روايات

رواية صبري الفصل الثالث 3 بقلم مروة حمدي

رواية صبري الفصل الثالث 3 بقلم مروة حمدي

رواية صبري الجزء الثالث

رواية صبري البارت الثالث

صبري
صبري

رواية صبري الحلقة الثالثة

دلف إلى الغرفة حيث ينتظره على الذى بادر بسؤاله…
-عوجت يا دكتور، كول ده علشان تغسل يدك ده انا كنت طالعك.
أحمد: ها، لا اصل… صمت يفكر لثوانى، جلس بعدها وبلؤم: اصل رجلى خدتنى للسطح.
على:السطوح!
احمد وهو يضع لقمه بفمه: اه، حبيت اشوف المجنون ال منومنيش طول الليل من بكا وصريخ وضحك، لا وكله فى نفس واحد ما بيفصلش، لاقيت واحد نايم على كنبه تحت الحيط ال بينا وبينهم فمعرفتش هو ده ولا حد تانى معاه ولا هما اصلا اتنين واحد بيبكى والتانى بيصرخ ما اهو اصل ال بيحصل ده مش طبيعى!
على بعدما وضع الطعام من يده بحزن: لا يا دكتور هو واحد بس ال عايش فى البيت الطويل العريض ده لحاله ” صبرى” والله كان زينه الشباب ولا كان فى عله ولا ياحزنون يكش بس ال حصله يوميها، على رأى أمى كأنها عين وصابته.
أحمد: وهو ايه ال ممكن يحصل لبنى آدم يخليه يتجنن بالشكل ده؟
على: الخوف.
احمد: يعنى ايه؟
على بتنهيدة: صبرى كان راجل طيب حنين القلب غلبان، راح على الجيش لما أخوه بلغ السن، وهناك جراله ال جراله.
احمد: هو كل ال بيدخل الجيش بيتجنن ما تعقل كلامك يا على، ولا انت قصدك شله اتلموا عليه وكانوا بيخوفوه وكده تن**مر يعنى!
هز رأسه بالنفى متابعا: لا مش إكده واصل، ده كان محبوب من وسط زمايله والقاده بتوعه..
احمد برفعه حاجب: وانت عرفت من فين؟ مش يمكن كان بيقول كده قدامك يدارى على ال بيحصل معاه وخصوصا انك قولت عليه طيب.
على وهو يعود بظهره إلى الخلف، يعقد ذراعيه وعيناه شارده بنقطه ما يتابع…
-انا كنت معاه فى الجيش بس هو فرجة وانى فرجة تانية وكنا اوقات كتير بنتجمع يا انا وهو ياانا وحد من فرجته، كنت بشوف حبهم واحترامهم ليه فى حديتهم.
احمد بحيرة: يعنى ايه ال حصله؟
على: يبوووى على ال حصل ، يوميها هو خلص خدمه وكانت خدمته فى سيناء، راح على الاوضه ينام وصبرى كانت فيه عادة مبيعرفش ينام والنور قايد وعلشان هو مش لحاله بالأوضه وعساكر طالعه داخله كان ينام تحت السرير ويدلدل الملايه المفروشة عليه كأنها ستارة تمنع عنه النور وكان زميله ال بينام على السرير الفوقانى بينام مكانه.
أحمد: ها وبعدين!
على: يومها صحى من نومه بعد ما حس بقلق وحركة غريبه وزى ما يكون مياه بتنقط على وشه، بجى يمسح بايده ويرجع ينام ولما زهق جام يشوف ايه سبب المياة دى وبيتوعد لزميله لو كان كب مياة على السرير ليجرسه وسط الفرجة ويقول انه بيعملها على روحه وهو نايم…
صمت يلتقط أنفاسه…احمد بفضول قاتل لمعرفة التالى : ايه يا على هو انا هسحب منك الكلام سحب ولا ايه؟
على: غصب يا دكتور، ما هو ال حصل صعب على العقل ينساه او يفتكره من جسوته وبشاعته.
-حصل ايه؟
-طلع من تحت السرير بيزعق وبيقول وهو رافع ايده، ايه المياة دى يا كمال، سكت وعينه وسعت وهو شايف كمال نايم غرقان فى دمه، برعب بص فى ايده لاقى عليها دم حتى هدومه، قرب منه يهزه ويصرخ عليه انه يقوم والتانى كانت روحه راحت للى خالقها، اداير ينادى على أى حد يغيته، وقف الكلام على لسانه وهو شايفه الباقيه نايمين محدش حاسس بيه منهم، بقا يتنقل من سرير لسرير ينادى عليهم كل واحد باسمه ، بس مين ال هيرد عليه وولاد الك**ب استفردوا بيهم فى نومتهم من غير رحمه ولا دين وخلصوا عليهم كيه الفروج.
قعد فى الأرض يبكى ويصرخ اجتمعوا الباقيه على صوته، وشافوا المجزرة ال محدش حس بيها ونقلوه على المستشفي بسبب حالته وبعدها سرحوه من الخدمه والموضوع اتكتم عليه.
أحمد مغمضا عينيه بتأثر: صعب اوى ده يا على.
على: صعب عليك وانت سمعته فما بالك من ال شافه!
احمد: ومن وقتها وهو كده؟!
على: لا يا دكتور، مكنش إكده، كان ساكت ودايما سرحان ولو النور قطع او مرته طفته لأجل تنام يصرخ بفزع…
أحمد: هو متجوز؟
على: كان يا دكتور، وحده رديه بنت قليلة أصل، قال ايه خافت منه وراحت حدا ناسها ورفعت قضية لأجل تتطلق منه بدل ما تقف معاه فى محنته والغلبان راح وراءها لأجل يراضيها ويرجعها مع ان انا ومحمد ال يرحمه وابوى قولناله لا خليها تغور لحال سبيلها بس هو قال بلاش يخرب البيت وصمم وراح من غيرنا.
احمد: ورجعت؟
على: هو ال رجع بحال غير الحال.
احمد: ازاى؟
على: هدومه متقطعه، وشه مورم وشفته بتنزف ودراعه اتجبس ساعيتها.
احمد: ليه حصل ايه؟
على بصدق: علمى علمك حاولنا كتير انا والمرحوم نعرف منه ما اتكلمش الوحيد ال راح معاه كان عمه حسين، وال عرف بال حصل ليه بعدها أبوى حتى هو ما نطقش ولا رضى يجول.
احمد:ليه؟
على: مش عارف، بس يظهر أنها حاجه واعرة علشان كان يقولى قفل على الموضوع ده، محمد حمجى وبعد ال حصل لصبري صفى بطوله ومش هيقدر على متولى وعياله وخصوصى ان عمه مش هيخلى واحد من عيال عمه يقف معاه وقليل ما جاب الحج عليهم.
أحمد: مين محمد ومين متولى ده كمان؟
على : محمد ده أخوه الصغير ال يرحمه اتوفى فى حادثه كان بيفادى فيها أخوه بعد ما راحوا لدكتور فى المركز يشوف حالته…
احمد: يا حول الله يارب.
على: اهو موت محمد ده هو ال طير اخر برج فى عقل صبرى.
احمد: ومين متولى ده؟
على: ابو طليقته.
أحمد: وياترى لحد دلوقت معرفتش حصل ايه يوميها؟
على: ذله لسان من ابوى وهو قاعد زعلان على محمد وشبابه قال انه كان خايف عليه من متولى وعياله ويتكاتروا عليه و يضربوه كيه ما عملوا مع صبرى وضربوه.
احمد: هو مش كان عمه معاه؟ ازاى يضربوه قدامه؟
على: هو ده كان حد عامله قيمة وقتها، ومش بعيد تلاقيه هو ال وزهم كمان يعملوا اكده.
احمد: لا ما توصلش بيه لكده أكيد.
على: انت ما تعرفهوش ده شيطان ماشى على الأرض، خد كل حاجه فى عبئه ورماه فى البيت لحاله وقافل عليه ولا سأل عليه ولا مخلى حد يسأل عليه.
أحمد: تصدق انا كنت لسه هسأل بيأكل ازاى؟ عايش ازاى ؟ وازاى سايبينه كده؟ محدش خده لدكتور حتى يعالجه؟ يعنى فين حميه القرايب؟!
على: عمه خده لدكتور مع المرحوم يوم الحادثه وقال إن الصدمه اثرت علي دماغه وبموت محمد كمل عليه وده احنا شفناه فى العز كان بياخد الواجب يسكت يسكت ويضحك بصوت عالى، اجتمعت العيلة وعمه قال هياخده مصحه بحرى، رجع بيه بعد يومين وقال إن فى المصحه دخلوه قسم المجاذبيب هناك ومعاملتهم ليه كيه الكلاب ضرب وتجويع وأنه مش هيقبل ده على ولد اخوه وان بيته اولى بيه وعلشان الأمان وأنه مش بعقله هيقفل عليه بالمفتاح ليعمل مصيبه وهو مش دارى .
احمد: وأمنوا على كلامه بسهولة كده؟
على: حسين ده عوايلى لا بتاع شغل ولا غيره، خد الأرض ووزعها على عيال عمهم بالاجرة ، وأرض صبرى معروفه احسن زرعه منيها فالخير ال داخلهم من وراها خلاهم سكتوا.
احمد: وعلى كده بيجى يزوره ويراعيه طيب؟ اصل المنظر ال شفته ما بيقولش كده خالص.
على: كل فين وفين على ما يجئ، ولأن صبرى حبايبه كتير كانت الناس ترميله الاكل فى أكياس من فوق السور بس الله لا يرحمه دنيا ولا أخره وقف وزعق وقال ان هو ليه اكل مخصوص ياكله وعلاج هو مسئول يدهوله وان وكلنا ده هيزود حاله الهياج ال عنده!
احمد باستهزاء: وصدقتوه!
على : ما هو فعلا حالته بجت اسوء وصريخ وبكا متواصل الا قليل فالناس آمنت وريحوا ضميرهم بقوله ” يعنى هنكون عليه احن من عمه!”
أحمد وهو يطلق زفره طويلة بتأثر: صحيح ال يعيش ياما يشوف!
على بانتباه على حاله يقم من مجلسه: ياااه ده انا اتكلمت كتير جوى، تلاجيك صدعت منى، اقوم ارجع بالصينية للبيت ، وابوى مع المغرب هيكون حداك ومعاه العشا.
احمد: ثوانى يا على ، عايزك فى حاجه مهمه؟
على وهو يعاود للجلوس مرة أخرى: خير يا دكتور.
احمد: الاول بلغ والدتك سلامى وقولها تسلم ايدك عن الأكل.
على: تعيش يا دكتور.
احمد؛ ثانيا انا مش هينفع افضل على الوضع ده واتعبكم معايا، فياريت شوفلي مطعم اتعامل معاه يبعت ليا الاكل على هنا.
على: ده كلام تقوله يا دكتور برضه! ده انت تعبك راحه ولا هو احنا مش قد المقام!
احمد: لا انا اكيد مقصدش كده، بس صدقنى علشان اكون مرتاح اكتر.
على: طيب واذا كان بلدنا مفيهاش غير بياعين الفول والطعميه!
احمد: يبقى اساهم فى ثمن الأكل.
على: وهه وهه، كده برضه يا دكتور، مكنش العشم والله.
احمد: انت زعلت ليه بس؟ ما انا مش ينفع اعيش سفلقة عليكم برضه.
على: هو احنا كنا اشتكينا.
احمد: كده هكون مرتاح اكتر.
على يتنهد بتفكير: طب انا لاقيت حل.
احمد: قول.
على: بس الحل ده فى ايد أبوي.
أحمد: احنا شكلنا مطولين مع بعض فلما تتكلم معايا، أنجز وتعالى دوغرى علشان هى مرارة واحده.
على: أم ورده وبتها!
احمد: مين دول؟
على: وردة، البت ال بتقعد على فرشة الخضار فى وش الوحده.
تحفز جسد أحمد تمام وجلس بانتباه هامسا لنفسه” يعنى اسمها ورده”
اجلى صوته: ومالها ست وردة!
على: نتفقوا معاهم يطبخوا ويشيعو الوكل.
احمد: وهيرضوا؟!
على بضحكه صغيرة: دول حلب فقارى، يعنى طالما هياخدوا أجرتهم خلاص.
احمد: وعم جابر ايه دخله بالموضوع ده!
على:ازاى بجا، اذا كان هو ال متوليهم ومن بعد صبرى مانع اى راجل يخطى لامتهم وما بياخدش ويعطى معاهم غير الحريم، بس الصراحه نفسهم حلو جوى فى الأكل.
احمد بأعين تلمع وهو يرى الأمور تتضح أمامه دون جهد، ليباغته بسؤال ماكر: صبرى! وهو ايه دخله بيهم؟ قرايبه يعنى؟
على وهو يضرب كف بالاخر: شكلك مش مركز معايا خالص يا دكتور، جرايب ازاى، اذا كنت بقولك حلب!
احمد باستفهام حقيقى: اومال ايه طبيعه العلاقة ال تخلي والدك يأمن لصبرى دون عن الكل معاهم وليه اصلا بباك مهتم قوى كده!
على بحماس: هحكيلك، علشان تعرف أن صبرى ده مكنش فيه منه اتنين.
قص عليه ما أخبرهم به أباه من سنتين على العشا عندما قدمت وردة ووالدتها، بحثا عن منزل، حيرتهم وخوف الام الجلي، وما فعله صبرى أنذاء لهما.
ليصمت احمد قليلا وشبح ابتسامه صغيرة رسمت على محياه متمتا : خسارة شخص زيه تكون دى أخرته!
على بحزن: كان زينه الشباب يا دكتور.
احمد: ليه محسسنى انه مات؟
على: الموت أهون من ال هو فيه ده!
اكمل مغايرا مجرى الحوار بعدما تحشرج صوته ودمعت عيناه: انا هتحددت مع ابوي ولما يجى ابجوا اتفجوا سوا.
تحرك من مكانه يحمل صنيه الطعام ليتوقف لثوانى يعاود برأسه لأحمد: امانه يا دكتور ما تحكى مع ابويا ولا تقوله على حاجه من ال قولتهالك، لحسن ده دايما يبكتنى ويقول علي كيه الحريم، ما فيش وراي غير الحكاوى واللت والعجن.
احمد بضحكه صغيرة: لا معندهوش حق.
على بتنهيدة: الله يهديه .
على..تحرك من جديد ليوقفه أحمد مرة أخرى بسؤاله:
-انا من امبارح بحاول اتصل بأهلى اطمئنهم عليا والتليفون مش مجمع شبكه خالص، ما فيش مكان فيه شبكه تودينى ليه او حتى مكان فى تليفون ارضى شغال طالما تليفون الوحده بايظ ومحطوط زينه.
على: يادى الخيبة ال الواحد فيها!
وضع صنيه الطعام من يده مرة أخرى، ثم طلب من أحمد الافساح قليلا، ليفعل تحت نظرات الدهشة منه…
احمد بصدمه وهو يرى ما يخرجه من درج المكتب السفلى: يخرب بيتك انت شايل سلك التليفون!
على وهو يصله: يعنى اعمل ايه؟ والعيال كل ما تيجى تلعب فيه!
احمد: مش خايف من المسأله لو جات لجنة من الوزارة!
على: لجنة من الوزارة حته واحده! هو احنا حد بيعبرنا من أساسه دول لطعونا يا مؤمن ست شهور لحد ما شيعولنا دكتور للوحده على الرغم ان البلد بنواحيها مفيهاش غير الوحده دى، ومش بعيدة يكونوا شيعوك بعد ما فصلت التليفون لأجل ما تشوف المخروبة دى جرالها ايه؟ وبعدين دى عهده عليا ولازم احافظ عليها.
أحمد: فى حاجه تانى فاصلها، تلفزيون مثلا مخبيه!
على: لا فى هبابه راديو صغير وكمان فيه مسجل لو معاك شريط وحابب تسمع حاجه هتلاقيه فى اوضتك، واه بالحق لو عايز تتكلم فى المحمول اطلع على السطوح الشبكة هتلقط معاك.
احمد: وهو لسه فى حد بيمشى بشريط دلوقت.
على: انا عندى هبجا اجبلك شريط بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.
تحرك من جديد بعدما انتهى ليوقفه أحمد مرة أخرى متذكرا أمرا: على.
على: نعم.
احمد: انت خريج ايه؟
على: دبلوم زراعه.
أحمد وهوويشير على الحائط خلفه بأصبعه: وصبرى!
على: كليه زراعه، كمل بعد الدبلون.
قالها وأطلق ساقيه للريح وهو يشعر بأنه افصح بأكثر مما ينبغى بجلسه واحده هامسا” ده انا ابوي هيمرمرنى لو شم خبر”
بينما الأخر لم يندهش كثيرا فبعد ما قاله ذاك العلى توقع ان شخصا بعقلية ذلك الصبرى أتم تعليمه.
أمسك بيد الهاتف الارضى ، يصله صوت الحرارة ليبتسم بقله حيلة واضعا إياها بمكانها مخرج هاتفه ولا يجد اى إشارة ليقرر الصعود إلى السطح لمهاتفه ذويه ولسبب اخر يسوقه فضوله إليه.
بالفعل كانت الإشارة بالأعلى جيدة ، أنهى اتصاله مع والدته ولم يخلو سؤاله عن أخته زهرة واذا ما تواصلت معاهم ام لا.
ليغلق الهاتف وقبل ان يستدير للعودة، توجه إلى حافة السور ببطء، اراح يده عليها ينظر لذلك الغافى بملكوته وكل كلمه اباح بها ذاك العلي تعاد على مسامعه من جديد، جعلت قلبه يتألم لأجل ذاك الصبرى كما لو كان بينهما سابق معرفه!
عقد حاجبيه وهو يراه يتململ فى نومه وبدلا من ان يسحب للخلف، تقدم يميل بجسده اكثر يتابع وسؤال عقله: ترى هل سيصرخ ام سيبكى! وفضول الطبيب داخله ثبت قدميه بالأرض؛ ليلعم كيف تكون تعابير وجهه عندما تاتيه احد تلك الحالات.
لقد كان مستلقيٍ على جانبه الايمن، تثاؤب بشده بعدما فتح عينيه وظل ساكنا للحظات اعتدل بعدها بهدوء، يدور براسه وهو يطالع للمكان يشد جلبابه البالى عليه، رفع قدميه عن الأرض ضامنا اياهم إلى صدره، ظل على وضعه المستكين هذا لدقائق لتبدا عيناه مرة أخرى بالبحث حوله وقد استشف ذاك المتابع برغبته فى تناول الطعام من طريقه وضع يده على معدته وابتلاعه لريقه مرات متتالية.
انزل قدميه وهم بالقيام مستندا بوضع يده على الاريكة اسفله، لتصطدم بشى ما التفت له بلهفة جليه اندهش لها ذاك المراقب من أعلى.
فتح الكيس وبأعين مغمضه قربه إلى أنفه يستنشق رائحة الجبن بداخله بعدما اخرج بعض منه هامسا بصوت مسموع: ورده.
أعاد احمد همسه من جديد بدهشه: وردة!
ازاح دهشته سريعا وتابع مراقبته بكثب وهو يراه يتناول طعامه بنهم وابتسامه خافته شاحبه مرسومه على وجهه.
احمد بهمس ضعيف: ما انت قاعد عاقل أهو!
عقبما انتهى اعتدل بظهره إلى الخلف صامتا لثوانى ابتسم عليه احمد بها وقد قرر النزول بعد شعوره بالألم بساقه ليدرك انه وقف اكثر مما يجب، استدار بجسده وتحرك خطوة فالأخرى وقبل ان تتطا قدمه الأرض بالثالثة توقف على سماع صوت مناداه على شخص ما.
-محمد
احمد: محمد!
-ما تزعلش منى علشان كلت الجبنه كلها وجورت على منابك، انت عارف انى عحب جبنه ورده كده ايه! بس بوص سبتلك دبداب اهو علشان نتعشوا بيه بالليل.
صمت لبرهه مع ابتسامه جعلت ذلك المراقب وقد عاد لمكانه من جديد، يبحث حتى يستشف مكان وجود ذاك المحمد واين هو من يهديه تلك الإبتسامه؟
بينما بالاسفل تابع حديثه: طب تتحمقش أكده ما هو لازم أشاركك بيه ألاه، يعنى انت مش خابر انى كمان بحب الدبداب من تحت يدها… صمت لثوانى وعاد ليكمل…
طب تزعلش تعال جارى وانا هصالحك، هحكيلك حكاية حلوة زى ال كنت بحكهيالك زمان وانت صغير فاكر يا خوى!
-خبط احمد على جبهته بيده وقد تذكر” محمد أخاه المتوفى”
الثانى متابعا…
هحكيلك حكاية اخين عاشوا لحالهم بعد ابوهم وامهم ما هملوهم وراحوا للى خالقهم، وافتكروا ان ده اخر حزن هيعدى عليهم لحد ما فى يوم اتفرق الأخوات واللقاء بينتهم بجا صعيب يا ولد أبوى.
ختم حديثه بشهقات تؤنب بنوبه بكاء قادمه جعلت حيرة ذاك المراقب تصل لذروتها بعدما ازاح احمد يده عن اذنه، فلقد كان يهيئ نفسه لصرخات كمثيلة ليله امس وهو يراها اقتصرت على دموع تجرى كشلال من المياة وصاحبها يتقوقع على نفسه من جديد كطفل صغير وبدون مقدمات ذهب بثبات عميق.
ليطلق زفيرا عاليا: شكل حكايتك حكاية يا صبرى.
**
غابت الشمس بالافق لينسدل الليل بستائره، خرج أحمد من غرفته بعدما نادى عليه العم جابر ليتناولوا طعام العشاء.
احمد: هو مش لسه بدرى على الاكل يا عم جابر؟
الغفير: ياضاكتور احنا بلدنا بتقفل من المغرب وكله بيتك بيتك يتعشى ويجوم يريح لأجل شقى تانى يوم.
احمد وهو يلك الطعام: انا كنت اتكلمت مع على فى موضوع كده بخصوص الاكل، جابلك سيرة؟!
الغفير جابر: وهو علي بيعرف يسكت برضه الرطاط ده!
احمد بضحكات صغيرة متتالية حاول على قدر الإمكان حجزها: اخدت لبالى.
الغفير جابر: على العموم قالى وانى زعلت منك جوى فيها دى يا ضاكتور، برضه إكده تشتمنى بالحثيث!
احمد: والله ما اقصد حاجه بس حقيقى انا مش هكون مرتاح غير كده!
الغفير جابر: على راحتك يا ضاكتور، على العموم الوقت إتاخر انى اخبط على الولايا، بكره الصبح قبل ما اعاود دارى هروحلهم واتفقلك معاهم.
احمد ناظرا للهدوء من حوله: يعنى الدنيا ليلت اهى وصاحبك ساكت، ده حتى الشارع نفسه مسكت.
الغفير جابر: ما انا قولتلك من المغرب إهنه كله بيته، بس يا دكتور ال تقصده مش صاحبى وبس لاا ده فى مقام ابنى بعدين الحالة إلى انت سمعتها امبارح مش هتكون حداه على طول.
احمد: يعنى ايه؟
الغفير جابر: يعنى بيكون ساكت منسمعلوش حس ومرة واحده يبجى زى صرينه المطافي ما تفهملوش، ساعه هادى ساعه يبكى ساعه يضحك ساعه يصرخ ساعه يغنى واهو غلب وكان مستخبيله.
كانا يجلسون خلف البوابه مباشرة أمام قصعه تشتعل بداخلها النيران، ليقف أحمد من مكانه يتحرك للجهة الأخرى ينظر إلى الطريق والمنازل.
أحمد: تعرف يا عم جابر انى. بجب الهدوء جدا.
العم جابر: وهو مين يحب وجع الدماغ؟
احمد متلفتا للبيوت بنظره: نفسى اسكن فى شارع زى كده بكتير اربع خمس بيوت فيه.
العم جابر: كلهم قرايب وعيلة وحده مايدخلوش غريب واصل عليهم غير وردة ال سكنت فى البيت الطين الوحيد ال قبال باب بيت صبرى.
تحركت عيناه على الوصف بعدما اعتدل بجسده وعينه على ذاك الشباك المفتوح نسبيا، ومنه إلى البوابه الخشبية أمامه، ضيق عينيه مبصرا كتله سوداء تقف أمام ذاك الباب توليه ظهرها، احتار من أمره، هل يؤهى له؟ أم أنه تأثير الظلام من حوله فأغشى على عينه؟! او هل هناك أحد حقا يقف هناك! كان يتسائل وقدمه تسير للخارج للحصول على إجابه لاسئلته
**
بقلب قلق عادت إلى منزلها، أتمت أعمالها وهى صامته شارده لا تنتبه إلى حديث والدتها فقط تائهه بحيرتها.
-يا ترى كل؟ طب صحى، حاسس بالعيئ؟ جلبى واكلنى عليه ومش عارفه ليه؟
تناولت قليلا من الطعام بصمت.
-ما تكملي لجمتك يا بتى؟
-ماليش نفس ياما هحوشها لبليل عشان بجوع.
الام: بهمس لنفسها ” بتجوعى برضك”
الام: طب ابجى خلى بالك لحسن وكل الليل بيتعب القلب والمعدة.
نفضت يدها من الطعام تحمد الله متابعه.
-انا داخلة انام لأجل بكرة والهم ال مستنى لمى ورانا وغسلى واطلعى نامى.
أؤمات برأسها وانتظرت خلود والدتها إلى النوم باكرا -كعادتها- بخفة صعدت إلى الغرفة تتأكد منها، اتجهت إلى الشباك تبحث عنه بعيناها ولكنها لم تجده خشيت عليه.
نظرت إلى كيس الطعام بيدها، كيف تلقيه وهو غير موجود بباحه الدار، تطلعت على الحئ يمينا ويسارا وقد أغلقت الأبواب على ساكينها، لتبتعد هابطه لاسفل حاملة ملفحتها وقد ارتدها قباله الباب وحرصت الا يظهر منها شئ ، لتخرج تاركه باب منزلهم مفتوح قليلا.
بلهفة تتحرك إلى غايتها ومن تلك الفسحة الصغيرة بين البابين الخشببن المتهالكين نادت بصوت هادئ.
-سى صبرى، سى صبرى…
لم تتلقى إجابه لتنادى من جديد وقد اعتصر قلبها خوفا ولم تعى بذلك القادم من الخلف.
-أمانة يا سى صبرى لترد عليا وتطمئن قلبى عليك، سى صبرى، انت فين؟
تابعت وقد أوشكت على العويل: يا مرى يا حزنى، طب أعمل ايه، ليكون جرالته حاجه عفشة من عشية ، طاب الطم ألم الناس ولا اصرخ واجول الحقوا يا خلج، يا مرك يا وردة.
عادت تنظر من جديد وقد خطت الدموع مجراها على وجنتيها تنادى كغريق: سى صبرى، سى صبرى…
حتى ظهرت أمامها عيناه فجاءة لترتد فزعه إلى الخلف وضعت يدها على قلبها تهدأ من ضرباته العالية، التقطت أنفاسها تنظر إليها بعتب: كنت فين يا سيد الناس وانا بنادى عليك من بدرى، أشار بيده خلف الباب دون حديث -كعادته- استغرب له ذاك المراقب ليتابع المشاهدة بانتباه والأخرى بعتاب يقطر عشقا لا يعلم هل لاقى صدى بقلب ذاك المجنون ام لا؟!
-وهنت عليك تردش علي، ده انا كنت شويه وهلم الناس.
أولاها ظهره ولم يجب، لتكمل هى..
-عارفه انك زعلان منى علشان عشية مجيتش يمتك، طب أعمل ايه والشارع كان متروس رجالة لأجل ختمه عمك خليل، ولما خلصوا كان الوقت إتاخر وانت امبارح معرفاش ايه ال حصله خلاك تصرخ إكده وكمان كنت …. صمتت وقد اشتعلت وجنتيها لتكمل.
-سايق عليك ما تعملها تانى، انامش عارفة لو كنت فاهمنى ولا لا، بس ما تعملها تانى قلبى أتوجع عليك جوى يا غالى.
أزاحت دموع عينيها واخرجت كيس الطعام وبصعوبه مررته من تلك الفتحه.
-اتعشى وادخل ريح وابعد عن البوابه الطل شديد لتعيء واهو النور قايد ما تخفش ومتنساش كل ما تخاف اطلع على الشباك هكون هناك معاك.
تحركت مبتعدة واوقفها سؤاله بغتته بعدما خرج منه دون قصد؟
-للدرجه دى بتحبيه؟
التفت برأسها للوراء لتجد شخصا غريب عنها اتسعت عينيها برعب وبسرعه تسابق الربح ركضت إلى منزلها مغلقه الباب خلفها تهمس…
ده شافنى، استر يارب…عقدت حاجبيها لتكمل… بس مين ده؟
بينما هو عيناه تنظر إلى أثرها ثم ارتفعت إلى النافذة حيث ذكرت ليعقد حاجبيه وهو يرى ظهرا لأحدهم قد رحل عنها وبالتأكيد لم تكن تلك الوردة؟ التى لم يتبين ملامحها حتى الآن.
نظر إلى الباب تقدم من الفتحه، ينظر منها ولا يجد اثر لاحد وسؤال ملح؟ هل يعقل استمع لها؟ ولما لم يحدثها وهو يتكلم؟
باسئلته عاد إدراجه، ليجد العم جابر لازال يتحدث ولم يلاحظ غيابه حتى متمتا بقله حيلة.
-يظهر ان العيلة كلها تموت فى الرغى.
العم جابر : وبس يا ضاكتور ودى عوايدنا
جلس جواره وفعل مثله مد يده باتجاه النار يلتمس الدفء.
عم جابر: ماهى قعدتك جار الباب أكيد بردتك.
هز رأسه بايماءه، وعقله يحاول استيعاب كل تلك الاحداث التى تدور من حوله منذ وطأة تلك القرية.
بابتسامه صغيرة علق: هادئ يعنى! شكله بيسمع كلامها.
العم جابر: بتقول حاجه يا دكتور.
أحمد بلؤم لم يكتشفه الإ هنا وجه الحديث بطريقة ملتوية حتى يصل لغايته لعل تلك الخطوط المتشابكه بعقله يجد لها حلا.
-بس ساكت يعنى انهاردة؟
-ما انا قولتلك حالات.
-طب بما ان مافيش حاجه تؤنسنا والليل عندكوا طويل، ما تحكيلى عنه شوية.
-عن مين؟
-عن ال بتتنهد بوجع كل ما يجى اسمه.
-وليه تقلب فى المواجع؟
-نفسى اعرف عنه اكتر.
-وده شاغلك فى ايه؟
احمد بصدق: اعرف الشخصية ال الكل بيحبها الحب ده كله كانت عاملة ازاى؟!
العم جابر بخبرة رجل خط الشيب رأسه: يبجى ابن المركوب ولدى، فضى ال فى عئبه كله.
احمد بضحكه صغيرة على ذكاء هذا الرجل: هو الصراحه اه، اتكلم معايا بس ماقالش كتير.
العم جابر: ما تحلهاش يا ضاكتور، ده كيه كيه أمه لا بيقعد فى بطنه وكل ولا حديت.
أطلق زفيرا عالى متابعا: طالما اللى يرزقه بزغطه تفطسه اتحدت وياك عايز تعرف ايه تانى.
أحمد: كان عامل ازاى يا عم جابر؟
العم جابر: غلبان وفقايرى وال فى يده مش ليه!
احمد: هو غير الصراخ والغناء بيتكلم مع حد او حد بيكلمه؟
العم جابر : من ساعه ال حصله فى الجيش وانا مسمعتش صوته غير مرتين اول مرة لما جه من حدا اهل مرته واترمى فى حضنى يبكى كيه العيل الصغير ويقولى.
صبرى ببكاء وعويل: انا انضربت يا عم جابر، كسرتني كسرتني لاخر يوم فى عمرى.
العم جابر: لا عاش ولا كان ال يكسرك يا ولدى ، قولى مين ال عمل فيك إكده.
صبرى: كتفونى ليها يا عم، اتكاتروا عليا ابوها وأخواتها وكتفونى.
علت شهقاته حتى كاد يختنق منها، ليربط جابر على ظهره مسرعا.
جابر: اهدئ يا ولدى اهدئ مش إكده.
صبرى بنواح: رفعت عليا شبشبها يا عم وضربتنى
جابر بصدمه: مرتك!!
صبرى: رميت عليها اليمين هناك وانا خارج من حداهم بعد ما حد من خواتها قالها كفاية على إكده ليموت فى ايدك ونروحوا فى ابو نكله من تحت رأس المجنون ده.
رفع عينيه له: صوح انا مجنون يا عم.
جابر بدموع يضم رأسه لصدره: هما ال مجانين يا ولدى.
رفعها من جديد وبغضب : هو مش المحروق عمك كان وياكم، كيف سابهم يعملوا فيك إكده؟!
دخل معايا وطلع بره قال يتحددت معاها فلأول يعقلها وبعدين انى اكلمها وبعدها هو خرج وقال رايح مشوار ضرورى عند واحد نواحيهم وراجع، ولما عاود كان حصل ال حصل.
جابر: وبعدين؟
صبرى بشهقات متقطعه: زعق فيهم قالوله قعد يصرخ ورفع على بتنا السكينه.
جابر: ها وبعدين…
صبرى مطأطا الرأس فقط دموع منسابه يعيد حديث عمه.
“كده برضه يا صبرى يا ولدى، مش قولنا هنتكلموا بالعقل، على العموم حقكم علينا يا جماعه”
احمد بأنفعال: ااااايه؟ ده ال ربنا قدر عليه!
جابر ولا يزال حبيس ذكرى ذلك اليوم عندما ذهب له.
حسين: مالك يا جابر جاى بتنفخ نار من مناخيرك ليه؟
جابر: كيه يبجوا ضاربين واد اخوك وانت قاعد إكده ولا همك ولا حتى عيطت معاهم.
حسين ببرود : ولدنا غلطان
جابر: ايش مايعمل عمرها ما توصل انهم يضربوه فى قعر دارهم وكمان من حرمه مش من راجل، قبلتها كيف دى؟!
حسين: اديك قولت فى قعر دارهم، كنت عايزنى اعمل ايه ولا اسوى ايه؟ ولا انضرب انا كمان وياه! وبعدين مالك محموج جوى إكده ليه! انا ال عمه مش انت.
جابر: عندك حق، وعلشان إكده انا هقول لفتحى يلم عيال عمه ويروح يجيب حق أخوه ال اتهان.
حسين: هيروح لحاله وهيجراله كيه أخوه لما عم عيال عمه يقول: ان صبرى هو ال غلطان ووقتها هنشوف هيصدقوا مين فينا الغفير ولا عمهم؟!
جابر بعصبيه: انت بتعمل إكده ليه؟
حسين: انا واحد بطفئ نار فتنه وتار ممكن تحرق الكل؛ وحده وطلقناها وراحت لحال سبيلها وخلاص ال حوصل ادفن هناك فى بيتهم وانا مش هتكلم ولا هحكى إلا إذا…
قام من مجلسه يدور حوله : انت ال حكيت وتبقى انت محرات الشر ال عايزها تولع.
جابر يغمض عينيه بحسره: حطيت مركوب فى خشمى وسكت اصل هقول ايه بعد حديته ده! كتفنى كيه الحية الاهى يرزقه بطريشة عميا مطرح ما هو مخموض تفضل تلسع فيه للصبح.
أحمد بتأثر: وتانى مرة!
جابر: لما محمد مات، اترمى لتانى مرة فى حضنى فى العزا بعد ما كان بيبكى ويصرخ وقالى: فدانى، فدانى، دمه غرق ايدى كيفهم يا عم وبعدها فضل يبص على ايده ويضحك.
جابر متابعا بتأنيب ضمير: لتانى مرة معرفتش اعمله حاجه غير انى اخده فى حضنى واطبطب عليه ومن بعدها مسمعتش حسه واصل.
أطلق تنهيدة عاليه متابعا: لولا الأغانى ال بيروشنا بيها طول الليل كنت قولت عليه بجا اخرس من ال شافه.
“بس عارف يا دكتور انا حكيت معاك ليه؟”
قالها وهو يغلق البوابه الحديدية ويضع عليها القفل من الداخل.
احمد: ليه؟
جابر: علشان حاسس ان بسكوتى ليا يد فى ال حصله ولو يرجع الزمن بيا تانى كنت اتكلمت وقولت ولو على موتى.
احمد: الظروف والحجج ال اتحطت قدامك كانت أقوى منك يا عم جابر ما تشيلي نفسك فوق طاقتها.
جابر : له يا ولدى، زى ما رميت كلام حسين من طول دراعى وبحدفه الاكل من اهنه كنت رميته زمان واتكلمت، حسبى الله على كل قوى.
اكمل: روح ريحلك هبابه يا دكتور بقينا نص الليل خلاص وانا اهو مجعمز جار الباب لو عوزت حاجه قول يا عم.
احمد وهو يقم من مجلسه: تصبح على خير يا عم.
العم جابر : وانت من اهل الخير يا ولدى.
رحل للداخل وبدلا من الدلوف للغرفة وقف أمام الدرج للحظات وقد عاد الفضول له من جديد لمعرفة إجابة سؤاله الاخير.
بخفه صدع إلى الأعلى، توجه نحو السور المطل على بوابه المنزل الواسعه خاصته ولم يبصره، توجه بعدها إلى السور القابعه اسفله تلك الاريكه التى استلقى عليها صباحا ولم يجده، بابتسامه صغيرة استدار ادراجه ولكن تيبس مكانه وهو يدور براسه مرة أخرى ينظر لذلك المنزل، لم ينتبه أثناء سيرة وراء تلك الوردة ان جميع إضاءات المنزل مضاءه، وهنا ضرب عقله جملتها تلك.
“واهو النور قايد”
بسرعه ذهب يبحث بعيناه ليجده جالس بتلك الردهه بمقابلته وهناك شخصا ما معه لم يستطع تبين ملامحه، أخرج هاتفه وشغل تسجيل الفيديو مفعلا وضع الزووم بالكاميرا، وعيناه تضييق بعد فهم لكل ما يحدث أمامه الان.
مرت دقائق خرج بها الرجل من المنزل تاركا ذاك الصبرى بمكانه ليتابعه احمد بعينيه بعدما توارى بجسده أسفل السور فقط عيناه تظهر منه فسلوك ذلك الرجل والتفافة يمين ويسار بتلك الطريقة كانت مريبة وما جعله يتأكد بأن وراءه أمرا ما عندما اخرج هاتفه يسجل ما يفعل ذلك الرجل عقب إغلاقه البوابه لتصدح صرخات صبرى بعدما مباشرة..
ليوقف التسجيل، يقف من مخبأه ينظر لذلك المنزل الغارق فى الظلام الدامس لا يصدر عنه صور صرخات لا يقدر على تحديد مكان صاحبها.
نقر بسرعه على شاشه الهاتف يستمع إلى الجرس من الجهة الأخرى، مرة لم يتلقى إجابه فالاخرى.
احمد بتوتر: رد يا فؤاد رد.
فؤاد بنعاس: ايه يا اخى انت هتفضل قارفنى كده كتير حتى بعد ما رحت الصعيد؟
احمد: فوق يا فؤاد انا فى مصيبة.
فؤاد : ما ياما قولتلك شغل الحكومة ما يجيش من وراءه غير الهم تعال معايا فى الخاص.
احمد وهو يجذب خصلات شعره ينظر أمامه بقلة حيلة: يا فؤاد انا حاسس ان فى جريمه بتحصل قدام عينى ومش عارف اعمل ايه؟
فؤاد وقد اختفى من عينيه النوم: جريمه ايه يخرب بيتك ده انت مكملتش ٢٤ ساعه عندك…
وصل له صوت صرخات عاليه ثم نواح.
فؤاد من الجهة الأخرى: ايه الصوت ده؟
احمد مبتلعا ريقه: ماهى دى المصيبة.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية صبري)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى