روايات

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم فاطيما يوسف

رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم فاطيما يوسف

رواية بين الحقيقة والسراب الجزء الخامس والعشرون

رواية بين الحقيقة والسراب البارت الخامس والعشرون

رواية بين الحقيقة والسراب الحلقة الخامسة والعشرون

هنا دارت الدنيا حولهم جميعاً وكأن القيامة سوف تقوم الآن من هول مناظرهم ، والرؤيا أصبحت مشوشة والقلوب تدق كالطبول والمشاعر تنتفض فزعا ، فالأخت تجبرت وفعلت بأخيها فعلتها الشنعاء وما عاد فيها من الخير ذرة ،
انتفضت أعين تلك الهيام هلعا من نظرة مالك ووالدتها لبعضهم وهتفت بتكذيب له :
_ انت بتقول ايه يابنى أدم إنت منك لله !
واسترسلت وهى تنظر إلى أخيها وتبتلع أنفاسها بصعوبة:
_ متصدقهوش يامالك ده كذاب أنا عمرى هعمل كدة فيك !
ودارت وجهها إلي والدتها وأمسكتها من يدها مكملة تكذيبها :
_ طبعاً ياأمى انتى مش مصدقاه وعارفه إنه بيكذب .
كانت تحادثهم وهى فى حالة هياج شديدة ،فرد مروان مطمئنا لها وهو ينظر إلي رامى نظرات احتقار واشمئزاز :
_ اهدى ياحبيبتي اهدى إحنا مصدقينك ، أما إنت مش بس طلعت قليل قليل الأصل ده إنت طلعت واطى كمان ،
وقام من مكانه وفى لحظة كان ممسكاً بتلابيب قميصه وكاد أن يضربه إلا أن مالك تحدث بهدوء ماقبل العاصفة:
_ مروان اقعد لو سمحت وسيبه ،
تحدث مازن بغضب:
_ أسيبه إزاي يعنى إنت مش سامع القرف اللى بيقوله ، ده باينه اتجنن وفلتت منه ولازم يتربى .
صاح مالك بمروان صيحة عالية:
_ بقولك اقعد وسيبه واسكت بقي .
أما عبير كانت تنتفض فزعا داخلها لما هو آت والذي لا يبشر بالخير أبدا وهى على يقين بصدق رامى ونظرت الي ابنتها وهى تحاكيها بعينيها :
_ كيف لكى يابنتى أن تظهرى بوجه ملاك وتفعلين كما الشيطان !
أيعقل أن تكونى مدمرة أخيكى طيلة السنين وأن تفعلى به هكذا !
لااا ياقلبي اهدأ من رجفتك كي تستعد لحرب الإخوة الأعداء الضارية ،
تمهل ياعقلي واثبت ياجسدي فالقادم نار لامحالة فياربي كن بجانبي فثمرة أيامى ستحصد دماراً أمام عينى فاللهم الصبر والقوة والثبات من عندك ربى .
وجه مالك سؤاله ببرود قاتم:
_ممكن اعرف عرفت الكلام ده منين؟
اعتدل في جلستك وهو يساوي هيئته التي تبعثرت على يد ذاك المروان وتحدث بكل ثقة:
_الهانم دخلت عليها مرة فجأة لقيتها ماسكة شريط حبوب وأول ما شافتني خبيته ورا ضهرها وارتبكت ،
طبعا افتكرت انها بتاخد حبوب منع الحمل علشان خاطر هي مش عايزه تخلف تاني وانا كنت دايما بضغط عليها عشان نفسي في طفل تالت وهي كانت رافضة،
في البداية ولما لقتنى مصمم قالت لي ان الدكتور بلغها إن مسأله خلفتها بقت ممنوعة لأسباب طبعاً اخترعتها لي وانها مش هتخلف تاني صممت ان انا اشوف الشريط اللي في ايديها واخدته منها غصب عنها ، لقيته شكله غريب مش حبوب منع حمل خالص لأن انا عارفها كويس من ايام ما كانت بتاخدها قبل كده ببص على الشريط ما فهمتش منه حاجه بحثت على جوجل وعلى كذا موقع لقيته انه بيسبب العقم على مدى الوقت عند أي راجل ،
هجت عليها وضربتها جامد وكانت هتموت في ايدي ساعتها لأني افتكرت انها بتحطه لي انا لولا انها اعترفت لي انها بتحطه لك انت،
ساعتها انصدمت سألتها ازاي تعملي العملة السودا دي ويجي لك الجراة تعملي في اخوكي كده قالت لي يعني هي العيال هتعمل له ايه هتجيب له صداع ودوشة ووجع دماغ انا بريحه من هم مش واخد باله منه،
وبعدين انا بعمل لمصلحة ولادنا فمن الأفضل ان انت تسكت وما تتكلمش، طبعا ما رضيتش ان انا اسكت وهددتها ان انا هقول لك وعلشان خفت على اخوتكم وان انا ما وقعش بينكم اجبرتها انها تبطل الحكاية دي من سنتين بالضبط وقلت لها هعرف ان إنتي بطلتيها ولا لا وهسأل عن حالة اخوكي على طول واشوفه بيتحسن في العلاج ولا لا لو ما لقيتهوش بيتحسن ههد المعبد على دماغك وفعلا كل مره يا مالك لو تفتكر بسألك كل فترة انت صحتك عاملة ايه والعلاج عامل معاك ايه وانت كنت دايما بتطمني ان الدكاترة بيقولوا انه فيه تحسن .
وأكمل قنابله الموقوتة:
_ سكت غصب عني علشان خاطر ما اشوهش صورة ام ولادي قدام اي حد حتى لو كانوا اهلها وما حدش يذل ولادي في يوم من الأيام ان امهم بالأخلاق دي لكن خلاص مش قادر استحمل معاها اكتر من كده وجبت اخري .
هنا تحدثت عبير بملامة :
_ يا ريتك كنت فضلت ساكت يا رامي وما اتكلمتش وكنت سترت عليها وربنا كان هيجعله في ميزان حسناتك اما دلوقتي انت عملت مصيبة كبيرةة بكلامك ده وانت مش واخد بالك ،
واسترسلت حديثها وهى تنظر لولدها والتى ترى الحزن الدامى ينبعث من نظرة عينيه القاتمتين :
_ارجوك يا مالك اهدى يا حبيبي والحمد لله ان انت ربنا شفاك وانا ليك عليا هربيها وهعلمها الأدب بس ارجوك ما تسمعش حد بينا ولا تعمل حاجة تندم عليها بعد كده .
كان صامتا يتألم ينظر الى اخته نظرات متشعبة بالغضب تاره وبالملامة تارة وبالتواعد تارات ،كان يشك انها الفاعلة به هكذا ولكن كان يكذب حدسه دائما كما انه شك في طليقته اكثر منها ،لم يتفاجأ من تلك الكلمات التي القاها زوجها كما روعه الموقف الآن فأخته كانت ستجني عليه بحقدها وحبها للأموال التي كان يغدقها بها ولم يحرمها منها يوما من الىيام فسألها بفحيح:
_ ليه يا هيام تعملي فيا كده يا بنت ابويا!
ليه تدمري سنيني وتخليني عشتها سوده وخليتيني حاسس دايما بالنقص وان رجولتي مش مكتمله!
اذيتك في ايه او عملت لك ايه كنت طول عمري ليكي اب واخ وصديق وعمري ما كنت وحش معاكي ؟
ثم على صوته ودوى في المكان بأكمله مما أفزعهم جميعاً:
_ ليه ياهيام لييييييييييييه انطقييييييي .
ارتعبت من صوته وهيأته كما ارتعب الآخرون
وهنا أحست بمدى حماقتها وخستها وقامت من مكانها ونزلت تحت قدميه متذللة :
_ أنا آسفة يامالك حقك عليا أنا غلطانة وحبى للفلوس عمانى وخلانى مش عارفة أنا بعمل كدة إزاي …
وكادت أن تكمل توسلاتها إلا أنه فجأها برفسة من قدميه هوت بها بعيداً عنه وجعلتها التصقت بالحائط وتوجعت بشدة لقوة دفعها ، قام من مكانه وذهب إليها ممسكاً بخصلات شعرها يلويها بين اصابع يديه بعنف مرددا بعيون تلتمع احمرارا من شدة ألمه:
_آسفه مين اللي انتي بتقوليها هو انتى عورتي لي صباعي مثلاً ولا ضربتينى غصب عنك ،
ده إنتي دمرت لي سنيني وخلتينى زي الملطشة في ايد اللى يسوى واللي ميسواش ،
انتى خربتي لي حياتى وضيعتي لي شبابي اللى كان نفسي أجيب فيه طفل وأبقى أب وأحس إني إنسان ،
واستطرد باستنكار شديد :
_ انتى متخيلة انتى عملتى فيا إيه وحجم الألم والعذاب اللى عيشتينى فيه !
انتى موتينى بالحيا سنين بحالها حسرة على حالى وانا عايش على أمل ان ربنا يشفينى أو حتى يبقى فيه أمل لكن كل مرة حالتى كانت بتدهور اكتر من المرة اللي قبلها والدكاترة مش عارفين ايه السبب ومن مين اختي بنت امي وابويا لحمي ودمي ،
ثم سألها بفحيح:
_قولي لي يا هيام عملتيها ازاي دي كنتى بتحطي لي الحبوب ازاي ؟!
زاغ بصرها ولم تجيبه فصرخ بها غاضباً:
_ انطقى كنتى بتحطيه إزاي ياهيام بدل ماهخلص عليكي حالا ؟
انتفضت ذعرا وأومأت بخفوت:
_ كنت بطحنه وأحطه لك على برطمان القهوة بتاعتك .
انصعقوا مما استمعوا إليه من تلك الشيطانة والتى في صورة إنسانة ، وضربت والدتها على صدرها بذهول وعدم تصديق:
_ أه يابنت بطنى ! ده أنا مخلفة شيطان بقى مش بنى أدمه ، روحى ياشيخة منك لله قلبي وربي غضبانين عليكى ليوم الدين ، منك لله ، منك لله .
وذهبت إلي مالك ودفعته إلي أحضانها بقلب تحسر ألما وتجرع مرارا على فقيدها وتحدثت وهي تشدد من احتضانه:
_ أه يابن عمرى حقك عليا أنا يانور عيني ، حقك علي قلبي ياقلب أمك ، والحمد لله ربنا شفاك ورد كيدها وغلها وهى اللى اتدمرت وخسرت زوج زي رامى وعيال ملايكة زي ولادها وأم واخوات وعيلة زينا وبقت زي سلة الزبالة بالظبط كله بيبص لها باشمئزاز .
أما مروان تحدث متعجباً وهو يضرب كفا بكف على ذاك المشهد الذي زلزله وجعله يشفق بشدة علي أخيه :
_ ده ايه ده يابنتى ! ده انتى الشيطان المتجسد في صورة إنسان ، لاا والله أنا كدة بظلم الشيطان ، ده إنتي بجد مريضة نفسياً يابنتي وعايزة تتعالجى .
انسحب رامى من بينهم بضمير يؤنبه ولكنه تحمل منها ماكفاه عمرا بأكمله وهى ابنتهم فليتحملوها فقد طفح كيله واكتفى ،
أما مالك صعب عليه حاله وواقفا في المنتصف بين والدته التي تنظر له برجاء وبين وصية أبيه القابع في قبره ، يود أن يفتك بها وأن يخفيها من على وجه الأرض ، فكم صعب ذالك الشعور تجاهه يشعر كأنه مكتوف الأيدي ، يريد أن يثأر ولكن من من ! يريد أن ينتقم ولكنها بنت أبيه فردد بعد تفكير عميق بعزم كعزم الجبال وهو يكتم جراحه داخل قلبه مرددا أمام الجميع:
_ حسبى الله ونعم الوكيل فيكي ، فوضت امري فيكى لربنا وهو جبار منتقم هياخد بحقى منك ،واعملي حسابك من النهاردة ملكيش أخ اسمه مالك اعتبريه مات .
انفطرت والدته لأجله وبكت بدل الدموع دماء لخاطره أما هيام صارت تشهق بشدة لما آوت إليه من الجميع وكأن السنين القادمة من عمرها هى سنين الجفاء التى ستحياها ، فتحدثت إليه والدته كي تخفف وجيعته:
– الوجع ع قد ماهو طعمه مُر وقاسـى وبيعَيشك ف جحيم ومرار بس هيفَوقك، والخذلان صعب لكن أوقات بتبقى نهايته راحه وعَوض يبل ريقك ويغنيك ويبهرك ،
إطمن رزقك وعوضك عن تعبك ووجعك من الدُنيا واللى شفته والله جاى بس إنت أصبر .
قبلها مالك من جبينها وتفهم كلماتها
وصعد إلي جناحه بقلب متألم وروح منهكة .
_______________________________
عاد رحيم بمريم إلى منزله وهو يتمسك بيد حبيبته بتملك عاشق متيم ، فمنذ ابتعادها عن المكان الذي ولد فيه عشقهما وهو حزين بشدة لفراقها ، فقد اعتاد رؤيتها صباحاً ومساء وعندما كان يشعر بوحشتها تسوقه قدماه إليها فى دقيقة واحدة ، دلفا الاثنان وهو يردد لها بترحاب :
_ حمد لله على سلامة الأميرة ، نورتى قصرك ياحبيبتي.
بادلته الابتسامة بمثلها وأردفت وهى تنظر إلي المكان باشتياق:
_ الله يسلمك ياقلبي ، المكان منور بيكم كلكم.
واسترسلت بوحشة :
_ متتصورش المكان هنا وحشنى قد إيه ، قضيت فيه أجمل أيام في عمرى رغم قلتها ،
ثم تذكرت ما حدث لها هنا من وجيعة لروحها أيضاً قائلة بوجه حزين :
_ وبردوا شفت فيه وجع كل لما أحاول أنساه برجع أفتكره .
احتضنها من ذراعيها وهتف يهدأ من روعها وهو ينظر داخل عيناها الساحرتان:
_ خلاص بقى ياروما ، ليه تفتكرى الوحش ده ماضى وانتهى ومش عايزين نفتكره تانى ،امسحي من حياتك نهائي وخليكي دايما واثقة في حبي ليكي وان عمري ما هبعد عنك ابدا واكدت لك وعدي ده بدل مره ألف مرة ،
واسترسل حديثه وهو ينظر لها نظرات اشتياق :
_تعرفي ملامحك بريئة قوي زي الأطفال من أول مرة عيني جت في عينك وانا كنت بتشد لك كل يوم عن اليوم اللي قبله بحسك مني وبحس اني مسؤول عنك وحتى لما بتتوجعي كأني أنا اللي بتوجع ،
شفتي انا وصلت في حبك لقمة الحب ولسه برده ما جبتش نهايته .
احست بمدى صدقه من نظرة عيناه التي تعشقها فرحيم بالنسبة لها روحها وقدرها الآمن وهتفت بعشق مماثل:
_أنا بقى أول مرة أعرف معنى الحب كان معاك انت برغم من اني زيي زي أي بنت اتعرض عليا من كذا حد اني أحب لما كانوا بيصرحولى أنهم معجبين بيا وفى منهم برده كان مقرر فكرة الارتباط ، بس ساعتها مكنتش حاسة بأي مشاعر من اللي أنا حسيتها معاك ، أنا معاك حسيت باللهفة لما كنت عارفة إني جيالك المكتب أسأل عن حاجة ، وحسيت بالغربة لما سيبت هنا المكان وبعدنا عن بعض ، وحسيت بالحب الكبيييير لما اتحديت الظروف وكسرتها علشان مريم ياأجمل رحيم .
داعب وجنتيها بيداه وتحدث هائما:
_ ورحيم علشان مريم يعمل المستحيل علشان بس يوصل للحظة زي دي ، علشان تبقى مريم بين ايديه وملكه ، علشان دقات قلبه متستحقش إلا مريم ،
وتابع بوله وهو يحتضن وجهها بين كفاي يداه :
_ ياه يامريم عشقك فاق الحدود ونفسي بقى ربنا يجمعنا على بعض وتبقى ملكى قولا وفعلا ، مشتاق لكل لحظة سعادة وانتى فيها فى حضن رحيم .
ذابت من كلماته وتاهت فى بحور عيناه العاشقة وأغمضت عينيها وهى تعيش سحر اللحظه بين يديه ، أما هو بحركتها تلك أثارته بشدة واقترب منها وعيناه تنظر لها برغبة واشتياق لم يشعر بهم طيلة حياته إلا فى حضرة تلك الصغيرة ، ثم قبلها بحب ولهفة وكانت بين يداه تائهة لا خبرة لها في مجاراته قبلته العاشقة لها ،
ماأجمل لقاء الحبيبين بعد العناء ، وما أجمل أن يقتنصا من الزمن لحظات فى الحلال تروى قلوبهم ، ولكن ابتعدت عنه ماإن استمعت إلي قدوم سيارة جميل ، وصارت تنظر له بخجل شديد ، وعدلت من حجابها الذي بعثره لها ذاك الرحيم الذي يجن بين يديها وتصبح مشاعره ثائرة عليه بشدة ، رآهم جميل من بعيد وذهب إليهم مرددا السلام:
_ السلام عليكم ورحمه الله ، ازيكم ياولاد ، عاملة ايه يامريومة ؟
ردت سلامه بترحاب شديد :
_ الله يسلمك يابابا ، أنا تمام الحمدلله ، إنت أخبارك ايه ؟
أومأ لها ذاك الجميل بابتسامة:
_ هو في حد يشوف مريومة القمر وميبقاش رايق ، ده انتى البسكوتة اللى نورت مكانها ، حمدلله على سلامتك يا بنتى،
وتابع حديثه وهو يهز رأسه:
_ متتستغربيش انا اللى قايل للولد ده يروح يجيبك ، وبعدين هو كان يستجرى يهوب ناحية الشقة هناك من غير إذنى ، ده أنا كنت بهدلته ، بس هو طلع شطور بيسمع الكلام صح ولا هو جالك مره كده ولا كده من ورايا؟
ضحكت بشده عندما رأت وجوم ملامح رحيم واردفت بنفي:
_لا والله يا اونكل هو فعلا شطور وبيسمع كلامك ما فيش مرة جالي فيها بعد كتب كتابنا غير لما كان معاك والمرة دي بس .
قطب جبينه وهو يصطنع الدهشة من كلامهم:
_ أنتم محسسنى انكم بتتكلموا عن طفل نونو ،
واستطرد قائلا وهو يشير إلى حاله بفخر :
_ أنا على فكرة الدكتور رحيم ودي مراتي يابابا يعنى أروح لها وأشوفها في أي وقت ومن غير إذن .
وتابع حديثه وهو يتراجع عنه عندما رأي نظرات الغضب تنبعث من جميل:
_ بس بردوا مينفعش أتعدي على حضرتك ده إنت وليها ولازم أستأذن برده.
ضحك الإثنان علي طريقته الدعابية في التراجع عن حديثه ، سمعت ضحكاتهم فريدة فأتت إليهم مرددة بترحاب لمريم وهي تأخذها بين أحضانها:
_ ازيك ياحبيبتي ، نورتى بيتك ،
واستطرد قائلة باستفسار وهى تنظر إليهم :
_ ماتضحكونا معاكم كده ولا إحنا في همكم بس مدعيين .
قص عليها جميل ماقاله رحيم بنفس طريقته فابتسمت ودعتهم للدخول لتناول العشاء فقد قارب الليل .
_____________________________
مر ثلاثة أيام لم يذهب فيهم مالك إلي المجموعة وقد كان مغلقا جميع هواتفه ، فكان يحتاج إلي عزلة كى يداوى جرح قلبه الدميم ،فازداد قلق ريم لانها لم تتعود عليه غيابه تلك المدة الطويلة بالنسبة لها فهو كان يشاكسها ليلا ونهارا ولم يترك لها فرصة الا وكان يحادثها هاتفا او ان يستدعيه الى مكتبه ،
ومما زادها قلقا اكثر أنه دعاها للعشاء منذ يومين ولم يهاتفها كي يتفقا على الموعد مما جعلها ترتعب داخلها ان يكون ليس بخير ،
كانت محرجة جدا ان تهاتف صديقه علي او تسأله حينما يقابلها عليه ريثما ان لا احدا يعرف بعلاقتهما ولكن ضربت بخجلها عرض الحائط،
في اثناء سيرها في الممر المؤدي الى مكتبها قابلت علي صديقه وسألته:
_ممكن اعرف مستر مالك فين ما بيجيش بقى له تلت ايام وقافل تليفوناته كلها وأنا في شغل متعطل معايا ولازم يتابعه معايا .
نظر لها نظرات مؤسفة لأنه على علم بكل شيء حدث لصديقه الغالى على قلبه ورأى أنه الآن يعيش أسوء أيام عمره،
فالذي مضى من أزمات وندبات لقلبه قبل ذلك لا يشبه ذرة وجع من الذي يشعر به الآن ، وهو على علم بعشق صديقه بتلك الريم فجالت في باله فكرة أن يعرفها أين يكون الآن وتذهب له كي تفاجئه وتهدئ من حزنه المرير ،
فأجابها بنبرة حزينة نابعة من عيناه يراها الأعمى :
_مالك في أزمة نفسية شديدة جدا يا ريم وحالته صعبة وانا خايف عليه جدا يجرى له حاجه بسبب اللي حصل له .
ماإن تفوه ذلك العلي بتلك الكلمات حتى صارت دقات قلبها عنيفة بشدة وجال في عقلها آلاف التساؤلات ومن أهمهم:
_ أيتركني ذلك المالك بعد ان عشقته!
أمن الممكن أن يذهب بعد أن تعلقت به هو الآخر !
لا ياربي كن بجانبي ولا تريني فيه مكروها فأنا الآن عاشقة ذلك المالك الذي اخرجني من قمة الحزن إلي منتهى السعادة بتقربه مني ،
ثم ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة وأومأت بخفوت خوفاً من ما سيخبرها به:
_ ماله يا علي قلقتنى جدا ؟
واستطردت بعيون تنطق خوفاً:
_ هو مالك جرى له حاجة ؟
بنظرات حزينة وقلقه على صاحبه أجابها:
_ مالك في احتياجك دلوقتي جداً وأظن مفيش غيرك تقدر تطلعه من حالته دي ،
وتابع توضيحه بأسى :
_انا دلوقتي هوديكي المكان اللي هو موجود فيه هو محرج عليا جدا اعرف حد مكانه لحد ما يداوي ألمه لكن انا شايف أنه من ساعة اللي حصل وهو على نفس حالته وبصراحة كده انا شايف ان مفيش حد أقرب لقلب مالك واللي هيطلعه من اللي هو فيه غيرك إنتي يا ريم ،
واستطرد بإبانة عندما رأى علامات الاندهاش على وجهها:
_ما تستغربيش ، انا عارف كل حاجه عن مالك لأن أنا وهو يعتبر اكتر من الأخوات مش أصحاب بس علشان كده انا شايف ان ما فيش غيرك هيقدر يرجع ابتسامة مالك الجوهري،
ها نتوكل على الله ؟
هو حاليا قاعد في مكانه المفضل اليخت بتاعه واللي تقريبا مقيم فيه من ساعة اللي حصل ويا ريت ما تسألينيش عن اللي حصل أفضل ان هو اللي يحكي لك كل حاجة.
لم تفكر كثيرا فقررت أن تذهب معه على الفور فهى لن تتحمل فقدانه هو الآخر وخاصة بعد أن أحبته بشدة ، وأجابته :
_ إنت لسه هتسألنى يالا من فضلك ودينى ليه علشان إنت قلقتنى أووي.
ابتسم لها براحة قلب واطمئن قلبه أخيرا على صديق عمره وعلى أنه حقا وجد الحب الحقيقي بعد عذاب سنوات من الضياع ،
وانطلق بها إلي مكان مالك وبعد نصف ساعة وصلا إلى اليخت ، وصعد بها إلي الداخل وأشار بها إلي مكانه واستئذنها في المغادرة كي يترك لهما مساحة للكلام كي يصلا إلي بر الأمان في علاقتهما ،
ساقتها قدماها إليه وهي يجلس شاردا مغمض العينين أمام البحر ، نظرت إليه مطولاً وهي تحفر معالم وجهه المتألمة والسارحة في ملكوت الوجع ، لم تمكث كثيرا تنظر إليه نظراتها الهائمة حيث استمعت إليه يردد وهو مغمض العينين كما هو وفي حالة استرخائه ملقيا جسده علي تلك الأرجوحة مرددا :
_ ياه كان قلبي حاسس إن قلبك هيجيبك وهتيجي لي في أشد أوقات احتياجي ليكي .
اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت تحادث حالها لوهلة:
_ يا الهي كيف علمت بوجودي وانت مغمض العينين!
أحس بذهولها وقام بفتح عيناه مرددا باحساس عال لا يخرج إلا من عاشق:
_ متستغربيش إني حسيت بوجودك وعبيرك اللى بحسه من الجنة ، ومين زيي يحس بحبيبه اللى استناه سنين لحد مالقاه .
وقفت قبالته وأردفت ودمع العين يلمع من شدة تأثرها ووجدت لسان حالها ينطق دون وعي:
_ بحبك وجيت لك علشان أقول لك خلاص يالا نبنى عشنا الجديد ومن النهاردة لو حابب .
كان يملك وجعا يكفى العالم بأكمله مما حدث له وما إن استمع إلي اعترافها قام منتفضا من مكانه ، وقف أمامها مع مراعاة المسافة مرددا بارتياح توغل جسده:
_ يااااااااه ياريما أخيراً قلتيها وأخيراً سمعتها ،
وتابع هيامه بها وهم في مشهد يحبس الأنفاس فالشمس ورائهم قد قاربت على الغروب والبحر أمامهم ونجوم السماء تضوى بريقاً لامعا فقد حان الوقت لإنطلاق العاشقين في سماء الحب المتيم لقلبهم :
_ كلامك كأنه هدية نزلت من السما برد قلبي الموجوع بالظبط زي المطر اللى نزل في صحرا زرعها قرب يموت واخير ارتوى من عطاء الله .
أشار إليها بعينيه أن تجلس علي تلك الأرجوحة فنظرت إليها بحب وجلست نفس مكانه ، وكم أحست بشعور الدفئ ، أما وهو جلس على الكرسي الموجود أمامها وتابع حديثه:
_ عارفه انا بتخيل إيه دلوقتي ياريم .
بصوت خفيض أجابته:
_ ايه ياقلبها .
ابتسم بعشق جارف وأجابها:
_ بتخيل اننا هنتجوز النهاردة وأجيبك في نفس المكان ، ونقعد أنا وإنتي نفس مكانك ده ، وبتخيل قربك مش عارف حاسس إني هبقي في حبك وقربك أنانى لدرجة متقدريش توصلي لها .
دقات قلبها تتسارع من كلماته فهو بارع في حديث المحبين ، ومن شدة خجلها ابتسمت وهي تومئ برأسها أرضاً ، أما هو أكمل ولهه بها فقد أنسته حزنه في لحظة ، كم هى جميلة في نظره وأردف بنبرة صوت عاشقة:
_ ياه مقابلتش في نوعيتك دي ستات خالص ياريما ، إنتي نوع مختلف خجلك يشد يخلي أي راجل يبقي عايز يقتحم حصون الخجل دي ، إنتي متعرفيش إنتي بتعملي فيا ايه وجوايا بيبقي ثاير ومحتاج وملهوف لقربك ،
وتابع بتأكيد:
_ يعنى كل الستات اللى أنا عرفتهم واللي منهم عاشرتهم مكنوش زيك أبدا ، فعلاً إنتي غيرهم .
خرجت من حالة التيهة التى انتابتها جراء تصريحاته الأخيرة وأردفت باندهاش:
_ ستات ، وعاشرتهم ! ليه إنت راجل مزواج وأنا مش واخدة بالي ، ولا بتاع ستات ولا إيه بالظبط.
ضحك بشدة حتى سعلت عيناه من غيرتها البادية على وجهها وطريقة حديثها وأردف بنبرة مشاغبة:
_ الله ، ده القمر طلع بغير بقي وأنا واخد بالى أوووي .
مطت شفتيها بدلال وأردفت بنبرة معترضة:
_ بغير مين ، لاااااا متقلبش المواضيع وتتوه لازم تحكي لي كل حاجة دلوقتي حالا ده أولا ، ثانيا تقول لي ليه مختفي بقالك تلت أيام وقافل تليفوناتك ؟
يا الله لقد نسي حزنه في قربها ولكن الآن ذكرته مرة ثانية ، أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وأجابها:
_ أنا اتجوزت مرتين ، أول مرة نهال كنا عايشين نوعا ما كويسين ، اتجوزتها وأنا مالك اللى لسه متخرج من كلية الفنون ومكنتش أملك حاجة خالص ، وقفت جمبي وساعدتني وادتنى دهبها ، فتحت مصنع صغير بقرض كبيير من البنك وبقيت أشتغل ليل نهار علشان أقدر أسدد القرض ، وتمر الايام والسنين وأكتشف إن عندي مانع من الخلفة ، والدكاترة مش قادرين يعرفوا المانع ده من إيه ، ومقدرتش تصبر كتيير من زن أهلها طلبت مني الطلاق ومش بس كدة طالبتني بدهبها وبفلوس كانت جايبهالي من والدها وكانت دين عليا هسده في وقت معين ، ضغطت عليا جامد وشدت الحبل أووي وسابتنى في عز مانا محتاجها مادياً ومعنوياً ،
وتابع حديثه وعلامات وجهه متأثرة بذكراه المريرة:
_ كنت كونت معارف وبدأ اسمي يظهر واستلفت لها الفلوس من كل مكان ، وقررت إني مستسلمش للضعف والخذلان وصنعت من عز الضعف قوة لنفسي لايستهان بيها وبقيت مالك الجوهرى ، عافرت سنين وسنين وكنت بتابع مع دكتور واللي خلاه يتعجب إن بدأ يشوف إن العلاج بيجيب نتيجة معايا لكن في حاجة غامضة هو مش فاهمها ، ومرت الشهور ونهال عرفت إن حالتى بتتحسن فحاولت مراراً وتكراراً إننا نرجع لبعض لكن أنا رفضت بشدة ، وسافرت روما علشان أحضر المعرض السنوي وهناك قابلت جوليا واتعرفت عليها واتجوزنا في أربع شهور ، لكن لقيت طباعي غير طباعها واتطلقنا بعدها بشهرين ،
لم يريد أن يفشى لها سر طلاقه منها ولا أن يخبرها أنه طلقها في نفس الليلة التى تزوجها بها كى يحفظ سرها فمالك رجل بمعنى الكلمة ،
وهناك رحت تابعت مع دكتور كبير ، وعملت تحاليل جينات من ساعة ماتولدت ولكى أن تتخيلي قال لي ايه الدكتور علي التحاليل.
سألته بانتباه لكل كلمة:
_ قال لك ايه الدكتور ساعتها ؟
كان موجوعا ، متألما ، مجروحاً ، ولكن أجابها كي يهدأ ويرتاح باله :
_ قال لي إني قعدت سنين أخد علاج سبب لي عقم ، وإني كنت سليم وطبيعي جداً.
شهقت بصدمة وهي تضع يدها على فمها تكتم صوتها وفتحت أعينها علي وسعهما مرددة بذهول:
_ معقولة الكلام ده ! مين قدر يعمل فيك كدة .
بعينين داميتين أثر تذكره أحابها:
_ أختي بنت أمي وابويا.
اتست بؤبؤ عينيها وهتفت باستنكار:
_ أختك ! إزاي تعمل كدة ؟ انت متأكد ، متظلمهاش .
نظر أمامه بشرود:
_ تصوري إني قررت بعد تفكير كتيير إني مدورش وأسأل واستفسر عن اللي عمل كدة علشان كنت خايف من الوجع اللي مهما قلت لك إحساسه مرير قد إيه مش هتصدقى ،
وتابع بمرارة في حلقة كمرارة العلقم:
_ جوزها اللي عرف بمحض الصدفة ومنعها إنها تكمل أذيتها ليا ، ولما اختلفوا مع بعض بسبب مشاكلها اللى مش بتخلص اتكلم وقال لنا علي اللي عملته ،ساعتها الدنيا اسودت في عنيا وعلشان وصية ابويا ليا إني أخلي بالي من اخواتي ، ونظرة امي اللي الوجع كان قرب يخرج منهم وينطق معملتهاش حاجة ، وسبت البيت وجيت على هنا وأنا محطم ومتدمر من الأخ اللي معدش فيه خير لأخوه .
تنهد بقوه بعد أن أنهى حكواه فأغلقت عيناها من هول زفيره وأومأت تطمأنه:
_ طيب ممكن ننسى اللي فات ومنفكرش فيه ونبدا في اللي جاي وكفاية ألم لحد كدة .
تعلقت عيناها به بنظرة ضائعة أرجفت ذلك القابع بين أضلعه ،
أشاح عيناه عنها ثم زفر أنفاسه بقوة:
_ تفتكري هقدر ، ولا أنا كدة بقيت بقايا روح تعبت من المعافرة ؟
بنظرة مبتسمة خلقتها من ضلع وجعها عليه أجابته:
_ متقلقش هبقي معاك وهنداوي جروح وندوب قلوبنا مع بعض ، ويمكن الوجع اللي عشناه احنا الاتنين نخلق منه السعادة ونحافظ عليها علشان منتوجعش .
أومأ لها بفقدان أمل :
_إللي عاش حياته كلها بييتألم وفجأة اتفتحت له ابواب السعادة
هيفضل كل لحظة مستني لحظات السعادة تختفي كالعادة لحد ما يفقد لذته بالفرحة من كتر الانتظار ومن كتر قناعته إن الفرح مش مكتوب له .
هتفت بنفس نبرة التفاؤل والأمل :
_ مين قال ربنا سبحانه وتعالى رزقنا نعمة النسيان وصدقنى خليك واثق إن رب الخير لا يأتي إلا بالخير ،
وتابعت بابتسامة لتذكرها ذاك الأب الحنون :
_ كلمة دايما بابا جميل بيقولها لي ، وكمان دايما بيشجعني إني أنسى ألامى وبيردد لي
” ولسوف يعطيك ربك فترضى” وعلشان كدة عندي حسن ظن بربنا سبحانه وتعالى لأبعد الحدود.
هدأت روحه من كلماتها وحقا شعر براحة نفسية توغلت روحه من مجرد كلمات أراحته بها ، فحقا كلمات الحبيب لها تأثير شديد في قلوب محبيهم! أ كلمات المحبين تداوى جروح دميمة كانت ستأكل في رياحها الأخضر واليابس!
نعم فهى كذلك مجرد كلمات عبارة عن دواء لندوب قلب ، وغذاء لهلاك روح ،
ود في تلك اللحظة أن يسحبها لأحضانه بل ويسحقها داخلهما كي ينعم بدفئ نعيمها ويتنعم بقربها ،
فتحدث متأثراً من كلماتها:
_ كنتى فين من زمان ياريم ؟ كنت محتاجك أوووي في حياتى ، اتأخرتي أووي وضاع من عمرى كتييير على ماقابلتك .
شعرت بتيهته وأجابته بعفوية:
_ كل شيء بأوان ووقت ماربنا أراد اتقابلنا .
سألها بحيرة :
_ إنتي بجد حبتينى زي مانا حبيتك ولا مجرد شعور بالارتياح وإني صعبت عليكى .
رأت نظرة الضياع في عينيه حينما سألها ، وردت إجابته مثلما قالتها منذ قليل ولكن تلك المرة شعرت بالخجل من حصار عيناه ونظرت أرضاً دليلا على خجلها ، رأى صمتها وأحس بخجلها وردد :
_ متتصوريش لو قعدت عمري كله أبص لك مش هزهق.
وظل ينظر إليها وقد غربت الشمس وأتى الليل بسحره على العاشقين ، وكلاهما استمعا إلي كلمات كوكب الشرق:
يا حبيبى الليل وسماه ونجومه وقمره وسهره وانت وانا
يا حبيبى انا يا حياتى انا كلنا فى الحب سوا
والهوى اه منه الهوا سهران الهوى
يسقينا الهنا ويقول بالهنايا حبيبي
ياللا نعيش فى عيون الليل ونقول للشمس تعالى بعد سنة
مش قبل سنة دى ليلة حب حلوه بالف ليلة وليلة
بكل العمر هو العمر ايه غير ليلة زى الليلة
ازاى اوصف لك يا حبيبى ازاي
قبل ما احبك كنت ازاى كنت ولا امبارح فاكراه
ولا عندى بكره استناه ولا لحد يومى عايشاه
خدتنى بالحب فى غمضة عين
وريتنى حلاوة الايام فين
الليل بعد ما كان غربة مليته امان
والعمر اللى كان صحرا اصبح بستان
يا حبيبى يالله نعيش فى عيون الليل
ونقول للشمس تعالى بعد سنة
مش قبل سنة دى ليلة حب حلوه بالف ليلة وليلة
بكل العمر هو العمر ايه غير ليلة زى الليلة .
وفي لحظة اهتزت مشاعره تجاهها وحمل مفاتيحه قائلا بمشاغبة وبغمزة من عيناه مرددا:
_ يالا بسرعة مش هنقعد هنا لحظة واحدة ياإما إنتي حرة أنا مش مسؤول عن اللي هيحصل.
ما إن رأت نظراته التى تفهمها حتى حملت حقيبتها وهرولت أمامه ، صعدت سيارته وانطلق بها إلي منزلهم ، وفى أثناء طريقهم نظر إليها قائلا:
_ بصي بقي إنتي تتصلي حالا ببابكى وتعرفيه إن مالك بيستأذن يجي النهاردة علشان يطلب ايدي ، وعلي عشرة بالدقيقة هكون عندكم أنا وماما، وحالا انا هرن على الدكتور رحيم هبلغه يمهدلنا الدنيا.
اتسعت مقلتيها وأردفت بذهول:
_ ايه ده إنت بتهرج! الساعه ٦ على فكرة ، خليها بكرة طيب .
حرك راسه رافضا بقطع:
_ لااااا والله مش هستنى تانى ومش هيحصل اتصلى حالا.
وظل ورائها إلى أن هاتفت والدها وأبلغته وأدلى ادهاشه في البداية ولكن رحب بمجيئة فخير البر عاجله ، وبدوره هاتف رحيم وأبلغه كى يدعمه وبالفعل فرح رحيم بشدة لأجل قرارهم المفاجئ وأخيراً سترتاح صغيرتهم بعد عناء دام ثلاث سنوات من فقدانها لزوجها ،
أوصلها مالك وذهب إلي اليخت مرة أخري وأبلغ والدته أن تأتيه وهي في قمة شياكتها وأبلغها بما حدث ، لأنه قرر عدم المعيشة في مكان تتواجد به هيام ولرجولته ولأنها وصية أبيه لم يطردها وفضل الابتعاد ، وأخيراً سيتزوج ويمكث بجانب والدته في فيلته الأخرى المجاورة لها ،
بعد مرور ثلاث ساعات ذهب مالك بطلته الخاطفة وشياكته المعتادة واستقبله الجميع بترحاب ، وطلب منهم يد ريم وكم أحسوا بالراحة والقبول له ولوالدته عبير تلك الخلوقة ، واتفقوا على كتب كتابهم بعد أسبوعين من الأن ، تحت دقات قلب ذالك المالك التى تهلل فرحا لقدوم تلك الملكة تاجا على قلبه وستنير أيامه.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بين الحقيقة والسراب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى