روايات

رواية شظايا أنثى الفصل الخامس 5 بقلم بتول علي

رواية شظايا أنثى الفصل الخامس 5 بقلم بتول علي

رواية شظايا أنثى الجزء الخامس

رواية شظايا أنثى البارت الخامس

رواية شظايا أنثى
رواية شظايا أنثى

رواية شظايا أنثى الحلقة الخامسة

تركت رانيا الأوراق جانبا فقد ثارت أعصابها بسبب تلك الحياة القاسية التي عاشتها مريم وشعرت بالشفقة عليها فهي نفسها لم تتحمل قراءة هذه الأمور فكيف استطاعت مريم أن تصمد داخل هذا السجن القاسي طوال السنوات الماضية؟
تنهدت رانيا ثم أمسكت الأوراق واستأنفت القراءة مرة أخرى فهي يجب عليها أن تعرف كل شيء حتى تساعد مريم في نيل الطلاق من بهاء في أسرع وقت ممكن.
بعد مرور ثلاث سنوات أصبحت الحياة مع بهاء وعائلته أسوأ من ذي قبل ولكن كانت مريم تحتمل كل شيء من أجل ابنتها التي تشعر بالسعادة اليوم لأنها ستذهب إلى المدرسة وسيصبح لديها العديد من الأصدقاء كما تتمنى.
ساعدت مريم ابنتها في ارتداء الزي المدرسي فابتسمت الصغيرة وهي تنظر نحوها وقالت:
-“أنا يا ماما هيبقى عندي أصحاب كتير أوي وهبقى مبسوطة”.
وضعت مريم بعض الشطائر فى حقيبة الصغيرة وأغلقتها وقالت لها:
-“أهم حاجة يا سلمي أنك تبقي شاطرة ومؤدبة في المدرسة وتجيبي درجات عالية عشان أجيبلك حاجات حلوة”.
ذهبت سلمى إلى المدرسة وكونت العديد من الصداقات خلال وقت قصير للغاية ، كانت سلمى تخبر مريم بكل شيء يحدث معها في المدرسة وأخبرتها أيضا أن والدة صديقتها “سارة” تعمل محامية.
تعرفت مريم على رانيا والدة سارة واكتشفت أنها حقا امرأة لطيفة وذات وجه بشوش ومع مرور الوقت أصبحت صديقتها المقربة.
أخبرت مريم رانيا عن المعاناة التي تعيشها مع بهاء وعلمت أن زوج رانيا يعمل في الخارج وهي تعيش مع ابنتها.
ربتت رانيا على كتف مريم قائلة بتأثر :
-“على فكرة أنا أقدر أساعدك تطلقي وتخلصي من كل العـ..ـذاب ده ومش بس كده أنا كمان هـ..ـسجن جوزك وأهله بما أنهم بيضـ..ـربوكِ وهخليهم عبرة لكل شخص يفكر يستقوى على واحدة ست ملهاش سند ولا ظهر يحميها”.
نظرت إليها مريم والدموع تنهمر من عينيها وقالت:
-“أهلي مستحيل يوافقوا على موضوع الطلاق ، تصوري يا رانيا أن أنا لما اترجيت بابا أنه يطلقني ويخلصني من بهاء وأهله ضـ..ـربني وساب بهاء يـ..ـضربني قدامه وكأن اللي بتنضـ..ـرب دي واحدة من الشارع ومتبقاش بنته اللي من لحمه ودمه”.
لوت رانيا شفتيها قائلة بتهكم يخفي خلفه الكثير من الـ..ـحقد على هذا العجوز الظالم الذي قسى على ابنته الوحيدة دون وجود أي مبرر يسوغ له ذلك:
-“ونعم الأبوة ، أنا مش فاهمة أنتِ ليه بتقولي عنه أنه أبوكِ؟! ده بني أدم أعوذ بالله منه ومن اللي زيه ، ويا ترى بقى أخوكِ اللي هو بيفضله عليكِ ده وضعه إيه؟!”
تمتمت مريم بأسى وهي تحاول أن تتماسك حتى لا تنهار أمام عيني سلمى التي تلعب مع سارة بالقرب من الطاولة التي تجلس عليها:
-“لو سمحتِ يا رانيا أنا فيا اللي مكفيني ومش مستحملة أسمع سيرة إيهاب ولا أتكلم عنه ، أنا أصلا استعوضت ربنا واعتبرت نفسي يتيمة ومقطوعة من شجرة ومعنديش لا أخ ولا أب”.
نظرت إليها رانيا نظرة جمعت بين الحزن والشفقة فازداد حزن مريم بسبب ما وصل إليه حالها فقد أصبحت امرأة ضعيفة ومثيرة للشفقة وصار الجميع يرميها بنظرات مشفقة على وضعها الذي لن تحسدها عليه أي امرأة فليس هناك أنثى عاقلة ستقبل بالزواج من رجل مثل بهاء حتى لو أقسم أنه سيمنحها ثروته بأكملها.
مر الوقت وانتهت سلمى من اللعب وودعت سارة وعادت مع مريم إلى المنزل لتقع أعينهما على تلك السـ..ـاقطة التي أحضرها بهاء للمنزل كعادته.
وضعت مريم يدها على عيني ابنتها حتى لا تشاهد تلك الفـ..ـاجرة التي ترتدي ملابس قصيرة للغاية ثم سارت نحو غرفة نوم سلمى ودلفت إليها وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح وهي تبكي بقهر.
لم يتغير حال بهاء خلال هذه السنوات التي مرت عليه ولم يكترث لسلمى التي كبرت وأصبحت ترى أفعاله المشينة فهو لا يزال كما هو يحتسي الخمر ويحضر السـ..ـاقطات إلى شقته والغريب في هذا الأمر أن والدته لم تنهره أو تحاول ردعه بل كانت تشجعه وكانت تقول لمريم دائما:
-“ده راجل ويعمل اللي هو عايزه ، ما هو أنتِ لو كنتِ ست بمعنى الكلمة زي الستات اللي هو بيعرفهم مكانش بص برة بس أنتِ منظرك يسد النفس ويخلي أي راجل يـ..ـقرف منك”.
أرادت مريم أن تدق عنق حماتها فهذه الـ..ـحية الرقطاء تتحدث بهذه النبرة التبجحية وتدافع عن أفعال ابنها العـ..ـاهر وكأن الله لا يعاقب الرجال عندما يرتكبون الكبائر ويعاقب النساء فقط.
هذه الشمطـ..ـاء لن تتغير أبدا وسوف تظل كما هي تشجع الخطأ دائما فكما يقال القرد في عين والدته غزال وهي ستشجع بهاء دوما ولن تلومه أبدا على أخطائه لأنه ابنها الوحيد الذي تحبه بجنون.
عندما تضطر مريم للخروج من أجل التسوق كانت ترى جميع النساء يتهامسن حولها وعندما ينتبهن لوجودها يصمتن في الحال.
-“شوفي يا بنتي وشها وارم إزاي من كتر الضـ..ـرب ، الله يـ..ـجحمه بهاء على طول مصبحها بعلـ..ـقة وبيمسيها بعلـ..ـقة تانية وهي ساكتة وكأنها جبل مش بيتأثر بحاجة”.
ألقت سيدة ثلاثينية بهذه العبارة في وجه صديقتها التي همست بإشفاق:
-“اسكتي يا أختي ده أنا سمعت أنه بيجيب ستات من إياهم على البيت وبيتحامى في قريبه اللي شغال في الشرطة لأن مريم حاولت تبلغ عنه قبل كده مباحث الآداب بتهمة الـ..ـزنا رغم أنها عارفة أنه مش هيقعد في الحبس غير كام يوم بس هي عملت كده عشان تعرف تتطلق منه بس المـ..ـلعون ده عرف الموضوع من قريبه وخلى الست اللي كان جايبها تمشي قبل ما البوليس يكبس عليه”.
برمت سيدة ثالثة شفتيها بامتغاض:
-“ما هو لو كان عندها شوية كرامة كانت سابته من زمان لكن هي اللي لسة قاعدة في شقته وساكتة على قـ..ـرفه يبقى تستحمل بقى اللي يجرالها منه ومن فتحية الـ..ـعقربة لأن اللي بيشيل قربة مخرومة بتخر على دماغه”.
سمعت مريم هذه الجمل على لسان مجموعة من السيدات فانهمرت دموع القهر من عينيها وتمنت لو كان بإمكان الصراخ والنواح أن يحلا مشكلتها العويصة فلو كان الأمر كذلك لأسمعت العالم كلها صوت صراخها.
في أحد الأيام دعت نورا صديقتها إلى المنزل وكالعادة أجبرت والدة بهاء مريم على خدمة ضيفة ابنتها.
أحضرت مريم لنورا وصديقتها عبوتين من المشروبات الغازية وبعدها ذهبت لتكمل التنظيف وما هي إلا لحظات وسمعت صوت نورا وهي تنادي باسمها فزفرت بضيق وتمتمت بحنق:
-“يـ..ـخرب بيتك أنا لسة كنت معاكِ دلوقتي عايزة إيه تاني؟”
استغفرت الله وذهبت لكي ترى ماذا تريد نورا وكانت المفاجأة عندما قامت نورا بـ..ـإلقاء إحدى عبوتي المشروبات الغازية في وجه مريم وصاحت قائلة بحدة:
-“هو أنتِ غـ..ـبية ولا شكلك كده!! أنتِ جايبلنا فانتا وأنا وصاحبتي بنشرب بيبسي ، يلا خديهم وهاتي بيبسي”.
احمرت وجنتي مريم من شدة الغيظ فكيف تتجرأ هذه الـ..ـحقيرة وتهينها أمام صديقتها؟
نظرت إليها مريم بغضب وصـ..ـرخت في وجهها بعصبية شديدة:
-“هو أنتِ اتشـ..ـليتي ولا اتكـ..ـسحتي ، روحي هاتي لنفسك البيبسي اللي عايزة تطفـ..ـحيه وبعد كده لما يجيلك ضيوف ابقى هاتيلهم أنتِ الحاجة الساقعة”.
رفعت نورا يدها لكي تـ..ـصفع مريم بعدما قالت لها هذا الكلام وأمام صديقتها ولكن أمسكت مريم يدها وقامت بـ..ـصفعها وهتفت وهي تنظر لها بغضب:
-“ابقي فكري ترفعي إيدك عليا تاني وشوفي هعمل فيكِ إيه”.
نظرت لها نورا بصدمة لا تستطيع استيعاب ما فعلته بها زوجة أخيها للتو وسلطت بصرها عليها والشرر يتطاير من عينيها وقالت:
-“بقى أنتِ بتضـ..ـربيني أنا!! ماشي أنا هوريكِ وهخلي اللي ما يشتري يتفرج عليكِ وأنتِ تحت أسنـ..ـاني”.
أمسكت نورا مريم من شعـ..ـرها وحاولت أن تضـ..ـربها ولكن استطاعت مريم أن تتحرر منها وقامت بضـ..ـربها فصرخت نورا بشدة واستغاثت بصديقتها التي أخذت تشاهد ما يحدث أمامها بصدمة.
كان الغضب يسيطر على مريم في هذا اليوم ولم يعد بإمكانها تحمل المزيد من الإهانة فقد سئمت من كل شيء.
كانت مريم تفكر في هذه اللحظة باسترداد كرامتها التي أُهدرت لسنوات في هذا المنزل اللعين، سنوات وهي تصرخ وتبكي من شدة الظلم والقهر ولكن لم يرحمها أحد.
أقسمت أنها لن تترك نورا حتى تخرج الغضب الذي ظل ساكنا بداخلها طوال السنوات الماضية.
كانت نورا تستنجد بصديقتها التي انفرجت شفتيها بذهول من تلك القوة التي أظهرتها مريم فجأة ودون سابق إنذار وعندما أرادت التدخل نظرت إليها مريم نظرة تحذيرية جعلتها تحمل حقيبتها وتغادر المنزل على الفور ولم يبقَ سوى مريم ونورا التي كانت تصـ..ـرخ بشدة بسبب الضـ..ـربات القاسية التي تتعرض لها على يد زوجة شقيقها دون أدنى شفقة.
وصلت فتحية إلى المنزل واتسعت حدقتيها وهي ترى مريم جاثمة فوق ابنتها وتلـ..ـكمها بغلٍ وهي تسبهـ..ـا بأفظع الشتـ..ـائم فتدخلت بسرعة وحاولت إبعاد مريم عن نورا وصرخت عندما رأت أثار الضـ..ـرب البارزة على وجه ابنتها:
-“ابعدي عنها يا حيـ..ـوانة ، بقى أنتِ يا جـ..ـربوعة بتضـ..ـربي بنتي!! ده أنا هخلي بهاء يطين عيشتك أول ما يجي من برة ولما يكسـ..ـرلك إيدك أو رجلك هتبقى ساعتها تقولي حقي برقبتي”.
كورت مريم يديها من شدة الغضب وقالت:
-“أنتِ فعلا واحدة حقيـ..ـرة وعشان كده أولادك طلعولك ، بني أدمة قمة في الـ..ـقذارة بتتباهي بابنك الخمورجي النسوانجي اللي كل يوم يجيب واحدة زبـ..ـالة زيه وزيك على البيت وبتقولى هيكسـ..ـر إيدي ورجلي ، صدقيني أنا اللي هكسـ..ـر رقبته لو فكر يلمس شعرة منِّي مرة تانية يا عيلة قـ..ـذرة يا اللي مفيش فيكم حد نِطل ، أنا سكتّ ليكم كتير أوي ومش هسكت تاني أبدا وأعلى ما في خيلك اركبيه”.
حاولت فتحية صفـ..ـع مريم ولكن أمسكت الأخيرة يدها بقوة جعلتها تتألـ..ـم ونظرت لها بحدة وقالت:
-“أحسنلك متفكريش تـ..ـضربيني يا عقربة عشان ممسحش بيكِ البلاط زي ما عملت في بنتك الـ..ـجربانة”.
صاحت فتحية بغيظ وهي تحاول تحرير معصمها من قبضة مريم:
-“سيبي إيدي أحسنلك يا بنت الـ..ـجربوعة”.
تسـ..ــب أمي، هذه الشمطاء تســ..ـب أمي، عندما استوعبت مريم هذا الأمر ضغطت على يد حماتها بقوة أكبر وقالت:
-“أمي اللي أنتِ بتغلطي فيها دي علمتني أني مـ..ـضربش واحدة كبيرة في السن وكركوبة زيك حتى لو غلطت فيها وعشان كده أنا مسكت نفسي عنك وإلا كان زماني ضـ..ـربتك علقة محترمة زي اللي ضـ..ـربتها لبنتك من شوية عشان تحترم نفسها وتفكر مليون مرة قبل ما تهيني قدام صاحبتها عشان تبين أنها عايشة ملكة في بيت أمها وأن مرات أخوها هي اللي بتخدمها”.
نظرت مريم لحماتها وشقيقة زوجها بتشفي وفي هذه الأثناء عادت سلمى من المدرسة فأمسكت مريم بيدها وخرجت من هذا المنزل الذي لم تتذوق به طعم السعادة يوما.
نظرت سلمى لوالدتها وقالت:
-“هو احنا رايحين فين يا ماما؟”
أجابت مريم بجمود وهي تشير لسائق توكتوك كان يسير بالقرب منهما:
-“خارجين من الـ..ـجحيم اللي كنا عايشين فيه يا حبيبتي والمرة دي مش هنرجع له تاني زي ما حصل معايا قبل كده بسبب أبويا الـ..ـمفتري اللي فضل طول عمره دايس عليا بجـ..ـزمته ولما زهق منِّي رماني لبهاء عشان يكمل عليا”.
صعدت مريم برفقة ابنتها داخل التوكتوك وألقت نظرة أخيرة على هذا المنزل الذي خسرت فيه كل شيء ، نفسها التي لم تعد تعرفها ، وبراءتها ، وكرامتها أيضا ، خرجت مريم من هذا البيت المشؤوم ولم تأخذ معها سوى ابنتها فقط وأقسمت أنها لن تعود لهذا الـ..ـجحيم مرة أخرى وسوف تتحدى العالم كله حتى تتخلص من الرابط الذي يجمعها ببهاء.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شظايا أنثى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!