنعمل عملية بسيطة للحلو ال في بطنك دا
اقتربت تغزها بالمقص بأحشائها
-عرفت أنه ولد، وفي الشهر الخامس، تفتكري هسيبه يكبر، تؤ..تؤ.. لازم نخلص من الكبير والصغير
حاوطت ليلى بطنها وتحولت نظراتها الى الكره الواضح واشتعلت عيناها كجمرتين من اللهب الحارق
-يبقى قربي وشوفي هعمل فيكي ايه..استمعت إلى رنين هاتفها امسكته سريعا
-امجد حبيبي…مبروك الهروب ياكبير، اه حبيتك بين أيدي لتلحقها لا متلحقهاش
على الجانب الآخر صرخ بالهاتف
-نورسين متقربيش من ليلى عشان منزعلش من بعض
مطت شفتيها ترمق ليلى بنظرات نارية وأردفت
-دا ايه العشق الكبير دا، متخفش ياأمجد الدكتور جاي في الطريق، وكمان راكان جاي، ومتخفش هيلاقي نهايته سلام ياحب
صرخ بها أمجد:
-نورسين..اياكي تقربي منها ..رفعت نظرها إلى حمزة وارتجفت أوصالها من الخوف تبتلع ريقها بصعوبة محاولة اخفاء ذعرها
امسكت نورسين مشرط يوضع على المكتب بجوارها مع بعض الأدوات الطبية، ثم أشارت إليها
-حلو دا، وحامي جدا، عشان متتوجعيش
سلطت ليلى بصرها تنظرإليها ببغض:
-قربي وشوفي هعمل فيكي ايه، ولو جدعة اعملي حاجة في جوزي ياحقيرة، واحدة مقرفة زيك ايدك تتمد على ابني هفعصك..دا اغلى من روحي
توقفت ليلى وتذكرت حديثه
-افتكري دايما حبيبي طول ماصاحب الحق بيدافع عنه هياخده، أما لو اتسايب واتهاون في حقه، هيخسر دايما، مفيش حد بياخد حق حد، ربنا ميزنا بالعقل عشان نفكر ياليلى
خرجت من شرودها عندما اقتربت نورسين تضع المشرط على وجنتيها لتصيبها بالزعر، ولكن هنا فردت ليلى مخالبها ودفعتها بقوة اسقطتها على ظهرها، واعتلتها، تجذب منها المشرط بحركة سريعة حتى جرحت بها أنامل نورسين التي نزفت بقوة ورفعته تضعه على عنقها تضغط بجسدها بالكامل عليها
❈-❈-❈
-سمعيني كدا كنتي بتقولي ايه ياحيوانة،عايزة تموتي ابني، انا استحملتك كتير، من وقت مامثلتي عليا أن راكان حامل منك ياحقيرة
غرزت المشرط حتى أخرج بعض الدماء..ثم أشارت بعينيها على بطنها
-دا اغلى من روحي، دنت منها تجذب خصلاتها حتى تصبح بمستوى جلوسها، ترمقها بنظرات نارية وهي تضغط بكل ثقلها على كفيها تحكه بالأرضية الصلبة بأقدامها
جاية وعايزة تحرقي روحي يابت، دا انا افعصك بجذمتي
-عارفة ليه يازبالة..جذبتها باليد الأخرى من خصلاتها وغرزت بقوة المشرط
-عشان دا من حبيبي الوحيد، حب أنتِ متعرفهوش، حبه بيجري في دمي،،تسمعي عن الحب دا
دفعتها بقوة بركبتها، لا تعلم كيف أتتهاهذه القوة فأسترسلت بصياح
-ال زيك مالوش في النضافة، ال زيك آخره أمجد الحقير وال زيه
صرخت نورسين بعدما لفت ليلى خصلاتها تجذبها وتجرها بقوة اتجاه حمزة
دلف الرجل بسلاحه، فغرزت المشرط بقوة بعنقها وازدادت الدماء وهي تهمس بهسيس إليها
-قوليله يفكه بدل مااموتك، تفتكري حياتي هتهمني وانا عارفة انك ناوية تعملي ايه في راكان
أشارت للرجل بيديها فكه بسرعة..اتجهت بنظرها إلى حمزة وهي مازالت تضغط والدماء تنسدل
-خد منه المسدس ياحمزة واربطه، بدقيقة واحدة فعل حمزة بعدما لكمه بقوة فسقط على الأرضية وقام بتقييده
اخذت نفسًا ثقيلا حتى تريح نبض قلبها المؤلم وقالت بصوت ضعيف، وهي تضغط على عنق نورسين
ألحق راكان، متخلهوش يوصل لهنا، اتصل بيه بسرعة
ليلى مش هخرج من غيرك ..تنهدت بألم شديد وكأنها تحارب نصل سكين مغروس بصدرها فصاحت به
-انا بقولك ألحقه ياحمزة، ارتفعت ضحكات نورسين وهي ترمقهما
-اترحمي على حبيب القلب يالولة ، خليه يدخل بس هنا وهتسمعي انفجار يهز قلبك..لم تشعر ليلى بنفسها وهي تتخيله بتلك الحالة، غرزت المشرط بقوة حتى جُرجت نورسين جرح عميق وبدأت الدماء تنسدل بقوة، من يراها يظن أنها دُبحت ..حاولت الحفاظ على انفعالاتها ولكن تلك الشمطاء اخرجتها عن شعورها
فدفعتها بقوة ببطنها حتى خارت وهوت على الأرضية
جذبها حمزة من خصلاتها بقوة
ثم دفعها بالجدار، فشعرت بغمامة سوداء، فعل حمزة مرة أخرى مافعله، فسقطت مغشيا عليها بروح من يراها يظن أنها صعدت إلى بارئها
بصق عليها، يجرها ويقيدها، رفع نظره الى ليلى التي تبحث عن شيئا
-ليلى بتدوري على ايه، لازم نطلع من هنا
-تليفوني فين، لازم اتصل براكان..وجد حمزة هاتفه على بُعد مسافة.بجوار هاتفها..خرجت سريعا تهرول للخارج تبحث عن الطريق، وصل حمزة إليها ..جذبها من كفيها عندما وجد تعثرها بسيرها وبكائها
-اهدي عشان أنتِ حامل، لازم نخرج من هنا قبل ماامجد يجي، منعرفش عنه حاجة..أمسكت احشائها وهي تشهق ببكاء
-اتصل براكان..فتح هاتفه وقام الأتصال به ولكن هاتفه مغلق
كور قبضته، يهز رأسه
-تليفونه مقفول..
شعرت وكأن حجرًا يطبق على
صدرها
استخرطت في البكاء وأخذت تتنفس بشكل هستيري وهي تهز رأسها رافضة أن يصيبه مكروها
توقف حمزة أمامها :
-ليلى اهدي ، أن شاءالله خير..وضعت كفيها على فمها تبكي بنشيج
-هموت لو حصله حاجة ياحمزة، اتصرف وانقذ جوزي ياحمزة لو سمحت
وصلوا إلى الطريق، حاوطها من أكتافها ينظر حوله بترقب خوفا من ظهور أحدا امامهما، تذكر جاسر..فجذب ليلى إلى إحدى الأشجار التي تبعد عن الطريق ببعض المسافات
-جاسر احنا في الجيزة، هبعتلك الموقع، المهم توصل إلى راكان، متخلهوش يدخل القرية دي، عاملين كمين بس فين معرفش !!
-اجابه جاسر الذي كان متجها بسيارة الشرطة إليهما
-خرجتوا ازاي، احنا في الطريق…قص له ماصار بإيجاز
-تمام كويس، خليك مكانك.. القرى دي بيكونوا متعاونين جدا يعني لو حد اتعرف عليكم ممكن متعرفوش تخرجوا
ارتجف جسد ليلى وهي تهذي باسمه
-عايزة راكان ياحمزة، هاتلي جوزي..، كم آلمته عبراتها توقف عاجزا لايعلم ماذا عليه فعله..تذكر حديث جاسر فقام الاتصال بيونس
-يونس راكان معاك..
-حمزة قالها يونس بارتباك، انت فين وليلى فين
-راكان فين يايونس بسرعة ..اجابه
-قدامي راكب عربية، وانا راكب موتوسيكل وراه عشان محدش يشك
-حاول تمنعه متخلهوش يوصل لهنا احنا هربنا خلاص، عاملين كمين له
تحرك يونس سريعا بالدراجة البخارية بعدما توقف يرد على حمزة، ولكن لم يجد السيارة، كور قبضته بغضب، يركل دراجته ، وصل جاسر إليه
-واقف كدا ليه.!!.قص ماصار ..تحرك جاسر خلف راكان حسب الجهاز الذي يوضع بساعة يديه
قبل قليل توقف بالسيارة أمام محل لتأجير الدراجات
-هتنزل وتركب مكنة وتمشي ورايا وتحاول تخليك هادي، عارف ومتأكد أنهم عاملين لعبة، بس معرفش ايه هي، نورسين مش لوحدها، دي عايدة وأمجد اكبر مصايب من نورسين، والدليل فضلت بينا السنين دي كلها ومشكناش فيها، لازم تاخد بالك كويس، لو حصل حاجة مش مرتبنلها
يبقى وصيتك ليلى وولادي يايونس، ومتنساس ماما زينب
جحظت أعين يونس وهو يهز رأسه رافضا حديثه،وشعر بالأختناق يعيق زفراته، رفع بصره إليه
-راكان صلي على النبي يابني أن شاءالله محدش هيربي ولادك غيرك
ربت راكان على كتفه واردف:
-كل واحد ونصيبه يابن عمي، دي وصيتي، ليلى وولادي امانتك
❈-❈-❈
تحرك بالسيارة لبعض المسافة، وانتظر يونس الذي استقل دراجة بخارية وتحرك خلفه، رفع هاتفه
-جاسر راقبني من جهاز الساعة، مش عايز خدش لمراتي وحمزة، قالها واغلق الهاتف
وصل راكان إلى الجامعة ..استمع الى رنين هاتفه
-انزل من عربيتك واركب التاكسي ال قدامك، بعد فترة دلفوا من شوارع جانبية، ثم ترجلوا من التاكسي، واستقلوا سيارة اخرى، تحركت بأماكن شعبية حتى خرجت لأحدى المزارع، ويونس خلفهم ولكن هاتفه ووجود حمزة جعله يتوقف ليعلم ماذا حدث
تحرك جاسر إلى مكان إشارة راكان حتى وصل إلى بداية البلدة …ترجل الرجلين اللذان بجانبه، ثم أشاروا إلى وسيلة تنقله تعرف (توكتوك )
اركب دا هيوديك المكان..
وهات تليفونك.زفر بغضب وهو يجز على اسنانه، محاولا الهدوء..وصل بعد قليل إلى إحدى الأماكن ترجل الرجل وأشار إلى سيارة
-اركب العربية دي، قالها وتحرك سريعا بعدما أخذ هاتفه
اتجه للسيارة التي تصف بالطريق واستقلها وقام بتشغيل المحرك
عند حمزة وليلى التي جلست تتألم وتبكي بأن واحد، ولم تردف سوى اسمه..تورمت غصتها لدرجة شعرت بعدم تنفسها، وضعت كفيها على صدرها
-اللهم اني استودعك زوجي، فرده لي امنا ياارحم الراحمين
ربت حمزة على كتفها
-ليلى اهدي
قاطعه رنين هاتفه
-حمزة راكان قريب منك، على بعد كيلو تقريبا…قالها جاسر الذي ينظر بجهاز التتبع
انحنى يجلس على ركبتيه أمام ليلى ، حاول اخفاء خوفه الذي اجتاح جسده وتحدث بهدوء رغم نيران قلبه
راكان وصل ..اهدي اومأت برأسها باكية:
-هو جه..خليكي هنا اوعي تتحركي، انا هقابله، فكري في ال في بطنك تمام
جلست وقلبها ينبض بعنف خوفا عليه..تحرك حمزة عدة أمتار بعيدا عنها وهو يتلفت حوله..تسارعت نبضاته بشكل مخيف وهو يرى سيارة من مسافة بعيدة تسرع بطريقة جنونية، وكأن قائدها لم يتحكم بقيادتها..هرول سريعا عندما لمحه من بعيد..رأته ليلى بتلك الحالة، نهضت متجه سريعا الى الطريق، ارتجفت أوصالها من الخوف وابتلعت ريقها بصعوبة وهي تحتضن جنينها بعيونا باكية، عندما وجدته غير قادر على توقف السيارة
وصلت السيارة بالقرب من حمزة، نظر إليه راكان بصدمة، وهو يحاول السيطرة على القيادة ، أشار بيديه للبعد عن طريقه، وبالفعل تراجع سريعا..أسرعت السيارة إلى أعلى الطريق الذي يتميز بالاعوجاج، ناهيك عن انحداره ويتفرع منه طرق اخرى وبنهايته بحر ..، ضغط على المحرك وهو يجز على أسنانه
-مجرمين ذبالة..حاول حمزة الإسراع خلف السيارة ولكن انحناء الطريق لم يراها جيدا
توقف اتجه الى ليلى المتحركة ببكاء إليه التفت عندما
انقلبت السيارة رأسا على عقب وسقطت لاسفل الجبل
صرخة شقت سماء المكان من ليلى وهي ترى انقلاب السيارة
وفجأة استمعوا الى انفجار السيارة بالأسفل
هرول حمزة يصرخ بجنون، هو لم يرى انقلاب السيارة بسبب انحدار الطريق، كل مارآه واستمع إليه انفجارها
تحركت بخطوات مرتعشة ودموع تمزق وجنتيها، وساقين هلامتين تصلب جسدها وكأن خنجرا يدق بمنتصف صدرها تراجعت للخلف تهز رأسها وتردد بخوف والما بآن واحد
-لا مستحيل يكون جوا العربية، لا العربية انفجرت وراكان خرج منها
وصل إليها حمزة الذي اتجه سريعا إلى أخر الممر وضع يديه على رأسه وجثى على ركبتيه ودموعه ابلغ عن أي وصفا مما رآه
هوت على الأرضية وهي تهز رأسها كالمجنونة، دا كابوس
لا كابوس وهفوق..راكان مكنش في العربية، راكان مكنش في العربية
اتجهت إلى حمزة بعينان متألمة
-حمزة قوم شوف راكان فين، حمزة قوم هاتلي راكان،تحركت بخطوات أقرب الى الركض لتهبط إليه وانفاسها تصارع الموت داخل صدرها، ودمعاتها تلاحق بعضها تلو الأخرى
وصل جاسر إليهما بجواره يونس الذي تصنم بوقفته، ينظر إلى ركض ليلى وبكائها
وكأنها فقدت عقلها..استدارت تشير إلى يونس عندما فقدت الحركة، وشعرت بآلام تنخر عظامها
-يونس راكان تحت، انزل شوفه بسرعة
-يونس..قالتها بصراخ
بقولك انزل شوف ابن عمك،هو عايش
توقف حمزة اخيرا، متجها اليها يجذبها ليخرجها حتى لا تسقط
-ليلى اهدي أنتِ حامل، عشان ابنك..
رفع يونس نظره إلى حمزة وتسائل بتقطع :
-حم..زة فين راكان ..أطبق على جفنيه بقوة
-العربية انفجرت وهو جواها
دفعته ليلى بصراخ، واتجهت سريعا الى الأسفل
-انا جوزي عايش..سامعين راكان عايش..قالتها وهي تهبط بهدوء إلى الأسفل، في الوقت الذي وصل جاسر قبلها للأسفل …بينما يونس شعر بتوقف نبضه، وكان أحدا قام بضربه بسيخا حديدا بصدره
وشعر بأن الأرض تحت أقدامه فوهة بركانية وهو يهز رأسه رافضا حديثه
قفز بخفة سريعا اتجاه جاسر
وصل جاسر إلى السيارة التي تحطمت مع فريقه
اتجه أحد الشرطيين
-مفيش حد في العربية ياباشا..هنا طاقة نور فتحت للجميع..أشار بيديه على الأشجار التي تصف بجانب الطريق
-دا كويس، ممكن يكون نط من العربية بعد ماعرف أنها مش سليمة، دور فوق وتحت اكيد هو هنا
خارت ليلى ولم تشعر بنفسها فجثت على الأرضية وهي تصرخ باسمه..اتجه حمزه يساعدها على الوقوف
-ليلى لو سمحتي بلاش تعملي كدا، اهدي لو سمحتي راكان مكنش في العربية ممكن تهدي
انهمرت عبراتها ممزوجة بنزيف روحها التي اشتهت الموت قبل أن تسمع خبر موته
وضعت كفيها بشهقة وهي ترتجف من فكرة موته، الفكرة نفسها تذهب روحها
استمع جاسر إلى أحد الشرطيين
-لقيناه ياباشا..اسرع يونس وحمزة اتجاه سريعا، بقلوبا تنزف دما ،تصنم جسد يونس وانسابت دموعه بقوة يصرخ بصوت جهوري من حالته التي وجد عليها ..هوى بجسده يضمه إلى أحضانه وصرخت شقت الكون بأكمله وهو يصرخ ويصرخ بصوته الجهوري يضرب على شقه الأيسر
-لا راكان..مستحيل..انتحب بحرقة وهو يضمه عندما شعر بفقدان حياته
دفعه حمزة بقوة:
-اخرص ياحيوان، اتجننت ولا ايه …وسع كدا بدل ماتشوفه، خلاص حكمت عليه
ورغم قالها بصوت غاضب إلا أن داخله ينهار، فمن يراه يجزم بموته
كانت تجلس بعيدا بجسدا خاوي وكأنها فقدت الحياة،تضم احشائها تحاول السيطرة على التنفس وشريط حياتهما يمر أمام ناظريها ..دموع فقط تسقط من هذا الجسد الذي فقد الحياة، عيناها خاوية، أصبح جسدها متجمدا وبارداً كبرود الموتى عندما صرخ يونس
❈-❈-❈
قام جاسر بمهاتفة الاسعاف، وهو يأمر شرطيه بالوصول إلى ذاك المنزل للقبض على نورسين بعد إغلاق حمزة عليهما
جلس يونس بمقابلته، وبدأ على وجهه الحزن الشديد وعبراته كالوديان لم يرفع بصره عن ذاك الجسد الذي من يراه يقسم أنه فقد الحياة
نظراته ضائعة معذبة، وقلبه ينتفض بذعر يتمنى أن يكون كابوسا حتى يفيق بما صار له
أوقفه جاسر بغضب
-يونس انت دكتور، حاول تشفع لوظيفتك يادكتور، انسى دا ابن عمك، دا مريض، قوم وشوف شغلك
كأنه لم يستمع اليه، عيناه الخاوية على جسد راكان المسجى على الأرض..تذكر حديثه منذ قليل
-يونس وصيتك ليلى وولادي، هنا فاق من صدمته واتجه بنظره الى ليلى الجالسة، التي شعر بأنها لم تشعر بمن حولها
أشاح بوجهه عنها و
نهض بتكاسل، بل حزن شطر قلبه و جسده بأكمله..وصل إليه بألما ..أطلق تنهيدة مرتعشة من عمق حزنه والمه ..ورفع يديه المرتجفة على وجهه ودموع عيناه تكوي وجنتيه..رفع كفيه يضمه بحنان يمسح على وجهه ويزيل الدماء المنبثقة من رأسه ..انخفض يطبع قبلة على جبينه
“ويسألونك عن الروح قل هي من أمر ربي” صدمة جارفة مع ابتسامة عندما شعر بنبضه وتحدث
-راكان ..انت عايش ياحبيبي
اتجه سريعا ونزع قميصه وحاول تضميد جراحه، وهو يبتسم، لم يقل الأمر عند حمزة، الذي فعل مثله، وحاولوا منع نزيفه ..ضغط يونس على صدره عندما شعر بتوقف نبضه
لازم تتمسك بالدنيا عشان مراتك ال هتموت عليك وولادك، ياله ياراكان انت قوي..جلس حمزة يساعده وهو يحاول إنعاش قلبه مرة أخرى
رفع بصره لحمزة
-عايش ياحمزة ..راكان عايش يلا
قالها عندما شعر بنبضه تحت أنامله
رفع نظره إلى ليلى علها تفيق
-عايش..عايش، ظل يكررها لعدة مرات، ثم اتجه لجاسر الذي وصل إليهم بالمسعفين
-براحة اكيد فيه كسور، حمله المسعفين بهدوء، نهض
متجها الى ليلى الحاضرة الغاىبة بعيناها المتحجرة بالدموع وجسدها البارد برود الموتى
جلس بجوارها وأدار وجهها
-مدام ليلى ..أنتِ معايا، قومي ياله، راكان لسة عايش
كأن اسمه ارجعها لأرض الواقع، رفعت بصرها بأهدابها المرتعشة
-عايش..قالتها بخفوت..وصل حمزة
وحاوط ذراعيها
-قومي ياليلى، جوزك عايش.
أسندها يايونس معايا قالها حمزة وهو يحاول ايقافها
تحرك إليها بخطوات سلحفية وتوقف بمحاذاة حمزة
لا يعلم كيف سيتخلص من هذا الوخز الذي يرافق أنفاسه من حالتها، وحديثه الأخير
سحبها بمساعدة حمزة متجهين إلى السيارة، كانت تتحرك كورقة خريف تبعثرت ورقاتها في مهب الريح، لم ترى سواه وحده، حديثه احضانه، كلماته الهامسة لها
استقلت السيارة بجوار حمزة، ينظر اليها بقلبًا منفطر، رفع نظره الى يونس وأشار بيديه للقيادة
-ابتلع غصته المتورمه قائلا بتنهيدة عميقة
-ليلى لازم تفوقي عشان ابنك ال في بطنك، راكان هيفوق إن شاء الله
وضعت رأسها على زجاج السيارة بتعابير تقطر حزنا تضع كفيها على احشائها وتتذكر حديثه
فلاش باك
دلف إلى جناحهما وجدها تخرج من المرحاض بجسد منهك..جلست أمام المرآة
جذب المقعد وجلس بمقابلتها، احتضن كفيها
-حبيبتي تعبانة..وضعت رأسها على كتفه..لا كويسة، اتعودت خلاص ياراكان، لازم اول كام شهر يكون إرهاق وتعب كدا
ملس على وجنتيها وابتسم
-لازم تتشاقي يالولا، وتجيبي ولاد تاني..اعتدلت ترمقه بغضب
-نعم هو انا ال بجيب العيال لوحدي..قهقه عليها بصوته الرجولي
-انا مالي، انا مؤدب ماليش دعوة ..لكزته بكتفه
-بس ياراكان هزعل منك بجد
حاورها بعيونه الشمسية، ثم عانقها بدفء حنانه وهو يمسد على خصلاتها
-أنا أسعد راجل في الدنيا، ربنا ما يحرمني منك حبيبي
حاوطته بذراعيها تستنشق رائحته الرجولية الخلابة لرئتيها
-وأنا اسعد ست على وجه الأرض،عشان متجوزة احسن راجل في الدنيا
اخرجها من أحضانها واحتضن كرزيتها حتى يخمد بركانه الثائر بعشقها ..فصل قبلته واضعا جبينه فوق خاصتها
-أنا محظوظ اوي ياليلى، وسعيد عشان لتاني مرة هكون أب، رفع ذقنها وعانق ليلها الدامس هامس لها
-فرحتيني واسعدتيني حبيبتي رغم انك خبيتي عليا في الأول
رفعت كفيها على وجنتيه ونظرت لداخل مقلتيه
-بجد ياراكان انت مبسوط عشان هيجلينا ولد تاني
طبع قبلة مطولة على كفيها واه خفيضة خرجت من بين شفتيه
-انا متمنتش غير كدا اصلا ياليلى، طول عمري وأنا نفسي اجيب ولاد كتير من الست ال بعشقها، بس كدا كفاية يالولا عشان صحتك ياقلبي
رفع ذقنها وأشار إلى بطنها
-دا ابننا التالت مش التاني، وان شاءالله يجي بصحة كويسة، والحمدلله عليه، مش عايز تعب، ولا خوف عليكي
انسابت عبراتها على وجنتيها وارتجفت شفتيها قائلة
-أنا بحبك اوي ياراكان، اوعى تبعد عني مهما صار، هموت لو بعدت، هزت رأسها وكثرت عبراتها التي أصبحت كالمطر
سحبها بقوة لأحضانه يعصرها وهزة عنيفة أصابت قلبه من بكائها
-معرفش انا مالي بجد، دايما عندي احساس وحش ياراكان اني هفقدك أو أننا هنبعد عن بعض
أحس ببرودة تتسرب لجسده، وتصلب كفوفه على خصلاتها
اخرجها ينظر لمقلتيها قائلا بصوت جعله متزنا
-ليلى ايه ايمانك الضعيف دا، يعني بعد ال حصل دا كله، تفتكري ممكن ابعد عنك، دي وساوس ياحبيبتي، وممكن يكون من الحمل
دنى ينظر لشفتيها المرتجفة التي تدعوه لتقبيلها وغمز بعينيه
-عايزة تحرميني من الفراولة يالولة، تفتكري هلاقي فروالة طبيعي زي ال عندك
مط شفتيه وتحدث
-منكرش دوقت فراولة كتير، بس الصراحة مش زي الفراولة الطبيعي دي، قالها وهو يملس على شفتيها
لكمته بصدرة بقوة حتى سقط خلفه على الأريكة
-والله العظيم أنت بارد ورخم، تحولت إلى الجنون، واتجهت إليه تلكمه بقوة
-طب خد يبتاع الفراولة، والله لاحرمك منها وروح شوف الفراولة يابتاع الستات ياقليل الادب
ظلت تلكمه وهو يقهقه بصوته المرتفع
-يابنتي اهدي، والله بهزر..أمسكت الوسادة ووضعتها على وشه
-وريني بقى يابتاع الفراولة هتشوف الفراولة ازاي، هخلعلك عينك الحلوة دي
ارتفعت ضحكاته، حتى زلزلت كيانها،وضعف قلبها المسكين، فجأة جذبها محاوطها بذراعه وانقلب الحال
حاوطها بذراعيه يتعمق بنظراته إليها وابتسامة واسعة شقت ثغره وانارت وجهه
-أنا اصلا مش بشوف غيرك ياحبيبة راكان..دنى يداعب وجهها بأنفه
-اعمى عن الكل ومش شايف غيرك ياليلة حياتي وعمري كله
رفعت كفيها تمشط خصلاته
-وأنا بقيت مجنونة راكان البنداري..غمز بطرف عينيه وأشار بها
-عشان بيدوق الفراولة صح مش كدا..ركلته بأقدامها وصرخت
-والله عايز تنضرب ياراكان، جذبها حتى أصبحت على ساقيه ومازالت ضحكاته تملأ المكان
-تنينة تنينة فعلا زي مالولد يونس قال..وضعت رأسها بأحضانه وحاوطت جسده
-ماهو لازم التنين يكون له تنينة ياروحي، يعني التنين هيتجوز حمامة
ضحك بصخب على كلماتها، لكزته بصدره
-راكان بطل ضحك، معرفش مالك النهاردة مش عارفة ايه ال مخلي شفايفك مش على بعضها
داعب وجهها بأنامله وابتسم بعدما سيطر على ضحكاته
طب ينفع شفايفي تكون على بعضها ولولة حياتي جنبي بالبورنص دا..قالها عندما جذبها من رباط البورنص
أمسكت الرباط بقوة وهزت رأسها
-راكان، وسع بقى،والله مااعرف مالك اتجننت ولا ايه
جذب رأسها ونظر لكرزيتها يتحسسها بأنامله
-وجودك حبيبي هو ال مفرحني، يعني بعد ماماهكون اب للمرة التالتة، عايزاني ازعل
ضغطت على أصبعه بأسنانها
-هتلعب هزعلك بقولك اهو،
أطلق ضحكة مرة أخرى
-ياعضاضة، كدا ..وضعت رأسها على كتفه وأردفت وكأنها لم تفعل شيئا
-راكان نفسك في ولد مش كدا
حاوط خصرها بذراعيه قائلا
-ال ربنا يجيبه ياليلى مش هعترض، اخ ، أو اخت للولاد نعمة ..رفع ذقنها وتحدث
ربنا ما يحرمني منك، ويكمل حملك على خير، حافظي على نفسك ياليلى، لو تعبتي بلاش تروحي الشغل، سيلين ودرة هناك، وكمان انا متابع
حاوطت عنقه ووضعت رأسها بعنقه تستنشق رائحته، مثلما يستنشق النحل الزهور
جذبها يحاوطها بذراعيه
-ريحتي حلوة حبيبي..اومأت برأسها
-اوي ..أوي ياراكان، تعرف بقيت كل شوية اروح لبرفانك واقعد اشم فيه، بس رغم كدا بحب اشمه عليك، بحس اني عايشة
اخرجها ونهض متجها إلى غرفة الملابس..وضع أمامها ملابسها
-قومي عشان اساعدك ووصلك للشغل في طريقي، وهعدي عليكي وانا راجع، بس متنسيش كلامي لو هتتعبي بلاش الشغل ياليلى، عشان مضطرش اخد قرار يزعلك
توقفت أمامه وتسائلت بحيرة
-ياترى خايف عليا، ولا خايف على ابنك
نظر إليها بذهول ثم اقترب
-لا دا أنتِ شكلك اتجننتي، هو انتِ ايه وال في بطنك ايه، حاوط وجهها
-ليلى أنتِ عندي اهم في المقام الاول، بس دا ميمنعش اني اخاف على ال في بطنك برضو، انتو الاتنين مهمين عندي، ولاسيما أنتِ عندي أهم، متنسيش أننا فقدنا ولد قبل كدا..أخرج تنهيدة ثم رفع ذقنها
-عشان خاطري حافظي على نفسك اولا، ثم على ابننا، وخليكي دايما فاكرة حبيبتي انكم اغلى من روحي، ولو حصلكم حاجة مش هعرف اعيش، دنى يطبع قبلة على جبينها
-حياة ليلى هي حياة راكان، افتكري أن نبضنا مرتبط ببعض..تمسحت بصدره كقطة أليفة وحاوطت خصره
-طب ساعدني عشان اغير..حملها بخفها وهو يطلق ضحكات
-مش لما ادوق الفراولة، يعني تشميني ببلاش، لا فيد واستفيد ياحبيبي
❈-❈-❈
خرجت من شرودها وذكرياتها عندما توقفت السيارة وصوت حمزة الذي شعرت وكأنه بعيدا..بسط يديه إليها
-ليلى ياله، تعالي ندخل عشان نشوف راكان
اومأت برأسها وتحجر جفنيها الذي شعرت بصحروايته من كثرة البكاء
انزلت أقدامها بهدوء وحاوطت جنينها بيديها تحاول الوقوف، ولكن كأن أعضائها شلت ولم تقو على الوقوف..أمسكت بكف حمزة عندما شعر بها، وحاوط جسدها بذراعيه، تحركت تستند عليه وكأنها طفلا يتعلم السير..اسرع يونس بجذب مقعد متحرك لتجلس عليه..هزت رأسها رافضة وهمست بتقطع
-عايزة اوصل لعنده وأنا واقفة على رجلي، مش عايزة اكون ضعيفة..قالتها ببكاء
أطبق يونس على جفنيه متألما وانسابت عبرة عبر وجنتيه ألما وهو يطالع حمزة الذي تجمد جسده عندما هوت من بين يديه تبكي بنشيج مرير
-قولي ياحمزة ازاي هكون قوية من بعده، حد يطمن روحي ويقولي ازاي الواحد يقدر يعيش بجسد من غير قلب وروح ..وصل نوح بجوار أسما بعدما أخبره جاسر بما صار
تجمد نوح بمكانه من حالة ليلى وهو يهز رأسه رافضا فكرة فقدانه..وصلت أسما إليها مهرولة وهي تضع كفيها على فمها من الصدمة والذهول
احتضنتها بقوة تمسد على ظهرها، كيف تطمئنها وتحتوي وجعها احتضنت وجعها وحاولت الثبات أمامها
-حبيبتي ايه ال حصل، وايه ال عمل فيكي كدا ..رفعت نظرها إلى حمزة الذي انهار كليا يجلس بجوارها يضمها من أكتافها ..ابتلع غصة منعت تنفسه وشعر باختناقه
-ليلى لو سمحتي بلاش تعملي فينا كدا، جوزك لسة عايش، تعالي نطلعله
اخترق مسامع نوح ..جوزك لسة عايش، وصل إليها بخطوة يدفع حمزة بعيدا عنها
احتضن وجهها ينظر إلى مقلتيها وجفنيها الذي تورم من كثرة البكاء
-ليلى ايه ال حصل؟! ..قاعدة كدا ليه حبيبتي
أمسكت رسغيه ورفعت بصرها إليه..تشير بعيناها للمستشفى
-جابوه هنا وبيقولوا عايش، بس قلبي بيوجعني يانوح، قولي وطمن روحي،عارفة انك مش هتكدب عليا، قولي أن راكان..توقف لسانها ولم تعد تعلم بماذا تتفوه..ألقت نفسها بأحضان تلكمه بظهره بشهقاتها
-جوزي بيموت يانوح، راكان هيسبني..استقرت كلماتها في منتصف صدره الذي ضاق حتى أوشك على الاختناق، وقام بأغماض عينيه يمنع عبراته فنهض وهو يهز رأسه غاضبا من حديثها قائلا
-قومي ياليلى مش وقت ضعف، بدل جوزك عايش، لازم تكوني قوية، ايه الضعف ال عندك دا..وزع نظراته يبحث عن يونس متسائلا
-فين يونس!!..أشارت أسما
-طلع فوق، قومي ياليلى ياله عشان نشوف راكان حبيبتي ،
حاوطتها اسما بمحاذاة نوح وهي تهز رأسها
وصعدوا إلى أن وصلوا للمكان المنشود، وجدوا جاسر بجوار يونس أمام غرفة العمليات
-نورسين متصابة جامد، ونزفت كتير، بقت عاملة زي المدبوحة، اتحجزت في مستشفى السجن،
-امجد مكنش هناك..هز رأسه بالنفي
-عايز اسال حمزة ومدام ليلى بس الوضع مش سامح..احنا نطمن بس على راكان وبعدين هشوف نعمل ايه
جلست ليلى أمام غرفة العمليات بجسدا خاويا من الحياة، وكأن أحدهم أصاب قلبها بسيخا حديدا ، فتسرب األما هائل الى جسدها حتى شعرت بتمزق قلبها وخرت صريعا.. وصل والدها ودرة إليهم يبحث بعينيه على ابنته خوفا عليها بعدما
ليلى…قالها عاصم بقلب متلهف، ضمه إلى صدره
-حبيبتي حمدالله على سلامتك
بكت بأحضان ابيها بصوتا ضعيفا
-راكان بيموت يابابا، جوزي بيموت..استمعوا الى شيئا سقط بقوة بجوارهم، وإذ بها زينب التي هرولت تبكي بقلب مفطور على فلذة كبدها، ولكنها هوت ساقطة فاقدة الوعي،ربما فاقدة الحياة بعدما فقدت ابنائهم جميعا
بمكان آخر
تجلس على مقعدها بجوار ابنتها
-مفيش اخبار يافرح، نورسين ولا حتى أمجد اتصلوا، استمعت إلى رنين هاتفها
-ايوة..أجابها
-انا امجد، نورسين البوليس قبض عليها، وراكان العربية ولعت بيه، فيه اخبار بتقول أنه مات وفيه اخبار بتقول أنه بيودع، بس دا ميمنعش انك تسافري برة البلد…وقفت جاحظة العين وابتسامة شقت ثغرها
-قول والله راكان مات، سيبك من الاخبار التانية
زفر بضيق قائلا
-مدام عايدة انا بقولك لسة مفيش تأكيد، انا كنت هناك لما العربية انقلبت وولعت، بس معرفش مات ولا لا، فيه ناس تبعي في المستشفى بيقولوا حالته خطيرة في العمليات..فكري ازاي تهربي عشان نورسين دلوقتي بين أيديهم ..قالها وأغلق الهاتف حانقا
-ست رزلة..أخرج بعض النقود..يشكر الرجل وابتاع سجائر وتحرك ينظر حوله وهو يرتدي نظارته ليخفي ملامحه..استقل السيارة التي استأجرها
-يعني كان بيني وبينك خطوة ياليلى، بس نورسين بغرورها ضيعتك..بس ماتخافيش ياحبيبة أمجد هجيبك اكيد ونعيش بأمان بعد موت ابن البنداري
❈-❈-❈
عند عايدة وفرح
اتجهت فرح إلى والدتها السعيدة، وهي تجلس بانتشاء وتقوم بتشغيل هاتفها على الموسيقى الصاخبة
-ماما ايه ال حصل خلاكي مبسوطة كدا
نهضت وهي تمسك بكف ابنتها وتدور بها
-اخيرا يافرح، اخيرا اخدت طاري من عمك اسعد وموتله ابنه الحيلة
تركت كف ابنتها وهي تدور حول نفسها
-النهاردة اسعد يوم في حياتي كلها ..هوت فرح على مقعدها تهز رأسها رافضة حديث والدتها
-قصدك ايه بالكلام دا ..وضعت ساقا فوق الأخرى وتحدثت
-راكان ابن عمك بح..أو تقدري تقولي بودع الحياة ياحرام
هبت فزعة تهز رأسها بهسترية رافضة حديثها، ونيران الذنب تحرق احشائها، وهتفت بحزن
-لا مستحيل..اكيد كدب، راكان مستحيل يموت، لا..قالتها ببكاء واسرعت إلى هاتفها وقامت بالرنين على سارة
التي تجلس بجوار أسعد الذي كأنه فقد الحياة، جالسا بجسدا ، فاقد الحركة والكلام، عيناه زائغة بجميع الانحاء
استمعت إلى رنين هاتفها، توقفت وأجابت اختها
-نعم يافرح..بكت فرح وتحدثت بصوت مفعم بالبكاء
-قولي ال سمعته مش صح ياسارة، راكان مات
انسدلت دموع سارة وهي توزع نظراتها على الجميع، وحالتهم الحزينة والمتألمة، زينب التي فقدت وعيها وحُجزت، وسيلين التي تجلس بأحضان نوح ولا تشعر بشيئا ، أما ليلى الحاضر الغائب بأحضان ابيها وعيناها على غرفة العناية المركزة التي احُتجز بها
اخرجت تنهيدة متألمة وأجابت وهي تزيل عبراتها
-هو عايش الحمد لله ، بس حالته خطيرة واتحجز في العناية، جسمه كله كان بينزف، محدش قال كلمة تطمن
عارفة انك فرحانة وماما كمان، بس هو محتاج دعواتنا، عمو اسعد حالته صعبة اوي، وماما زينب فقدت وعيها، فرح لو سمحتي سامحي راكان والله هو طيب و..قاطعتها ببكائها المرتفع
-انا مش زعلانة منه ياسارة، دا ابن عمي في الاول والاخر، وعمري مااتمنيت له حاجة وحشة، ربنا يقومه بالسلامة..طمنيني لو حصل حاجة، لو مش خايفة من بابا كنت جيت شوفته واطمنت عليه
-ان شاءالله حبيبتي..ماما عاملة ايه، لسة زي ماهي يافرح، لسة عايزة تنتقم
أزالت فرح عبراتها وهي تنظر إلى والدتها التي تجلس تتلاعب بخصلاتها ووجهها وتستمع إلى الموسيقى بوجه مبتسم
بعد شهر من حادثة راكان الذي أدت به إلى غيبوبة
جالسة بغرفتهما تنظر إلى جدران الغرفة التي أصبحت كثلاجة الموتى، ظلت بمكانها والظلام يحاوطها…دلفت ابنتها
-مامي.. مامي..أنارت الأبجورة بجوارها
-اشارت بيديها وتحدثت بصوتها الضعيف الذي أصبح كجسدها الهزيل
-تعالي حبيبة مامي
صعدت ابنتها بجوارها، تمسح دموعها بكفيها الطفولي الرقيق
وتساءلت:
-هو بابي فين يامامي، قولتي هيرجع من السفر بكرة، وبكرة عد وبكرة التانية، بكرة كتير عدت يامامي وهو لسة مجاس
ارتفعت شهقاتها تضع كفيها على فمها وتضم ابنتها إليها
-هيجي يامامي، هو عنده شغل كتير وبكرة هيخلص شغله ويجي
رفعت بصرها وتحدثت بصوتها الطفولي
-اوف مامي بكرة دا مش عايز يجي خالص..دلف امير بعدما وجد باب الغرفة مفتوح
-مامي ممكن ادخل..قالها امير بهدوء كشخصيتة الهادئة
-طبعا ياحبيبي ادخل..دلف إليها..نظر إليها ثم اتجه بنظره الى أخته قائلا
-كوكي انطي سارة بتعملك كيك تحت، انزلي شوفيها خلصت ولا لا..هرولت الصغيرة وهي تضحك قائلة
-هكلها كلها، بابي مش هنا ومش هيمنعني، بس اكيد هسبله قطعة يامامي لما تكلميه قوليله ..تعالى بسرعة انت وحشت كوكي
انسابت عبراتها بصمت ..جلس امير بجوارها يزيل عبراتها بحنان ثم تحدث
-ماما هو بابا كويس مش كدا، انا عارف أنه مش مسافر،ةعارف أنه تعبان وفي المستشفى، لو سمحتي يامامي طمنيني عليه
رفعت عيناها الزابلة ونظرت إليه بذهول تتحدث بصوت متقطع
-أمير انت كبرت امتى ياحبيبي وعرفت منين..قالتها وهي تقبل كفيه
حاوطها بذراعه وبكى بصوته الطفولي
-بابا عايش ياماما صح، ولا هو راح عند بابا سليم
ضمت ابنها بقوة وارتفعت شهقاتها وتحدثت بصوت باكي
-لا ياحبيبي بابا كويس، هو بس تعبان، وهيخف ويرجعلنا بالسلامة..احتضنت وجهه ومسحت دموع صغيرها وأردفت
-ميرو، انت كبرت اوي ازاي مااخدتش بالي أن حبيبي كبر وبقى راجل يعتمد عليه، عشان كدا هياخد باله من أخته كويس لحد مابابا يرجعلنا بالسلامة
رفع الصغير كفيه الذي يشبه والده وأردف
-مامي انا متأكد أن بابي هيرجع، بس أنتِ بطلي عياط، بابي هيزعل منك اوي، لما يعرف انك على طول بتعيطي، أشار إلى بطنها وتحدث
-والنونو يامامي هيكون زعلان عشان بابي ..أطبقت على جفنيها لا تعلم اتسعد من حديث ابنها ام تبكي، كبر ابنها ذات السبع سنوات حتى شعر بها
نهضت تمسكه من كفيه واتجهت إلى الخارج
-تعالى نشوف كوكي بتعمل ايه، ممكن تاكل الكيك كله وتتعب وبابي يزعل منها…قالتها حتى تخرج ذاك الصغير من حالته الحزينة
بعد فترة من اطعام أطفالها ، اتجهت إلى غرفتها حتى تستعد لزيارة زوجها والمبيت عنده كعادتها منذ شهر..نظرت إلى الساعة وجدتها الخامسة مساء، اتجهت إلى مرحاضها وانعشت نفسها بحمام دافئ، ثم جلست تغمض عيناها عندما شعرت بوهنها وجسدها الضعيف، ذهبت بغفوتها لعدة ساعات تراه باحلامها، بضحكاته وهمساته العاشقة لها، اقترب يطبع قبلة على كرزيتها وهمس إليها
-قومي يامولاتي نمتي كتير وحشتيني هبت من غفوتها تفتح جفنيها بتثاقل ، تنظر حولها فوجدت الظلام يحاوط الغرفة،ورغم ظلامها إلا رائحته المندية لجفاف قلبها تنعش رئتيها، فردت جسدها على الفراش تلمس مكانه بيديها المرتعشتين، دفنت وجهها بوسادته تستنشق رائحته، احتضنتها فأصبحت رفيقة لياليها الحزينة المكللة بدموع فراقه، ذكرياته معها جعلت صدرها يختلج بإشتياقها المميت له، حسمت أمرها وتوقفت متجهة للخارج وهي تعزم على زيارته وإشباع روحها، ولا تتركه حتى لو كلفها الأمر النوم باحضانه إلا أن يفيق ويعود لها نبض قلبها الذي توقف عن الحياة،منذ غيابه بتلك الغيبوبة الغبية.. ركضت للخارج متجهة للمشفى، كفى شعورها بالأنهيار الكامل
وصلت حيث غرفته، نظرت إلى أصدقائه بالخارج، ووضعت يديها أمامهم
-كفاية محدش يقولي المفروض اعمل ايه، انا الوحيدة ال ليها الحق هنا..اقترب نوح إليها
-ليلى احنا قولنا ايه..دفعته بغضب وعينان نارية رغم ذبولها
-كفاية ضعف مني، دا لازم يفوق، انا مش هقعد واستسلم لكدا، سمعت كلامكم شهر كامل ..صاحت كالمجنون
-لازم يفوق قبل ماابنه يجي على وش الدنيا، حتى لو اضطريت أن انام جنبه أربعة وعشرين ساعة ، قالتها واتجهت اليه
بساقين مرتعشقة، وقلبا يأن ألما، هي تحاول أن تكون قوية، ولكن كيف تستمد القوة وقوتها به وحده، تحركت بخطوات واهنة ، تصلب جسدها وكأن خنجرًا يدق بمنتصف قلبها من حالته التي تراه بها، اقتربت بخطوات بطيئة ورغم بطئها ولكن أنفاسًا مرتفعة، شهقة خرجت من فاههة وهي تجثو بجوار فراشه، رفعت يديها المرتعشة على وجهه الذي يوضع عليه التنفس الصناعي، شحوب وجهه الذي يحاكي الموت، وشفتيه التي تغير لونها، شهقات مرتفعة وهي تضع وجهها بصدره تبكي بنشيج وتصيح بإسمه
-راكان كفاية كدا، ليلى بتموت من غيرك ياراكان، قوم لمولاتك، مولاتك انهارت معدش عندي قوة
طبعت قبلة على وجنتيه تمسد على وجهه
❈-❈-❈
-حبيبي فوق بقى طولت قوي، ينفع توجع قلبي كدا، رفعت رأسها تتجول بأنظارها على جسده الذي أصبح كأجساد الموتى، رفعت كفيه وقبلته ودموعها تنسدل بقوة على وجنتيها، ملست على وجهها، واقتربت تهمس له عله يشعر بأنين قلبها
-بتعمل كدا فيا عشان تعرف أنا بحبك ولا لا، والله بحبك بجنون، اجتاح كل خلية بجسدها بألمًا مفرط، وروحها تتمزق، وعبراتها التي تحولت لنيران تحرق وجنتيها
رفعت ماسك تنفسه الصناعي ووضعت ثغرها تقبله بإشتياق، تكمل همسها له، ياله قوم أنا بعطيك قبلة الحياة، وانت رجعلي نبض قلبي معذبي، ألم تعلم أن القلب لا ينبض إلا بمعذبه.. سأظل بجوارك حتى تفتح جفنيك وترسل لي بسمة الحياة
وضعت رأسها على صدره تمسد عليه ودموعها كمجرى لشلال
فتح عيناه بتشوش، يتمتم بأسمها، حتى أعتدلت تنظر إليه وابتسامة تشق ثغرها قائلة
-بارد ورخم حبيبي المغرور، كأنه يحلم بها فأردف بلسان ثقيل
-أنا فين..اتجه ينظر إلى صورتها المشوشة أمام ناظريه
ظل يفتح جفونه ويغلقها بألما، حتى رآها بوضوح..ابتسمت وضغطت على زر استدعاء الأطباء..هرول الجميع إلى الداخل وكان أولهم يونس الذي وصل إليه ويكاد قلبه يتوقف عن النبض..ولكن استمع الى ماحطمه عندما أردف راكان وهو ينظر إلى ليلى ويدقق بصره بها متسائلا
-إنتِ مين؟!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى