روايات

رواية حورية بين أنياب شيطان الفصل الثالث عشر 13 بقلم خديجة السيد

رواية حورية بين أنياب شيطان الفصل الثالث عشر 13 بقلم خديجة السيد

رواية حورية بين أنياب شيطان البارت الثالث عشر

رواية حورية بين أنياب شيطان الجزء الثالث عشر

حورية بين أنياب شيطان
حورية بين أنياب شيطان

رواية حورية بين أنياب شيطان الحلقة الثالثة عشر

قبل ساعة ظل عتمان يحتضن حوريه رغم عنها وهو يسير والرجال في الخلف حتي ابتعدوا مسافه ليس كبيرة عن القصر ثم توقف وابتسم باصطناع قائلا”خلاص يا رجاله متشكر لحد هنا انا عربيتي اهي هاخذها و هروح بقى مش عارف اقول لكم ايه علي اللي عملته معايا متشكر جدا”

نظروا الرجال إليه قليلا ثم هز رؤوسهم بالايجابي حتي يرحلون قبل ان يوصوا عتمان عليها وهو أجاب بالموافقه بوهن أجاد إتقانه
بينما زاغت عينا حوريه بخوف شديد عندما رحل الرجال وبقت بمفردها مع جدها لا تعلم ماذا ينوي يفعل لها؟ أو ما يجب عليها فعله؟ تشتت عقلها من كثرة التفكير ومحاولاتها في الوصول الي حل لهذا المأزق حتي توقف عقلها عن التفكير عندما سمعت صوت عتمان يضحك بشر من سذاجه الرجال اللامتناهية.

ثم تطلع إلي حورية وتوقف عن الضحك و الجمود يعتلي ملامحه لتنظر له حوريه منتظرة حديثه حتي تلقت منه صفعة قوية علي وجهها تتبعها الثانية بقوة مضاعفة حتي سقطت بالارض بعنف ثم بصق عليها باحتقار جعل حورية تنتفض علي أثر فعلته وسرعان ما إجهشت في بكاء عنيف بألم ثم سحبها بعنف وهتف بقسوة شديدة” لسه برده يا زباله مصممه ما فيش حاجه بينك وبين الولد ده حتى بعد ما طلعك براءه، ورحمه ابوكي يا حورية لا هتحصلي في تربه قريب وعلى أيدي”

بدأت عبراتها تهبط بضعف وهي بمفردها في منتصف الطريق معه ولا يريد يتركها و كعادته يمارس ضغوطات قاسيه عليها تأجج عيناه بالغضب الشديد وهو يصرخ بعنف”يابنت الـ** ما هو انا مش مركب قرون عشان اسيبك تصيعي علي حل شعرك مع حته عيل تربيه ملاجئ وانا قاعد في البيت واللي يسوى و ما يسواش يلسن عليا بالكلام بسببك “

حاولت التملص منه إلي أن سمعت صوت صرير إطارا سيارة سريعة تحتك بالارض بقوة يقترب منها ألتفتت نحوها بخوف ولهفه علي أمل أن يكون قاسم! لكن ليتحول ذلك الخوف إلي رعب أكبر وهى ترى السيارة القادمة باتجاهها لتنزل منها ناريمان ومعها الحارس الخاص بها قادمون عليها لتضرب دقات قلبها بصدرها بقوة مسببة لها الارتجاف واقتربت منها ناريمان وهي ترمقها بنظراتها الاستهزاء وهتفت بأسف مصتنع” متاسفه يا عتمان هقطع عليك وصلة التربيه المتاخره دي
لبعدين عشان انا محتاجاها اوي دلوقت.. يلا اتحرك انت كمان واجيبها لي على العربيه”

عقد عتمان حاجبيه باستغراب قائلا بعصبية”
تاخدي مين أنتي اتجننتي مش انتي اللي متصله بيا ومعرفاني مكانها عشان اروح اخذها “

مطت شفتيها ببرود تام وهي تقول بصوت جاد”لا ما هو انا مش المصلحه الاجتماعيه بتاعت العيله انا كلمتك عشان تعرف تخرجها من القصر وانا عارفه اوصل لها ذي طعم يعني وانت زي الغبي شربت الطعم ده”

ودون مقدمات اقترب الحارس الذي معها و ضرب عتمان علي رأسه بقوة ليسقط فاقد للوعي، صرخت حوريه و اتسعت مقلتيها بذعر وخوف وإلي هنا أصاب قلبها بخوف ليس له مثيل استدارت مبتعدة عنهم قبل أن يمسكها أحد و دموعها المرعبة تتساقط منها و ركض خلفها سريعه ذلك الحارس الخاص بـ ناريمان لتحاول حورية الهروب منهما وهي تركض بكل سرعتها لكن اصطدمت بعنف وسقطت على إثره ركبتيها على الأرض رفعت عينيها والتفتت خلفها بسرعه بخوف شديد لتري الحارس أمامها يبتسم بخبث واقترب منها و حملها بين ذراعيه لتصرخ هي بقوه وهي تحاول النزول لكنه ثبتها بقوة أتجه نحو ناريمان الذي ابتسمت بسعادة وحقد وفتحت باب السياره ليضعها في الخلف و بعدها ذهبوا إلى بعيد وهي معهم.

بينما ظل عتمان ساقط بالارض فاقد الوعي جانب سيارته و الدماء تنزف منه وبعد ربع ساعة اقتربت منه سياره قاسم الذي لمح السياره تقف و عتمان بالارض جانبها، هبط بسرعه وتقدم منه وحاول أن يجعله يفيق ونجح في ذلك وفتح عينه هتف قاسم بصوت غاضب وقلق ” حوريه فين و مين اللي عمل فيك كده انطق بسرعه وديتها فين؟”

هتف عتمان بصوت منخفض بصعوبة من الألم يخترق موقع رأسه بشده”ناريمان جاءت وخدتها مني وهي اللي ضربتني ومشيت ما اعرفش راحوا فين”

نظر إليه بعدم تصديق و هو يشعر بالغضب منه داخله يتكاثر اضعاف ليقبض علي فكه بقوة و هو يقول بعصبية مفرطة “ضيعت حفيدتك هي دي اللي هتموت عليها عشان تاخذها اديك بعد ثواني بس ضيعتها وما عرفتش تحميها. “

تركه بالأرض يتألم و تحرك متوجه الي منتصف الطريقين بحيره يفكر اي قد ذهبوا لكنه لم يعرف، دائما يحاوط من جميع الاتجاهات بالمشاكل وقف بمنتصف الردهة يغمض عينه و هو يشعر بثقل علي صدره حد الاختناق ليخرج الهاتف من جيب سترته يهاتف جمال الذي رد علي الفور لينطق قاسم بضيق شديد ” انا عارف أن انت ماشي ورايا من ساعه لما طلعت، عاوزك تدور في الاتجاه الثاني عندك لو لقيت عربيه ناريمان عدت قدامك تتصل بيا على طول وانا هاروح الطريق الثاني حوريه معاها”

**
بعد مدة قصيرة وقفت سياره ناريمان في جراج السيارات وتوجهت نحوه مكان مهجور هي و الحراس الذي يسحب حوريه معه بعنف وقسوة شديدة بينما كانت الامطار تتساقط فوقهم بغزاره و أصوات الرعد تتعالي.ثم وقفت ناريمان بالخارج تتفقد المكان جيد واشارت الى الحارس ان يدخلها الى غرفه من الغرف الفارغة ثم بعدها دلفت ناريمان إليها لتجدها
بحاله غربيه لكن لم تهتم إليها

بينما كانت حوريه صامته جامد حتى بدأ يخفق قلبها رعبًا من الأصوات و الأجواء بالخارج لم تعد تطيق تلك الأجواء تذكرها بأسوأ ليله في حياتها فزدادت من سرعة ضربات قلبها مع كل صاعق رعد بالخارج كانت تحاول بكل الطرق التحكم بتلك الحالة و الغضة الحاده داخلها لكن كل ما حاولت فشلت رفعت أناملها الصغيرة تمسح ما تبقي من عبراتها التي بللت وجهها من دموعها والامطار فهتف ناريمان بخوف مصطنع”ايه ده بس مالك شكلك تعبانة أوي تؤ تؤ ما ينفعش كده ما تنسيش انك حامل العصبيه والخوف اللي في عينك دول مش كويسين عشان البيبي “

ظلت حورية صامته تأخذ أنفاسها بصعوبة وضعف، ابتسمت ناريمان بقوة تهتف بسخرية وهي تلمح خوفها الشديد بعيناها يشع تمامًا لكن خوفها كان من اصوات الرعد بالخارج والامطار وليس منها “مين اللي ضربك كده عتمان مش كده ايده جامده وجعتك صح طول عمرة عصبي و متهور وما عندوش مخ بقى معلش.. بس اللي انا هعمله فيكي دلوقت غير اللي هو كان هيعمله فيكي خالص انا حاجه ثانيه غيرة “

هبطت دموعها تغزو صفحة وجهها لتهز رأسها ببطئ متألمة ثم تمتمت بضياع “هتموتيني”

لتبتسم هي ببطئ بشر تتلذذ بخوفها وهي تقول بصوت ماكر “تعرفي الفتره اللي رجعتي ثاني السجن فيها وعملتي استئناف للحكم واخذتي براءه خليتني انا كمان أعيد حساباتي في حاجات كتير، ذي ان الموت بالنسبه لك راحه وانا مش عاوزه راحتك انا عاوزاكي تتعذبي وتتقهري ذيي واكثر “

ابتلعت ريقها بصعوبة ترجع خصلاتها للخلف تحاول إخفاء خوفها عندما اقتربت أمامها مباشرة لكن ناريمان رفعت أناملها تمسك ذقنها بعنف وقسوة شديدة كي تدير وجهها إليها فاستجابت لها رغم عنها بضعف شديد، مطت ناريمان شفتيها بتفكير مصطنع تردف بحده “بس قولي لي في حاجه نفسي افهمها ايه اللي يخلي قاسم خايف عليكي وعاوز يحميكي مننا كده يا ترى وعدتيه بي ايه؟ يلا قولي لي أصلا عندي فضول من ناحيه الموضوع ده كبير ونفسي افهمه “

أنتفض جسدها يرتجف برعب و فزع شديد خاصة عندما أصبحت الاصوات الرعد تضرب بقوه اكبر وضعت يدها على أذنها بهستريا حتي لا تستمع الاصوات وبدأت تبكي بعنف حتي أن جسدها بدأ يرتعش بالكامل ثم كتمت فمها بيدها تمنع شهقاتها من الارتفاع وهي تتألم ولكن ليس من جرح جسدها و نفسيتها فقط إنما جرح قلبها الذي ينزف من شعورها بالخذلان تجاه الجميع نحوها، فهي لم تكن تتصور أبدًا أن قاسم يتجاهلها بهذه الطريقة ولم يذهب خلفها هذا المرة هو يعرف شعورها الان كانت تعتقد أنه أصبح يعرفها اكثر من نفسها لكن بفعلته هذه شعرت بالخذلان والقهر المرير منه.

كان كل ذلك تحت أنظار ناريمان المستغربة
لتنظر لها بإستحقار وكره صائحة بغضب”مالك يا بنت ما تتعدلي هو انتي فكراني باللي بتعمليه ده هاسيبك ده بعينك انا اما صدقت وقعتي في ايدي تاني “

لكنها ظلت هكذا تبكي بقهر مما أغضب ناريمان منها فهي لا تعرف أنها تفعل ذلك لأنها تشعر بألم بالفعل ام حتى تمل منها وتتركها نهضت ناريمان بغضب شديد منها وهي تقترب منها تنوي ضربها بشده ولكن توقفت مكانها عندما؟

استمعت لأصوات حطام بالخارج عقدت حاجبيها بدهشة ثم نظرت إليها وعيناها تلمع بخبث واضح وهي تقول”هارجعلك تاني تكوني خلصتي من الهبل ده “

**
خرجت ناريمان بهدوء الي الخارج وسرعان ما
صرخت بقوة عندما وجدت الدماء تنزلق من جسد الحراس الذي كان معها بغزارة وهو فاقد الوعي ومرمي بالارض من الواضح أنه تعرض الي ضرب عنيف ثم رفعت مقلتيها ببطء إلي الجسد الأخري الذي يقف أمامها وجحظت عيناها بقوة وارتعبت أوصالها عندما وجدت قاسم يقف أمامها بكل برود ويده وملابسه ملطخة بدماء الحارس.

وعندما وصلت لعقلها فكرة أنه من الممكن يفعل فيها اضعاف ما فعله الحارس شهقت بخوف وارتعبت والتفت قاسم دون حديث ليركض يبحث عن حورية بين الغرف حتي وجدها بداخل أحد الغرف تنكمش علي نفسها بقوة وهي تبكي بقهر.

ذهب بخطوات ثابتة لكي يطمئن علي حورية وانخفض إلي مستواها بالأرض وعندما وضع يده برفق فوق راسها انتفضت بذعر وخوف و دخلت في صراع نفسي ما بين الصراخ والتيه والهذيان بكلمات غير مفهومة حتي أنها لم تطلع فيه وتنظر الي وجهه، حزن قاسم عندما رآها بهذا الشكل ليري وجهها شاحب وجسدها هزيل ضعيف لا يقوي علي الحركة تصرخ فقط حينما تشعر يقترب هو منها لكنه لم يستسلم واقترب منها وهو يحاول تهدئتها قائلا” حورية اهدي أنا قاسم ومحدش هيجي جمبك غيري”

هزت رأسها برفض شديد رافضه النظر إليه
وصراخاتها تتعالي التي تمزق قلبه الصغير كان يبكي علي صراخها وانكمشت أكثر علي نفسها وضمت ساقيها لصدرها بخوف اغمض عينه وزفر بضيق شديد و بألم حاد يعتصر قلبه قائلا بحنوِ” أنا قاسم يا حوريه ارفعي عينك وبصي لي بنفسك عشان تتاكدي.. حوريه عشان خاطري بصيلي عاوز اطمن عليكي”

رفعت حدقيتها التي كانت تتأرجح بداخلها بالفزع وعبراتها تغرق وجهها الصغير وتهز رأسها بقوة وتمتمت بين شهقاتها” ابعد عني انت كمان مش عاوزاك ..انت هتبقي زيهم وهتضحك عليا.. ابعدوا عني ابــعــدوا بقي وسيبوني في حالي انا معملتش حاجه في حد انتم بتعملوا فيا كده ليه “

كان صوت بكاءها وصرخها يمزق قلبة ليقبض علي يده بقوة جعلت عروقه تبرز من قوته
ثم تمتم بنبرة محببة ” انتي زعلانه مني عشان اتاخرتي عليكي معاكي حق حقك عليا بس أنا”

صمت بقلق شديد والتفت عندما أستمع الي صوت طلقه ناريه في الهواء ليجد ناريمان هي من اطلقت النار وتقف امامهم ترفع السلاح في وجوههم ابتسمت بسخرية وهتفت بتهكم” معلش قطعت عليك وصلت الحنيه بتاعتك بس اللي جنبك دي تلزمني وانا مش هاسيبها لا اللي هقتلها دلوقتي قدامك و اقتلك أنت كمان”

نهض بسرعه بحده و جحظت عيناه بصدمة عندما وجد ناريمان ترفع في وجهه المسدس وعيناه تضخ شرارات الغضب والانتقام صاح قاسم إليها بغضب شديد”ناريمان نزلي الزفت اللي في ايدك ده احسن انا اللي اجي اخذ روحك دلوقتي واياكي تعملي ليها حاجه “

تقدمت ناريمان منه ووقفت أمامه تبتسم بسخرية وخبث بصمت ناظرة إليه ولم تمنحه ناريمان فرصة لـ الحديثه مره ثانيه او اهتمام حين سحبت زينات سلاحها الناري تصوبه نحو رأس حورية بلحظة لكن تحرك قاسم يقف أمامها بسرعه وكانت الطلقة نارية مخترقة ذراعيه غارق بدمه وأطلقت حورية صرخة عالية بخوف و قد ارتجفت أوصالها برعب، تألم قاسم كاتم صوته بينما ناريمان لم تكتفي بذلك و وجهت السلاح مره ثانيه لكن نحوه رأسه هو وقبل أن تطلق الطلقه الثانيه رفع جمال يدها إلي الاعلي و انطلقت الرصاص في الهواء زمجرت ناريمان بشراسة شديد وهي تنظر إليه بحده.

ابتسم باتساع جمال وهو يردد باستفزاز قائلا”
تحب تمشي لوحدك ولا ابعت معاكي حد يوصلك “

جزت ناريمان علي أسنانها بغضب دفين ثم تحركت بخطوات غاضبه تذهب الى الخارج، بينما هتف جمال متسائلا وعلامات القلق تغزو وجهه وهو يري ذراعيه قاسم ينزف الدماء” انت كويس يا قاسم دراعك بينزف “

تنهد قاسم بعمق كأنه يطرد هم ثقيل من علي قلبه عندما جاء إليه جمال لـ ينقذهم في آخر لحظة ثم هتف وهو يمسك ذراعيه متجاهل الألم “جرح بسيط ما تقلقش عليا المهم دلوقتي حوريه كانت “

ليتفاجا عندما ألتفت بأن حوريه ليس موجودة خلفه اتسعت عينا قاسم بصدمة كبيرة وخوف شديد وهو يهدر “حورية! حـوريـه فين كانت هنا دلوقت معايا”

بحث حوله في كل مكان ولم يجدها ثم أسرع في خطاه يستطيع التحامل علي آلام ذراعيه لكن لا يقدر علي آلام قلبه وهو يتحرك الي الخارج يلحق بها.

**
توقف صوت الرعد والامطار بدات بالهدوء قليلا نوعاً ما وكانت حورية تسير بخطوات ثقيله جدا وهي قد اكتفت من البكاء لكن ألم قلبها وجسدها مزال يصدر اصوات مؤلمه تحدثتها أن الماضي لم يكن قد دُفن في سرداب عميق كما توقعت! فقد بدأت هيهات تظهر وهي لا تعلم أن الماضي سيظل يلاحقها كظلها طول الوقت كما أنه ينتظر الوقت المناسب للانقضاض عليها اكثر من ذلك.

فاقت حورية من شرودها عندما وجدت سياره تتوجه نحوها قاصدة هي دون غيرها انكمشت فى نفسها وهي تحاول الابتعاد لكن توقفت السيارة أمامها، ضاقت عينيها لتري من بداخل السيارة هذه المرة! لتجد حازم وبجانبه عتمان جدها يمسك رأسه يتعب يحاول ايقاف النزيف فهو من اتصل بحازم حتي يأتي إليه يساعده عقد عتمان حاجبيه باستغراب قائلا بحده” وقفت ليه انت كمان ما تطلع “

هز حازم رأسه برفض وهو يشير برأسه بصدمة قائلا بعدم تصديق” حورية يا جدو أهي”

كان قاسم يحاول اللحاق بها بسيارته ويحاول النظر بلهفة شديدة من خارج شباك سيارته لعله يراها تجلس هنا او هنا لكن لم يجدها زفر بحدة و أسرع بقوة عجيبة تكاد تؤدي به إلي حادث شنيع يريد اللحاق بها حتي فجاءه توقف بسيارته وانتبه لـ حوريه تقف بصمت أمام سياره! ليستطيع التعرف على من بداخلها وكان عتمان ومعه شخص اخر لم يعرفه

هبط قاسم من سيارته بسرعه واقترب منهم وهو يخفق قلبه بقلق وازدادت ضربات قلبه عندما وجد عتمان يهبط من السياره هو و حازم ليقتربوا من حوريه لكن توقفوا بصدمه عندما رفع قاسم المسدس بوجوههم قائلا بتحذير” خليكم مكانكم ولا خطوه كمان منها وما تفتكرش هاسيبها لك المره دي تاخذها مني طالما مش قادر تحميها “

جز حازم علي أسنانه بغضب وقد عرف أن ذلك قاسم الذي يحكي عنه الجميع وحوريه كانت تختبئ عنده ليقول بعصبية شديدة”
ابعد انت عنها وما لكش دعوه بيها احنا اهلها انت مين وعاوز تاخذها مننا بصفتك ايه”

تجاهل قاسم حديثه واقترب منها بخطوات بطيئة يحاول طمأنتها قائلًا بهدوء وهو يهز رأسه” حوريه كفايه عياط وتعالي جنبي عشان نمشي انتي عارفه و متاكده ان انا عمري ما هاذيكٍ”

اتسعت عينا حازم بغيره وهو يصيح بقوة”
حوريه ما تسمعيش كلامه ما ينفعش تفضلي معاه تعالي لينا وانا اوعدك جدي مش هيقربلك ولا يعمل لك حاجه احنا عاوزين مصلحتك يا حبيبتي تعالي عندي”

زمجر قاسم بشراسة وهو يسمعه يهتف ويطلق عليها و يلقبها “حبيبتي” فهو لا يعرف حتى الان ماذا يقرب اليها.

بينما كانت تقف حورية وسطهم بحيره شديده وتوتر وهبطت العبرات من مقلتيها حزينه علي حالها لا تعرف الي من ستذهب الان؟ قاسم كان ومازال الشعور بالامان لكن الى متى سوف تظل معه وغيري ذلك هو تركها اليوم ترحل دون ان يمنعهم، وجدها عتمان و الموت والعيش معه نفس المعناه العذاب الذي ليس له نهايه.

كان مزال قاسم يرفع المسدس بوجوههم غير مهتم بنزيف يده وعيناه تنطق بالشر وهو يقول بحده” مصلحتها عمرها ما هتكون مع واحد زي جدك ولا معاكم ده مقدرش يحميها منهم ومع اول محاوله ليهم وثاني مره هيعرفوا يوصلوا ليها جدك ده ولا بيعمل اي حاجه غير انه كلام على الفاضي و بس، مش بيقدر بس غير أنه يتشطر عليها”

اتسعت عينا عتمان بغضب مكتوم بينما
هز حازم رأسه بقوة برفض ما قاله ليهتف بغضب”ومصلحتها بقي مع واحد زيك تطلع مين انت عشان تدخل نفسك في مشاكل عائليه ما تخصكش، هو جدها وانا ابن عمها واحنا اولى بيها حوريه يلا تعالي علشان نمشي وما لكيش دعوه بي”

كانت حوريه تنظر لهم بخوف شديد وتهز رأسها بقوة وهي تضع يدها على أذنها وتمتمت بين شهقاتها “بـس بـقـى كـفـايـه انـتـم الاثنـين”

كان قاسم يستمع صراخها وقلبه يدق حزنًا واشفاقًا بين أضلعه علي ما يحدث معها يشعر بعجزها وضعفها في هذا الوقت رفعت حورية عيناها المليئة بالدموع بضعف ثم تحركت نحوهما؟.

بينما انقبض قلب قاسم بشده عندما وجدها وهي في حالة ضعف شديد تحركه خطوه تجاه عتمان و حازم “حوريه اوعي تسمعي كلامه وتعالي ليا انتي عارفه انك بتروحي كده الموت برجليكي لو فكرتي تروحي ليهم .. انا عارف ان انا كنت غلط لما سبته ياخدك من غير ما اوقفهم من البدايه بس ما قدرتش وجيت وراءكي أهو على طول و اوعدك عمري ما هعملها ثاني ولا هاسيبك.. اوعي تفكري تنتقمي مني وتروحي ليهم انتي كده بتنتقمي من نفسك “

توقفت فجاه في خطواتها وقد بح صوتها من الصراخ و بدأت الرؤية تتلاشي حولها وعيناها تزوغ في الفضاء بتيهة وجسدها يرتجف بعنف من البرد و التعب الشديد الذي تعرضت لها اليوم ثم التفت نحوه قاسم تنظر إليه بصمت.

ابتسم قاسم بحنان إليها بارتجاف وعندما شاهد حازم نظراتهما صرخ وهتف بعنف” حوريه انتي بتفكري في ايه تعالي هنا احنا اهلك ومش هنسيبك المفروض تكوني معانا احنا “

نظرت حورية إلي حازم الذي ينظر لها يتوسل أن تتقدم نحوهما و عتمان الذي يجز علي اسنانه بضيق وتوعيد لها، ثم هزت راسها له باستياء وحزن قائله” أنتم اللي اتخليته عني من البداية مش انا يا حازم”

ثم بعدها ذهبت نحوه قاسم وفتحت باب السياره بهدوء شديد و جلست تنتظره ابتسم قاسم بعدم تصديق و بارتياح شديد أخيرا وذهب علي الفور خلفها يصعد سيارته ليرحل

لينظر حازم في صدمة وتوجس إلي جدو عتمان أن يفعل شيئا وصك عتمان علي أسنانه بحقد يريد اللحق بهم ولكن سرعان ما توقف بخوف وقلق عندما وجد سياره جمال قادمه وفتح زجاج السياره و أظهر سلاحه بيده وهو يبتسم باستماع و يصفر باستفزاز حتي ذهب قاسم بسيارته أمامه وهو طلع خلفه بعدها، ليصرخ عتمان بعنف وغيظ شديد أنه استطاع ان ياخذها منه مره ثانيه.

**
في الصباح بداخل قصر عصام الصريطي في الصالون كان جواد ينظر بأسف إلى والدته التي تجلس أمامه كانت تكور ناريمان قبضتها معًا و تشعر بالغليان الذي كان فتيله رؤية علي الجبوري امام عيناها ورغبة عنيفة بالقتل تتولد داخلها كلما تذكرت كيف استطاع قاسم حميتها منها و اخذها.

بعد فترة هبط عصام ونظر إليها نظره ذاته معنى وصمت فتجهمت ملامحها وهي تصيح متسائلة بخشونة ” نعم مالك بتبصلي كده ليه انا مش عاوزه اسمع اي صوت من اي حد فيكم ولا انت ولا ابنك انا اللي فيا مكفيني “

ضيق عصام عيناه بتنمر وهو بجيب ” انا فتحت بوقه ولا اتكلمت خساره الكلام معاكي طالما مش بيفيد بحاجه ولا بتسمعيه وبرده بترجعي تنفذي اللي في دماغك “

فجأة غامت عينيها بذكريات ليله أمس وضغطت على يدها بعنف وهي تقول بحقد وغيظ شديد” ما هي كانت في ايدي وخلاص كنت هموتها “

تابعت حديثها وهي تطلع نحوه ببرود ثم زمجرت فيه بحنق قائله ” لولا ابنك اللي طلع لي زي القدر مستعجل معرفش منين و خدها هو و الزفت جمال “

تنهد عصام بضيق شديد قائلا بجدية”دلوقت بقى ابني، نصيحه مني ابعدي عنها وسيبيها طالما هو كمان حاططها في دماغه ومش عاوز يبعد عنها احنا مش قده واديكي شوفتي اللي حصل كان ممكن تموتي “

نظرت إليه وهي تقول بحدة مُخيفة قاسي كمخالب الشيطان”اتكلم عن نفسك انا قد الولد ده وعشره زية، وبرده مش هسكت وهفضل وراء البنت دي لحد ما اخذ حقي منها “

عقد ما بين حاجباه وهو يحدق بها بغيظ” ما فيش فايده فيكي انا ماشي رايح الشغل احسن”

تحرك عصام للخارج بخطوات غاضبه لينهض جواد خلفه وهو يهتف قائلا” استنى يا بابا خذني معاك “

**
في قصر قاسم السيوفي، بعد رحيل الطبيب وقد عالج ذراع قاسم و كان الجرح سطحه وليس خطير فـ الطلقة النارية لم تخترق ذراعيه وحقن حوريه بمهدئ لـ حاله إنهيارها العصبي وتركها قاسم ترتاح و ذهب الى الخارج ثم اقترب جمال منه بهدوء و هو يقول “ذراعك عامل ايه دلوقتي”

امسك ذراعيه الملفوف بالشاش وقال بصوت مخنوق”انا كويس ما تقلقش يا جمال ما الدكتور قال قدامك ان الجرح سطحي والرصاصه ما دخلتش في دراعيه
المهم دلوقتي حوريه تفوق بعد المهدئ اللي اديهلها وتبقي بخير”

هز رأسه بإيجابية قائلا بجدية” هتبقي كويسه ان شاء الله انا عارف ان مش وقته بس لازم تعرف أن اهلها زي ما جم مره هييجوا ثاني وياخذوها و ناريمان مش هتستسلم من محاولاتها انا مش بخوفك بس بحاول أحذرك ولازم نكون مستعدين لـ إللي هيعملوا في أي لحظة”

نظر إليه بحده ليحك رقبته باظافره و هو يقول بصوت حازم”عارف بس المره دي ما حدش هياخذها مني طالما مش قادرين على حميتها “

تطلع فيه جمال قليلًا بتراقب ثم هتف متسائلا بقصد”مش ملاحظ تصرفاتك بقت مبالغ فيها وما بقاش الموضوع مجرد انك عاوز تحميها منهم عشان تانيب ضميرك من اللي عملته فيها ليله الفندق، لا ده الموضوع بقي بيطور لحته ثانيه انت بعد كده هتندم عليها يا قاسم”

ابتعد عنه خطوتين لـلخلف و هو يقول بحده عاقد ما بين حاجبيه”تقصد ايه بكلامك ما انا شيء طبيعي هساعدها لما الاقيها واقعه في مشكله زي دي، بطل انت إللي تسرح بدماغك يا جمال عشان ما فيش حاجه زي كده ممكن تحصل “

أبتسم جمال من زاوية فمه ساخرا مرددا”
متاكد انا شايف عكس كده وانها حصلت اصلا”

هز رأسه بحفاوة وهو يهتف قائلا بصوت بجمود”هقول لك نفس الرد اللي قلتهلك زمان لما طلبت مني ده عشان حياتي تتغير ما فيش قلب حجر بيحب ويعشق يا جمال وأنا قلبي حجر و ده مستحيل يحصل”

تنهد جمال ونظر إليه بتفحص و هو يضيق عينه بشك وقال بتساؤل”امال انت عاوز منها ايه دلوقت؟ “

ليمرر يده علي خصلات شعره يشدها بعنف و هو يقول بصوت مخنوق “ما عنديش غير حل واحد بس عشان تفضل موجوده معايا واقدر احميها من اي حد وساعتها ما حدش هيقدر ياخذها مني حتى لو عمل إيه و طلبلي البوليس”

صمت جمال قليلًا بحذر منتظر قوله في حين أخفض قاسم عيناه عن عينه حتي لا ينظر اليه وهو يقول بهدوء مصتنع”انا هتجوز حورية”

نظر اليه جمال بصدمة و أعين متسعة بذهول غير مصدقة ليقول بصرامة”انت اكيد بتهزر يا قاسم ايه اللي انت بتقوله مستحيل يحصل و مش هينفع في الوقت الحالي كمان “

تحرك بعيد عنه بحده و هو يتحدث بانفعال ”
انا مش عارف ليه دائما بتقفلها في وشي لا مش مستحيل و هيحصل وما عنديش حل غير كده عشان اقدر احميها وابني يتربى وسط أمه و ايوه الحقيقيين “

تحرك خلف منه ومسح جمال علي وجهه بضيق شديد ليشير اليه قائلاً بتحدي”طب تمام اتجوزها بس لازم قبل ما تتجوزها تعترف ليها بالحقيقه وان الطفل اللي في بطنها ده يبقى إبنك أنت؟ هاه هتقدر على كده “

ابتلع قاسم ريقه بارتباك و هو يعلم أنه إذا اعترف بذلك قد خسرها الي الأبد ليقول بتوتر “انا اكيد كنت في يوم هقول لها كل حاجه بس دلوقت صعب لو قلت لها هترفض الجواز مني ومش هتبقى عاوزه تفضل معايا اصلا وهتمشي وتسيبني ..الموضوع هيكون صعب عليها تتقبله “

لينظر إليه بغيظ و هو يقول بجدية”بس لازم تبني حياتك على حقيقه مش كذبة وما ينفعش تحطها قدام الامر الواقع يا قاسم وبعد الجواز تقول لها كل حاجه وهي غصبا عنها لازم
توافق “

اقترب منه قاسم بحده ليرفع سبابته بتحذير أمام وجهه و هو يقول بصوت عالي حاد كالرعد “انا مش بفكر بالطريقه دي بس ما ينفعش حوريه تفضل عايشه كده في عذاب و الكل عمال يبيع ويشتري فيها وفي نفس الوقت ما ينفعش تفضل عندي من غير اي ارتباط ما بيننا، وهي أكيد في يوم هتتجوز عاوزني اسيب ابني يتربى مع حد غريب بعيد عني.. هو ده الحل الوحيد صدقني بس ياريت هي توافق عليه الاول عشان اقدر احميها و احمي أبني من أي خطر”

هز راسه بنفي و هو يقول باعتراض “بس برده مش هينفع تتجوزها دلوقت “

ليلتفت إليه و هو يقول بحدة من بين أسنانه “وبعدين معاك يا جمال”

هتف جمال و هو يقول بجدية”مش هينفع تتجوزها دلوقت عشان هي حامل، لازم تستنى لما تولد الاول وبعد كده تطلب تتجوزها وده شرع ربنا مش كلام من عندي، هو طبعاً الطفل ابنك و جاد مالمسهاش بس هي مش تعرف كده ولا الناس فـ الافضل تستني بعد ما تولد عشان ما تحطهاش في وضع شبهه”

لينظر اليه قاسم بحزم و أعين مليئة بالحزن ليصمت و جمال يراقبة بهدوء بينما ارتجف فكه المشدود بصدمه وغضب وهو يفكر إذا لم يتزوج حوريه في الوقت الحالي سوف يحاول يأخذها عتمان منه مره ثانيه، حتي اغمض عينه و هو يهز رأسه بتفكير في حل الي ذلك المازق.

**
بعد ساعات ،بدأت تحرك عينيها اسفل جفينها وعقدت حاجبيها بانزعاج وبدأت تحرك راسها ببطئ وها هي تفتح مقلتيها ببطئ تجول الغرفة أمامها، في حين كان يجلس أمامها يتأملها و هي نائمة غارقة بدنيا اللاوعي عينها المغلقة التي تتسرب الدموع منها رغم عنها وشعرها المتعثر من أثر تحريك رأسها بقوة فكان يراودها كابوسها المظلم في حياتها حتي وقعت عينها علي قاسم القابع امامها علي الكرسي الذي بمجرد ان رآها تبدأ تستفيق حتي اقترب منها وامسك كفها برفق ضمه إلي صدره وبدأ يهمس بها بخوف وترقب” حورية انتي كويسة”

لم تتحدث لم تلتفت حتي إليه مره ثانيه ظلت كما هي تنهد و هو يمسك بيدها يجذبها لتجلس معتدلة و كانت رخوة للغاية جسدها مرتخي لا تبالي بما يحدث اسندها حتي جعلها تجلس معتدلة علي الفراش اقترب يجلس جوارها و هي حتي لا تنظر إليه ليهمس مرة أخري و هو يشعر بضيق شديد منها ومن نفسه ” طب طمنيني عليكي انتي كويسه حاسه بحاجه بتوجعك اطلب الدكتور ياجي يشوفك تاني”

ابتلعت ريقها بتوتر و هي تغمض عينها بقوة تكبح دموعها التي علي وشك الهبوط تمنع نفسها من البكاء مقتنعة أنه سيأتي يوم و تتخلص من كل هذا الألم فتحت عينيها و هي
أخيراً التفتت إليه نظرت إلي وجهه وشردت بعينه و هي تبكي و دموعها تتساقط واحدة تلو الاخري وعندما تلاقت عينها بعينه كانت ترسل له نظرات من العتاب مع الحزن و هو يرسل إليها نظرات تبث اعتذاره عن تأخره عليها ليقول بصوت منخفض” خلاص اهدي كل حاجه هتبقى كويسه “

نظرت إلي الأمام و قد غرقت عينها بالدموع لتهمس بصوت خافت بألم ” ما فيش حاجه بتبقى كويسه كل حاجه بتبقى ضدي وتكسرني وبس حتى انت كمان خلفت بوعدك وسبتني ليهم”

أغمضت عينها بأسي و شفتيها ترتجف ببكاء واعتدلت ببطئ لتنزل من علي الفراش ما كاد ان يقترب ليساعدها لكنها رفعت يدها باعتراض ليبتعد جالساً جوارها علي الفراش لتقول بخيبه أمل” بس تعرف هي غلطتي من الاول أن انا صدقتك ووثقت فيك كان لازم اعرف ما فيش حد في الدنيا دي هيتقبلني”

ظلت تبكي بحرقه أما هو فقد غضب من نفسه بشدة بسبب حزنها الواضح للعيان بين حدقيتها وما حدث بسبب أن تركها الي عتمان و بعدها أصبحت فريسه جاهزة الي ناريمان و ما تعرضت إليه ليله امس وبدأت تستعيد ذكريات تلك الليله ودخلت في إنهيار عصابي وهي بمفردها دون أن يسندها احد، نهض بحده وضرب بقدمه بالفراش بعنف جعلها تنتفض بخضة بينما أدمعت عيناه و قبض علي يده بقوه يؤنب نفسه بسبب حزنها ونظراتها المعاتبة وعلي كسر وعده معها أنه لم يتركها مهما حدث حتي لو كان يريد مصلحتها فقد تعرضت للخطر بسببه ثم اقتربت جانبها يمسك بيدها برجاء قائلا “حوريه بلاش تقولي الكلام ده انا لو اتخليت عنك فعلا ما كنتش جيت وراكي، انتي تعبتي أوي امبارح هنزل اعملك اكل عشان تاكلي وتاخدي العلاج عشان تبقي كويسة “

هبطت دموعها تغزو صفحة وجهها تهز رأسها برفض وقد سحبت يدها من قبضته قائلة بعتاب ونبرة متألمة” مش عاوزه اكل ولا دواء مش محتاجاهم انا اللي كنت عاوزه حاجه واحده وبس ان الاقي الامان اللي وعدتني بي”

ثم اشاحت بوجهها بعيد عنه عندما اقترب منها وكانت تبكي بقهر وهزت رأسها بقوة ثم تمتمت بصوت متألم علي ما أصابها”لكن انت عملت العكس وانت عارف ومتاكد ان انا ما بقاش لي غيرك “

تطلع فيها قاسم وهو يشعر جرح قلبه الذي ينزف ندمًا من شعورها بالخذلان تجاهه رفع عيناه الحمراء يقول بندم علي ما اقترفة بحقها قائلا” يااه زعلانه مني لدرجة انك مش قادرة حتي تبصي في وشي يا حورية”

لم تجيب عليه لكن ابتلعت ريقها بصعوبة ترجع خصلاتها للخلف تحاول إخفاء توترها خاصة عندما أصبح أمامها مباشرة رفع أنامله يمسك ذقنها كي يدير وجهها إليه فاستجابت له ولكن كانت تخفض عيناها أرضًا تمتم قائلا بعتاب وقوه” متحرمنيش من حاجه ما كانتش على بالي وانت علقتيني بيها غصب عني.. عيونك يا حوريه حتي لو زعلانه مني”

مسح علي وجهها دموعها برفق وهو يهتف قائلا” انا عارف انك زعلانه مني علي اللي عملته خصوصا اني سبت جدك عتمان يأخذك وانا عارف خوفك منه وانتي فاكره ان انا بعدت قاصد عنك واتجاهلتك وما بقيتيش فارقه معايا بعد ما براءتك ظهرت بس غصب عني جدك حطينا في وضع صعب و لو كنت وقفت قصاده و قصاد الرجاله اللي معاه كنت هقدر امنعهم اه بس سمعتك فعلا كانت هتسوا وده اللي كان عاوز يوصل له انا تضايقت جدا من جمال انه منعني وسابك تروحي معاهم بس بعد ما فكرت فيها بيني وبين نفسي عرفت اني لو كنت منعتهم وهم موجودين الناس كلها كانت هتبتدي تجيب سيرتك بالوحش عنك وعني،و كل ما يجي في بالي انهم اخذوك مني قدام عيني وانا ما عرفتش اعمل حاجه و خسرتك بتجنن وببقي عايز اطربق الدنيا علي اللي فيها سامحيني يا حورية عشان خاطري “

رمقته بنظرة يغمرها العتاب والألم مما فعله بها عندما تركها لتبكي بعنف حتي أن جسدها بدأ يرتعش ولم تقدر تمنع شهقاتها من الارتفاع فهي لم تكن تتصور أبدًا أن يتركها فريسه إليهما كانت تعتقد أنه يعرفها اكثر من نفسها لكن بفعلته هذه شعرت بالخذلان والقهر المرير منه، هز قاسم رأسه برفض وبصوت مخنوق قائلا”ابوس ايدك اوعي تبصي لي النظره دي انا مش زيهم يا حوريه “

اغمضت عيناها ثواني وتنفست بعمق تستجمع قواها المنصهرة في حضرته ثم فتحتها مرة أخري وقالت بصوت مبحوح” طب حتى لو بعدت غصبا عنك فعلا وعشان خايف على سمعتي ما فكرتش في اللي هيحصل لي بعد ما امشي معاه سواء كنت مع جدي او طنط ناريمان انت كنت بتكتب نهايتي فكرت اه في كلام الناس عليا بس وانا فين؟ مش موجودة كأني هوا كان موجود معاك في حياتك.. من امتي وانت قلبك قاسي كده يا قاسم عليا ازاي قدرت تسيبهم ياخذوني وحكمت كمان عليا من غير ما تشوفني انا عاوز ايه “

قالت بصوت مقهوره بحسره ويأس” انا كنت فاكرة اني عمري ما اهون عليك ولا هتبعد عني زي ما وعدتني بس للاسف خيبت ظني وهونت عليك و بعدت عني.. الموضوع مش حكايه خوف و بس يا قاسم الموضوع ان انت بعدت عني في اكثر وقت كنت محتاجه لك فيه أوي أوي “

نظر إليها قاسم بحزن يقسمة داخله ليمسك بيدها يقبلها بحنو و هو يغمض عينه بقوة ليرفع رأسه إليها و هو يقول بصوت عالي غاضب” انا مقدرش امشي وابعد عنك يا حوريه عارفة ليه؟ عشان انتي اللي كنتي الدافع ان انا اصلي الفجر حاضر كل يوم وبدعي وبتمناه في كل سجدة ان ربنا يعدي ازمتك على خير وتطلعي من السجن براءه كنت دايمًا بطلب من ربنا مشاكلك تتحل وربنا يقدرني واساعدك وبعد ما الحمد لله ربنا استجب لي وطلعتي براءه اسيبك اكيد لا طبعا، انا الموت عندي أهون ولا إنك تبعدي عني يا حوريه”

اتسعت عيناها بذهول وكانت تنظر له وهي تبكي بصمت و داخلها ابتسامة وهي تسمع كلماته الذي أصبحت محبة لقلبها ابتسامة رغم أن تداري خلفها بحر من الآلام وهي تستمع أنه كان يسجد إلي الله عز وجل لأجل أن تنحل أزمتها،نظر لها بعمق ومقلتيه تفترس كل إنش في وجهها ثم هدر بفيض من المشاعر”انتي بقيتي حالي وجزء مني خلاص لو بعتي مش بقدر اسيطر على نفسي وانا عيني مش شايفاكي اذا كنتي بخير وبسلام ولا لاء؟ وعتمان لما اخذك مني حسيت كانة خذ روحي معاكي ولما عرفت ان ناريمان اخذتك وممكن تقتلك حسيت ان قلبي هيطلع من صدري من كثر الخوف والقلق ما بقتش عارف اعمل ايه؟ ولما رفعت السلاح علينا من غير تفكير اخذت انا الرصاصه عشان بكل سهوله ممكن افديكٍ بروحي يا روحي فيه حد بقي يقدر يستغني عن روحه”

كانت حوريه مصدومه من الحديث و تلجم لسانها ثم أمسكها بقوة من ذراعيها الاثنين وقلبه يتألم لما تشعر به الآن و أحاط وجهها بكفيه وهو يهتف بأنفاس هادرا من كثر الحديث و من شعوره نحوها المؤلمه” ولما رجعتي هنا ثاني بين ايدي و اخترتيني انا عن جدك و إبن عمك الرزل الثاني.. اول ما شفت عيونك فتحت لي الدنيا ثاني وكانة النور الدنيا نور من ثاني ،كان دلوقتي بس أقدر اقولك كل اللي جوايا من غير خوف ولا قلق راح “

كانت الهمسات بصوته الاجاش يبث كثير من المشاعر التي تحيط بهم لتبتعد هي مرة أخري بتوتر و احراج لكنه جذبها بقوة و إصرار و هو يتحدث بانفعال” في اوعي ثاني مره تقولي انك بتهوني عليا وقدرت استغنى عنك بسهوله، أنتي بقي يهون عليكي قلبي اللي كان هيقف من الرعب عليكي وانا مش عارف اطمن وعمال اتخيل أن ممكن ما اعرفش اوصل لك قبل ما ناريمان تعمل فيكي حاجه “

تنفست بعمق تحاول أن تهدأ من ضربات قلبها ثم رفعت مقلتيها تنظر لظلام عيناه تعاتبه بنظراتها الساكنة أمسك كف يدها الصغير يضع قبلة رقيقة عليها ثم همس بندم ونبرة صادقة
“انا اسف يا حوريه اسف علي كل دمعه كنت السبب فيها آسف إني كنت بعيد عنك في اكثر وقت انتي محتاجه لي ،و عهد عليا قدام ربنا اني مش هخليكي تبكي تاني غير وانتي فرحانة ولا هبعد عنك “

وجدها صامته جامده تنهد قاسم بيأس ونهض وكاد ان يرحل وجدها تمسك بيده وشهقت فجأة وهمست ببكاء” متمشيش يا قاسم انت كمان انا مبقاش ليا حد أنا حالتي هتبقي صعبة ومش هقدر اعيش “

رجع إلي مكانه بسرعه مرة أخري وسمعت تنهيدته الحارة التي شعر من خلالها بالراحة ثم قبّل مقدمة رأسها بحب ثم وضع جبينه بخاصتها يهمس نبرة صادق”مش هقدر أبعد حتى لو قلبي عرف روحي مش هتطاوعني على كده يا حورية”

ثم دب الامل فيه عندما وجدها لم تبعد عنه مره ثانيه وابتسم بسعادة قائلا بلهفة”يعني انتي سامحتيني صح؟”

ابتسمت بخفه وأومات بتأكيد عندما تذكرت أنه الوحيد الذي أغدقها بالشعور الذي كانت تحتاجه لأكمال حياتها كـ أي انسانه عاديه وهو شعور الأمان و الحمايه ولم تشعر معه أنها قليلة في نظر نفسها مطلقاً.

صمتت قليلًا تأخذ أنفاسها من كثرة الجدل والحديث بينهما ثم قالت بنبرة حزينة ضعيفة”انا حاسه اني تعبانه اوي و عاوزه انام تاني بس خايفه لسه لحد دلوقتي سامعه أصوات الرعد و الأمطار في وداني ومش بتروح”

رفع بصره عليها وهو يتمتم بلطف” نامي وارتاحي وما تخافيش وهفضل حارسك زي ليله الفندق “

نظرت إليه بعيونها تشع عاطفه جارفة ثم
ابعدت يدها عنه و هي تعاود الي التسطح تسحب الغطاء علي جسدها تخفية بالكامل و هي تهمس ببكاء و رجاء تحاول الا تظهره ” مش هتبعد تاني يا قاسم صح”

ضم شفتيه بندم علي ما اقترفه بحقها فاقترب منها ببطئ وجلس في الأسفل جانبها مثل بالضبط ما حدث ليله الفندق عندما خافت أن تنام تلك الليله بداخله بعد ليله الحادث وحينها لم تنام و تطمئن إلا عندما جلس قاسم جنبها
علي الأرض يحرسها كذلك، بدأت تغلق عينها بتعب وإرهاق وهو هامس بابتسامه حنونه “مش هبعد يا عذابي وقدري.. ولو حصل خليك متاكدة ان هيكون غير ارادتي “

**
بعد مرور يومين.

بداخل سوبر ماركت كبير كانت بدريه تسير بمفردها وتبحث على الاغراض اللازمه التي يحتاجها المنزل وتضعها في عربه المشتريات لتلاحظ هناك شخص كلما ذهبت الى ركن في السوبر ماركت يذهب خلفها حتي جاء يقف بجانبها ملصق بها و امسك بيدو حبه الطماطم وهو يقول باهتمام مصتنع”بيقولوا الأسعار اليومين دول عماله تعلي اخبار الطماطم ايه معاكي كويس”

جحظت بدريه عيناها بضيق شديد وهي تعتقد أنه متحرش لتهتف قائله بحده”ما تحترم نفسك يا راجل انت وابعد عني عيب على سنك يا راجل يا عجوز يا متحرش “

اتسعت عينا جمال بذهول ثم ضحك بملئ فاهه بسخرية و هتف بتهكم”متحرش مره واحده! ما عملتهاش وانا صغير هتحرش واعاكس وانا في السن ده “

نظرت إليه بغضب وهي تصيح عالي حتي بدأت الناس تطلع فيها بدهشة وفضول وهي تهتف”ما تقول لنفسك ده انت تلاقيك عديت الـ ٨٠ سنه احترم سنك شويه ده انت فاضيلك يومين ورجلك للقبر وتقابل وجه كريم .. قله ادب يا شيخ اتقي ربنا”

نظر جمال بنفاذ صبر وهو يراه الجميع ينظر إليهما ليقول وهو يعطي إليها ورقه مطويه
“تمام ماشي خليكي بقي على النظام ده عشان ما حدش ياخذ باله مننا، عايزك بكره الصبح تيجي في العنوان وقبل ما تغلطي فيا العنوان ده عشان تقابلي بنتك حوريه”

شهقت بقوة وشخصت عيناها بلهفه وهي من تقترب منه هذه المرة بشده قائلة بصوت مرتجف”حورية بنتي, انت تعرف مكانها هي فين وعامله ايه “

نظر إليها بخبث عندما تقدمت منه تمسك بيده بتلقائيه من اللهفة علي ابنتها ليقول بسخرية مرددا بتحذير”ابعدي عني كده الناس هتشك فينا هتقول دلوقتي ايه انتي اللي بتتحرشي بيا “

نفضت يدها عنه بسرعه و هي تنظر إليه باحراج وبلهفة”انت بتتكلم بجد انت تعرف مكان بنتي”

صمت قليلا قائلا بجدية”ايوه عارف واسمعيني كويس عشان ما حدش يلاحظ حاجه، بكره الصبح هتيجي العنوان اللي في الورقه ده الساعه خمسه بالضبط وحسك عينك تقولي لاحد ولا حد يلاحظ حاجه عليكي لازم تيجي تقبليها من غير ما حد يعرف فاهمه”

أخذت منه العنوان بعدم تصديق وتسآلت بقلق”بس انا ما ينفعش اخرج في الميعاد ده يومين وراء بعض كده انا مش بنزل دائما من البيت كده هيشكوا فيا”

هز رأسه جمال بتفهم قائلاً بجدية”قوليلهم اي حاجه نسيتي مثلا تجيبي حاجه و راجعه ثاني السوبر ماركت او قوليلهم هروح اجيب دواء لي إبني و ما ينفعش اتاخر، شوفي اي عذر يدخل عليهم ويصدقوا على طول المهم وانتي جايه في العنوان ده تاكدي أن ما حدش بيراقبك “

دب الامل بأعينها وابتسمت بسعادة ثم فاقت من دهشتها علي صوت تحذير ثم أجابته قائله بلهفة “حاضر هحاول أن شاء الله المهم اطمئن على بنتي متشكرة جدا “

هزت راسها له بالايجابي مبتسمه براحه كبيره أنها اخيرا سوف تري ابنتها بينما التفت جمال ليرحل لكنه رجع مره ثانيه إليها وتنهد بحنق لينظر لها قائلا بضيق” حاجه اخيره قبل ما امشي انا ما عنديش ٨٠ سنه ولا فاضلي يومين ورجلي للقبر ملافظ سعد ايه ده”

عقدت حاجبيها بدهشة ولم تجيب عليه بينما رحل جمال يردد بهمس غيظ”الله يخربيتك يا قاسم و يخربيت طلباتك ادي اللي بيجيلي منك بقيت متحرش على اخر الزمن “

**
في اليوم التالي ظل قاسم يحاول مع حورية أن ترافقه الي الخارج حتي تغير جو مريح
لـ أعصابها رفضت في البدايه بشده لكن مع إصراره وافقت في النهاية و خرجت معه،
جلست أمامه بطاولة أحد المطاعم الذي يمتلكها قاسم و كان المكان يخلو من اي أحد فقط هم الاثنين و النادل جلست تعقد ذراعيها أمام صدرها و هي تنظر للفارغ صامتة تفكر في حالها الذي ليس له مفر أو نهاية فـ دائما المشاكل تترواح خلفها أينما ذهبت و خططت للهروب، وضع النادل الطعام أمامها الذي طلبه قاسم إليها فهي رفضت تناول أي وجبة لكنه مع ذلك طلب إليها، هي حتي لا تريد ان تتحدث منذ أن جاءت الي المطعم وقاسم لم يتحدث معها ولم يزعج هدوءها وتركها حتي تريح ذهنها قليلا وتتحدث من نفسها حتي بالفعل انتبهت إليه لتقول بخفوت”انت جايبني هنا ليه يا قاسم قلتلك ما ليش مزاج اشوف حد ولا أخرج عاوزه افضل بعيد على قد ما اقدر وخلاص”

تنهد قاسم بضيق وقال بحزم” وبعدين بقى مش قلتلك قبل كده انسي اللي حصل وفكري في اللي جاي “

رفعت خصلات شعرها الطويلة الي الاعلي بـيدها لـ تلتفت إليه و هي تقول بصوت بألم حاد يعتصر قلبها” انا لو فكرت في اللي جاي هتعب اكثر من راح يا قاسم على الاقل اللي راح اتخطيته خلاص لكن اللي جاي لسه مش عارفه هينتهي على ايه وهيحصلي ايه اكثر من كده “

مسد قاسم علي خصلات شعرها ثم وضع خصلاتها المتعثرة يرتبها خلف أذنها و هو يتنهد قائلاً بهدوء “اوعدك اللي جاي يا حورية كل خير وسعاده وما حدش هيعرف ياخدك مني ثاني ولا هتعملي حاجه غصبا عنك انتي مش عاوزاها وهعرف احميكي منهم كلهم، بس عاوزك انتي كمان تساعديني وتوافقي على الطلب اللي هطلبه منك وتفهميني “

تسربت الدموع منها رغم عنها و رفعت رأسها إليه باستغراب قائله” طلب إيه ده “

أبعد يده وصمت قليلًا قاسم بتردد من رد فعلها ثم نظر إليها و هو يمسك بيدها برجاء قائلا”
تتجوزيني يا حوريه “

نظرت اليه حوريه بصدمة و أعين متسعة بذهول و هي تنفي برأسها غير مصدقة ما سمعته لتتحدث بارتجاف و انفعال في نفس الوقت ” ايه شفقه عاوز تورط نفسك مع واحده زيي اكثر من كده و تتجوزها عشان تحميها وتكمل جميلك لا يا قاسم أنا هعتبر نفسي ما سمعتش حاجه و يا ريت ما اسمعكش تطلب الطلب ده ثاني لو سمحت”

هز قاسم رأسه بـنفي و هو يقول سريعاً ”
انا إللي مش عاوز اسمع منك اي كلمه تانيه قبل ما تسمعني الاول وبلاش أي افكار سلبيه تفكري فيها انا عاوزه اتجوزك مش عشان احميكٍ وبس لا كمان عشان عاوزه اتجوزك بالمعنى زي اي اثنين متجوزين عادي “

ضحكت بملئ فاهها بتهكم وسخرية مريرة علي حديثه وشهقت ببكاء كانت تكتمه وهمست بنحيب” ذي اي اثنين متجوزين عادي ازاي هو انت ناسي ان انا حامل في طفل جي عن طريق اغتصاب وفاكر لما تتجوزني هم هيبعدوا عني بكل سهولة كده تبقي بتحلم “

هز رأسه ببطئ وتمتم بصوت مرهق” اذا كان عليهم ما حدش لي حاجه عندنا بعد ما نتجوز وإذا كان علي اللي في بطنك انا هربيه واعتبره زي ابني بالضبط .. حورية أنا عاوز ابدا معاكي حياه عاديه طبيعيه بعيد عن اي مشاكل تاني حوريه انتي انسانه كويسه جدآ وتستاهلي كل خير والفتره اللي انا قضيتها معاكي لما قربت منك عرفتني عليكي اكثر وانك محترمه وجميلة وما تستهليش كل اللي بيحصل وعندك صبر و عزيمه وقوه رغم كل اللي بيحصل لك “

أغمضت عينها بأسي و شفتيها ترتجف ببكاء ببطئ وهي تصيح بقسوة شديدة علي نفسها” قاسم لو سمحت اسكت وما تكملش انت مش فاهم حاجه انت دلوقت بس السكينه سارقاك لكن بعد ما تتجوزني هتعرف انك عملت اكبر غلطه في حياتك انك ارتبطت بواحده زيي، قاسم انت تستاهل حد احسن مني بكثير انا ما بقتش كويسه قوي زي ما انت فاكر انا ما استهلكش “

ليشعر بأن الأرض تدور من أسفله بقلة حيلة من حديثها الجارحه و بالاخص أنه هو الفاعل الحقيقي ومن اغتصابها ليهتف بغضب شديد”
اوعي ثاني مره تقللي من نفسك ولا تقولي على نفسك كده “

رفعت عيناها الباكية تنظر له تبكي ثم همست بصوت مرتجف” انت طيب قوي يا قاسم واحسن مني كمان عشان خاطري شوفلك حد غيري وابدا معاه حياتك و بلاش تظلم نفسك معايا ،أنا صدقني مش هنفعك ،قلتلك بلاش تورط نفسك اكتر من كده معايا”

ليضغط هو علي يدها أكثر و هو يقول بتوسل”انا كده أو كده متورط خلاص معاكي يا حوريه سبق وقلتلك قدرنا بقى واحد و هينفع نتجوز أن شاء الله وكفايه انك في نظري انا احسن واحده و متاكد في تربتها و واثق فيها انها هتعرف تصون اسمي “

لـ ترفع رأسها إليه و وجهها غارق بالدموع لـ تتحدث ببكاء حاد ” انت ما لكش ذنب تتحمل مشاكلي ولا تتجوز واحده زيي، ولا تكتب طفل باسمك انت مش أبوه وتتحمل مسؤوليته ما لكش ذنب في كل ده يا قاسم ولا إنك تتحمل غلطه غيرك.. غلطه عملها واحد ما عندوش ضمير عملها و هرب “

ابتلع قاسم ريقه و هو حين يفكر في ذلك الأمر ليتنفس بقوة و هو يشعر بالاختناق لـ يهمس إليها بتعب “انا راضي بكل ده يا حورية وبلاش عشان خاطري تفتحي في القديم خلينا نعتبر أنه أبني فعلا .. بصي احنا للاسف مش هينفع نتجوز دلوقت غير لما تولدي الاول و لازم كمان في الفتره دي اعرف احميكٍ وابعدك عن كل الناس اللي عاوزين يؤذيكٍ”

لتنظر إليه بأعين دامعة حمراء بشدة و هي تهمس برجاء وضيق “انا ما وافقتش وقلتلك لا مش هقدر، حرام اعمل فيك كده و اظلمك معايا الموضوع مش هيتوقف على اللي في بطني وحميتي وبس انا ذات نفسي ما بقتش انفع للجواز مش هقدر امارس حياتي بعد كل اللي حصل عادي كده، مش هقدر يا قاسم ارجوك افهمني”

نهض و أقترب منها بخطوات بسيطة يجلس جانبها وبكلتا يديه الي دفئ جسده و هو ينظر إلي وجهها الذي أصبح شاحب شحوب من البكاء لـ يرفع يده يمسح دموعها بخفه و يمررها علي وجهها بـحنان قائلاً “هششش اهدي مش محتاجه تقولي حاجه انا فاهم كل ده يا حورية ومش هستعجل عليكي قولي بس مواقفه وانا و أوعدك بحياه ثانيه خالص عمرك ما كنتي تتخيليها وحاول على قد ما اقدر اسعدك “

اغمضت عينها بقوة واطلقت العنان لدموعها مره ثانيه وهي تشعر بـدقات قلبها تزداد كلما اقترب منها ظل كما هو ثم هتف متسائلا”
هاه تحبي الشبكه والمهر في حدود كام و الفرح تحبي نعملوا فين”

فتحت عينيها حوريه بفزع وهزت راسها بقله حيله ورفض بشده” قاسم بلاش لاااا ارجوك “

نظر في الخلف قليلاً ثم وضع يده فوق يدها برفق وحنان و هو يقول بجدية ” طب تمام انا هعتبر اللي هيحصل دلوقت ده هو مهرك يا حورية وموافقتك على طلبي “

رفعت راسها له وعقدت حاجبيها بعدم فهم وابتسم بخفه قاسم وهو يشير إليها برأسه أن تنظر إلي الخلف لـ التفتت ببطئ نحوه الخلف واتسعت حدقتها بأعين متسعة بذهول عندما وجدت والدتها بدريه تقف عن باب الاستقبال المطعم وخلفها جمال، انزلقت من بدريه دموعها علي صفحة وجهها ترتجف من الصدمة و الاشتياق الذي تلبسها من مجرد أن رأت ابنتها أخيراً بصحه جيده أمامها إلي ان ممكن أن كانت تفقدها عدد مرات لكن كان الله عز وجل كان يرجعها إليها سالمه وها هي أمامها قادرة على لمسها و أخذها إلي أحضانها دون عواقب وخيمة تمتمت بخفوت وصوت مرتجف وهي ترفع يدها إليها “حـ ـوريـة”

نهضت حورية بعدم تصديق و صدمة لا تصدق أنها تري والدتها تقف أمامها الآن عند باب المطعم شعرت و كأنها طوق النجاة إليها و هي غارقة وسط الأمواج العالية لتهمس بلهفة
” آآ ماما “

ليجد قاسم و هو يقف جانبها تجمدها ونظرات الشوق بينهما من الصدمه لينظر إليها متفحص وجهها الذي أصبح مشرق كـ وردة جورية عكس سابق كان ذابلاً للغاية لم يروي قبل سابق هكذا، ابتسم قاسم بخفوت و هو يهمس بهدوء “مستنيه ايه يلا روحي اترمي في حضنها مش ده اللي كنتي محتاجاه .. روحي يا حوريه و استمدي قوتك منها هي اكيد وحشتها هي كمان “

التفتت حورية إليه بامتنان شديد و هي تشهق ودموعها تسقطت كالشلال بغزارة وكأنها كانت تنظر كلماته حتي تنطلق إليها تحركت لتتقدم منها هي لتقفز بلهفة شديدة لتعانقها بشوق و اشتياق و احتضنها بقوة شديدة بينما جذبتها بدريه إليها أكثر و هي تشعر بضعفها و كأنها هاشة كورقة شجرة بالخريف لتتشبث بها و هي تبكي بقوة و صوت مسموع و شراكتها والدتها البكاء تشهق بعنف شديد مثلها.

لينظر إليها قاسم و جمال بحزن كيف استطاعوا أن يحرموا أم من ابنتها بهذه الطريقة و القسوة فهي من أحق إن تلجأ الي حضنها و لكن ما بيده حيلة بعض جحود القلب داخل البشر لا تتغير مهما مر الزمان عليها.

بقت حوريه متعلق تبكي باحضان والدتها حتي أبعدتها عنها حين شعر بأن شهقاتها تتعالي أكثر و لا تهدي مست بدريه بـاناملها علي وجهها برقة وهي تبتسم بسعادة غامرة وتري ملامحها الشاحبة و تنظر إلى عينيها الذابلة للغايه كأنهم يحكوا إليها معاناتهم هما الآخرين.

حاوطت والدتها وجهها بين راحت يدها و هي تميل لتقبل رأسها لتأخذ حورية يدها بسرعه و تقبلها عدد مرات وتبكي بعنف اكثر، مسدت بدريه بدموعها علي خصلات شعرها بحنان لتمسك ابنتها بيدها و هي تتقدم منها و تحتضنها مره ثانيه بلهفة شديدة وشوق فهي لم تشبع من أحضانها و تبادلها بدريه احتضانها و هي تغمض عينها بقوة وتحاول تكبح دموعها من الهبوط أكثر من ذلك وهي تمسح علي شعرها بحنان و راحه نوعاً ما فـ اخيرا اللقاء المنتظر بفارغ الصبر قد حدث.
___________________________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حورية بين أنياب شيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى