روايات

رواية سند الكبير الفصل السادس عشر 16 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الفصل السادس عشر 16 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الجزء السادس عشر

رواية سند الكبير البارت السادس عشر

رواية سند الكبير الحلقة السادسة عشر

بغرفة حبيبة رغم رحيل الطبيبة الا إنه ظل كما هو يراقبها وهي نائمة، جميلة تلك المرأة لدرجة عالية، بسيطة، هادئة، أبتسم بسخرية من أين أتي لها الهدوء وهي كانت تقف أمامه منذ قليل ند بند..
بدأت تتقلب على الفراش بعدم راحة ويدها تقترب من يدها الأخرى المعلق بها المحلول، انتبه أخيرا ليجلس بجوارها ويأخذ كفها الصغير بين كفيه هامسا بحنان :
_ براحة هتجرحي نفسك شوية والوجع يروح..
ابتسمت بنومها على تلك النبرة الحنونة وعقلها الباطل خيل لها أن هذا حسن، لتضغط على كفه مردفة :
_ خدني في حضنك يا حسن واوعدني إنك مش هتسبني ابدا..
من هذا حسن الذي تتمسك به بتلك الطريقة؟!. ولما هو غاضب من وجود رجل أخر بحياتها وربما يكون مستحوذ على قلبها كما يتخيله عقلها، ضرب بكل المبادئ بعرض الحائط وتمدد بجوارها على الفراش مردفا :
_ أنا جانبك ومستحيل أسيبك.
______ شيماء سعيد ______
على الصعيد الآخر بمنزل الكبير، بداخل جناح سند الذي تحول بعد قرأته لخطاب وعد لبقايا حريق مشتعل وأثره القليل من الرماد، جلس على الفراش المهشم وبيده الورقة يعيد قرأتها من جديد، تركته؟!. رحلت؟!.. رغما عنه؟!.. كاذب يا سند كاذب هذه كانت رغبتك أنت من البداية حتى لا تضعف أمامها..
ضغط على الورقة لتنكمش ثم همس :
_ مش دي النهاية يا وعد، مش من حقك تكتبي نهاية زي دي.. انا اللي أختار أمتا أبعد عنك وإزاي ترجعي لحضني تاني..
ثار أكثر مع فكرة هروبها منه، هي من تركته وليس العكس، وقعت عيناه على صورة لوالده معلقة على الحائط ليقوم بثقل كبير مقتربا منها ثم همس :
_ مشيت زي ما أمها عملت فيك زمان واتجوزت أنت امي غصب عنك، فضلت امي تدفع الباقي من عمرها في حاجة هي مالهاش علاقة بيها، كنت عايز أضمن وجودها معايا بأني اسيطر عليها زي ما علمتني يا حاج عتمان وكانت برضو النهاية واحدة مشيت، بس انا مش هسمح بده وعد حلمي وهحققه، انا بس اللي من حقي أبعد لكن هي لأ أنا اللي أقرر النهاية مش العكس..
أخذ يتحدث كثيرا مع صورة والده بلا توقف، هو موجوع، يتذكر جيدا عندما قص عليه والده كم نال من الوجع مع هروب حبيبته التي لم تتحمل طباعه القاسية، كان يحاول إثبات أن وعد تعشقه وسوف تتحمله باي شكل غير والدتها.. وها هي تثبت إليه عكس النظرية..
عاد لغرفة الملابس ليجد قميص نومها الخاص بأول ليلة، أخذه واردف :
_ اشمعنا اخدت كل حاجة وسابت ده عايزه تثبت ان الموضوع مش فارق معاها ، فضلت سنتين مستني فيكي يا وعد والمرة دي هترجعي ليا بنفسك..
_____ شيماء سعيد ______
بمنزل سناء الممرضة المساعدة الخاصة بوعد، أغلقت باب غرفتها خلفها ثم جلست على الاريكة المقابلة للفراش الذى تجلس عليه وعد الباكية، تنهدت بقلة حيلة قائلة :
_ وبعدين معاكي يا دكتورة، من ساعة ما جيتي وانتِ بتعيطي طيب حتى قوليلي حصل ايه بيك وبين سي سند، الليلة تاني يوم ليكم..
أزالت تلك الدمعة المستفزة التي تحاول اظهار ضعفها دون أخذ الأذن منها ثم ابتسمت بتعب قائلة :
_ أنا عارفة إن وجودي هنا خطر عليكي وعلى والدتك يا سناء، اوعدك أول ما النهار يطلع همشي متخافيش..
ضربت سناء على صدرها مردفة بهلع :
_ أخص عليكي يا دكتورة، دي لو ما شالتكيش الأرض اشيلك فوق دماغي، أنتِ مش هتمشي من هنا ده بيتك، بس أنا خايفة عليكي من الكبير وعايز اعرف مالك..
وضعت وعد يدها على يد سناء قائلة :
_ كتر خيرك يا سناء، من أول ما شوفتك قولت عليكي بنت أصول، بس صدقيني مفيش حاجة تتقال أكتر من إن سند الكبير مينفعش يتجوز، اللي زيه بيشوف الست زي العبدة عنه، ولا حتى ينفع يبقى كبير بلد، عارفة المقولة بتاعت لو سالوك عن العدل قل مات عمر هي دي الحقيقة..
ردت عليها سناء بشفقة :
_ والله هو سيد الناس بس متربي على ان عشان تبقى كبير لأزم الست تبقى تحت طوعه، كنت فاكرة إنك هتقدرى تغيري ده..
ابتسمت وعد بسخرية قبل أن تتمدد على الفراش وتضع الغطاء عليها قائلة :
_ مش لما يكون اتربي الأول المفتري ده، معلش يا سناء حاسة ان جسمي كله بيوجعني ومحتاجة أنام شوية..
حركت سناء وجهها بقلة حيلة ثم قامت من على الاريكة مغلقة نور الغرفة قائلة وهي تخرج :
_ تصبحي على خير يا ست الستات..
ردت عليها قبل أن تهرب مثل عادتها بالنوم من أي شيء يؤلمها :
_ وأنتِ من أهل الخير…
______ شيماء سعيد ______
بغرفة همت..
_ عايزني إزاي يعني؟!..
ضم كفها إليه بلفهة مردفا :
_ نتجوز يا همت ووقتها أكيد مش هدخل أخو مراتي وخال عيالي السجن..
لماذا تشعر وكأنها تراه لأول مرة؟!.. لماذا نبرة الحنان بصوت مختفية يحاول بث سمه بداخلها؟!.. ابتلعت ريقها لمحاولة أخفاء ما بدأ يظهر على ملامحها ثم حركت كتفها مردفة بهدوء :
_ طيب ما احنا فعلا هنتجوز، روح حدد مع سند معاد الفرح وأكيد هيقبل زي ما قبل أول مرة..
انتفض وتغيرت معالم وجهه بطريقة اخافتها وهو يقول :
_ أنتِ غبية أنا وسند كشفنا ورقنا قصاد بعض، مستحيل يبقبل إنه يجوزك ليا..
ابتسمت إليه ببراءة وقالت :
_ وهو هيرفض ليه الجواز مهو قبل أول مرة مع إنه كان عارف إنك ظابط..
رد عليها بسخرية رغم ما به من غليان بسبب غبائها :
_ أول مرة كان بيرسم يخلص عليا يوم الفرح، ودلوقتي أكيد هيقول إني عايز اتجوزك عشان اكسره بيكي واعرف ألعب معاه كويس..
صدمت من حديثه لتضرب على صدرها وهي تعود خطوة للخلف مبتعدة عنه وهمست بتردد خائف :
_ هو أنت ممكن تكون عايز تعمل فيا كدة فعلاً يا حمد؟!..
لماذا إصابته تلك الرجفة لا يعلم ولماذا لأول مرة ينظر بداخل عينيها ولا يفهم ما بهما حقا لا يعلم، رد عليها سريعاً عندما سقطت من مقلتها دمعة تعلن إنها بالفعل خائفة :
_ أنتِ مجنونة يا همت، اللي بيني وبين سند شغل مش أكتر أنتِ برة منه، حبي ليكي ده حياتي كلها أما شغلي في ركن تاني بعيد عنك ادخلك فيه ليه؟!..
تعبت ولا تعلم لما تضيق بها الدنيا لتلك الدرجة، ولماذا حياتها معقدة لتلك الدرجة؟!.. جلست على الفراش بجسد متعب، محبط، خائف، ثم رفعت بصرها اليه مردفة بتشتت :
_ تعبت يا حمد والله العظيم تعبت، اشمعنا أنا يعني اللي يحصل فيا كل ده ما الناس كلها عايشة عادي وبتتجوز عادي، اشمعنا جوزنا هو اللي واقف هو إحنا خطر على الكوكب؟!..
اشفق عليها ولعن نفسه وسند معه، هي أرق من أن تأخذ كبش فدا بلعبة لا تعرف عنها شيء، جلس بجوارها ثم اردف بمرح :
_ ايه يا بنتي النكد ده، وبعدين لأزم يبقى في شوية اكشن جوا حياتنا امال هنعرف قيمة حبا إزاي..
رفعت وجهها له ببراءة قائلة :
_ هو لما نتجوز هيحصل ايه بعد كدة؟!.
_ مش هيحصل حاجة يا روحي هنيجي هنا نقول لسند وبكدة هنضمن إنه يوافق ونعمل فرح كبير..
_ موافقه..
______ شيماء سعيد _____
بغرفة حبيبة.
بدأت تفتح عينيها بثقل وقلبها الرقيق لا يتحمل ذكريات الساعات الماضية، لحظة واحدة مرات عليها تحاول بها استيعاب وجود رجل ينام بجوارها بكل أريحية ويعطي لها ظهره.
انتفضت صارخة ليستيقظ فايز بضجر ثم رد وهو مازال متسطح :
_ جرا ايه يا بت أنتِ. بطلي صداع مش عارف انام منك..
أصابتها حاله من الذهول لم ترى بحياتها شخص بهذا الكم من الفجور، اعتدلت ثم حاولت القيام من مكانها الا ان جسدها لم يسعفها على ذلك، لتسقط على الفراش مره أخرى فوضعت كفيها على راسها مردفة بتعب.
_ أنت مين يا جدع أنت وبتعمل ايه هنا..
اعتدل هو الاخر ثم نظر اليها بطرف عيناه قائلاً:
_ انا اللي حشرت نفسك في حياته من غير اي 30 لازمه وسببتي لنفسك في اذى..
أخيراً تذكرت أين رأته من قبل، فهو الشجاع الذي أنقذها ليله أمس، أخذت نفس عميق ثم أردفت بهدوء:
_ أنا عارفه اني دخلت نفسي في الموقف وانا مش فاهمه حاجه خالص، سوري وشكرا جدا انك وقفت جنبي، بس ده ما يمنعش ان ماكانش ينفع تقعد معايا في أوضة واحده دي إسمها قله أدب..
ربما هي أنقى بكثير من أن تفهم نظراته لها، لم يصل إليه جملة واحدة من حديثها كان كل تركيزه على حجابها الذي سقط وهنا ظهرت خصلاتها السوداء الرائعه، عنقها الابيض الجميل وهذا العرق البسيط الظاهر بجانبه، ابتلع ريقه بصعوبه وفاق على صريخها:
_ لا اله الا الله يا أستاذ اللي أنت بتعمله ده ما ينفعش لو سمحت أخرج بره، انا لحد دلوقتي مش عايزة أعمل فضايح لأننا في ريف ولاني ضيفة، لكن قدامي ثانيه كمان وهمسح بيك الارض..
وقور فايز يعرف متى يتحدث ومتى يصمت ومع من يتحدث وبأي طريقة، ولكن أمامها ذهب كل هذا بعيدا وعاد لسن المراهقه ليقول بمشاكسه وهو يغمز لها:
_ لو صوتي هتبقي أنتِ الخسرانة الناس هنا كلامها كتير وممكن تتدبسي في جوازه، وقتها أنا بقى هخلع أصلي عصفور وما اكرهش في حياتي قد القفص..
رفعت حاجبها بسخرية قبل أن ترد عليه:
_ أنت ليه محسسني ان الستات واقفه طوابير عشان تتجوزك؟!.. أنت شكلك اصلا داخل على 40 سنه ومعنس..
ضحك بكل صوته ، ضحكة قدرت على إصابتها برجفة لذيذه، لماذا نبرته دافئه لتلك الدرجه التي تأثر من يسمعها؟!..
قام من على الفراش ثم رد عليها بابتسامة هادئة:
_ لأ يا ستي أنا مش عانس، أنا أرمل هسيبك بقى ترتاحي في اوضتك، لكن احذري مني لأني لما بعرف مكان مش بسيبه ابدا..
إلى هنا ويكفي، من الواضح إنه أخذ عليها بطريقة مستفزة لذلك ردت بجمود:
_ يا ريت يا أستاذ تلزم حدودك معايا لأني مش هقبل أنك تتخطى الحدود دي..
شقت الإبتسامة وجهه من جديد وهو يشير لها على مقدمه عنقها قائلا:
: إسمي فايز تقدري تقوليلي فايز عادي، وبالنسبة لموضوع الحدود أنا وأنتِ بالذات مش هينفع يبقى في بينا حدود بعد كده، خصوصا ورقبتك الحلوه دي باينه قدامي بتقولي أعمل حاجات ممكن تخدش حيائك، وأحنا عندنا اللي يشوف شعر الست يبقى مبروك عليه البضاعة..
بالمعنى الحرفي للكلمة من أي داهية سقطت عليها تلك الكارثه؟!.. انتبهت أخيرا إنها بدون حجابها لتدور عينيها بلهفه تبحث عنه، انحنت سريعاً لتلتقطه من على الارض ثم وضعت اياه على خصلاتها قائلة بخجل :
_ أخرج برة لو سمحت ، اللي حضرتك بتعمله ده غلط المفروض تراعي إني ضيفة هنا وليا حرمه وأنت مش عامل حساب كده خالص..
شعره بنفسه وبما يفعله، منذ متى وفايز الكبير يفعل تلك المشاكسات الوقحة؟!.. وضع يده خلف عنقه ببعض الحرج قائلا وهو يلتقط رابطة عنقه من على الفراش:
_ بعد كده مدخليش نفسك في حاجات عائليه ممكن لا قدر الله المره الجاية ما حدش يلحقك يا حبيبة..
قال إسمها بمنتهى الحلاوه ثم رحل سريعا، لتبقى صامتة لعدة لحظات قبل ان تعود للفراش وتهمس لنفسها:
_ نامي يا حبيبة نامي ده أكيد حلم من أحلامك العبيطة..
_____ شيماء سعيد ____
بغرفة المكتب الخاص بسند، كان يضع ساق على الآخر ويقف أمامه فخر المندهش من الحالة الواصل إليها رب عمله قائلا بتردد :
_ سند بيه هو جنابك كويس..
أوما إليه بهدوء مريب ثم قال :
_ إلا قولي يا فخر إيه هي الحالة الوحيدة اللي ممكن حد يخرج بيها من البيت ده وأنت رجالتك واقفين..
لم يفهم ما قاله لذلك رد بتعجب :
_ أنا مش فاهم حاجة يا كبير..
_ أعيد السؤال تاني بطريقة أبسط، في حد ممكن يخرج من بيت الكبير من غير أذنه وأنت واقف على الباب..
حرك فخر رأسه بلهفة نافيا وهو يقول :
_ لأ طبعاً مستحيل حد يدخل ويخرج الا لما أكون راضي عن دخوله وخروجه..
هنا وصل الكبير على حافة الهاوية، قام من مجلسه ضاربا المقعد الذي كان تحته بساقه ثم صرخ :
_ يبقى وعد لما خرجت، خرجت قصاد عينك وبمزاجك يا فخر..
_ الست وعد هتخرج تروح فين يا كبير في يوم زي ده؟!.. أقسم لك بالله ما شوفتها..
قبل أن يكمل حديثه أشار له الآخر بصمت مردفا بقوة:
_ أنا عارف إن الغدر والخيانة مش في طبعك، أنت الراجل الوحيد في رجالتي اللي ممكن اتسند عليه يا فخر…
وضع فخر كفه على عنقه قائلا :
_ رقبتي فداك يا باشا..
أخذ سند نفس متعب ثم قال :
_ تقلب الدنيا وترجع بوعد يا فخر الليلة قبل بكرا، من غير ما مخلوق على وجه الأرض يعرف انها مش هنا اللي يسأل عليها هي في الجناح فاهم؟!..
_ أمرك يا كبير…
____ شيماء سعيد _____
مر على هذا اليوم شهرين كاملين، ظل بهم سند يبحث مثل المجنون عن وعد، وهي تمكث بمنزل سناء ترفض الخروج من الغرفة، دلفت لها والدة سناء قائلة :
_ وبعدين معاكي يا وعد يا بنتي كفاية عياط بقى هو أنتِ أول واحدة تحمل يعني..
سقطت دموعها أكثر حركتها رأسها بطريقة هستيرية برفض مرددة :
_ لأ أنا مش عايزة الطفل ده مش عايزة أي حاجة تربطني بسند الكبير، مش هكمل معاه ولو الواد ده هيخليني جارية عنده هنزله، مش عايزاه..
_____ شيماء سعيد _____
بنفس اليوم مساءا دلف فخر لمكتب سند الذي كان يدخن في السيجارة رقم ألف، لا يعلم كيف سيلقي عليه هذا الخبر ولكنه سيقول :
_ سند بيه.
_ قول اللي عندك يا فخر، لسة مالهاش أثر معاك لآخر اليوم عشان تسلم عهدتك..
حرك رأسه سريعاً ثم اردف:
_ لأ الحمد لله جبتها بس حضرتك لازم تتصرف قبل فوات الأوان..
انتفض سند من موضعه وهو يقول بلهفة:
_ هي فين؟!..
أبتعد فخر قليلا ليكن بموضع أمان ثم قال بسرعة:
_ في الوحدة الصحية بتسقط نفسها..
_ أنت بتقول ايه يا مخبول أنت. وعد حامل وبتنزل ابني بتنزل ابن الكبير؟!…

يتبع…

قراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سند الكبير)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى