روايات

رواية دموع ممنوعة الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم هناء النمر

موقع كتابك في سطور

رواية دموع ممنوعة الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم هناء النمر

رواية دموع ممنوعة الجزء التاسع والعشرون

رواية دموع ممنوعة البارت التاسع والعشرون

دموع ممنوعة
دموع ممنوعة

رواية دموع ممنوعة الحلقة التاسعة والعشرون

الفصل السابع

أخرج من جيب جاكته بعض الأوراق المطوية وشرع فى فتحها وناولها إياها ، فى نفس اللحظة التى فتح فيها الباب وظهر عادل من خلفه والذى دخل دون أن يطرق على الباب ،
انمحت ابتسامته فور رؤيتهما فى جلستهما المتقاربة هذه والتى لا تعطى انطباع جلسة عملاء على الإطلاق ،
رفعت رأسها له واندهشت من وجوده ، فلم يمر أكثر من ثلاث ساعات على انصرافه ،

أما محمود ، فقد تعلقت عينه به ، يبدوا انه يعرفه من مكان ما ، هو يتذكر وجهه جيدا ،
لكن عادل اقترب منهم ولم يثيره وجه محمود بأى شكل ، يبدوا انه لا يتذكره ،

… تعالى ياعادل ، اتفضل …
قالتها فريدة مبتسمة وهى تقف ،ووقف محمود تباعا وليس لعادل ، إنما احتراما لوقفة فريدة ،

تقدم عادل وعينيه على محمود ، لم يرفعها عنه ، فهمت فريدة معنى نظرته هذه ، بل وقيمت نظرة محمود هو الآخر لكن لم تحدد ماهيتها ،

بدأت بتقديم كل منهم للأخر ولكنها تعمدت أن يكون الأمر بشكل مبهم بعض الشئ ،

… أستاذ محمود ، اقدملك دكتور عادل ، جوزى ..

… وده ياعادل ، أستاذ محمود ، عميل هنا فى المكتب …

سلم كل منهم على الآخر بإقطتاب غير مفهوم ، ثم لاحق الموقف محمود بقوله … طيب انا استأذن انا بقى ياأستاذة فريدة …

… لسة مخلصناش كلام ، حضرتك محددتش المطلوب بالظبط …

… أما تقري الورق اللى فى ايدك هتفهمى بالظبط انا عايز ايه ، ولو فى حاجة عايزة توضح، ممكن تكلمينى أو حتى اجى لحضرتك تانى ، وهبقى أكلم مدام ريهام عشان أحدد ميعاد تانى …

… اوكى ياأستاذ محمود ، مفيش مشكلة ..

… بعد إذنكم …

… مع السلامة …

خرج متجاهلا عادل تماما ، فمن المفترض أن يسلم عليه مرة أخرى قبل خروجه ، وتبعه عادل بعينيه حتى الباب ، فيما كانت فريدة تطوى الأوراق الخاصة بمحمود واتجهت صوب الملف الذى أعطاه إياها سيف و ، ووضعتهم فيه ، وفتحت خزانة الملفات برقم سرى ووضعت الملف واغلقتها مرة أخرى ، وهى خزانة مثبتة فى الحائط بباب زجاجى جرار ، تشبه كثيرة مكتبة الكتب ،
التفتت لتجد عادل يتابعها بعينيه ، فكرت باحتمالية رؤيته للرقم السرى ، لكنها لم تهتم أن فعل ، فالخزانة مثبتة ببرنامج لتغيير الرقم ، يرسل لها يوميا فى ميعاد محدد رسالة بالرقم على هاتفها المحمول .

… كنت فاكراك مش هتيجى تانى انهارضة ، أو على الأقل مش هتيجى غير بليل ..

… انا جيت عشان اخدك تسلمى على جدك ..

… جدى مين …

… فريدة ، لو سمحتى …

. … انت اللى لو سمحت ، من غير ما تحاول تضغط عليا ، مش هروح المستشفى انا لحد …

…ومين قالك تروحى المستشفى ، ده روح البيت …

انعقد ما بين حاجبى فريدة فى دهشة وقالت
… أفندم ، بتقول ايه ؟ هو مين ده اللى روح البيت …

… جدى ، ايه ، يادوب وصلته وجيتلك على طول ، مستغربة ليه …

… هو كان فين بالظبط ، فى عناية مركزة فى مستشفى ولا كان بيستجم فى سبا …

… ايه ده يافريدة ، ايه اللى بتقوليه ده …

اجابته بلهجة يشوبها السخرية والاستهزاء بما حدث
… معلش ياعادل بقى ، ده راجل عنده سبعين سنة ، وقع من طوله ، وقلبى قلبى ، والاستعاف ، ومستشفى وعناية مركزة ، وبيصرخ باسمى ، وروحيله يافريدة ده بيموت ، والآخر يروح البيت بعد أقل من 48 ساعة ، ليه يعنى ، ماهو يااما هو إللى بيشتغلكوا ، يااما انت اللى جاى تشتغلنى …

ارتفع صوته و بلهجة آمرة وغاضبة … خدى بالك من كلامك يافريدة …

استنشقت فريدة بضع أنفاس طويلة تحاول بها أن تهدأ ، ثم التفتت للناحية الأخرى واغمضت عينيها وحدثت نفسها قائلة
… وبعدين بقى فى الناس دى ، كدة فى حاجة غلط انا مش فاهماها ، ومش هينفع أتعامل كدة من بعيد لبعيد ، عشان أفهم ايه اللى بيحصل لازم أقرب …

انتفضت على جسده الذى التصق بها من الخلف ويديها التى أحاطت خسرها ، وهو يقول هامسا فى أذنها
… لازم ترجعى يافريدة ، ارجعى فى وسطهم واعملى اللى انتى عايزاه ، ده بيتك زى ما هو بيتى ، وأنا عايزك معايا ، مش عايز أبعد عنك ولا عايزك تسيبينى ، أرجوكى يافيري …

من المفترض أن تكون فى قمة السعادة مما قال ، كلام يزيب القلب من زوج لزوجته ، وبهذا الشكل وبهذه النبرة الحنونة فى صوته ،
لكن لا ، ليس معها وليس الآن ، ليست سعيدة أو مقتنعة بأى كلمة قالها ، بل هى قلقة وبداخل قلبها إحساس لا تفهمه ،
لكنها كانت قررت ، ستفعل ما يريد هو وما تريد هى فى آن واحد ، وسوف نرى ما سيحدث ،

…حاضر ياعادل ، حاضر ، ربع ساعة اغير هدومى واجيلك ، ممكن …

… أكيد طبعا ، هستناكى هنا …

… لا ، تعالى معايا هناك ، هتستنى هنا تعمل ايه …

رغم ضيقه من رفضها لوجوده وحده فى المكتب ، إلا أنه لم يشأ أن يظهر هذا ،
… ماشى ياستى ، هاجى معاكى هناك ….

…………………………………………………………

خرج من المبنى ومازال يفكر فيها وفى الزوج الذى يحاول أن يتذكر أين رآه، منزعج جدا ولا يعلم السبب ،
استقل سيارته وابتعد عن المبنى فى طريقه للامكان ، يدور بالسيارة من مكان لآخر ، توقف لمرة واحدة ، وجلس على أحد المقاهى ليحتسى كوب من القهوة ، ثم اتجه عائدا لفيلته ،
كل هذا وهو يفكر فيها ، يتذكر كل لقاء بينهما ، كيف دار الحوار ، يتذكر كيف أعانته ووقفت بجانبه فى حالة انهياره عندما ذهب اليها فى منتصف اليل بعد أن احتسى أحد أنواع الكحوليات فى أحد الملاهى ،
والأهم انه اول مرة يسأل نفسه ، لماذا هى بالذات من أراد أن يذهب اليها فى حالته هذه ،
وعندما ظهر عادل فى منتصف هذه الزكريات ، اغتاظ وتضايق بشكل واضح ، رفع يده ولكم مقود السيارة وهو يتذكر ابتسامتها حين رؤيته ، لماذا يفكر مرارا فى فكرة أن كانت تحبه أم لا ،

ركن سيارته أمام الباب ودخل بتباطئ ، لم ينظر حوله فى اى اتجاه فقد كان يحمل داخله ما يكفيه لهذا اليوم ،
صعد السلم متوجها للدور الثانى ، وفى منتصفه ، فاجأة صوت يحدثه قائلا
… حمدالله على السلامة ، انا مستنيك من بدرى …

… مازن ، غريبة ، انت هنا وقبل الساعة 8 ، مستحيل ، انت مبترجعش قبل نص الليل …

… من غير تريأة يامحمود ،انت اللى كنت فين ، كان عندك راند فو ولا ايه …

…تصدق اه ، تقدر تسميه كدة ….

… ومين هى صاحبة الحظ دى …

… متعرفهاش انت ، كنت عايز ايه …

. عايزك فى موضوع مهم ، أنزل خمس دقايق …

… مش وقته يامازن ، انا تعبان اوى وعايز ارتاح …

والتفت وعاد لصعوده ، استوقفه صوت مازن مرة أخرى

… مش هعطلك كتير …

… قلتلك بعدين يامازن … قالها دون أن يلتفت وأكمل صعوده لأعلى واتجه لغرفته واغلقها عليه ،

استدار مازن واتجه للخارج وهو يفكر فى حال محمود الذى تغير بشكل ملحوظ ، ولكن لا يعلم هل للأفضل أم للأسوأ ، وهل هذا التغيير ضده أم فى صالحه.

………………………………………………………….

ازدادت ضربات قلبها مع كل خطوة تخطوها داخل أسوار الفيلا ، توقفت السيارة أمام الباب ، امسك عادل بيدها ، أراد أن يطمئنها ويشجعها أكثر على المضى قدما للداخل ، لم تكن تحتاج للتشجيع ، فهى ليست خائفة منهم فى شئ ، كل ما كان يقلقها أن دخولها لهذا المنزل للمرة الثانية يشبه دخول أفعة ماكرة لمحجر أفاعى أخرى غريبة عنها ، فسوف تقام حروب ظاهرة ومتخفية طوال الوقت ، وقد كانت فى غنى تام عن هذا الضغط النفسى الذى سوف يسببه ما سيحدث هنا .

توقف الجميع فور رؤيتهم لها تدخل ويدها فى يد عادل ، أخذ يتطلع كل منهما للأخر فى صدمة من عودتها بعد ما حدث من ليلتين فى نفس المكان ، إلا إبراهيم ، فقد ابتسم نصرا فور رؤيتها تدخل ، ودار فى خلده أن والده لا يضيع وقته ابدا ، أما الباقى إبراهيم ، سميرة ، عالية ، مجدى وزوجته ، عصام وزوجته ، أما أكرم فقد كان غير موجود فى جلستهم هذه .

صرخت سميرة وهرولت ناحيتهم وهى تقول

… ايه ده ياعادل البت دى بتعمل ايه هنا ؟

… بت مين ياماما ، دى مراتى ، والمفروض أن ده بيتها ..

.. بعد اللى عملته ده كله لسة مراتك ؟

سحبت فريدة يدها من يد عادل ، وعقدت كلتا يديها أمام صدرها بصمت وأخذت ترمق سميرة بنظرات ماكرة استفذتها أكثر وأكثر

… ايوة طبعا مراتى ، ومفيش داعى للى بتعمليه ده لو سمحتى …

… لا مش ممكن أنا مستحيل اقعد انا والبت دى فى مكان واحد …

تدخل عصام فى الحديث وقال بلهجة آمرة استفذت عادل

… ماما عندها حق ، انت تروح تشوفلها مكان تانى بعيد عن هنا ، ملهاش مكان فى وسطنا تانى ….

… مش انت اللى تقول ياعصام ، ومتدخلش لو سمحت …

ظهر أكرم من من ناحية غرفة الجد وهو يقول … ايه الصوت العالى ده ، انتوا بتتخانقوا ولا ايه .

ثم وقعت عينيه على فريدة فقال موجها الحديث لها … تصدقى جدك اول ما سمع الصوت قال فريدة جت ، تعالى كلميه …

توجهت فريدة ناحيته وعادل من خلفها تحت الأنظار الساخطة للجميع وهى فى طريقها للدخول لمحت سهام واختها تقفان اعلى الدرج ، فابتعدت بعينيها ولم تعلق ، فلم يأتى وقتها بعد .

كانت الغرفة واسعة وذات فرش كلاسيكى حديث ، السرير بمتعلقاته على اليمين ، دولاب حائطى ، وباب جانبى يبدوا انه حمام ، وعلى اليسار انتريه بأربع كرسى مزدوجة يتوسطهم طاولة زجاجية قصيرة ،

كان على وضع نصف الجالس على السرير ، لم تصدق ابتسامته حين رآها بل هى من انقبض قلبها فور رؤيته ، فهى الآن تراه للمرة الثانية منذ سنين ،
ولو اقسموا لها انه يضمر لها الخير فلن تصدق ابدا ،

… أهلا يافريدة ، اتفضلى يابنتى …
أشار لها على الكرسى القريب منه وهو يقول … تعالى هنا …

اقتربت فريدة منه وهى تحدث نفسها … بنتك ، ده من امتى أن شاء الله …

جلست وهى صامتة تماما ، لم تلقى أى تحية أو تحمد الله على خروجه ، بل اكتفت بالصمت كرد على كل ما قال وما سيقول

آن هاتف عادل ، وعندما رأى اسم المتصل استأذن ليرد وخرج من الغرفة ،
قال الجد موجها كلامه لأكرم … سيبنى مع فريدة شوية ياأكرم ، ومتخليش جد يدخل دلوقتى …

تعلقت عين أكرم بفريدة وكأنه يسألها هل هى موافقة على هذا أم لا ،
امائت له بالإيجاب مع ابتسامة بسيطة جدا ، فحتى الآن أكرم هو الرجل الوحيد فى هذه العائلة الذى يمتلك جزء من الشرف والمبادئ التى لم يتخلى عنها من أجل المال والتى حظى بها على احترام فريدة حتى الآن .

التفت الجد لفريدة وظل يحدق بها لثانية ، وهى على نفس الحال وكأن كل منهم يحاول ثبر أغوار الآخر دون حديث ،
وقد أيقن هو وقتها ان فريدة تمتلك نصيب جيد من الصبر والتحكم فى الذات تستحق بها ما يحمل ناحيتها من قلق ،

لو لم يتنازل هو ويبدأ الحديث لاستمر الصمت قائما إلى مالانهاية،

… انا عارف انك زعلانة منى ، ومن كل الناس اللى فى البيت هنا ، وأن اللى عملناه معاكى ومع أمك مش شوية …

قالت لنفسها بسخرية …زعلانة ، هو ده اللى انت شايفه ، دا أنا لو فى ايدى طبنجة كنت ضربتك بالرصاص وخلصت منك خالص …

وجدها مازالت على صمتها فتابع كلامه
… بصى يافريدة ، انا طبعا مش هقولك سامحينى ، عشان عارف انه مش سهل ، كل اللى هقولهولك ادينى فرصة ، عيشى هنا ، وخدى حق أمك زى ما خالك وعدك ، ويمكن مع الوقت تسامحينى …

لم تستطع تحمل المزيد من كلام فارغ المعانى لا طائل منه ، فقد توقعت أن يكون كلامه وتعامله معها أكثر حكمة مما يقوله الآن ،
ما هذا الهراء الذى يتفوه به أمامها الآن ،
مازالت على رأيها فى هذه العائلة ، يوجد بها شيئا غامضا وغير مفهوم لا تعلم ما هو ،

وقفت وابتعدت ومازالت على صمتها متوجهة ناحية الباب ، وقبل أن تخرج التفتت وقالت … اسامح على ايه ولا ايه ، وأن سامحت ، هى هتسامحك ازاى بعد ماتت ، مش شايف أنها وسعت منك شوية ، بس عموما انا قاعدة ، وهاخد حقى زى ما قلت ، ومفيش داعى للكلام اللى انت قلته ده ….

ثم تركته وخرجت دون أن تنتظر رده على ما قالت أو حتى ترى تعبيرات وجهه ، فبينها وبين نفسها بدأت تتأكد بأنه ليس الرجل المنشود فى هذه العائلة .

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية دموع ممنوعة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى