Uncategorized

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الثاني والعشرون 22 والأخير بقلم بتول علي

 رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم بتول علي

رواية لا تعشقني كثيراً الفصل الثاني والعشرون 22 والأخير بقلم بتول علي

حاولت كاميليا أن تتصل بفارس حتى تطمئن عليه فقلبها يخبرها بأن هناك أمر سيء قد حدث وهو ما تسبب في مغادرة فارس بتلك الطريقة المفاجئة.
تنهدت بضيق ووضعت الهاتف على المنضدة عندما لم يرد على اتصالاتها المتكررة وهذا يؤكد لها صحة شكوكها.
دلفت فريدة إلى المنزل في تلك الأثناء وسألت كاميليا عن فارس لتجيبها الأخرى بنبرة يشوبها القلق:
-“خرج قبل ساعتين ولا أعلم إلى أين ذهب”.
استشعرت فريدة القلق في نبرة كاميليا فسألتها بدهشة:
-“ماذا بكِ كاميليا؟ تبدين قلقة!!”
رفعت كاميليا رأسها وهي تردف بتوتر:
-“فارس خرج من المنزل ولم يلتفت لندائي بعدما ورده اتصال من شخص ما وهذا الأمر يقلقني لأنه لا يجيب على اتصالاتي”.
انتقل شعور القلق إلى فريدة التي وضعت يدها على قلبها مرددة:
-“استر يا رب!!”
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دلف وليد إلى غرفته كالإعصار واقترب من صفاء التي كانت تجلس بأريحية على السرير ثم مال عليها بغضب وعيناه السوداء تنذرها بأنه على وشك الانفجار فتراجعت عنه بخوف ليقبض على ساعدها ويقول:
-“أين ابنتي صفاء؟”
شحب وجه صفاء بشدة وارتجفت وهي تجذب ساعدها من قبضة وليد وأردفت بحدة وصوت مهزوز:
-“وما أدراني أنا؟! هل هي صغيرة حتى تضيع؟! ربما تكون ذهبت لتتنزه أو لتلتقي بصديقتها”. 
وكان رده على حديثها هو صفعة قوية تلقتها على وجهها أسقطتها أرضا قبل أن ترفعها ذراعه الغليظة من الأرض قابضا على شعرها بقسوة وصوت سبابه وشتائمه اللاذعة يتدفق إلى مسامعها:
-“سأقتلك أيتها القذرة … كل شيء في حياتي في كفة وبناتي في كفة أخرى ومن يحاول أن يلحق الأذى بإحداهن سأقتله وأمزقه بأسناني وأنتِ قمت بدفنها حية”.
تعالت صرخات صفاء بسبب ضربات وليد التي تهوي على جسدها بلا رحمة ليدلف كلا من فارس وعمر إلى الغرفة ويبعدانه عنها بصعوبة شديدة فهو كان يقاومهما بكل قوته حتى يصل إلى تلك الحقيرة التي حاولت أن تقتل ابنته.
أخذ يصيح وهو يرمق صفاء بعينين تشعان بغضب شيطاني:
-“اتركاني عليها … يجب أن أقتلها وأخلص العالم من شرها”.
أحكم فارس قبضته على وليد حتى لا يفلت منه قائلاً برزانة:
-“اهدأ وليد ولا تتسرع وتضيع نفسك … الشرطة ستأتي بعد قليل وتقبض عليها وستنال حينها الجزاء الذي تستحقه”.
اتسعت عينا صفاء بعدما سمعت كلمة “الشرطة” فركضت بسرعة إلى خارج الغرفة حتى تهرب … ركض عمر خلفها ولحق بها وقبض على معصمها ولكنها دفعته بقوة ليسقط أرضا ورمقته شذرا قبل أن تستأنف الركض ولكن انزلقت قدمها فجأة بسبب سرعتها لتسقط عن الدرج وتتدفق الدماء من رأسها وسط ذهول عمر.
حضر رجال الشرطة وتفقدوا صفاء ووجدوا أنها فارقت الحياة فصدع صوت الهرج والمرج في الأجواء. 
نظرت أمنية إلى الجميع كطفلة تائهة وألقت نظرة
على والدتها التي فارقت الحياة وأخذت تبكي … احتضنتها الجدة وأخذت تواسيها إلى أن غفت ونامت.
اتصل فارس بكاميليا وأخبرها بكل ما جرى فرفعت عيناها بدهشة وقالت:
-“صفاء حاولت أن تدفن إيمان حية!!”
شهقت فريدة التي كانت تجلس بجوارها بصدمة فهي لم تتوقع أن تصل دناءة صفاء إلى هذا الحد من الانحطاط ولكن كما يقال الجزاء من جنس العمل وها هي قد نالت جزاء أفعالها.
-“حسنا فارس سنأتي إليك على الفور”
قالتها كاميليا ثم وضعت السماعة وهتفت موجهة حديثها إلى فريدة:
-“يجب أن نذهب إلى منزل وليد الآن”.
هزت فريدة رأسها موافقة ثم ذهبت لترتدي ملابسها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
مرت أيام العزاء بسرعة ولم يشعر أحد بالحزن على رحيل صفاء سوى أمنية أما الأخرين فلم يكترثوا لموتها.
اقترحت الجدة على أمنية بعد فترة من وفاة والدتها بأن تعود إلى عملها ونشاطها مرة أخرى وهذا ما فعلته فقد انغمست في العمل مرة أخرى ولكنها لا تزال تشعر بالفراغ وبالقليل من الحزن عندما أعلن عمر وإيمان خطبتهما ولكنها تجاوزت الأمر سريعا فهي من أضاعت عمر في الماضي وعليها أن تدفع الثمن.
وضع الساعي كأس عصير مانجو على مكتبها فنظرت له باستغراب وقالت:
-“أنا لم أطلب العصير!!”
هتف الساعي وهو يشير نحو أحد زملائها:
-“الأستاذ تامر طلب منِّي أن أقوم بتوزيع العصير بمناسبة عيد ميلاد شقيقته”.
انصرف الساعي فتمتمت أمنية بتعجب وبصوت منخفض لم يصل إلى مسامع تامر الذي يجلس على مكتبه ويبتسم لها:
-“هل تمزح معي تامر؟! عيد ميلاد شقيقتك كان منذ ثلاثة أشهر وأنا حضرته بنفسي!!”
رمقته أمنية بغيظ ثم غادرت لأنها لو بقيت دقيقة أخرى فستضربه على وجهه فهي لا تحب أبدا تلك الطرق الملتوية التي يستخدمها الرجال.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
شعر جابر بالصدمة عندما أخبره المحامي بنتيجة الطبيب الشرعي وقال:
-“ما هذا الهراء الذي تتفوه به؟! كيف يعقل ذلك؟!”
نظر له المحامي بتفهم فهذه بالفعل صدمة شديدة ولم تكن متوقعة:
-“كما قلت لك سيدي … زوجتك لم تكن حامل وأيضا لم يكن لها علاقة غير شرعية بأي رجل”.
صاح جابر بذهول وهو يلطم رأسه بكفيه:
-“ولكنها أخبرتني أنها حامل!!! هي من قالت لي ذلك بنفسها!!”
زفر المحامي بأسف وقال:
-“يبدو أنها كذبت عليك حتى تجعلك تكتب لها بعض أملاكك”.
دفن جابر وجهه بين كفيه وهو يندب حظه فهو لن يستطيع أن يثبت أنه ارتكب الجريمة بدافع الشرف بسبب ذلك التقرير وأيضا لم يكن هناك أحد في المنزل في الوقت الذي قالت له بأنها حامل وهذا يعني أنه ستكون نهايته الشنق أو السجن المؤبد.
استمرت الجلسات طوال أشهر في المحكمة إلى أن أتى موعد الجلسة التي سيصدر بها القاضي حكمه النهائي وكانت مهجة من بين الحضور فهي لن تضيع على نفسها فرصة أن ترى جابر وهو ذليل بعدما كان يتجبر عليها وهو عزيز.
-“حكمت المحكمة حضوريا على المتهم جابر طلبة حسين بالسجن المؤبد ، رفعت الجلسة”.
كانت تلك كلمات القاضي التي حسمت مصير جابر فهو سيتعفن في السجن وقد يموت بداخله أو يخرج منه على قيد الحياة ولكن بعدما ينقضي شبابه وينال منه الشيب ويصبح لا حول له ولا قوة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ارتدت فريدة فستان الزفاف لتهتف كاميليا من خلفها:
-“تبدين جميلة جدا فريدة … أتمنى أن تنعمي أنتِ وخالد بالسعادة في حياتكما القادمة”.
احتضنتها فريدة بسعادة وقالت:
-“شكرا لكِ كاميليا”.
دلف فارس إلى الغرفة واصطحب فريدة إلى الخارج حيث يجلس المأذون برفقة عمر ووليد اللذان سيشهدان على العقد.
أخذ خالد يردد الكلمات وراء المأذون وهو ينظر إلى فريدة بحب وسعادة لأنه حظي بها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
-“حامل!!”
نظرت كاميليا إلى اختبار الحمل بعينين متسعتين فقد كان يؤكد ذلك الشريط بأنها حامل.
-“كيف حدث ذلك وأنا أحرص دوما على أخذ أقراص منع الحمل بانتظام؟!”
خرجت من الحمام ثم توجهت نحو الكومود وتناولت علبة الأقراص بيديها ثم ارتدت ملابسها وخرجت من المنزل.
توجهت نحو عيادة الطبيبة التي تقوم عندها كل فترة بعمل فحص دوري لتطمئن على صحتها … انتظرت حتى أتى دورها ثم دلفت إلى مكتب الطبيبة وأخبرتها بالأمر لتهتف الأخرى بذهول:
-“هذا مستحيل!! الأقراص التي وصفتها لكِ فعالة للغاية كما أن فرص الحمل تنخفض بعد سن الأربعون.
أخرجت كاميليا الاختبار وعلبة الأقراص وأعطتهم للطبيبة التي رمقت الأقراص باستغراب وقالت:
-“هذه ليست الأقراص التي وصفتها لكِ يا عزيزتي بل هي منشطات تزيد من فرص الحمل!!”
نظرت لها كاميليا ببلاهة:
-“كيف يمكن ذلك؟! هذا هو اسم الدواء الذي قمت بوصفه!!”
هتفت الطبيبة بتأكيد:
-“أجل يا عزيزتي هذه بالفعل هي عبوة الدواء الذي وصفته لكِ ولكن تلك الأقراص مختلفة وهذا يعني بأنه هناك من قام بتبديل الأقراص”.
انصرفت كاميليا من عند الطبيبة وهي تكاد تغلي من شدة الغضب وظلت تتوعد لفارس حتى وصلت إلى المنزل.
صاحت كاميليا باسم فارس ليجيبها الأخر قائلاً وهو يخرج من غرفته ويرتدي القميص الخاص به:
-“نعم يا روحي”.
زفرت بغضب وأخرجت علبة الأقراص ثم وضعتها أمامه وقالت بغيظ:
-“ما هذا فارس؟!”
أجابها ببرود وهو يهز كتفيه:
-“أقراص”.
هدرت بغضب حاد فهي لا يمكنها أن تحتمل بروده ولا مبالاته:
-“أنا أعرف أنها أقراص ولكنها ليست الخاصة بمنع الحمل بل هي منشطات ولا يمكن لأحدٍ غيرك أن يقوم بالتبديل بينهما”.
اقترب منها فارس وأمسك كتفيها وهو يهتف بابتسامة:
-“كيف عرفت أنني قمت بتبديل الأقراص؟!”
رمقته بغضب حارق لتتسع ابتسامة ثم قام بحملها وأخذ يدور بها بسعادة فقد تأكد الآن بأنه حصل على مراده وسيرزق قريبا بطفل.
أخذت كاميليا تلكزه بقوه في ظهره وهي تصيح بحدة:
-“توقف عن تلك الأفعال أيها المجنون وأنزلني فورا”.
-“طلباتك أوامر”.
أنزلها فارس لتقبض عليه من تلابيب قميصه قائلة:
-“لماذا فعلت ذلك؟ ألم نتفق أننا لن ننجب أولاد؟!”
هز رأسه نافيا:
-“كلا لم نتفق … أنتِ من اتفقت مع نفسك ونفذت ذلك الاتفاق وليس أنا”.
حضرت فريدة وخالد وسمعا صوتهما لأنه كان مرتفعا وعلما بأن كاميليا حامل فتقدمت فريدة منهما وقالت:
-“مبارك لكما”.
تقدم منها خالد هو الأخر وبارك لهما فشعرت كاميليا أنها ستنفجر من شدة الغيظ فصرخت في وجوههم جميعا:
-“هل تمزحون معي؟! كيف يمكن أن أنجب طفل وأنا لديَّ ابنة تجاوزت العشرون من عمرها؟!”
هتفت سلمى التي أتت من خلفها وهي تبتسم بسعادة:
-“أمي الحبيبة … لا أصدق أنكِ ستنجبين لي أخ أو أخت … أنا سعيدة جدا”.
طبعت قبلة على رأس كاميليا وتابعت:
-“شكرا لكِ ماما … هذا أفضل خبر سمعته في حياتي”.
ابتسم فارس بمكر وهو يحتضن كاميليا وقال:
-“كما ترين يا حبيبتي … العائلة كلها سعيدة بالخبر ما عدا أنتِ”.
همست من بين أسنانها وهي تحيط وجنتيه بكفيها:
-“أنت تريد الطفل صحيح؟”
هز رأسه لتتابع بحزم:
-“حسنا لا يوجد مشكلة سأنجب لك الطفل”.
ظهرت علامات السرور على وجهه ولكن سرعان ما اختفت وحل محلها الصدمة عندما استأنفت كاميليا:
-“أنت من ستهتم بكل شيء يخصه ، ستقوم بإطعامه الحليب وتحميمه وستغير له الحفاظ أيضا”.
طبعت قبلة هادئة على خده وقالت:
-“جهز نفسك من الآن واضبط جدول مواعيدك لأنك ستصبح أما لطفل صغير ويجب أن تهتم به”.
تركته مشدوه الفاه ودلفت إلى الغرفة لينفجر الجميع في الضحك على المعاناة التي سيشهدها فارس مع طفله المنتظر. 
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ذهب إيمان برفقة أمنية وهنا لتنتقي الفستان الذي سترتديه في حفل عقد القران … كانت تشعر بسعادة عارمة وهي تجرب الفساتين واستقرت في النهاية على أحد الفساتين فقامت بشرائه ثم غادرت المحل.
مر أسبوع وتم عقد قران عمر وإيمان لتعم الفرحة أخيرا على جميع أفراد العائلة بعد سلسلة من المواقف الحزينة التي مرت عليهم. 
نظر عمر إلى إيمان وهمس بحب:
-“مبارك لكِ زوجتي”.
توردت وجنتا إيمان خجلا وأخفضت رأسها أرضا وهي تقول:
-“شكرا لك عمر”.
رفع حاجبيه مردفا باستنكار:
-“شكرا!! هل هذه كلمة تقوليها لزوجك في يوم زواجكما؟! أين كلمة زوجي وحبيبي وروحي وقلبي وعقلي؟!”
قبض وليد على رقبته من الخلف وقال بنبرة حادة:
-“وماذا تريدها أن تقول لك أيضا يا قليل الحياء والأدب؟!”
شحب وجه عمر عندما رأى وليد أمامه وكتمت إيمان ضحكتها بصعوبة … سحب وليد إيمان خلف ظهره قائلاً بحزم:
-“لن تراها قبل حفل زفافكما”.
-“ماذا؟!”
صاح بها عمر محتجا ورافضا لتلك الفكرة المجنونة ليصيح وليد بصرامة:
-“كلمة أخرى وسأحبسها في غرفتها ولن أدعك تراها أبداً”.
-“وليد”.
قائلتها الجدة بصرامة جعلت وليد يترك إيمان مكرها … وجهت الجدة حديثها لعمر قائلة:
-“خذ عروسك واخرجا لترفها عن نفسيكما قليلاً”.
أمسك عمر بكف إيمان وتوجه به للخارج وأرسل قبلة للجدة في الهواء قائلاً:
-“أجمل جدة في العالم”.
احتقنت ملامح وليد من شدة الغيظ فاقترب فارس من أذن الجدة هامسا:
-“يجب أن نبحث عن عروس لوليد حتى تلهيه قليلاً عن عمر وإيمان”.
أومأت الجدة مؤيدة حديثه:
-“أجل معك حق … لو تركنا وليد هكذا فلن يدع عمر وإيمان يهنئان بحياتهما”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ذهبت مهجة لتزور جابر في السجن وجلست تنتظر حتى أحضره العسكري إلى غرفة الزيارة ثم انصرف.
تحركت مهجة وسارت نحو الكرسي وجلست عليه وأخذت تنظر إلى جابر بازدراء … جلس جابر هو الأخر أمامها وأمسكها من كفيها قائلاً بلهفة:
-“اشتقت لكِ مهجة … كنت أعلم أنكِ ستعودين لي مرة أخرى ولن تتركيني وتتخلي عنِّي كما فعل الجميع”.
رمقته ببرود وقالت:
-“ولماذا تظن أنني سأظل بجوارك؟ ما هو الشيء الجيد الذي قدمته لي والذي يجعلني أبقى بجانبك رغم كل أفعالك؟!”
نهضت من كرسيها ثم أخذت تدور حوله وهي ترمقه بمقت واشمئزاز وقامت بوضع يدها أسفل ذقنه لترفع رأسه كي تتقابل عينيهما معًا وقالت: 
-“أنت لا تعني لي أي شيء يا جابر وراحتك من عدمها شيء لا يفرق معي … هل فهمت جابر؟”
هب واقفاً وأمسكها من ذراعها بخشونة وأدارها نحوه حتى تتقابل نظراتهما معا ثم هدر بتساؤل غاضب:
-“إذا كنت لا أعني لكِ شيئا كما تقولين لماذا أتيت إلى هنا؟! هل حضرت من أجل الشماتة؟!”
نفضت ذراعه بقوة وتحدثت بهدوء يتنافى بشدة مع الغضب الذي تشعر به داخلها:
-“أتيت حتى نتحدث بشأن الطلاق … أريد أن أعرف إذا كنت ستطلقني بهدوء ودون أن ندخل في دوامة المحاكم أم سأضطر وأسير في طريق القضاء حتى أتخلص منك؟”
نظر لها بصدمة شديدة لا يصدق ما يحدث أمامه في تلك اللحظة … كيف يمكن لقلبها أن يكون باردٌ وقاسي إلى تلك الدرجة؟!
تركته مهجة لدقيقة حتى يستوعب المفاجأة ثم سألته بحنق:
-“أي طريق ستختار جابر؟”
قبض على فكها بقوة وصاح بفحيح غاضب:
-“لن أطلقك أبدا … ستظلين ملكي شئتِ أم أبيتِ … لن أدعك تذهبين وتتزوجين من رجل غيري … إذا لم تكوني لي فلن تكوني لأحد … ضعي هذه المعلومة داخل عقلك الغبي واحفظيها جيداً”.
أزالت مهجة يده بحدة وعقدت حاجبيها بتحذير قائلة:
-“لا تتجرأ وتقترب منِّي مرة أخرى بتلك الطريقة وإلا سأريك حينها وجها أخر لن يروق لك أبدا”.
تابعت بنبرة متشفية وهي تراه منكس الرأس ولا يستطيع أن يتحكم بها كما كان يفعل في السابق:
-“سأتطلق منك جابر وسأتزوج برجلٍ غيرك وأنت لن تقدر على فعل أي شيء”.
جلس على الكرسي مرة أخرى ووضع يده أسفل ذقنه وسألها وهو ينظر لها بتمعن:
-“تقصدين بالرجل ذلك المهندس صحيح؟”
رفعت رأسها بشموخ هاتفة بنبرة قوية:
-“أجل … سأتزوج بأسر بعدما أتطلق منك وتنتهي فترة العدة”.
اقتربت من أذنه قائلة بشماتة:
-“لا تقلق … سأرسل لك صور زفافي حتى تسليك في وحدتك”.
حملت حقيبتها وغادرت تحت نظراته المشتعلة والمتوعدة لها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
مرت بضعة أشهر تزوج خلالها عمر وإيمان وتمت خطبة أمنية على زميلها تامر أما بالنسبة لكاميليا فقد وضعت توأم وهذا الأمر قد زاد من سعادة فارس وسلمى.
نفذت كاميليا وعدها وأرغمت فارس على الاهتمام بكل ما يخص الطفلين اللذان أسماهما فارس “عمر” و “وليد” تيمناً بصديقيه.
صدع صوت بكاء الطفلين في منتصف الليل فاستيقظ فارس ونهض من الفراش وهو يستطيع بالكاد أن يفتح عينيه ثم توجه إلى غرفة الصغيرين وحملهما وقام بإطعامهما الحليب وأخذ يهزهما بلطف حتى عادا للنوم مرة أخرى وغفا بجانبهما دون أن يشعر.
استيقظت كاميليا في الصباح ولم تجد فارس في الغرفة فأدركت على الفور بأنه موجود في غرفة الصغيرين فقامت بارتداء روب منزلي فوق قميصها ثم ذهبت إلى غرفة طفليها ووجدته يفترش الأرض ويغفو عليها كما توقعت.
حضرت سلمى في تلك اللحظة حتى ترى شقيقيها ورأت فارس الذي ينام على الأرضية فضحكت بشدة على هيئته والتفتت نحو كاميليا قائلة بشفقة مصطنعة:
-“حرام عليك ماما … لماذا لا تساعديه قليلاً وتهتمي بالصغيرين؟! لقد أصبحت حالة فارس مثيرة للشفقة ولا ينام إلا ساعات قليلة لأنه يقوم بتأدية دور الأب والأم معا”.
هزت كاميليا كتفيها وهتفت وهي تخرج من الغرفة:
-“هو من تمنى وأراد أن يحصل على أطفال فعليه أن يهتم بهم”.
خرجت سلمى من الغرفة خلفها وأغلقت الباب وهي تتنهد بقلة حيلة فرأس والدتها كالصخرة وما تقوله تفعله ويبدو أنها تصر على أن تجعل فارس يدفع ثمن احتياله عليها وتبديله لعلبة الأقراص.
حضرت فريدة إلى المنزل ورأت مظهر الفارس الغير مهندم فشعره كان مشعث والهالات السوداء تحيط بعينيه فربتت على كتفه وقالت:
-“أظنك عرفت الآن حجم المعاناة التي نشعر بها نحن النساء وكيف تكون تربية الأطفال شاقة جدا علينا”.
هتف فارس بتفاخر عندما لاحظ نظرات كاميليا المصوبة نحوه:
-“لا يوجد أسهل من الاعتناء بالأطفال فهما هادئين جدا ولا يثيران المتاعب”.
لم يكد ينهي جملته حتى ارتفع صوت بكاء الصغيرين فنهض فارس وذهب إليهما وهو يبتسم بخفة وكأنه لا يشعر بالإرهاق فهر لا يريد أن يجعل كاميليا تشعر بالانتصار عليه عندما تراه يعاني وهو يؤدي بصعوبة دور الأم الذي من المفترض أن تلعبه بدلا منه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪
حصلت مهجة على طلاقها من جابر وانقضت أشهر العدة وأتى اليوم الذي انتظره أسر بفارغ الصبر وهو يوم زفافه هو ومهجة … نظرت إليه مهجة بحب وعيناها ترقص وتلمع بسعادة وهمست:
-“أنت لا تدري كم أنا سعيدة اليوم … مرت في حياتي مواقف كثيرة جعلتني أعتقد أنني لن أحصل على السعادة أبداً”.
ابتسم أسر وهو يشعر بقلبه حزين من أجلها هل عانت في حياتها مع جابر إلى تلك الدرجة؟!
تنهد بحرارة وهمس بجدية:
-“أعدك أنني سأعوضك عن كل شيء سيء مررتِ به في حياتك”.
ابتسمت وهطلت دموع الفرح من عينيها قائلة:
-“لا يوجد عندي شك في ذلك”.
ابتسم وأزال دموعها لتلمع عينيها بسعادة وقلبها يرقص كالطبول فقد تخلصت أخيرا من جابر وستهنأ في حياتها مع الرجل الذي اختاره قلبها.
-تمت بحمد الله-
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى