رواية زحليقة إلى زحل الفصل الخامس 5 بقلم آية محمد رفعت
رواية زحليقة إلى زحل الجزء الخامس
رواية زحليقة إلى زحل البارت الخامس
رواية زحليقة إلى زحل الحلقة الخامسة
الفصل الخامس.
(عرض مغري!!..)
مكان أشبه بالبلون بنفسج اللون، يملأه فقعات من الضوء أصفر خافت، ومن أعلاه صورة مصغرة للسماء بشكل أكثر جاذيبية، وما يتردد لعقلك كيف توجد سماء أسفل الأرض!
اتكأ يونس بمعصمه على البلور اللين حتى استقام بوقفته يتأمل المكان من حوله بذهولٍ، تاركًا لمؤمن مهمة مساعدة زوجته بالنهوض، فرددت مسك وهي تتأمل ما حولها بدهشةٍ:
_احنا فين؟!
التفت مؤمن حوله بهلعٍ، فابتلع ريقه وهو يجيبها:
_المفروض اننا تحت الأرض… بس اللي مش مفهوم أيه ده!
راقبوا المكان جيدًا، فاقترب يونس من الحائط الغير متساوي، فما أن طرق بيده عليه حتى فرقع البلون الذي يحوى اجسادهم، فانفجر محدثًا هالة من البلور تلاشت حجمها حتى بدت كعقلة الاصبع، ليبدو من أمامهم ما دب الرعب بالأوصال، وجدوا ذاتهم على طبقة ضخمة من شيء مجهول المصدر،شبيه بالطبق الذهبي، ومن حولهم عدد من الكائنات الغامضة، يرتدون ثيابًا من اللون البنفسج الممزوج بالأصفر والبرتقالي،شبيه بلبس البلياتشو، وفوق رؤؤسهم غلاف زجاجي يحجب الهواء عنهم، فصعب عليهم تحديد معالمهم عن بعدٍ، تمسكت مسك بمؤمن برعبٍ،فابتلع الاخير ريقه وهو يهمس ببسمة يظنها خدعتهم:
_انتوا الكاميرا الخفية صح!! ولا ده مقلب والمفروض اننا نخاف وكده!
اقتربت منهم احدى الكائنات، وعلى ما يبدو بأنه كبيرهم، ففور مروره احنوا رؤسهم، والغريب بأن قدميه لم تكن تمس الأرض، ثمة سحابة من اللون البنفسج كانت ترفعه عن الأرض ليصبح قبالتهم، تعلقت مسك بمؤمن وهي تهمس له برهبةٍ:
_احنا فين يا مؤمن.
منحها نظرة ساخطة اتبعها نبرتها الساخرة:
_في الجحيم… ادي أخرة اللي يمشي ورا الحريم.. مش كنتي عايزة تروحي أمريكا! يارب ميكنش في احلامك شيء تاني!
ارتخى اللوح الزجاجي عن وجهه، فجحظت الاعين وهم يراقبون ملامحه المختلفة كليًا عن البشر، انفه كان ينتهى بشكل دائري يبتلع نصف وجهه السفلي، وعينيه كانت قاتمة لا يملأها سوى اللون الأبيض، وما أن بدأ بالحديث حتى تركز اللون البنفسج في حدقتيه بشكلٍ ملحوظ، فقال بصوتٍ يتردد من خلفه برعبٍ:
_أهلًا بكم بقاعدة زحل الرئيسية، حيث نقدم لكم عرضًا لن يتكرر لكم مدى الحياة.
طرق مؤمن على كتف يونس الصامت ثم قال بشكٍ:
_ده شكله قائد الفوج المنيل ومتنكر فكره ان المصريين ناس جبانه ميعرفش اننا عندنا مناعة ضد أي شيء… دور على الكاميرا وابتسم وقول انهي اللعبة يا مان.
منحه يونس نظرة محتقنة، فعاد الرجل ليسترسل بصوته الجمهوري:
_الفرصة لن تتكرر مرة أخرى ، نحن نمن عليكم أيها البشر بزيارة كوكبنا، ولكن احظروا فإن لم تحققوا الشرط الاساسي سينالكم غضب يمزق أجسادكم إربًا.
خرجت الامور عن سياقها، وبدى الامر جديًا حينما تشكل الجميع حول كبيرهما المزعوم، وفتح باب جانبي وبرز من خلفه مكان يحاط به الاحجار من جميع الاتجاهات، يشبه لحلبة الملاكمة بشكلٍ كبيرٍ، اختار يونس الاستماع الى هذا الكائن الغريب فقال بثباتٍ قاتل:
_وما هو عرضك؟
ابتسم مقيت الوجه وهو يخبره بجمودٍ وصلابة:
_من يقتل حامينا سنسمح له برحلة آمنة إلى زحل هو وأفراد عائلته وإن غُلب سيلاقى حتفه بالحال ويخسر عرضنا السخي.
قاطعهما مؤمن قائلًا بسخرية:
_يا عم احنا لا عايزين نطلع زحل ولا المريخ خرجنا من هنا الله يكرمك وبطل هزارك السخيف ده!
تجاهله يونس وسأله بدهشةٍ:
_وما الذي يجعلني أصدق ما تخبرني به، نحن لا نعلم من انتم وما الذي تفعلونه هنا بالتحديد؟
دفعه مؤمن وهو يصيح به:
_انت لسه هتتناقش معاهم، لفيلك اي شومة دافع بيها عن نفسك بيقولك هيودينا زحل!!
تجاهل الرجل صخب مؤمن المزعج، وأجابه بصوته الخشن الذي يتردد من خلفه كمن يسكنه شبحًا:
_اهزم محاربنا وحينها سترى بعينك.
رد عليه بنظرةٍ كانت قاتمة ومخيفة:
_وماذا لو اعترضنا عن عرضك؟
ابتسامة مخيفة رسمت على وجهه، فكور يده لتتجمع من حوله هالة من نار التهمت من حولها، فقال وهو يحرك يديه بتسليةٍ:
_من يعرض عن عرضنا سيواجه موتة سريعة رحيمة عما سيخوضه داخل حلبة زحل.
ربت يونس على مسك التي تختبئ به بخوفٍ، وقال بثباتٍ:
_كيف سترسلنا لزحل وأنت هنا عالق أسفل الأرض!
ضحك وشاركه من حوله، واجابه بسخرية:
_نحن من صنع طريقًا سريًا للعيش معاكم أيها البشر، هل تظن إنكم تعيشون على كوكب الأرض بمفردكم!
وأشار له على جانب مظلم من هذا الكهف العجيب، واستطرد:
_تلك المركبة فريدة من نوعها، لم يتوصل إليها أحد سوى شعب زحل، نحن صنعنا شيئًا لا مثيل له، قادر على نقلنا وقتما شئنا
انتقلت نظراته تجاه الركن المظلم، فابتسم ساخرًا حينما وجدها تشبه المزلقة، هل يستخدمون (الزوحليقة) للهبوط لعالمنا!
كان الأمر برمته اشبه بالمزحة، ومع ذلك كان عليه التعامل جديًا لأجل سلامة شقيقته، فقال برزانةٍ وحكمة:
_أنا أقدر عرضك حقًا، ولكن لا نريد الصعود لأي مكان.. فإن كان باستطاعتك السماح لنا بالمغادرة.
تعالت ضحكاته المخيفة مجددًا، وارتفع جسده بالهواء قائلًا وذراعيه مفرودة بالهواء:
_أنت آسيرًا ببقعتنا ونستنأذن بالانصراف، القوانين ستفرض عليكم وإن أردت النجاة والصعود لنزهةٍ لن تراها بحياتك عليك بالفوز أمام محاربنا.
سد كل الطرق أمامه، فلم يكن عليه سوى الاختيار، فقال:
_حسنًا ولكن أنا من سيواجه هذا المحارب.
ضحك وهو يمنح مؤمن نظرة ساخرة ختمها حينما قال:
_لا أعتقد اننا بحاجة لنسخ العظام هذا!
رمش بعينيه بصدمةٍ، فقال:
_لا مسمحلكش أنا دكتور بيطري أد الدنيا.
جذبته اليها مسك وهي تهمس اليه رغم خوفها:
_بتزعق ليه الراجل مغلطش! إنت فعلا شبه خلة الأسنان!
كز على أسنانه ليردد من بين اصطكاكهما:
_لو غلطتي فيا تاني هحدفك لحلبة المصارعه اللي عايزين يعملوها توجهي الطور اللي هيطلعوه ده.
واستدار تجاه الرجل وهو يتساءل بفضولٍ:
_هو مش طور برضه يا أخينا!
ضيق الغدافي عينيه فبدى أكثر رعبًا، فتساءل مؤمن بنبرتهم:
_كنت اتساءل عن طبيعة هذا المحارب؟
تحول غضبه لبسمة شيطانية مخيفة، وهو يخبره بكل فخرًا:
_ما اود اخبارك به بأنه لم يسبق لبشري الصعود لزحل، عساك بعقلك الأبله هذا تعلم بأنه لم يفوز عليه بشري من قبل!
ابتلع مؤمن ريقه بصعوبة بالغة، واسترسل بالسؤال الاخير:
_اسمه أيه طيب.
تنقلت نظراته عليهم جميعًا وهو يصيح بكل عزة يمتلكها:
_حنتـوش!
ردد مؤمن بسخط:
_مين يا حبيبي… ده وقت تهريج يا جدع انت!
أشار بيده تجاه تلك الفقعة التي تلاشت ليظهر من خلفها هذا الوحش العملاق، بجسده الشبيه بالمستودون ( هو حيوان ضخم الجثة بائد يشبه الفيل ولكن له جلد بفروة. عاش المستودون في أميركا الشمالية وأميركا الوسطى. ظهر المستودون في أواخر العصر الميوسيني وانقرضت في البليستوسين _العصر الحديث _الأقرب أي منذ 10 آلاف إلى 11 ألف سنة)، مع اختلاف وجهه المدبدب، المختفي خلف حاجز الزجاج الشبية بالطبق الشفاف الضخم، فغر مؤمن فاهه، فتراجع للخلف بذعرٍ وهو يشير بيده لمؤمن هامسًا بشحوب:
_كلم حنتوش.. بيناديلك!
وأشار لذاته وهو يمنحه ابتسامة اخيرة:
_أنا هفقد الوعي شوية عما تخلص وتيجي.
وتمدد مؤمن أرضًا جاحظ العين والفم، يتصنع أنه فارق الحياة لينجو من هذا المأزق الغير مرحب به ببدايته الزوجية، اتجهت مسك اليه وركلته بعنفٍ وهي تصرخ به:
_عملت نفسك ميت وسبتني لحنتوش يا جبان!
قرص ساقها وهو يشير لها بالانبطاح مثله:
_اعملي نفسك ميتة بكرمتك بدل ما نسافر جهنم على دهر حنتوش.. اخوكي ادها خليه يورينا ال٣٦٠ج اللي بيدفعهم في الجيم كل أول شهر هيفدوه بأيه!
تمددت مسك جواره وهي تردد برعب:
_طب ويونس.
همس لها مرددًا:
_صدقيني دي فرصته.. خليه ينمي مهاراته بدل شغل المحاسبة اللي عايش فيها بالبنوك… المهم خلينا ساكتين خالص عشان يركز في اللي هيعمله مع حنتوش!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زحليقة إلى زحل)