روايات

رواية ضربات ترجيح الفصل الثامن 8 بقلم دينا ابراهيم & زيزي محمد

رواية ضربات ترجيح الفصل الثامن 8 بقلم دينا ابراهيم & زيزي محمد

رواية ضربات ترجيح البارت الثامن

رواية ضربات ترجيح الجزء الثامن

رواية ضربات ترجيح
رواية ضربات ترجيح

رواية ضربات ترجيح الحلقة الثامنة

مرت الدقائق في المباراة والجميع في حالة استنفار، كان اللعب الأفضل من نصيب نادي ” لورانس العرب” وظهر ذلك بوضوح من تناغم اللاعبين مع بعضهم البعض واللعب الجماعي الذي شدد عليه المدرب قبل انطلاق المباراة، وقد حصد “مزيكا” عدة فرص تفاعل معها الجماهير بحماس ولكن الحظ لم يكن حليفًا له.
رفعت “مادونا” كاميراتها تلتقط عدة صور للجماهير جوارها واللاعبين خاصةً هو كلما اقترب من المرمى ليسدد هدف ونجحت بالفعل في اقتناص عدة لقطات لانفعالاته ومحاولاته في الفوز بالبطولة فقد آلت إليها فكرة أثناء صخب تفكيرها وتوترها في المباراة بوضع خطوط عريضة في الجريدة عن مدى حبه وانتمائه للورانس فتكون البذرة في توحيد الجماهير عليه بعدما استمعت لبعض الاعتراضات المنبثقة من أفواههم أثناء المباراة.
انتبهت لصوت والدها المنفعل وهو يتحرك يمينًا ويسارًا بالمقعد وكأنه يملك الكرة تحت قدمه:

-ايوا، العبها للوكه..يا ولد…جدع مزيكا فاضي اهو…فاضي..

قاطعت تركيز والدها وهي تعود في تكرار حديثها بقلق وخوف:

-يا بابا صحتك، كده هيجرالك حاجة.

-الواد لوكه ده عليه رجل دمار.

 

 

 

 

لم يكمل “سيد” حديثه حتى وقع لوكه وكاد يخرج من المباراة بإصابة فانتقلت عيون المشجعين الغاضبة نحوه ليهدده “سعيد” الحانق على لسانه:

-لو فتحت بؤك تاني هزعلك!

عاد والدها للمباراة واتسعت أعينه وهو يتابع انطلاق الكرة بين اللاعبين حتى وصلت لمزيكا الذي مررها بقوة صوب المرمى بقدمه اليسرى، فصرخ والدها ونهض يتحرك بحماس رغم كبر سنه ولكن القوة التي دبت في روحه جعلته وكأنه شابً في العشرين من عمره:

-جووووووول، يا مـــزيكا، مزيكا فعلاً.

التفتت برأسها وهي تحاول النهوض كي ترى الاحتفال ناقمة على نفسها كيف فاتتها تلك اللحظة والتي تمنت كثيرًا في رؤيتها، فهتفت بحنق:

-ضيعت عليها الجول يا بابا.

رمقها بنصف عين وهو يطالع اقتراب مزيكا واللاعبين نحوهم:

-أحسن عشان تطلعي من دور أمك النكديه.

قطع كلامه برهة ثم قال بسعادة وهو يلكزها بيدها:

-بصي ارفعي الكاميرا صوري مزيكا بسرعة.

رفعت بالفعل كاميراتها ووجهتها نحوه وعندما وصل قرب جهتها رفع أصابعه في شكل الكاميرا وباليد الأخرى وضعها فوق موضع قلبه راسمًا قلبٍ صغيرًا بأصبعيه ثم أرسل إليها بسمة مشاكسة ذات مغزى قبل أن يعود للاحتفال بين زملاءه، فأنزلت الكاميرا سريعًا والصدمة ترسم خطوطها فوق وجهها ثم رمشت عدة مرات تحاول استيعاب الأمر وقد جف حلقها حتى أصابتها حشرجة حاولت التخلص منها بالسعال عساها تبرر احمرار وجهها.
انتبه والدها عليها وحاول ضربها فوق ظهرها بينما وضع مشجع أخر زجاجة المياه المثلجة أمامها:

-اشربي يا بنتي… اشربي.

هتفت فتاة أخرى كانت في المقاعد الخلفية مع زوجها:

-شكلنا اتحسدنا والله وجت فيها.

 

 

 

 

رمقها زوجها بغل وهو يتمتم:

-هو في حسد في الكورة يا ولية تصدقي أنا غلطان ان جبتك تغيري جو.

اغتصبت زوجته بسمة مستفزة وعينيها لوحت له بالتهديد الصريح:

-أنكد عليك يا حبيبي ولا تلم الدور وتمشيها حسد.

تراجع بهزيمة وخاصةً مع نظرة التهديد ورفع صوته يؤكد على حديث زوجته:

-هو حسد ابن كلب وهيضيع مننا فرحة أم الماتش.

صدح صوت آخر مغتاظًا من ثرثرتهم:

-خلاص يا جماعة خلينا نتابع، في هجمة علينا.

أمسك والد مادونا زجاجة المياه ووضعها على ثغرها بينما كان يتابع الهجمة بقلق عارم ولم يلاحظ مادونا التي كانت تصارع لالتقاط أنفاسها أسفل يده الموضوعة بقوة فوق الزجاجة حيث كان يدفعها دفعًا نحو فمها استطاعت أخيرًا الابتعاد عن والدها وتنفست بصعوبة وقد ظهرت نبرتها مبحوحة:

-حرام عليك يا بابا كنت هموت.

-راجل يا بني والله، شوفت رفع نفسه لفوق ازاي وطلعها برة.

قالها والدها بسعادة للجالس بجانبه ولم ينتبه لمادونا وحالتها، فابتسمت ساخرة وهي تهمس لذاتها:

-أنا اللي جبته لنفسي اقسم بالله.

ولكن قلبها الرؤوف برر له بأن سبب انشغاله عنها هو حبه الشديد وحماسه الذي افتقده كثيرًا في متابعة المباريات مباشرة من الملعب بعد أن كانت لذته الوحيدة في الحياة، وقد حُرم منها لسنوات حتى أنه حُرم من التشجيع الحماسي أمام والدتها التي تتعمد الجلوس أمامه رافعة حاجبها له في تحذير كي لا ينفعل.
زفرت “مادونا” أنفاسها للهواء ومن بعدها عادت تشغل الكاميرا مدققة بالصور المأخوذة له وهو يشير بحركة الكاميرا الشهيرة خاصته والغريب في الأمر أن تلك المرة لم تستفزها بل زادت من ضربات قلبها حين رافقها برسمة القلب الموضوع فوق قلبه وكأنه يقدم دليل عن حبه!

 

 

 

نعم حبه؟، رفعت بصرها للأمام وفتحت فاهها كالمعتوهة تحاول تفسير حركته التي سرقتها من المباراة وتحليلها أو حتى التفاعل معها وغاصت في مشاعرها المضطربة وفراشات قلبها التي رفرفت في أروقته بسعادة تنثر الربيع فيه.
أما مزيكا فقد عاد لصب جام تركيزه على اللعب بعد أن فجر أحاسيسه لها، وأخذ ينطلق هنا وهناك باذلًا قصارى جهده في المباراة حتى الدقائق الأخيرة وبهجمة مرتدة من الفريق المنافس استطاع تسديد هدف في مرمى لورانس العرب.
صمت محدج اندفع في الأجواء بعد أن أصابت الصدمة وجوه الجماهير واختفت صيحاتهم في لحظة مؤثرة كاد أن يبكي البعض منها لشعورهم بالإحباط بعدما كانوا على مشارف الفوز وللأسف انتهت التسعون دقيقة دون جدوى ومازال التعادل سيد المباراة حتى أعلن الحكم الانتقال إلى ضربات الترجيح.
استعدت الجماهير تتابع الموقف بعضهم محبوس الأنفاس والبعض الأخر لا يتوقف عن الدعاء مع كل ضربة من الفريقين، وبالفعل استطاع حارس مرمى لورانس صد ضربة للفريق المنافس وكانت التسديدة الخامسة لهم، فصاحت الجماهير بفرحة عارمة وتولد الأمل من جديد، واستمر الترقب حتى جاءت التسديدة الأخيرة للورانس والتي كانت من نصيب “عمرو مزيكا”.
نظر مزيكا إلى المرمى يكاد يحاول صب كل تركيزه في تلك الركلة الحاسمة التي قد تقوي وجوده داخل الفريق وبين الجماهير أو تضعف موقفه، ركلة مصيرية سيتحدد الأوضاع التي سيعايشها في المستقبل، ركلة ستضيف له ولفريقه الكثير وبمثابة هدية ولاء لاسترضاء كل الغاضبين عليه.

تابع الجماهير انفعالات “مزيكا” بانفعال أشد، فصرخ عم سيد بحماس:

-هو مزيكا اللي هيجبها برجله الشمال أكيد..

 

 

 

 

كان مزيكا يتحرك للخلف كي يستعد للتصويب لكنه تعرقل بالكرة وسقط أرضًا مع جملته فتجمهر الجماهير وضع أحد المشجعين يده فوق فم “سيد” وقد رسم ملامح الاستعطاف فوق وجهه:

-يا عم سيد ابوس ايدك، سيبنا نكمل…بلاش يا عم سيد بلاش.

بينما أستمر بعض المشجعين يحدقون به بغل وحقد، فارتعدت أوصاله وهو يشير بأصابعه:

-اهو قام زي الفل، قام والله.

تماسك الجميع وركزت كل العيون على قدمه بينما أغلقت “مادونا” عيونها بقوة هامسة بأدعية لتوفيقه حتى استمعت لأصوات الصياح والصراخ وشعرت وكأن المدرج يهتز أسفل قدمها، ومن بعدها احتضنها والدها صارخًا بفرحة متمتمًا:

-الحمد لله يا مادونا… الحمد لله، وشك زي العسل علينا.

حمدت الله بفرح وعيناها تنطلق خلف مزيكا الراكض في الملعب يمينًا ويسارًا بسعادة مع باقي اللاعبين.
مرت أجواء الاحتفال وأرتفع الكأس أخيرًا بأيدي لاعبين لورانس، حاولت التقاط الصور لهم ولكن ابن جارتهم ” فارس” الذي كان جالسًا بجانبهم كاد يلقي بنفسه من أعلى المدرجات وهو يصرخ وينادي على مزيكا أملًا في الحصول على قميصه، فرمت الكاميرا جانبًا وأمسكته تحاول منعه بشتى الطرق:

-هتموت يا عبيط، ارجع يا فارس.

صرخ “فارس” ذو العشرة أعوام بقوة:

-عايز تيشترت مزيكا ماليش دعوة.

ألقت بنفسها عليه تحاول منعه، وهو يلوح بيده وينادي بصوته الضعيف وسط صوت المشجعين:

-مزيكا، التيشرت بالله عليك، أنا بحبك أوي…

لمحهما مزيكا من وسط الجماهير وحدج بها بقلق حين رآها تندفع بنصف جسدها خلف الطفل، فركض سريعًا نحوهم وخلع قميصه وهو يحاول الوصول إليهم وبذات الوقت يمنعه الأمن لسلامته ولكنه استطاع وضع يده على السور وأعطاه القميص مركزًا ببصره عليها وعلى سعادتها المدفونة داخل عينيها الساحرة فقال بصوت مبحوح مجهد من فرط مشاعره المتراقصة بوجودها وبفوزه اليوم:

-التيشرت ده لأجل عيون المحبة.

 

 

 

 

وقد ظن أنه أخيها بعدما لاحظ تمسكها به، فشعرت بالخجل الشديد منه، فاندفع والدها جوارها يحاول الوصول إليه صارخًا في حماسة:

-واحنا بنحبك كلنا يا كابتن.

رفع “مزيكا” جانب فمه وهو يرمقه بغل وكأنه يتساءل عن هويته وسبب كسره للحظته معها فحدجته “مادونا” بتحذير وتمتمت مسرعة:

-اه والله يا بابا صدقت النادي كله بيحبه.

وقد ضغطت فوق حروف “بابا” فتحشرج صوت مزيكا وهو يغمغم لنفسه:

-حمايا، كنت هروح في داهية.

اندفع آخر من جانبهم يسألهم:

-بتقول إيه يا كابتن.

رمق الرجل بنظرة مضطربة وقد ظنه أحد أقاربها فمنع وقاحته المتسربة للسانه وهتف بحب:

-أنا بحبكم كلكم والله، ده أنت على دماغي يا عم سعيد.

صمت لبرهة وهو يقاوم أفراد الأمن المحاول لتنزيله، ثم أمسك وجنتي الطفل وعينيه ترتفع تلقائيًا عليها ليغمزها بطرف عينيه:

-أما أنت فأنا بحبك أوي، فاهم بحبك خالص.. بحبك جدًا.

******

بعد مرور أسبوع هبطت تلك الأجواء السعيدة، خاصة في منزل “مادونا” التي نفضت فراشها بقوة وغل لا تزال تفكر في “مزيكا” الذي اختفى بعد المباراة ولم يكلف خاطره لشكرها حتى، حاقدة عليه لأنه رفع أمالها بشعارات الحب وإشارة القلب التي خصها بها أم أنه كان غير مقصود وفعل وقع منه في خضم إحساسه بالفوز وتعبيرًا منه بالسعادة.
ذلك المتسكع المجنون تقسم أنها لن تتركه سليمًا وستقتلع عيناه الخبيثة تلك بأصابعها أن كان هذا هو ما في الأمر فعلًا، تقسم إنها ستعاقبه أشد عقاب لتلاعبه بمشاعرها التي اشعلها دون إذنً منها!
خرجت من وعيدها المظلم على صوت طرقات الباب وصوت والدتها المتذمر بفتح أحدهم للباب فهي لن تتحرك مسلسل المساء لأجل عيون ضيق وقح جاء في بدون موعد.

-طيب هفتح اهوه، هو على طول زعيق كده مفيش تفاهم في البيت ده!

 

 

 

 

رمت كلماتها بغيظ لكن والديها كانا منغمسان في مشاهدة التلفاز، فتحت الباب ووقفت مشدوهة وهي تطالع “مزيكا” القابع بشحمة ولحمة أمام عينيها فسألت متعجبة تحاول التحكم في دقات قلبها الخارجة عن السيطرة:

-أنت بتعمل أيه هنا؟

رفع حاجبه الأيسر بتبجح وكأنه يعترض على أسلوبها الخالي من أي ذرات مرحبة:

-قليلة الذوق حتى مع الضيوف؟

رمقته بلومٍ وعتاب بينما تعقد ذراعيها أمام صدرها وتخبره بتعنت واضح:

-الذوق بتاعي حصري لأهل البيت إنما الضيوف ملهمش حاجة عندي.

-وماله دلوقتي نترقى.

تمتم فهو يدرك أنها غاضبة عليه لاختفائه لمدة أسبوع كامل بعد المباراة ولكنه كان مجبرًا للعودة إلى بيت منزله في محافظة أخرى وقد استغل تلك الفترة لإعلان رغبته في الزواج حتى إنه حادث والدته عنها التي تحمست وأرادت القدوم معه لطلب يدها لكنه أصر على الانتظار حتى يذهب لأسرتها أولًا.
نظرت له دون استيعاب لمقصده وقبل أن تجيبه صدح صوت شقيقتها من الخلف وهي تصرخ:

-مزيكا.

انتفض كلاهما ونظرا إلى إسراء التب تضع كفيها فوق فمها بذهول قبل أن تركض حيث والديها هاتفة:

-الحقوا كابتن مزيكا برا على البابا.

نظر لها ملاهما ببلاهة حتى أجاب والدها:

-كابتن مزيكا مين؟ بتاعنا؟

-أومال بتاع الجيران قوم اتهز يا راجل ورحب بيه.

تمتمت والدتها وسط صدمتها و
فعت زوجها دفع نحو الباب، وكل ما يسيطر على عقليهما ما السبب الذي سيحضر لاعب كرة مشهور مثله إلى بيتهم المتواضع ودون سابق معرفة بهم!

 

 

 

 

-اهلا يا كابتن، نورت الدنيا، هو في حاجة ولا أيه؟

ألقى كلماته مبعثرة خلف بعضها بحكم توتره فابتسم له “مزيكا” في أدب قبل أن يجيبه ممازحًا:

-مالك يا حاج سعيد قلقان ليه، هو أنا مش بيجي من ورايا غير المصايب.

اندفعت والدة “مادونا” تزيح زوجها المرتبك والذي سيحرجهم أمامه لتهتف في لهفة:

-لا يا حبيبي ده أنت نورت الدنيا كلها، اتفضل.. اتفضل.. وسع كده.

قذفت جملتها الأخيرة في وجه “مادونا” وهي تلكزها بمرفقها كي تبتعد عن الباب وتترك مجالًا لضيفها العظيم سعيدة أن هوسهم بتلك اللعبة السخيفة أتت بمنافعها، تابعتها “مادونا” ووالدها في صدمة وصمت وهي ترحب بمزيكا وتتبعه إلى الداخل فنظرت نحو “إسراء” التي لم تخرج من حالة الدهشة لأنها رأت أحد المشاهير وسألتها مستغربة:

-مين الست دي وأمك راحت فين؟

-تعالي بس نشوف في أيه قبل ما الولية عقلها يتلحس.

أدف والدها وحثها على اتباعهم في الصالون وما أن رأتهم والدتها حتى هتفت لإسراء غامزة:

-هاتي حاجة للكابتن بسرعة….

حركت أصبعها بمكر أمام فمها تحثها على وضع أحمر شفاه وبعض مساحيق التجميل، فرغم المفاجأة إلا أن نقطة زواج فتياتها لا تغيب عن بالها وبالنسبة لها من أفضل من الجالس أمامها، فارتفع جانب فم “مادونا” باعتراض وغيرة تريح التصريح بأن “مزيكا” لها وليس لشقيقتها ولكنها ابتلعت لسانها بوجه محتقن من كثرة الغيظ.
-وما تنسيش تحطيهم في الصنية الفضي.
استكملت والدتها وهي ترسل لمزيكا بعض الضحكات والكلمات المُرحبة، ثم انتبهت إلى باقة الورود الحمراء التي يعانقها بشيء من الحرج مع مجلد من مجلة النادي ولوهلة ظنت أن “مادونا” قد فعلت أمر ما أثار غضبه وتلقائيًا حدقتها بغضب متسائلة من بين أسنانها بصوت منخفض:

-أكيد في مصيبة منك.

-الله اشمعنى أنا.

همست “مادونا” لوالدتها في حدة مغتاظة من اتهاماتها لكن “مزيكا” الذي سمعهما تدخل سريعًا وهو يرفع العدد الصادر من المجلة اليوم بين أصابعه.

-ربنا ما يجيب مصايب أنا عارف إني فجئتكم وجيت من غير معاد لكن كان لازم أجي عشان أشكر مادونا بنفسي.

-أنا مش فاهم حاجة؟

 

 

 

 

تدخل والدها أخيرًا مقررًا السؤال وفهم ما يدور حوله ففر مزيكا بين الصفحات قبل أن يقف أمام مقال مادونا بعنوان:
” حرمان من اللعب هذا الموسم وغرامة ضد اللاعب ليدو بمبلغ مائتين وخمسون ألف والنادي يرفض الإفصاح عن السبب السري”
أكمل قراءة المقال بهدوء ليروي بعدها سر الحكاية ومساعدة مادونا له منذ البداية وحتى نهايتها.
انتفخت صدر “سعيد” بفخر وهو يقترب من مادونا يحتضنها قائلًا:

-طول عمرك رافعة راسي….

ازاحته زوجته وهي تجبر “مادونا” على احتضانها وسط ذهول الابنة والأب وهي تصرح بحرارة:

-بنتي حبيبتي فخر العيلة كلها ربنا يحميها لينا، أنا طول عمري بشجعها أنها تتمسك بشغفها وحبها للكورة وانتماءها للنادي.

انفرج فاه كلًا من “مادونا” و “سعيد” في ذهول وفي الوقت التي عجزت فيه “مادونا” عن التعبير، انفجر “سعيد” بقوله:

-لا يا شيخة!

-اسكت أنت.

أردفت حانقة على زوجها فضحك “مزيكا” سعيدًا بتلك العائلة المُسلية مدركً من أين أتت مادونا بكل هذا الجنون والتمرد، تحدث أخيرًا وهو يرمقها بتحدٍ أربكها:

-هي فعلًا صحفية عظيمة وبنت من عيلة أعظم، وعشان كده أنا قررت أكافئها بأني أجي أطلب إديها منكم.
دوت صوت زغرودة والدتها لتهز الأرجاء وتهزهُ هو شخصيًا وقد تفاجأ وانبهر برد فعلها ولاحت منه نظرة نحو “مادونا” مملوءة بالغرور وكأنه يخبرها أنه أتى لإنقاذها من عنوستها.
فاندفعت “مادونا” الغاضبة تجلس جواره وهي تعترض في وجهه غير مبالية بصوت زغرودة والدتها:

-أيه تكافئني دي، أنت فاكر نفسك مين؟

دلفت “إسراء” بالمشروبات والفضول يملئ وجهها متسائلة عن سبب الزغاريد، فتجاهلتها والدتها وأكفت بإخراس “مادونا” وهي ترفع كفيها للسماء مؤكدة:

-لا يا حبيبي دي مكافئتي أنا والله لأني استحملت البيت ده كتير.

-وبعدين يا ماما معاكي هو أنا بايرة.

تدخل والدها الحائر بين الفرحة والصدمة ووجوب الأخذ برأي ابنته اولًا فقال أول ما جال في عقله:

-أنت فاجئتنا فعلًا يا ابني، أنا مش قادر أفكر ولا عارف…

-تفكر في أيه موافقين طبعًا.

-يا بنتي لو الناس دي مش أهلك اغمزي مرة كده.

رمى جملته الممازحة لمادونا المستشيطه ثم عاد يحادث والدها بكل تهذيب:

-فاهم طبعا أن الموضوع مفاجئ وحضرتك تقدر تسأل عني وأنا كمان هجيب عيلتي كلها لحضرتك، أنا بس كان هدفي أفاتحك في الموضوع الأول.

 

 

 

 

-يسأل ده أيه ده أنت أشهر من نار على علم!

أردفت والدها لتؤكد بعدها:

-احنا موافقين طبعا..

-ماما!

صدح صوت “مادونا” التي تكاد تموت من شدة الحرج ومن أفعال والدتها فعلا صوت “مزيكا” السعيد:

-على بركة الله يبقى كتب الكتاب الأسبوع الجاي قبل ما أروح المنتخب.

علت زغاريد كلًا من والدتها وشقيقتها ولم يستطع سعيد إخفاء ابتسامته وسعادته بالأمر، بينما عقدت “مادونا”ذراعيها أمام صدرها بتمرد فمال يخبرها:

-لا ما تعشيش الدور أنا مش غاصب عليكي الجوازة، أنتي عارفة أنك هتموتي عليا.

-يا سم هي مين دي اللي هتموت عليك ان شاء الله!

تمتمت بوجه أحمر خجلًا لا تستطيع التمرد أنا السعادة المنتشرة داخل صدرها لكن اسلوبه المستفز يمنعها من الاعتراف بمشاعرها داخل فؤادها المتراقص.

-طيب ناخد راي العروسة.

-سعيد قوم عايزاك عشان العروسة موافقة.

أجبرته والدتها على اتباعها بينما تكتك هي وشقيقتها أي محاولة له بالحديث أو الحفاظ على ماء وجه ابنته المسكينة، فعضت فوق شفتيها مغتاظة أنه يسرق أسعد لحظات حياتها بمشاكساته وحدجته بغل لكنه فاجئها بعكس حركة شفتيها فبدى كالمتحرشين قبل أن يستغل غياب أسرتها هامسًا:

-هانت أسبوع ونكتب الكتاب، ده أنا هقطعك بوس.

-يا قليل الأدب.

كادت تصفعه من شدة صدمتها لجراءته لا تدري كيف تخفي خجلها ووجها الأحمر كالفراولة، لكنع أمسك معصمها ضاغطًا عليه بوعيد صامت وسط ضحكاته المريبة:

-طيب وغلاوة أمك اللي جوا دي ما هسيبك يومها.

ابتسمت في خجل رغمًا عنها وقد تحولت حياتها القاحلة لبستان زهور يُنثر فيه بألاعيبه ومشاكساته روائح الربيع الممزوجة ببهجة الحب، نظرت له بسعادة توازي درجة سعادته مقررة أن تعيش اللحظة الآن فلديها كل حياتهما سويًا لعقابه في وقتًا أخر.

______________
النهاااااية

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ضربات ترجيح)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى