روايات

رواية براثن اليزيد الفصل السابع 7 بقلم ندا حسن

رواية براثن اليزيد الفصل السابع 7 بقلم ندا حسن

رواية براثن اليزيد الجزء السابع

رواية براثن اليزيد البارت السابع

براثن اليزيد
براثن اليزيد

رواية براثن اليزيد الحلقة السابعة

#براثن_اليزيد
#الفصل_السابع
#ندا_حسن
“قلبك يستحق تلك الهدنة لكي يهدأ الصخب
الذي بداخله، وتستكين نبضاته الهوجاء”
“بعد أسبوع”
نظرت خلفها لتجذب ملابسها ولكنها اكتشفت أنها لم تدخلها المرحاض معها، تذكرت أنها وضعتهم على الفراش بالخارج بعد أن أخرجتهم من الدولاب، أخذت رداء المرحاض ذو اللون الأبيض الطويل ارتدته وأحكمت إغلاقه حول جسدها، ثم خرجت من المرحاض متجهة إلى داخل غرفة النوم لتبدل ثيابها الذي تركتها بالداخل، دلفت إلى الغرفة وذهبت إلى المرآة المتواجدة بها لتقف أمامها ومن ثم التقتت مجفف الشعر من عليها لتبدأ في تجفيف خصلاتها ولكن وجدت من اقتحم الغرفة دون إنذار..
استدارت سريعًا لتراه يقف أمامها بعد أن ولج الغرفة، يرى وجهها نقي أبيض، عيناها زرقاء، شفتاها الوردية التي لا تفشل في جذبه إليها، يرى خصلاتها ينسدل منها بعض قطرات الماء تنحدر على عنقها المرمري لتستقر أعلى صدرها أو تختفي خلف الرداء الطويل هذا، تظهر ساقيها من الأسفل ليراها أمامه بسخاء واضح، نظر إليها من الأعلى إلى الأسفل وكأن عيناه لا تشبع من رؤيتها، أو كأنها لوحة غالية الثمن لا يستطيع شرائها ولكن مباح له النظر إليها والتمتع بها من بعيد..
نظرت هي إليه وقد وجدت نظراته تحمل تلك الرغبة التي رأتها من قبل، ينظر إليها وكأنها آخر نساء الأرض، ألم تقُل قبل أن نظراته تعمل على خجلها وارتباكها؟ إذًا الآن تقول إنها تقتلها خجلًا، لا تستطيع النظر إلى عينيه مباشرةً فنظراته تجعلها تود أن تفتح الأرض بابها وتأخذها للداخل دون عودة..
ذهبت فجأة من أمامه متجهة إلى المرحاض مرة أخرى بعد أن وجدت أنه يقترب منها ولكنها لم تسطيع فعلها، أعاق “يزيد” طريقها إلى المرحاض ووقف أمامها مبتسمًا ببلاهة وقد تجرأت يده مرة أخرى ووضعها خلف خصرها ليقربها منه، بينما شهقت هي وأحمرت وجنتيها أكثر من السابق ثم حاولت أن تبتعد عنه دافعه إياه بيدها ولكنه أحكم قبضة يده اليمنى على يدها ويده اليسرى كانت خلف ظهرها توضع على خصرها مقربها منه إلى أبعد حد..
أقترب بوجهه منها ثم تحدث جوار أذنها بخفوت وصوت رجولي أجش:
-بتبعدي ليه؟ البعد وحش أوي يا مروتي
وجدت نفسها تُجيبه بخفوت وصوت رقيق يحمل الأنوثة بين طياته:
-أنا مش ببعد يا يزيد
صوتها، ضعفها في قربه يجعله أسعد رجال العالم، إذًا هي لا تريد البعد بل القرب، القرب الشديد ليكون لها ما تريد وهو الآخر لا يريد غير ذلك، استنشق الرائحة التي بجسدها وخصلاتها، هي رائحة الياسمين نفس تلك الرائحة التي وجدها بشالها الأزرق مثل عينيها، ابتسم باتساع وقد شعرت بابتسامته لتتساءل بداخلها على سبب الابتسامة هذه ولكنه لم يجعلها تنتظر كثيرًا وتحدث قائلًا بهدوء:
-ريحة الياسمين دي جميلة ورقيقة زيك
إذًا لتبتسم هي الأخرى ولما لا فـ ابن عائلة “الراجحي” تغير ويوم بعد يوم يقترب منها ويغازلها لتبتسم وتسعد ربما تكن هذه بداية السعادة معه..
تريث “يزيد” ثم عاد إلى الخلف قليلًا ويده خلف ظهرها كما هي ولكن اليد الآخرى حررت ذراعيها لتستقر فوق وجنتها، قال بهدوء شديد وابتسامة تزين ثغره:
-بالليل هتركبي الخيل زي ما اتفقنا! ولا رجعتي في كلامك؟
-لأ مرجعتش في كلامي
ابتسم بهدوء وهو ينظر لشفتيها، كان على وشك تقبيلها ولكنها فرت منه في لمح البصر متوجهة إلى داخل المرحاض مغلقة بابه عليها تحتمي من نظراته وكلماته التي تزيدها خجلًا، لا تدري هل هكذا ستبدأ حياتها معه، أم هو يريد شيء آخر؟.. سريعًا محت ذلك التفكير من رأسها فهو إلى الآن لم يفعل ما يدل على ذلك ولم يطالب بأي شيء لتعيش معه هذه الأيام بسعادة وتحاول تقبل الأمور وتغيرها، فهو يجذبها إليه بكل تفاصيله، يجذبها إليه منذ اليوم الأول برجولته وحديثه وملامحه وكل شيء فيه يجعلها تود أن تصرخ وتقول إنه “يزيد الراجحي” بكل ما فيه زوجي دون عنجهيته وقساوته التي رأتها في مقتبل تعرفهم على بعض دون غروره الذي اختفى منذ أيام..
____________________
تواجد ثلاثة مدبرين لخراب علاقة، وهدم حب، وخلق كرهٍ مع بعضهم البعض، كل منهم يفكر فيما يريد هو وكيف سيكون انتقامه،
تحدث كبير عائلتهم “سابت” قائلًا بجدية شديدة وهو يعتدل في جلسته على مقعد مكتبه:
-لازم تتكلم مع أخوك يا فاروق علشان يعجل ويخلصنا، إحنا مش عايزين مماطله عايزين الناهيه
أجابه ابن أخيه الأكبر وهو يومأ برأسه مؤكدًا على كلماته:
-عندك حق يا عمي خلينا نخلص
نظرت “نجية” إلى شقيق زوجها الراحل وتحدثت قائلة وهي تتساءل باستغراب:
-بس تفتكروا يعني بت طوبار هتعملها كده بالساهل؟
نظر إليها “سابت” ثم ابتسم بسخرية جلية وواضحة ليقول بتهكم مجيبًا إياها:
-اومال إحنا اختارنا يزيد ليه يا نجية؟ يزيد هو اللي يقدر عليها وهيعرف يعمل كده
تهكمت هي الأخرى في حديثها وقالت وهي تنهض من على المقعد:
-ده لو مضحكتش عليه يا أبو زاهر
استغرب من حديثها عن “يزيد” فهو ماكر، ذكي، يعلم كيف يفعل ما يريد دون خسائر، تحدث متسائلًا:
-كيف يعني؟
عندما طال صمتها تسأل ابنها الأكبر أيضًا متوجسًا من حديثها القادم:
-ما تقولي يا حجه كيف
ضيقت ما بين حاجبيها وقد لاحت القسوة في نبرتها وهي تقول مشيرة بيدها:
-البت بتتمسكن، عامله مكسورة الجناح مهما عملنا فيها أنا ولا إيمان ساكته مبتردش معملتهاش غير مرة لما جبت سيرة أمها
استغرب “فاروق” من حديثها الذي لا يمت بصلة إلى ما يتحدثون به الآن ليقول دون صبر زافرًا:
-وده داخله ايه فينا دلوقت
ابتسمت بسخرية إليه وإلى عمه لتقول بحدة وهي تتقدم منهم:
-يزيد طيب ومايجيش على مظلوم وإذا كان اللي بيعمله دلوقت علشان يرد حقنا فهو وافق غصب لما ضغطنا عليه.. هي لما تتمسكن وتتغنج عليه هيقف مع مين وقتيها مع مراته ولا معانا إحنا وهي قدامه ضعيفة ومكسورة
ابتسم “سابت” على حديثها وما قالته فقد أتت بنقطة لم يراها من قبل ولم يفكر بها ليتحدث بشرود قائلًا:
-سيبكم انتوا منها دلوقت
نظر أمامه بشرود وهو يفكر ما الذي سيحدث عندما يجلب له يزيد ما يريد؟..
___________________
جلست في صالون المنزل مع “يسرى” كما اعتادت أن تفعل، تتحدث معها في أمور عدة، تقوي رابط الصداقة بينهم، محاولة أيضًا أن تبتعد كل البعد عن والدة زوجها وزوجة ابنها لتسلم من حديثهم الغير مرغوب ونظراتهم الغير مريحة..
استمعوا إلى صوت ضوضاء في ردهة المنزل لتخرج “يسرى” و “مروة” معها ليروا ما الذي يحدث في الخارج..
عندما خرجت “مروة” من باب الغرفة شهقت عاليًا مُبتسمة بسعادة غامرة وركضت سريعًا تجاه والدها الذي استقبلها داخل أحضانه..
شعرت بالدفء والحنان داخل أحضان والدها من جديد لتخرج دموعها تجري على وجنتيها بهدوء، ابتعد عنها والدها متسائلًا بابتسامة:
-ليه الدموع دلوقتي يا بنتي؟
أجابته وهي تزيلهم من على وجنتيها مبتسمة بهدوء:
-دموع الفرح يا بابا
تقدمت من شقيقتها لتحتضنها هي الأخرى باشتياق جارف، فهي فقدت جو الأمان مع هذه العائلة ولم تشعر به قد إلا مع “يزيد” و “يسرى”، ابتعدت عنها وسلمت أيضًا على زوجة عمها التي كانت لها بمثابة الأم بعد رحيل والدتها..
جلس الجميع بعد أن سلمت عليهم “يسرى” وأتى إليهم “يزيد” ليرحب بهم في منزله، لو كان أتى إليه أحد وأخبره أنه سيفعل ذلك مع عائلة “طوبار” لدعاه بالجنون ولكنه فعلها حقًا، كل ذلك من أجلها، من أجلها هي فقط..
لحظات جميلة مرت عليهم سويًا ولكن كانت فقط بضع لحظات!.. ودلف إلى الغرفة مَن عليهم تعكير الأجواء وتشويه النفوس..
ابتسمت والدته بسخرية واضحة وهي تدلف إلى الغرفة وتحدثت بتهكم وعنجهية:
-والله عشت وشوفت عيلة طوبار في بيت الراجحي
نظرت “مروة” إلى “يزيد” تستغيث به، وهو فهم طلبها، لا تود أن تعكر الأجواء بين أهلها أو تشعرهم بالإهانة لتواجدهم في منزل زوجها ولكن والدته لا تفوت أي فرصة إلا وعملت بيها
قدمتها إليهم “مروة” بتوتر وتردد كبير سيطر على ملامحها وقد لاحظة البعض:
-والدة يزيد وإيمان مرات أخوه الكبير
ابتسم إليها الجميع باقتضاب فقد ظهرت نواياها حتى وإن لم تتحدث كثيرًا فيكفي نظرتها..
نظر “يزيد” إلى والدته بتحذير وقد فهمت ما يرمي إليه لتصمت بعد أن كانت هذه الفرصة لا تفوت بالنسبة إليها، فقد كانت عائلة “طوبار” في منزلها تحت يديها، كانت ستتفن في اهانتهم ولكن لا تستطيع ردع “يزيد” عن ما في رأسه ولا تستطيع مخالفته في هذه الأوقات بالتحديد..
بعد أن جلسوا مع بعضهم وقضوا وقت ممتع وتبادلت كل من “ميار” و “يسرى” أرقام الهواتف تحدثت زوجة عم “مروة” أمام الجميع بعد أن اوشكوا على الرحيل، قدمت إليها يدها التي كانت تحمل علبة هدايا متوسطة الحجم بهدوء قائلة:
-دي يا حبيبتي هدية تامر علشان مقدرش يجي معانا
من تلقاء نفسها نظرت إلى يزيد الذي وجدته يقبض على كف يده بعصبية فور أن استمع إلى تلك الكلمات، فهذا الذي يدعى “تامر” يريد أن يلقنه درسًا ولكنه لم يحذر..
أخذت مروة العلبة من زوجة عمها ووضعتها جانبًا بينما قاموا ليغادرون وقد حجبت عيني مروة غمامة من الدموع الحبيسة متسائلة:
-خلاص هترجعوا القاهرة وتسيبوني لوحدي
تقدم منها والدها الذي تحدث بجدية وحنان:
-لوحدك ايه بس يا حبيبتي مع أنتِ معاكي يزيد وأهله وكمان عمك وابن عمك هنا
تقدمت منها شقيقتها أيضًا محتضنه إياها لتودعها ثم قالت مبتسمة بهدوء:
-وبعدين يا مروة دا أنتِ عندك أخت تانية هنا اهو ولا ايه يا يسرى
ابتسمت “يسرى” واجابتها بحماسٍ كبير قائلة:
-أكيد طبعًا مرة أكتر من أختي
ابتسمت “مروة” بهدوء بعد أن نظرت إلى “يزيد” لتراه منشغلًا بالحديث مع والدها، تدعي في نفسها بأن لا يسأل عن أي شيء يخص “تامر” فقد رأت الغضب بعينيه وهي قد تعرفت عليه به منذ اليوم الأول..
__________________
شعرت بالخوف كلما رأته يتقدم منها وهو معه، حقًا دون مبالغة تخاف منه، هو مخيف للغاية، غير أنها لم تتعامل معهم من قبل ولا تعلم كيف ستفعلها، هي فقط ستعتذر وتذهب إلى غرفتها وتتركه مع حصانه يفعل ما يحلو له..
انتزعها من أفكارها وهو يقول بابتسامة مشرقة تعتلي وجهه بينما يمسك بيده لجام حصانه:
-ايه خوفتي تاني؟
عادت للخلف خطوة وهي تنظر إلى الحصان تارة وإلى زوجها تارة أخرى لتقول أخيرًا بخفوت وصوت هادئ متردد:
-أنا رجعت في كلامي، بجد شكله يخوف أوي أنتَ إزاي بتتعامل معاه
اقترب هو منها خطوة ثم أمسك بيدها وتحدث قائلًا بجدية:
-هو بعيد عن إنك خايفة وأنتِ معايا بس ليل ده حصاني من زمان أوي وبصراحة كمان بحسه صاحبي وأحيانًا بشكيله همي
نظرت إليه بهدوء وهي تستمع إلى كلماته وتشعر بصخب في داخلها من تقلباته وكم المعلومات التي إلى الآن لا تعرفها عنه، جذبها لتتقدم منه وجعلها تقف أمام جسده لتكن في مواجهة “ليل” الذي يقف هو الآخر أمامهم، استدارت سريعًا بجسدها لتخفي وجهها في صدر “يزيد” عندما شعرت أنها قريبة للغاية من ذلك الحصان غريب الأطوار الذي خافت من نظراته عن قرب وكأنه يتوعد لها..
شعور غريب احتل كيانه عندما دفنت وجهها في صدره متمسكه بملابسه وتحتمي به، هل هذا شعور الفرح والسعادة أم الشغف والحب أم ماذا؟ شعور لا يستطيع وصفه ولن يستطيع..
أبعدها عنه بخفه وهو ينظر إلى وجهها الذي تزينه حمرة الخجل وهتف قائلًا بحنان وهدوء:
-متخافيش أنا معاكي وهو أصلًا مش هيعملك حاجه… يلا هاتي إيدك كده
أمسك بكف يدها وتقدم من حصانه ليضعها بهدوء على رأسه تمسد عليها ويده هو الآخر تعتلي يدها ليمدها بالأمان، ثم جذب يدها مرة أخرى ووضع بها ثمرة من الجزر لتنظر إلى كف يدها ومن ثم تنظر إلى وجه “يزيد” الذي رأته يحمل هدوء العالم أجمع..
هتفت بتوتر ويدها ترتجف أعلى يده بينما تنظر إليه بخوف لتجعله يعود عن ما في رأسه:
-لأ مش هعمل كده مستحيل
ابتسم بمرح وهو يرى خوفها من اللاشيء ليقول وهو يربت على كتفها محاولًا بث الأمان والاطمئنان بداخلها:
-متخافيش قولتلك وبعدين أنا معاكي
ثم جذب يدها ليضعها أسفل فم “ليل” حتى تطعمه ولكنها صاحت بتعلثم وعصبية وهتفت بكلمات غير مترابطة:
-لأ بص استنى، علشان خاطري لأ… أنا بس هقولك… خايفة منه… أنا أصلا غلطانه إني جيت معاك
أغمضت عين وفتحت الأخرى تنظر إلى يدها الذي يأكل منها الحصان لتهدأ قليلًا عندما وجدته هادئ لا يفعل شيء، انتهى “ليل” لينظر إليها “يزيد” بهدوء قائلًا:
-اهو ولا أكل ايدك ولا حاجه
نظرت إلى الأرض بخجل فهي لا تستطيع التحكم بخوفها منه، أنه مُخيف لأي شخص سواه لأنه صاحبه..
رفع وجهها إليه بعد أن وضع سبابته أسفل ذقنها ليقول بصوت خافت وهو ينظر إلى عينيها تارة وشفتيها تارة أخرى:
-نركب عليه بقى؟ من غير خوف
اومأت إليه بهدوء ليصعد هو عليه سريعًا ثم مد إليها يده مساعدًا إياها على الصعود إليه، اجلسها أمامه ولم يكن هناك فاصل بينهم فقد كانت تشعر بجسده خلفها مباشرة، لم تكن تعتقد أنه سيصعد عليه أيضًا معها، توترت كثيرًا من قربه هذا ومرت قشعريرة خفيفة في جسدها..
بينما هو يشعر بحرارة تندلع بداخله من ذلك القرب اللعين من لوحته الفنية التي لا يستطيع الإقتراب منها أكثر من ذلك، أحاط بيده جسدها ليمسك لجام الحصان الذي بدأ في السير بهدوء ثم هتف بأذنها بهدوء وهو يستنشق رائحة الياسمين الممزوج بأنوثتها:
-شدي ضهرك ومتتوتريش
فعلت كما قال لها بهدوء ثم وضعت يدها على يده الموضوعة أمامها ملتفه على جسدها، شعرت به يضع ذقنه أعلى كتفها محاولًا إلهاء عقلها عن الخوف ولكنه لم يكن يعرف أنه هكذا يجعلها تشعر بالتوتر كما يحدث في قربه دومًا، استمعت إليه يهتف أمرًا:
-متلبسيش البلوزة دي تاني
استغربت حديثه ثم استدارت قليلًا بوجهها لتواجهة سائلة إياه عن السبب لقول ذلك، أجابها هو وهو ينظر إلى مقدمة فتحتها دون خجل:
-فتحة صدرها واسعة أوي
استدارت لتنظر أمامها سريعًا دون أن تتحدث مرة أخرى وقد رأته وهو ينظر عليها ليأكد حديثه، صمت بعض الوقت وهم يسيرون بحصانه بين الأراضي ليقول متسائلًا بابتسامة:
-كان عندك معرض في القاهرة؟
ابتسمت بهدوء متذكرة معرضها الذي اضطرت بإغلاقه لتأتي إلى هنا، وتذكرت موهبتها ومهنتها التي تركتها منذ أن وضعت قدمها في هذه البلدة:
-أيوه
تسائل من جديد قائلًا بحماس وهو يشدد يده من حولها:
-كنتي بتحبي الرسم
ابتسمت مرة أخرى باتساع وأجابته قائلة بجدية وشغف وهي تتحدث:
-أكيد كنت بحبه أوي كان كل وقتي ضايع على الرسم والمعرض كان شغال كويس جدًا
تريثت قليلًا بعد أن صمتت وتذكرت حديثها مع “يسرى” لتأخذ نفس ثم أخرجته وعاودت الحديث قائلة بجدية متسائلة باستغراب:
-هو أنتَ فعلًا كل شغلك في مصر؟
تحدث قائلًا بهدوء وهو يستند بذقنه على كتفها بشكل مثير له:
-شغلي وبيتي وكل حياتي هناك أنا كنت باجي هنا إجازات بس
سألته سريعًا قائلة بجدية وتمنت بداخلها أن ينصاع إلى حديثها لتبتعد عن هنا إلى الأبد:
-طب إحنا ليه هنا دلوقتي، يعني ليه منمشيش من هنا ونقعد في بيتك اللي هناك.. أنا هفرح أوي لو ده حصل، أنا أصلًا مش مرتاحه هنا يا يزيد.. هناك هكون جنب أهلي وهكون أنا وأنتَ بس لوحدنا
استمع إلى جملتها صحيح!، قالت هما الإثنان فقط! هي تريده فقط!.. شعر بروحه تغمرها السعادة من جديد، كلماتها بسيطة ولكن لها تأثير عليه كما السحر، تحدث بمكر وهو يشدد يده من حولها مبتسمًا ببلاهة:
-يعني أنتِ عايزه نكون أنا وأنتِ لوحدنا؟
صدمت من سؤاله هي فقط كانت تشرح له مدى السعادة التي ستكون بها وأنه سيكون معها ولكن قد حدث وهتف لسانها بتلك الكلمات، وجدها صامتة كما هي لم ترد عليه وجسدها بدأ بالارتجاف ليقول مرة أخرى متسائلًا بصوت خافت وهو يقترب من أذنها:
-جاوبيني يا مروة، عايزه أننا نكون سوا لوحدنا
تريثت قليلًا وهي تنظر أمامها في الفراغ بعد أن أوقف حصانه عن السير ليستمع إلى حديثها الذي ربما يكن هو بداية السعادة لهما معًا، استدارت إليه بكامل وجهها لتكن قريبة منه تستطيع استنشاق أنفاسه تقول بخفوت ونظرة راجية:
-لما نكون بعيد عن إيمان وفاروق و..و.. ووالدتك هيكون أحسن لينا.. هنقدر نبني بيت سوا وهنحاول علشان منفشلش أنتَ في يوم قولتلي أننا اتحطينا في طريق مش بتاعنا لكن مجبورين نكمله سوا لحد ما نوصل للنهاية، بس إحنا ممكن نختار يا يزيد يا نكون مجبرين نكمل الطريق سوا يا نكمله بود وحب واحترام
ترك اللجام بعد أن انتهت من حديثها ليتمسك بخصرها بيد واليد الأخرى اندست في خصلاتها تقربها منه حتى التقط شفتيها بين خاصته ليأخذ اكسجين الحياة والذي أباح إليه الآن فقط بموافقة كبرى منها، فهو لم يرى طريقة أخرى للرد على حديثها إلا هذه، بينما هي لم تجعله يشعر بأي شيء سوى السعادة عندما لفت يدها حول عنقه مستقبله عاصفته بكل شغف وتصميم على التكملة معه دون الفشل..
تركها بعد عدة لحظات تأخذ أكبر قدر من الهواء لرئتيها فقد انقطعت أنفاسها أثناء تلك القبلة الدامية، وضعت وجهها بالأرض بسبب خجلها منه ومن الذي يفعله بها، بينما هو تحدث بانزعاج وضيق من كثرة رنات رسائل هاتفها الذي بجيب بنطالها ليقول بضيق وهو يهبط من على الحصان بعد أن عاد به إلى المنزل:
-موبايلك ده فصيل أوي
ساعدها في النزول من أعلى الحصان ثم تحدث بهدوء وجدية وهو يشير إلى المنزل:
-روحي اطلعي أنا هدخل ليل وجاي
اومأت إليه بالايجاب وذهبت من أمامه بينما هو أخذ “ليل” ليذهب به إلى مكانه في الإسطبل
____________________
وقفت خلف باب الغرفة وقلبها يدق بعنف من هول ما تعرضت إليه على يده، رفعت يدها إلى شفتيها تتحسسها بابتسامة عزبة وكأن كل ما يفعله بات يروقها، لقد شعرت بشيء غريب وهي بين يديه، مشاعر مختلفة جميلة أول مرة لها أن تجربها، سعادة غامرة تجعل قلبها يرفرف من فرطها عليه، كلماتها التي هتفت بها كانت من داخل قلبها، هي تريد التكملة معه، لا تريد الفشل، غير أن “يزيد” تغير وأصبح شخص آخر يروقها وتنجذب نحوه بما فيه الآن..
خرجت من شرودها على صوت رسائل هاتفها المزعج كما قال “يزيد”، تقدمت للإمام خطوة ثم أخرجت الهاتف من جيب بنطالها لتفتح الرسائل وقد وجدت ما خافت منه منذ أيام..
لقد عاد مرة أخرى وهي لا تعلم من هو حتى، أنها أيضًا لم تحذف الرقم أو حتى الاسم المسجل به “حبيبي”، احتوت الرسائل على كلمات غرامية كثيرة وبعض منها به لحظات تعيشها لا يعرفها أحد غريب عنها لتذهب بتفكيرها إلى “تامر” ولكن “ميار” طمئنتها وابعدت الشك عنه تمامًا، إذًا من يفعل ذلك؟..
شعرت به خلفها وأنفاسه عالية للغاية دليل على غضبه وعصبيته، استدارت إليه سريعًا ووجهها يحمل كل معاني الخوف من ردة فعله إن كان رأى شيء بالهاتف لتراه يضغط على فكة السفلي بشدة، يغلق كف يده ويضغط عليه هو الآخر كما لو كان سيلكم أحد بوجهه الآن..
تحدث من بين أسنانه وهو يقترب منها متسائلًا بصوتٍ غاضب:
-ايه ده؟
عادت للخلف بجسدها ونظرت إليه وهناك غمامة خلف جفنيها من الدموع تهدد بالفرار إلى الخارج وقد تذكرت أول مرة عندما وجد هذه الرسائل وقال لها بأنها لو كذبت لن يرحمها، هي الآن ليس لها ذنب في شيء ولكن تخاف من عدم تصديقه إليها:
-اهدى بس وأنا هفهمك كل حاجه
شرارات الغضب بعينيه واضحة، فكة الذي يضغط عليه بعصبية، يده الذي ربما تتأذى بسبب ضغطه عليها هكذا، هو بحالة لا يحسد عليها أبدًا، عصبيته وغضبه دائمًا يكونوا الاقوى منه، حاول ألا يفعل شيء ولكنه لم يستطع فلم يدري بنفسه إلا وهو يجذبها من خصلاتها ذهبية اللون إليه لتفر دموعها هاربة، خائفة من موجة غضبه القادمة وهي لم ترتكب أي شيء خاطئ لتحاسب عليه..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية براثن اليزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى