روايات

رواية حورية بين أنياب شيطان الفصل الثاني 2 بقلم خديجة السيد

موقع كتابك في سطور

رواية حورية بين أنياب شيطان الفصل الثاني 2 بقلم خديجة السيد

رواية حورية بين أنياب شيطان الجزء الثاني

رواية حورية بين أنياب شيطان البارت الثاني

حورية بين أنياب شيطان
حورية بين أنياب شيطان

رواية حورية بين أنياب شيطان الحلقة الثانية

بعد مرور ساعه بداخل فيلا عتمان زاهي كانت جميع العائلة مجتمعة لتناول طعام الإفطار جلس عتمان يتوسط الجلسه في المقام الأول ثم أخذ بجانب حفيده ساجد الذي أخذ يبتسم له بسعاده و يبلعبه بمشاكسه وهو يضحك معه بصوت عالي ثم تنهد عتمان بحزن داخله فهو ساجد نسخه مصغرة من المرحوم أسامه ليضع بصحنه بعضاً من الطعام فهو يهتم دائما بكل شيئا يخصه يحاول أن يعوضه علي فقدانه لي ابنه الذي لم يارا قبل موته بسبب زوجته بدريه الذي حتي الآن مزال يحملها الذنب ،لذلك دائما يريد أن يراه ضحكات حفيده ساجد ويعامله بحنان وحب عكس حوريه شقيقه ساجد يعلمها مثل والدتها بطريقه سيئه.

“كفاية يا جدو انا مش هقدر اكل كل ده”

قال هذه الكلمات الطفل ساجد ثم اشار عتمان برأسه نحو الصحن قائلاً بحزم” لا يا حبيبي لازم تاكل كل ده عشان تكبر وتبقى قوي واسمع الكلام بقى عشان احبك زي ما بتحبني، ولا انت مش بتحبني”

هتفت جومانه له بضيق و هى تتأمل هرم الطعام الذى وضعه بصحن الطفل ساجد وقالت بغيره” ايه يا جده هو انت ما بتشوفش غير ساجد على السفره و بتنسى اللي حواليك اول ما تشوفه”

اشاحت وجهها جومانه بانزعاج شديد فهي مثل الطفله الصغيره سريعه الغضب وبالذات نحوه تلك العائله تحقد عليهما ولا تريدهما بالمنزل، لوت شفتيها ميسون والدتها بسخرية فـ والدها بالفعل عندما يري ذلك الطفل يتحول 180 درجه الى شخص اخر وقالت بحزم” جومانه…كلى وبلاش دلع عشان تلحقي جامعتك، جدك لما بيقعد قصاد الولد ده بينسى نفسه انتي مش جديد عليكي اللي بيحصل”

ابتسم عتمان وقال بخبث” الله انتي غيرانه ولا ايه، طب افتحي بوقك اكلك من ايدي هو انا عندي اغلى منك”

وعلي الجانب الآخر تتابع حوريه ثرثرة الجميع من حولها دون محاولة الاشتراك بها ثم زفرت حوريه وهي تتلعب بالطعام دون شهيه وكانت تراقبها والدتها بدريه فهي تعرف ما بها لتتذكر قبل قليل حين دلف عتمان المطبخ وسمع الحوار الدائر بينهما وان لم تتدخل بدريه وتفصل بينهما في الوقت المناسب كان سوف يقوم عتمان باستفزازها حتي يحصل منها علي ردة فعل سريعه يستطيع وقتها الشكوي منها لتتم معاقبتها ليشفي غليله وحقده منها ومن والدتها كعادته، لكن ذهبت بدريه سريعه و جذبتها بعيد قائله بتوتر” ما كانتش بتقول حاجه يا عتمان بيه هي بس شافتني تعبانه شويه صعبت عليها، يلا يا حوريه عشان نلحق نجهز الفطار لسه العزومه إللي هنحضر لها”

تطلعت بدريه تجاه اهتمام وحنان عتمان نحوه جميع أحفاده ماعدا ابنتها حوريه تجلس بعيد عنهما وكأنها نقمه لتشعر بدريه بالاوجاع تتراكم عليها وبانها السبب في كل ما تعنيه ابنتها من سوء معاملة من اقرب الناس اليها فلو انها لم توافق فيما مضي علي هذة الزيجة من الابن الاكبر إلي عتمان زاهي دون موافقة أهله ماكان حدث ذلك ،لكن حينها حبها الشديد له كان أكبر من رفضها.

ثم بعد فترة نظر عتمان علي يمينه و اترتسم اللامبالاة فوق وجهه حتي التفت الي بدريه ينظر إليها نظرة ذاته مغزي وقال” اعملي حسابك يا بدريه العزومه كمان ساعتين تكون خلصت الناس على وصول مش عاوز اي غلطه وانتي يا حوريه تجهزي نفسك عشان الناس اللي هتيجي تخطبك النهاردة”

تخشب جسد حوريه ثم تساله بجمود” ناس مين دول”

رفعت ميسون يدها بحركة ترفع قائلة” ناس ما تعرفهمش من عيله كبيره اوي في السوق ابنهم شافك كام مره و اعجب بيك واهله كلموا جدو وهو وافق”

هز رأسه بالايجابي وقال بتحذير”ايوه ناس كويسين أوي وانا سالت عليهم، عاوزك بس ترفعي راسي قدامهم واياكي تعملي اي مشاكل”

نظرت إليها جومانه ترتسم فوق وجهها علامات الاستفزاز قائلة بتعالي موجهة الحديث الي حوريه” مبروك يا حوريه فرحتلك بجد بس حظك ايه جوازه ما كنتش تحلمي بيها، اصل انا اعرف أهل العريس هتتبسطي معاهم قوي “

اخذت حوريه تنظر إلي الجميع بغيظ ثم زفرت بحنق قائلة” ايوه بس انا مش موافقه مش بفكر في الجواز دلوقت”

ترك عتمان ما بيده ناظر إليها بحده”
نعم سمعيني قولتي ايه ثاني يا بنت بدريه يعني ايه مش موافقه انا اديت كلمه للناس”

تنهدت بضيق شديد مردده”معلش كنت مستنيه من حضرتك تعمل الأصول وتاجي تاخذ رايي، بس للاسف حضرتك ما عملتش كده وانا بقولها لك اهو انا مش موافقه”

بدأ عتمان بالتحدث مرة اخري بصوت خشن بث الرعب بداخلها”انتي قصدك ان انا ما بفهمش في الاصول لا امك عرفت تربيكي صح يا بنت بدريه”

صمتت لحظه باضطراب ثم همست حوريه بتوتر “انا ما قصدتش كده بس كان لازم تاخذ رايي انا اللي هتجوز يبقي لازم اختار “

ازاح عتمان ساجد من طريقه مقترباً إليها واندفع فجاءه نحوها يصفعها بقوة مما جعلها تفقد توازنها وتسقط علي الارض من شدة الصفعة صاح قائلاً وهو يصفعها علي وجهها مرة اخري” وبتعيديها ثاني يا زباله”

ركض ساجد بخوف يمسك بيده والدته لتصرخ بدريه بذعر”بـنـتـي”

ابتسمت جومانه باستماع وهي تراقب ما يحدث بينما صاحت ميسون تزيد الامر اشتعالاً “بنت قليله الادب وناقصه تربيه صحيح وطي صوتك وأنتي بتتكلمي مع جدك واتكلمي معاه بادب بقي انا ابويا مش بيفهم في الوصول ده لولا ان هو جابكم هنا كان زمانك مرميه في الشارع انتي و امك واخوك “

رفعت بدريه عينين مغشيتين بالحزن والالم تنظر الي ابنتها لتهتف حوريه بغضب شديد بين دموعها التي أخذت تتساقط” هو انتم جايبنا هنا عشان تذلوا فينا من ساعه ما جيت البيت ده وانا كل حاجه باعملها بامر حتي الجواز عاوزين تجوزني غصب عني”

انتفض عتمان يصرخ بعصبية” بدريه خذي بنتك من قدامي احسن و يمين بالله ما هخلي فيها حته سليمه، وفهميها ان كل حاجه هنا لازم تحصل بامر مني انا بس ،وما اتخلقش اللي يقولي لا”

اقتربت بسرعه بدريه تسند ابنتها لتنهض وترحل بيها لكنها رفضت وسحبت نفسها منها تصيح بهستريه منفعلة”وانا بقى بقول لك لا ومش هتجوز بالغصب احنا مش عبيد عندك انا انسانه وليه راي، لو كرهنا اوي كده ومش عاوزنا معاك سيبنا نمشي وادينا ورث بابا و.. “

وقبل ان تكمل جملتها انقض عليها عتمان يصفعها بقوة وهي تصرخ بألم حاد ثم يضع يده فوق فمها يكتم صوتها بيده وهو يتمتم بخفوت بصوت ارعبها”عارفه لولا الناس اللي جايين النهارده يشوفوكي كنت مخليت حته فيك سليمه، بعد المقابله ليا معاكي كلام ثاني”

انتفضت بدريه بخوف شديد علي ابنتها لتهتف” حقك عليا انا خلاص سيبها عيله صغيره مش فاهمه حاجه”

نظر إليها عتمان بنظره قاسيه وقال” عيله صغيره يبقى تربيها وتعرفيها الاوصول و خذي بنتك من وشي وعقليها”

أبعدها بقسوة عنه بينما نظرت حوريه بأعين دامعه باستعطاف إليه في محاولة منها لتلين تلك القسوة المرتسمة فوق وجهه لكنها لم تجد منه اي استجابة لتتنهد بخيبة امل لتغادر المكان تذهب الي الغرفة وهي تغلق الباب خلفها بقوة وعنف، ثم تحركت خلفها والدتها ليظل عتمان واقفا مكانه دون حراك لعدة دقائق تفور مشاعر النفور والاحتقار التي تثيره لديه كلما وقع نظره عليها هي أو بدريه ثم يزفر بقوة محاولا التخلص من تلك المشاعر الغاضبه وتحرك في خطواته باتجاه مكتبه ليستعد لتلك المقابله القادمة.

**
علي جانب آخر بداخل قصر عصام الصريطي وفي نفس ذلك الأرض الواسعة في جانب الخلف”جزء من القصر يمتلكه قاسم السيوفي” فـ عصام بائع إليه ذلك الجزء حتي يظل تحت اعينه مراقب له وهذا كان إقتراح ناريمان زوجته، الذي كانت تجلس أعلي المعقد لتتحول تفاصيل وجهها بغضب شديد وهي تحدف الجريده أعلي الطاولة بعنف انتفض عصام بخضه الذي كان يجلس جانبها متسائلا بقلق” في ايه يا حبيبتي مالك بس”

نظرت إليه ناريمان بغضب أعمي” بذمتك مش عارف مالي مش شايف اللي في الجرائد مرهمش سيره غير الزفت قاسم والمشاريع اللي بيعملها ونجاحه والعظيم واحنا.. واحنا فين شاف وصلنا لي ايه ،ده كان شحات ولا يسوى واحنا اللي خلاني حاجه بفلوسنا في الاخر هو اللي يعلي واحنا اللي ننزل، يا اخي بدل ما انت قاعد جنبي انت وعيالك كده شوف حل وخلي شركتك ترجع تشتغل زي زمان مش كفايه حتى الوزاره سبتها”

في نفس الوقت هبط جاد يركض علي السلالم بخطوات بسيطه و هو يصفر ويدندن بغناء وتوقف عندما سمع صوت والده يقول” وهم عيالك دول في منهم نافعه، هم وراهم حاجه غير السهر والفلوس اللي بيصرفوها وتجيء لهم على الجاهز”

عقد حاجبيه جاد باستغراب وقال بضيق” في ايه بس الخناق اللي على الصبح ده هو انتم لازم تحشرونا في كلامكم هو حد منين عمل لكم حاجه”

ألتفتت وهتفت بحده وغضب” ما يا ريتك بتعمل حاجه هو انت يا بيه لسه صاحي دلوقتي الظهر و ما رحتش الشركه انت واخوك ليه؟. ولا عاجبك الامبراطور قاسم اللي كل يوم والثاني اسمه بيعلى بره مصر وجوه واحنا بنرجع”

لوت شفتيه ابتسامة ساخراً وقال” الامبراطور قاسم مره واحده! في ايه بس يا ماما على الصبح ما تخليش الولد ده يعصبك ده ولا يسوى ولوله فلوسكم ما كانش زمانه حاجه ابن الخادمه”

جز عصام علي أسنانه بحده وقال بعصبية” ما هو ابن الخدامه ده يا فالح اسمه مسمع في السوق عنك أنت واخوك وفي خلال كام سنه بس عمل مجموعة كبيرة من الشركات بتصدر وبتعمل افخم الماظ، دول اهم الناس في العالم بتيجي له من بره لحد عنده مخصوص عشان يتفقوا معاه علي صفقه واحنا اللي شركتنا كانت قبل منه غطى عليها اول ما طلع”

تقدم جاد يجلس على المقعد أمامهم هاتف بجدية” وعمل كده بمساعده جمال اللي كان شريكك في كل حاجه وانت طردته مش كده”

احمرت ناريمان عيناها بقسوة شديدة وقالت بسخط” اللي حكيت جمال دي كمان اموت واعرف اللي جمع الاثنين على بعض ولا يعرفوا بعض اصلا ازاي و أمتي، كانت فكره منيله لما فكرنا ناخذ كليته منه ونعمل معه صفقه ونجيبوا لحد عندنا، عرف ابن الذين يلعبها صح علينا”

تنهد عصام بعمق وقال بجدية” اللي حصل حصل يا ناريمان مش هنقعد نتكلم في القديم، وانت يا بيه هتفضل قاعد لي قومي اتفضل صحي اخوك وتعالي الشركه نفسي اشوفكم مره قبليه هناك”

هز رأسه جاد بانزعاج وهتف بضيق وقال” شركه وشغل ايه دلوقت، انت نسيت النهارده هتروح تخطبلي ولا ايه”

**
كانت حوريه تقف امام خزانه ملابسها تحاول اختيار شئ مناسب ترتديه اثناء مقابله أهل العريس لتقلب بين الملابس بغضب شديد وتحاول العثور علي اي شئ مناسب ثم زفرت حوريه باحباط وهي تبتعد عن الخزانه قائله بضيق شديد” اله العربيه تعطل بيهم وما حدش يجي تولع الخطوبه علي صاحبه انا هقرف نفسي ليه، مش هنزل وخليهم يشوفوا هيخطبوا مين”

ثم تربعت على السرير واسندت راسها للخلف الوساده أغمضت عينيها بضعف أحست بضيق خلقها واحست ان جو الغرفه طابق على صدرها وفي خاطرها تريد أن تصيح من قلبها لكن القهر ان حتى دموعها رافضه السقوط ومعلقه في عيناها رافضه النزول حتي لتغسل همها وتريحه حتي لو قليلآ تريد الصراخ لتطلع كل ما في قلبها لكن هذي نعمه محرومه من كثر القهر والظلم الذي تعرضت له فــ حياتها لتردد بقهر”بس لازم انزل جده مش هيسكت”

تنهدت بضجر من حالها ثم دون ادراك منها وضعت يدها على رقبتها لتظهر سلسله فضيه بداخلها خاتم رجالي أزرق اللون كبير رائعه الشكل امسكتها دون شعور منها وهي مازالت تغمض عينيها لتتذكر كيف حصلت عليها؟.

في الماضي- الرجوع للخلف ثلاث سنوات.

تنفست الصعداء للمرة التى لم تعد تعرف عددها و ارتجفت يدها بتوتر ليتها تتخلى عن خوفها الغبية تلك وتدلف الي الحفله منذ أكثر من ساعه وهي تقف بتردد و قلق فهي منذ ان سمعت بالصدفه من جدها عتمان زاهي أنه هو والعائله معزومين على حفله تنكريه من طرف رجل اعمال شهير و بالطبع تجاهل دعوتها هي و والدتها الي الحفل و أخذ معه ابنته و اولادها فقط.

لكنها وليتها تستطع التخلص من إصرار فضولها علي الذهاب إلى الحفل لتري كيف تكون نوعيه هذه الحفلات فذهبت بالفعل و تنكرت بقناع يخفي عينيها حتى لا يتعرف عليها جدها أو أحد غيره، ليتها عرفت ما كان ينتظرها هناك ! هل كان لها أن تتخيل أن تنقلب حياتها رأسا على عقب بمجرد أن تخطو بقدميها لتلك القاعة الفخمة المزدحمة؟.

قبل قليل طلب منها نادل الحفل إختيار قناع كانت الإقنعه راقيه اخذت واحد يناسب لون ثوبها حيث ارتديت فستان يصل إلى بعد ركبتيها ذا فتحه عنق واضحه من دون أكمام، ليقع عيناها علي جومانه ابنه عمتها تقف تضحك مع شاب ما بدلع لتهرب حوريه بسرعه الي جانب آخر بخطوات سريعة و طول الوقت و هى تدعو الله أن تتمكن من الصمود حتى النهاية دون أن يتعرف عليها احد من اهلها داخل القاعه.

علي الجانب الآخر يقف مرتدي حلته السوداء الأنيقة وقميصه الأسود فكما هو لون الأناقة والفخامة هو أيضا لون الغموض، كان يتنهد و الملل واضح علي وجهه فهو يقف هنا منذ قرابة الساعة يراقب ما يحدث حوله بنظرة ساخرة، ليقرر بينه وبين نفسه كان خطأه منذ البداية أن وافق على حضور هذا الحفل السخيف ولكن مجاملة إلي عصام الصريطي الذي اصر علي غير العاده أن يحضر هذه الحفله معه ،وهو احتفال بعيد زواجهما من ناريمان! لكن بطريقة غير اعتيادية وافق على الحضور على مضض لكنه تفاجئ بمنظر الحفله ذلك، وكان يقف هناك على باب القاعه نادل يحمل الاقنعه ويوزعها على جميع المعازيم بإصرار ليضطر أخذ قناع منه ويرتديه علي عينيه.

وكان الجميع حوله يرتدون مثله يا له المعنى الحقيقى للسخف والحماقة بأقنعتهم السوداء والذهبية ،تحرك بخطوات بسيطة ذاهب من تلك الحفله السخيف فقد اصابه الملل بشده لكن فجاه الأضواء خافتة والموسيقى تصدح ناعمة بمعزوفة عالمية والجميع يدور فى حلقة راقصة تسترعى انتباه وسخريته فى آن واحد ليري عصام يراقص زوجته فى حالة من الغرام المصتنع.

أدار رأسه ينظر حوله و هو يتنهد فى سأم عيناه مرتا فوق الجميع دون تحديد لم يكن يراهم بواضحه لكن عينيه توقفتا عندها هي لماذا؟ لا يعرف لكنه يعرف أن عينيه اختصتاه هو بلحظة تدقيق لحظة جعلت الزمن يتوقف من حوله و اختفى الجميع ماعداه هو وهي.

كانت تتقدم بهدوء وتدخل من باب المنزل المفتوح على مصراعيه وكأنه يرحب بها فستان أسود طويل يحدد رشاقة جسد فارع يقطع كالسيف فى مشيته شعرها أسود بلمحة بنية لامعة لم يستطع تحديد طوله لأنه ملقى بالكامل على ظهرها و ملامحها لا يستطيع رؤيتها فى الأضواء الخافتة خاصة وهى ترتدى قناعا فضيا يغطى عينيها ونصف وجهها بأناقة ،كان قلبه يعلو ويعلو آمرا إياه بفعل أدهشه من نفسه.

أخيرا توقفت هى لتنظر حولها وابتسامة صغيرة تزين ثغرها الوردى تنظر حولها وتتصفح المكان ومع تلفتها وهى تشاهد إندماج الراقصين رأته! حتي توقفت عيناها وقد تلاقت الأعين طويلة ارتعش قلبها بقوة و عيناها تصطدمان بعينيه اللتين لم تستوعب تلك العواصف العنيفة التى رأتها داخلهما نظرته لم تكن كهؤلاء الرجال اللذين لم يتوقفوا عن النظر إليها لم تحمل وقاحة تلك النظرات و لا قدرتها على إثارة نفورها و ضيقها كان بهما شئ آخر لكن حقا، لكن أخافها ذلك الشئ و جعل قلبها ينتفض ترقباً و قلقاً جعلها ترغب فى الهرب بعيداً جداً وقد ندمت أنها جاءت إلي هنا، لكن قدميها لم تطاوعا أوامر عقلها فاكتفت بأن أدارت عينيها بعيدا عنه بتوتر و تعود لتنشغل نظراتها حولها بوهمى كأنه كان شيئاً عابراً لا أهمية له.

لكن كان هو له رأي آخر؟ تقدم منها بهدوء قلبه يسوقه قبل قدميه ومع كل خطوة كان يعرف أنه يفعل أصح شئ فى حياته، اما هي توتر جسدها و قلبها يزداد إرتجافاً بين ضلوعها رفعت كفاً مرتجفة تتحسس عنقها و هى تزدرد لعابها بصعوبة تشعر به مازال يراقبها تشعر بعينيه تخترقان وجودها كله دون ان تراه رغبتها بالهروب إزدادت و روحها تستشعر ذلك الخطر الذى يمثله حتى و لو لم تفهم ما ذلك لحظتها الشعور و دون ادراك منها رفعت عينيها بفضول وانصدمت عندما رأته يقترب منها؟.

وتوقفت عيناها علي واسعها وتسارعت الأنفاس ببطء بعد أن كانت محبوسة أكمل تقدمه حتى وقف أمامها تماما ينظر لعينيها السوداوين الظاهرين من فتحت القناع و تعلي أصوات المعزوفة برقة أكبر ونعومة أكثر أو أنما هو توهم بذلك وقد أحب الأجواء بعد ان كان كرهها، تخطي اخر خطواته أمامها وبدون كلام يلتقط كفها ليشدها نحوه بقوة واضعا يده الأخرى على ظهرها برفق عجيب وكأنه يخشى الإحساس بها ليبدآ فى التمايل معا ببطء أخذهما الى عالم آخر.

وارتفعت يدها الحرة على كتفه بإرتعاش طفيف لم تكن تلامس كتفه تماما بيدها كانت لمسة خفة او ربما خوف شعرت به يشدد ذراعه حول خصرها ليقربها أكثر من صدره و إبتسامته تزداد أعلي وجهه المخفي نصفه بالقناع.

بينما يحيط خصرها باحد ذراعيه و يبدأ على أنغام الموسيقى الناعمة وهو يراقب ملامحها في حين فتح ثغرة للتحدث أو التعرف عليها، فجاه انقطعت جملته بشهقة قوية صادره منها وقبل أن يتساءل عن حدث تفاجئ بها تبعد عنه و تجذبه من ذراعيه بقوه بعيد وفي خلال ثواني اخترق صوت طلق ناري يمر من جانبه كده ان يصابه وينهي حياته لعله هي ابعادته.

توقفت الموسيقى وارتفع صراخ الجميع بخوف وذعر هما أيضا عندما سمعوا أصوات الطلق بينما التفت هو خلفه بغضب شديد ليري من اين اتي ذلك الطلق لكنه لم يجد احد لكن وجد شيء اخر نظرات تتابع الموقف بتوتر وحذر وهما عصام الصريطي و زوجته ناريمان والان فقط عرفت سبب الدعوه وهي انهاء حياته، سمع صوتها الرقيق هاتفه بقلق “حاسب انت بخير”

ذهب غضبه في لحظات وعادت ملامحه الهادئه عندما التفت اليها لم تكن قد ابتعدت سوى خطوتين حتى وجدت نفسها لترتطم بصدره القوى و كفها الحر يستقر فوق قلبه خافقه الذى كان فى هذه اللحظة يخفق بجنون استشعرته فارتجفت نبضاتها بقوة و عيناه تتسعان تفقدان ملامحها الجذابة ليقع أسيره عينيها العاصفتين كروحه تماماً.

أنزل يديه عنها وظل لحظات ينظر إليها اضاءت عينيه فى بسحر عينيها ليمتزجا و يضيئها برق هذه الساحرة أمامه رفع يده ليلامس طرف القناع لإزالته وهو يهمس شاردا ” انتي مين؟.”

لكنها أمسكت يده تبعدها عن القناع بسرعه قبل أن يزيل القناع عن عينيها وهي تشاهد الجميع يركضون من الحفل بخوف و بالطبع من ضمنهم جدها عند هذه النقطة انتفضت بذعر و استدارت بخطوات تغادر قبل ان يكتشف أحد من عائلتها اختفاءها من المنزل وقتها ستحدث مشكله كبيره لتقول بتوتر” انا لازم امشي حالا من فضلك سيبني”

ركض خلفها خطوتين وهتف بسرعه وقال” استني طب مش عاوزه مقابل مساعدتك ليا “

عقدت حاجبيها وقالت باستغراب” بس انا بساعد الناس من غير مقابل”

كانت عيناه تجاهد لسبر ملامحها فيشده الثغر الوضاء إليه لأول مرة يعرف قيمة الضوء أراد إنارة كل شئ حولها ليراها فقط يراها ليهمس “بس انا ما بحبش ابقى مديون لاحد”

تنهدت حوريه بعدم صبر تريد الرحيل من هنا قبل وصول جدها الي المنزل قبل منها، ثم لمحت في يده خاتم رجالي أزرق اللون كبير رائعه الشكل لتقول بصوت خافت” طالما مصر انا عاوزه الخاتم ده”

تطلع باستغراب في يده قائلاً “بس ده ما فيش منه غير نوع واحد وانا اللي مصنعه و..”

لم تنتظر هي أكمله حديثه لتسحب الخاتم من يده ثم ركضت بسرعه تحت انظاره المتفاجئ.

لقد رحلت بالفعل كما دخلت غادرت ولم تعود وظل هو يقف مشدوها ناظرا علي اثرها وهي ترحل وكأنها كانت مثل اميرات سندريلا ترحل وتأتي بوقت محدده! لكن في الحقيقه سندريلا هي من سقط منها حذائها وظل مع الامير يبحث عنها به، و ليس هو من سقطت روحه واخذتها معها.. و رحلت سندريلا الضائعه مثل الحلم، الحلم الذي يتمني أن يعوده مره ثانيه حتي لو في خياله!

في المستقبل -الرجوع الي الوقت الحالي.

شهقت حوريه بخفه عندما استمتعت الي صوت طرقات تضرب بعنف وجومانه تصيح من خلفها بحده” ما تخلصي يا هانم الناس وصلت تحت و جده عمال يسال عليكي، انا مش هطلع اخبط عليكي ثاني انا مش الخدام اللي جابتها أمك”

تنهدت حوريه بيأس وضيق هاتفه” حاضر”

**
بعد فترة قصيرة هبطت حوريه و اخذت نفس عميق قبل أن تدخل غرفة الجلوس وجدت الجميع يجلسون ويتحدثون وعندما دلفت ساد صمت رهيب احتل غرفة الجلوس منحها جدها إبتسامته بصعوبة بينما ابتسم البقية وقال” تعالي يا حوريه قربي و سلمى علي الموجودين مفيش حد غريب”

بعد كلمة الجد مضت لحظات و حوريه مازالت تقف بتوتر وتنظر بالأرض مثيرة إنتباه و تساؤل الجميع واحمر وجهها و قبل أن تنطق بأى كلمة جاءها صوته و هو يقول ” ازيك يا آنسه حوريه”

“مهلا هذا الصوت ليس غريب لقد سمعته قبل سابق” هكذا حدثت نفسها قبل أن ترفع راسها ببطء ثم خلال ثواني اتسعت عيناها بقوة و نار الغضب بدأت تشتعل فى أعماقها تنفست بقوة و هى تحاول السيطرة على نفسها فقد عرفت ذلك الوقح من يكون وليس غيره “جاد عصام الصريطي” فليس اول مره تراه! كانت دائما تلمح طيفه دائما يقف امام جامعتها يتسامر مع الفتيات إذن هو العريس.

فهي أفضل أن تمضي عمرها كله بلا زواج على أن ترتبط بـ حيوان مثل جاد الصريطي هذا، فقد رأته قبل سابق وهو في سيارته لاستقبال رفاقه وعشيقاته اللواتي لا تخلو زيارة منهن حتي حاول معها هي أيضا يرافقها قبل سابق و رفضت بشده حينها و صرخت عليه وسط الجميع أن يبتعد عنها ولما حاول مره ثانيه تلقى منها صفعة قوية وسط الجميع نظر إليها وقتها بشر دفين ورحل بصمت ولم ترى مره ثانيه؟. لكن ماذا يفعل هنا هل هو بالفعل العريس ام شقيقه الذي يجلس جانبه.

تسمرت مكانها واحتبست أنفاسها بصعوبة فيما اقترب هو منهم دون أن يبعد عيناه عنها و هو يستوعب صدمتها له و الذى لم تخيله مداه عن ملامحها دارت عيناه بابتسامه ساخراً على ملامحها و التقطتا إحمرار وجهها ليبتسم فى سخريه أكثر و اقترب ليصافح مبتسما و يقول بثقة” اهلا بعروستي الجميلة”

ابتسمت ناريمان ضحكة حرجة مفتعلة ” شوفي الولد مش عامل حتي حساب أننا قاعدين معلش يا عروسه شكله بيحبك أوي”

ضغطت على أسنانها بحده فقد عرفت أنه هو العريس و الوقح يغازل فيها أمام عائلتها دون حياء، قبضت على كفها أكثر رافضه أن تسلم يدها إليه لكنه البغيض أمسك يدها رغم عنها صافحها مبتسما قبل أن ينحنى ليقبل كفها أمام عينىِ جومانه الذي رسمت ملامحها بضيق شديد بينما سحبت يدها بسرعه حوريه و تراجعت للخلف بتوتر.

وفي ذلك الوقت دلفت بدريه هى تدفع بطاولة تحمل مشروبات باردة لتنهض جومانه و هى تقول بأدب مصطنع جعل والدتها ميسون تنظر لها بذهول واستنكار من فعلتها و هى تسمعها تقول” تعبتي نفسك ليه يا طنط كنتي ناديتيني اساعدك”

عقدت بدريه حاجبيها بدهشة كبيرة قبل أن تهز رأسها بإبتسامة طيبه” ما فيش تعب ولا حاجه يا بنتي اقعدي وانا هقدم المشروبات للناس”

هزت راسها جومانه برفض ابتسمت لها و هى تأخذ العصير قائلة” لا عنك انتي يا طنط اقعدي وانا هقدم”

مره ثانيه انصدمت بدريه ثم تركتها تفعل ما تريده وجلست بينما تنهدت والدتها ميسون بضيق وهي تنظر إلى ابنتها حين تقدمت جومانه تقدم المشروبات للجميع و عندما وصلت إلى جاد ابتسمت جومانه لها بقوه و اصتنعت الخجل الشديد، ألتفت إليها و ابتسم جاد وهو يأخذ منها وقال” متشكر تسلم ايدك”

بينما أومأت برأسها جومانه قائلة و إبتسامة رقيقة” العفو”

أطلق جواد شقيقه ضاحكه ساخراً، لينظر إليه الجميع بتعجب ومن بينهم والده الذي تطلع فيه بتحذير ،حمحم جواد قائلًا يكتم ابتسامته ” اسف ما كانش قصدي”

كانت مازالت حوريه تقف بصدمه وغضب حتي نادتها بدريه بصوتها الحنون الدافئ” حوريه حبيبتى اقعدي واقفه ليه”

نظرت حوريه إلى والدتها ثم رسمت إبتسامة صغيرة و هى تتحرك لتجلس بتشنج حين رأت جاد أقترب يجلس قربها تماما الوقح ألم يجد مكانا آخر سوي قربها اقترب منها أكثر ليهمس قرب أذنها” اخبارك ايه وحشتيني ايه اوعي تقولي مش فاكراني، على العموم ممكن افكرك باماره القلم اللي اديتهلي”

هزت ساقيها بتوتر و هى تشعر برغبة فى قتل أحدهم ليزداد وجهها إحمرارا وهي تهمس هي الآخر” طب كويس انك عارف ان انا هزقتك جاي هنا ليه”

جزت جومانه علي أسنانها وهي تراقب ذلك الهمس المنخفض ثم ابتسم جاد و هو يراه توترها ليقترب منها غير مبالٍ بمن حولهم و موجهه حديثه الي عتمان قائلا ” مردتش عليا يا عتمان بيه ايه رايك نلبس الدبل النهارده زي ما قلت لك وان شاء الله هنعوضها في الفرح”

صمت عتمان قليلًا يفكر ثم هتف بابتسامه “ماشي ما فيش مشكله”

بعد كلمة الجد مضت لحظات و حوريه تحدق في جدها بعينين متسعتين و فم مفتوح صدمها بالقرار المفاجئ وكانت تتطلع نحو والدتها بوجه شاحب تحاول التحكم بصعوبة فى رجفة جسدها التى إزدادت لتري والدتها مصدومه مثلها وهزت راسها بقله حيله لتقول حوريه بتوتر” بس يا جده مش بسرعه كده”

رفع عتمان نظره نحوها بتجهم هتف بها من بين أسنانه متجهما بحب مصتنع” لا يا حبيبتي مش بسرعه ولا حاجه وبعدين مش هالاقي لك عريس مناسب ذي جاد ولا عيلته ذيهم”

هتف عصام بابتسامه” تشكر يا أستاذ عتمان، وبعدين ما انتم برده مش هتتجوزوا على طول هنحاول نطول فتره الخطوبه يا بنتي”

وقبل أن ينعقد حاجباها بتفكير في ذلك المازق أخذ جاد يدها ليضع بداخلها خاتم الخطوبة نظرت إليه بعينين تتسعان و هي تسمع جاد يقول بسخرية” مبروك يا عروسه ايه مش هتلبسيني دبلتي انا كمان”

تحرك شفتيها دون صوت بكلمتين كان قادرة على إلتقاطهما” عند اذنكم حاسه بصداع شويه”

**
صوت انفاس عاليه وهو اندفع يركض بجنون و هو يتلفت حوله برعب عبر المرجة باتجاه سور دار الايتام,ولم يكن هناك رصيف للطريق بل كانت منزلقة بسبب أوراق الشجرالمتساقطة المبللة مرة أو أكثر كاد يقع بشكل خطير ألقي نظرة سريعة الي خلفه يتخبط في الظلام الحالك الذي يلف كل شئ حوله ليرى بصعوبه امامه ارض صحراويه لا نهائيه وخاليه من اي بشر قد يحاول الاستنجاد به ليسمع فجاه اصوات قادمه من خلفه و عويل الكلاب وصوت المشرفه و مسعود يركضون خلفوا يصيحون بغضب شديد أن يرجع إليهما إلي سوف تترك الكلاب تركض نحوه وعندما لم تجد منه اي استجابة أطلقت الكلاب بالفعل نحوه.

ظل هو يركض دون توقف حتى لهث من شدة التعب وهو يحاول الهرب وجسده ينتفض رعبا وهو يستمع برعب لأصوات الكلاب الشرسه التي تطارده ،شعر باختناق انفاسه بداخله و هو يزيد من سرعة ركضه وانفاسه تتلاحق بسرعه ونبضات قلبه تعلو وتعلو حتى كاد قلبه ان يتوقف عن النبض من سرعة نبضاته واصوات الكلاب الشرسه تطارده بجنون و هو يركض بكل ما فيه بخوف شديد يتلفت حوله و تعالي انفاسه برعب.

ليسقط فجأه على ركبتيه بقوه ودموعه تنهمر بغزاره ثم ألتفت حوله ليجد الكلاب تركض بسرعه نحوه و بين وبينهما مسافه قريبه جدآ فحاول أن ينهض سريعا ليركض لكنه لم يقدر ليسقط مره اخرى بتعب شديد وفي خلال ثواني كانت الكلاب تهجم عليه ليصرخ برعب شديد وهو يستمع إلى أصوات قادمه من بعيد لم يفهمها جيداً.

“قاسم فوق انت بتحلم قاسم اصحي”
كان صوت جمال الذي اقتحم عرفته عندما أستمع الي أصوات صراخه ليعرف علي الفورا أنه صوت قاسم و قد اتي كابوس مزعج مثل العاده ،هز جمال كتفه الأيمن برفق حتي فتح عيناه علي اتساع وهو يشهق بعنف و فجاه احكم قبضته فوق عنقه جمال يعتصره بشده مما جعل عروق عنقه تنتفض من شدة غضبه.

اتسعت عينا جمال بصدمه و ذعر عندما بدأ قاسم يزيد من ضغط يديه حول رقبته حتي شعر جمال بالهواء ينعدم من حوله فلم يعد يتستطع التنفس فاخذ يضربه بقبضته فوق يده المحيطه بعنقه حتي جعله ان يبتعد عنه لكنه لم يتحرك من مكانه وظل يعتصر عنقه بقبضته القوية فلم يشعر قاسم بشئ مما يفعله حتي دخل رجال الحراس إلي الغرفه بسرعه يبعدون عنه و يمسكوا قاسم بقوه مكتف من ذراعيه حتي فاق اخيره ونظر حوله وهو يقول بتقطع وضعف” خلاص صحيت ابعدوا”

لكن ظلوا يمسكوا بيه بقلق حتي صاح بغضب شديد وهو يتنفس الصعداء” قلت ابعدوا خلاص”

نظروا الي جمال بتردد وحذر ،أخذ جمال أنفاسه بصعوبة شديدة وهو يردد” اطلعوا بره وسيبونا يلا”

تركوا بالفعل و ذهبوا الرجال الي الخارج رمي قاسم نفسه للخلف أعلي الفراش واغمض عيناه يتعب و إرهاق بينما تنهد جمال بضيق وقال” كابوس ذي كل مره قلتلك ريح نفسك واسمع كلامي مره، وروح لدكتور نفساني”

فتح عيناه وهتف بحده وغضب” قلت لك انا مش مجنون عشان اروح لدكاتره نفسيين”

نظر إليه جمال بقلق و أردف بحده” مش مجنون بس كنت هتموتني هي اول مره يا قاسم يجيلك كوابيس وتصحى وانت بالطريقه دي مش قادر تاخذ نفسك ولا حتي عارف تفرق مين قدامك حقيقه ولا حلم، اسمعها مني انا عاوز مصلحتك بدل ما تعمل مصيبه أعرض نفسك علي دكتور”

نظر إليه قاسم و هو يكاد ينفجر غضبا ثم هتف ببرود” انا كويس يا جمال ومش محتاج لدكاتره، وما تخافش على نفسك مني اوي كده وابقى بعد كده لما تسمع صوتي ما تجيش تصحيني”

نهض قاسم من أعلي الفراش ليجذبه جمال من ذراعيه بغضب” من امتى يا قاسم بيهمني نفسي عنك انا خايف عليك يا غبي انا فاهم كويس الكوابيس اللي بتيجي لك من اللي شفته في حياتك وفي الدار، عشان كده عاوز مصلحتك وعاوزك تتعالج”

نظر إليه قاسم عددا لحظات ثم ابعد يده و ذهب إلى المرحاض مغلق الباب خلفه ونظر إلى وجه بالمراه اصبح اكبر رجال الأعمال الوسيم الذى أصبح يمتلك شركات و أغني كان معتقد عندما يصبح يملك كل شيئا سيتخلص من جميع مأسى حياته ولكن يبدو ان القدر كان يخبأ له مفاجات اخرى، فوجد نفسه يتخلص من سطوه عذابه بداخل الدار ليقع تحت سطوته نفسه هو ذلك الانسان الذى لم يعرف سوى التسلط والتحكم بالآخرين وقلبه الذى لم يعرف سوى كراهيته الي الجميع لكنه لا يدرك ان هناك خيط رفيع بين الكراهيه والحب، ياتري ماذا سوف تخبي اليه الايام؟.

**
بعد مرور يومين، بداخل فندق خمس نجوم يجلس بداخل الكافيه قاسم ومعه جمال حيث يوقعونا صفقه ما جديده، وحين انتهاء نهض قاسم بخطوات بسيطة نحو عامل المشروبات الغازية وطلب منه قهوه وجلس أمامه أعلي مقعد في انتظاره وفي حين شعر بأحد يضع يده على كتفه قائلا” قاسم هنا بنفسه يا أهلا”

ألتفت بجمود عندما رآه جاد و جواد و معهم تالا ابنه عمهما، غمغم جاد بضيق قائلاً” اهلا يا قاسم بتعمل ايه هنا”

هز رأسه بعدم مبالاه وقال” ابدا شغل وأنتم”

ابتسم جواد وتحرك يجلس جانبه هاتف” ابدا اصلي تالا بنت عمنا كانت لسه واصله امبارح من امريكا وكانت بايته هنا في الفندق، وجينا ناخذها عشان تقعد معنا شويه”

رفع قاسم نظره ليري شابه في مقتبل من العمر الخامس والعشرين ذو جسد رفيع وبشره قمحاويه ملامحها جميله ذات شعر احمر قصير عيون عسليه،هز رأسه قاسم لها بدون حديث.

ابتسمت له وهي تراقب ملامحه جيدا ومدت يدها تصافح إياه” اهلا بيك سمعت عنك كثير وكان نفسي اشوفك انا تالا منصور”

لكن قاسم لم يتحرك أو يسلم عليها، عقدت حاجبيها بضيق بينما قال جواد مازحًا” ريحي نفسك و نزلي ايديك اصله مش بيسلم على بنات”

نظرت تالا إليه بدهشة كبيرة وقالت بسخرية” ليه متوضي”

ضحك جواد قائلًا” حاجه ذي كده، سيبك منه هو كده حتى في شغله قفل بقي هنعمل ايه”

ضحك الجميع ما عدا قاسم لم يجيب عليهما حتي بعد ثواني انتهاء العامل من عمل القهوه له ثم أخذها قاسم منه و نهض قائلا” عند اذنكم عشان عندي شغل هنا، اشوفكم بعدين”

نهض خلفه جاد وقف أمامه مانع إياه من التحرك توقف قاسم بضيق وهز رأسه بمعني ماذا يريد، أشعل جاد سيجارته ببرود وهو يقول” مش تبارك لي يا قاسم مش انا خطبت من يومين”

عقد حاجبيه قاسم وهز رأسه بنفاذ صبر” تمام مبروك”

أطلق بنظره طويلة إليه وأردف باستفزاز” انا ما عملتش خطوبه بس اكيد هعمل فرح واعزمك فيه اوعي ما تجيش، هزعل انت برده زي اخويا حتى لو بالتبني!”

ضغط قاسم على يده بعنف يكتم غضبه
وسادت بينهم فترة من الصمت حتى عاد جاد يقول بنبرة ساخراً” هستناك”

تحرك قاسم بخطوات سريعة بحده ولم يجيب عليه، بينما ضحك جواد قائلًا وهو بغمزه له”مش لازم تعدي حاجه انت “

بادله جاد الضحك بينما كانت تالا تنظر عليه وهو يرحل وقالت بإعجاب”غريب قوي قاسم ده”

جلس جاد على مضض بجانبهم ثم أجابها وهو ينفث دخان سيجارته في بطء”عادي ما فيهوش حاجه زياده عن أي حد”

ابتسمت تالا وهي تنظر إليه وأخذت السيجارة من فمه تضعها داخل فمها مردده” بس رجل اعمال كبير وناجح وشكله كمان محترم و النوعية ده نادره لما بالاقيها “

هتف جاد في ساخطة وغضب” طب يلا عشان نوصلك ونخلص”

**
تتعانق الاحزان مع حبات المطر فالقلب كالأرض الجافة التى كثرت فيه التشققات تريد الماء كى تتصل ببعضها مرة أخرى و القلب لا يفرق عنها شئ يريد الحنان والدفء كي يعود لسابق عهده بلا ذنوب يبحث عن الغفران، فما أن يحاول العوده كالسابق تأتي عاصفه اقوي من حيث لا ندرى تحطم بقايا الحيطام القلب وتكتم الأنفاس الأخيرة و أنه لا مفر ستظل كما هي.

بداخل قصر عتمان زاهي، بالتحديد داخل مزرعة الخيل جلست حوريه بجانب عشق الفرس الخاصة بها تشكي لها حالها الحزين، متي سوف ينتهي ذلك العذاب سالت نفسها ذاك السؤال مئات المرات في كل مرة تحاول ان تجد الاجابة لكن تجد روحها تائهة بين تلك المحادثة ،واذ بي تري طيفها يجيب على ذلك السؤال المعتاد لا لكن ستتعود! لم تأخذ من الدنيا سوى فتات من السعادة أما الحزن فأثقل ظهرها ولم تعد تستطيع حمله ولكنها تؤمن أن الله يخبئ إليها السعادة متى لا تعلم، لكنها بالتأكيد قادمه.

منذ صغرها وهي مختلفة, ليس لأجل عسليه عينيها الغامض ولا للشلال الحريري الفاحم الذي يتوج رأسها ولا لجمالها البريء ورقتها والجسد الممتلئ بعض الشئ امتلاء مناسب يلائم وجهها الأبيض الجميل ولا حتى لأصلها الطيب،ولكنها كانت مختلفة..فقط مختلفة.

ابتسامة واسعة ارتسمت على شفتيه حازم عندما بلغ مسامعه همسات حوريه المدوية تتحدث مع نفسها أو مع الحصانة ليراقب تلك البائسة وهي تجلس وعقلها شارد يقفز قلبه بين ضلوعه فرحا عندما يراها ثم أقترب منها وقال بحب لم يستطع إخفاء” ازيك يا حوريه اخبارك، وليه قاعده هنا لوحدك”

انتبهت له واغتصبت حوريه ابتسامة لم تصل لعيناها وقالت بهدوء ” ازيك يا حازم اخبارك ،أبدا زهقانه قلت أنزل اقعد مع عشق”

هز رأسه بتفهم ثم تذكر شيئا اطفاء سعادته وقال بألم” هو انتي صحيح يا حوريه هتتجوزي”

تنهدت حوريه بيأس قائلة ” ايوه”

اعتلي الضيق ملامحه قائلا” بس انتي مش راضيه هتتجوزي غصب عنك عشان جدي صح، انا عرفت من جومانه ان ضربك ثاني عشان رفضتي حقك عليا أني مكنتش موجود جنبك و نقذتك منه”

تنهيدة معبأة بالهموم والحزن خرجت منها يليها بسمة حزينة علي شفتاها” مالوش لازمه يا حازم و ارجوك حاول تبعد عن مشاكلي مع جدي بالذات ،بلاش تجيب لنفسك مشاكل انت كمان معه، وبعدين هو ايه جديد يعني عاده ولا يشتريها انا ساعات بحس ما يقدرش يفوت يوم الا لما يطلع غضبه في انا أو في ماما ربنا يهدي”

أقترب منها بخطوات مترددة و لسانه معقوده غير قادر على الفصح ما بداخله ليقول بحزن” بلاش تعملي حاجه غصبا عنك يا حوريه وحاولي تفضلي مصر على موقفك لحد ما هو يزهق ويتراجع، بس بلاش تغصبي نفسك على حاجه ذي كده ده جواز”

تنهدت بحزن عميق ثم أضافت “يا ريت الموضوع يقف عليا انا بس يا حازم للاسف ماما كمان هتيجي في الرجلين، لازم اقبل واعمل له اللي هو عاوزه عشان يبعد عننا ويسيبنا في حالنا”

**
بعد مرور أسبوع،في قصر قاسم السيوفي أرجع رأسه للخلف وعلي ثغره أبتسم صغيره باستماع على نطاق واسع عندما أنهى رسمه ليُظهر صورة لفتاة جميلة بملامح رائعة وجذابة لم يكن يعرفها جيدًا أو لا يعرفها على الإطلاق لكن كانت عينيها تخفيها قناع الوجه لان اول و آخر مره رأيها فيها كانت ذلك ترتدي القناعه لذلك لم يري ملامحها جيدا لكن متذكر القليل منها.

المهم أنها تمتلك أجمل وأروع من الملامح الجميلة التي رآها لأول مرة ولم يستطع محو صورتها ولا صوتها من خياله بعد ذلك ولو للحظة الذي انقذته فيها وبعدها فرت هاربه! حاول البحث كثير عن تلك الفتاه التي لا يعرفها!.

لكنه فشل، إنه لا يعرف مكانها ولا اسمها ولا عنوانها إنه لا يعرف حتى لماذا يريد رؤيتها ملامحها ثابتة في ذهنه صورتها وهي في حضن في ثوب أسود وشعرها الطويل يطير من الهواء مما يعطيها إياها نظرة رائعة جدا ولكن عيناها في ذلك الوقت كانتا تحملان حزنًا شديدًا لا يعرف مصدره، فـ هي منفذته فـ الحياة كما يلقبها..أو سندريلا الضائعه.

ليسمع صوت صافره آفاق تخيلاته هاتف ساخراً “مين المزه الجامده دي يا قاسم، ده انا فاكرك قافله على نفسك الاوضه بتشتغل ادخل عليك الاقيك بترسم بنات يا خساره تربيتك فيك”

إتنفض قلب قاسم بغضب وهو يراه من يمدح فيها أمامه وقال بحده” في ايه يا جمال انت دخلت امتي وازاي تخش عليا كده من غير ما تخبط الباب”

سحب قاسم الصور إلي ضرك المكتب سريعا وابتسم جمال باستفزاز وقال” في ايه يا عم قاسم ما بالراحه عليا ما أنا خبط وما سمعتنيش .. وبعدين مين صوره البنت دي، ده انت من كثر ما بترفض البنات اللي بتترمي تحتك فكرتك مالكش فيها”

ليقول قاسم بغضب اكبر” ما تحترم نفسك يا جمال وبعدين عاوز ايه “

هز جمال كتفيه بعدم مبالاه واعطي إليه المجله ليقرأ ما بها عقد حاجبيه قاسم باستغراب وأخذ منه المجله بضيق شديد ليقع عيناه علي خبر عنه “أنه السيد قاسم السيوفي ابن عصام الصريطي بالتبني هناك اخبار متداوله عنه أنه لا يميل إلى الجنس الناعم حتي لم نلاحظ أن رافق فتاه في مره الي حفلاته وهناك شكوك حول ذلك أنه لا يميل إلى الجنس الآخر”

لم يكمل جملته واتسعت عيناه بعصبية وصاح” مين الحيوان اللي كتب الاخبار دي عني هو لازم كل مره امشي و اصاحب واحده عشان ما يشكوش فيا يا ولا *** انا يكتبوا عني كده”

ضحك جمال بشده وقال يغيظه” بصراحه انت برده ليك حاجات غريبه ده انا لولا معاك على طول كنت شكيت زيهم، ده انت حتى السلام ما بتسلمش على ستات ما لازم يشكو فيك، انا لو منك في اسرع وقت ادور على واحده و اتجوزها”

حدف المجله أعلي المكتب بانزعاج وهتف ببرود” عشان دول ما حدش يثق فيهم وبعدين جواز اللي بتتكلم عنه أنت عارف انا بافكرش في كده، انا دماغي في الشغل وبس”

تنهد جمال بعمق وابتسم وقال” طب مش نفسك يبقى عندك اولاد حتي يا قاسم العمر بيجري بعد كده هتندم انك ما عملتش كده، بلاش حتى تقفل الباب خالص بكره ان شاء الله تلاقي واحده تخليك تغير رايك وتحبها”

انفجر ضاحك فجاه قاسم بشده وجلس مكانه هاتف بعدم تصديق” يعني مش كفايه جواز لا كمان احب، انت مالك النهارده يا جمال بتقول كلام مستحيل يحصل “

عقد حاجبيه بدهشة وتعجب” وليه مستحيل يحصل انا مش بحب ازن عليك في الموضوع ده عشان مش عاوزك تتجوز اي جوازه والسلام، عشان الحل ليك ولي كل مشاكلك انك تحب يا قاسم”

احمرت عينيه و برزت عروقه بطريقة مخيفة جدا وهو ينظر إليه قائلاً “عشان بكل بساطه ما فيش قلب من حجر بيحب يا جمال، انا اللي ذيي الاحسن لي يفضل كده، مش ناقص وجع اكثر من اللي انا فيه”

شعر بحزنه والمه واشفق عليه، لكن حاول تغيير الموضوع حيث غمز جمال بطرق عينه وقال “اهو انا بقى متاكد ان هتجيء لك اللي تخلي الحجر ده يلين”

ابتسم قاسم فجاءه ابتسامة خطيرة وهو يرتشف القهوة من الكوب في يده وقال” خلاص ايدي على كتفك لو لقيت لي البنت اللي في الصوره دي و وصلت ليها اوعدك افكر في كلامك”

لم ينطق بحرف اخر ثم رحل قاسم خارج المكتب وهو يضحك بخفه بينما تحرك جمال من مكانه ووقف ينظر إلى الصور مره ثانيه كانت ملامح وجهها ليس واضحه مستغربا كلام صديقه وقال بضيق” انت بتصعبها عليا يا قاسم و بعدين مين اصلا”

**
اقتربت عقارب الساعة من الحادي عشر مساء بداخل قصر قاسم السيوفي، عندما وضعت العامله هاجر صينية تحمل فوقها بعض السندوتشات وكوبًا من المياه الغازية و فناجيل القهوة أعلي الطاولة رفع جمال رأسه بابتسامه حنونه” شكرا يا هاجر روحي انتي نامي خلاص مش هنعوز حاجه ثاني”

غمغمت هاجر وهي تبادله الابتسامه” العفو بالهناء ،عند اذنكم”

كان يقف قاسم ينظر من خلف الشباك علي الطبيعيه الخلاب بينما رحلت هاجر بهدوء،
تناول جمال أحد السندوتشات وهو يبتسم قائلًا” برده مش ناوي بتقول لي إيه حكايه الصوره اللي شفتها من شويه، قابلتها فين دي انا مش باسيبك تروح في مكان لوحدك على طول بفضل معاك”

تنهد بضيق وقال دون النظر إليه” وانت شاغل نفسك لي بيها”

ليقول جمال بخبث” مش ممكن الاقيها و الحظ يتفك على ايديها و تتجوزها، مش انت قلتلي لو لقيتها هتعيد حساباتك في الموضوع وتتجوزها “

استدار إليه قبل أن يقول ساخرًا” انا قلت ممكن افكر في موضوع الجواز، بس ما قلتش هاتجوزها اكيد”

تنهد جمال بعيظ و تحدث” طب تعالي كل واحكي لي شفتها فين”

تحرك بخطوات بسيطة وجلس جانبه ثم صمت لحظات وهتف بشرود” هي اللي انقذتني لما رحت حفله عيد جواز عصام ومراته لما كانوا عاوزين يموتوني، كان معاك حق لما قلتلي
ما تامنلهمش واكيد في حاجه بيدبروها ليك، بعدتني عن الرصاصه اللي كانت هتيجي فيا وكان ممكن أموت وبعدها طلبت منها اردلها مساعدتها ليا، بس هي قالتلي انا بساعد الناس من غير مقابل بس انا اصريت، عجبها وقتها الخاتم اللي صنعته في اول بداياتي وخذته مني واختفت بعد كده”

ضحك جمال وهو ينظر إلى قاسم متحدث بمكر”وانت بكل سهوله وافقت تديها الخاتم ده انت ما كنتش بترضى حد غيرك يلبسه ورفضت تعرضه في المزاد يتباع”

غمغم قاسم بصوت مرتبك”انا ما وافقتش هي ما اخذتش اذني أصلا، هي اخذته على طول ومشيت”

هز رأسه ببساطة وقال مستنكرًا”بس لو كنت عاوز تمنعها اكيد كنت هتقدر”

صمت قليلًا قاسم وعاد يقول بشرود”يمكن”

**
أمام فيلا عتمان زاهي لم يتوقف جاد عن قطع جنينه الفيلا ذهابا و إيابا و هو يغلي من الغضب لماذا تأخرت كل هذا الوقت؟ فهو منذ قليل اتفق مع جدها ياتي ياخذها حتى يخرجون سواء لكن منذ أكثر من نصف ساعة مازال ينتظرها وهي لم تأتي ولم يتوقف عن الضيق من تأخيرها.

اما في الداخل كانت حوريه تقف أكثر من نصف ساعة أمام جدها الذي ظل يحذرها قائلا” اياك تعملي اي حاجه ولا يجي يشتكي منك،و افردي وشك ده شويه انا عارف كويس حركاتك دي عشان يطفش ويسيبك بس الجوازه دي هتم يعني هتم طالما انا عاوز كده”

أغمضت عينها حوريه بعمق وقالت باستسلام” حاضر”

بعد فترة تنهد جاد بقوة وضيق حين خرجت حوريه اخيرا وكان خلفها ساجد شقيقها هتف بانزعاج” اتاخرتي ليه كل ده وكمان ده جاي يعمل معنا ايه”

نظر إليه ساجد ببغض قائلا”ما اسميش ده اسمي ساجد وجدو قاللي ما تسبهمش وما تبعدش عنهم، و أحكي كل حاجه هتحصل هناك “

ضغط على أسنانه بحده وقال” الكلام ده صح الولد ده جاي معنا”

هتفت حوريه ببرود وهي تهز رأسها بإبتسامة صفراء ” انت سمعت بنفسك كلامه اكيد مش هنخرج مع بعض سواء لوحدنا، مش عاجبك يبقي يلا ندخل احسن وبلاش خروج”

صمت لحظات وهتف بضيق مكتوم” لا و على ايه اتفضلوا ، يلا يا استاذ ساجد عشان تنقل لجدك اللي هيحصل”

وصلوا إلى مطعم ورحلت حوريه وتركت ساجد شقيقها مع جاد يجلسون على الطاوله وذهبت هي تبحث عن المرحاض وعندما سألت النادل أجاب عليها أنه في الاعلي حيث المطعم مكون من طابقين تنهدت بضيق و صعدت السلالم وهي تفكر كيف تتخلص من هذه الزيجة و دون ادراك منها ضغطت بقدمها علي درج السلالم بخطوات سريعة و أتلوت قديمها تحتها شهقت حوريه بذعر وكادت أن تقع لكنها تجمدت في مكانها عندما شعرت بأحد يجذبها قبل أن تسقط لكنها سقطت بحضن شخص ما؟.

اتسعت عينا حوريه بشده وشعرت بأنفاس ساخنه تضرب عنقها و ابتعدت ببطء عنه لتري أمامها أعين سوداء مظلمة شعرت أنها في أي لحظة سيغمي عليها حتي سمعت صوته العميق يتكلم” خلي بالك”

رمشت بعينيها عددا مرات تخفي توترها و ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة وهي تقول” ما اخذتش بالي شكرا”

افصح لها الطريق لتتحرك بخطوات ببطء شديد لترحل بسرعه داخل المرحاض كأنها تريد الاختفاء وبعد فترة خرجت تنظر حولها بحذر ولم تجد أحد تنهدت براحه و تحركت نحوه طاولة جاد و ساجد تجلس جانبهما.

جز جاد علي أسنانه بضيق وقال” اتاخرتي قوي كده ليه “

رفعت كفاً مرتجفة تتحسس عنقها وقالت بهدوء”عقبال ما دورت علي الحمام ولقيته”

هز رأسه جاد بانزعاج وهتف” تمام انا لما لقيتك اتاخرتي طلب اكل لينا، اتفضلي اتكلمي كنتي عاوزاني في ايه”

نظرت حوريه الي ساجد الذي مشغوله باللعب بالهاتف و حمحمت بتوتر قائله بعمق” جاد ممكن الكلام ده يبقى بيني وبينك وبلاش جدو يعرف عنه حاجه، خلينا نفكر علاقتنا قدام لو فضلنا مع بعض هتبقى شكلها عامل ازاي اكيد مش هتنجح ممكن اكون غلطت عشان ضربتك بالقلم وسط الناس بس انت اللي استفزتني في الاول ما كانش ينفع تطلب مني طلب زي ده وتقول لي تعالي نتصاحب ونخرج انا عارفه ان انت بتحاول ترد كرامتك لما تخطبني بس بعد كده هتندم عشان كده انا فكرت ان احنا …”

كان يستمع جاد إليها ببرود ويهز رأسه بسخرية حتي قبل أن تكمل حديثها أستمع الي صوت يهتف بإسمه بخشونة” جاد”

رفع نظره جاد خلف ما تجلس حوريه ليجد قاسم يقف ينظر إليه عقد حاجبيه باستغراب وقال” قاسم انت بتعمل ايه هنا”

أقترب من بخطوات بسيطة وابتسم ابتسامه صغيره قائلا” شغل انت عارف بقي، لقيتك موجود هنا قلت اجي اسلم عليك”

تنهد جاد بضيق شديد وقال بانزعاج” أهلا، ده قاسم أخويا بالتبني ودي حوريه خطيبتي”

تحركت حوريه ثم نهضت ونظرت خلفها توقعت أن لا ينظر إليها لكنه تفاجات بنفس الشخص الذي اصطدمت به منذ قليل! تطلع فيها بهالة عربيه مظلمه قاتمه مخيفة كأنه سينقض عليها كانت نظرات مريبه للغايه، ابتلعت ريقها بتوتر ومدت يدها تصافح إياه، أبتسم جاد وهو يقول بنبرة ساخراً” نزلي ايدك يا حوريه ده مش بيسلم على ستات “

عقدت حاجبيها بعدم فهم لتنزيل يدها ببطء باحراج جانبها لكن تفاجئت حين اقترب أكثر و أمسك يدها قاسم وصافحها بقوه بشكل جاعلا منها غير قادره على الوقوف أكثر، حين امتزجت رائحه عطره القويه التي كانت مختلطه مع السجائر افقدتها صوابها.
___________________________________

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية حورية بين أنياب شيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى