روايات

رواية رحمه تقي الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة مجدي

رواية رحمه تقي الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة مجدي

رواية رحمه تقي الجزء الثالث عشر

رواية رحمه تقي البارت الثالث عشر

رواية رحمه تقي الحلقة الثالثة عشر

يجلس تحت تلك الشجرة الكبيرة منذ حديثه مع والدته .. و خوفه الكبير و قلبه حين ظن للحظات أن أخيه سيتزوج من رحمه لم يجعله يتحمل .. لذلك ركض إلى بيت سعاده حتى ينهي الأمر تماماً و يجعل الطريق خالي أمامه .. و لن يتراجع عنه مهما كان .. سيقف أمام والدته سوف يحذو حذو أخيه و يفكر فى كل الأمور .. يحكم العقل يهتم بنفسه و ما يريده .. لن يكون هدفه الأساسي كسب مكانه كبيرة عند والدته .. و لكنه سيهتم فقط بماهر و ما يريده
أغمض عينيه و هو يتذكر حين وصل إلى بيت سعاده .. وقابله الحج سويلم والد سعاده باللوم و العتاب .. و أسمعه حديث قاسي عن كونه ليس الرجل الذي يستحق إبنته .. و أنه أخطئ حين وافق على زواجه منها
ظل ماهر صامتًا تمامًا أمام الحج سويلم فكل ما يقوله حقه فى أساس ولا يستطيع أن ينكر ذلك فهو من سار خلف والدته .. كتابع مطيع لسيده دون أن يفكر فى قلبه و قدراته و ماذا يستطيع أن يقوم به أو ماذا يستطيع أن يتحمل .. أغلق قلبه على من هواها .. و ترك جسده لسيده تعشق ثرى قدميه دون أن يبادلها الحب و ما تستحق .. فظلم نفسه و ظلمها .. و الأن عليه أن يقف كرجل حقيقي ويدفع ثمن أخطائه .. حين إنتهى الحج سويلم من حديثه رفع ماهر رأسه و نظر إليه وقال
– أنا عارف أنى غلطت .. و جاي النهارده علشان أنفذ لسعاده كل إللى هي عايزاه
– و أنا عايزه أطلق
قالتها سعاده و هي تقف عند باب الغرفة المفتوح .. ليقف ماهر ينظر إليها دون تعابير واضحه لكنه أبداً لن ينكر أن قلبه قد إبتسم الأن بسعادة و كأن القيد الذي كان يمسك به لسنوات قد كسر أخيراً
وقف الحج سويلم و قال بضيق
– طلاق .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. لله الأمر من قبل و من بعد
نظرت سعاده إلى والدها و قالت
– ممكن تسيبني مع ماهر شوية ؟
نظر الحج سويلم إلى ماهر بغضب .. ثم تحرك ليغادر الغرفة و حين مر بأبنته ربت على كتفها و قال
– كرامتك عندي أغلى من الدنيا كلها يا بنتي .. أنا معاكي
لتقبل سعاده يد والدها المستريح فوق كتفها و قالت
– ربنا يخليك ليا يا حج
غادر الغرفة و أغلق الباب خلفه لتنظر سعاده إلى ماهر الصامت كما إعتادته .. تحركت لتجلس فى نفس المكان الذي كان يحتله والدها منذ قليل و جلست بهدوء ليعود ماهر و يجلس فى مكانه .. و حين كاد أن يفتح فمه ليقول أي شيء قالت هي
– أنت عايز الطلاق .. و أنا مش عايزاك .. ولا عايزة أربط حياتي بيك أكتر من كده .. ولا عايزة أفضل أحب في قلب راجل عمري ما هكون أنا الوحيدة إللى ساكنه فيه و ملكاه
ظل ينظر إليها و هو على صمته.. لتقول من جديد بغضب
– ده مش وقت صمت يا ماهر .. ده وقت الكلام
أخفض عيونه أرضاً و أراح ذراعيه على ركبتيه و شبك أصابع يديه ببعضهم و قال بصوت هادئ
– أنا طول عمرى عايز أكسب حب أمي و رضاها .. ديماً شايف نفسي أقل من غازي .. ديماً عارف إن الكل بيجري على غازي .. غازي العاقل .. و الحكيم .. هو الكبير إللى الكل بيسمع كلامه .. غازي له هيبه .. غازي غازي غازي .. دفنت حب رحمه في قلبي علشان عارف إن أمي عايزة تبعدنا تماماً عن عمي و بنته .
رفع عيونه إليها ليجدها تنظر إليه بوجه بارد إلا من عينين ممتلئتين بالدموع ليخفض وجهه و أكمل بصدق
– أنا بحب رحمه من وهي لسه عنها 15 سنه .. من قبل ما تلبس النقاب .. و تخبي جمالها و عيونها الحلوه عني
ليصمت حين وصلته شهقتها التي كتمتها سريعاً بيديها لينظر إليها لتصفعه تلك الدموع التى تسيل فوق وجنتيها ليشعر بالذنب تجاهها .. لكنها أبعدت يدها عن فمها و مسحت دموعها و قالت بقوة واهيه
– كمل يا ماهر .. النهارده يوم الحقيقة
أخفض عينيه من جديد و أكمل
– بس عمري ما قدرت أعترف بالحب ده لحد .. طول عمري عارف إن أمي بتكره عمي و مراته و بنته .. و رغم أن المفروض تفكر تجوز حد فينا منها علشان الورث كله يبقى لينا .. إلا أنها مقتنعه و معرفش جايبه الأقتناع ده منين أن عمي ملوش حق فى كل حاجة و أنه بيضحك على أبويا و إننا لازم نبعد عنهم تماماً و منقربش .. علشان كده عمري ما قدرت أتكلم مع حد فى حبي لرحمه حتى بيني و بين نفسي كنت بخاف أتكلم
أخذ نفس عميق و هو يعتدل يريح ظهره على الكرسي .. و أكمل قائلاً
– في يوم جت وقالت شوفتلك عروسه يا ماهر .. جمال و تعليم و عيله كبيرة نفتخر إننا نسبناها .. و هما كمان مش هيلاقوا زيك .. بنتهم الوحيدة .. و المال كله هيبقى مالها .. هنروح نخطبها الخميس الجاي
نظر إليها و إبتسم بسخريه و قال
– لا قولت اه و لا قولت لأ .. و لا هي أصلاً كانت بتاخد رأي هي كانت بتأمرني .. وافقت علشان أكسب حبها ليا .. أكون إبنها المفضل .. إللى ليه ميزه و مكانه .. فكرت أني هنسى .. هقدر أمسح صورة رحمه من عيني خصوصاً إني بقالي سنين مشوفتهاش .. و سنين مانع نفسي حتى أني أسمع أي خبر عنها .. أتجوزتك و أنا نيتي أنسى بس مقدرتش … مع كل لمسه ليكي كنت بتخيل أن رحمه هي إللى بين إيديا
شهقه أخرى جعلته يصمت من جديد … يعلم أن حديثه يجرحها و يؤلم قلبها لكنها الحقيقة التي طلبت أن تستمع إليها .. ظل الصمت يخيم عليهم لعدة دقائق كان يستمع لصوت بكائها المكتوم .. ألم روحها و كان يشعر أنه يستمع إلى نزيف جرح قلبها أيضاً .. ظل الوضع ثابت لعدة دقائق حتي قال
– علشان كده كنت ببعد عنك .. أنتِ جميلة يا سعاده .. ست بجد و مفيش زيك .. و مميزة .. طيبة و حنونة .. مقدرش أنسى إهتمامك بيا .. و كل الحاجات إللى كنتي بتعمليها علشاني .. كل المجهود إللى كنتِ بتبذيله علشان ترضيني و تقربي من قلبي .. أنا إللى مقدرتش أقدر النعمة إللى بين إيديا .. و القلب له أحكام
قال كلماته و هو ينظر أرضا يفرك كفيه بتوتر .. كانت مع كل كلمة منه تحتد نظراتها .. تقسوا .. مع كل جرح جديد .. ينزف بسببه الأن .. كانت تبكي روحها لكن وجهها يزداد صلابه و قسوه
رفع رأسه ينظر إليها حين وقفت تنظر إليه بعيون خاويه .. بعد أن مسحت دموعها
– طلقني يا ماهر
وقف هو الآخر .. لا يعرف ماذا عليه أن يقول .. لتقول هي
– من يوم ما أتجوزتك و أنا عارفه أن في حاجز بيني و بينك .. فى حيطه كبيرة لا قدرت أهدها و لا قدرت أنط من فوقيها حتى زي الحراميه .
صمتت لثواني ثم تحركت خطوه واحدة حتى أصبح ينظر إلى ظهرها و قالت
– طلقني يا ماهر .. و الولاد هيفضلوا معايا .
ألتفتت إليه و عيونها مليئة بالقوة و قالت بصوت حاد
– أعتقد أن أنت عارف كويس الذنب الكبير إللى عملته فى حقي .. و قدام الذنب ده .. أنت عمرك ما هتقف قدام مستقبلي .. و لا تفكر في يوم .. مش كده ؟
فهم تلميحها .. و علم جيداً أنها قد مزقت الأن من دفتر حياتها صفحته و إلى الأبد .. و لكن هل يريد من الأساس أن يكون له يوماً ما مكان في حياتها ؟ الإجابه لا .. إذا فلها كل ما تريد
أقترب خطوه و قال بثبات
– أوعدك إني هبعد عن حياتك تماماً لكن أكيد مش هبعد عن حياة ولادي … و أوعدك إني عمري ما هقف في طريق سعادتك و مستقبلك .. لأنك تستحقي السعاده و لأني مذنب في حقك و معترف بغلطي
صمت لثواني و عيونه تنظر إلى عمق عينيها و قال بحزن رغم كل شيء
– أنتِ طالق يا سعاده
أغمضت عينيها بقوة .. حتى لا يرى تلك الدموع الحارقه بعيونها .. و لا يشعر بتلك النيران التى تلتهم جسدها من الداخل و ذكريات تلك السنوات تمر أمام عيونها .. تجعلها تعلم و بأصعب الطرق كم خسرت معه .. و أهم ما خسرته قلبها
تحرك ماهر ليغادر و لكنه وقف عند الباب قبل أن يفتحه و قال
– أنا هخرج من هنا على المأذون .. و ربنا يوفقك يا سعاده أنتِ بجد تستاهلي كل خير
وفتح الباب و غادر لتعود تجلس من جديد على الكرسي و بدأت فى البكاء بصوت عالى .. حتى تخرج كل ما بداخل قلبها من ألم و حزن و نار حارقه لتضمها والدتها بحنان و هي تربت على كتفها .. تخبرها بعض كلمات المواساة التي لم تستمع إليها سعاده من الأساس فهي فقط لا تستمع سوا لكلمة (( أنتِ طالق )) تتردد فى أذنها دون توقف
عاد من أفكاره و هو يأخذ نفس عميق يحاول فيه أخراج كل ذلك الألم الذي أصبح يسكن قلبه .. رغم الأرتياح الذى بداء يتسلل إلى قلبه .. أخرج هاتفه حتى يتصل بغازي عليه الحديث معه و عليه أن يخرج كل ما بداخله له .. هو الوحيد الأن الذي يثق به
*********************
وصل غازي إلى البلد و كان فى طريقه إلى البيت حين أتصل به ماهر و أخبره أنه ينتظره فى ديوان الزراعة .. و يحتاجه فى أمر هام قبل أن يعود إلى البيت
شعر غازي بالقلق و الاندهاش .. منذ متى يطلب ماهر منه المساعده أو يطلب الحديث معه هو دائماً ينئ عنه و دائماً صامت و هذا يدل على أن هناك أمر كبير قد حدث .. ليغير مساره و هو يدعوا الله أن يكون كل شيء بخير
~~~~~~~~~~~
-أوعى تفكر إني نسيت .. أنا مش هقدر أنسى إنك السبب في موت مروان .. و إن بسبب إستهتارك بقالي خمس سنين فى المستشفى من الغيبوبة لمصحه نفسيه .. بس أنا عايزه أعرف منك دلوقتي .. موت إبني راح هدر و لا كان له تمن يا تقِي ؟
لينظر إليها بعيون مليئه بالدموع .. مخلوطه بخوف و حيره .. لكنه سيخبرها بكل شيء .. عل كل ما مر به يشفع له و لو قليلاً
و مباشرة بداء فى سرد كل ما حدث معه
(( – بعد ما الدكتور قالي إنك دخلتي فى غيبوبة .. و أنا حسيت أن الدنيا كلها قفلت بيبانها في وشي .. مكنتش شايف غير سواد و بس .. أخطائي كلها بتترسم قدام عيني .. صورة مروان و هو بين إيدك ما بيتحركش و البودره مغرقه وشه .. و صورة دمك إللى كان على الأرض .. و تتكرر و تتعاد و تتكرر و تتعاد .. و مابقتش سامع غير صوت عمي و هو بيوصيني عليكي .. و صوت صريخك بأسم مروان .. وصور كتير لسهراتي و أصحابي .. و لبيتي و هو قذر و بيتي و هو نظيف … فضلت حابس نفسي فى البيت .. لا بخرج ولا بكلم حد .. حتى مش فاكر كنت باكل و أشرب و لا لأ … كنت بصرخ بعزم ما فيا و أخبط دماغي فى الحيطان .. مكنتش أعرف أيه إللى بيحصلي ده لكن إكتشفت بعد كده أن دى كانت أعراض إنسحاب المخدر من جسمي .. حتى لاحظت أن محدش من الجيران فكر يخبط عليا يسألني عامل أيه أو فيك إيه
صمت لثواني و عيونه تعود إلى الماضي المرير .. حيث أستيقظ من غفوته الإجباريه الذي يجبره عليها عقله .. بعد أن يظل سهران لعدة أيام متتاليه دون نوم أو راحه .. فتح عينيه ليستوعب أن هناك أحد يطرق بابه بقوة .. غادر السرير بتثاقل .. و بداء فى السير و هو يتمايل يميناً و يساراً بعدم إتزان .. حتى وصل إلى الباب و حين فتحه لم يجد أحد هناك .. لكنه وجد الكثير من الأوراق على الأرض .. أنحنى يلتقطها ليجدها فواتير الكهرباء ، الغاز و المياه .. ظل ينظر إليهم بدون إهتمام .. ثم أغلق الباب و وضعهم على طاولة الطعام و عاد إلى غرفته من جديد ليلقي بنفسه على السرير الذى لا يفارقه تقريباً .. أيام و أيام .. و هو على نفس الوضع
و فى إحدى الأيام أنتبه من شروده على صوت هاتفه الذي لا يعلم من أين يصدر رنينه .. و لكن الإصرار فى الإتصال جعله يبحث عنه حتى وجده .. ظل ينظر إلى الرقم الذي يظهر أمامه لعدة ثواني ثم أجاب .. ليصله صوت أنثوي يقول
-أستاذ تقِي هنا مستشفى (…) و الدكتور محتاج حضرتك ضروري علشان حاله مدام راندا
لم ينتظرها أن تكمل حديثها .. أغلق الهاتف و سريعاً إرتدى حذائه .. و دون أن يهتم أن يبدل ملابسه … أو حتى يأخذ حافظة نقوده .. أو يرتب خصل شعره المبعثره و هيئته المزريه .. غادر المنزل سريعاً
و كان يسير بالشارع كالتائه الغريب الذى وجد نفسه فى بلد غريب لا يعرفها .. و لا يعرف ماذا أتى به هنا .. يسير على غير هدى و يتمايل يميناً و يساراً .. كان كل الناس بالشارع ينظرون له بين مشفق و بين حزين و بين لائم و من تحمل نظراتهم الشماته و الضيق
و لكن تحولت كل تلك النظرات لمصدومه حين أرتفع جسده بسبب أصطدام سيارة مسرعة به وسقط جسده أرضاً وحوله بركة دماء كبيرة ))
عاد من أفكاره و سرده وجسده ينتفض على أثر الذكرى .. لكنه أكمل قائلاً
-فضلت فى المستشفي فترة طويله مش فاكر قد أيه .. و لما فوقت وأستوعبت عرفت أني حصل كسور فى رجلي الأتنين .. و كسور فى ثلاث ضلوع .. و إرتجاج فى المخ
لتشهق راندا بصوت عالى .. ليبتسم ببعض الحزن و أكمل قائلاً
-خلصت فترة العلاج فى المستشفى وكنت كل يوم أتصل بالمستشفى إللى كنتِ فيها علشان أطمن .. وفي يوم
أنتبهت لكلماته خاصة و قد وجدت وجهه أضائه نور مميز
-زارني في يوم .. الشيخ عبدالله أمام الجامع إللى عمي كان بيصلي فيه .. عرف إللى حصلي و حصلك و جه علشان يطمن .. حكيت ليه كل إللى حصل عيطت زي الأطفال إعترفت بذنوبي … صعبت عليه .. وقف جمبي و بدأت أحفظ القرآن و مفوتش فرض و الحمد لله بدأت أعرف ديني كويس .. بطلع صدقات بنيه شفاكي كل يوم .. و عامل ورد يومي بوهبه لمروان
صمت لثواني ثم رفع عيونه لها ليجدها تبكي بصمت ليكمل كلماته .
-و لما خرجت من المستشفى كانت رجلي فيها مشكلة و محتاجه عملية تانيه.. بس أنا رفضت أعملها على طول .. كنت طول ما أنا واقف أو ماشي بتألمني بس أنا كنت بعتبرها تكفير عن ذنبي لحد موصلت لمرحلة إني مبقتش قادر أمشي أصلاً و عملتها من حوالي تلت شهور
خيم الصمت عليهم .. لعدة ثواني كانت دموعهم هي من تتحدث حتى قالت راندا
-موت إبني مراحش هدر يا تقِي .. مراحش هدر
غادر الكرسي الذى يجلس عليه و أقترب منها و جلس على ركبتيه أمامها و قال
-أنا آسف يا راندا .. أرجوكي تسامحيني
إبتسمت إبتسامة صغيرة لكنها لم تجيبه بشيء .. لكنه يعلم جيداً أن حصوله على غفرانها مستحيل .. و إذا حصل على شيء منه لن يكون كاملاً إلا إذا مر بالأختبار الأخير .. و ما أصعبه من إختبار

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية رحمه تقي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى