رواية بكاء في ليلة عرس الفصل الثالث 3 بقلم إيمان كمال
رواية بكاء في ليلة عرس الجزء الثالث
رواية بكاء في ليلة عرس البارت الثالث
رواية بكاء في ليلة عرس الحلقة الثالثة
امسكته بيد مرتعشه، رامقه لحروف اسمه، متردده هل ترد وتفتح على قلبها سيل من الآلام من جديد، ام انها تلبي نداء القلب وتغرق في محبته وتوصل احبال الهوى التي انقطعت بسبب الطمع وحب المال ..
حسمت قرارها للتو وردت عليه بلهفة وحب سنوات ينمو يكبر بداخلها هاتفة:
– عرفت باللي حصلي يا حبة القلب؟
– لسه عارف من هبابه، و جتلك طوالي واستنيتك كتير جوي تحت شباكك يمكن تحني على الغلبان بنظره، ولما غبتي مسكت التلفون واني بدعي ربي ان امك معتشوفش اسمي وتمنعك تردي عليا.
ردت في قوة وتحدي لا تعرف من أي جاء بها للتو؟!
هل من كثرة شوقها وحبها له؟
ام مما مرت به من موقف صعيب وبيعها بهذه الطريقة المهانه، لكن مهما يكن السبب، ارادت ان تتخلص مما فيه،لذلك اكأدت عليه متشدقه:
– لع معتخافش تاني واصل يا حبة القلب ودقاته، اني من بعد اللي جرالي مبجاتش اخاف عاد تاني.
صمت لبرهه يستوعب قولها، واذنيه لا تصدق ما سمعه، لذلك قال مترجيًا:
– يعني عتقفي جاري يا لبة القلب، ونتحدوا الكل عشان ننول المراد ؟!
– معاك لاخر نفس عنتنفسوه يا حبة جلبي من جوه.
– عحبك جوي جوي يابسملة جلبي من جوه، واتوحشتك فوق ما عتتخيلي يا بَه.
– واني كومان زيك واكتر هبابه منيك يا معاطي، بس عنعمل ايه مع اماي؟
– سبيها على معاطي، عسوق عليها طوب الارض طوبه طوبه لحد ما عترضى على معاطي الغلبان.
– يارب يا معاطي يسمع منك ربنا، ويهديكي علينا يا ماي، أني هقفل بقى وياك عشان معتحسش بيا وتعرف اننا عنتكلم سوا.
– طب اطلعي هبابه املي عيني منيكي.
اغلقت معه و فتحت نافذتها التي كانت بمثابة طاقة نور و أمل بالنسبه للعاشق الولهان أسفل، فحين طلت عليه برغم كثره بكاءها وحمرة عيناها؛ إلا أنها كان وجهها يشع ضياء اضاء قلبه و وجهه، تبسمت له بحب، و شاور لها ثم انصرف والسعادة تغزو صدره تجعل قلبه يرفرف فرحًا.
* * * * * * * * * *
ومرت الأيام سريعًا وكان “معاطي” عند قوله، وحاول مع والدتها كثيرًا وجعل كبار البلد تتوسط له لديها، كل اقاربها الرجال، طرق كل الأبواب وترجى خالها ليتوسط بينه وبين اخته؛ لكنها كانت عند موقفها بالا توافق إلا إذا كان يملك عمل مربح، و أرض يبني عليها منزلا كبيرًا مثل الذي تسكن فيه، لم تشفع لبكاء ونحيب ابنتها، فقد استعملت معها كل سبل الضغط لتؤثر عليها، جلست بمفردها في غرفتها، قاطعت الطعام لعدة ايام، قاطعت الحديث معها، كل هذا واكثر وهي متمسكه بموقفها الذي لا تتنازل عنه مهما حدث.
★****★
وفي ذات يوم توجهت لمنزل خالتها تطمئن عليها فكانت حالتها حزينة منذ ما حدث، وإذا فجأه تسمع طرقات على الباب، قامت بفتحه وإذا بها ترى الواقف امامها “مهران” ابن خالتها، كان الانكسار والحزن يكسو وجهه، عيناه السوداوتين الحسره والهم عشش داخل الجفن والنني، من يراه لا يصدق بأنه “مهران” النظره منه تشرح القلب الحزين تكون هيئته هكذا، حاله تبدلت، كادت ان تشاور له بالدخول، اوقفها صوت خالتها قائلة بصوت جهور :
– عندك ياولد، اجف مكانك ولا تخطي خطوة واحده جوه الدوار، ملكش حاچة اهنه، روح ما طرح ما چيت، مش اخترت المصراويه اللي بعدتك عن اهلك وارضك، وخليتك تعيش فريحها، چيت ليه تاني عاد؟
قال والدموع كونت سحابه امام عيناه جعلت الرؤية مشوشه غير واضحه لكن نبره صوته بها ترجي :
– چيت عشانك يا أماه، چيت استسمحك ترضي على ولدك.
قاطعته وقالت وهي تستمد قوتها من عجازها المتشبثه به مردده:
– اني محديش ولاد، ابني مات ودفنته وسكن التراب، وملكش أم اهنه، ورچلك إياك طول ما أني عايشة تعتبها و لا تخطوها، و يوم ما يچيك خبري؛ ما يعزاكش تمشي في چنازتي ولا حتى تاخد عزايا.
حاول يقاطعها ويحنن قلبها، لكنها شاورت بيدها انه يقف عن الحديث بأي حرف، ثم قوت روحها بنفسها وقالت :
– و عيكون في معلومك انت محداكش عندي لا ارض ولا مال، وكل اللي ليك راح عتبرع بيه صدقه خلي بقى بنت المصراوية تنفعك، مشي روح لحالك ومش عايزة المح طيفك تاني.
كانت “بسملة” ترمقه بشفقه على حالته، وايضا لم تتعجب من قسوة خالتها، فهي واختها ورثوا نفس القوة وقسوة الطبع، و عندما اولاها “مهران” ظهره وتحرك بخطى ثقيلة محمله بخذلان اقرب ما لديه، سمع صوت “بسملة” مناديه عليه قائلة:
– استني يا ولد خالتي.
التفت لها وعيناه تسألها:
– اني حاسه بيك و الخذلان اللي عشوفه في عينك كبير جوي، اسألني إني عن قسوة القلب، راح عقولك موجوده في اماي وخيتها، معليش يا مهران فترة وبإذن الله عتعدي وربنا عيهديهم هما التنين.
اخرج” مهران” تنهيده وجع من جوفه، ونظر لها بتمعن قائلا:
– شكلك موجوعة اوي يا بسملة ؟!
– جوي جوي ياولد خالتي، ومشكلتي ملهاش حل واصل غير في ربنا.
برغم حالته وما يشعر به، لكنه اشفق عليها فالذي اذاق مرار القسوة والخذلان يشعر جيدا بغيره، فقال لها مأكدًا:
– مفيش مشكلة وملهاش حل، احكيلي ويمكن يكون عندي حلها.
– عن چد يا مهران.
– عن چد يابت خالتي، قولي مشكلتك؟
تنهدت “بسملة” وقصت عليه من بداية معرفتها وحبها لـ”معاطي” حتى هذه اللحظة، حزن على تفكير خالتة المادي، وكيف لها ان تخطط لتعاسه ابنتها من اجل ان تزوجها لرجل ثري يجلب لها مال واطيان، تاركه رجل يريدها و ويتمنى سعادتها، ربت على كتفها بحنان وقال بآسف :
– حقك عليا أنا كمان جيت عليكي وظلمتك يا بسملة، وكنت فاكر انك وافقتي على الراجل الثري بارادتك، لما حكالي خالي بالمختصر انك هتتجوزي، لكن لما سمعتك دلوقتي؛ غيرت نظرتي وربنا يقدرني وحل مشكلتك تكون عندي، بس انتي اتصلي بمعاطي وخليه يجي يقابلني.
تهللت اسارير صفحة وجهها وتوردت وابتسمت فظهرت لؤلؤ اسنانها، عيناها ترمقه بعدم تصديق، لكنه اومأ لها بصدق ما تفوه به، امسكت هاتفها ورنت على رقمه الذي تحفظه عن ظهر قلب، فأجاب فورا قائلا:
– لبه القلب من جوه عتطلبني، يادي الهنا اللي انت فيه يا واد يامعاطي.
خجلت من رده و قالت بـ توتر:
– ملوش عازه حديتك ده دلوچيت يا معاطي، هيم بسرعة و تعالى طوالي، ولد خالتي مهران عايزك ضروري.
حين سمع بأسمه استشاط غيظًا وقال بصوت مرتفع:
– و ماله بيكي الجدع ده، اني خلصت من عريس الغافله؛ عشان عيجي ولد خالتك يقف بيناتنا، انتي واجفه عتتحدتتي وياه ليه، في ايه بينك وبينه انطقي ؟!!
توترها زاد حين سمعت صوته المرتفع الذي وصل لـ “مهران” فأشار لها بيده وأخذ منها الهاتف وقال له بهدوء عكس بركان الوجع المشتعل بداخله:
– اهدي يا معاطي، بسملة حكتلي قصتكوا، وأنا حاسس ان من واجبي ناحيتها اساعدها، خصوصا بعد اللي حصلها وكسر خاطرها عشان كده الحل عندي تعالى قابلني وبإذن الله ربنا هيسر لك وتتجوزها.
– صحيح اللي عتقوله ده يا استاذ مهران.
– صحيح يا معاطي، متتأخرش و تعالى قوام.
– فريره وهتلجيلني حداك، انت واجف في أيتها حته ؟
ابلغه بمكانه و مرت عشر دقائق وكان معاطي واقفًا امامه وصوت انفاسه تعلو من سرعه ركوضه مهرولا له، انتظره حتى هدأت انفاسه و قال “مهران” :
– شوف يا معاطي انا جربت طعم الظلم، ومش عايز حد يجربه، وحاسس ان من واجبي اني اقف جنب بنت خالتي واساعدها مادام في مقدرتي ده، وان كان حل المشكلة الفلوس؛ فأمرها سهل، ويمكن ربنا جعلني سبب اني اجي عشان اجمع شملكوا على سنة الله ورسوله، يهدي الحال بيني و بين أمي، وتسامحني هي كمان.
ردت “بسملة” و آمنت على دعاءه بصدق، و انتظرت ليكمل حديثه هاتفًا:
– مشكلتكوا ما دامت ديتها الفلوس تبقى مش مشكله خالص، وحلها سهل.
رد بقلة حليه و حزن “معاطي” متسائل :
– كيف ده يا استاذ مهران، هو اني حيلتي حاچة، اچيب منين الجرشنات عشان ترضى عني امها؟
ربت على ظهره “مهران ” و قال:
– ملكش صالح بالفلوس، انا هديك فلوس تشتري بيها أرض، و ازرعها وأبني بيت ليك و لبسملة، ساعتها خالتي مش هتمانع و هتوافق تتجوزها.
وقف متسمرا “معاطي” الذهول هو من سيطر عليه، عيناه تجرب بينها وبين “مهران” يحاول ان يقنع روحه ان ما يسمعه ويعيشه حقيقه مؤكده وليس حلمًا يراوده في احلامه، اغمض عيناه وقال بعدم تصديق:
– و النبي عتتحدد بحق، اجرصيني يابت يا بسملة عشان اصدق ؟! ده ولا في الاحلام، وياما في لسه ناس طيبه وعتعمل الخير و هترميه في البحر، ربنا يسعدك يا استاذ مهران يارب و ينولك مرادك بحق ما انت بتساعدنا.
تبسمت “بسملة” ورمقت “مهران” بامتنان رابته على كفه قائلة:
– أنا مش عارفه اشكرك ازاي يا ولد خالتي، چميلك ده عيبقى دين في رقبتي طول العمر.
قاطعها “معاطي” قائلا بحب:
– ندرًا عليا لو حصل وتم المراد وربنا رزقنا بعيل عسميه مهران عشان افتكرك العمر كله، و لما يكبر عحكيله أنت كيف عملت معانا وكنت السبب انه يجي للدنيا.
ابتسم “مهران” وشعر بالسعادة عندما شاهدها على وجههما، وشاهد كم الحب الذي يفيض من عيونهما، لذلك قرر انه سيقف بجانبهما حتى يتم زواجهما، توجهوا تجاه سيارته، واخرج منها دفتر الشيكات الذي يلازمه اينما يكون وكتب له مبلغًا يعادل شراء قطعة أرض، و طلب منه انه يكتبها بأسم ابنة خالته ضمانًا لحقها، وهو لم يعارض وظهر حسن نيته، وعاهده بفعل ذلك، وبذلك لم تعارض والدتها، ثم صافحه بحراره و استقل سيارته وسافر و هو يشعر بأنه فعل شيء عظيم.
بينما “معاطي” ينظر للذي بيده وعيناه لا تصدق هذا المبلغ الذي وقع عليه من حيث لا يدري، وظل يحمد ربه ويشكره، ودعا له بأن يهدي له الحال و يسعد كما اسعدهما، ثم قال لها:
– اني مش قادر اصدق الحلم الجميل اللي عنحلموه ده يا بسملة !!
– لع صدق يا عطعوطي، ده فرج ربنا علينا، المهم حافظ على الشيك اللي في يدك زين، لحد ما نسرفوه بكره، وشوف و اسأل على ارض زينه وعفيه أكده عشان تشتريها.
– وه وه وه بقالك كتير جوي مقلوتيش عطعوطي ولا سمعتها منيكي يا لبه جلبي من جوه.
– يا خرابي عليك شوف بچولك ايه، تجولي ايه؟ و الله انت رايق يامعاطي.
– و مروقش ليه وكلها ايام وهتبقي في داري و تفضلي تجولي عطعوطي دي طول النهار و الليل، عشان اشبع منيها يا چلبي.
ابتسمت بتمني وهي تحلم بتلك اللحظه، ورمقته بنظرة كلها عشق وحب هاتفة:
– يارب يا معاطي يكملها ربنا على خير، وعهد عليا معبطلش ابدا اناديك بيها يا حبة چلبي من جوة،
هفوتك انا لحسن عوچت جوي على خالتي وزمانها استعوجتني، وتبقى تجولي على اللي عملته بكره.
– حاضر ياقلبي، في أمان الله وحفظه.
عاودت لبيت خالتها، وما ان رأتها حتى سألتها:
– كنتي وين كل ده يا بسملة؟
عوجتي ليه أكده؟
– لا مفيش يا خالتي، اني كنت عتحدد مع مهران، بنطيبوا بخاطره بس.
– وايه اللي عيوقفك وياه، ولا تتحددتي معاه مره تانية واصل، ولا كأنك عتعرفيه من اهنا ورايح.
قالت كلامها بحده وغضب، جعلت “بسملة” تقترب منها وتحاول تهديها هاتفه:
– ليه اكده يا خالة، ده مهما يكن ولدك ومعيستغناش عنيكي واصل، وان كان غلط فجلبك كبير ومع الايام عتسامحيه اني متوكده من ده عاد.
اغمضت خالتها عيناها بتسجن الحزن بداخلهما، ولا تظهر امامها بالضعف الذي يحتل كل انش بدواخلها، ثم فتحتهما قائلة:
– انتي معرفاش حاجة يا بتي، اني ابان قدامه وقدامكوا اني جوية وشديده، لكن في الحقيقة اني ست ضعيفة وكنت عتمنى ولدي الوحيد يقف قدام الكل ويباشر ارضة بنفسه، بدل ما يختار مرته ويعيش بعيد عني، ويهمل كل فلوسه اهنه ويروح يفتح ايشي شركة يسفر فيها الناس، ولولا اني ضغطت عليه كان عاود تاني للسفر بره مصر، ربنا رزقني بولد كيف عامل زي القرع يمد لبره، وممنهوش فايده ولا عازه لاهله.
– كيف ده يا خالة، والله ما في اطيب من جلب ولدك، ولا من حنيته، بكفاية كل شوية يچي البلد يطلب رضاكي، حد غيره كان زهق ومعاودتش تاني، ادعيله يهدي سره يا خالتي ويسعده ويرزقه بالزرية الصالحه.
– يارب يابتي، ويعوضك خير على ما صابك.
ابتسمت “بسملة” وانشرح قلبها من دعاء خالتها، وتمنت ان ربنا يقرب المراد وتسعد مع من اختاره لها قدرها.
* * * * * * * * * * *
و مر ثلاث أيام كان من خلالها يسأل “معاطي” و يستفسر عن شراء قطعة الأرض حتى وجدها بسعر مناسب وتم الاتفاق عليها ودفع مبلغ مقدمًا و كتب عقد ابتدائي وحين امسكه بيده ركض مهرولا تجاه منزل محبوبته، و طرق بابها وحين انفرج طاقة النور على وجهها الساطع، تبسم وطلب منها مقابلة والدتها، ادخلته و توجهت نحوها واستعطفتها لمقابلته، و حينما رأته قالت :
– خير يا معاطي، ايه اللي جابك وحدفك علينا السعادي؟
قام “معاطي” من مجلسه و قدم لها عقد الأرض و قال بفرحه :
– اني چبت مهر بسملة يا خالة، وكمان كتبت عقد الارض بأسمها عشان ترضي عليا و توافقي تجوزهالي.
نظرت متمعنه في الورقة و تأكدت من صحة حديثه عاد، ثم عبس وجهها و قالت مستفسره:
– وه من وين چبت كل الجرشنات دي؟ سرقت و لا نهبت مين يا ولا؟
ياترى هتوافق ام بسملة على معاطي؟
ولا هيكون ليها رأي تاني؟
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية بكاء في ليلة عرس)