روايات

رواية زاد العمر الفصل الثاني 2 بقلم رضوى جاويش

رواية زاد العمر الفصل الثاني 2 بقلم رضوى جاويش

رواية زاد العمر الجزء الثاني

رواية زاد العمر البارت الثاني

زاد العمر
زاد العمر

رواية زاد العمر الحلقة الثانية

لا حول ولا قوة إلا بالله.. زعق وهو بيرجع لورا خطوة كانت كفيلة إن القدوم ميصبهوش.. واللي حاولت هي على أد ما تقدر تبعده عن إنه يئذيه.. وقفوا متسمرين مطرحهم لحظة لحد ما تنبهت هي وقالت له .. معلش يا حاج.. أصل أنا..
مرضتش تكمل ومحبتش تدخله في تفاصيل مشاكلها.. لكن هو ابتسم في وقار وعيونه رجعت لنظرتها للأرض وهو بيرد عليها.. ولا يهمك.. واضح إن حد مش ولابد هو اللي مزعلك أوي كده عشان كنتي ناوية على قتله.. بس ربك سلم..
ابتسمت ومتكلمتش.. اتنحنح هو وقال.. طب أنا عايزك في كلمتين.. تراجعت خطوات وفسحت له الطريق وقالت له اتفضل ده بيتك ومطرحك..
دفع هو ضرفتين الباب وفتحهم على وسعهم وقعد عند أول كرسي قابله قرب باب الشقة المفتوح على وسعه وأول ما قالت له تشرب إيه من باب الضيافة والذوق.. مع إن مكنش حيلتها اللي تقدمهوله.. قالها لا مفيش داعي.. هم كلمتين عايز اقولهملك ومينفعش أطول هنا.. فيا ريت تقعدي تسمعيني..
قعدت.. سمعته بيسمي وخرج لفة من جيب جلبيته مدها ناحيتها وقال لها خدي دي..
مدت أيدها وهي مش عارفة ايه اللفة دي ولا ايه جواها.. وقبل ما تسأل كان مجاوبها.. دي فيها دهب والدتك.. أبوك الله يرحمه استأمني عليه.. مبعهوش وقالي ده اللي فاضل من المرحومة وحق بنتها.. لو حصل لي حاجة أمانة تردهولها.. واديني جيت أرد الأمانة.. معلش أنا عارف إني اتأخرت عليكي.. بس ظروف صعبة مريت بها.. قعدت بره مصر كام شهر اتوفى فيهم الوالد ومعرفتش إلا امبارح بعد ما رجعت..
بصت للفة اللي في أيدها ومكنتش مصدقة.. أبوها منسيهاش زي ما قالت لها اللي حماتها وسابها في الدنيا من غير قرش يصلب ضهرها.. اترحمت عليه وعيونها دمعت لكنها مسكت نفسها قدامه.. قام هو من مكانه وخرج بره الشقة وهي وراه.. وقبل ما ينزل السلم قالها لو عوزتي حاجة في أي وقت هو موجود وعارفة تلاقيه فين!
سألته عن الناس اللي اشتروا البيت والورشة، خبط على جبينه في اعتذار وقال يا خبر! إزاي أنسى أقولك إن الورق اللي كان الوالد سايبه مهواش مظبوط .. وإنه مبعش إلا نص البيت ونص الورشة بس، وإن هو معاه الورق الأصلي وهيجبه لها عشان تتأكد بنفسها.. فرحتها مكنتش سيعاها.. وسألته في فرحة.. يعني أنا لسه عايشة في ملكي ومحدش هيقدر يطلعني من بيتي! ابتسم وقالها .. حتى ولو كان أبوكِ باع البيت كله ليا كان هيفضل برضو بيتك..
ردت في صدمة.. هو أنت المشتري!
اتسعت ابتسامته وقال.. أنا شريكك.. والوالد لما احتاج فلوس لجهازك باع لي نص البيت والورشة عشان ميقلش بيكي قدام أهل جوزك.. اللي باللي سمعته لما سألت عليكي وقالوا طلقها، اتأكدت إن أبوكِ الله يرحمه كان عنده حق لما حاول يأمنك منهم.. كأنه كان عارف وشايف اللي هيحصل.. لكن لعله خير.. وبكرر عليكِ تاني.. لو عوزتي أي حاجة أنا فورشتي اللي على أول الحارة اللي وراكم.. أنتي عارفاها.. صح!
هزت راسها ب أه.. رمى السلام ونزل.. وفضلت هي متبعاه من شباك الصالة لحد ما غاب في قلب الحارة..
كانت دايما مستغربة من صداقته بأبوها رغم فارق السن بينهم.. ياما قالها أبوها أنا رايح أقعد عند الحاج فلان في ورشته فالحارة اللي ورانا.. وكانت تقوله ايه اللي مخليك ماسك في صحوبية الراجل ده.. يقولها.. بتاع ربنا وبرتاح معاه كأني اعرفه من ميت سنة..
فهمت ليه لما شافته عن قرب سبب محبة أبوها له.. كانت فاكرة لما أبوها قال حاج إنه كبير وقده فالسن، لكنه ميزدش عن أول الأربعينات من عمره بس عليه هيبة الشيوخ اللي تخطوا الستين.. أبوها دايما كان بيشكر فيه وفأخلاقه قدامها وده شافته من تعامله معاها.. وقال إن ربنا فاتح عليه من وسع ودايما اللي فجيبه مش ليه.. ورغم كده اتحرم من الذرية.. محدش يعرف بالظبط العيب من مين.. هو ولاه مراته.. اللي كان أبوها بيقول لها إن الناس بتشكر فيها وفي معاملتها الحلوة للكل.. وفي أواخر أيام أبوها لما كانت بتسمح لها الظروف ويقعد معاها قال لها مرة إن مرات الحاج عيانة أوي من فترة ومكنش قايل.. وهو اللي شايلها فمرضها وطلب منها تدعيلها بالشفا..
بصت تاني للفة الدهب.. لأول مرة من سنين تحس بالحرية دي.. لأول مرة من ساعة ما خرجت من البيت ده تحس إن روحها اتردت لها.. شالت دهب أمها في حتة أمان ولبست عبايتها ونزلت.. رجلها حفظت الطريق من كتر ما جت كتير كل ما كان الحال يضيق والدنيا تطبق على صدرها بعد طلاقها ورميتها فالشارع.. لكن المرة دي كانت جاية وهي مرتاحة.. فيه هم انزاح من على قلبها.. دخلت مسجد السيدة نفيسة وصلت ركعتين.. وقعدت تدعي شوية .. وخدت لها جنب وفضلت شاردة في ملكوت الله.. منتبهتش إلا على صوت شيخ جاي من ورا العمود اللي جنبها بشوية.. والآية اللي بيقراها خلتها تبكي بالدموع.. لأنها فكرتها بأبوها.. كان دايما بيكررها لما تضيق به الحال.. كانت تلاقيه مشمر درعاته قبل الفجر وبيكررها وهو بيتوضا..”وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ”.. قامت قعدت قدام الشيخ ده وحكت له كل اللي كان واجعها وشاغل بالها.. وإجابة السؤال اللي كان محيرها.. هي عملت ايه في حياتها وحش عشان يجرا لها كل اللي حصل لها ده! .. ومرتاحتش إلا لما خدت الجواب وصلت وخرجت من المسجد وهي فقمة الفرحة.. مرت بورشته فطريقها وقالت له إنها هتفتح ورشة أبوها.. قال لها هو كان عايز يعرض عليها فتح الورشة لكن مينفعش يسبها تقف بين العمال.. هي هتدخل معاه شريك ونصيبها من الشغل هيجلها أول كل شهر.. وافقت وبقت طلباتها ونصيبها من إيراد الورشة يجيلها وهي معززة مكرمة.. طبعا كل الأخبار دي وصلت لحماتها السابقة والدم غلي فعروقها لما عرفت الخير اللي نزل عليها لما سابتهم بجانب القرف اللي هم فيه .. خناقات مع مرات ابنها الصغير اللي مستحملتش تتعامل نفس معاملة طليقة ابنها البكري ومنعت عيالها ينزلوا عندها أو حتى يرموا عليها السلام وهي مقدرتش تفتري عليها عشان أهلها مش ساهلين وممكن يضروا ابنها الصغير.. فزقت ابنها الكبير عليها يحاول يرجع الود القديم .. طلع يخبط عليها ولما فتحت بحسن نية كانت فكراه صبي الورشة اللي جاي بالطلبات في ميعاده لكن اتخضت وفكرت تقفل الباب فوشه لكنه زقه ودخل وحاول يفرض عليها نفسه كان فاكرها لسه بحبها مستنياه.. بهدلته وحاولت تطرده لكنه كان مستقتل والطمع في اللي بقى عندها والدهب اللي ظهر ده ولبساه في دراعاتها مش مخليه في وعيه.. لكن بقدرة قادر ظهر الحاج وبأيد واحدة رماه بره الشقة ومنها راح زقه ع السلم وقايل له بالفم المليان لو قربت من عتبة البيت ده تاني هيكون موتك على ايدي..
خرج يجري من البيت وبدل ما يتلم قعد يصيح وسط الحارة إنه كان جاي يحاول يرجع مراته فلقاها مع الحاج اللي عامل نفسه بتاع ربنا..
الحاج مسكتش ونزل له .. وفين يوجعك.. خد علقة في قلب الحارة مخدهاش حرامي في سوق تلات.. لكن أكيد العيار اللي ميصبش يدوش.. هي وحدانية والحاج وحداني بعد موت مراته والالسنة مش بتسكت.. وعلى الرغم إن دي أول مرة يطلع فيها شقتها من ساعة ما رد لها أمانة أبوها وإنه مجاش إلا عشان ينجدها لما صبيه جاله يحكي له على اللي شافه من طليقها وهو بيوصل لها طلبات بيتها.. فات على الموضوع ده بتاع أسبوع ولقيته بيخبط عليها بابها.. وأول ما فتحت سألها بشكل مباشر.. تتجوزيني!
ردت هي برضو بدون تفكير.. لاء..
سكت ومتكلمش كان فكر أن رفضها بسبب السن.. أصل ١٥ سنة فرق مش صغير برضو.. لكن هي كملت سبب اعتراضها.. قالت له إن هي مبتفكرش فالجواز خلاص وخدت نصيبها منه.. وإن هو أكيد بيفكر فالخلفة وهي ملهاش فيها.. قالها إنه راضي.. لكن هي كررت رفضها..
احترم قرارها.. وسابها ومشي.. والغريب إن مفيش أي حاجة اتغيرت بينهم.. كان بيبعت الصبي كل يوم يشوف طلباتها.. ويتصل بيها يطمن عليها.. ويبعت إيراد الورشة كل أول شهر..
عدت شهور وهم على الحال ده.. عرفت من صبيه إن هو كان بيحب مراته الله يرحمها أوي.. وهي كمان كانت ست تتحب.. كانت حلوة وطيبة.. ده كان وصف الصبي لها.. متعرفش ليه حسيت بحاجة جواها.. زعل ولا انبساط ولا ضيق ولا غيرة! مش عارفة .. وإن هو كان بيشلها لحد المستشفى ويرجع بها لما تعبت جامد، مكنش حد بيخدمها غيره.. ولما ماتت زعل عليها أوي.. وسافر يريح روحه بعد فراقها وقعد فمكة أربع شهور.. ده فسر ليه كان شكله شاحب وتعبان أول مرة شافته لما جالها هنا بدهب أمها.. وسألت نفسها.. هو معقول واحد كان بيحب مراته كده وهيطلب يتجوزها هي بسرعة كده! آه فات بتاع سنة وشوية على موتها.. لكن برضو هي حاسة إن عرضه الجواز عشان يحفظ سمعتها بعد اللي عمله وقاله طليقها فقلب الحارة عليهم.. وإنه مطلبش الجواز منها إلا عشان يخرس الألسن..
كان بقاله ٣ أيام مكلمهاش في التليفون ولما سألت عليه الصبي بتاعه قال كويس.. طب التليفون فيه عطل! قال لاء.. طب متصلش يطمن عليها ليه زي كل يوم .. حست بفراغ ووحشة كبيرة وصوته غايب عن يومها.. كأن توقيت الفرحة بقى محسوب بالثانية على رنة مكالمته.. وعلى الرغم إن المكالمة كانت يا دوب دقيقتين.. لكنها سبب سعادة عجيبة كانت مكفياها اليوم بطوله..
رن التلفون اليوم الثامن.. وصوته مكنش ولابد.. قال كلمتين مزدش عليهم.. فلان متقدم لك، ها أرد عليه أقوله ايه! .. ردت بغيظ .. قوله لاء، أنا قلت لك مش بفكر فجواز خلاص..
سألها.. آخر كلام عندك! طب حتى فكري.. ده..
قطعت كلامه.. وقالت له لاء.. مفيهاش تفكير.. وأي حد يجي لك تاني رد عليه بالرفض..
تمام.. رد بالكلمة دي بصوت حست فيه انبساط متعرفش ليه.. وسلم وقفل..
طليقها اتجوز.. فرحه كان من أول الحارة لآخرها.. كانت فاكرة إن ده لو حصل هتتقهر وهي شيفاه مبسوط وعايش حياته بعد اللي عمله فيها لكن على العكس افتكرت الذل والمهانة اللي شافتهم معاه ومن أمه وحمدت ربنا إنه نجاها منهم..
وفيىيوم جالها خبط جامد ع بابها خلاها تفتح مذعورة وصبي الورشة وقع قلبها فرجليها لما قال لها إن في ناس جم للحاج واختلفوا معاه واتخانقوا وللأسف اتنقل المستشفى بعد ما حد منهم ضربه بمطواه وجري..
متعرفش إزاي وصلت للمستشفى ولا مرت عليها الساعات والدكاترة اللي طالع عليهم كل ما حد يسألهم عن حالته يقولوا ادعوله.. هو ممكن بجد يروح منها! هو ممكن متسمعش صوته تاني وهو بيطمن عليها، أو لما كان بيجيب لها العرسان وهو متغضب وصوته يتحول للفرح لما ترفض! طب هي ممكن متشوفوش تاني! دي كانت بتتحجج بأي مشوار يعدي من قدام ورشته عشان بس تطل عليه، هي نظرة كانت كفاية عليها تطمنها على وجوده حتى ولو من بعيد لبعيد.. حست إن لو جراله حاجة ممكن تروح وراه .. وأتأكد لها إنها فعلا بتحبه.. عجيب احساسها به.. مخالف للاحساس اللي كانت فكراه حب يوم ما اتعلقت بطليقها وهي لسه عيلة.. حبها المرة دي هو الحب اللي بجد.. بكت فوق الدموع دموع.. وهي شيفاه ما بين الحيا والموت.. ومكنش على لسانها إلا كلمة يا رب.. جريت تصلي وتدعي عند السيدة نفيسة .. وقالوا لها إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال داووا مرضاكم بالصدقة .. وهي مكدبتش خبر.. كل يوم تعمل أكل وتوزعه.. وتتصدق باللي تقدر عليه..
لحد ما في يوم راحت المستشفى قالوا لها ده فاق.. جريت على اوضته وقعدت على الكرسي اللي كان جنب سريره.. مش مصدقة إنه فتح عينه وبيكلمها.. بكت من فرحتها.. وقالت له تشاكسه من بين دموعها.. رقدتك دي متنفعش لعريس.. بص لها باستغراب راحت مكملة.. أنا موافقة على جوازنا.. بس أنت تقوم بالسلامة..
سحب الخراطيم من دراعه وحاول يقوم.. راحت مرجعاه مطرحه مستغربة.. أنت بتعمل ايه! .. قالها بقوم بالسلامة.. خير البر عاجله..
كانت أول مرة تضحك من قلبها.. أول مرة تضحك من سنين طوال مدقتش فيهم إلا طعم الوجع والقهر.. لكن أمر الله نافذ..
اتجوزوا.. عاشوا سنين من شهد مكرر.. والمفاجأة اللي مكنتش لا على بال ولا خاطر هي خلفتها اللي اتوهمت ان ملهاش فيها.. ربنا عوضه وعوضها بعيلين ورا بعض.. عرفت إن طليقها هو اللي مبيخلفش لما مراته فضحته وطلبت الطلاق ولما حاول يساومها ويعمل زي ما عمل معاها.. أهلها وقفوا له.. خدوا اللي وراه واللي قدامه بالمحاكم.. وفي يوم وليلة اختفى ومحدش عرف له طريق.. أما أمه فسمعت إنها مرمية في شقة ابنها الصغير اللي جابها أهل مراته مذلولة بلقمتها بعد ما اتباع البيت لتسديد ديون القضايا بتاعت أخوه..
فعلا الدنيا سلف ودين، ولما يحصل لنا حاجة ونسأل نفسنا اشمعنا احنا اللي بيحصل معانا كده.. تأكد تماما إن ده تشريف من المولى مهواش سخط ولا عقاب.. دي محبة الاصطفاء.. ومحنة الابتلاء.. وكان لازم تقع ومتكملش الطريق اللي أنت ماشي فيه.. كان لازم يتقفل قصادك عشان تفتح عينك.. كان لازم تتوجع عشان تحرم ترتكب الأخطاء في حق نفسك.. كان لازم تفوق عشان تغير مسارك.. تمشي في طريق تاني فيه العوض عن كل اللي فات ده.. طريق هتقف في نهايته رافع ايدك للسما وعيونك كلها دموع امتنان وأنت بتهتف بأعلى صوت.. شكرا يا رب.. أنا أخيرا فهمت.. فهمت حكمتك اللي مأدركتهاش فوقتها بجهلي وقلة خبرتي..
اوعوا تيأسوا من روح الله.. أو تقنطوا.. المسار الصحيح جاي.. والعوض عن الوجع موجود..
والفرحة متشالة هدية ربانية لقلوب الصابرين.. بس انتوا قولوا يا رب.. فوتكم بعافية.. ❤️🌹

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زاد العمر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى