روايات

رواية شمس في قلبين الفصل الثامن عشر 18 بقلم مروة نصار

رواية شمس في قلبين الفصل الثامن عشر 18 بقلم مروة نصار

رواية شمس في قلبين الجزء الثامن عشر

رواية شمس في قلبين البارت الثامن عشر

رواية شمس في قلبين الحلقة الثامنة عشر

الآلام شديدة في جسدها .. طنين يكاد يسحق رأسها .. تشعر أنها تسقط نحو القاع …تحاول جاهدة أن تطفو ولكن أحمال ثقيلة تمنعها .. حتي جفناها لا تستطيع فتحهما .. الظلام يحيط بها … حواسها جميعها معطلة … عالمها مبهم لا تستطيع التعرف عليه .. فقط كل ما تدركه هو الالم .. والسقوط…
ظلت مستلقية تحاول أن تقاوم هذا الاحساس .. اضواء تلمع وتختفي تراها من بين رموش عيناها الشبه مغلقتان،اصوات بدأت تصل إلي مسامعها .. لا تستطيع الجزم ما هي .. عقلها يحاول ان ينتشلها من حالة الهذيان لتعود مرة أخري إلي الواقع ..جسدها يرتج من الحركة الدائمة ..أذن هي في سيارة .. سيارة مسرعة جداً ..والأصوات التي تصل إليها .. أصوات السيارات الأخري .. حاولت جاهدة أن تتذكر أين هي ؟، وماذا حدث ؟، ولكن كل شيء يبدو مشوش لها .
بدأت تقاوم رغبتها في الاستسلام ..وتفتح عيناها بصعوبة شديدة .. ولكن بحذر وحيطة .. تسلل ضوء النهار القوي إلي عيناها فأغشاها..ثم رويدا رويدا بدأت الرؤية تتضح أمامها .. أنها في المقعد الخلفي بالسيارة وبجوارها رجل ضخم أشقر ..وفِي الأمام علي المقود رجلاً أخر، وبجواره فتاة لا تستطيع تمييزها من الخلف، بدأت تستعيد وعيها بعض الشيء وتذكرت ما حدث .. لقد تم اختطافها في هذه السيارة ..ثم كتم انفاسها بقطعة قماش لها رائحة نفاذة ..ولا تعرف ما حدث بعد ذلك ؟، ولكنها في خطر ويجب عليها التصرف .
صدمة أصابت الجميع، شلت تفكيرهم، سكون مطبق .. قطعه في النهاية صوت قصي وهو يحمل مفاتيح سيارته ويقول: بلغ اللواء أن الزفت مردوخ هو اللي خطف شمس، خليه يتابع سير العربية أكيد رايحين طابا وحيطلعوا بيها من هناك علي فلسطين، لازم نلحقها قبل ما يعدوا بيها، لازم، خليه يبلغ كل الكمائن، لحد الحدود، ويتابعها ويبلغني بيها علي طول .
قبض وليد علي ذراع صديقه وقال: أنت رايح فين .
حدق به قصي في دهشة قائلاً: رايح وراها .. لو استنيت اكتر من كده، شمس مش حنشوفها تاني .. زمانهم دلوقتي خلاص داخلين علي طابا .. أكيد حيستنوا ويعدوا بيها بالليل، لازم ألحق قبل ما تضيع مننا .
أشار له وليد قائلاً: استني .. ثم اتجه إلي الخزينة ووضع أرقام القفل الالكتروني .. ثم أخرج منها سلاحان ناريان صغيران الحجم وصندوق صغير من الطلقات، وأضاف: يلا بينا .
وقف قصي ينظر له ثم قال: لا يا وليد .. مينفعش، المشوار ده خطر، مقدرش أسيبك تيجي معايا .
ضحك وليد وقال: خطر .. احنا مفيش حاجة تقف قصادنا، ولا نسيت يا صاحبي .. هاهاها أنا بضحك في وش المخاطر .. أنسي يا قصي انا معاك للأخر .. مَش حتخلص مني، حنروح نجيبها ونرجع نعمل أكبر فرح لأحلي عرسان وعرايس .. انا اتضحك عليا في الفرح اللي فات ولازم يتعوض .
ثم التفت لزوجته واقترب منها وضمها إلي صدره وقال: متهيألي حأصغر أوي في عينيكي لو قعدت ومعملتش حاجة .
تشبثت به واحتضنته بقوة كما لو كانت تتمني ان تخترق صدره وترقد بجوار قلبه، ليحملها معه دائما، ثم قالت والدموع تخنق كلماتها: عارف لو جرالك حاجة، حأموتك، أوعي تسيبني بعد ما لقيتك، أوعي .. أنا كنت ميتة ورجوعك ليا حياني من جديد .. بلاش تموتني تاني .
ضمها لصدره أكثر، ودفن وجهه في شعرها، واستنشق عبير خصلاتها المثيرة وقال: أسيبك وأروح فين .. وأنا مجنون بعد مالقيتك أضيعك مني، والا اسيب حد تاني يقرب ليكي .. أنتي حياتي وأغلي حاجة في دنيتي .. أنتي اللي حتخليني أرجع .. عشان في حاجة أرجع عشانها .
ابتعد عنها وقال لصديقه: يلا بينا، ولكنها استوقفته قائلة: استني، ثم خلعت من رقبتها قلادة ووضعته حول رقبته، وقالت: فيها صورتنا عشان أفضل معاك علي طول.
أمسك وليد القلادة بيده يقلبها، سلسلة سميكة من المعدن بها سبيكة معدنية كبيرة وبداخلها صورتين واحدة لها والأخري له، وضع يده علي القلادة ولصقها نحو قلبه وقال في أشارة ناحية القلب: انتي دايما هنا معايا .
غادر الأثنان الفندق، واختار قصي سيارة خاصة من أسطول سياراته، مجهزة خصيصاً للطرق الوعرة والسير في المناطق الجبلية، يستخدمها دائما في التخييم، وبها كل المعدات التي قد تلزمه، كما بها صندوقاً سحرياً استطاعا ان يضعا به الأسلحة النارية، حتي لا تصل ليد الشرطة في الكمائن المنتشرة في جميع أنحاء سيناء .
أستعادت شمس وعيها بالكامل، ولكنها لم تحاول أن تظهر للخاطفين ذلك، كانت تتحين الفرصة الذي تسنح لها حتي تستغلها في الهروب، ظلت تتابع كل ما يدور حولها بعينان شبه مغمضتان، استطاعت خلال تلك الفترة أن تحدد هوية الرجلان، كانا يتحدثان العبرية بطلاقة، مع بعض الكلمات العربية، أما الفتاة فكان من الصعب أن تراها، ولكن من صوتها يبدو أنها روسية الجنسية، تساؤلات كثيرة تدور بذهنها الآن، من هولاء ؟، ماذا يريدون مني ؟، لماذا أنا بالتحديد ؟، وأهم ما كان يقلقها، ماذا سيحدث لي ؟، جالت العديد من الأمور في ذهنها وأهمها، أمها وأخواتها، ماذا سيحدث لهم ؟
حاولت التماسك، والسيطرة علي أعصابها، كان المخدر ينسحب من جسدها ببطء، ليحل محله الخوف والفزع، لا تعلم ما سيحدث لها ؟، ولكن الخوف الأكبر هو ما سيحدث لأسرتها بعدها ؟، حاولت الانصات لأحاديثهم قدر المستطاع، ربما تستطيع فهم شيء، وأثناء ذلك سمعت الفتاة تقول بالإنجليزية أنه يوجد أمامهم كمين، وأنه يجب الحرص علي الا يتضح للشرطة أي شيء، فهذا هو أخر كمين قبل الحدود .
بدأ الأمل يتسلل إليها، ورسمت في مخيلتها خطة أنه عند التوقف هناك ستصرخ وتستنجد بالضباط المتواجدين، ولكن الرجل الذي يقود السيارة قتل هذا الأمل قبل أن يولد وقال أنهم لن يمروا بالكمين، لأنهم سينحرفوا قبل أن يدركوه وينطلقوا داخل الصحراء .
انطلق قصي في الطريق وخلفه سيارة أخري مشابهة لسيارته، بها عدد من رجال الأمن التابعين له ( البودي جارد)، انطلقتا السيارتان نحو طريق طابا .. وكان اللواء أحمد يتابعهم من خلال اللاسلكي والهواتف، استطاعوا من خلال كاميرات المراقبة ان يشاهدوا السيارة في عدة أكمنة، ومن اللوحة المعدنية اكتشفوا انها جمرك طابا، أي أنها قادمة من فلسطين المحتلة .
حاول قصي أن يسابق الرياح حتي يقلص المسافات ويستطيع أن يصل إليها بأقصي سرعة ممكنة، كان مرتعب من فكرة أن يعبروا بها الحدود قبل أن يدركها، فَلَو حدث هذا سينتهي أي أمل له في عودتها، شعور بالذنب كبير تملكه .. احساس مرعب بأنه قد يكون هناك احتمال ان يفقدها للأبد .. هذا احتمال لن يستطيع التعايش معه .
كان يضغط علي دواسة البنزين بقوة، حتي كادت السيارة تطير في الهواء وتنقلب بهم عدة مرات، لم يستطع وليد تهدئته او أقناعه بالتروي، فلا مجال لهذا، قطع طريق دهب ونويبع، وبدأ طريقه نحو طابا في أقل من الوقت المعتاد، حتي جاء إليه اتصال من اللواء يخطره فيه أن سيارات من الشرطة في طريقها إليهم وسينضم أيضا لهم شرطة نويبع وطابا ثم أضاف: أنا أسف يا قصي باشا، العربية اختفت، مظهرتش بعد اخر كمين عدت عليه، المفروض انها كانت تظهر عند كمين الحدود من نص ساعة لكن مظهرتش .
فأجابه قصي سريعاً: يبقي دخلوا الصحراء، بلغني اخر مرة العربية اتشافت في الكيلو كام، وبلغ كل الدوريات تدور علي الطريق علي اطارات عربية زي بتاعتهم دخلت في الصحراء .
وفِي فندق هيلتون طابا، وبالتحديد في غرفة بالطابق الخامس، مطلة علي البحر، استيقظ شريف من نومه متأخرا كما اعتاد مؤخرا، ظل يراقب وجهها وهي نائمة، يمرر يده علي جسدها الذي أفقده عقله، فهو لم يعد يشغله شيء سوي ملذاته، وإرضاء تلك الحية التي ترقد بجواره، حتي والدته لم يعد يحدثها ولا يجيب علي اتصالاتها المتكررة، فكيف يفعل ؟، وماذا سيقول لها ؟، لقد تركت شمس وركضت وراء عاهرة، لا تهتم سوي باحتياجات جسدها فقط، هل يخبرها ان ولدها الذي أحنت ظهرها عليه أصبح زانياً ؟، أم يروي لها كيف يقضي يومه في احضان امرأة فاجرة، ألقت نفسها عليه بعد دقائق من تعارفهما، هو يعلم أنه ليس سوي رقم من ضمن عدد طويل مر علي هذا الجسد من قبل، ويعلم أيضا انها لن تبقي عليه طويلاً، فهو لا يملك ما يجعلها تطمع في قربه منها.
بل هو علي يقين بأنها تريده لأمراً ما ولكن لا يعلم ماهيته بعد !، ولا يعبأ لذلك، لقد غاص عميقاً في هذا الوحل وأصبح من المستحيل الخروج منه، أنه الآن يدمن هذا الجسد بعد أن كان يدمن السجود علي سجادة الصلاة، يعشق لياليهم الحمراء، بعد ان كان يذوب فقط من مجرد النظر في وجه شمس، يسقي من خمرها، ويشتعل من أنوثتها الطاغية، بعد ان كانت مجرد لمسة يد من شمس تجعله يغيب في عالم أخر، نعم هي تملك من الفسق والفجور ما يجعلها تحصل علي لقب شيطانة بامتياز، ولكنها شيطانة استطاعت ان تسرق كل حواسه وتمنعه من مجرد التفكير في شيء سوي ان يظل معها.
ظل هكذا يحاول التقرب منها، حتي استيقظت ونظرت له نظرة مختلفة رأي فيها احتقار وشعور بالزهد فيه، وعدم الرغبة، حاول ان يشعل رغبتها ولكنه أدارت له ظهرها ونهرته بشدة قائلة: شيل ايديك عني .. بس بقا، انت ايه مش بتزهق، انا بقا زهقت وقرفت، سيبني بقا .
احساس بالغضب والكره زاد بداخله، لقد كره نفسه لما وصلت له، لقد أصبح مثل الحذاء في قدمها، والأن بات حذاءاً بالياً متسخ لا ترغب به.
لم يستطع تحمل هذا، لم يقوي علي ان يشعر بالاحتقار لنفسه وباحتقارها له، لقد خسر كل شيء من اجلها، خسر دنياه كلها، اشتعل الغضب بداخله، ولَم يشعر سوي بالسوط الذي تضعه معها بحقيبتها في يديه، ليزيح الغطاء عنها ثم ينهال علي جسدها الشبه عاري بالسوط في كل أنحاء جسدها، غير عابئ لما يحدث لها، وسط صرخاتها العالية وتوسلاتها ان يرحمها، ولكن اذا كانت هي الشيطانة، فهو الآن الشيطان بذاته، ظل يضربها بقوة وعندما انتهي منها، لم يتركها، بل قرر أن يذيقها من عذابها له قليلاً، فقام بالاعتداء عليها كما يحلو له، بدون أي مقاومة منها، وعندما انهارت تماما، ابتعد عنها وجلس علي المقعد يبكي كالمجنون، لا يعلم كيف وصل لهذا ؟.
مرت ساعتين منذ ان انطلقتا السيارتان من الفندق حتي وصلتا إلي أخر مكان شوهدت فيه السيارة، وعند تلك النقطة، بلغ قصي الجميع ان تظل اعينهم علي الطريق من الجانبين حتي يقتفوا اثر اطارات السيارة في الرمال، وبدأت السيارتان رحلتهما ببطء حتي يستطيع الجميع ان يدققوا النظر جيداً، استمر الحال عشرون دقيقة، وقبل الكمين الأخير بعشرة كيلو مترات، صاح رجل من السيارة الأخري بأنه رأي أثار سيارة رباعية الدفع تبدو مثل السيارة المطلوبة، توقفت السيارتان علي قارعة الطريق، ونزل الرجال لمعاينة الموقف، ثم قرر قصي أن يترك رجل علي الطريق ينتظر سيارات الشرطة، في حين تدخل السيارتان في الصحراء حتي تلاحق الخاطفين، ماذا سيحدث ؟،وكيف ستنتهي تلك المطاردة ؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس في قلبين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى