روايات

رواية وسام الفؤاد الفصل الخامس عشر 15 بقلم آية السيد

رواية وسام الفؤاد الفصل الخامس عشر 15 بقلم آية السيد

رواية وسام الفؤاد الجزء الخامس عشر

رواية وسام الفؤاد البارت الخامس عشر

رواية وسام الفؤاد الحلقة الخامسة عشر

“إذا حار أمرك في شيئين، ولم تدري حيث الخطأ والصواب، فخالف هواك فإنّ الهوى يقود النفس إلى ما يعاب”
الشافعي
✨✨✨✨✨✨✨✨
ماذا قال صاحب الحوت؟
★★★★★
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين♥️
اللهم فرج كربنا يارب
✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨
حاولت كبح ضحكاتها لكن تسلل منها ضحكة فسمعها وركض لباب المطبخ اتسعت حدقتيه بصدمه عندما وجدها واقفه تضغط شفتيها معًا، جحظت عيناها عندما رأته أمامها أخفضت هاتفها وهي تنظر به لتتأكد من حفظ الفديو وهي بقمة ارتباكها، ليزداد الأمر سوءًا عندما تضغط تشغيل الفيديو بالخطأ ويصدر الهاتف صوت آصف:
“يا حلو صبح يا حلو طل….”
لاح على ثغرها شبح ابتسامة أزعجته، زم شفتيه يرمقها بنظرات تشع إحمرارًا من شدة الغضب، بللت شفتيها بارتباك متلعثمة وبنبرة مرتعشة:
-دا…. دا… دا… دا بالغلط والله
مد يده قائلًا بابتسامة جليدية:
-وريني كده إلي بالغلط ده!
هزت رأسها نافية ويعلو ملامحها الهلع، أخفت الهاتف خلف ظهرها، فضغط على أسنانه مردفًا بنبرة مرتفعة أخافتها:
-قولت وريني كده
ابتلعت ريقها بتوتر، التفتت يمنة ويسرة تبحث عن منفذ لتفر إليه فلو وقفت لدقيقة أخرى سيحـ رقها بلهيب نظراته قبل أن يبدي أي رد فعل، لم تجد غير المرحاض، هرولت لتختبئ بداخله وأوصدت بابه بالمفتاح ثم تنفست بارتياح، أما هو فحاول الوصول إليها ولم يستطع، طرق باب المرحاض بخفوت كي لا يوقظ طفلته، وقال بنبرة جاهد لتخرج هادئه:
-افتحي يا هبه!
وضعت أذنها على الباب قائله بخوف:
-أنا همسحه خلاص والله
ضغط على أسنانه قائلًا بنبرة حادة:
-قولت افتحي
-مش هفتح يا أحمر دا إنت اسم على مُسمى والله عينك تخوف
عقب بنفاذ صبر:
-ماشي يا هبه وأنا قاعدلك قدام الباب ومش رايح الشغل النهارده
-اعقل يابن الناس متوقفش حالك عشان واحده زيي
تنهد بقـ.وه وقال بهدوء:
-طيب افتحي واطلعي نتفاهم
ابتعدت عن الباب قليلًا وقالت وهي تهز رأسها برفض:
-لأ مش هفتح
ران الصمت على المكان فوضعت أذنها على الباب وهي تقول بترقب:
-إنت روحت فين؟!
لم تسمع صوته فأردفت بصوت مرتعش:
-يا ريد… يا أحمر…. أستاذ آصف… يالهووووي
وضعت يدها على فمها بدهشة وابتعدت عن الباب، حين سمعت لفات المفتاح ثم انفتاح الباب، ركضت لتقف بحوض الإستحمام “البانيو” فغرت فاها وهي تنظهر لجسده الطويل الذي سد فتحة الباب، والعملاق بالنسبة لها، ازدردت ريقها بتوتر وهي تنظر لعيناه المليئة بالشرر، يرفع إحدى حاجبيها وعلى ثغره ابتسامة لا تعلم هل هي زهو أم سخريه، ابتلعت العلقم الذي ملأ جوفها وتلعثمت قائلة بابتسامة باهته وهي تومئ رأسها لأسفل:
-م… هـ… هنتكلم بهدوء… البنت نايمه صح؟ مش إنت برده هتتكلم معايا بهدوء!
دخل للمرحاض وأوصد الباب مرة أخرى بالمفتاح ثم وضعه بجيب بنطاله، فهتفت بصوت متقطع:
-إنت… إنت… ناوي … تعمل إيه؟
تفصد جبينها بالعرق، كانت على مشارف أن ينخفض مستوى السكر بدمها ويبدأ جسدها بالإرتعاش من شدة خوفها من نظراته، ازدردت ريقها بتوتر، فمد يده قائلًا بأمر:
-هاتي موبايلك
لوت شفتيها لأسفل كطفل يوشك على البكاء وقالت:
-ب… بس إوعدني متتعصبش… أ… أنا كنت بالغلط يعني… بهزر و…
رفعت سبابتها لتقول ببكاء زائف:
-إحنا لو مش في الحمام كنت حلفتلك
-هاتي الموبايل
كان يضغط على الكلمات فلم تفكر ونزلت عن الحوض لتعطيه الهاتف وهي تنظر نحوه بأعين متسعة ومترقبه لرد فعله، سألها بهدوء محدقًا بشاشته:
-الباسورد إيه “كلمة السر”
أعطته كلمة السر، أما هو فكان يحاول إخفاء الإبتسامة التي أصرت على الانبثاق على شفتيه، أيرعبها لتلك الدرجه، لم يعلم مسبقًا أنها جبانه! كبح ضحكاته خصوصًا عند رؤيته للفديو، أغلق الهاتف ووضعه بجيبه ثم فتح باب الحمام وخرج تاركًا إياها تقف بصدمه، وعند اختفاءه من أمامها تنفست الصعداء وابتسمت بهدوء فقد زال البأس، وحين تذكرت هاتفها تجهم وجهها وحركت عينيها يمينًا ويسارًا وهي تقول بدهشه:
-الموبايل!
لطمت فمها بكف يدها وقالت بصدمه:
-يا وجعه مربربه دا خد الموبايل والباسورد!
عندما لاحظت رجفة جسدها علمت أن معدل السكر انخفض بد**مها، حسنًا ستتفاوض معه في وقت لاحق ريثما تهدأ وترتاح فأين سيذهب هاتفها؟ لا بأس ليبقى معه الآن! هرولت للمطبخ لتتناول أي طعام، فقاكعها صوته الهادئ:
-برتقالي… أنا هصحي جوري وهاخدها الحضانه وهجيبها وأنا جاي
التفتت تنظر إليه بذهول ستجن بالتأكيد فهو كل دقيقة بحالة، ردت قائلة بخفوت:
-ماشي
انصرف وتركها تأكل، كان مبتسمًا يشفق عليها من عملها الليلي يريدها أن تنعم بهدنة لترتاح وتنام لذا قال ما قاله! يمتلك قلبًا له قدرة هائلة في التقلب كل لحظة والأخرى، قلبٌ لا يعلم مراده!
سبحان الله وبحمده🫶🌷
________________________
دقت السابعة صباحًا
غفت عينيها وسندت راسها على كتف أختها الصغيرة بالعمر والكبيرة بالعقل والقلب، كانت سديل تحاوط كتفي أختها بذراعها، وتغطي وجهها بطبقة خمارها الأسود الرقيقه، ترمقها بحنان ممزوجًا بالإشفاق، لطلما جاهدت رحيل في توفير إحتياجات أختها المادية والمعنوية متجاهلة احتياجاتها هي! زفرت الهواء المحمل بالألم من فمها وهي تردد بهمس:
-اللهم إني أعوذ بك من تحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك..
أغلقت جفونها بألم هامسة:
-كن معنا يارب… يارب إن كان هذا بسبب ذنب اقترفناه عن جهل فاغفر لنا وارحمنا، وإن كان ابتلاء فنسألك اللطف فيه
فتحت عينها وشعرت بفيضان دموعها التي تتساقط على نقابها بغزارة، أغلقت جفونها مجددًا تريد أن تحجب خروج المزيد من العبرات التي أغرقت نقابها الأسود، ابتلعت تلك الغصه التي تتلوى داخل جوفها، نظرت أمامها للمارة من العساكر والظباط ورجال لا تعرف ما عملهم ينظرون نحوهما ويحدقون بهما، ليقاطع سيل أفكارها صوت العسكري الحاد:
-إنتوا فين أهلكم… محدش جه يضمنكوا لدلوقتي ليه؟!
تلعثمت سديل قائلة:
-أ… م… أصل معرفناش نوصل لحد
فتحت رحيل عينها بفزع أثر صوت العسكري الهادر، سحبت الغطاء عن وجهها ومسحت وجهها من أثر النعاس وهي تلتفت حولها لتدرك مكان تواجدهما! فليس مكان للنوم لا تدري كيف غفت عيناها هكذا! نهضت واقفه لتخاطب العسكري برجاء:
-والله يا باشا أنا مظلومه مسرقتش حاجه… حضرتك لو سمعت مني ها….
قاطعها قائلًا بنزق:
-أنا مليش أسمع منك أنا هدخلك للظابط دلوقتي تسمعيه إلي إنت عايزاه
انصرف وتركهما ينظران لبعضهما بأعين متسعة وقلقة دنت سديل من أختها التي يبدو عليها القلق، فإن كان عليها فلا بأس لكن أختها! مسكت رحيل يد أختها فربتت سديل على ساعديها قائلة بثقة لكن خرج صوتها متحشرج:
-متخافيش والله ربنا هيحلها
تنهدت رحيل بقـ. وة وقالت برجاء:
-يارب
ومن ناحية أخرى كان«محمود» واقفًا ينظر عبر النافذة إلى الطريق والسيارات، يضع يديه بجيبي بنطاله بخُيلاء، فقد ترقى مؤخرًا لرتبة نقيب، ابتسم بسخرية فرغم تفوقه في عمله إلا أنه لازال عازبًا! بلغ الثلاثين عامًا ولم يجد من تناسبه، فكلما أعجبه ظاهر فتاه يراقبها ويخضعها لعدة اختبارات دون أنا يظهر لها ليكتشف بعدها أنها لا تناسبه، وإن ناسبته اعترض قلبه، لم تخطفه إحداهن كما فعلت رحيل، فتلك المرة يشعر أن الأمر مختلف عن سابقيها، لا يريد اختبارها ولا يبغي مراقبتها، هو يريد تلك الفتاه فحسب غير مباليًا بكل قوانينه الصارمة، ظل يسأل حاله ألن تظهر؟! أيبادر هو بالبحث عنها! تنهد بقـ وه معنـ فًا نفسه وهو يهز رأسه باستنكار ويقول بصوت مسموع:
-فيه إيه يا محمود! اعقل مش حتة بت هتعمل فيك كده!
هو ليس بمراهق! ينبغي ردع عقله عما يدور به، فلا يستطيع التركيز، فقد رآها بمنامه تستغيث تُرى أتحتاجه أم أنها أضغاث أحلام بسبب انشغال عقله بها؟ نفث الهواء من فمه بضجر فلا يستطيع التفكير سوى بها، أخرجه من خضم أفكاره طرقات الباب ودخول العسكري:
-باشا البنتين بتوع امبارح محدش جالهم لدلوقتي… والصراحه شكلهم ولاد ناس ميبانش عليهم السرقه
تنحنح محمود والتفت له قائلًا:
-اهي المصائب مبتجيش غير من ولاد الناس دول… دخلهم لما أشوف حكايتهم إيه!!
استدار محمود ينظر خلال النافذة مرة أخرى وخرج العسكري من المكتب ليناديهما قائلًا:
-قومي تعالي إنتِ وهي
نظرتا سديل ورحيل لبعضهما وقالت سديل بخوف:
-كلمي وسام تاني الأول ممكن تكون فتحت موبايلها
ضغطت رحيل شفتيها معًا وتساقطت الدموع من عينيها وهي تطلب رقم وسام بتوتر وتقول:
-ردي بقا بالله عليكِ
نفخ العسكري بحنق وهدر بهما:
-ما تخلصي يختي إنتِ وهي
ردت سديل برجاء:
-حاضر لحظه واحده بالله عليك
أطرقت رحيل رأسها بقلة حيلة وهي تخفض الهاتف عن أذنها قائله:
-برده مغلق!
لم يجدا بدًا وسارتا بخطوات متثاقلة وأكتاف متهدلة، نحو مكتب الظابط…
استغفروا♥️
________________________
نفخ بحنق من تصرفها الطفولي، وهدر بها:
-فرح إنتِ بتتصفي لازم تاخدي الحقنه..
هزت رأسها بالنفي وقالت بصوت متحشرج من أثر البكاء:
-لأ مش عايزه يا يوسف… مش عايزه
عقب بنفاذ صبر:
-مفيش حاجه اسمها مش عايزه إنتِ مش عيله صغيره هتحايل عليكِ!
جلست على المقعد بوهن وقالت بانكسـ ار:
-قوم روح شغلك متشغلش بالك بيا
تنهد بقـ وة وجلس جوارها، رتب على ظهرها بحنو قائلًا بنبرة هادئة:
-شغل إيه إلي أروحه وأسيبك في الحاله دي يا حبيبتي!
شهقت باكية وقالت:
-أنا بخاف من الحقن يا يوسف
-والله إن شاء الله مش هوجعك… يلا بقا ربنا يهديكِ
نهضت واقفة توليه ظهرها قائله بقلة حيلة:
-بس براحه بالله عليك
كشف مكان الحقن وقال:
-حاضر خدي نفس عميق… بس خلاص حسيتِ بحاجه؟
هزت رأسها بالنفي فضمها وقال:
-ألف سلامه عليك يا حبيبي
نظرت لعينيه بحسرة وقالت بأسى:
-كدا مطلعتش حامل تاني يا يوسف
ضم وجهها بين راحتيه وقال:
-حبيبتي إنتِ ضاغطه نفسك وكده غلط عمرك ما هتحملي طول ما إنتِ متوتره كده!
-أنا عمري ما حسيت بحاجه إلا واتحققت كنت حاسه إن أنا هعاني على ما أحمل وقد كان
-خلي عندك حسن ظن بالله يا فرح… بلاش قلق على الفاضي دا احنا لسه مكملناش سنه متجوزين
أغلقت جفونها بألم لتعصر الدموع القابعة بمقلتيها قائلة:
-الحمد لله اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خير منها
ابتسم قائلًا بسخرية:
-مصيبة إيه؟ عملتيها مصيبه خلاص!
أقبلت تضمه بقـ وة وأن باكية بين ذراعيه، حتى كاد قلبه يعتصر ألمًا عليها، لا تعلم كيف يأن قلبه لكنه يحاول التماسك أمامها! فما يشغلها يربكه وما يُقلقها يؤرقه! ربت على ظهرها لتهدأ وقال:
-كفايه يا حبيبي والله رب الخير لا يأتي إلا بالخير ولعله خير اصبري
________________________
تقف وسام بالمرحاض أمام المرآه، لطلما تجنبت كشف جسدها أمام المرآة لسنوات، لكن ستخوض ذلك التحدي اليوم تتعشم بأنه قد يكون للأيام أثر بمداواة تلك الندبات، أخذت تخلع ملابسها العلويه، مغلقةً جفونها بقـ وة، فتحت عينيها ببطئ لتستكشف جسدها بتوجس، ثم أغلقت عينها بألم وهي تشهق بالبكاء، لا لم تشفي الأيام تلك الندبات! جسدها مليء بالعاهات التي ستلازمها أبدًا، فلازال ألمها حيًا حتى الآن فكيف ستُشفى تلك التشوهات! ذراعيها، وخواصرها وظهرها المشوه، فلا ترى نفسها إلا بشعة، ابتعدت عن المرآه ووقفت أسفل المياه بباقي ملابسها التي تستر تشوه فخذها الأيسر، اختلطت دموعها بالمياه، شهقت بالبكاء مرددة بهمس:
-مينفش… عمري ما أظلمك معايا… إنت تستاهل واحده أحسن مني… أيوه تستاهل واحده أحسن!
وبعد فترة من العويل خرجت من أسفل المياه وارتدت ثيابها، “سلوبيت جينز تلجي، أسفله تيشيرت روز بأكمام طويلة”.
وقفت أمام المرآه تنظر لإنعكاس ملامحها؛ عيناها السوداء، أنفها الذي لا بأس به، شفتيها الممتلئة قليلًا، أسنانها التي تشبه الآلئ والتي تزين فمها، وأخيرًا بشرتها العادية لونها ما بين الأبيض والخمري شاحبه تحتوي على حبوب تحت الجلد يمكنها رؤيتها إذا دققت النظر، لا تعلم ما الذي يميزها ليحبها كل ذلك الحب! ليست فاتنه ولا تُصنف الجميلة هي فتاة عادية أو أقل من العادية! هكذا وصفت نفسها ابتسمت بألم لتردد بسخرية:
-معنديش أي حاجه مميزه أقدر أديهاله!
مسحت دموعها ثم فردت شعرها بعناية، فلا يظهر مدى نعومته وكثافته لأنه مبتل، نظرت لطوله فهو يغطي ظهرها كاملًا، لمست خصلاته البنية المائلة للسواد، والتفتت تنظر لإنعكاسه بالمرآه، ظهر شبح ابتسامه جليدية على ثغرها لتردد بسخرية:
-يمكن ده الحاجه الوحيده إلي بتميزني!
تنهدت بعمق وهزت رأسها لتتناثر المياه من شعرها، خرجت من المرحاض لتتفاجأ بخالتها ترتدي ثيابًا للخروج، فسألتها باستفهام:
-رايحه فين بدري كده يا خالتو؟
حملت خالتها حقيبتها وهي تقول:
-كويس انك صاحيه… أنا رايحه عند خالتك عشان خطوبة شروق
جلست على المقعد بملل، وأزاحت خصلة من شعرها عن وجهها وهي تقول بتعجب:
-شروق!! دي أصغر مني ب ٥ سنين! هي خالتو مستعجله عليها ليه؟
-جالها نصيبها يا بنتي ربنا يسعدها… المهم فطري فؤاد متخليهوش يخرج من غير فطار
هبت وسام واقفه وقالت بصدمة بدت على ملامحها:
-هو فؤاد هنا؟!
-أيوه نايم في الأنتريه… يلا همشي أنا
اتجهت خالتها نحو الباب فهرولت وسام خلفها وهي تقول بقلق:
-طيب هتيجي امته يا خالتو؟
-ممكن بكره بالليل أو بعده بالكتير إن شاء الله
وقفت وسام أمامها وقالت بأعين متسعه وبقلق:
-هتسيبيني في البيت لوحدي معاه!
مصمصت خالتها بشفتيها وقالت بسخرية:
-مع مين! دا جوزك يختي هو أنا سيباكِ مع حد غريب…
رددت وسام بخفوت وبتلعثم:
-ل…. لأ لسه مش جوزي
ربتت خالتها على كتفها قائلة:
-لأ يا حبيبتي جوزك… وإن كان على الفرح أعملهولكم بكره أنا عايزه ألحق أشيل عيالكوا
فتحت باب الشقه مردفةً:
-يلا سلام عليكم
ردت وسام بشرود:
-عليكم السلام
خرجت خالتها وأغلقت باب الشقه خلفها تاركة وسام تنظر لأثرها وتقف مكانها بقلق، فهي تتهرب من التعامل معه منذ إسبوع، تخاف من نظراته المريبه التي لا تعرف لها تفسير، نظرت للغرفة التي ينام بها فكان بابها نصف مفتوح هرولت لغرفتها، أخرجت من حقيبتها أحمر شفاه اشترته مؤخرًا ولونت شفتيها وخديها لكن بالقليل ليظهر لونهما طبيعيًا، ارتدت نظارتها ونظرت لحالها بالمرآة وهي تعدل من خصلات شعرها، ثم ابتسمت برضا عن هيئتها! فتلك عادتها دائمًا ما تناقض نفسها! تريده قربه لكنها لا تريده أن يقترب!! خرجت من الغرفة وأسرعت خطاها لتجهز الإفطار قبل أن يستيقظ…
__________________________
وفي مركز الشرطه
دخلتا بخطوات بطيئة متثاقلة، يمسكان يد بعضهما بروع فلأول مرة يتعرضان لموقف مشابه، تسارعت دقات قلبهما بخوف مما هو آت، كان يوليهم ظهره، نظرت رحيل نحوه بقلق وبللت شفتيها بارتباك، فهتف العسكري:
-البنتين يا فندم
زفر بقـ وة واستدار ينظر إليهما، اتسعت حدقتيه بذهول فقد رسم عقله مواقف عده للقائهما التالي لكن لم يُخيل إليه هذا اللقاء، أما هي فلا تدري أتلعن حظها المشؤم أم تحمد ربها على وجوده، ضغطت على يد أختها بعنـ. ف في حين أخرج يديه من جيبي بنطاله وهو يقول بذهول:
-رحيل! فيه حاجه ولا إيه؟
نظرت لها سديل عاقدة حاجبيها أسفل نقابها ودنت من أذنها هامسة:
-إنتِ تعرفي الظابط ده؟
اومأت رحيل رأسها دون أن تنبس بكلمة، فتنفست سديل بارتياح واضعة يدها على صدرها لتهدأ دقات قلبها المتسارعة، أشار محمود العسكري ليخرج، وأقبل نحوهما قائلًا:
-إيه إلي حصل؟
اقتضبت رحيل الحديث وهي تكبح دموعها هاتفة بكلمات مختنقه وبنبرة متحشرجة:
-والله ما عملت حاجه… هما بيفتروا عليا… حضرتك أنا مسرقتش والله
أشار للأريكة قائلًا:
-طيب اتفضلوا أقعدوا واحكيولي الموضوع!
جلست رحيل بجوار أختها كم تشفق على حالها من ذلك الموقف لم تتمنى أبدًا رؤيته وهي بتلك الحالة المزريه، ربتت سديل على ظهر أختها بحنو، سحب محمود المقعد وجلس مقابلهما، وسأل سديل:
-إنتِ أختها؟
اومأت سديل رأسها بالإيجاب، فأردف:
-مكلمتيش حد من عيلتك ليه يا رحيل؟
هزت سديل رأسها بالنفي قائلة بحسرة:
-عشان مفيش حد!
-فين باباكو أو مامتكو أخواتكو اعمامكو أي حد؟
عقبت سديل:
-بابا وماما وأخويا الله يرحمهم توفوا من زمان… وفيه مشاكل بينا وبين عمي معرفناش نكلمه
نفث الهواء من فمه قائلًا بشفقه:
– لا حول ولا قوة إلا بالله….. طيب مكلمتيش وسام ليه لو كلمتيها فؤاد كان هيكلمني
علقت رحيل:
-وسام موبايلها مغلق من امبارح لحد دلوقتي!
مسح على شعره متنهدًا بعمق ثم بدل نظره بينهما قائلًا:
-طيب الحمد لله إن أنا موجود النهارده
نهض واتجه لمكتبه ليكتب بعض الأوراق، ثم أخذ هاتفه من فوق المكتب وقال:
-يلا
نهضت رحيل وسألته:
-هنروح فين؟
-هنمشي من هنا
لم يعطيهما فرصة للتعليق وخرج من المكتب وتبعتاه وهما ينظران لبعضهما بدهشة ممزوجة بالقلق، سار يلقي التحية على من يقابله حتى خرجوا من المكان، وقف قائلًا بجدية:
-هنروح نقعد في مكان وتحكولي بالتفصيل إلي حصل
لا يعطيهما مجال الرفض أو للقبول ولا للمناقشه، فكل كلامه أمرًا، أنهى أمره وأوقف سيارة أجرة “تاكسي” وركبوا دون أن ينبس أحدهم ببنت شفه…
____________________
في التاسعة إلا بضعة دقائق جلست «وسام» على المقعد، فقد انتظرته كثيرًا ولم يستيقظ، حضر في رأسها ذاك الشاب الذي تأخر في نومة فذهبت والدته لتوقظه لتنصدم بوفاته، هبت واقفه أيعقل أن…! لا لا يعقل! اتسعت حدقتيها بروع وهرولت للغرفة تنظر من فتحة الباب لتراه مستلقيًا على الأرض يرقد على جانبه الأيمن ويفرد ذراعه بجواره، فتحت الباب بهدوء ودنت منه متسللة على أطراف أصابعها انحنت جواره تقرفص قدميها ووضعت سبابتها مقابل أنفه لتتأكد من تنفسه، تنهدت بارتياح حين اطمئنت أنه يتنفس بصورة جيدة.
حدقت به وشردت تتأمل ملامحه التي اشتاقت إليها، وفجأه تعثرت ووقعت فوقه، جثت ركبتيها على الأرض وارتطمت رأسها بصدره، تأوه وهو يفتح عينيه ناظرًا لها وهي تجثو أمامه على ركبتيها وبقمة إحراجها، هتف بصوت ناعس:
-صباح الخير
نهضت واقفة وعدلت من نظارتها قائلة بارتباك:
-صباح النور… أنا كنت ب…
ماذا ستقول! كيف ستبرر له ما كانت تفعل! توقف الكلام على طرف لسانها وهي تنظر له فاعتدل جالسًا وهو يتأوه قائلًا:
-ظهري وجعني من النوم على الأرض
بللت شفتيها بارتباك وقالت بفخر وكأنها أنجزت مهمة شاقه:
-أنا جهزت الفطار
ابتسم ورمقها بطرف عينه قائلًا:
-هي ماما فين؟
-راحت عند خالتو عشان خطوبة شروق… تخيل شروق هتتخطب!
عقب بجمود اعتادت عليه مؤخرًا:
-أيوه عارف… ربنا يسعدها
ازدردت ريقها وقالت:
-أجيبلك الفطار هنا؟
-هتفطري معايا؟
-لأ مش هعرف أفطر دلوقتي
-لو هتفطري معايا هفطر مش هتفطري خلاص
-طيب…. هفطر معاك أجيبه هنا؟
-خلينا ناكل في المطبخ…
نهض واقفًا وهو يقول:
-اسبقيني هغسل وشي وأجي
تنفست الصعداء وهي تخرج من الباب، ابتسم بحب وهو يتبعها مسلطًا بصره عليها متأملًا شعرها المنسدل لأسفل ظهرها حتى اختفت داخل المطبخ…
________________________
“يا جماعه افهموني أنا تخصص كتاكيت”
قالها نوح بنفاذ صبر وهو يقف بغرفة الحيوانات، وقف ينظر لعائلته التي تحاوطه “جده وأبيه وعمه ووالدته ووهيبه” والجاموسه أمامه يدوي صوتها بالمكان تنازع لتضع مولودها.
لكزه والده بذراعه قائلًا بنزق:
-هي فيه حاجه اسمها تخصص كتاكيت ياض إنت.. يعني أنا بصرف عليك السنين دي كلها عشان تقولي تخصص كتاكيت! دا أمك إلي ساقطه في التربيه بتربيهم أحسن منك يا أبو امتياز
نظر لزوجته قائلًا:
-لأ مؤاخذه يا شوشو
تخصرت شاهيناز وعلقت قائلة بنزق:
-إيه ساقطه تربيه دي! أنا متخرجه بجيد مرتفع
عقب الجد بنفاذ صبر:
-مش وقت خناقاكم… خلص يا نوح ولد الچاموسه… اتصرف
سند نوح على الجدار وقال:
-بصراحه يا جماعه إنتوا فاجئتوني… وأنا مبحبش المفاجئات وكمان مبعرفش أشتغل على معده فاضيه عشان كده حد يروح يجيب الدكتور
عقب الجد بنزق:
-عيب في حقك لما نجيب الدكتور وإنت هنا!
ضحكت وهيبه وقالت:
-متخافش يا ولاه وأمشي عدل ينهار عدوك ليك
هتف والده:
-اسمع كلام ستك يلا توكل على الله وامشي عدل
ضـ رب باطن كف يده بظهر الأخرى وهو يقول بسخرية:
-إيه النصيحه الغريبه دي… أيوه مفهمتش أعمل إيه يعني؟ اهرب؟
عقب والده بابتسامة مستفزه رافعًا كلتًا حاجبيه:
-اعمل الصح
عقب عمه:
-يلا يا نوح شد حيلك كده يبني وولدها
كرمش نوح وجهه وقال بارتباك:
-ما هو بصراحه الحاله دي كانت في الصفحه الملغيه من المنهج وأنا مزاكرتهاش…
أردف بحسره:
-يارتني زاكرتها كانت نفعتني دلوقتي!
عقب الجد بنزق:
-ما تخلص يبني هو ده وقت هزار
تنفس نوح بعمق وقال:
-طيب حيث كده بقا هاتولي مايه سخنه
سأله عمه:
-هتعمل إيه بالمايه السخنه!
هرول نوح نحو باب الغرفه ليغادر صائحًا بغضب زائف:
-لأ إنتو كدا بتتدخلوا في شغلي وأنا مش لاعب شوفلكم دكتور تاني
جذبه والده من حملات فانلته الداخليه السوداء التي يرتديها على شورت يصل لقبل الركبه وقال:
-رايح فين ياض… خلص شوف شغلك
أزاح نوح يد والده قائلًا بجديه:
-يبقا متتدخلوش في شغلي قولت عايز مايه سخنه يبقا تجيبو مايه سخنه من سُكات
ضـ رب الجد فخذيه بنزق وقال:
-هاتوله مايه سخنه يا جماعه
وقف نوح ينظر لوجوه عائلته، لابد من التصرف بحكمه، حاول تذكر أي شيء مما درسه لكن لا شيء يحضر برأسه، ولا يدري من الأساس ما علاقة المياه الساخنة بالولاده! تنفس بعمق، ليقاطعه عمه النازق وهو يدخل بالمياه الساخنه ويضعها جانبًا:
-أدي الميه السخنه يارب نخلص النهارده
ارتدى نوح القفازات وبدأ بمباشرة عمله متجاهلًا المياه التي انتظر قدومها لعدة دقائق، كان الجميع يتابعونه بترقب مرت نصف ساعه حتى أتم الأمر ببراعه، ربت الجد على ظهره قائلًا بفخر:
-ما إنت شاطر أهوه لزمتها إيه بقا الشويتين إلي عملتهم دول
لا يدري نوح كيف تم الأمر فأول مرة يخوض مثل ذلك الموقف، تنهد بارتياح وهو ينظر للجاموسه والعجل الصغير بزهو فقد أتم الأمر أخذ يرقص ويغني وهو يشير بيده نحو الجاموسه والعجل:
-والعجل أهوه وأمه أهيه… سامعونا زغروظه بقا يا جدعان
رفعت شاهيناز زغرودة عاليه وشاركتها وهيبه التي قالت بابتسامة:
-ايوه كده وعلى رأي المثل امشي عدل يفخر عدوك بيك
-إنتِ بهدلتي المثل يا تيته… بس سامعونا زغروده كمان
صلوا على الحبيب محمد ♥️🌹
_____________________
يجلس «محمود» مقابلهما يستند بكوعه على الطاولة واضعًا يده أسفل ذقنه ومحدقًا بالفراغ بتفكير، ران عليه الصمت لفتره، بعدما سمع قصتهما كاملة، فليس من عادته الحكم إلا بعد سماعه للطرفان، وتحليله الجيد للمشكله، هتفت سديل بحيرة:
-حضرتك سكتت يعني؟!
انتبه لها، تنفس بعمق واعتدل في جلسته ثم نظر لرحيل متسائلًا:
-إنتِ ليه مروحتيش لوسام؟ ليه قعدتِ كل الفتره دي في السنتر
انفرجت شفتيها بابتسامة منكـ سرة وقالت:
-كل واحد عنده ما يكفيه وأنا محبتش أتقل عليها
أخرج هاتفه وطلب رقم فؤاد وهو يقول:
-أنا هشوفلكم شقه تقعدوا فيها لحد ما أحل الموضوع ده
علقت سديل بتلعثم:
-هو إحنا كده لينا قضيه…. يعني سرقه؟
-لأ متشغليش بالك بالقضيه دي أنا هخلصها… وهشوف موضوع عمك وابن عمك ده كمان!
نظرت سديل لأختها بابتسامة تختفي تحت نقابها فقد اطمئن قلبها ولو قليلًا، أخيرًا وجدتا من سيساعدهما! رأت رحيل الابتسامة بعيني أختها فابتسمت ابتسامة لم تصل لعينها.
طلب محمود رقم فؤاد مرة أخرى منتظرًا الرد…
______________________
أقبل نحو المطبخ وهو يتحدث عبر هاتفه:
-طيب وديهم شقتنا في البلد عندك ما إنت معاك المفتاح… حاضر هقولها بس مش دلوقتي… سلام
قاطعه أصوات الزغاريد المنبعثة من الأسفل فنظر لوسام قائلًا:
-إيه الزغاريد دي!
رفعت كتفيها لأعلى كناية عن جهلها، وهرولت إلى الشرفه حاجبة شعرها بالستار، فضحك فؤاد على تصرفها قائلًا:
-الستاره هتاكل منك حته
ابتسمت بحياء، نظرت لأسفل وصاحت تسأل وهيبه:
-هو فيه إيه يا تيته؟
-الجاموسه ولدت يختي عقبالك
سأل فؤاد ضاحكًا:
-والسبوع امته أن شاء الله؟
قاطعهما خروج نوح الذي يعدل من ثيابه باعتزاز، نظر نحوهما بشموخ قائلًا:
-أنا إلي ولدتها ياد يا فؤاد
ضحك فؤاد وأخذ يطبل على سور الشرفه ويغني:
-إيه إلي بيحصل ده… إيه إلي أنا شايفه ده… إيه الحلاوه دي إيه الطعامه دي…
أخذ يكرر الأغنية والعائلة يصفقون بالأسفل ونوح يهز قدميه بالتبادل يمينًا ويسارًا ويتراقص فرحًا لإنجازه!
ضحكت وسام وهتفت:
-الله عليك يا فخر العيله
ربت نوح على صدره باعتزاز، ونظرت وسام لفؤاد قائله بخفوت:
-العيله دي مسخره والله
ابتسم فؤاد محدقًا بضحكتها التي غابت عن وجهها في الأونه الأخير وقال:
-يلا نفطر؟!
أومأت رأسها وتبعته للداخل..
______________________
وفي الجامعه وبالتحديد أمام كلية الآداب وقفت حبيبة تنتظر رؤية ذلك الشاب الذي واعدته قبل عدة أيام وصمم أن يقابلها، كانت تنظر لصورته بالهاتف وتبحث حولها عله يظهر، حتى رأت شابًا ينزل الدرج وهو يخلل أصابعه بشعره المجعد، ابتسمت على الفور فهو أنيق وجذاب يشبه صورته بل أفضل منها، وقف قليلًا يبحث عنها فرفعت يدها تلوح له، أقبل إليها بابتسامة خبيثة ووقف أمامها ليسألها:
-إنتِ حبيبه!
اومأت رأسها بحياء زائف وسألته بدلع:
-إنت أسامه صح؟!
اومأ رأسه مبتسمًا وهو يداعبها بحب مصطنع:
-شكلك حلو أوي يا بيبو وأحلى من الصورة
ابتسمت بخجل وقالت:
-إنت كمان أحلى من الصوره
سألته بجراءة:
-إيه مش هتعزمني على الفطار
-طبعًا أحلى فطار لأحلى بيبو… بس إيه رأيك نروح الشقه عندي ونطلب دليڤري
-لأ أنا مبدخلش شقق يخويا… نقعد في مكان عام
-ماشي يا بيبو إلي تشوفيه… يلا بينا
سارت بجواره وهو يرمقها بخبث ويتحدث في سريرة نفسه أن رويدًا رويدًا سياخد ما يريد لكن صبرًا!
من ناحية أخرى رآه أحمد الذي يهرول للدخول للجامعة كي يلحق بالمحاضرة الأولى، هز رأسه مستنكرًا وهو يهمس لنفسه:
-بنات تاني… الظاهر إنك مش هتتغير يا أسامه
زفر بقـ وة وقال بقلة حيلة:
-ربنا يهديك
دخل لكليته عازمًا على قطع علاقته مع ذلك الشاب نهائيًا فقد يأس منه نصحه كثيرًا لكن بلا فائدة!
______________________
وأمام طاولة المطبخ جلس فؤاد بجوار وسام ليتناولا الإفطار الذي لم يخلو من النظرات المبهمه والأخرى المرتبكة والحائرة، قطع الصمت قائلًا:
-أنا منستش ضرسك بس كنت مضغوط شويه اليومين إلي فاتوا
-لأ عادي أنا بحطله قرنفل عشان ميوجعنيش
اتسعت ابتسامته مع ضحكة خفيفة لم تفهم مغزاها، سألها:
-أنتِ هتعملي إيه النهارده؟
-أنا قاعده في البيت النهارده هزاكر شويه
-كويس أنا كمان معنديش شغل… عشان ننهي موضوعنا المتعلق ده
تجهم وجهها حين ظنت أنه سيطلقها! سينهي علاقتهما! هتفت بنبرة حزينة:
-ها… هتطلقني؟
مضغ ما بفمه وهو يقول بلا مبالاه:
-إنتِ عايزه تتطلقي؟
ودت لو تصرخ ب لا! لكن مهما طالت علاقتهما فالطلاق حتمي! هكذا ظنت، اومأت رأسها بالإيجاب، بلع ما بفمه وسالها:
-بتحبيني ولا لأ؟
رفع سبابته قائلًا:
-ومش كأخ… كزوج
أشاحت بصرها بعيد عنه وقالت:
-أنا مش شايفاك إلا أخويا
نهض عن مقعده ودنا منها ليقف أمامها مباشرة محدقًا بملامحها وخاصة عينها وقال:
-بصي في عيني وقوليلي إنت أخويا
تفاجئت من قربه المبالغ، تلعثمت وهي تنظر بعينيه:
-إنت…. إنت أخويا
عاد يجلس مكانه وابتسم قائلًا بنبرة هادئة:
-بس أنا بعرف أقرأ عينك يا وسام… أنا مش أخوكي أنا جوزك… ليه مخبيه عني وجعك! ليه بتشوهي سمعتك قدامي لما ممكن بكل بساطه تقوليلي الحقيقه… أنا مصدقتش ولا كلمه قولتيها قبل كده لأني متأكد إنك بتكدبي بس بعدت عشان تعبت… بعدت عشان أسيبلك فرصه تراجعي نفسك
تساقطت دموعها وقالت بصوت متحشرج:
-إنت مش هتستحمل… أنا بمـ وت كل يوم
-شاركيني وجعك يا وسام… أنا والله والله ما فارق معايا أي حاجه إلا وجودك جنبي… أنا كفايه عليا أسمع صوت ضحكتك وأشوف ابتسامتك… خليكِ صريحه معايا ولو مره واحده… جربي وشوفي… وسام أنا…. أنا تعبان ومبنامش مبقتش مستحمل الجفاء إلي بينا وبعدك عني..
-ولو عرفت إلي أنا مخبياه هتتعب أكتر… صدقني أنا مش هيجي من ورايا إلا الوجع يا فؤاد أنا معنديش حاجه أديهالك إلا تعب القلب… متظلمش نفسك معايا…
-وسام افهمي أنا جوزك مش واحد معجب بيكِ وجاي أطلب إيدك وإنتِ بترفضي…
شهقت باكيه وأطرقت رأسها لأسفل متحاشية النظر إليه وهي تقول:
-إرحمني بقا من الكلام ده.. أنا تعبت
على ما يبدو أنها لن تخضع له، لن تعترف! عليه أن يأخذ تلك الخطوة، وبسرعة البرق حملها بين يديه فهتفت بخوف:
– إنت بتعمل إيه؟ نزلني يا فؤاد!
أخذت تردد أن يتركها لكنه تجاهلها وحملها حتى غرفته، وضعها على سريره وقال:
-يمكن دي الحاجه الوحيده إلي هتثبتلك إن أنا متمسك بيكِ
ازدردت ريقها بتوتر وقالت بنبرة مرتعشة:
-إنت عايز إيه؟!
دنا منها فنهضت واقفة ورفعت سباتها قائلة بخوف:
-فؤاد إبعد عني… والله هصرخ
تراجعت للخلف وهو يدنو منها حتى اصطدم ظهرها بالحائط، تسارعت دقات قلبها وقالت بخوف:
-يا فؤاد متخوفنيش منك!
___________________
كان آصف جالسًا في مطعمه يقرأ كتابًا فقاطعه صوت أيمن:
-صباح الخير
أغلق الكتاب قائلًا:
-صباح النور اتفضل
سحب أيمن مقعد وجلس مبتسمًا بمكر، نظر لآصف وابتسم بخبث:
-هي الدنيا دي كده تبقا في إيدك وتقسم لغيرك
عقد آصف حاجبيه وسأله:
-تقصد إيه؟
-أقصد إن مراتك كانت بين إيدي وسبحان الله…
قاطعه آصف وهو يضغط أسنانه قائلًا:
-أستاذ أيمن ياريت متجبش سيرة مراتي على لسانك
عقب أيمن بحدة:
-مراتك إلي إنت فرحان بيها دي خدعتني كذبت عليا ومعرفتش أسامحها لأني ببساطه مش زيك مبعرفش أعيش مع واحده كذابه
هب آصف واقفًا وقال بغضب:
-إحترم نفسك يا عم إنت!
أردف وهو يرفع سبابته بتحذير:
قوم امشي من قدامي عشان لو نطقت كلمه كمان رد فعلي مش هيعجبك
نهض أيمن واقفًا وضحك بسخرية قائلًا:
-وواثق فيها لدرجة إنك سايبها تبات بره البيت
قبض آصف يديه بقـ وة فلا يريد افتعال المشاكل بمكان عمله، هتف بنبرة مرتفعة وغاضبه:
-قولت أمشي من قدامي
رمقه أيمن باستفزاز وغادر وهو يقهقه ضاحكًا، تاركًا آصف يشتـ عل غضبًا..
بقلم: آيه السيد شاكر
_____________
على الصعيد الأخر فتحت هبه عينيها على صوت جرس الباب! هرعت لتفتحه حانقة من ذلك الطارق الذي يُصر في طلبه، ضيف غير مرحب به فهي ناعسة للغاية! غسلت وجهها ببعض المياه لتستطيع فتح عينها وارتدت اسدالها وهي تقول:
-حاضر ثواني الله!….
وقفت خلف الباب مرددة:
-مين… ميـــن؟
لم يجيب الطارق بل دق الجرس مجددًا، فتحت الباب بهدوء لتتفاجأ بسيدتين يرتديان النقاب، يدفعانها لداخل الشقه ويغلقان الباب بعـ. نف هتفت هبه بحدة:
-إيه ده! إيه الهمـ. جيه دي إنتوا مين وعاوزين إيه ؟!
كانت إحدهما رفيعة وطويله والأخرى سمينة متوسطة الطول، أشارت الرفيعة السمينة فمسكت ذراعي هبه، وكممت الأخرى فمها بدون أن ينبس أي منهما بحرف، حاولت هبه التملص بلا فائدة تفاجئت حين سددت إحداهما لكمة لوجه هبه، تليها لكمة أخرى ببطنها…

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية وسام الفؤاد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى