رواية ست البنات الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم نهى مجدي
رواية ست البنات الجزء التاسع والعشرون
رواية ست البنات البارت التاسع والعشرون
رواية ست البنات الحلقة التاسعة والعشرون
لم تمر ايام حتى استعد كل منا لمراسم الخطبه فبدئت ملاذ بإعداد فستانها الوردى المرصع واشترى تميم بذله جديده واشترى لصفي واحده هوا الاخر وأصر ان تكون بذله صفي شبيهه ببذلته كما فعل هوا معه يوم زواجنا وأخذنى كليهما لأفخم بيوت الازياء لأشترى زى فريد يجعلنى اجمل من فى ذلك الحفل , كانت الايام تسير بهدوء لا عثرات فيها , لم ألتق عمر وداليا مره اخرى ولم نتحدث عن شئ , جعلنا جل اهتمامنا ينصب على خطبه تميم , لم يكن هناك حديثا ً ساريا ً بينى وبين مرام فكنت اكتفى بحديث تميم معها وكذلك نحن الامهات طالما ابناؤنا بخير لانكترث لأنفسنا ولا لأى شئ اخر فقط نريد ان نراهم سعداء لذلك قد نفعل من أجلهم الكثير حتى وان كانت تلك الاشياء مرهقه على النفس والقلب لكنها لا تُقارن بهم على أيه حال لذلك نفعلها ولا نكترث , من يٌصدق اننى وافقت على تلك الزيجه بل ذهبت اليهم راضيه وقد تكون تلك الزياره هيا افضل ماحدث يوما ً , لذلك تركت تميم يفرح بعروسه التى يحبها واختارها بين جميع الفتيات .
كان حفل الخطبه فى منزل العروس ذهبنا مساء ً بعد اتمننا شراء الهدايا واحضرنا معنا شبكه العروس التى انتقتها من احدث مجلات الذهب العالميه وتخطى ثمنها الآلاف والآلاف لكننا لم نستطيع ان نتدخل فى ذلك الامر فتركنا لهم الخيار وليتنا لم نفعل فقد انفقنا فيها نصف ما ادخرناه انا وصفي طوال اعوام من العمل الشاق ولكن صفي أصر على ان نشترى ماطلبته ولذلك فعلنا , عندما دخلنا المنزل كانت الزينه مُعلقه والانوار تملئ المكان وهناك التقيت بمن ظننت انى لن اراهم مره اخرى ولكنى كنت اكثر ثباتا ً مما مضى وتفاعل صفي معهم كأنه صديق حميم تقبل الجميع وجوده بل وانبهروا به فكانت نظراتهم تملأها الاعجاب وكنت اتبختر انا كالطاووس لا يسعنى العالم ومعى ذلك الرجل العظيم , لم تتفارق يدانا ولم تتباعد فكنت انا العروس محط انظار الجميع وصفي عريسي الذي لا يغيره الزمن .
مر اليوم بسلام دون ان احتك بعمر وداليا سوى بسلام خاطف وانشغلت عنهم باقى اليوم فلم القى لهم بالاً كنت اشعر اننى اسعد الموجودين واكثرهم حظاً حتى اننى لم اشغل بالى بأحد , عدنا المنزل سعداء لا ينتقص من سعاداتنا شئ ومرت الايام المتتاليه كما هوا المعتاد , كنت ألحظ السعاده على وجه تميم فأمتلئ بها انا الاخرى حتى ان ملاذ اصبحت تشعر بالغيره وتريد ان تجد شريك حياتها هيا الاخرى لتنعم معه بقصه حب مثل تلك التى يعيشها تميم ولكنى اخبرتها ان مازال امامها الوقت طويلا ً على ذلك الامر وتلك الاشياء لا يجب التسرع فيها وإنما كلما أبطئنا الامر كان افضل واكثر عقلانيه .
مر شهران روتينيان استكمل فيها تميم عامه الاخير بالجامعه واستمر الحال كما هوا ولكن قبل بدء اختباراته بشهر لاحظت تغييرا ً طرأ عليه فلم يعد يتحدث كثيرا واختفى مرحه المشهود به بل اصبح يقضي بغرفته اوقاتا ً أطول بلا مبرر , فى البدايه ظننت انه بسبب ضغط الاختبارات وهذا هوا عامه الاخير فى كليه التجاره يريد ان ينهيه بشكل لائق ولكنى تيقنت بخطأ ظنى عندما دخلت غرفته دون طرق بابها فوجدته جالسا ً مهموماً يدفن رأسه بين يديه وكتبه كما هيا منذ نظمتها اخر مره لم يطرأ بها أى تغيير يدل على فتحه لها او مذاكرته فيها , جلست بجواره على الفراش ووضعت يدى على رأسه فانتفض وأفاق من شروده
– ماما ؟!
– مالك يا تميم ؟
اعتدل فى جلسته ونهض واقفا ً
– مفيش حاجه انتى ازاى تدخلى من غير ماتخبطى
كانت صدمتى اضعافا ً فذلك المتحدث لا يقرب لابنى ابداً ولا يعرف انه من المستحيل ان يحدثنى تميم هكذا فما حدث جعله ينقلب على عقبيه
– انت اول مره تكلمنى كدا يا تميم
نفض رأسه والتف يقّبل يدى وجلس بجوارى منهكا ً
– انا اسف ياماما سامحينى
ربتّ على يده ومسحت برأسه كما كنت افعل عندما كان صغيرا ً يرتكب الاخطاء ثم يجلس بجوارى منكس الرأس
– فيك ايه ياحبيبى ؟
اعتدل ونظر لى بعينان دامعتان وألقى سؤاله على مسامعى , سؤالا ً خشيت كثيرا ً سماعه ولكنى كنت اعلم انه سيأتى يوما ً ما
– انتى كنتى متجوزه عمى عمر ؟
صمت قليلا ً ثم ابتسمت واجبته بثقه
– ايوه
امسك بيداى وتحدث محنقا ً
– وليه محدش قالى الموضوع دا قبل ؟
– انت مسئلتش
– هوا لازم اسئل فى كل حاجه علشان اعرفها
– انت عرفت امتى ان صفي مش باباك ؟
– لما دخلت المدرسه
– يومها انت جيت من المدرسه بتعيط علشان قالولك ان باباك اسمه عابد مش صفي مكنتش قادر تقبل فكره ان فيه حد تانى غير صفي يبقى ابوك مع ان المفروض احنا كنا نعرفك الموضوع دا قبل ما تدخل وتتصدم بالحقيقه بس مقدرناش , صفي مقدرش يقولك انه مش ابوك وانا مقدرتش اكسر قلبك ولما كان لازم نقولك يومها عرفناك ان والدك اتوفى وان صفي هوا ابوك الحقيقى لكن من غير مايتكتب اسمه فى الشهاده ودلوقتى انت سئلتنى اذا كنت اتجوزت عمر وجاوبتك
– وقتها انا كنت صغير يا ماما مكنتش هفهم وكنت هتصدم لكن متهيألى انا كبرت كفايه علشان اقدر افهم واستوعب حاجه زى دى , ازاى تطلعينى انسان عبيط مش عارف حاجه واهله ضاحكين عليه
– بس احنا مضحكناش عليك فى حاجه , كل اللى عملناه اننا مفتحناش موضوع ملوش لزمه ولا هدف انه يتفتح , ممكن اعرف مين اللى قالك واللى قالك غرضه ايه بالظبط انه يفتح الموضوع دا ؟
– عمى عمر هوا اللى قاللى
– كنت متأكده انه مش هيسكت
– وطبعا مكنتيش عايزه تقوليلى علشان معرفش انك كنتى بتحبى عمى عمر وانتى متجوزه بابا
– محصلش
– لا حصل
– اقسملك بالله ياتميم انك فاهم غلط
– طيب فهمين متخليش الافكار تجننى
– انا عرفت عمك عمر وانا بنت صغيره ,مجرد مراهقه بتشوف واحد بيعدى من قدام بيتها كل يوم فحست انها معجبه بيه ولأنى مكنتش بخرج ولا بشوف حد فمكنش قدامى غيره , وهمت نفسى انى بحبه وانه فتى احلامى لحد ماخلصت الدبلوم وباباك اتقدم لى , مش هقولك انى كنت فرحانه بالعكس كنت مصدومه ان اللى عايز يتجوزنى هوا اخو الشخص اللى كنت فاكره نفسي بحبه ومع ذلك من يوم مااتكتب كتابنا عمر ما فكرت غير فيه ولا شوفت غيره , اتجوزته شهرين وبعدين تعب وبدئت معاه رحله علاج حرمتنى من اى احساس بالسعاده , كبرت عشرين سنه على عمرى والايام اللى المفروض كانت تبقى اسعد ايام حياتى اتحولت لأتعسها ومات وانا لسه حتى موصلتش لعشرين سنه وكنت حامل فيك وعلشان خاطرك طلب عمك عمر انه يتجوزنى وانا رفضت لانى عشت مع ابوك ايام قليله لكن حلوه وحسيت فيها قد ايه هوا قلبه طيب وحبنى بجد وتحت ضغط اللى حواليا وظروفى اللى متسمحش ارجع بيت ابويا تانى بمسؤليه اكبر .. وافقت , عشت اسود ايام حياتى معاه يمكن مش هقدر اقولك تفاصيل الحياه دى لكن صدقنى لو قولتلك انى كنت بضحك على نفسى وبوهم نفسى انى سعيده , كنت برضى بأقل الحقوق وأقل قدر من السعاده واعيش عليه , قدمت تنازلات كتير فى سبيل انى اعيش انا وانت بعيد عن المشاكل لكن فى النهايه طلعت موهومه , لا الشخص اللى كنت فاكراه عظيم طلع عظيم لا الحب اللى فى قلبى كان صحيح , وعلشان كدا انسحبت وسبت لهم العالم بتاعهم , صفي كان بيحبنى من زمان وانا معرفش وعمره ماقالى ولا فرض نفسه عليا وفى اكتر وقت كنت حاسه فيه بالضياع كان هوا القشه اللى الغريق بيتعلق فيها , معرفتش معنى الراجل الحقيقى الا معاه ومحستش انى مسنوده وقلبه قوى الا فى وجوده , حَبك اكتر ما حب اختك ملاذ اللى من صلبه بالعكس طول عمرها بتغير منك وبتزعل من صفي انه بيهتم بيك اكتر منها , لا قصرنا معاك ولا حسسناك بنقص يبقى ليه نفتح مواضيع ملهاش لزوم تتقال وهتقلب المواجع على الفاضى
– حقك عليا ياماما انا عارف انى كلامى يضايق بس انى متتخيليش شكلى كان عامل ازاى وانا بسمع الكلام دا من عمى
– عمر قالك انى كنت بحبه وانا متجوزه عابد
– مقالش كدا بوضوح بس دا اللى فهمته
– وايه اللى فتح الكلام ؟
– كنت متفق مع مرام انى هروحلها يوم الجمعه ولما روحت ملقتهاش هيا وطنط داليا , سئلت عمى عمر قالى انهم على وصول وطلب منى اقعد استناهم , سئلنى عليكى وعلى حياتك مع بابا فانا استغربت السؤال وسئلته عن سبب الاسئله دى وطبعا هوا ماصدق انى سئلته علشان يقولى انه كان متجوزك وانه طول عمرك بتحبيه واتجوزتى بابا علشان تنتقمى منه انه رجع لطنط داليا
– دا تخريف يا تميم وانا مستعده احلفلك على مصحف انى مكدبتش عليك فى حاجه من اللى قولتها لكن عمر مغرور ومش قادر يقبل فكره انى فضلت صفي عنه , انا اللى طلبت الطلاق وحتى لو مكنتش اتجوزت صفي عمرى ماكنت هرجع له , انا محدش آذانى غيره
– بس هوا مش قادر ينساكى , كل كلمه قالها كانت بتدل على حبه ليكى
– يابنى انت لسه صغير , الحب مش بالكلام ياتميم واللى يأذى مستحيل يعرف يحب , وفيه فرق كبير بين الحب والتملك , الحب بيقوى والتملك بيقتل , انا كنت ضعيفه وتايهه وحب ابوك الحقيقى هوا اللى قوانى علشان كدا بقولك متفتحش ملفات ملهاش لزمه انها تتفتح وانا هتصرف مع عمر
– لا ياماما ارجوكى انا وعدته انى مش هقولك حاجه
– ماشى ياتميم وانا هحترم كلامك
خرجت من غرفته وقلبى يكاد يتفجر من شده الغيظ , تمنيت لو امسكت الهاتف وطلبت رقمه وقمت بتوبيخه على مافعل ولكنى احترمت وعد تميم له ولكنى لن استطيع كتم ذلك الامر طويلا ً فأمسكت بيد صفي استبقه الى الغرفه فى سرعه وتوتر حتى انه سار خلفى دون تساؤل
– شوفت اللى حصل ياصفي انا كنت عارفه ان الموضوع دا مش هيعدى على خير
– حصل ايه بس قلقتينى ؟
– عمر قال لتميم اننا كنا متجوزين
– وليه يقول حاجه زى دى ؟
– علشان طفل ومش مسؤل , انسان مغرور وأنانى ميفرقش معاه مشاعر اى حد
– طيب اهدى ياحبيبتى
– اهدى ازاى وتميم بقاله كام يوم مكتئب وفاكر امه كانت بتحب عمه وهيا متجوزه ابوه , دا انسان مريض
– من الحب ماقتل
– اتصرف ازاى دلوقتى ؟
– ولا حاجه انتى خلاص وضحتى لتميم كل شئ وهوا فهم سيبى الايام تكشف الناس على حقيقتها
حقا ً الايام هيا اكبر اختبار يقع فيه الانسان عندها تتساقط الاقنعه وتظهر الحقائق وحتى وإن حاولت ان تتعلم فلن تجد افضل منها معلما ً , كالعاده هدئ صفي من روعى وأراح قلبى مما جعلنى اتخطى ذلك الامر ولكنى لم أرى تغييرا ً كبيرا ً طرأ على تميم فمازال شاحب الوجه مشتت التفكير لاأدرى ماذا ألم به لم يمضى سوى شهور قليله على الخطبه ولا اجده سعيدا ً كما كان فى بدايه الامر ولكن ماكان يطمئن قلبى ان معاملته معى لم تتغير ولم تؤثر كلمات عمر ولا حديثه الفائت فى شئ ولكن قلبى يتمزق من اجله .
فضلت الصمت وعدم التدخل فى الأمر ولكنى كنت احاول التوصل لسبب ذلك الحزن البادى على وجهه فلم استطع محادثه عمر ولا زوجته ولاابنته ففكرت فى وفاء هيا الوحيده التى استطيع محادثتها حتى اننى عندما قابلتها فى الخطبه كانت سعيده للغايه ومتتمنه لوجودى فلا عداء بيننا ولا ضغينه , فتحت هاتفى وجلبت رقمها الذى سجلته ليله الخطبه وانتظرت ردها حتى آتانى
– ازيك ياوفاء عامله ايه
– بخير يا ميراس الحمد لله , انتى عامله ايه ؟
– ان بتصل بيكى يا وفاء علشان احط حد لعمايل اخوكى احنا مبقيناش صغيرين واذا كان هوا آذانى زمان واستحملت فانا مستحيل هستحمل يآذى ابنى
– حصل ايه ياميراس قلقتينى
– تميم ميعرفش انى كنت متجوزه عمر ومفيش اى داعى ان هوا ولا اخته يعرفوا ايه اللى يخلى عمر يقوله ويفهمه انى كنت بحبه وانا متجوزه عابد
– وليه عمر يعمل كدا ؟
– معرفش انا اللى بسألك
– عمر لحد دلوقتى مش ناسيكى حتى علاقته مع داليا كويسه من برا بس ولولا وجود مرام كان زمانه طلقها من زمان
– وانا ماليش دعوه بكل دا وقولتلك الكلام دا من سنين انا سبت حياتكم وبعدت عنكم ليه انتوا مش بتسيبونى فى حالى
– عمر رجع له الكانسر مره تانيه ولما عرف كتب الباقى من املاكه بأسم تميم بجانب ورث تميم من عابد طبعا ً كان عايز يعوضه ويعوضك بس طبعا لو كتبه بإسمك هتبقى كارثه , ولما داليا عرفت قلبت الدنيا لان دا حقها وحق بنتها واتصلت بيا قالتلى اللى حصل وانا غبيه فى وسط الكلام قولتلها ياريت تميم يتجوز مرام ويبقى الورث فى بيته , بعدها عرفت انكم اتقدمتم لخطوبه مرام لتميم قولت يمكن صدفه ويمكن داليا صارحتك بالموضوع
– من امتى داليا بتصارح , قلبى مكنش مرتاح لها بس ابنى بيحب بنتها
– سامحى عمر يا ميراس , عمر مريض بجد
برغم غضبى الشديد منه الا ان قلبى تألم من اجله فما زال قلبى لا يتحمل أذيه أحد ولا اتمنى له السوء , دعوت له كثيرا ً ان يمن الله عليه بالشفاء ويجعل الطريق واضحا ً امام ابنى ويرشده للصواب , لن استطيع اخبار احد بما عرفته من وفاء لذلك سأنتظر حتى اعلم ما يدور بعقل تميم وما جعله هكذا لعلى اصل لمبتغاى .
اصبح تميم قليل الخروج من غرفته حتى انه لم يعد يتناول طعامه معنا فكنا نرسله له فى غرفته الخاصته وكان يتحجج دائما بكثره المذاكره وتعاقب الاختبارات حتى اننى صنعت له وجبه الاسماك التى يحبها وملئت له طاوله الطعام بكل ما تشتهى الانفس ومع ذلك رفض تناولها فطلب تميم من ملاذ ان تُدخل له الطعام فى غرفته ولكنى استوقفتها تلك المره وقررت ان اذهب بها اليه .
حملت الطعام بين يدى واقتربت من غرفته لأطرق بابها ولكنى سمعت صوته عاليا ً وكأنه فى عراك مع أحدهم بالداخل عرفت من خلاله انه يحدث مرام فى الهاتف , تسمرت مكانى القى السمع على غير عادتى ولكن قلبى ينهشه القلق , لم استطع سماع الكثر وإنما تبيت بعض الحديث فسمعته يتحدث بعصبيه مفرطه
– اللى بتطلبيه دا مستحيل وقولتلك الكلام دا مليون مره ولازم تحددى موقفك من دلوقتى
لا اعلم ماحدث ولا ماذا سوف يحدث ولكنى بالتأكيد لم اخبره بما سمعته …
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ست البنات)