رواية بنت المعلم الجزء الثاني الفصل الثامن 8 بقلم حسناء محمد
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الجزء الثامن
رواية بنت المعلم الجزء الثاني البارت الثامن
رواية بنت المعلم الجزء الثاني الحلقة الثامنة
حدق عز بالأسلحة المصوبة باتجاهه بلامبالاة …. ثم خطي بثبات يحتضن ليلي أمامهم متمتم بمزاح :
ما تدخلي يا حبيبتي تعملي عصير للضيوف
تسمرت ليلي في أحضانه والذعر يعتلي قسمات وجهها، متجاهلة مزحته السخيفة في هذا الوقت …. بينما لم تتفاجأ هاديه من هدوئه، فهي علي يقين تام أن عز لا يهب الموت، حتي هي لا تنوي قتله الأن، أرادت فقط أن تخبره بأنها تستطيع فعل أي شيء كما يحلو لها، في الوقت المناسب لها …. ومن المؤكد لم يصعب وصول الرسالة إلي عز، الذي قال متهكما :
اظاهر يا عمتي نسيتي أنك مربياني من صغري، يعني لعب العيال دا مياكلش معايا
حركت هاديه رأسها بالرفض متمتمه بتهكم مماثل :
لا يا حبيبي مقدرش انسي أنك طالع من تحت ايدي
واسترسلت بخزي :
بس للأسف طلع تعبان ميطمرش فيه
ضحك عز بصخب وأردف بتعجب :
يعني هو التعبان بيطلع من تحت قبة مسجد !! ما نفس الجُحر الطلعين منه أنتِ وأبويا طلعت منه أنا واخويا سيف
أنهي حديثه ببسمة سمجة جعلتها تردف بحنق :
ومالو، ما هو كل تعبان وليه طريقة
رفع يده يلمس علي ذقنه المهندمة متسائلاً بحيره ساخرة :
ويا تري عارفه طريقتك ؟!!
أظلمت ملقتي هاديه وهي تبتسم شبه بسمة ساخرة …. واستكمل عز حديثه بهدوء :
وعلي ما أظن عمر ليه رأي تاني في كل الـ بيحصل دا
قرأت مغذي حديثه المبهم بتهديد صريح، لا يوجد شيء آخر يستطيع أن يقف في طريقها سواه …. هو من تبقي لها ،وليس من الطبيعي أن تترك ابنها تحت أيدهم …
رفع شاشة هاتفه أمام نظرها مباشرة وهو يردد بخبث :
سيف بيسلم عليكي
احتدت ملامح هاديه وهي تري صورة الي عمر بصحبة سيف وخلفهم، رجل يحمل سكين غليظ …..
: ماشي يا ابن اخويا لينا كلام في وقت تاني
ألقت نظرة أخري علي تلك المتشبثة في ملابسه، ثم التفت مغادرة وهي تعطي إشارة إلي كبير رجالها بالتحرك خلفها …. ما أن خرجت ركضت ليلي تغلق الباب خلفها بقوة، ودارت تهدر بحنق :
حتي عمتك رئيسة عصابه قد الدنيا
جلس علي المقعد مردد بلا اكتراث :
خلاص يا ليلي
فتحت عينيها علي وسعهم ترمقه بعدم تصديق، جالت بنظرها في منزلها وهي تردف باستهجان :
أنا وبنتك كنا هنموت من شويه
حرك عز رأسه بضجر وهو يقف قائلاً :
تهويش يا حبيبتي مش اكتر
كادت أن تتفوه فوضع يده علي ثغرها، ويده الأخرى تحاوط خصرها … مال يقترب منها متمتا بوقاحة :
أنتِ احلويتي انهارده كدا ليه
رمشت بأهدابها عدة مرات متتالية كأنها تستوعب تصرفاته … ثم دفعته بقل قواتها وهي تصيح بغيظ :
أنت جايب البرود دا منين
: في أول الشارع علي ايدك الشمال محل دخلته ازاز
أنهي جملته بضحك غير مبالي بحالتها المزرية، حدقت ليلي به لثوان ثم هتفت بعدم استيعاب :
أنا بجد مش عارفه اقولك ايه
رفع كتفيه بلامبالاة مردد بمزاح :
أعصابك حبيبة قلبي
واسترسل بجديه :
ادخلي اجهزي وصحي لوجينا
ظهر القلق علي نبرتها هي تسأله مستفسرة :
هنروح فين ؟؟
أجابها مقتصراً :
مش أنتِ عايزه تبدأي حياة جديدة
قطبت جبينها باستغراب وسألته بلهجة يملأها الاستنكار :
نبدأ حياة جديدة وأنت هربان من الحكومة ؟!!!
شعر بالضيق يتغلب عليه من كثرة أسئلتها التي لا تنتهي، زفر بصوت مسموع وغمغم بجمود :
تحبي اروح أسلم نفسي
توترت من نبرته الجافة فقالت بتعلثم واضح :
مش قصدي بس..
بتر باقية حديثها وهو يقترب منها متمتا بملل :
ليلي أنتِ عرفاني مش بحب الكلام الكتير
واستطرد بوجوم :
في ظرف عشر دقايق اشوفك جاهزه يا روحي
أمأت بهدوء ودارت متجها الي غرفتها، تعلم مدي حبه إليها ولكن لا تعلم مدي تحكمه في شخصه …. لكنها تذكرت شيء فجأة لا يمكن التغافل عنه، التفتت إليه مرة أخري تسأله بحيره :
طيب وولادك ؟!!
أشار إليها بأن تكمل سيرها وهو يهتف بشرود :
سيف هيجبهم
: هو سيف جاي معانا ؟!!!
لم تستطع كبح فضولها وسألته بعفوية، بلعت لعابها بتوتر وهي تري تلك النظرة الحادة التي لطالما تشعرها بالخوف منه مثبته عليها … دارت ليلي بسرعة واتجهت إلي غرفتها قبل أن تسمع ما لا يرضيها، تلك الفتاة التي كانت رغبة عز الوحيدة عندما راها أول مرة، لكن رأي هاديه كان مختلف، عندما جاءت بعنوان منزلها وذهبت تهدد أهلها بأن تبتعد عن عز وإلا سيكون الموت نصيبها ….. ربما كانت تعتقد أن هذه الصفحة انطوت في حياة عز،
لم تكن الوحيدة في تلك العائلة يقودها التعجرف والغرور، عندما علم عز بما فعلته، لم يبدي اي تصرف أو اعتراض، مما أكد موافقته علي قرارها … لا تعلم أن رده علي تصرفها كان له وقت مناسب، في نفس يوم عقد قران عز وأماني، كان عقد قرانه الثاني علي ليلي … مرت خمس سنوات دون علم أحد من العائلة بتلك العلاقة التي أرادت ليلي أن تكون بعيده كل البعد عن الأنظار خوفاً من تهديد هاديه بعد أن تعلم أنها أصبحت زوجته … بقلم حسناء محمد سويلم
؛***********
في نفس الوقت
عقد عمر ذراعيه أمام صدره مردد بغيظ :
ياعم أنت مش اتهببت ووصلت الصورة لاخوك ما تغور بقا
رفع سيف نظره من شاشة هاتفه وهو يردف بعبث :
اخص عليك يا ابو العمامير هو انا متقل كدا
واستكمل بسخرية :
علي فكره لولا أن عز طلب مني الصورة دي عشان عمتو تتهد أنا مكنتش هسمح لحد يمسك السكينة غيري
” عمتو ” رددها عمر بتهكم، فحرك سيف رأسه يؤكد إليه قائلاً :
أصل امك عليها دماغ شياطين يا عموره بجد
لم يستطيع عمر تحديد ذلك الشعور المتضارب بداخله، ربما غضب من تشبيه والدته بالشيطان، أو ضيق من كونها والدته في الأساس … شعور غريب ينتشر ببطيء وكأنه طوق يلتف حول عنقه رويداً، ولكن الأهم أن الاشمئزاز يحوم حوله طوال الوقت كلما كان بالقرب من تلك العائلة ….
اجفل عمر علي صوت سيف وهو يتحدث في الهاتف قائلاً بصرامة :
تفضلوا واقفين لحد ما يخرجوا وتخدوا البنت ولو الست عصلجت خلصوا عليها مش مشكلة
تحفزت خلايا جسده وهو يصغي بكل تركيزه كي يحصل علي معلومة أخري فمازال ينقصه الكثير … أغلق سيف الهاتف وهو ينهض، فأراد عمر استغلال وجوده وقال ببرود :
ممكن اعمل مكالمة من تلفونك
رفع سيف حاجبيه باستنكار وغمغم متهكم :
هي ماما ساحبه منك تلفونك ولا ايه
ثم قدم إليه هاتفه بلامبالاة … أخذ عمر الهاتف وجاء بسجل المكالمات، نظر إلي اخر رقم مدون بتركيز وهو يصطنع إجراء مكالمة تخصه … خطي سيف أمام المرآه الصغيرة المعلقة بجانب باب الشقة يتأكد من مظهره الجذاب، كانت مساحة كافية للخروج من سجل المكالمات والبحث في الهاتف عن اي شيء يساعده أو يدله علي ما يبحث، لم يجد سوي معرض الصور كمحطة أخيرة … انكمش بين حاجبيه بتعجب عندما ظهرت صورة عليا أمامه كأول صورة في ملف الصور، خرج سريعاً يعيد سجل المكالمات وهو يقدم الهاتف إليه بملل عندما اقترب منه :
خلاص مش لازم
تفحص سيف هاتفه وهو ينظر إليه بشك، ومن ثمّ تحرك للخارج بعد تأكده أن كل الأمور علي ما يرام ….
دون تردد انتفض عمر يبحث عنه هاتفه بعجلة، عليه الإسراع في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، من المؤكد أن تلك الفتاة هي عليا، ربما حان وقت القصاص من أخيها ؟؟!
؛***************
مع آذان العصر
أمسكت صباح المبخرة تتجول في غرفة الصالون، وهي تتأكد من الضيافة الموجودة أعلي الطاولة المستديرة التي تنتصف الغرفة العتيقة …..
بعد دقائق دلفت نجاة وناديه في انتظار الضيوف … وبدأن يتشاركن الحديث المختلف، حتي اجتمعن الفتيات وحده تلو الأخرى … كان المزاح يسود حديثهن وضحكاتهن تصدح في المكان، إلا هي كانت في مكان آخر مع هاتفها، وكل تركيزها معلق علي المحادثة النصية المفتوحة أمامها عبر أحدي برامج التواصل الاجتماعي ( واتساب) …
: مش وقت رنا دلوقتي خالص
دارت رحمه بوجهها تنظر إلي مروه اقتضاب وردت عليها بضيق :
خاليكي في حالك يا مروه دلوقتي
رفعت مروه كتفيها بلامبالاة وهي تردف ببرود :
ماشي بكرا تيجي تقولي ياريتني
( لازم تكوني متحضرة اكتر من كدا وبلاش جهل، مش معقول لسا في بنت بتفكر تفكيرك واحنا في 2022، وعلي العموم نفذي نصيحة ابن عمك واقطعي علاقتك بيا لان أنا مش هتغير واقعدي استني الفارس الولهان منير لان دا اخرك بجد )
بعد رسائل عديدة من العتاب علي تصرفها، والنصح من هذا الطريق، كان رد رنا تلك الرسالة قبل أن تغلق معها، تعجبت رحمه من غضبها الغير مفهوم، وكأنها هي من أخطأت بحقها … أغلقت الهاتف هي الأخرى عندما استمعت الي صوت الضيوف بالخارج ..
كانت كوثر والدة موسي أولا، سيده في عقدها الخامس تقريباً، تظهر البشاشة علي وجهها بوضوح، وابتسامتها ذادتها لطف، ترتدي ملابس تناسب عمرها مع حجاب أعطاها وقار …. اتبعتها عليا التي اختارت سروال كلاسيك أسود مع بلوزة من الستان عارية الأكمام بلون الاخضر، ورفعت خصلاتها بمشبك من اللؤلؤ، ومن المؤكد مع لن تنسي لاصقة ملونة بعينيها، وأحمر شفاه بلون وردي، ربما أخذت أربع ساعات حتي انتهت من طلتها البسيطة بالنسبة إلي شخصها …
بعد التعارف قدمت نادية الضيافة بترحاب، فاستغلت خيريه انشغالهن ومالت من هند الجالسة بجانبها وهي تردف بهمس :
هي الست معلقه معاكي في القعده دي
نظرت هند إليها وهتفت بهمس مماثل :
هو أنا شكلي في حاجه غلط
حدقت خيريه بها لثوان تتأكد بنفسها من هيئتها … ارتدت هند فستان فضفاض باللون البنفسجي، ولملمت خصلاتها الغجرية بشكل عشوائي، مع بعض مساحيق التجميل الخفيفة، كانت طلة هادئة وجميلة :
زي القمر يا مزه
ابتسمت هند بخفة ومن ثمّ تنهدت براحه، أعادت تركيزها معهن عندما بدأت كوثر تقص إليهن كيف تعرفت علي محمد الصفواني وأصبح زوجها…
كانت تستمع بفضول طاغي الي حديث والدته عنه، تود أن تعلم عنه كيف تقبل وجود زوج والدته في حياته، تريد أن تفهم هذا الغريب كيف مر بحياته بعد أن أدركت مدي اهتمام بها، هناك شعور متلهف في معرفة من هو موسي الاحمدي …
؛****
في الشقة المجاورة
جلس موسي بصحبة محمود وسالم في هدوء، كلا منهم يفكر في عالمه الخاص … صوت طرقات تقطع سكونهم، وقف سالم متجه إلي الباب ظنا منه أنها الضيافة الخاصة بموسي القادمة من جمع النساء …
حدق بها بتعجب غير متوقع وجودها الآن، ثم سألها بوجوم :
خير !! أنتِ تايهه ولا اي ؟!
وكزته ساره في كتفه وهي تردد بغيظ :
أنت مش طيقاني ليه اكونش مرات أبوك وأنا معرفش
ثم دفعته تفسح الطريق إلي الداخل مستكملة حديثها :
نشوف الموضوع دا بعدين عشان مش جيالك
خطي سالم خلفها حتي وقفت أمام محمود وموسي، ابتسمت ساره وهي تنظر الي موسي مردفه بشغف :
الحلو عامل ايه
ضحك موسي ورد عليها بترحاب :
كويس بعد ما شوفتك
نظر سالم إليهم بملل وهتف بصرامة :
اظن وجودك هنا ملوش لازمه يا ست ساره
لوكت ساره العلكة وهي تنظر إليهم بريبه، ثم تمتمت بتعلثم :
لا هو وجودي هنا ليه مية لازمه مش واحده بس
واسترسلت بتلجلج :
والمعلم سالم لازم يحضر القعده دي
؛**************** بقلم حسناء محمد سويلم
أخذت نفس عميق تهدأ من روعها، ثم رفعت يدها تطرق الباب برفق … ثوانً وجاء أذنه بالدخول،
كان يتسطح علي الفراش بعفوية، بلعت لعابها وهتفت بجمود :
ممكن اتكلم معاك شويه ؟!
انتفض ربيع أثر صوتها بعد ظن أن ابنه من دلف إلي الغرفة، اعتدل في جلسته وأشار إليها بالاقتراب كي تجلس … تحركت مي ببطيء وفي كل خطوة تفكر في قرارها المصيري، جلست أمامه تفرك كفيها بتوتر في سكون، مما جعل ربيع يستنكر هيئتها المضطربة ولكن أراد اعطائها مساحتها في الحديث بأريحية ….
: هو كلامي مش مترتب بس أنا فكرت في كلامك وموافقة
سألها بعد فهم :
كلام ايه ؟!
نظرت مي إليه هي تردف بهدوء غير معهود :
نفتح صفحة جديدة ونبدأ سوا
دهش ربيع من تغير رأيها، فمنذ يومين لك يكن هذا ردها علي حديثه … تأملها لبرهه يتأكد من جدية تعبيرها، ثم هتف بذهول واضح علي ملامحه :
أنتِ واعيه بتقولي ايه !! يعني مش دا كلامك لما فتحتك في الموضوع حتي ردك كان واضح ..
قطعت حديثه وهي تغمغم بخجل :
عارفه هتقول ايه، بس ممكن تقول إن منمتش من يومها وبفكر في كلامك
واسترسلت بحرج شديد :
يمكن جوازي منك مكنش طبيعي وحصل غصب عني، لكن أنا دلوقتي بقولك نبدأ صفحة جديدة برغبتي
نظر إليها بحيره وسألها مستفسرا :
ايه مطلوب مني ؟!!
ابتسمت بخفوت وقالت بجديه :
قبل ما نفتح صفحة جديدة لازم نقفل القديمة الأول
: مش فاهم قصدك ؟؟
تلجلجت بعض الشيء خوفاً من رفضه، ولكن عليها أن تبدأ من جديد كما أرادت … هتفت برزانة لأول مره يراها :
يعني أبسط حقوقي اختار بيتي الـ هعيش فيه وانظمه زي ما اتمني وكنت بحلم
فرك ربيع رأسه بقلة حيلة متمتما :
لا وضحي اكتر
: عايزه أغير العفش ويكون من اختياري، وتغير لون الشقة لحد ما تجبلنا بيت بره مستقل، وتجيبلي شبكه زي اي عروسه في البلد، واشتري فستان فرحي، وتسفرني شهر عسل تعويض عن أن متعمليش فرح
قالتهم باندفاع دفعة واحدة، ولم تنتظر رده بل نهضت وهي تردف بصرامة عكس حالها من ثوان :
تقدر تفكر برحتك ورد عليا
التفتت تغادر تحت نظراته المصدومة، ظل يحدق في مكانها بذهول غير مستوعب ما انفجر في وجهه دون أن ترحم صدمته حتي ..
؛**************
في نفس القرية
وقف عزيز يحتضن مايسه وهو يردف بضيق من بكاءها :
يا بنتي هو أنتِ مهاجره دا هما ساعتين من هنا لعندك
مسحت مايسه وجهها متمتمه بنحيب :
مش عايزه اسافر
اقتضبت ملامح عزيز وصاح بنفاذ صبر :
دا دلع ماسخ
واستكمل وهو يشير إلي شريف :
روح يا بني شغل عربيتك
إنصاع شريف إليه حاملاً حقائبهم، وساعده علي وهو يجلب باقي أغراضهم … كان عقاب يعقوب إليها، بأن يخبر والده برفضها للسفر مع زوجها، وتوقعه كان في محله، عندما أصر والده أن لا تنتظر أسبوع آخر وتذهب عنوة مع زوجها حتي وإن كانت ترفض …
اقتربت فايزه وسميه يودعنها تحت نظرات والدهن الساخطة، ثم جاء دور زوجات علي وعبدالله في توديعها … قبل عزيز أحفاده واعطي لكل واحد ظرف به مبلغ مالي، بينما بكت حسنيه علي دموع ابنتها واحتضنتها بقوة وهي تهون عليها ببعض الكلمات …
انتظر حتي أتت أمامه كي تودعه هو الآخر، عانقها بفتور ثم مال يهمس جانب أذنها :
علي فكره انا الـ قولت لابوكي مش شريف
نظرت إليه بأعين باكيه، فابتسم ببرود وأشار إليها أن تلحق زوجها خارجاً …. وأخيراً بعد بكاء حار استطاع شريف أن يتحرك بسيارته متجه إلي واجهته الجديدة ..
التفت يعقوب الي سليمان الواقف بجانب زوجته وقال بضيق :
عقبالك
لاعب سليمان حاجبيه وهو يحاوط كتف فايزه مغمغما بعبث :
بعينك، قاعد علي قلبك
تطلع يعقوب إليه باشمئزاز واتبع والده للداخل … طلب عزيز فنجان قهوة من سميه وقال بتفكير :
عبده كلمني امبارح
نظر عبدالله الي والده متسائلاً بجمود :
هو مش قال لما أخوه يرجع من السفر ؟!
حرك عزيز رأسه بهدوء مردفاً :
سالم راجع بكرا
تحدث تلك المرة يعقوب بحنكته :
يابا ملوش لازمة الاستعجال علي الأقل نديهم فرصة يعرفوا بعض
أضاف علي بضيق :
والله انا شايف بلاها أصلا دي جوازه
نظر عزيز إليهم وهتف بحده :
ومالو اصل انا عيل وارجع في كلامي مع الناس عادي
واستطرد يقصد يعقوب :
وبعدين أنا عايز افهم انت ناوي علي ايه مع بنت سالم
رفع يعقوب كتفيه بلا اكتراث مردد بحنق :
هي الناس بتعمل ايه بعد الخطوبة
: بتتنيل يا يعقوب
مط يعقوب شفتيه مغمغما بتهكم :
أهو انا هتنيل زيهم يابا
صفق عزيز بقلة حيلة وهو يصيح بغضب :
عوضني خير يارب
واستكمل بحنق :
أنت مش قولت هتخطبها فتره وتسيبها لصاحب نصيبها
أشار علي نفسه وهو مردد :
أنا صاحب نصيبها بقا
: ابوها يعرف ؟؟!!
تمتم بخفوت كاد أن لا يسمعه :
إن شاء الله هفاتحه لما يرجعوا
جاءت سميه حاملة فنجان القهوة التي وضعته أمام والدها، وغادرت دون أن تضيف … فقال عزيز الي زوجته :
كمان يومين خودي سميه وروحي شوفي لازمها ايه
حركت حسنيه رأسها توافقه وهي تنظر إلي يعقوب بحنق، تجاهله الآخر حتي لا يقع تحت كلماتها الفظه بعد أن غادرت مايسه …
؛*****************
ارتشفت اخر رشفه من كوب الشاي وهي تهتف بأريحية :
وهو دا الحصل
توسعت حدقتي موسي وهو يهدر بهدوء مصطنع :
لا يا شيخه دا الحصل بس
ثم نظر إلي المعلم سالم وهو يشير علي ساره قائلاً بغضب :
دي واحده متخلفه مش عارفه هي بتقول ايه
صفقت ساره إليه وهي تسأله باستهجان :
نــعــم يا حيلتها مين المتخلفه عيد كلامك تاني كدا سمعني ؟!!!
مال محمود علي موسي متمتم بخفوت :
بلاش تشبك معاها دي عليها ساحبه توصل لموزمبيق من هنا
احتدت نبرة موسي وهو يزمجر بغضب حتي برزت عروق وجهه :
لو مخك صورلك أن شوية التصقيف والردح يوردو عليا، دا أنا أقوم ارقصلك مش اصقفلك بس
: ومالو أنت ترقص وهي تصقف وأنا انقطكم
ونظر إلي ابن أخوه مستكملا بجديه :
قوم يا سالم هات الصاجات
لم يستطيع محمود كبح ضحكاته التي بترت من نظرته الحاده … انكمشت ساره في مقعدها عندما علق ملقتيه عليها بجمود، ثم نظر إلي موسي الذي قال باندفاع :
يا معلم سالم دي جايه تقولي بعد أن وصلنا هنا، افرض كانوا طلعوا علينا وامي واختي راحوا فيها
تطلع إليه وهو يردف بهدوء :
مكنوش هيطلعوا لأن الأمر العندهم وانتو خارجين من هنا
حرك موسي نظره بينهم بعد فهم متسائلاً باستنكار :
الأمر ؟!! وحضرتك عرفت منين ؟!!
تنهد المعلم سالم برفق وتمتم بصرامة :
أنا كنت عارف قبل ساره ما تقول أساساً يا موسي، عمر شاف صورة اختك علي تلفون سيف وسمعه وهو بيكلم رجالته
كاد موسي أن يثور فأوقفه بإشارة من يده مستكملا بدهاء :
والدتك وأختك هيجوا معانا البلد
وأشار علي ساره مسترسل :
وأنتِ هتكلمي سيف تعرفيه كدا
قطب موسي جبينه باستفهام وسأله بعدم استيعاب لأفكار عقله :
ازاي تعرفه ؟!! مش المفروض نبعد عن أنظارهم ؟
رد عليه بمكر مريب :
المفروض خلاص وأنا صبري نفذ ومبقتش فاضي للعبة القط والفار
كان السؤال تلك المرة خارج من سالم بنبرة متلهفة عندما قال بفضول :
وهو سيف المقصود ؟؟
نظر إليه ورد مقتصراً قبل أن ينهض :
كل شيء بأوانه
فرك محمود مقدمة رأسه وهو يتمتم بحيره :
المعلم سالم يموت لو معلقناش في كل مره
نهضت ساره تنضم الي جمع النساء بعد أن أزاحت حمل ثقيل كان يقبض روحها، بينما أخذ موسي هاتفه يرسل رسالة الي عليا بتغير وجهتهم اليوم من منزلهم الي منزل المعلم سالم …
أما محمود نهض الي الشرفة وهو يرد علي هاتفه باقتضاب :
هو أنتِ مش بتزهقي
: علي فكرا مكنش ليه لزوم أنك تروح تشتكي لرحمه
واسترسلت بحنق :
أصلها مش ولي أمري هتقولي كخ وعيب
عقد محمود حاجبيه بتعجب وسألها بجمود :
أنتِ متاكده أنك عندك دم زينا ؟؟
لم يأتي رد منها حتي أنه ظن أنها أغلقت المكالمة، ولكن خيبة ظنه عندما سألته :
هو أنا فيا ايه غلط عشان ترفضني ؟؟
حرك محمود رأسه بملل وهتف بجديه :
مينفعش تقولي كدا أصلا
واستكمل بهدوء كي يحاول أن يجعلها تفيق لأفعالها الهوجاء :
مينفعش تكلمي واحد وتطلبي منه يمشي معاكي، لأنه حتي لو حصل وعمل الأنتِ عايزاه هتفضلي نزوة في حياته لان لا يمكن واحد يرتبط بواحده مشي معاها
: لا علي فكرا سالي صاحبتي كانت بتكلم الكراش بتاعها من سنتين وخطبها الشهر الفات
ضغط علي أسنانه متمتم بحده :
هو دا اللفت نظرك في كلامي
تنهدت بهيام وهي تردف بشوق :
لا هو أنت علي بعضك لافت نظري بصراحه
ضحك محمود بخفة وقال بحنق :
يا بنتي أنا لو كنت اتجوزت بدري شويه كنت خلفت قدك
جاء ردها بنعومة طاغية :
ما هو انت فعلا متجوز بدري
احتدت نبرته وهي يردف بانزعاج :
خلصنا أنا مش فاضي للتفاهه دي
: طيب قولي بس هتخسر ايه ؟؟
كان علي وشك الرد بكلمات تخرج عن نسق الحياء … ألتزم الصمت محمحم بخشونة، ولكن لم تكتفي رنا فقالت برجاء :
الكلام في الفون مش هينفع تعالي نخرج في كافيه أو مطعم قبل ما ترجع البلد
رد عليا باقتضاب قائلاً :
شكلك متعوده علي كدا، لكن للأسف أنا مش من النوع دا
تلاشت عن مغذي حديثه، وهتفت بحماس :
صدقني بعدها من هكلمك تاني لو خرجت معايا بس المره دي
واسترسلت تتوسل :
ربع ساعة بس في أو مكان تختاره
لوي جانب شفتيه وهو يردد بخوف مصطنع :
لا مقدرش أخاف حد يشوفني معاكي ويقول لابويا والواحد مننا ملوش غير سمعه واحده
تجاهلت سخريته البالغة وأردفت بتحفيز :
يلا قوم ألبس وهبعتلك لوكشين الكافيه متتأخرش
نظر إلي الهاتف بدهشة عندما أغلق الاتصال …. وما هي إلا ثوان وظهر إليه موقع المقهى التي حددت مقابلتهم به، حرك محمود رأسه بعدم تصديق من إصرار تلك الفتاة، شرد في حديثها بطريقة أخري، وأنه لن يخسر شيء في مواعدتها اليوم وبعدها بقليل سيعود الي القرية .. دلف إلي غرفته يبحث في خزانته عن ملابس تناسب ذلك الموعد، ورغم رفضه لفكرة التقرب منها، إلا أن حماسه يزداد في معرفة ماذا سيحدث خلال المقابلة الحارة بالنسبة إليها …
؛************
بعد إلحاح موسي وافقت كوثر علي فكرته بامتعاض، هبطت بصحبة ابنها مع عليا … منتظرين نزول المعلم سالم حين انتهائه من صلاة العشاء،
صعدت نيره وهند وخيريه وأمل في سيارة سالم، بينما اتجهت مها واولادها مع مرتضي الذي جاء للتو كي يأخذ أسرته …
وقف المعلم سالم ينظر حوله بحيره، ثم سأل سالم بقلق :
فين محمود ؟!!
تعلثم سالم مردفاً :
راح مشوار وهيحصلنا
حرك رأسه بهدوء متوعد إليه، وصعد مع زوجاته، والسيارة الأخير كانت لباقي الفتيات …
؛***********
صعدت الدرج تحمل أكياس بلاستيكية من الخضروات والفواكه، بناءً علي طلب الصغار، وضعت الحقائب أمام الشقة وهي تخرج المفتاح …
اجفلت علي صوت خرفشة اتيه من خلفها، في هذه اللحظة دار أمام عينيها شريط ذكريات حياتها …. نفضت تلك الفكرة وهي تلتفت بجمود، تسمرت محلها بفزع وكأنها رأت ملك الموت، عادت للخلف بذعر وهي تحرك رأسها بشكل هستيري كلما لوح أمام وجهها بذلك السكين …
: ازيك يا هاديه
ظلت تحرك رأسها بهلع ترفض ما ينوي فعله، دارت بسرعة تحاول الفرار وتخليص حياتها، لكن كان الآخر حسم أمره، ودفعها بعنف من أعلي الدرج …. لم تتوازن هاديه مع قوته وتعرقلت فوق الدرج، مما ادي الي ارتطام جسدها حتي رست أسفل الأرضية الصلبة في بركة من دمائها…..
؛*************
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بنت المعلم الجزء الثاني)