روايات

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث الفصل الأول 1 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث الفصل الأول 1 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث الجزء الأول

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث البارت الأول

رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث الحلقة الأولى

“أنا أُدعى ليان … الحاكمة الصغيرة لعالم كَبير كـ عالم مصـ ـاصين الد ماء … أنا مازلتُ أخوض الحـ ـرب وحدي رفقة عائلتي الأخرى … الحـ ـرب لَم تنتهي قط … بل هي البداية لحـ ـربًا لا أعلم إن كُنْتُ سأفوز بها أم لا … سأدعكَ تخوض التجربة بنفسكَ وأُريك ما حدث معي”
المتحدث الثانِ “سيهار”
“لَم يكُن الأمر سهلًا على الجميع … بل كُنا نسير بين أكوام ضخمة مِنّ الأشـ ـواك الحـ ـادة … الأم مازالت تحت سيـ ـطرة السـ ـحرة لا أعلم إن كانت ستعود أم لا … فالأمر مُعقد لـ الغاية”
المتحدث الثالث “كين”
“لكُلٍ مِنّا قصته ولكُل حكاية بداية إما سعيدة أو مـ ـؤلمة كخاصتي .. لقد كوَنت السـ ـاحرة جيـ ـشًا مهولًا لا حصر لهُ ضدنا ولَكِنّ مصـ ـاصين الد ماء المتحـ ـولين … الأصليين … المسـ ـتذئبين … وأيضًا السـ ـاحر “ڤيكتور” لسنا ضعـ ـفاء البتة … بل إننا لَم نستعد لخوض هذه الملـ ـحمة القوية … والتي ستكون نهايتها إما سعيدة … أو مـ ـؤلمة”
مومباي … واشنطن … مدريد … كوريا … المجر … جميعهم يتحدون … جميعهم يُدافعون عنّ الأم … وكذلك مِصر … العرب هُم مَنّ يقفون بجوارنا الآن دون ملل … جميعنًا لسنا بشرًا .. ولَكِننا نُحبّ بعضنا البعض ونملُك المشاعر ونبكي كذلك
المتحدث الرابع “ڤيڤيك”
“إن كانت دما ءي هي سبب تحرير الأم وإسـ ـقاط السـ ـحرة إذًا أنا أُضـ ـحي بها مِنّ أجلها”
لَم تنتهي قصتنا بعد، إنها بداية مأسـ ـاوية، تعال معي وسترى ما حدث بنا بعد آخر هجـ ـوم تعرضنا إليه

“انا جعفر … وأمكُث في الهند قرابة الشهرين دون أن أعلم شيئًا عن عائلتي والتي تشعر الآن بـ القلق عليَّ … ولَكِنّ هذا ما حدث إليّّ”
________________
بدأ الليل يسدل ستائره وتُضيء المدينة بـ ضوء السماء، رن صوت جرس المعـ ـبد في وقتٍ مُبكر يُعلن عن وصول شخصٍ ما، جلست سيهار بهدوء وهي تؤدي بعض الطقـ ـوس خاصتهم حتى مَرّ بها الوقت وخرجت
وقفت تنظر إلى أشعة الشمس التي بدأت تسطع في السماء لترتدي خاتمها بهدوء وتخرج، سارت بين الإناس بهدوء وهي تنظر حولها، كل شيءٍ يسير بشكلٍ جيد حتى الآن
جلست سيهار بهدوء أمام النهر وشردت، ما حدث قرابة الشهرين مازال يجعلها تخاف بعض الشيء، يوم هجـ ـوم الشيا طين عليهم وجعلهم يخشون ما سيحدث بعدما علموا أنهم ضـ ـدهم
أنتبهت إلى هذا الطفل الذي كان يقف أمام الجدار ويكتُب عليه هذا الإسم “Vande Mataram” هذه الكلمة التي تُزين شوارع الهند بـ أكملها أخذت نفسًا عميقًا ثم زفرته بهدوء ونظرت إلى ڤيڤيك الذي جلس بجانبها قائلًا:لماذا تجلسين وحدكِ هكذا
أجابته بهدوء قائلة:سئمتُ مِنّ الجلوس هكذا … أردتُ الهـ ـروب مِنّ مخاوفي ولو قليلًا
ڤيڤيك:ليس لأن شيراز كَوَنت جيـ ـشًا مِنّ السـ ـحرة وحا كمي مصا صين الد ماء والشيا طين أنها ستهـ ـزمنا
أبتسم بسخرية وقال:سأراكي حمقاء سيهار
زفرت بهدوء وقالت:أخشى أن تُحـ ـتل الأم ڤيڤيك … لا أعلم لماذا تَوَّد بلدتنا خصيصًا هذه الشيراز اللعيـ ـنة
ڤيڤيك:تمسكها بـ بلـ ـدتنا يجعلني أشعر بـ الريبة … أشعر أن ثمة هناك شيئًا ما هُنا تُريده ونحن لا نعلم عنّه شيئًا
سيهار بتساؤل:وما هو هيا أخبرني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حرك رأسه نافيًا وقال:لا أعلم … ولَكِنّنا سنعلم على أيا حال
تقدم مِنّهما ريشي وقال:أيها العاشقان أعتذر على مقا طعتي لهذه الأجواء ولَكِنّ ألن نذهب
نظرا إليه ليُجيبه ڤيڤيك قائلًا:تبًا لكَ ريشي
نظر إليه ريشي وقال:شكرًا لكَ أيها الو قح ذو اللسان السلـ ـيط
نهضت سيهار وقالت:هيا علينا أن نذهب حتى نعلم ماذا سنفعل … يجب أن نُخـ ـطط لكل شيء حتى لا يتم خدا عُنا مرة أخرى
نهض ڤيڤيك قائلًا:أنتِ مُحقة هيا بنا
_____________________
“ايه يا صاحبي مِنّ ساعة ما جيت هنا وانتَ مش على بعضك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟”
نظر إليه حيث كان جالسًا ويتأمل بقعة المياه التي كوَنتها الأمطار، تحدث جعفر وهو ينظر إليها بشرود وقال:انا عايز أرجع مصر … عايز أشوف مراتي وأختي … انا عايز أرجع يا سراج
سراج:هنرجع أزاي دلوقتي مش هنعرف
جعفر:يعني ايه هو انا محبوس وانا مش واخد بالي مثلًا؟؟!
سراج:مش القصد يا صاحبي بس هنعمل ايه هل كان فيه حلّ نعمل بيه وطنشنا كله على يدك … أختك قافلة علينا كل حاجه
تحدث جعفر وهو ينظر أمامه مرة أخرى بشرود قائلًا:انا مفيش حاجه منعاني فعلًا غيرها … بس انا مش هسيبها تتحـ ـكم فيا يا سراج انا هرجع يعني هرجع غصب عنها وعن عين أي حد
شرد سراج في نقطة فارغة وقال:عندك حق … مها وحشتني أوي … كل واحد فينا سايب حبيبُه فـ مكان … ويا عالم هنتلاقى تاني ولا لا
نظر إليه جعفر نظرة ذات معنى وقال:مش بتفكر ترجع لحياتك الطبيعية تاني
دام الصمت بينهما قليلًا وسراج يبحث عن الإجابة المناسبة التي كان يجهلها حتى الآن، زفر بهدوء وقال:هتفضل إجابة السؤال دا مجهولة لحد ما ييجي وقتها يا جعفر … لو عايز إجابة مؤقتة فهي لا … حبيت نفسي وحياتي دي … بعمل حاجات مكانتش فـ يوم مِنّ الأيام على بالي … بعيش حياة أول مرة أعيشها يا جعفر … تغامر وتلف وتستكشف دا وتعمل حاجه خا رقة للطبيعة ومجنو نة .. انا حابب كل دا … انا عارف إني هبان أنا ني بس انا والله ما كدا بحاول بس معنديش القوة إني اخده قرار نهائي
جعفر:انا لو عليا … عايز بنتي تخلص مِنّ كل دا … انا مش حابب الغُربة ولا إني أكون فـ بلد ومراتي فـ بلد مش مستلطفها … انا كُنت راسم لحياتي مع بيلا بطريقة تانية خالص فجأة لقيت حياتي بعيشها بشكل خارج عن المألوف بجد … حاسس حياتي أتد مرت
مَدَّ سراج يده وربت على يد جعفر وقال:هَونها تهون يا صاحبي
زفر جعفر بهدوء شديد وقال:مهَونها والله يا صاحبي … مهَونها بس هي اللي مش راضية تهون معايا
ضمّه سراج وربت على ذراعه قائلًا:هَتهون يا صاحبي صدقني … مسألة وقت وهترجع كل حاجه لـ طبيعتها تاني بس نستنى تاني
نظر جعفر إلى صغيرته التي كانت تركض خلف ديانا وتلعب معها والأبتسامة لا تُفارق وجهها البتة وعقله مازال يُفكر فيما هو قادم دون رحمة أو شفقة
______________________
كانت بيلا تجلس على الأريكة وهي تنظر في نقطة فارغة بشرود، نقلت بصرها إلى صورتهم المُعلقة على الحائط الكبير والدموع تلتمع في حدقتيها مِما أدت إلى إحمرارها، نهضت بهدوء شديد وتقدمت مِنّ الحائط المُعلقة عليه الصورة بهدوء
وقفت أمامها وهي تنظر إليها وسقطت دموعها في هذه اللحظة رغمًا عنّها ولَم تستطع التماسك أكثر مِنّ ذلك وبكت، بكت دون توقف والحزن هو المُسيطر عليها منذ قرابة الشهرين، عندما أنقـ ـطع الإتصال بينهما وهي تعيش في كابـ ـوس أسود لا تعلم إلى أين سينتهي بها
لامست أناملها الصورة وهي تنظر إليها بشرود، كم أشتاقت إليهما، إلى صغيرتها التي كان صوتها لا يُفارق أذنيها، إلى عناقها الدافئ الحنون الذي كان كـ المُسكن بـ النسبة إليها
نظرت إلى جعفر والذي قد بلغ شوقها إليه الحدود، هذا الزوج الذي لَم يمنحها سوى الحُبّ والحنان والمعاملة الحسنة، الرجٌل الذي عشقه قلبها ورفض الأبتعاد عنّهُ، أشتاقت إليه تذمره وصوته الذي كان يجعل في المنزل بهجة وكأن يسكُن بهِ ستة أفراد
وضعت يدها على بطنها المنتفخة بعدما شعرت بـ وخـ ـزه قو ية أخرجتها مِما هي عليه، تأ وهت في ذاك الوقت الذي دلف فيه بشير المنزل ليتوقف مكانه وهو ينظر إليها بـ عينين متسعتان قليلًا
تأ وهت بيلا مجددًا لـ يستفيق هو على آها تها ويترك الحقائب سريعًا ويتقدم مِنّها محاوطًا إياها قائلًا:في ايه يا بيلا انتِ أتخـ ـبطتي
لَم تستطع قول شيء لـ يقوم هو بـ إخراج هاتفه ومهاتفة أخيه، وضع الهاتف على أذنه وأسنده بـ كتفه وحاوط شقيقته قائلًا:تعالي أقعدي
سَمِعَ أكرم يُجيبه على الجهة الأخرى ليقول بشير:تعالى لبيلا عشان شكلها كدا تعبانة
علّت تأ وهاتها مجددًا ليسمعها أكرم ويقول:شكلها مش أكيد يعني … هتجيبلي جلـ ـطة يا بشير أقفل أختك بتتـ ـعذب جنبك وانتَ بتقولي شكلها انا جاي دلوقتي
أغلق معه لـ يضع بشير الهاتف على الطاولة ويقول بضيق:ماله دا انا بقول شكلها مش أكيد يعني
نظر إلى شقيقته التي أزداد الآ لم معها ليقول بتوجس:شكله عنده حق فعلًا
جلس بجانبها ونظر إليها قائلًا:قوليلي طيب حاسه بـ ايه
كانت آها تها هي الإجابة الكافية لـ التعبير عمَّ تشعر بهِ، ضمّها إلى أحضانه ومسدَّ على ظهرها برفق قائلًا:طب فهميني ايه اللي حصل عشان أكون عارف
أجابته قائلة:لوحدي يا بشير … لوحدي
طبع بشير قْبّلة على جبينها وقال:خلاص هاخدك انا وأكرم ونروح لـ الدكتورة
لحظات ودلف أكرم قائلًا:في ايه بيلا مالها
نظر إليه بشير وقال:بيلا بتقولي تعـ ـبت لوحدها
نظر أكرم إلى شقيقته ومسدَّ على رأسها قائلًا:وبعدين … سلمى كمان تعبا نة سيبت مها معاها وجيتلكوا على طول
تحدث بشير بجدية قائلًا:هناخدها لـ الدكتورة تطمن عليها ونتطمن إحنا كمان أكيد مش هنسيبها كدا
وافقه أكرم الرأي قائلًا:عندك حق … يلا نوَّديها دلوقتي وانا هكلم مها وأخليها تفضل مع سلمى لحد ما نرجع
نهض بشير وألبسها هذا الفستان الذي وجده أمامه على ثيابها المنزلية ثم حمّلها على ذراعيه برفق وخرج مِنّ المنزل أتبعه أكرم الذي أغلق الباب خلفه ووضع الهاتف على أذنه يُحادث سلمى
خرجا مِنّ البِنْاية ليتوقفا أمامها وينظران حولهما، تحدث أكرم قائلًا:خلّيك هنا هروح أشوف أي تاكسي وراجعلك تاني
تركه أكرم بالفعل وركض يبحث عنّ أيا سيارة تنقلهما تاركًا بشير واقفًا مكانه ينظر إلى شقيقته التي كانت تتألم، تقدم رمزي مِنّهُ سريعًا عندما رآه يحمّل بيلا قائلًا بتساؤل:في ايه يا بشير أختك مالها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أجابه بشير قائلًا بنبرة يملؤها القلق:معرفش دخلت البيت لقيتها تعبا نه معرفش ايه اللي حصلها
رمزي:طب مقولتليش ليه ايه اللي موقفك كدا
بشير:أكرم جري يجيب تاكسي مِنّ برا
نظر رمزي حوله وهو يمسح على وجهه ليعود ببصره إليه قائلًا:طب خليك زي ما انتَ هروح أجيبلك تاكسي
تركه رمزي ولَحِقَ بـ أكرم تحت أنظار بشير الذي كان قلبُه يتأكله الخوف على شقيقته، خرج رمزي إلى الطريق ليرى أكرم يقف وينتظر مرور أيا سيارة أجرة
تقدم مِنّهُ سريعًا حتى وقف بجواره ليقول:مش لاقي أي عربية
حرك أكرم رأسه نافيًا وهو يقول بنبرة يملؤها الضيق:وكأن الأرض أتشـ ـقت وبلـ ـعتهم
أخرج رمزي هاتفه مِنّ جيب جلبابه وقال:أستنى هطلب أوبر أحسن
وبالفعل قد طلب سيارة تحت نظرات أكرم الذي قال:ها
نظر إليه رمزي وقال:في عربية قريبة مِنّنا قدامها دقيقتين
أكرم:طب خليك هنا هروح أنادي بشير وأجيلك
تركه أكرم واقفًا مكانه وركض عائدًا إلى الحارة مرة أخرى تحت نظرات رمزي، نظر بشير إلى شقيقته وقال بنبرة يملؤها القلق والضيق:حقك عليا إني لسه سايبك لحد دلوقتي كدا بس انا معرفش النيلة دا راح فين يخربيته بيختفي زي العفر يت لمَ أحتاجه
نظر إلى يساره عندما سَمِعَ أكرم يُناديه ليتحرك بدوره سريعًا نحوه، تحدث بعدما تقدم مِنّهُ قائلًا بنبرة حادة:كُل دا أختك تعبا نه أوي
أكرم بضيق:أعمل ايه يعني مفيش زفت ورمزي طلب أوبر أخلص يلا
وصلت السيارة ليتوقف السائق وينظر إلى رمزي قائلًا:حضرتك رمزي فواز مش كدا
أجابه رمزي قائلًا:أيوه
تقدم أكرم وهو يقول:بسرعة يا بشير
نظر إليه رمزي وفتح باب السيارة الخلفي ليتقدم بشير ويضع شقيقته بحذر بينما تحدث رمزي وهو ينظر إلى أكرم قائلًا:انا هاجي معاكوا
نظر إليه أكرم وأعترض على ما قاله بقوله:لا يا رمزي رَوَح انتَ عشان شكلك راجع تعبا ن وانا هطمنك
فتح رمزي باب السيارة الأمامي وجلس بجانب السائق وأغلق الباب خلفه وهو يقول بنبرة حاسمة:أركب يا أكرم يلا
حرك أكرم رأسه بقلة حيلة ثم أستدار إلى الجهة الأخرى ليجلس خلف السائق الذي أنطلق بـ سيارته وتحدث قائلًا:على فين إن شاء الله
رمقه أكرم بسخط وقبل أن يُجيبه رمزي كان هو يقول بنبرة يملؤها الضيق:على المستشفى أومال هيكون على فين يعني واحدة تعبا نة قدامك هتوديها حديقة الأزهر!!!!
تحدث السائق وقال:وانا هعرف منين يا فندم طيب
تدخل رمزي في الوقت المناسب وقال:معلش يا فندم هو مشـ ـدود شويه عشان قلقان على أخته حقك عليا
السائق:حصل خير يا فندم
أستدار رمزي برأسه ورمق أكرم بسخط والذي كان الغضب باديًا على معالم وجهه، وضعت بيلا رأسها على كتف بشير الذي ضمّها بذراعه الايسر إلى أحضانه ممسدَّاّ على رأسها برفق وهو يتلو بعض الآيات القرآنية
__________________
“هاي يا صاح لِمَ تجلس هكذا يا صديقي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟”
نظر إليه جعفر بعدما جلس الآخر بجانبه ليُجيبه قائلًا:أشعر ببعض الضيق فحسب
كين بتساؤل:لِمَ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نظر إليه جعفر وقال:أوَّد العودة إلى موطني كين … ثمة شهرين ولَم يحدث أي جديد ولِمَ أنتظر … شيراز تقوم بـ العِناد معي فحسب يا صاح لا أكثر وأنا سئمتُ حقًا … طفح الكيل
كين:يا رجٌل ما هذا الذي تقوله لا تفعل ذلك
نظر إليه جعفر وقال بنبرة يملؤها الضيق:سأعود كين أنا وفتاتي لسنا سُجـ ـناء هُنا … لقد تركت عائلتي منذ شهرين حتى أأتي وأجلس هُنا دون فائدة … لن أنتظر دقيقة واحدة
نهض جعفر وهو يُكمل حديثه قائلًا:طفح الكيل كين يكفي
توقف كين أمامه فجأة وهو ينظر إليه قائلًا:جعفر رجاءً يا رجُل لا تفعل ذلك حياتنا جميعنا مُعرضة إلى الخطـ ـر … جميعنا … جميعنا دون أستثناء أتفهم ذلك … السحـ ـر الأسود والد ماء وجميع الأسـ ـحار تلتف على أعنا قنا … نحن طوال الشهرين اللذان تتحدث عنّهما يَحوم فيهما الخطـ ـر حولنا كـ الأفـ ـعى السـ ـامة … السحـ ـرة والشيا طين والملا ئكة … جميعهم يُشكلون خطـ ـرًا كبيرًا علينا … ولا تظن جعفر أنك إذا عُدت إلى موطنك أنك هر بتَ مِنّهم هذا ليس صحيحًا صدقني أنا لا أقول هذا حتى تبقى ولَكِنّ هذه الحقيقة يا صديقي … أعدّ تفكيرك مرة أخرى قبل أن تتخذ القرار النهائي … قرارك ذاك سيُحدد مصيرنا … إما العيش والمُضي قُدُمًا … أو المو ت وإنتهاء مصا صين الد ماء إلى الأبد
نظر كين إليه قليلًا ثم نظر خلفه بترقب وحذر شديد بينما كان جعفر يُفكر في حديثه وفي ذاك الوقت يُفكر في عائلته وزوجته التي أشتاق إليها كثيرًا، لحظات مِنّ الترقب وقد سَمِعَ صوتًا مِنّ خلفه يقول:أذهب
ألتفت جعفر ينظر إليه وهو يعقد ما بين حاجبيه قائلًا:ومَنّ أنت
أبتسم الآخر أبتسامة جانبية وقال:زاكش … أُدعى زاكش
سَمِعَ كين يقول:زاكش أحد عشـ ـيرة الشيا طين جعفر
نظر جعفر إليه قليلًا ثم إلى زاكش نظرة ذات معنى والذي أبتسم بدوره وقال:أسمي زاكش ويُنادوني زاكشي
نظر إليه نظرة متفحصة ثم قال:وأنت بشريًا … أليس كذلك
أجابه كين قائلًا:هذا ليس مِنّ شأنك زاكش … هذا يخصنا نحن فقط … أفهمت ذلك
أبتسم زاكش وفرد ذراعيه في الهواء قائلًا:يا رجُل بحقك أنا أطرح عليه بعض الأسئلة العادية فحسب كين لِمَ هذا الضيق
أجابه جعفر بنبرة جادة وقال:نعم بشريًا … هل لديك أسئلة أخرى كي تطرحها عليّ
أجابه زاكش قائلًا:لا … هذا كان السؤال الوحيد … بقية الأسئلة أعلم إجابتها … بـ المناسبة تبدو جميلًا … أجميع الرجال الشرقيون بهذا الجمال … بشرة خمرية … وعينين خصراوتان … ولحية وشعر بُني اللون … هذا رائع ظننتكَ أجنبيًا ولستَ شرقيًا
جعفر ببرود:نعم نحن كذلك … أيَّ أسئلة أخرى
ركضت ليان إلى جعفر قائلة:ها أنت ذا أنا أبحثُ عنّكَ أبي
نظر إليها جعفر ومعه زاكش وكين لـ يضمّها جعفر قائلًا:ماذا هُناك
ليان:أُريد تبديل ثيابي رجاءً
حرك جعفر رأسه برفق وقال:حسنًا هيا بنا
نظر إلى زاكش الذي كان ينظر إلى صغيرته نظرة ليست مطمئنة البتة بينما نظرت إليه ليان كذلك وتذكرته ولذلك أنكمشت خوفًا، حمّل جعفر صغيرته ونظر إلى زاكش نظرة تحذيرية ثم تركهم وذهب عائدًا إلى المنزل
نظر كين إليه قليلًا ثم عاد ينظر إلى زاكش الذي كان ينظر إليه، دلف جعفر إلى الغرفة وأغلق الباب خلفه وأنزل صغيرته قائلًا:هيا أذهبي إلى المرحاض حتى أُخرج لكِ ثيابًا نظيفة وأُعطيها لكِ
لبت الصغيرة طلبه بـ الفعل وذهبت إلى المرحاض وأغلقت الباب خلفها بينما أتجه هو إلى خزانة الملابس وأخرج إليها ملابس نظيفة ثم وضعها على الفراش وأغلقها جعفر مرة أخرى وجلس على الفراش بهدوء
شرد جعفر وهو يُفكر ماذا سيفعل أيعود إلى موطنه مرة أخرى وإلى عائلته أم ينتظر مثلما أخبره كين، بات حائرًا لـ الغاية لا يعلم الصواب مِنّ الخطأ
زفر جعفر وأخرج هاتفه ونظر إلى صورة بيلا التي باتت تُلازم شاشة هاتفه منذ أن رحل، كلما فتح الهاتف يراها ويبتسم حينها، زفر بضيق حتى فقد الإتصال بها لا يعلم إن كانت بخير أم لا فـ هي الآن في شهرها الرابع وباتت الأيام تَمُرّ سريعًا وهو حتى الآن ليس برفقتها
عدة طرقات على باب الغرفة أخرجته مِنّ دوامته ألا متناهية تلك، نظر إليه وقال:أدلف
دلفت إيميلي لينهض هو بهدوء ينظر إليها، وقفت إيميلي تنظر إليه قائلة بتساؤل:كيف الحال جعفر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أجابها جعفر بهدوء وقال:بخير
إيميلي بهدوء:أعلم أن عقلك منشغل الآن في بيلا وتوَّد الأطمئنان عليها
زفر جعفر بهدوء ولَم يتحدث لتقول هي:أنا سأُساعدكَ كي تطمئن عليها
نظر إليها مرة أخرى وقال:حقًا
حركت رأسها برفق وقالت:نعم … تعال معي سأجعلك تطمئن عليها وتسمع صوتها أيضًا
__________________
نظروا إلى الطبيبة التي خرجت مِنّ الغرفة ليقول أكرم بتساؤل:خير يا دكتورة طمنيني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نظرت إليهم الطبيبة وقالت بتساؤل:هي في حاجه مزعلاها؟؟؟؟؟؟؟؟
نظر أكرم إلى بشير الذي نظر إليه كذلك ثم نظر إلى الطبيبة وقال:آه هي بقاله فترة على طول زعلانة وساعات بتقعد تعيط بـ الساعات بدون سبب
الطبيبة:في سبب مُعين ولا بتكون لوحدها
أجابها أكرم هذه المرة وقال:لا الفترة دي بسبب إن جوزها وبنتها مسافرين وكدا فـ الغُربة وكدا خلّتهم ميعرفوش يتكلموا مع بعض زي الأول
حركت الطبيبة رأسها بتفهم ثم قالت:تمام عاوزين نحاول نحسن النفسية شويه حاولوا تتواصلوا بيه وتخلّوها تكلمه هيفرق أوي معاها لأن حالتها النفسية مش أحسن حاجه وإحنا دلوقتي فـ الشهر الرابع وكل شهر بيختلف عن غيره عايزين نظبط الدنيا شويه دا مِنّ الناحية النفسية أما بقى مِنّ الناحية الغذائية لازم تتغذى كويس واضح أوي إنها أهملت فـ نظام الغذا بتاعها ودا مش حلو فـ فترة زي دي ياريت نحاول معاها تجنبًا لأي أعراض جانبية
حرك أكرم رأسه بتفهم وقال:شكرًا يا دكتورة
تركتهم الطبيبة وذهبت بينما نظر بشير إلى أكرم الذي نظر إليه وقال بتساؤل:أختك مهـ ـملة فـ أكلها وانتَ بتكدب عليا وتقولي بتاكل وزي الفُلّ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بشير بهدوء:هي اللي قالتلي أقولك كدا وقالتلي لو عرفتك حاجه هتقـ ـطع كلام معايا طول العمر
أكرم:وانتَ صدقتها … يا بشير اللي عملته غلط بتطاوعها فـ الغـ ـلط عشان تهـ ـديد أهبل مش هيحصل … دي جواها روح هتتحاسب عليها انتَ وهي أفهم دا كويس جعفر لو عرف هيبـ ـهدلك قبلها
رمزي:الحمد لله إننا عرفنا المهم دلوقتي هتعملوا ايه
زفر أكرم وقال بحيرة:هعمل ايه … هوصله أزاي دلوقتي انا مش عارف
بشير بهدوء:انا هدخل أتطمن عليها
تركهم بشير ودلف إلى الغرفة وأغلق الباب خلفه بينما نظر رمزي إلى أثره ثم عاد ينظر إلى أكرم الذي استند على الجدار يُفكر كيف سيصل إلى جعفر، ربت رمزي على كتفه برفق وقال:سيبها على الله وهتتحل
وقف بشير أمام فراشها وهو ينظر إليها نظرة مليئة بـ العتاب واللوم، نظرت إليه لهُ بيلا وهي تعقد ما بين حاجبيها وقالت:في ايه بتبُصلي كدا ليه
دام الصمت بينهما قليلًا فيهما كانت نظرات بشير إليها تتحدث عن الكثير والكثير، أزداد تعجب بيلا التي قالت:في ايه يا بشير
أجابها بشير بهدوء وقال بتساؤل:ليه بتعملي فـ نفسك كدا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لَم تتحدث بيلا ونظرت إلى الجهة الأخرى بينما تحدث هو وقال:بتخليني أساعدك تأ ذي نفسك عن طريق تهـ ـديدك ليا ليه يا بيلا … ليه بتعملي فـ نفسك وفـ أبنك كدا … ليه تخليني أساعدك على أذ يتك وأذ ية طفل ملهوش ذنب
أدمعت عينين بيلا ولَم تتحدث لـ يقول بشير:إحنا لو عارفين نوصله هنوصله بس إحنا فقدنا الإتصال بيه نعمل ايه … انا وأكرم حاولنا كتير وفشـ ـلنا وبقينا ناخد بالنا مِنّك … جعفر لو عرف اللي بتعمليه دا هيبـ ـهدل الدنيا وانا قبلك عشان طاوعتك فـ الغـ ـلط المفروض مكنتش صدقتك بس انتِ أستغـ ـليتي طيبة قلبي ليكي
نظرت إليه بيلا وسقـ ـطت دموعها لتبلع غصتها قائلة وهي تُحاول التماسك:انا مستـ ـغلتكش يا بشير … انا فعلًا مكنتش عايزه حد يعرف انا حاسه إني لوحدي … انتَ عارف جعفر ايه بـ النسبالي هو وليان انا مش بـ إيدي يا بشير صدقني انا محتاجاه جنبي بجد …. الموضوع صعب أوي وواجـ ـعني يا بشير شهرين معرفش عنهم حاجه انتَ مُتخيل … عايزني أبقى عامله أزاي بقى
نظر بشير إلى الجهة الأخرى ومسح عينيه وهو حقًا بات يشعر بـ العـ ـجز لا يعلم كيف يُداوي جروحها وتعويضها عن مكان جعفر فـ هو يعلم أنه مهما فعل لن يأتي شيئًا في مكانة جعفر
نظر إليها مرة أخرى ثم أقترب مِنّها ومال بجذعه نحوها وطبع قْبّلة على جبينها ثم مسح دموعها بحنان وقال:حقك عليا بس انا والله العظيم خايف عليكي مش عاجبني اللي بتعمليه دا يا بيلا
ضمها إلى أحضانه ومسدَّ على ظهرها بحنان وقال:أوعديني يا بيلا تاخدي بالك مِنّ نفسك ومِنّ الطفل … عشان خاطري يا بيلا لو بتحبيني متعمليش كدا تاني جعفر مش هيفرح لمَ يلاقيكي كدا أكيد
أبتعد عنّها قليلًا ونظر إليها وقال:توعديني صح
نظرت إليه وحركت رأسها برفق وقالت:أوعدك
أبتسم بشير وطبع قْبّلة أخرى على جبينها ومسدَّ على خصلاتها برفق، دلف أكرم في هذه اللحظة وخلفه رمزي الذي أغلق الباب خلفه، تقدم أكرم مِنّ الفراش ووقف ينظر إليها قائلًا:واضح إن بشير قعد يقـ ـطم فيكي صح عشان انا أديته كلمتين برا فوقوه ويكون فـ علمك يا بيلا لو دا أتكرر مرة تانية صدقيني انا اللي هتعامل وقتها وهتزعلي مِنّي
نظر إليه بشير ووكزه في ذراعه قائلًا:خلاص بقى متنـ ـكدش على أبونا أكتر ما إحنا متنـ ـكدين … هي وعدتني خلاص وانا عارف إن بيلا لمَ بتوعد بتوفي بوعدها
رمزي:سلامتك يا مرات الغالي خضيتينا عليكي … ياريت تهتمي بـ صحتك أكتر مِنّ كدا الروح اللي جواكي ملهاش ذنب والأكل ملهوش علاقة بـ الزعل لو لقدر الله حصله حاجه هتتحا سبي عليه
نظر أكرم إليه وقال:هي خلاص وعدت أما نشوف هتوفي فعلًا ولا لا
___________________
كان جعفر جالسًا على الفراش بجانب صغيرته النائمة وكان الظلام يحوم الغرفة فيما عدا ضوء القمر الذي كان ضوءه ينبعث مِنّ باب الشرفة الزجاجي، نظر إلى الهاتف الذي أعطته إليه إيميلي ثم كتب رقم بيلا عليه بهدوء
رفع رأسه ونظر إلى ساعة الحائط ليراها الخامسة صباحًا، نظر إلى الهاتف مرة أخرى وقال بداخله:الفرق تقريبًا ست ساعات يعني الساعة فـ مصر دلوقتي حداشر بليل أكيد بيلا هتكون صاحية
نظر إلى الهاتف وضغط على زر الإتصال ثم وضع الهاتف على أذنه ووضع هاتفه على الفراش وأنتظر حتى تُجيبه بيلا
بينما على الجهة الأخرى كانت بيلا تستعد لـ النوم بعدما تناولت الطعام وشعرت بـ النعاس، أستلقت على الفراش بهدوء ووضعت الغطاء الخفيف على جسدها وقبل أن تستلقي عليه بشكل كامل سَمِعَت رنين هاتفها يصدح في المكان
نظرت إليه بيلا وأخذته لترى المتصل رقمًا دوليًا، أجابت بـ الفعل ووضعت الهاتف على أذنها وقالت بنبرة هادئة:الو
أغمض عينيه عندما سَمِعَ صوتها الذي أشتاق إليه كثيرًا، لا يعلم لِمَ تسارعت دقات قلبه عاليًا هكذا ولَكِنّ يبدو لأنه أشتاق إليه كثيرًا، شعر بـ العديد مِنّ المشاعر المفرطة جميعهم يُشيرون إلى الشوق والحنين إليها
بينما عقدت بيلا حاجبيها عندما لَم تتلقى الردّ ولَكِنّ قبل أن تُغلق سَمِعَت صوته الملهوف والمليء بـ الشوق إليها يتحدث قائلًا:وحشتيني أوي
توقف الزمن وتوقف كل شيء حولها، شعرت بـ الصدمة القوية التي ألجمتها وجعلتها لا تستطيع أستيعاب ما سَمِعته، أهذه مجرد أوهام لأنها تشتاق إليه وتُريد سماع صوته دومًا أم أنها حقيقة وهو يُحادثها بـ الفعل
أدمعت عنيها عندما سَمِعتهُ يقول:وحشتيني يا بيلا … وحشتيني
لا يعلم لِمَ يُرددها هكذا ولَكِنّ يبدو لأنه حقًا كذلك، أم أن الكلمات قد هرِ بت مِنّهُ، أم أنها الكلمة الوحيدة التي تُعبر عمَّ بداخله نحوها، لا يعلم السبب الرئيسي ولَكِنّهُ لا يهتم الآن سوى بها
أعتدلت بيلا في جلستها وهي مازالت لا تستوعب ما يحدث، تحدثت بنبرة هادئة مترقبة:جعفر
أبتسم جعفر على الجهة المقابلة وقال:وحشتيني أوي يا بيلا
سقـ ـطت دموعها وقالت بعدم تصديق:وانتَ كمان وحشتني أوي يا جعفر … وحشتني فوق ما تتخيل انا مش قادرة أصدق … حاسه إني بحلم
تحشرجت نبرة صوتها وسقطت دموعها لـ تسـ ـقط دموعه كذلك ويقول:انا مش عارف أقول غيرها بجد يا بيلا … حاسس إن الكلام اللي كنت عايز أقولهولك هر ب كله أول ما سمعت صوتك … انا حاولت أوصلك كتير أوي انا عملت المستحيل عشانك يا بيلا … طمنيني عليكي يا بيلا قوليلي انتِ كويسه وايه اللي حصل أحكيلي انا مشتاق أسمع والله
سقـ ـطت دموعها وقالت:طمني الأول عليك انتَ كويس وليان كويسه طمني يا جعفر عليكوا
طمئنها قائلًا:إحنا كويسين الحمد لله متخافيش إحنا زي الفُلّ المهم انتِ انا بالي مشغول بيكي على طول ومش قادر أهدى غير أما أتطمن عليكي
تحدثت بيلا وقالت بنبرة باكية:مش كويسه مِنّ غيرك يا جعفر … مش عارفه أتأقلم على الوضع دا انا محتاجاك جنبي يا جعفر انا بجد فـ أمَّس الحاجه ليك … عشان خاطري أرجع
همست بـ الأخيرة برجاء شديد لـ تسمعه يقول:صدقيني يا بيلا انا نفسي أرجع تاني فعلًا بس كل ما أخد القرار أرجع فيه تاني هما كمان محتاجني هنا وانا بين نا رين مش عارف أعمل ايه ولا عارف أخد قرار صح
بيلا:مش مُهم هما يا جعفر
جعفر:وليان يا بيلا
سقـ ـطت دموعها مجددًا ووضعت يدها على جبينها بضيق شديد وهي تزفر لـ يقول هو:لو عليا انا عايز أرجع عشانك والله بس انا مش عارف أعمل ايه مضايق أوي عشان مش عارف أخد قرار لحد دلوقتي
مسحت دموعها وقالت:خليك يا جعفر عندك متجيش انا زي الفُلّ مفيش حاجه
جعفر:طب فُكك مِنّ كل دا دلوقتي وطمنيني عليكي … يعني ايه اللي حصل فـ غيابي بتتابعي مع الدكتورة ولا لا
قصّت عليه بيلا ما حدث منذ أن رحل حتى هذا اليوم بينما كان هو يستمع إليها حتى أوقفها عن الحديث فجأة وهو يعقد ما بين حاجبيه قائلًا:فتحي جالكوا؟؟؟؟!!!!!
حركت بيلا رأسها برفق وهي تقول:أيوه جه بعد ما انتَ مشيت فـ اليوم اللي بشير طلب توزيع الورث مِنّ أول وجديد وطلب الصُلح بس أكرم مشاه وحـ ـذره إنه ميقربش مِنّنا تاني
تحدث جعفر بـ أستنكار وعدم استيعاب قائلًا:بس السؤال اللي لسه مخدتش إجابته ليه دلوقتي … اشمعنى لمَ انا مشيت ليه مجاش وانا موجود … بيلا انتِ متأكدة إنه جاي فـ صُلح
بيلا:دا اللي قاله وقتها أكرم مشاه وحذره ميجيش إلا فـ وجودك وطلب الصُلح مِنّك انتَ … بس حكاية ليه مجاش وانتَ موجود دا برضوا مش عارفه إجابته … مبقتش فاهمه حاجه بجد
جعفر:خلّي أكرم ياخد حـ ـذره ومتخليش بشير يسيبك لحظة واحدة فتحي مهما كان ملهوش أمان بيني وبينه مصانع الحداد مش مِنّ أول مرة هديه الأمان فتحي عُمره ما هيطلب الصُلح غير ووراه حاجه عايز ينفذها ومعنى إنه جالكوا بعد ما انا مشيت إنه مكانش هيعرف يعملها وانا موجود وعشان كدا عايزكوا تاخدوا بالكم على قد ما تقدروا
بيلا بهدوء وقلة حيلة:والله يا جعفر ما بقيت عارفه حاجه والموضوع قالـ ـقني أوي
جعفر:انا هتصرف وهحاول أرجع انا بقالي فترة قلقان عليكوا
بيلا برفض:لا يا جعفر خليك انا الأهم عندي ليان انا طمنتك أهو قلقان ليه بقى
زفر جعفر ومسح على وجهه قائلًا:هشوف الدُنيا فيها ايه هنا وبناءً عليها هتصرف … المُهم تاخدوا بالكوا مِنّ بعض وتاخدي بالك مِنّ نفسك يا بيلا … أتفقنا
أبتسمت بيلا بخفة وقالت:أتفقنا … أومال ليان مش معاك ولا ايه
أجابها وهو ينظر إلى صغيرته قائلًا:ليان نايمة دلوقتي … الساعة هنا خمسة الصبح … هبقى أخليها تكلمك مبطلتش سؤال عنّك
أبتسمت بيلا وقالت:سلملي عليها وخلّوا بالكوا مِنّ بعض … متنسانيش
أبتسم جعفر وقال:انا أنسى الدُنيا كلها بـ اللي فيها ومنساكيش يا بيلا
مسحت بيلا دموعها التي سقـ ـطت مرة أخرى وقالت:خلاص بقى يا جعفر هتخليني أعيط تاني
ضحك جعفر بخفة وقال:خلاص يا ستي حقك عليا مش هخليكي تعيطي تاني … هترجعي توحشيني تاني انا مش عايز أنهي المكالمة بجد
أجابته بيلا بـ أبتسامه قائلة:ولا انا صدقني … خلّي بالك مِنّ نفسك ومِنّ ليان وبوسهالي لحد ما أشوفها تاني
أبتسم جعفر وقال:مِنّ عيوني يا حبيبتي … سلامي ليكي مؤقتًا لحد ما أشوفك قريب
أنهى جعفر مكالمته لها وهو مُبتسمًا لـ يزفر بهدوء وراحة بعدما أطمئن عليها وسَمِعَ صوتها مرة أخرى، وضع الهاتف جانبًا ثم استلقى بجانب صغيرته وضمّها إلى أحضانه، بينما على الجهة الأخرى وضعت بيلا هاتفها مكانه ثم أستلقت بهدوء على فراشها ويبدو أنها ستنام الليلة وهي سعيدة لـ سماع صوته مجددًا
___________________
“يلا يا ولاد عشان تفطروا … يلا يا لؤي”
خرج لؤي مِنّ الغرفة واقترب مِنّ طاولة الطعام وجلس بهدوء، نظرت فاطمة إلى كامل ونورسين اللذان جلسا لـ تقول هي:مالكوا أنتوا الاتنين ضـ ـاربين بوز كدا ليه دا إحنا لسه بنقول حتى يا فتاح يا عليم
نظر لؤي إليها وقال:مُنصف متصلش
نظرت إليه بعدما جلست قائلة:جه نده عليك تحت وقولتله إنك نايم
مسح لؤي على وجهه وشرد لـ تنظر فاطمة إلى صغيريها قائلة:أفطروا يلا
نظرت إلى لؤي الذي بات يشرد كثيرًا هذه المدة لـ تقول:في ايه يا لؤي مالك ساكت كدا ليه وسرحان إفطر
نظر إليها لؤي قليلًا ثم قال:مليش نفس
تركهم ونهض عائدًا إلى غرفته تحت نظراتها التي كانت تتابعه، وقف لؤي وأخذ ثيابه بهدوء وبدأ بـ أرتدائها، دلفت فاطمة خلفه تنظر إليه قائلة:في ايه يا لؤي ما تقعد تفطر بره
أجابها لؤي قائلًا:قولتلك يا فاطمة مليش نفس متزنيش كتير بقى
أرتدى قميصه ثم أخذ أغراضه وخرج، ألتفتت فاطمة تنظر إليه بينما جلس لؤي كي يرتدي حذائه، خرجت فاطمة وقالت:يا ابني في ايه
نهض لؤي ونظر إلى صغيريه وقال:كُلوا يا حبايبي انا فطرت قبلكوا
أنهى حديثه وخرج لـ تنظر فاطمة إلى أثره وهي لا تفهم ماذا حدث إليه في يوم وليلة، بينما خرج لؤي مِنّ البِنْاية واتجه إلى القهوة حيث يجلس مُنصف رفقة رمزي وأكرم
جذب مقعدًا وجلس أمامهم ونظر إليهم نظرة ذات معنى وقال:في ايه
أجابه أكرم قائلًا:بقالنا شهرين منعرفش حاجه عن جعفر وبدأنا نقلق عليه
زفر لؤي وقال بضيق:متفكرنيش يا أكرم انا مضايق لوحدي
مُنصف:دلوقتي حصل حوار لازم نتصرف فيه بعيدًا عن موضوع جعفر
نظر إليه لؤي وقال:موضوع ايه دا
نظر إليهم مُنصف وقال:دلوقتي فتحي بقاله فترة مش على بعضه وحركاته دي قلـ ـقتني خصوصًا انه مركز على عمارة جعفر وطبعًا شقته وشقة أخوه فوقيه واللي فيها حريمُه بس
أكرم بترقب:قصدك ايه يعني … لا ما هو لو دا اللي فـ دماغه انا هقلبها د م
مُنصف:مش عارف بس انا بقولك اللي انا شايفُه بقالي فترة … خلّي بالك مِنّ أخواتك يا أكرم
زفر أكرم ونظر إلى محل فتحي وهو يُفكر في حديث مُنصف الذي جعله يشعر بـ القلق، تحدث رمزي قائلًا:طب حسن مجاش ليه
أجابه مُنصف قائلًا:حسن عنده شغل دلوقتي
نظر لؤي إلى أكرم الذي كان يُفكر بينما تحدث رمزي بتساؤل وقال:بشير أخوك فين دلوقتي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نظر إليه أكرم وقال:فوق مع بيلا
لؤي:لأول مرة أحسن إني مليش نفس لـ أي حاجه
ربت رمزي على فخذه وقال:فُوق يا لؤي … فُوق يا صاحبي
نظر مُنصف إلى فتحي الذي كان يُمسك بـ نورسين ويصـ ـرخ بها ومِنّ ثم قام بـ ضـ ـربها لـ يقول:إلحق بنتك يا لؤي
ألتفت لؤي ينظر إلى ما ينظر إليه مُنصف ليرى فتحي يضـ ـرب صغيرته، تملّكت شيا طينه مِنّهُ في هذه اللحظة لـ ينهض سريعًا ويتقدم مِنّهُ بخطوات سريعة، بينما خرجت فاطمة في هذه اللحظة مِنّ البِنْاية وهي تنتوي ردّ الصا ع صا عين
لكـ ـمه لؤي بعـ ـنف أسقـ ـطه أرضًا بينما ضمّت فاطمة صغيرتها إلى أحضانها وهي تتفحصها لـ ترى بعض الجر وح تعتلي ذراعها، وعندما رأى لؤي هذا جُـ ـنَّ جنو نه لـ يقوم بـ إخراج غضبه وجنو نه بهِ
أقترب مُنصف مِنّهُ سريعًا وهو يُحاول إبعاده عنّه لأنه يعلم أن جـ ـنون لؤي سيُطـ ـيح بهِ إلى المها لك ولَكِنّ هيهات فقد أخرج فتحي الو حش المُـ ـقيد بداخله لـ يُطيـ ـح بهِ بعيدًا
تقدم رمزي وهو يُحاول السيطرة على لؤي بمساعدة مُنصف فـ لؤي كان ينتظر أن يُخطئ أحدٍ ما وها هي تحققت أمامه، صـ ـرخ بهما لؤي وهو يُحاول إبعادهما عنّه قائلًا:أوعوا أقسم بالله ما هسيبه كله إلا ولادي … أوعى يا رمزي سيبني يا مُنصف
لَم يستمع إليه كلاهما لـ يُسيطر غضبه عليه أكثر ويقوم بـ الإفلات مِنّهما ها جمًا على فتحي مرة أخرى وهو يقسم على عدم تركه، تدخل أكرم وبشير وهُما يُبعدان لؤي عن فتحي بـ القو ة لـ يساعدهما رمزي ومُنصف الذي صـ ـرخ بهِ حتى يتوقف عن ما يفعله ويستفيق مِنّ نوبة جنو نه تلك
في وسط هذا العراك الحا د والعنـ ـيف تسلل ڤيكتور بين الإناس حتى وقف أمام لؤي الذي كان يصـ ـرخ بهم بغضب شديد يكادو أصدقائه يقسمون أنهُ سيُصـ ـاب بـ ذ بحة صدرية، وضع ڤيكتور يده على رأسه وهو ينظر إليه قائلًا بنبرة صا رمة:إهدأ
نظر إلى مُنصف الذي كان ينظر إليه بهدوء وأشار إليه بـ عينيه أمرًا إياه بـ سحب لؤي بعيدًا بعدما هدأت حركته وكأنه مغـ ـيبًا نوعًا ما عن العالم فقط ينظر إليه بوهن وهو يلهث بعـ ـنف
سحبه مُنصف رفقة رمزي إلى بِنْايته بينما نظر ڤيكتور إلى القا بع أرضًا وقال بسخط:عد يم الكر امة
دلف إليهم وأغلق الباب خلفه وهو ينظر إليهم بهدوء بينما كانوا هم ينظرون إليه كذلك بهدوء، عقد ڤيكتور ذراعيه أمام صدره وقال:لقد أرسلني جعفر إليكم لأنه يعلم أن ثمة واحدًا مِنّكم سيتـ ـهور ويجلب المصا ئب إليه ولِمَنّ حوله وقد كان حدثه صادقًا
____________________
كانت سيهار تقف في مكانٍ يسوده الظلام أسفل الضوء الخافت المنبعث مِنّ أحد الأعمدة الكهر بائية وهي تنظر في وجهة محددة بـ عينيها الحمـ ـراء وبشرتها الشا حبة، لـ تظهر على الجهة الأخرى قر ينتها “أمارا” والتي كانت تنظر إليها بـ أبتسامه جانبية خـ ـبيثة
أشتـ ـدت الرياح حولهما لـ تتحدث سيهار وهي تنظر إليها قائلة:مرحبًا أمارا … سعدتُ برؤيتكِ مرة أخرى
تحدثت أمارا على الجهة المقابلة قائلة:سعدتُ أكثر سيهار … أتذكر أنني قُمتُ بتحـ ـذيركِ مِنّ قبل أن تنتبهي ولا تُز عجيني ولَكِنّني حقًا أتحدث مع حمقاء … صحيح كيف حال ڤيڤك أأمل أن تكون قصة الحُبّ تلك رائعة كما أتخيلها … ڤيڤك وسيمًا بـ الفعل وبات يقتـ ـحم عقلي مؤخرًا
ها جمتها سيهار بعدما أستيقظت شيا طينها ود فعت أمارا بعـ ـنف وقو ة والتي أصطد مت بـ الجدار بعـ ـنف، وفي لمح البصر كانت أمارا تقف أمامها تنظر إليها بـ أبتسامه جانبية قائلة:أنظروا مَنّ تغار
ها جمتها مجددًا سيهار لـ تكون أمارا أسفل قبـ ـضتها، تحدثت سيهار وهي تصق على أسنانها وتُشـ ـدد مِنّ قبـ ـضتها قائلة:إن تحدثتي مرة أخرى عنّه سأقـ ـتلكِ أمارا أتفهمين
تحدثت أمارا قائلة بـ أبتسامة مستفزة:تمهلي يا امرأة أنا فقط أُثيـ ـر غضبكِ لا أكثر
لحظات وتركتها سيهار وهي تنظر إليها بضيق لـ تبتسم أمارا قائلة:لَم أكن أعلم أنكِ تُحبين ڤيڤك إلى هذا الحد ولَكِنّ حسنًا عندما أُصبح حزينة أو غاضبة سأأتي وأُثيـ ـر غضبكِ مثلما فعلتُ الآن حتى تروق حالتي المزاجية
جلست أمارا على الصخرة الكبيرة بعض الشيء وهي تنظر إلى سيهار التي كانت تقف مكانها تنظر إليها بهدوء، أشتدت الرياح أكثر لـ تشعر سيهار بـ أن هُناك شيئًا ما سيحدث
نظرت إلى أمارا التي نظرت خلفها لـ تلتفت هي الأخرى بهدوء وحذر وهي تُبعد خصلاتها عن وجهها لترى عدة كلمات مكتوبة على جذع الشجرة الكبيرة أمامها
تقدمت سيهار مِنّها بهدوء شديد وهي تنظر إليها تحت نظرات أمارا التي كانت تنظر إليها، وقفت سيهار تنظر إلى الشجرة قليلًا ثم مَدَّت يدها كي تُلامسها دفـ ـعتها أمارا بعيدًا وهي تصـ ـرخ بها قائلة:أنتبهي سيهار
____________________
إن كان الهـ ـرب مُمـ ـيتًا في هذه اللحظات فـ مرحبًا بهِ.

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جعفر البلطجي الجزء الثالث)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!