روايات

رواية تل الهوى الفصل الثاني 2 بقلم رانيا الخولي

رواية تل الهوى الفصل الثاني 2 بقلم رانيا الخولي

رواية تل الهوى البارت الثاني

رواية تل الهوى الجزء الثاني

تل الهوى
تل الهوى

رواية تل الهوى الحلقة الثانية

وصل مصعب للنفق وأسرع بالولوج داخله وتوجه مباشرةً إلى مكتب القائد واعطاه الكاميرا قائلاً
_ اتفضل الكاميرا ولازمن ارچع لإياد لأنه مصاب.
نهض القائد من مقعده وقال بقلق
_ شو صار معكم لحتى ينصاب إياد.
ضغط على الزر فدخل احد الأبطال فقال بامر
_ جهز قوة تخرج مع مصعب لأنقاذ إياد.
رفض مصعب قائلاً
_ لا ما بدنا نجازف بالجنود خليني برچع وحدي بانقذه وارچع اذا ربنا أراد
وافقه القائد كي لا يضيع الكثير من الوقت وأسرع مصعب بالخروج من النفق كي ينقذ صديقه.
تقدمت الجنود من إياد فقال القائد لأحدهم
_ قم بالتأكد من وفاته وفتشه جيدًا ربما تجد شيء يفيدنا
اومأ الجندي ودنى من إياد يجث نبضه فوجد أنه بالفعل قد فارق الحياة
قام بالتفتيش فلم يجد معه شيء فقد سلم سلاحه وكل شيء لمصعب فور ذهابه.
استقام الجندي وقال لسيده
_ لقد فارق الحياة سيدي ولا يوجد معه شيء
أومأ له ثم أمرهم بالانسحاب واستقلوا الشاحنات وعادوا إلى الكتيبة بعد أن يأسوا من العثور على فتحت النفق.
خرج مصعب بعد أن تأكد من ذهابهم وأسرع بالوصول لإياد وقد توقف قلبه عن النبض
هز مصعب رأسه برفض
_ لا ما كان اتفاقنا هيك.
أخذ يضغط على صدره في محاولة منه بأنعاش القلب
_ ما راح اسمحلك تنول الشهادة من غيري.
ظل يحاول معه حتى عاد قلب إياد ينبض من جديد وحينها حمله وهو يقول بقوة
_ أقسمت إني ما راح اترك حدا وراي، وما راح اتركك لو شو ما صار.
وصل به للنفق وأسرع ناحية المستوصف وقد إزدادت حالته سوء
دلف غرفة العمليات وظل مصعب يدعوا له بالنجاة.
لن يتحمل فقده
فقد خسر كل اصدقاءه في المعركة الكبرى ولم يبقى سواه
ظل مستندًا بظهره على الحائط ينتظر خروج الطبيب
خرج الطبيب بعد وقت طويل وعلى وجهه علامات التعب
أسرع إليه مصعب يسأله
_ خير يا قصي؟
هز قصي كتفيه بأسف وتمتمت بحزن
_ للأسف الحالة صعبة گتير وانت بتعرف ما في عندنا امكانيات احنا عملنا اللي علينا والباقي على الله.
ذهب الطبيب ودلف مصعب فيجد صديقه مستلقيًا على الفراش دون حراك ودون مكان مهيأ لوضعه
تقدم منه وربت على يده ثم أمسكها بقوة وغمغم بتوعد
_ وحياة الله راح اخدلك حقك منهم ومن هلا.
تطلع إلى اصبعية المتشابكين وتمتم بثبات
_راح ترچع زي لول واكتر كمان، وهدول الصباعين راح أخلي قصي يفكهم عن بعض بس ترچع.
خرج من الغرفة وتوجه إلى مكتبه أخذًا سلاحه ثم خرج من النفق عائدًا إلى موقعه.
_____________
ظلت أديل داخل الغرفة أيام وليالي وهي على أمل أن ينقذها قائدهم من هؤلاء المجرمين
لم تمس الطعام الذي يقدموه لها
وكانت تكتفي بكوب العصير فقط وترفض تناول الطعام
عليها أن تطمئن على باقي الأسرى
فتح الباب ودخل أحد الجنود كي يقدم لها الطعام ويغلقه ويرحل مثل كل مرة
لكنها تلك المرة أوقفته
_ انتظر.
حاولت أن تتحدث بلغته وقد عرفت منها القليل
_ أريد… التحدث….مع أحد….القادة.
سألها الشاب
_ شو بدك منه؟
_ لـ…أمر… هام.
أومأ لها الشاب ثم قام بإغلاق الغرفة
أعلن الطبيب عن وفاة إياد ليلتحق بوالدته التي استشهدت إثر تفجير منزلها
وقد كان الدمار يعم المدينة بأكمله
صرخات الثكالى التي تصم الاذان
وبكاء اليتامى
وأرملة ملكومة
ومن فقد حبيب ومن فقد قريب
وفي الشوارع تصيح أطفال من تحت الركام تناشد من ينقذها والجميع واقفين مكتوفي الأيدي تنحرق قلوبهم بسبب ذلك العجز
ومنهم من لم يستطيع الوقوف صامتًا فيحفر بأنامله الواهنة حتى تزرف الدماء فيسقط أرضًا يبكي بكاءًا يهشم القلوب.
وآخر يلقى بأنفسهم في النار كي ينقذ أخاهم الذي التهمته النيران
وآخر يلقن أخيه الشهادة حتى تخرج روحه بها
ومن يجمع أشلاء أطفاله ويصرخ واإسلاماه
وخنساء تصرخ بـ وااامعتصماه
رائحة الموت هي السائدة لكن بمسك الشهداء
يصرخ أحدهم أين العرب؟
ولكن ما من مجيب
قد أسمعت إذا ناديت حيـًا.. ولكن لا حياة لمـن تنادي، ولو نارٌ نفخت بها أضاءت.. ولكن أنت تنفخ في الرماد ” لا حياة لمن تنادي”
_______________
بعزم وإصرار خرجت المقاومة تجابه ببسالة يشهد لها التاريخ
لم تضعف ولم تمل بل واصلت جهادها رغم حقد الحاقدين
لم يكن الموت فداء الوطن يُعد أر..هابًا
بل الإرهاب من يتعدى على أرضي بالقوة
ومن أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
هيهات أن نقف صامتين مكتوفي الأيدي وأرضنا تدنس من قبل ذلك المحتل الغاصب
نصر آخر بهزيمة ساحقة فازوا بها الأحرار
وعادوا للانفاق
تقدم منهم أحد المقاومين وقال لمصعب
_ واحدة من الأسرى بدها تتكلم مع حد من القادة بتقول أمر مهم.
اومأ مصعب بضجر وذهب معه كي يعرف ما تود أخباره به
امتعض عندما رآها أمامه فأشاح بوجهه بعيدًا عنها وقال بحدة
_ نعم، لماذا تودين مقابلتي؟
رمقته أديل باستياء وغمغمت بحدة
_ لم أطلب مقابلتك انت بالأخص بل طلبت احد من القادة، وبما أنك انت من أتين فأود أقول لك إني لا أقبل بحبسي في ذلك المكان الموحش، فهذا لا يليق بـ أديل يعقوب.
ضحك مصعب بسخرية ثم تقدم منها خطوة وغمغم بانفعال
_ ولا يليقن بأصحاب الأرض بل يليق بكم أنتم.
صاحت به
_ نحن أصحاب الأرض الحقيقيين وليس أنتم ايها المحتليين.
ولا تنكر ان كتابكم المقدس يؤكد بأن الرب طلب منا الذهاب إلى بيت المقدس والبقاء بع
صحح لها
_ بل أمركم بالذهاب ومحاربة الملك الطاغي والعيش معنا ولكنكم خفتم منا القوم الچبارين
وليس معنى چبارين أننا سيئون بل كان مقصدهم اقوياء وإن هزمنا ذلك الملك فلن نستطيع العيش معهم كان هذا مقصدهم
وبالفعل انتم لم تستطيعوا العيش معنا إلا بالسلا.ح ولا تنكري ذلك.
انكرت اتهامه
_ نحن لا نستخدم السلاح ضدكم بل انتم ولا تنكروا أن المدنيين منكم يعيشون بسلام معنا
وكل هذه الاتهامات الموجهة إلينا انتم من اخترعتوها.
_ هل هذا ما تعلمتيه من أخيكي؟ إذًا تعالي معي.
جذبها من ملابسها واجبرها على الخروج من الغرفة رغم رفضها
وسار بها رغم ممانعة الجميع لكنه أصر وتحمل المسؤولية
خرج بها من أحد فتحات الانفاق لتجد نفسها بين ركام بل أطلال وجرحى محملوله على الأكتاف
وأطفال موضوعة على الحامل تلفظ أنفاسها الأخيرة
وأشلاء ملقاة في الشوارع
وصرخات جرحى
ومنازل قد تساوت بالأرض
تطلعت إلى عين ذلك الملثم وقالت برفض
_ لن أصدق أن حيشنا من فعل ذلك، ذلك الجيش الرحيم لن يستطيع فعل ذلك.
_ وهل نحن نملك مثل هذه الأسلحة؟ وإذا كنا نملكها لما لا نستخدمها ضدكم، هذه الحقيقة التي ترفضوا تصديقها
وإذا سيرتي في الشوارع ستجدي أشد وأقسى من ذلك.
ضغطت على أصبعيها الملتصقين وبدأت دموعها بالتجمع وهي تراقب ما يحدث من خلف جدار متهالك.
هل هذه حقيقتهم وهي الانتقام من المدنيين؟
هزت راسها برفض لن تصدق تلك الحقيقة الواضحة فقالت بتعند
_ وإذا كان ذلك صحيح لما تتداروا انتم في الانفاق وتضعونهم في وجه الدمار.
صاح بها بغضب لأتهامها
_ لسنا جبناء مثلكم كي نتخذهم دورعًا بشرية بل نحن نبقى في الإنفاق استعدادًا للشهاد.ة وإذا نادتنا نلبي النداء
نخرج كل مرة وبداخلنا يقين بأننا لن نعود فنحن نعشق الشهادة كما تعشقون انتم الحياة، وأكبر دليل على ذلك بأننا فقدنا الكثير من رفاقنا الأبطال ولم نتراجع بل ازداد عزمنا وإصرارنا على النصر أو الشهاد.ة
ولن نركع ولن نستسلم حتى ونحن أموات
ألم يخبروكم كيف دخلتم تلك الأرض؟
وضعت يدها على أذنها لا تريد سماع المزيد
_ كفى لا أريد سماع شيء أعدني إلى غرفتي.
وافقها مصعب وعاد بها إلى النفق ورغم وضوح الحقيقة أمامها إلا إنها عاندت
ظلت ملتزمة غرفتها وترفض تناول الطعام حتى ذبل جسدها ولم تقوى حتى على الجلوس
فالحرب بين قلبها وعقلها لا ترأف بها
تذكرت عندما تم استدعاءها في أحد السجون كي تعالج المرضى المعتقلين
بإصابتهم الخطيرة والتي تؤكد بأنهم تعرضوا لتعذيب مبرح
وعندما سألت عن سبب حالتهم أنكروا بأنهم من فعلوا ذلك وأنهم وجدوهم بتلك الحالة في الطرقات
لم تصدق حينها لكن لم تبالي وقامت بمداوتهم ثم رحلت، وأشياء كثيرة تؤكد وحشيتهم لكنها لم تصدقها
أما هؤلاء المحتالين كما تطلق عليهم لم تجد منهم سوى كل خير ولم يؤذوا احدًا منهم بل كانوا لطفاء معهم.
أشتد بها التعب وتم نقلها إلى المستوصف وقد كان الجميع يهتم بها لتظهر الحقيقة واضحة كالشمس
طلبت التحدث مع مصعب ولم يكن حينها في النفق بل كان في احدى المداهمات
وعند عودته أخبره أحد الأبطال بطلبها
وافق مرغمًا وذهب إليها فيجدها نائمة في الفراش
هم بالخروج لكنه وجد يدها التي تحتوى على المحلول سقطت خارج الفراش وقد يسبب لها ضرر
اخذ منشفة كي تحول بينهما وأمسك بها يدها يرفعها على الفراش لكنه تسمر في مكانه عندما لاحظ أصبعيها الملتصقين
دقق النظر بهما فإذا هي حقيقة
رفع بصره إلى أذنها وقلبه ينبض بعنف
أبعد أذنها بالمنشفة كي يتأكد أكثر فيجد ذلك الجرح الذي كان هو سبباً به وهم صغار مازال تاركًا اثره.
تطلع بوجهها لأول مرة فيصبح شكه يقين ويتأكد بأنها هي سيدرا أخت إياد صديق طفولته والتي اخبروهم بأنها فقدت تحت الأنقاض مع والدها.
ازدادت وتيرة دقاته لكن أنفاسه أصبحت ثقيلة ولم يستطع حينها التفوه بكلمة.
ارتد للوراء وذهب إلى مكتبه يحاول بصعوبة السيطرة على دقات قلبه
كيف أغفلوا عن ذلك؟
وكيف تركوها كل تلك المدة تعتنق دينهم وجنسيتهم.
تلك الفتاة الصغيرة التي كان الجميع يتنبأ لها بمستقبل بارع من شدة ذكاءها تركاها في ايدي من لا يرحم.
كيف كانت حياتها معهم؟
وما كان غرضهم من ذلك؟
هذا يعد ضرباً من الجنون.
تنفس بعمق فعليه ان يهدئ قليلاً فأمامه بعد نصف ساعة مداهمة أخرى وعليه أن يكون يقظًا
ولكن قبل ان شيء عليه أن يخلي ذمته ويترك لها رسالة يخبرها بكل شيء فربما تلك المرة لا يعود ويكون بذلك قد اطمس هويتها بشكل دائم
ذهب لقائده وشرح له كل شيء
ولم يستعجل القائد فهذا سلاح آخر يستخدمه المحتل كي يجعل الاب يُقتل على يد ابنه أو ابنته دون ان يدري.
جاء وقت المداهمة وانتهى من كتابة الرسالة وقام بتركها لها مع الطبيب
ثم خرج للعملية الأصعب
كانت مجابهة شرسة بين الأثنين
انتهت بأن القيت على الأبطال قذيفة أصابت الكثير منهم وأولهم مصعب الذي بترت إحدى قدميه وإصابات بالغة في جسده
________________
استيقظت أديل وقد شعرت بتحسن حالتها وذلك لم يسعدها بل جعلها تسئم من تلك الحياة
انتبهت لوجود رسالة على الوسادة بجوارها وعندما قامت بفتحها وجدتها رسالة من ذلك المحتل
” عندما كنا صغارًا
وكنا نلعب بالرمال في تل الهوى تلك المدينة الصغيرة والتي شهدت على ضحكاتنا وسعادتنا التي لم يستطيع محوها شيء
اتذكر حينما كنت ادعوكي بملتصقة الإصبع وكنتي تبكين وتشكي لأخيكي إياد وكان بيدوره يلتزم الصمت كي يسلم من لساني فهو يعاني من نفس الشيء
أتذكر أيضًا حينما غضبتي مني وأسرعتي إلى والدتي لتشكيني إليها وسقطتي وقتها فتصابي خلف أذنك.
إذا كنتي تذكرين أنا مصعب ابن جاركم في تل الهوى
لستِ أديل يعقوب بل سيدرا حسين.
وإن لم تصدقي فتوجد إصابة صغيرة أخرى في رأس لم ينبت الشعر بها ولم أكن سبباً بها بل كان تهورك.”
رمشت بعينيها تحاول استيعاب ما تراه
وذكريات من الماضي تقتحم مخيلتها
تتذكر حينما استيقظت في المشفى ووجدت إيثان أمامها لم تعرفه لكنه أخبرها بأنه أخيها وأنها تعرضت لحادث طعلها تفقد الذاكرة.
عادت تقرأ الرسالة مرة أخرى
ودون إرادتها وضعت يدها خلف أذنها تتحسس تلك الندبة
والأخرى في رأسها.
أصابعها الملتصقين عند اسفل العقلتين.
سيدرا
رددت الإسم مرات كثيرة فتستمع لصوت يناديها
_ سيدرا.
وضعت يدها على أذنها ترفض التصديق
ليس حقيقة هذا جنون.
نهضت من الفراش رغم وهنها وطرقت على الباب بقوتها الضعيفة حتى فتح لها أحد المقاومين فصرخت به
_ أريد رؤية القائد الآن.
لم يرفض القائد بل سمح لها بالتحدث معه
اشار لها بالجلوس وتحدث بلغتها
_ يبدو انكي قرأتِ الرسالة التي تركها مصعب.
اهتزت نظراتها وتمتمت بتعند
_ هذا محتل كاذب ولن أصدقه.
رد ابو عبادة بهدوء
_ ولما فهذه ليست اول مرة بل صادفنا من ذلك كثيرًا.
ازدردت لعابها بصعوبة وردت بنفور
_ لا اصدق، انا أديل يعقوب ولن تستطيعوا تغيير تلك الحقيقة.
اومأ لها ابو عبادة وتحدث بثبوت
_ عمومًا قد تم الموافقة على تبادل مجموعة صغيرة من الأسرى وسوف اسمح لكي بالخروج معهم وحينها باستطاعتك التأكد من ذلك بتحليل الدي إن ايه مع أخيكي، انتِ طبيبة وتستطيعين اثبات ذلك بسهولة.
ازدادت ضربات قلبها خوفًا ونظرت إليه وإلى الثقة التي يتحدث بها مما جعل الشك يتلاعب بقلبها
ضغط على الزر ودلف أحد الجنود وأشار لها بالذهاب معه.
عادت لغرفتها وهي تحاول طرد الذكريات التي تقتحم مخيلتها
لا تريد تصديق ذلك، مستحيل أن يكون شعبها بذلك الإنحطاط
__________________
وصل مصعب إلى المستوصف بحالة حرجة وظل به بتلك الأدوية الضعيفة
وكل ما استطاعوا فعله هو وقف النزيف لكن حالته كل مدى تزداد سوءًا
أما هي فقد عادت إلى منزلها دون أخيها الذين ظلوا محتفظين به
ظلت حبيسة المنزل تعاني من وحدة قاتلة
لا تعرف لما أصبح ذلك المنزل الكبير ضيقًا عليها مقارنةً بتلك الغرفة الصغيرة التي كانت حبيسة داخلها.
تشعر ببرودة تجتاحها عكس ذلك الدفئ الذي كانت تشعر به معهم.
حتى الطعام لم تعد تشعر بمذاقه
تذكرت حينما تعبت وكم ظلوا بجوارها يعتنوا بها حتى تحسنت صحتها
كيف كانوا يضغطون عليها بتناول طعامها كأنها واحدة منهم
طعامهم بمذاقه الخاص رغم بساطته
ليسوا حمقى ولا أشرار كما صورهم أخيها بل ناس بسطاء لا يودون سوى العيش بهدوء.
تطلعت إلى إصبعها وتذكرت تلك الرسالة التي ظلت محتفظة بها
قلبها يصدقها لكن عقلها يرفض الإعتراف بذلك
ماذا تفعل؟
دلفت غرفة مكتبها وأخرجت ألبوم الصور الصور من الدرج وجلست به على الأريكة وظلت تقلب به
كل صورها بعد العاشرة ولم تجد صورة واحدة لها وهي صغيرة.
علاما يدل ذلك؟
أغمضت عينيها وأخذت نفس عميق تهدئ به من ورعها.
تذكرت تلك العينين الحادة وتساءلت بصوت هامس
من انت؟
وماذا تريد؟
ولما دق القلب فور رؤيتك؟
فقد أسقطت بسهولة قلبًا صلبًا لم تستطيع نيران الحب أن تلينه.
وبنظرة واحدة أسقطته صريعاً لك أيها المحتل.
معاناة تعيشها داخل ذلك المنزل وأغلقت على نفسها ورفضت التحدث مع الإعلام الذي ظل يناشدها أن تروي لهم ما حدث معها.
دلفت غرفة التلفاز وقامت بالبحث عن القنوات الفلسطينية فتتفاجئ حينها بتلك المناظر التي تمزق القلوب
وأكتشفت حينها بأنها داخل كذبة كبيرة بصناعة صهيونية
وحينها قررت التأكد فإن كذبوا فليست خاسرة
وإن صدقوا فحينها ستكون ضربة قاضية وصفعة حادة لعمرها الذي قضته مع هؤلاء الكاذبين
ولم تنتظر لحظة واحدة وقامت بأخذ بعض الخصلات من فرشاة شعر ايثان وقامت بعمل التحليل
ظلت تتقلب على جمر ملتهب حتى ظهرت النتيجة والتي تؤكد كلام مصعب
هي ليست أديل بل سيدرا
وهنا سمحت لذاكرتها بالعودة رويداً رويداً كي تستطيع تحمل تلك الصدمات
تذكرت كل شيء
مصعب ذلك الطفل المشاغب صديق أخيها والذي لم يتركها لحالها ويظل يضايقها كلما رآها.
تساقطت دموعها وهي تتذكر ذلك اليوم الذي خرجوا فيه من منزلهم عندما هددوا بالقصف
تذكرت حينما تذكرت أمر دميتها التي تركتها في المنزل وأصرت على العودة إليها وانقاذها مما جعلها تترك يد والدها وأسرعت بالعودة
اسرع والدها خلفها كي يمنعها لكن…
تذكرت ذلك الصوت وتلك الهزة التي رجت المكان قبل أن تفقد الوعي.
بكت كما لم تبكي من قبل حتى سمعت طرق الباب لم تريد رؤية أحد في ذلك الوقت لكن إصرار الطارق جعلها تمسح دموعها وذهبت لتفتح فإذا بها ترى شاب يحمل علبة تحتوى على أكلات جاهزة وقال بصوت ثابت
_ القائد بعث إليكِ بتلك الوجبة ارجوا ان تستمتعي بها
اومأت لها بوجل وأخذتها وعادت بها للداخل
قامت بفتحها فإذا بها رسالة
قامت بفتحها وكان محتواها
_ الان قد علمتي الحقيقة إذا كنتي تريدين اثبات هويتك سنكون بانتظارك في خارج البلاد في…… حيث يتم معالجة القائد مصعب.
أغمضت عينيها بألم وسمحت لدموعها بالانهمار
فمعنى أن يتم نقله خارج البلاد فهذا يدل على أنه بحالة خطرة.
_______________
بعد مرور أسابيع
استطاع مصعب أن ينهض بمساعدة رفيقه وساعده على الجلوس على المقعد المتحرك وسأله
_ هيك أحسن؟
أومأ مصعب برضا
_ اي أحسن كتير تسلم ياغالي.
ربت عدي على كتفه وتمتم بصدق
_ تسلملي عيونك يابطل.
حرك المقعد إلى الشرفة فتنفس مصعب هواء الحديقة بملئ رئتيه وتمتم باشتياق
_ ريحة ها البلد اكتير حلوة بس ريحة الوطن اجمل بكتير.
_ حب الوطن غريزة في كل قلب نابض واللي ينكر هيك يكون حيوان مطرح ما بتحطه بيرضى
لاحظ عدي نظرات الألم في عينيه فقال بتروي
_راح اوصيلك على كاسة شاي وارچع نكمل حكي.
خرج عدي وظل مصعب يتساءل عن حالها
هل وصلتها الرسالة؟
وهل اقتنعت بما قرأته؟
تنهد بتعب واغمض عينيه ثم عاد برأسه للوراء فيتفاجئ بذلك الصوت من خلفه
_ كيف حالك أيها المحتل؟
ظل على وضعه لكن لم يستطيع السيطرة على ابتسامته من السعادة التي شعر بها وتمتم بثبات
_ كما ترين ايتها النازية قعيد بقدم مبتور.
فتح عينيه والتفت هي لتقف أمامه وتطلعت إليه بوجوم
_ وهل تعد هذه الكلمة بديلة لملتصقة الأصبع.
اتسعت ابتسامته ورد بتروي
_ ملتصقة الأصبع لن اقولها إلا عندما تعود هويتك الحقيقة فأنتِ مازلتي بهويتك المزيفة.
رفعت حاجبيها بمكر
_ ومن قال لك أنني مازلت أحملها؟
فتحت حقيبتها وأخرجت هويتها الحقيقية ثم أشارت بها
_ سيدرا حسين من تل الهوى بغزة، هكذا خرجت من بلدي وهكذا جئت إليك……..
“لا تقلقي يا غزة فالخوف ليس طريقك والذل لا يليق بك أنت دائمًا أقوى من أي عدو، أنت دائمًا العزيزة الأبية التي لا تُقهر ولا تُهزم” “نقية أنت تشبهين صفاء السماء ونقاء قلب طفل صغير، لا يوجد لمثلك شبيه يا جميلة ولا يوجد أروع أو أجل منك في الوطن العربي برمته”
انتِ غزة، أرض العزة، أرض الشجر والهواء الطلق، أرض الضحكات العالية ولعب الأطفال، إنها غزة، أرض بها الكثير من التفاصيل. كانت غزة تنام في سلام، وأصبح هذا في الأحلام، راحت غزة وراح الشجر، راح الشاب والعجز، وماتت غزة.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية تل الهوى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى