روايات

رواية باسم الحب الفصل الأول 1 بقلم هدير ممدوح

موقع كتابك في سطور

رواية باسم الحب الفصل الأول 1 بقلم هدير ممدوح

رواية باسم الحب البارت الأول

رواية باسم الحب الجزء الأول

باسم الحب
باسم الحب

رواية باسم الحب الحلقة الأولى

اندفعت سيارة بهذا الزقاق الذي اكتظّ ببائعيه، ومرت بداخله حتى توقفت بمنتصفه، فُتح باب السيارة من الجهتين وترجل منها إمرأة وفتاتان بربيع عمرهما وطفل بالثانية عشر من عمره، ومن الأمام هبط رجل، أعطى السائق أجره..
جابت أبصارهم في أنحاء المكان، نساء مفترشة الأرض بالخضار وبأخر الطريق مقهى شعبي ..

غادرت السيارة أمام أنظارهم، واقترب منهم الرجل الذي كان بجانب السائق، قائلاً في وجل:
_أنا عارف ان الحارة مش ولا بد يا هانم، بس الجو هنا غير و هتعجبك.

اجابت المرأة بإبتسامة بسيطة زينت وجهها البشوش:
_هانم إيه بقا يا عبد الفتاح، أنا زيي زيك، وانت كتر خيرك جمعتلنا مكان نعيش فيه.

طالعها عبد الفتاح بشفقة على حالهم قائلاً:
_منهم لله ياهانم، ربنا المنتقم.

قالت المرأة بلطف:
_ربنا يسامحهم بقا..
واستطردت بحدة طفيفة:
_وقولتلك متقولش هانم دي تاني، اندهلي بأي حاجة..

تحدثت إحدى الفتيات بندفاع وضيق:
_هي الستات دي على طول فارشة في الأرض كده، و إيه الزحمة اللي على أول الشارع دي.

رد عبد الفتاح مبتسماً:
_النهاردة سوق الأربع يا أستاذة أبرار بس باقي الأيام أهدى.

هزت الفتاة رأسها بلا مبالاة.

فأشار عبدالفتاح إلى عمارة سكنية على بعد قليل منهم، ونظراً لضيق المساحة لم تسطع السيارة ان تكمل للداخل، فتقدموا هم للأمام، وقال عبد الفتاح ما ان أصبحوا أمام العمارة:
_اتفضلوا معايا.

فتقدم عبد الفتاح أمامهم ودلفوا هم خلفه،
توقفوا بالطابق الثاني، وتحديداً أمام إحدى الشقق، ثم أخرج عبد الفتاح مفتاح من جيب بنطاله ومد يده للمرأة قائلاً:
_اتفضلي يا أم مصطفى، دي الشقة اللي هتقعدوا فيها وربنا يفتحها عليكم يارب.

أخذته منه المرأة بإبتسامة بشوشة وقامت بفتح الباب تحت أنظار أولادها.

انفرج الباب على عقبيه و ولجوا جميعًا وهم يحملون حقائبهم وأنظارهم تجوب تلك الشقة..
كانت ذات ألوان زيتية باهتة بها بعض التشققات، و بالمنتصف يقبع صالون بسيط وغرفتان مغلقتان بجانب بعضهما.

قاطع صوتهم الطفل “مصطفى ” متسائلًا في تذمر:
_دول اوضتين بس، أنا بقا هبات فين؟!.

تحدث عبدالفتاح بحرج:
_حاجة مش قد مقامكم ياست هانم بس اهي تقضي غرض، أنا هنزل اجيب لكم شوية حاجات للمطبخ عن إذنكم.

غمغمت المرأة “نوال” بتنهيدة:
_ كتر خيرك معانا و إذنك معاك يا عبد الفتاح.

ابتسم عبد الفتاح بحرج و غادر من أمامهم، فقالت نوال:
_أبرار و ملاذ في أوضة و انا و أنت يا مصطفى في التانية.

تحدثت أبرار بتأفف:
_أوف، أنا مش عارفه إزاي هنعيش في الحارة دي، و ازاي هنقعد في أوضة وحدة أنا وملاذ مش هبقا واخدة راحتي .

مرت المدعوة “ملاذ ” بهدوء وقالت وهي تتوجه لـ إحدى الغرف:
_هاتلي شنطتي يا مصطفى.

اردفت نوال على عجل:
_ساعد اختك ياحبيبي.

هز الصغير رأسه واتجه خلف شقيقته حاملاً الحقيبة..
و بدلت الأم، أنظارها لأبنتها الأخرى، قائلة:
_أحمدي ربنا ان لقينا سقف يأوينا يابنتي بعد الرمية السودة دي، يلا خدي شنطتك وادخلي شوفي اختك وخليكِ واقفة جمبها، أنتي عارفة اللي بتمر بيه مش قليل.

تبسمت أبرار برضا،وغمغمت :
_حاضر يا نونو..

و ارتفع صوت رنين جرس الباب، فتقدمت نوال منه وفتحته لتجد عبدالفتاح حاملاً عدة أكياس بين يديه قائلاً :
_اتفضلي يا ست هانم دول شوية حاجات بسيطة.

قالت نوال ببسمة زينت ثغرها :
_تسلم ايدك يا عبدالفتاح، بس قولي يا أم مصطفى بلاش هانم دي.

ابتسم عبدالفتاح قائلاً:
_معلش بقا اللسان لسة متعودش، أنا همشي لو احتجتم حاجة انا تحت أمركم.

اندفعت نوال قائلة:
_الأمر لله ياحج عبدالفتاح تسلم، تعبناك معانا.

غمغم عبدالفتاح بتريث:
_ولا تعب ولا حاجة، عن اذنكم.

غادر الرجل واغلقت نوال خلفه الباب، واستدارت لتجد مصطفى أمامها، والذي صاح قائلاً:
_انا ميت من الجوع يا ماما.

إيدته أبرار قائلة وهي تجلس على حافة الأريكة:
_أه ياست الكل الحقينا بأي حاجة لوجه الله.

حملت نوال الأكياس وقالت وهي تمر من امامهم متوجهة للمطبخ:
_غيروا هدومكم وانا هجهزلكم حاجة خفيفة. .

مضت ساعة من الوقت، كانت تضع نوال الأطباق على المائدة البسيطة المحاطة بأربع مقاعد،وهي تنادي بصوت عال:
_مصطفى، أبرار، ملاذ، تعالوا يلا الأكل جاهز.

خرج مصطفى أولاً وجلس دون ان ينبس ببنت شفة، وأتت أبرار سريعاً وعلى وجهها إبتسامة بسيطة زينت ثغرها، وسرعان ما اختفت وهي تنظر إلى الأطباق قائلة بشمئزاز:
_فول و طعمية و بتنجان، بتهزري ياماما ده غدا ولا فطار.

اجابت نوال بنفاذ صبر:
_في إيه يعني مش نعمة ربنا دي، إيه اللي قلب حالك ما انتي كنتي بتاكلي من غير ما تتكلمي
جرالك إيه دلوقتي.

خيم الحزن على نبرة أبرار قائلة:
_انا أسفة يا ماما، أنا لسة مش متعودة على العيشة دي.

احتدت نبرة نوال وهي تقول:
_الكلام للكل انسوا حياتنا الأولى، من النهاردة دي حياتنا هنمشي على قد اللي معانا واللي يتحط قدامكم تحمدوا ربنا عليه فاهمين.

قال مصطفى وهو يمضغ الطعام بفمه:
_انا باكل من سكات اهو يا ماما.

تحدثت أبرار بضيق قائلة:
_انا آسفه عشان اتكلمت عن الأكل، بس حياتنا الأولي وحقنا اللي اتسلب منا بعد موت بابا مش هنساه وهرجعه.

طالعتها نوال بضيق قائلة:
_بعدين نتكلم فالموضوع ده، بعدين..

وصمتت قليلاً قائلة بتعجب:
_هي ملاذ مجتش ليه!.

جائهم صوت ملاذ من خلفهم تقول بهدوء:
_انا جيت..

رمقت نوال ابنتها بشفقة وهي تنظر إلى ملامحها الباهتة التي خيم عليها الحزن، كانت ذات بشرة خمرية شاحبة و أعين بنية واسعة شفاه صغيرة مشققة من أثر حالتها النفسية، وشعرها الأسود المسترسل تلمه على هيئة كعكة، جلست الفتاة بهدوء، و جلس الكل من حولها، وتناولوا الطعام بصمت..

وبعد دقائق قاطعت ملاذ هذا الصمت، قائلة:
_الحمدلله أنا شبعت، هدخل الأوضة.

تحدثت نوال سريعاً:
_يابنتي في إيه، انتِ لحقتي تاكلي، حرام عليكي العيل اللي في بطنك.

تحولت ملامح ملاذ الى أخرى مقتضبة وهي تقول بحدة:
_مش عاوزة افتكر، مش عايزة حد يفكرني بيه، ده مجرد غلطة، لولا خوفي من ربنا كنت نزلته و ارتحت.

ترك الجميع كل ما بيده ينظرون إلى إنفعالها، و اقتربت منها والدتها وضمتها في عناق، وقالت وهي تربت على ظهرها بحنو:
_سامحيني يا نور عيني مش قصدي ازعلك بس ده الواقع ولازم تتقبليه ده ابنك يابنتي.

انهمرت الدموع على وجنتي ملاذ وقالت بصوت ممزوج ببكائها :
_انا ليه يحصل معايا ده كله، أنا إيه اللي عملته، هو أنا وحشة طيب؟!.

ربتت نوال على ظهرها بحنو، وقالت وهي تشهق باكية على فلذة كبدها:
_ ده اختبار من ربنا يابنتي، يجوز صعب شوية بس هيعدي…

قاطعتها ملاذ وهي تبتعد عنها هاتفة بحدة:
_مفيش حاجة بتعدي، روحي هي اللي بتطلع.

تحدثت أبرار والحزن بدا على ملامحها؛ بسبب ما تمر به شقيقتها:
_ما تعمليش كده في نفسك يا ملاذ أنا عمري ما شوفتك بالضعف ده.

أزاحت ملاذ دمعها وقالت وهي تمر من أمامهم:
_انا داخلة أقعد شوية لوحدي، ياريت محدش يجي ورايا.

و غادرت ملاذ من أمامهم، و زفرت نوال بعمق قائلة وهي تنظر للبقية:
_كملوا أكلكم، و اختكم هترتاح شوية وترجع أحسن من الأول.

غمغمت أبرار بضيق:
_أنا شبعت، الحمدلله..

تمتم مصطفى هو الآخر بخفوت:
_وانا كمان الحمدلله.

فقالت نوال بهدوء:
_طيب أنا هشيل الأكل وبعدها هخرج شوية اقفلوا الباب عليكم كويس، وانا مش هتأخر.

هتفت أبرار بفضول:
_رايحة فين؟..

أجابت والدتها وهي تحمل الأطباق وتدلف بهم للمطبخ:
_مشوار..
المهم خلي بالك من اخواتك و ابقي بصي على أختك.

هزت أبرار رأسها عدة مرات دليل على موافقتها.

و بعد قليل أبدلت نوال ثيابها وغادرت الشقة.

••••اللهم صلِّ على محمد ••••

كانت جالسة أبرار على الأريكة تتحدث بهاتفها وهي تقول بتذمر:
_بعد ما كنا عايشين في فيلا بقينا عايشين في حارة شعبية، أصوات الناس هنا رخمة أوي وشوارع ضيقة ولا العمارة اللي سكانين فيها قربت تقع على دماغنا.

آتاها الرد من الجهة الأخرى قائلة:
_معلش يابنتي فترة وهتعدي.

اجابت أبرار بحنق:
_هتعدي على وشنا يا وداد، شكلها مطولة.

ردت وداد قائلة:
_صحيح أنتي هتعملي إيه مع أبن عمك، حكايتكم هترسى على إيه.

زفرت أبرار بعمق، و قالت :
_حكايتنا ملهاش مرسى، واقفين فالنص، بعد اللي عمله عمي فينا وطرده لينا من البيت بعد وفاة بابا، أظن ان مفيش رجوع.

غمغمت وداد بهدوء:
_لكل شيء نهاية، وان شاء الله ربنا يصلح حالكم ياحبيبتي.

تمتمت أبرار بخفوت:
_إن شاءالله، هقفل دلوقتي و ابقا اكلمك بعدين و نتقابل .. نازلة استكشف الحارة دي.

ردت وداد بهدوء:
_تمام ياجميل، سلام.

أنهت أبرار المكالمة، و دلفت لغرفتها المشتركة مع شقيقتها، فتحت باب الغرفة دون استئذان لتجد الظلام يحاوطها من كل جانب، عقدت حاجبيها بتعجب وضغطت عدة مرات على هاتفها ليشع ذلك النور البسيط المتصل به، وتوجهت سريعاً إلى المقبس لتضغط عليه ويعود الضوء كما كان.

وقع نظرها على ملاذ النائمة على الفراش وتوليها ظهرها، فتقدمت منها ببطء تنظر لوجهها، لتجد تلك الدموع العالقة على وجنتيها..

ووضعت ملاذ يدها على وجهها تحجبه عنها؛ كي لا ترى دموعها.. وما أن اقتربت منها أبرار، قالت وهي تربت على كتفها:
_ليه مستسلمة كده يا ملاذ و مضلمة دنيتك و قعدة بتبكي أنا مش متعودة عليكي كده.

ردت ملاذ بصوت متحشرج من البكاء:
_لأن حياتي كلها هتبقا ضلمة.

احتارت أبرار فيما تقول وكيف تواسي شقيقتها فقالت مازحة:
_أنا هروح اشتري شيكولاتة لينا عشان مزاجنا يتغير شوية، هغير وانزل.

لم تعيرها ملاذ أي انتباه ولم تتفوه بحرف واحد، فحدجتها أبرار بضيق على حالها، وتوجهت لتبدل ثيابها.

بعد قليل خرجت من الحجرة وهي تعدل من حجابها… توجهت لغرفة شقيقها، دلفت للداخل لتراه جالس على الفراش يعبث بهاتفه..

وما ان رآها تطل عليه، قال:
_عاوزة حاجة يا أبرار.

ابتسمت أبرار بمحبة،واردفت :
_لا ياحبيبي، أنا بس كنت هقولك نازلة اجيب شيكولاتة لينا مش هتأخر، خد بالك من ملاذ.

استقام مصطفى واقفاً وهو يقول:
_خليكي أنتي طيب وانا هنزل أجيب.

ردت أبرار بحنق:
_لا أنا مش ناقصة، افرض تهت.. مش هسلم من لسان ماما، خليك وانا مش هتأخر يلا سلام.

استسلم مصطفى للأمر قائلاً:
_ماشي روحي بس متتأخريش.

صاحت أبرار قائلة وهي تغادر من أمامه:
_ماتقلقش سلام قبل ما ماما ما ترجع.

••لا حول ولاقوة الابالله العلي العظيم ••

خرجت أبرار من مدخل العمارة وتوقفت تنظر يمنى ويسرى لا تعلم إلى أين تتوجه بتلك المنطقة العجيبة بالنسبة لها، حتى مر طفل من أمامها بعمر شقيقها فـ أوقفته قائلة:
_حبيبي ممكن تقولي لو في هايبر ماركت قريب من هنا.

وقف أمامها الطفل مندهشاً وهو يقول:
_ايه الهايبر ده يا أبلة، أنتي جديدة هنا.

تأففت أبرار بضيق، وتمتمت:
_عاوزة اشتري بسكوت شيبسي كده يعني.

قال الطفل متفهماً:
_اه فهمتك، البقالة قدام امشي على طول على ايدك اليمين هتلاقي.

غمغمت أبرار بهدوء:
_تمام، شكراً.

سارت أبرار للأمام، وانفرجت أساريرها وهي ترى تلك البقالة البسيطة ثلاجة مشروبات من الأمام وكراتين التسالي مصفوفة بالمقابل لها ومن الداخل طاولة يقبع عليها بعض من علب البسكويت والكيك الجاهزة، ورأت إمرأة تبدو بعمر ولدتها تضع كرسياً وتجلس عليه فتبين لها إنها المالكة.

كادت ان تتقدم منها حتى جاء ولد صغير يحمل مسدساً لعبة معبأ بالمياه وقام بالضغط عليه حتى تناثر القليل منه واختلطت بثيابها..

فصاحت أبرار بضيق تحت أنظار المرأة:
_بس ياحبيبي..

لم تزد على قول ذلك، وتقدمت خطوة حتى ضغط الطفل عدة مرات على لعبته، فتناثرت المياه على وجهها.
فصاحت أبرار بضيق وتذمر وهي تحمي وجهها بيدها:
_أنت ياغبي، هضربك..

لم يكتفِ الطفل وظل يعبث بلعبته فتقدمت منه بغضب وهي تقبض على يده:
_ قولتلك هضربك، هات دي كده.

اخذت منه أبرار لعبته وألقتها جانباً.
فبكى الطفل بصوتاً عال.

تقدمت منها المرأة بملامح لا تنذر بالخير وقبضت على معصم أبرار ودارتها نحوها، قائلة:
_أنتي عبيطة يابت، بتعملي عقلك من عقل عيل، ده أبن بنتي يا حيلتها.

ردت أبرار بحنق وهي تسحب يدها من قبضتها بعنف:
_ايه ياست الأسلوب البيئة ده، وبعدين ما انتي شايفة الولد الغتت ده بيرخم عليا متكلمتيش ليه.

شهقت المرأة،وقالت محتدة:
_حتة عيلة زيك تقولي أسلوبك بيئة..

وتابعت وهي تدفعها للوراء:
_ده أنا افعصك يابت، اسألي الحارة كلها عن ستك صباح.

قالت أبرار بحدة:
_اسمعي ياطنط ابن بنتك الغتت هو اللي..

قاطعتها صباح وهي تهتف عالياً:
_اسمعي يا حارة صباح بقا يتقالها يا طنط..

وبدلت نظرهالـ أبرار قائلة :
_طنط اما تنططك ياحبيبتي..

تعجبت أبرار من تجمع النسوة حولهم،وتلك النوافذ التي فُتحت وخرحت رؤوس النساء منها.

فتأففت بضيق قائلة:
اسمعي ياست انتي، أنا مش عاوزة اقل أدبي عليكي خلينا نخلص بقا.

قبضت صباح على كتفيها تهزها بعنف، قائلة بحدة:
_تقلي أدبك على مين يابت، ياشبر ونص انتي.

و صدح صوت شاب من خلفهم، قائلاً:
_انا هروح انده الأسطى عز..
وركض سريعاً..

قالت صباح باقتضاب:
_ أنا بقا اللي هعلمك الأدب.

فتلك اللحظة جائت نوال، ورأت ابنتها بيد تلك المرأة والنسوة متجمهرة حولهم، فمرت من بينهم وقالت بذعر عليها وهي تبعد يد صباح المتشحة بعباءة سوداء وحجاب من نفس اللون وملامح مقتضبة، قائلة :
_في إيه بس يابنتي.

طالعت صباح مظهر نوال كان زيها عبارة عن تنورة تناسب عمرها من اللون الأسود و شميز وحجاب من نفس اللون بشرة خمرية بها بعض التجاعيد و وجهًا مستدير، أنهت صباح تفحصها قائلة بصوتً أجش:
_شكلك ست طيبة و مالكيش في اللبش، بس بنتك غلطت فيا ولازم تتحاسب، عشان محدش يقول حتة عيلة علمت عليا.

قالت نوال بتريث:
_حقك عليا أنا ياست الكل، واديكي قولتي اهو عيلة، واحنا أول يوم لينا هنا فالحارة منعرفش حاجة وبعتذرلك بالنيابة عن بنتي.

هتفت أبرار بضيق:
_ يا أمي انا مغلطش…

وكزتها والدتها وحدجتها بتمعن، فصمتت الأخرى.. و تابعت صباح:
_هسيبها المرة دي عشان خاطرك وجداد فالمنطقة بس غلطة كمان هفرج عليها أهل الحارة كلهم.

سحبت نوال يد ابنتها بعنف قائلة:
_لا ربنا ما يجيب زعل هنبقا حبايب ان شاءالله.

تمتمت صباح بهدوء:
_ماشي ياست اتكلي.

وغادرت أبرار مع والدتها تحت أنظار النسوة، التي تفرقت، ما ان غادروا.
••••••••••••••••

جاء الشاب ركضاً مع المدعو عز، الذي اقترب من والدته قائلاً وهو يحاول تنظيم أنفاسه:
_في إيه يما الواد دبور قال إنك بتتخانقي مع بنت شكلها غريب ومش من المنطقة.

ردت صباح بامتعاض:
_بنت كده شكلها مدلعة أبن اختك بيلعب معاها، مسكت منه اللعبة و رَمتها اسكتلها، كنت هديها فوق دماغها، بس جات أمها شكلها ست غلبانة ولابسة أسود فسود أظهر جوزها متوفي، قلت كبري دماغك يابت يا صباح و عديها.

مال عز بهدوء ولثم جبين والدته قائلاً:
_تسلم دماغك الكبيرة دي، بس بلاش العصبية دي يما، ده انا بقطع الخلف من الخضة وانتِ كل يوم خناقة.

ردت صباح قائلة:
_ربنا ما يقطعلك خلف يا واد، وبعدين الزمن ده لازم تدي الخلق على دماغه مش عاوزك غلبان يا ولا.

تمتم عز بخفوت:
_حاضر يما، الخلق كلها هتاخد على دماغها، هرجع الورشة انا بقا.

قالت صباح بصدق :
_روح يا ابن بطني و اطمن قلبي دعيلك.

•••••••••••••••••••

دلفت أبرار ومن خلفها نوال..و صاحت قائلة:
_يابنتي ليه كده من أول يوم بتعملي مشاكل، عايزة الناس تطردنا من الحارة طاب نروح فين نبات على الرصيف.

ردت أبرار بوجه مقتضب:
_يا ماما بقا أنا عملت إيه يعني الولد هو اللي غتت ورخم، وجدته أرخم منه.

هتفت نوال بحدة:
_لولا ما وصلت الشقة واخوكِ قالي إنك
خرجتي، كان زمانك واخدة علقة موت.

خرج مصطفى من الغرفة وهو يصيح قائلاً:
_ماما ملاذ مش في أوضتها.

صاحت نوال بذعر دب ثنايا قلبها:
_يعني إيه، اختك راحت فين؟!

قال مصطفى بقلق:
_مش عارف خرجت امتى بس بعد ما أنتِ روحتي تشوفي أبرار، دخلت أنا اوضتها كانت فاضية، ولبست اهو وقلت هنزل أشوفها.

لطمت نوال على وجنتيها وهي تصيح بقلق:
_نهارك أبيض يا نوال مش عارفة الاقيها من مين ولا مين..

وصمتت بضع ثواني ثم قالت بخوف:
_ياتكون البنت راحت تسقط نفسها ؟!

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية باسم الحب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى