رواية جبروت الفصل الحادي والأربعون 41 بقلم أسماء أبو شادي
رواية جبروت الجزء الحادي والأربعون
رواية جبروت البارت الحادي والأربعون
رواية جبروت الحلقة الحادية والأربعون
وصل عمر إلى المشفى والهاتف على أذنه يتحدث مع حبيبته
عمر: مفروض اني اجي الاقيكي مستنياني برة.
ريتــال : عمــر الســاعة لســه مجتــش ٣ أصلا و انــا يدوبــك خارجــة مــن العمليــات دلوقتــي.
عمــر: طيــب يــلا بسرعــة علشــان صدقينــي الســاعة هتيجــي ٣ بالظبــط وانتــي لســه مــش معايــا في العربيــة هطلــع اخطفــك بنفسي.
ريتـال: لا وعلى ايـه انـا خلصـت لبـس و نازلـة بـكل سـلمية لوحـدي مـن غيـر خطـف ولا حاجـة.
تقابلــوا في صالــة الاســتقبال بالمشــفى ..
اقــترب منهــا و ضمهــا إليــه بقــوة و أشــتياق: وحشــتيني.
ريتال بخجل: عمر الناس يا مجنون.
عمر: هششششش بقولك وحشتيني مفروض تردي تقولي ايه؟
حاولــت الابتعــاد عنــه ولكنــه لم يســمح لهــا فقــط ابعــد جســدها وظــل يحيطــها بذراعــه لترد عليه بدلال : اقولــك اني كنــت معــاك الصبــح دا غيــر ان طــول اليــوم امبــارح مــع بعــض.
عمـر بجنون من دلالها : لاء غلـط انتـي فاشـلة في الـرد على جـوزك يـا حبيبتـي بـس متقلقيـش انـا هعلمـك كل حاجـة واحـدة واحـدة.
خرجـا معـاً مـن بـاب المشـفى و قابلتهـم زميلـة لريتـال بالمشـفى و اوقفتهـا لتبـارك لهـما معـا.ً
أخـذ يقتـرب منهـم بخطـوات سريعـة غاضبـة وبـكل الغـل والغضـب بداخلـه لكـم عمـر في وجهـه لكمـة كادت أن تطيـح بـه ارضـا، ولكنـه تماسـك وعـاد خطــوة إلى الــوراء وقــد ابتعــد عــن ريتــال نتيجــة لقــوة الضربــة، صرخــت الطبيبـة التـي كانـت تقـف معهـم امـا ريتـال فنظـرت إلى مـا حـدث بذهـول وعمـر ينظـر إلى ذلـك المختـل بدهشـة و دون تـردد اشـتبك معـه اشتباك قوي فالخصـمان لا يقـلان عــن بعضهــا قــوة، جســار يـضـرب بــكل قــوة وغضــب بداخلــه وعمـر يصـد الضربات ويـرد عليـه بالضـرب ايضـا، بينـا أتى امـن المشـفى وقـد سـمعوا صراخ الطبيبـة الـذي لم يهـدء بعـد وحاولـوا التفريـق بينهـا والسـيطرة على الوضـع.. تخطـت ريتـال صدمتهـا واقتربـت لتقـف بينهـما وكل واحـد يحـاول التخلـص مـن اذرعـة الامـن..
صرخت ريتال ب جسار: انت اتجننت، متخلف عقليا، صح؟
جسـار بعنف : لسـه مـا شـوفتيش جنـان، واقفـة جنبـه وسـيباه يحضنـك يـا محترمـة، هقتلـك يـا ريتـال وقبلهـا هقتلـه قدامـك لأنه لمسـك.
عمر بصراخ: ريتال ابعدي انتي وانت أياك تنطق اسمها على لسانك.
جسـار بهيـاج: انـت اللي متنطقهـوش هـي ملـكي، حقـي انـا، ولا الدكتـورة المحترمـة مقالتلكـش على اللي بينـا؟
ريتال بذهول : اقوله ايه يا مختل انت؟ دا انت تعديت مرحلة الجنون.
جسـار: ايـوة مجنـون وانتـي سـبب جنوني، انـا مصبرتـش عليـكي كل السنين دي كلها علشـان في النهايـة تكـوني لغـيري، مـش هسـمحلك ابـدا انتـي ملـكي انـا، سـامعة، ملـكي بتاعتـي كل حاجـة فيـكي ملكـي عقلـك وقلبـك وجسـمك.
أفلـت عمـر جسـده مـن الامـن و بسرعـة خاطفـة كان يشـتبك مـع جسـار مـرة أخـرى ولكـن هـذه المـرة تختلـف فالغضـب متبـادل و النـار تشـتعل بداخـل الاثنيـن، كيـف يجـرأ ذلـك الحقـير و يقـول ذلـك عـن زوجتـه لـن يتركـه بعـد مـا نطـق بـه ابـدا.
بعــد قليــل كان عمــر يســحب ريتــال خلفــه بقــوة و فتــح بــاب ســيارته و ادخلهـا بعنـف و مـن ثـم اسـتقل مقعـده هـو الاخـر وقـاد بسرعـة جنونيـة،
لم تجـرُأ ريتـال على التحـدث فيكفـي مـا حـدث بالداخـل في مكتـب الامـن بعـد أن اسـتطاعوا بصعوبـة الفصـل بينهـم واسـتدعاء الشرطـة لتقبـض على جســار بتهمــة التعــرض لهــم ومــن المفتــرض أن يذهبــوا إلى قســم الشرطــة ولكـن عمـر اتصـل بمحاميـه ليتـولى الامـر ولا تعلـم إلى اين يذهـب بهـا الان.
تبـا لـك جسـار لماذا ظهـرت الان لما لا تبقـى الامـور طبيعيـة و لـو ليـوم واحـد لما المشـاكل لا تبتعـد عنـي ولـو قليـلا.
دخـل بسـيارته إلى منزلـه الـذي يقـع في منطقـة هادئـة على أطـراف نيويورك بعيــدا عــن ضجيــج تلــك المدينة المزدحمة ، نــزل سريعــا مــن الســيارة و فتــح البــاب المجـاور لهـا وسـحبها بعنـف كمـا ادخلهـا
ريتال بصوت عالي من التوتر : بعرف اتحرك لوحدي متجرنيش بالطريقة دي.
عمـر وهـو يضغـط على أسـنانه: مـش مـن مصلحتـك تعـترضي على حاجـة دلوقتـي خالـص.
ريتال : عمر متكلمنيش بالطريقة دي.
لم يهتـم لأي مـن اعتراضاتها و أكمـل طريقـه إلى داخـل المنـزل و مـن ثـم تـرك يدهـا و وقـف مقابـل لهـا لا يفصلـه عنهـا سـوى انـش واحـد
عمر: ايه اللي بينك وبين جسار رسلان ابن خالك؟
أخـذت عـدة أنفـاس تحـاول تهـدأت غضبهـا ومـن ثـم ردت عليـه: عمـر فكـر في كلامـك قبـل ماتقولـه وياريـت لـو تهـدى الاول وبعـد كـدة نتكلـم.
صـاح بهـا بعنـف: ريتـال انطقـي ايـه اللي بينـك وبيـن الكلـب ده ايـه اللي حصـل بينكـم يخليـه يتكلـم بالطريقـة دي و يتصـرف بالشـكل ده؟
ريتـال ببـرود: طـول مـا انـت بالشـكل ده مـش هتكلـم عـن اي حاجـة يـا عمـر.
امسـكها مـن ذراعهـا بقـوة سـببت لهـا الالم : لا ماحزرتيـش دا انتـي هتتكلمي وعـن كل حاجـة و دلوقتـي حـالا.
كان يعلـم أنـه يؤلمهـا ولكـن النظـرة التـي رآهـا في عينيهـا لم تكـن ألم وإنمـا شـيئا آخـر يبـدو كخيبـة الامـل
علمت ريتـال أنه خارج عن سيطرته فحاولت هي تسيطر على نفسها و إجابته بخفـوت: مافيـش اي حاجـة بينـي و بينـه لا كان فيـه ولا في حاليـا ولابيـوم مـن الايـام هتجمعنـي اي حاجـة بيـه.
عمر بعدم تصديق : ومفروض اني اصدق ان حالة الهوس اللي هو فيها دي من مافيش؟!
أغاظها تهكمه عليها لتجيبه : تصـدق او لاء دا شـئ يرجعلـك انـت، وحالتـه شـئ يخصـه هـو، واذا عايـز تعـرف سـببها روح أسـأله.
ليرد بصوت هز الجدران حوله : انا بسألك انتي،انتي اللي مراتي وانتي اللي هتجاوبيني.
نظرت إليه و تنفست لتجيبه بهدوء يسبب له الغيظ : وانا فعلا جاوبتك جسار رسلان لا يعنيني في شئ.
عمر : بس انتي تعنيله ومش شئ دي أشياء.
ريتال: الاشياء دي تلزمه هو متلزمنيش جسار رس……
قاطعهـا عمـر بعنف أكبر : تـاني مـرة تنطقـي اسـمه وصدقينـي المـرة التالتـة مـش هيعجبـك رد فعلـي ابـدا.
أغمضـت عينيهـا للحظـات فقـط وفتحتهـا تنظـر لـه في عينيـه تواجهـه بـكل قــوة دون أن تخشى غضبــه : الشــخص اللي انــت بتســألني عنــه انــا مــش ملزومـة عـن مشـاعره المتخلفـة تجاهـي.
عمر: وايه هي بقى مشاعره المتخلفة دي؟
إلى هنا وقد انتهت قدرتها على تحمل اتهاماته : عمر انا عايزة امشي من هنا دلوقتي.
تنفس عمر بعمق و مسح على وجهه وهو يستغفر في محاولة منه للهدوء : صدقينـي انـا بحـاول بـكل جهـدي اتعامـل معـاكي بهـدوء فتكلمـي يـا ريتـال واحكيـلي كل حاجـة عنـه.
ريتـال: ماشي يـا عمـر هحكيلـك، بـس يكـون في معلومـك اللي عملتـه معايـا وأسـلوبك ده هيغيـر كتير اوي في علاقتنـا.
ليرد عليها دون أن يفكر: دا اذا استمرت.
لم يســتوعب مــا نطــق بــه لســانه الا عندمــا رأى كيــف اتســعت عينيهــا بصدمـة وقبـل أن يحـاول نفـي مـا قالـه رأى الصدمـة تتحـول إلى جمــود ، وجهها الذي كانت انفعلاتها ظاهرة عليه اختفت كل الانفعالات و الالوان منه لتعود في وجهه و يتذكر لمحة لها وهي تطببه في مصر أثناء إصابته .
نطقت هي بلهجة جليدية مؤكدة لما قاله : طبعا.
وسـحبت ذراعهـا منـه وكان قـد خفـف مـن ضغـط أناملـه حولـه واتجهـت إلى أقـرب مقعـد وجلسـت عليـه تضـع قدمـا فـوق الاخـرى …
جلسـت بكبرياء رغـم كرامتهـا الجريحـة و رغـم المجهـود المبـذول لكـي تكون بتلـك الصلابـة ،،، قلبهـا كان يرتجـف و أصبـح يضـخ الالم في شرايينهـا و أوردتهـا كما يضـخ الـدم
ريتــال : هحكيلـك وبالتفصيــل الممــل كـمـان ، نبدأ من نقطة الصفر للأحداث و المعرفة ،،،، وانــا عمــري ١٧ ســنة اتوفــت والــدتي و قبــل مــا العــزا ينتهــي كان قاســم رسلان اخــدني مــن بيتــي هــو وحفيـده والفـترة اللي روحـت فيهـا مكنتـش اعـرف هنـاك غيـره هـو، لأن قاســم بعــد مــا اســتلمني ماحاولــش يقــرب منــي او يتكلــم معايــا، وقتهــا شــوفته بنظــرة مراهقــة رغــم انــه كان خاطــب وقتهــا، كنــت بســأل عــن بابــا اللي مشــوفتهوش مــن بعــد مــا اخــدوني منــه و مكنــش مســموحلي اذكـر اسـمه اصلا بأمـر مـن قاسـم بيـه، و علشـان البنـت تنسـى ابوهـا لازم يشــغلوا عقلهــا بحاجــات كتير خــروج وفُســح وملاهي و فساتين جديــدة وعـالم جديـد كان مصنـوع في خيـالي مـن وانـا طفلـة وكان كل ده متمثـل في شـخص واحـد الحفيـد الاكبـر ( و تعمدت أن لا تنطق اسمه تنفيذا لما أمر به ) واللي مهمتـه ان ريتـال تنـسى شريـف المهـدي نهائي ، (واكملت بأبتسامة مستهزئة ) لكـن ريتـال بـدل مـا تنـسى شريـف اعجبـت بالحفيـد وشـافت فيـه الاميـر اللي بيحقـق كل الاحـلام الورديـة و أنـه هيكـون بطـل قصـة الحـب اللـي رسـمها عقـل المراهقـة الصغـيرة، (ليختفي الاستهزاء منها وهي تخبره هو ) لكن مافيش حاجة حلوة بتستمر ،،، بعدهـا اكتشـفت المراهقـة دي ان البطــل ده مــش لقصتهــا وإنمــا هــو لروايــة تانيــة بطلتهــا بنــت تانيــة اكـبـر منهــا ، شــابة مــن عيلــة تليــق بعيلــة رسلان متعلمــة و مثقفــة، لكــن للأسـف البطلة اللي هي انا ،، مفهمتـش كل ده وقتهـا أو متقبلتهـوش و روحـت بـكل بسـاطة و بـراءة اعترفـت للبطـل بالحـب و هـو كان عاقـل بما فيـه الكفايـة علشـان يعــرف ان اعتــرافي ده ماهــو الا مراهقــة منــي بســبب ظهــوره في حياتي في فـتـرة خســرت فيهــا مامــا وبعــدت عــن بابــا واللي هـمـا كانــوا كل عالمــي ودنيتــي ، وشرحلي أنــه اكـبـر منــي ومــش مناســب والحقيقــة كان عنــده ضمـير وقتهـا في الموضـوع ده، وحتـى طلـب منـي اناديـه بأبيـه لأنه اكبر منـي وبـس، انتهـت الحكايـة مـن قبـل مـا تبتـدي ( عدلـت وضعيـة قدميهـا واراحـت جلسـتها واخـدت نفسـا عميقـا وزفرتـه ببطـأ ,,, ف القـادم أصعـب ) و بعدهـا بالصدفـة سـمعت قاسـم رسلان وهـو بيتكلـم مـع ابنـه وحفيـده عـن بابـا و كان كلامهـم بغـل و حقـد، وفهمـت مـن كلامهـم سـبب وجـودي في قصرهــم الكبـيـر و عــدم اتصــال بابــا بيــا زي مــا وعــدني ولا حتــى أنــه ييجي يشــوفني، و قــررت ان لازم ارجــع لبابــا عشــان يعــرف هــو ســايبني عنــد مـين وحـاولت ارجعلـه، بصعوبـة كبـيرة بعدهـا قـدرت اهـرب منهـم وخرجـت مـن المدرسـة بعـد مـا السـواق دخلنـي ومشـي وهـو مطمـن إن خلاص دخلت ،،و روحـت على الحصـن بتاعـي واللي كنـت متخيلـة بـكل تفكـير بريء انهـم مـش هيقـدروا يسرقـوني منـه ، ولكـن كانـت النتيجـة ان صاحـب الحصـن الامن والحامـي بتاعـي هــو اللي رجعنــي بنفســه قبــل مــا هــما يكتشـفوا هروبي ( صمتــت مــرة اخــرى وغــص الــكلام بحلقهــا ودمعــة هــددت بالنــزول جاهــدت لمنعهــا، لتتمالك نفسـها واكملـت ) رجعنـي ليهـم بصـورة بتجمعنـي بيـه هـو ومامـا و المذكـرات بتاعتهـا وسـلمني ليهـم بـكل سـهولة ومشـي بـدون مايبـص وراه، ومــن بعدهــا اختفــت الـبـراءة و ظهــرت تــالا اللي مهتمتــش بــأي شــئ الا دراســتها علشــان تكــون اشــطر دكتــورة وتحقــق أمنيــة اغـلـى انســانة على قلبهـا .. الإنسانة الوحيدة في حياتي اللي مخذلتنيش ،(و أضافت بأبتسامة منكسرة ) أصل الخذلان صعب اوي ،،، بعـد امتحانـات الثانويـة كان القـرار اللي صـدر مـن قاسـم رسلان اني اسـيب مـر كلهـا و اقـي بقيـت حيـايت في سـجن مفتـوح في بلـد غريـب ( حـاول ان يتحـدث اوقفتـه بحركـة مـن يدهـا واكملـت بهـدوء تحسـد عليـه ) وانـا اسـتغليت السـجن وكل حاجـة وفرهـالي فيـه وبقيـت زي مـا انـا عايـزة وأكتـر و بمجهودي وصلـت وكـبرت وحـررت نفسي مـن السـجن اللي تمثل في شــخصين قاســم رسلان وحفيــده اللي حــاول بشــتى الطــرق أنــه ينــول قلبــي لكنــه محــزرش أن البنــت الصغيــرة اللي كانــت شــيفاه بطــل كبــرت وبقـت تشـوف النـاس على حقيقتهـا، وبعـد مـا نولـت حريتـي وبقـى عنـدي بيـت يؤينـي و طريـق امنتـه لنفسي علشـان امشـي فيـه ؛ جـالي بـكل صفاقـة يقــول انــه طلــق مراتــه لأنه مقــدرش يحبهــا واني انــا حبيبتــه و كلام كتيييير كان المفـروض انـه ينـول قلبـي بيـه لكـن هـو مانالـش منـي غيـر اشـمئزازي منـه ، ولما ألح و خنقنـي بطلبـه ومحاصرتـه ليـا في مصـر أثنـاء زيارتي الاخيـرة واللي كانـت لظـروف خاصـة بصديقتـي روحـت قصـر رسلان بنفسي و ادام الـكل رفضتـه مـع شـوية كلام اعتبرتهم رد اعتبـار ليـا منهـم، و ادم وقـف جنبـي وقتهــا لما ج ( ولكنهــا قطعــت الاســم ) اخــوه حــاول يتعرضـلي لدرجــة ان المتخلـف شـك أن في حاجـة بينـي وبيـن ادم وراقبنـي بعدهـا فـترة لحـد مـا اتأكــد مــن ســوء ظنــه و مـشـي وهــو مطمــن ان العصفــورة لســه في ايــده، مايعرفـش ان ريتـال المهـدي ابعـد مـا يكـون عـن العصفـورة…
انتهـت مـن الحديـث و هـو كان يراقبهـا بصمـت دون أن يحـاول مقاطعتهـا، فقـط يسـمعها وهـو لا يبعـد نظـره عنهـا ويحلـل التفاصيـل التـي يسـمعها، أرادت أن تُخـرج تنهيـدة تعـب بعـد كل ماتحدثـت بـه ولكنهـا لم تفعـل ، لأول مـرة منـذ زمـن تـراه بعيـدا جـدا تجـد صعوبـة في السـيطرة على جمودهـا ، لأول مـرة تشـعر بالتهديـد على حالتهـا البـاردة التـي تجيـد تصنعهـا دائما وليـس تصنعهـا بـل عيشـها بالفعـل حتـى وإن كان القلـب يتـألم و يشـتعل مـن نـار الالم
ريتال بأبتسامة باردة: خلصت الحكاية مسلية صح ؟
تجاهل استهزائها وسألها : ليه محكيتيش الموضوع ده قبل كدة؟
ريتال بذات الابتسامة: لأنه تافه.
ليعلق عليها : تافه؟!
ريتــال: ايــوة معنــى اني اتكلــم عنــه أنــه يشــغلني او بفكــر فيــه و هــو بالنسـبالي اتفـه مـن كـدة كل دقيقـة مـن عمـري اغـلى مـن اني اقضيهـا في ذكــر أشــياء متهمنيــش.
ليسألها بضيق : ومش شايفة اني كان من حقي اعرف كل ده؟
لتجاوبه بمجابهة : مـن حقـك تعـرف اذا كنـت مرتبطـة قبلـك ولا لاء، مـن حقـك تعـرف اذا حبيـت قبـل كدة ولا لاء ، مـن حقـك حاجـات كتير اوي لـو كانـت الحاجـات دي تخصنـي، لكـن للمصداقيـة انـا فعلا كنـت هحكيلـك لكـن مـش علشـان ده شـاغلني لاء، دا لأنـك سـألت ليـه انـا بعيـدة عنهـم ليـه هـما بالنسـبة ليـا مـش عيلتـي وليـه فَضلـت عليهـم نـاس مـش مـن دمـي.
جلـس على الاريكـة المقابلـة لمقعدهـا بتعـب وهـو يُدلـك جبينـه بأرهـاق قائـلا: انتـي غلطتـي يـا ريتـال كان لازم تحكيلـي.
ريتـال : انـت بنفسـك قولتـي انـك مـش هتسـأل الا لما انـا اللي احكيلـك، دلوقتـي بتقـول اني غلـطت ؟
عمـر: لأني مكنتـش عايـز اضغـط عليـكي ولأني فكـرت إن مقاطعتهـم ليـكي بســبب رفضهــم لجــواز مامتــك زمــان، إنمــا حاجــة زي دي كان لازم اعرفهــا على الاقـل مكنـاش هنتحـط في الموقـف ده.
مدت شفتيها بلا مبالاة مصطنعة ظهر الاصطناع فيها واضحا عندما ارتعشت من الألم : مـيـن عــارف مــش يمكــن دي ترتيبــات القــدر علشــان الموقــف ده يحصــل.
ليسألها بترقب : قصدك ايه؟
ردت عليـه بنبرة جليديـة: انـت طلبـت منـي ثقـة، قولـت انـك بتثـق فيـا وطلبـت اني اثـق فيـك بـس مـع اول موقـف نتحـط فيـه الثقـة اتبخـرت.
عمر بأنفعال:ثقة ايه اللي بتتكلمي عنها في موقف زي ده؟
ريتـال بـرود وهـي تمسك هاتفهـا: بتكلـم عـن الثقـة اللي انـت اوهمتنـي بيهـا واللي على أساسـها اتبنـت علاقتك بيـا.
رآهـا تضـع الهاتـف على اذنهـا: ممكـن تسـيبي الزفـت ده و تتكلمـي معايـا مـن غيـر بـرودك ده؟
ريتال: مش مضطر تتحمل برودي انا بطلب تاكسي علشان امشي.
عمــر بلهجــة خافتــه وأعصــاب مشــدودة: ريتــال اقفـلي الاتصــال و ارمــي الزفــت ده مــن ايــدك دلوقتــي بــدل مــا اقــوم اكســره ١٠٠ حتــة.
بـدون نقـاش فعلـت مـا يقـول فهـي تعلـم أنـه الان ليـس بحالتـه الطبيعيـة أبدا
عمر: انا بثق فيكي وانتي عارفة كدة كويس.
ريتـال: فيـن الثقـة اللي بتتكلـم عنهـا؟ مشـوفتهاش يعنـي وانـت بتسـحبني وراك لحــد هنــا وبتعاملنــي بأســلوب همجــي و تســألني ايــه اللي بينــي وبينـه.
رد عليها بأنفعال : وانتـي عايـزاني اعمـل ايـه لما واحـد ييجـي يقـول على مراتي أنهـا ملكـه و حقـه و الواحـد ده مـش غريـب دا ابـن خالهـا؟
ريتال: تسأل وتفهم و تحكم عقلك.
عمر: ود اللي حصل ، اني سألتك.
رفعت عينيها إليه و بنظرات تتكلم قبل لسانها : انت بتسمي اللي حصل ده سؤال؟ ده اتهام مش سؤال.
نفى كلامها وهو يضغط على خروف كلماته : لا مـش اتهـام يـا ريتـال انـا لـو كنـت شـكيت للحظـة واحـدة فيكـي مكنتـش جيبتـك على هنـا وإنمـا كنـت طلقتـك فـورا.
ريتال بجمود اشد: اعتبر نفسك شكيت.
حرك نظراته بين عينيها وملامح وجهها : ريتال انا بحاول اسيطر على نفسي فمتحوليش تستفزيني.
ريتـال: صدقنـي انـا ابعـد مـا يكـون عـن اسـتفزازك دلوقتـي، انـا كلامـي رد على كلامــك مــش اكــتر وانــت اللي اخـتـرت اننــا نتكلــم دلوقتــي رغــم اني حذرتـك ان كلامـك وأسـلوبك هيغـير في علاقتنـا و ردك هـو ان اذا اسـتمرت و للأسف كلمتـك كانـت صـح.
لعن نفسه بداخله : ماتستغليش كلمة قولتها في وقت غضبي يا ريتال وتخديها ضدي.
انهت ريتال الحديث بقولها: انا عايزة امشي من هنا يا عمر.
جلــس ينظــر إليهــا و هــي قــررت تجاهــل النظــر إليــه، يراقــب برودهــا وجمودهــا المغيظيــن لــه
وقـف عمـر و وهـو يخلـع ستـرته ويظهـر من أسـفلها قميصـه الـذي تقطعت بعـض أزراره أثـر الاشـتباك: هطلـع اغيـر هدومـي و انـزل يـا ريتـال ياريـت متتهوريـش و تفكـري تمشـي قبـل مـا انـزل.
لم تــرد عليــه وهــو لم ينتظــر ردهــا و فــور صعــوده اتجهــت إلى الشرفــة المقابلـة لهـا و فتحـت البـاب الزجاجـي الـذي يظهـر مـن خلفـه مشـهد رائـع للحديقـة وقفـت تتنفـس أنفـاس منفعلـة وهـي تشـعر بالخسـارة و الهزيمة ولكنهـا لـن تتسـرع، لـن تفكـر بشـئ الان فلتتـرك التفكيـر وهـي بهـذه الحالـة و تحــاول فقــط الهــدوء، ولكــن مــن اين ذلــك؟ بماذا ســوف تفكــري يــا ريتـال؟
انتهى الحلم الوردي
انتهــى بعــد ان فَتــح قلبــك أبوابــه المغلقــة امــام عمــر، انتهــى بعــد أن وجـدتي حضـن الامـان، هـذا ليـس عـدلا ليـس عـدلا على الاطلاق، تبـا لـك جسـار لعلك ان لا تهنـأ بحياتـك ابـدا اتمنى ان تموت حرقـا لعلى يتلاشى رمـاد جسـدك مـع الهـواء …
بعـد ربـع سـاعة نـزل عمـر وقـد تحمم سريعـا وبـدل ملابسه بأخـرى نظيفة وهـو يبحـث عنهـا بعينيـه يخشـى أن تكـون قـد رحلـت ولكـن وجـد بـاب الشُرفـة مفتـوح فعلـم أنهـا هنـاك، وقـف خلفهـا يراقـب شرودهـا الحزيـن وهــي تنظــر للسـمـاء في شــكوى صامتــة ،،،
لم يســتطع تحمــل ان يراهــا بتلــك الحالـة، فاقـترب منهـا و اخذهـا في احضانـه وهـو يعتـذر: انـا اسـف اسـف سـامحيني واللـه بثـق فيكـي لكـن الموقـف كان صعب و غصـب عنـي اتعصبـت عليـكي سـامحيني يـا عمري.
شـعرت أنهـا على وشـك الانهيـار فقاومـت قاومـت بأقصـى مـا تملـك مـن قـوة: سـيبني يـا عمـر.
عمر: عمري ماسيبك دا مكانك،حضني هو بيتك ، بحبك وعمري ماهبعد عنك ،
ريتال بخفوت: ارجوك سيبني لو بتحبني سيبني ومشيني من هنا.
عمـر: حـارض انـا تح َ ـت امـرك يـا ملِكـة قلبي، انتـي اؤمـري وحبيبـك ينفـذ لكـن اوعدينـي انـك تعذرينـي على اللي حصـل.
جاوبته بعد أن ابتعدت عن حضنه: متطلبش مني وعود يا عمر.
وسبقته تخرج من الشرفة ومن ثم المنزل وإلى السيارة وهو لحقها وهو متوتر لحالتها.
في الشركــة انتهــت ماريــا مــن العمــل في مكتبهــا و ايضــا انهــت عملهــا بالمحكمــة دخلــت إلى الشركــة وهــي تترقــب رؤيتــه، ترجــو ان يأتي إليهــا يضمهــا ويخبرهــا بعشــقه بــل وتأملــت ان يعتــذر عــن مــا فعلــه صباحــا وجعلهـا تشـعر بالالم،دخلـت إلى مكتبهـا قضـت بـه بعـض الوقـت ومـن ثـم أتى إليهــا كـما توقعــت
مروان بتوتر: ماريا احنا لازم نتكلم.
ماريـا بهـدوء: اقعـد واتكلـم يـا مـروان انـا سـبق واتكلمـت و دلوقتـي دورك انـت علشـان تتكلـم.
مـروان بأسف : بصـي و ارجـو منـك انـك تفهمينـي،،،، احنـا مننفعـش لبعـض انـا وانتـي مختلفيــن تمامــا، انــا مــن دنيــا وانتــي مــن دنيــا تانيــة، انــا مــش هنكــر ان فعلا في حاجـة ليـكي جوايـا الا اني مقـدرش استسـلم ليهـا انـا منسـيتش زينـة يـا ماريـا ولا هقـدر انسـاها، انتـي طيبـة جـدا وأحسـن بنـت في الدنيـا لكـنمـش ليـا انـا.
سألته ماريا بوجع : ليه يا مروان؟
مــروان: انــا مــش هحــب تــاني يــا ماريــا مــش هدخــل اي واحــدة حياتي كفايـة اللي دخلـت وماتـت بسـببي ولسـه بتـألم علشـانها، انتـي قبـل كـدة قولتـي انـك تسـتحقي السـعادة وتسـتحقي الافضـل و صدقينـي الافضـل ده مــش انــا ابــدا، انــا هتعســك واضيــع ســعادتك، اللي مقــدرش عــادل يدمــره فيكي انــا هدمــره، وانــا مقــدرش اعمــل معــاكي كــدة انتــي اغــلى مــن اني اتســبب في حزنــك يــا ماريــا.
ابتسـمت لـه وقـد سـقطت دموعهـا على خديهـا : خلاص يـا مـروان فهمتـك مافيـش داعـي تكمـل.
مـروان بـألم : ارجـوكي يـا ماريـا مــش عايـزك تحـزني بسـببي ولا تفكـري اني برفضـك وإنمـا انـا… انـا مقـدرش.
ماريـا بأبتسامة مرتعشة و ألم : انـا اللي برجـوك كفايـة ، متحسسـنيش اني مثـيرة للشـفقة اوي كـدة، خـلاص موضـوع وانتهـى وانـت هتفضـل صديقـي و فـرد مـن عيلتـي دا لـو تقبـل طبعـا.
مـروان : انتـي عمـرك ماكنتـي مثيـرة للشـفقة ابـدا انتـي دايمـا فخـر لأي حـد تنتمـي لـه و هتفضلـي صديقتـي وافتخـر انـك صديقتـي كـمان.
هـزت رأسـها دون أن تتحـدث وهـو لم يجـد مـا يقولـه فخـرج مـن أمامهـا سريعـا قبـل أن يتهـور و يضمهـا إليـه فهـو لا يتحمـل ان يراهـا هكـذا.
بعـد أن خـرج وقفـت سريعـا وأغلقـت البـاب خلفـه ومـن ثـم جلسـت على الارض في أحــد الاركان واخــذت تبـكـي بحرقــة وهــي تكتــم نشــيجها بيدهــا حتـى لا يسـمع احـد
لم تعلــم كــم ظلــت مــن الوقــت تبـكي ولكــن شــعرت أن روحهــا أوشــكت على الخــروج مــن جســدها ،، وقفت واخذت هاتفها و بنظر مشوش من أثر البكاء طلبتها ….
عندما اتاها الرد قالت بحرقة: انتي فين يا ريتال، انا محتجالك.
على الجهــة الاخــرى كانــت تجلــس بجانبــه في الســيارة ،، ســمعت رنــين هاتفهـا و رأت ان ماريـا مـن تتصـل فتحـت الخـط وقبـل أن تتحدث سـمعت صـوت ماريـا البـاكي وهـي تسـألها اين هـي
ريتال بفزع: مالك يا ماريا.
ماريا بحرقة: انا محتجالك.
ريتال: انا جيالك قوليلي بس انتي فين ؟
ماريا: انا في الشركة تعاليلي يا ريتال.
واغقلت معها دون أن تزيد شيئا آخر
عمر بقلق: في ايه يا ريتال؟
ريتال: مافيش بس وصلني على الشركة ماريا محتاجاني.
عمر: في حاجة حصلت؟
ريتال: لاء مافيش هي بس تعبانة شوية و عايزاني .
عمــر: انتــي كـمان تعبانــة ومحتاجــة ترتاحــي لــو كــدة خليهــا تنــزل و اوصلكــم انتــوا الاتنيـن على البيــت.
ريتال بجمود: شكرا انا هطلع وبعدين نبقى نروح كلنا.
وصلـوا امـام الشركـة و فتحـت ريتـال بـاب السـيارة لـكي تنـزل ولكـن قبـل أن تذهـب نظـرت إليـه نظـرة اخيـرة اوجعتـه لا يعلـم لما شـعر بـالالم لتلـك النظـرة، بعـد أن اختفـت مـن أمامـه رفـع هاتفـه و اتصـل بأحـد مسـاعديه يطلـب سـيارة بحراسـة لكـي تكـون خلـف ريتـال دائما دون علمهـا ، هـو لا يأمـن ذلـك المختـل و يشـعر بالقلـق عليهـا، بداخلـه خـوف كبيـر مصـدره هــي ، قــرر انــه لــن يتحــرك مــن مكانــه الا عندمــا يأتــوا الحــراس الذي قام بطلبهــم، جلــس بســيارته لمــدة لا تقــل عــن عشــرون دقيقــة ومــن ثــم رأى الســيارة الخاصــة برجالــه تقتــرب منــه، نــزل منهــم فــردا و تحــدث معــه وأخــذ التعليــمات ومــن ثــم نــزل وعــاد إلى الســيارة الاخــرى وانطلــق هــو بسـيارته رغـم أن بداخلـه رغبـة على البقـاء.
صعـدت ريتـال و اتجهـت إلى مكتـب ماريـا سريعـا و حاولـت فتحـه ولكنهـا وجدتـه مغلـق
ريتال بهدوء وقلق : ماريا افتحي.
مــا ان ســمعت صــوت رفيقتهــا فتحــت البــاب سريعــا و ارتمت بأحضانهــا تبـكي بحرقـة ظلـت تبكـي كثـيرا وكأنهـا لم تكـن تبـكي منـذ قليـل بكـت وكأنهـا لم تبكـي منـذ دهـور.
ظلـت ريتـال تربـت على ظهرهـا و في داخلهـا رغبـة بـأن تنهـار هـي الاخـرى في البـكاء مثلها ،،، بعدهـا اجلسـتها على احـد المقاعـد واعطتهـا كـوب مـاء بـارد و مـن ثـم مسـحت لهـا وجههـا
ريتال برفق: ارتحتي يا حبيبي ؟
ماريا بتعب من أثر البكاء: لاء مرتحتش ولا عمري هرتاح.
ريتال: طيب يلا نروح على البيت ونتكلم هناك.
لم تعـترض ماريـا و وقفـت لتتحـرك معهـا وهـي تحـاول إخفـاء وجههـا عـن الموظفيـن خـارج مكتبهـا
خرجتـا مـن البنايـة معـاً و يديهـم بيـد بعـض عندمـا تراهـم لا تعلـم مـن يتمســك بمــن ومــا ان تحركــوا خــارج البنايــة حتــى مــرت ســيارة سريعــة تطلــق الرصــاص تجاههــم لتصيــب أحدهــم بطلقــة في مقتــل ….
@@@@@@@@@@@@@@@@
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية جبروت)