رواية شبكة العنكبوت الفصل الثامن عشر 18 بقلم آيات الصبان
رواية شبكة العنكبوت الجزء الثامن عشر
رواية شبكة العنكبوت البارت الثامن عشر
رواية شبكة العنكبوت الحلقة الثامنة عشر
( الفجوة تتسع )
بينما »ريم« بالمنزل منشــغلة مع أبنائها بواجباتهم المدرسية ، عاد » على « إلى المنزل ونظر إليهم جميعا في حنان ثم ألقى بنفسه على الأريكةبجوارها وغمرها بنظرة حانية قائلا :
– صدقينى الواحد مبيعرفش قيمة الناس اللى بيحبهم في حياته إلا بعد ما يبقى خلاص قرب يفقدهم .
– قصدك يعني إنك لســة هتعرف قيمتى النهارده؟ أومال إيه كل السنين دي كنت بايعني عادي.
قال »على « مبتسمًا:
– كنت هأموت من القلق عليكى يا بغلة.
ابتسمت »ريم« في وجهه بينما لا يصدق قلبها كلماته ، لا تدري سر عدم نفاذ أي مشاعر منه إلى قلبها، لقد صدقت كلماته طوال تلك السنين فماذا جنت من وراء ذلك ؟ حصاد من المر لا ينتهي ، بكلمات جوفاء حاولت أن تنتقيهــا بعناية أجابته :
– أكيد طبعا يا حبيبى يعني هتخاف على مين تانى غير أم عيالك .
قال »على «:
– عموما الحمد لله إنك رجعتى بألف سلامة
ابتسمت ريم ابتسامة ذات مغزي و قالت
– الحمد لله يا حبيبى ، أنا شــاكرة جدًا ليك وقفتك الجميلة جنبى وربنا ميورناش تانى حاجة وحشــة أبدًا ومعلش الفلوس اللي راحت أكيد هتتعوض .
– أنا بس عايز أفهم حاجة.
– تفهم إيه، لو هتتكلم في الموضوع إستنى أدخل الولاد جوة.
– إستني أنا هأدخلهم وأرجعلك.
عاد »على « إلى حجرة الجلوس مـصر ًّا على فتح الحوار مرة أخرى ، قائلا :
– إنتي كنتي نايمة جنبي خطفوكي إزاي ؟ أنا نومي تقيل لكن أكيد هأحس.
– معرفش، أنا قلت لك أني محستش بأي حاجة غير لما فتحت عيني، كنت فاكــرة إني في البيت، لقيتني مع ناس غريبة لابسين أقنعة ، أنا بيتهيألي أنهم خدرونا إحنا الاتنين.
– إمم، تفتكري يعنى هما دخلوا علينا وخدرونا، طب دخلوا إزاى ؟
ده مفيش لا باب ولا شباك مكسور؟
قالت »ريم« قلقة:
– ما أنا ميت مرة أقول متنســاش الشبابيك مفتحة وكل مرة كنت بلف في الشقة عشان أقفل الشبابيك واليوم ده أنا كنت تعبانة ودخلت أنام قبلك، وسبتك برة معرفش بأة أنت كنت سايب باب ولا سايب شباك ولا سايب إيه مفتوح زى عادتك .
– آه، ممكن يكونوا دخلوا من شباك الصالة اللي ورا ؟!
– ممكن، وبعدين خد بالك كمان من حاجة بقالي فترة مبنامش غير بمنوم عشان كده مبحسش تماما ، أما أنت لو انفجرت جنبك قنبلة مش هتقوم .
شكلهم خدرونا مفيش غير كده .
– والله جايز فعلا يكونوا خدرونا، لأن مســتحيل مهما كان نومي تقيل محسش وهما بيخدوكي من جنبي وكمان بيفتحوا الدرج و….
تصيدت ريم الفرصة و سألته بتعجب
– بيفتحوا الدرج ؟ درج إيه ؟
رد »على « مرتبكًا :
– لا لا لا قصدي يعني إنه هما كانوا ســايبنلي التليفون في الدرج ، التليفون الــى كانوا بيكلموني عليه اللي إنتــي كسرتيه ورميتيه مش عارف ليه، كنتي خليه يمكن نعرف نوصل منه لحاجة.
– أنا فتحته ملقتش فيه ولا رقم متســجل، صراحة كنت حاسة إني مش عايزة أشوف حاجة من طرفهم.
– ماشي ، عمومًا حصل خير.
– لا محصلش خير، أنا عمري ما هانسي اللي جرالى ده.
– إنسى يا »ريم«، خلاص هنعمل إيه؟
– إنــت ليه رفضت صحيح إننا نروح للبوليــس؟ كنا رحنا وبلغنا عنهم علشان نرجع الفلوس.
– نرجع إيه بس، إللي بيروح مش بيرجع ، الحمد لله إنك رجعتى بالسلامة إنسي بأة الموضوع ده، أنا خفت ينتقموا مننا في العيال لو بلغنا ولا يعملوا حاجة فيا ولا فيكي، في داهية الفلوس المهم احنا وعيالنا.
– أيوة بس أنت شكلك محروق على الفلوس أوى ؟
– أكيد دمى محروق على اتنين مليون جنيه .
– هما اتنين مليون جنيه ؟!
– أيوة يا »ريم« اتنين مليون جنيه.
– يا خبر أبيض أنا كنت فاكراهم أقل من كده.
– لا أنا قلت لك إنهم اتنين مليون جنيه .
– فعلًا ؟ ممم، مخدتش بالي ، عمومًا إن شاء الله أكيد ربنا هيعوضنا عن المبلغ ده .
– إن شاء الله، فداكى .
نادت»ريم« ابنتها:
– يالا يا »هنا« تعالي خلصي الهومورك ، أنا خلاص تعبت مش قادرة أقعد أكتر من كده .
صاحت »هنا« من غرفتها:
استني شوية يا مامي عايزة ألعب خمس دقايق.
قال»على «:
– متغلبيش ماما بقا يا »هنا«، تعالي خلصي .
استطردت »ريم« قائلة:
– معلش حبيبتي، مامي تعبانة تعالي واندهي أخوكي.
يأتي الطفلان على مضض ، وتحاول »هنا« أن تنهي سريعاً واجباتها المدرسية لتتفرغ للعب ، أما سليم الصغير فلا يعبأ لكلام »ريم« ويتخذ من الأريكة مكانًا للقفز واللهو فتعنفه
»ريم«:
– يووه بأة، بطل يا ســليم هتكسر الكنبة وعمال تخبط فيا جبتليصداع من كتر الفرهدة .
صاح »على «:
– بطلوا بأة تضايقوا ماما، ماما تعبانة ومحتاجة ترتاح، فاهمين .
قالت »ريم« لـ»على «:
– يلا معلش، محدش عــارف كان ممكن يحصل إيه، الحمدلله إن كلنا كاملين .
– الحمدلله على سلامتك ، أزمة وعدت.
– يا ريت والله، معدتش يا »على «، أنا عندي إحســاس بعدم الأمان رهيب.
– كلنا أكيد مش مبسوطين من إللي حصل، بس لازم نتخطاه.
– أكيد هنتخطاه بس محتاجين وقت.
طيب يا »ريم«، أنا راجع تعبان وهأدخل أنام.
– اتفضل.
تركها »عــلي « مع الأبناء وهرب إلى غرفته محاولًا الإبتعاد عنها وعن النكــد الذي لا ينتهي، بعد محاولة اختطافها تعهد أمام الله أن يحاول معهــا مرة ثانية من أجلها ومن أجل أبنائــه كذلك، كان يريد منها أن تغمــره بحنانها لأنه تكبد كل ذلك من أجل استــرجاعها، أو على الأقل وفقًا للرواية التي تظنها، كيــف المرأة دفع زوجها فدية كتلك وتحمل خســارة مادية كبيرة مــن أجل الحفاظ على حياتهــا أن تكون جافة تجاهه بتلك الصورة، تتعمد إشعاره بأن الموقف لن ينتهي وأن حالتها النفسية لن تتجاوز الأزمة بسهولة، وماذا عنه؟ أليس الموقف مشتركا؟
لماذا تحاول أن تســتغل أي موقف دائما لتحويله إلى بكائية لا تنتهي؟ بثرثرتها الدائمة عن الموقف وكيف شعرت وكيف تأثرت، كان يعلم أن الموقف ليس بالهين لكن هذه عادتها مع أتفه الأمور ، أجل يا »ريم« أنت سبب ابتعادي، أعلم أنك امراة رائعة، أعلم بحجم حبك تجاهي ، ومدى التضحيات التي غمرتِ بها هذه العلاقة ، لكن تذكريني بذلك طوال الوقت وسرد تضحياتــك عند كل اختلاف وهذا النكد الأزلي الذي لا ينتهي أبدا حني نختلف أبعدني عنك، أصبحت لا أطيق البقاء حيث تكونين.
ماذا فعلت لإذلالي بتضحياتك ومساعداتك طوال الوقت؟ ألم أجتهد لتعيشي في أفضل منزل؟ ألم أنفق من ســعتي عليك وعلى أبنائنا؟ ألم تصري على الأفخم من كل شيء ونفــذت إكرامًا لك على ما فعلته معي ذات يوم، إذن لماذا التشكك المستمر ، لماذا ألقيت بي في أحضان أخريات بحثًا عن الســعادة التي فقدتها معك، لماذا تحولت حياتنا إلى محاولات استنزاف واجترار لألحزان ؟
بعد ذهاب »عــلي« إلى غرفته أدخلت »ريــم« أبناءها بعصبية إلى غرفتهم مطالبة إياهم بالنوم فــورًا ، كان النقاش مع »على « حول هذا الموضوع يشعرها بأنه بارد المشاعر تجاه ما حدث لها، كانت تتوقع المزيد مــن الاهتمام ، أن يغمرها بحبه وألا يتركها أبــدًا نهارًا أو ليلًا ، أن يتصل بها تليفونيًّا طوال الوقت ليطمئن عليها ، ولكن ما حدث كان مخيبًا آمالها ، كان » على « ومازال بعيدا عنها حتى وإن لم يكن فى حياته حاليا عشيقة ما.
ما زالت سيارته تحت مراقبتها لذلك هي متأكدة من استقامته، لم يخرج إلا إلى عمله ومن عمله إلى المنزل طيلة الأيام السابقة، لكن مازال بعيدا عنها بمشــاعره ، عملية الاختطاف تلك لم يكن هدفها بالنســبة لـ»ريم« الأموال فحسب، اكتشفت مع الوقت أن هدفها الرئيسي كان أن يشعر بقيمتها فى حياته، أن يقدر تضحياتها، أن يعود كما كان.
برغم اعترافه لها بحبه وقلقه عليهــا أكثر من مرة منذ عادت من رحلة الخطف المزعومة ، لكــن ما زالت كلماته أضعف من الوصول إلى قلبها، لم يكن من الصعب عليها أن تــدرك الفارق بين »على « حبيبها الأول ومشاعره تجاهها و «علي « الذى يتحدث الآن بدافع الواجب ، بدافع العشرة وليس الحب، هذا الاحتياج الحقيقى والإحســاس بالوحشــة والاشــتياق ما عادت من مفردات أحاسيسه حتى بعد مرورهم بأزمة كبيرة كتلك.
لم تطفئ النقود النار فى صدرها بل زادتها اشــتعالا ، كل يوم يزداد الغضب داخلها تجاه »على « ، حتي استقامته الآن لا ترضيها ، لا تكفيها، ربما كانت تعاقب ذاتها من خلاله وتسقط ما بداخلها عليه ، لكن المؤكد أنها كانت تحفر قبرًا لذلك الحب.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبكة العنكبوت)