روايات

رواية الملك النمر الفصل الثالث عشر 13 بقلم بيتر نيدفيد

رواية الملك النمر الفصل الثالث عشر 13 بقلم بيتر نيدفيد

رواية الملك النمر الجزء الثالث عشر

رواية الملك النمر البارت الثالث عشر

رواية الملك النمر
رواية الملك النمر

رواية الملك النمر الحلقة الثالثة عشر

فى غرفة مخصصة للملكة في دار الفقراء
قعدت صوفيا قدام لامك وقالت :
– أبتدت طفولتي بموت أمي وكنت انا اول مولودة ليها ، القدر شاء ان وقت خروجي للدنيا هو وقت خروجها من الحياة ، وده اضطر والدي انه يسلمني لبيت المرضعات وهو مكان بيتربى فيه الايتام بمقابل 15 قطع فضية كل 10 ايام ، كانت مهنته جندي محارب في جيش الملك فرودي والد الملك حام ، من سوء حظي ان ماكنش في غيري انا و 5 اطفال من الذكور ، وبتوصيات من والدي انعزلت عن باقي الاطفال لاني البنت الوحيدة بينهم ، كنت كل مابكبر بتزيد الممنوعات والمحظورات ، وكأن ده عقاب لأني اتولدت بنت ، بمعنى اصح اتحرمت من طفولتي وعيشت وحيدة كنت مابشوفش غير بابا مرة او اتنين في الشهر وفي اشهر مرت ماكنتش بشوفه فيها لو كان في حملة عسكرية ،
لما وصلت عمر 10 سنين اخدني والدي من بيت المرضعات ورجعني بيتنا ، بدأت اشعر بسعادة واني بقيت حرة واتولدت من جديد ، لكن سرعان ما انتهت السعادة بمرض بابا اللي رقد على فراشه وماكنش بيتحرك ، صابتني حالة من الجنون وخرجت من البيت اطلب من البيوت اللي حوالينا اي مساعدة لانقاذه كانت الابواب بتتقفل في وشى ، لحد ما مات ، حتى ماعرفش كان ايه مرضه او مات ليه ، فى الوقت ده راجل كبير في السن هو اللي ساعدني اننا ندفنه في مكان بعيد،
والحياة انطفت من تاني بسرعة وبقيت لوحدي ، عمري كان 11 سنة وقتها ، كان اللي املكه 55 قطعة فضية اللي كانوا مع بابا
كنت بفكر ديما هعمل ايه لما يخلصوا ؟ ، ماليش حد قريب او صديق وماعنديش مصدر للدخل مع الايام قررت اروح بيت المرضعات اطلب اشتغل معاهم ، لكن فهمت ان المرضعة مش مناسبة لسني وان لازم اكون كبيرة ومتجوزة وعندي طفل عشان اقدر ارضع ، وهما نفسهم بيتغيروا باستمرار وان انا كنت الحالة الاستثنائية اللي قعدت عندهم 10 سنين لان اقصى مدة 3 سنين ..
ونصحتني واحدة من المرضعات بالخدمة في بيت مقابل اجر واكل ،
ووفرتلي عمل فى بيت سيدة مع زوجها وأبنها ، وشوفت في البيت ده ايام حزينة ومؤلمة ومهينة وعند عمر 16 سنة ، كنت ملفتة النظر لابنها وجوزها ..
السيدة جت طلبت مني بشكل صريح اني اكون على فراش ابنها وقت مايحب ، وطبعاً رفضت فسلطت ابنها عليا ، واديته التصريح انه يغتصبني ، وده اضطرني اني اقتله وهربت ..
بقيت بجري ومش عارفه اروح فين ، لو روحت بيتي هيعرفوا مكاني ، ونفس العقدة ان ماليش حد ولا صديق ولا قريب ..
وعشت حياة المنبوذين على اطراف المدينة بتنقل من مكان لمكان ، بلم احتياجاتي بمد الايد ، بشحت اللقمة وبشحت العطف وشكلي مبقاش ملفت لاني كنت متسخة ومبهدلة بشكل صعب ،..
لحد ما في يوم وصلت قدام معبد فى مكان منعزل وحواليه مساحات واسعة فاضية ، ووقفت على بعد خطوات منه ولاحظت انوار البرق فى السما ومن بعدها اصوات رعد وقطرات من المطر رفعت راسي للسما وبقيت اتأمل في شكلها واضوائها واصواتها ، وسمعت صوت بيقول ” مطر مطر ، الانسانة دي مقدسة ورسول من عند الالهة لينا ”
وجهت نظري باتجاه مصدر الصوت ولاقيت كاهن ومعاه اشخاص تانيه خارجين من المعبد ، وكان بيقصدني انا بالكلام ، لكن مافهمتش حاجة ، وجه بسرعة ناحيتي هو واللي معاه وحطوا توب على شعري بجسمي وانحنوا قدامي ، وقالوا لبعض
” بعد انقطاع المطر عننا ٣ سنين بسبب غضب الالهة ، نزل المطر النهاردة على ايد هذة الفتاة المقدسة اللي كانت واقفه بتكلم الالهة قدام المعبد”
ودخلوني المعبد بمعاملة فائقة في الاحترام كأني ملكة متوجة ، وامر كاهن الأكبر للمعبد ان يكون المعبد بيتي وممنوع حد يقيم في المكان غيري ، اتقدمي خيرات من الاكل واجود انواع الثياب ، وبالفعل ماكنتش فاهمة ايه اللي حصل وليه بيعاملوني كده ..!
ذاع صيتي في المدينة عن الفتاة المقدسة اللي كانت وسيط بين الشعب والالهة ورفعت عنهم الغضب ونزل المطر علامة الخير والرضا عليهم بسببها ..
التبرعات زادت في المعبد لأجلي من خيرات الشعب ، وكانت دي فرصة بالنسبالي اني اوزع الخيرات دي على المحتاجين اللي بقوا في زيادة مع الوقت على المكان ..
وسمع عني وقتها الأمير حام قبل مايبقى ملك ، والفضول دفعه بأنه يزور المعبد بشكل خفي دون الافصاح عن هويته مع مجموعة من رجالة ..
كنت في الوقت ده بقيت ملفتة النظر بشكل ساحر فى الشكل والمظهر الفخم ، وعجبت حام وبقى يتردد على المكان لكن كنت برفض اتكلم معاه بشكل منفرد وكنت بصده ، لحد ماجه في يوم وقفني وصمم يكلمني وابتدا كلامه وقالي :-
– برأيك ايتها المقدسة ، هل الالهة راضية عن الملك واسرته في ادارة شؤون المملكة ؟
= الملوك اخر همها الشعب وده لا يمكن هيرضى الالهة
– وامتى الالهة ترضى عن الملك ؟
= شايف الاماكن الواسعة حوالين المعبد
– ايوه مالها
– ممكن الملك يستغل المساحات دي ويبني بيوت للفقراء والمشردين ويوفرلهم احتياجاتهم وطلباتهم من الاكل والشرب والملبس وده مش هياثر على ثروات المملكة وهيزيد من حب الشعب للملك وهينول رضا الالهة عنه ولا يمكن هتنقطع الامطار عن مملكته
ابتسم حام وهز راسه علامة الأقتناع بكلامي واستأذن مني بالانصراف ، وسبني ومشي وانا ماهتمتش ولكن دخلت جوايا شكوك انه يكون من اتباع الملك وكان بيستدرجني عشان يمسكوا عليا جرم ..
لكن بعد ايام لاحظت بحركة غريبة بره المعبد واصوات كتير مش مفهومه ولما خرجت اكتشفت انهم مجموعة كبيرة من العمال والحرفيين بيجهزوا لبناء بيوت زي ماقولت لحام وفى وقت وجيز اتبنت بيوت للمشردين واتبنى بيت كبير مليان بالخيرات مهمته توزيع الطعام والملبس والمياة على المحتاجين ، وكنت سعيدة بشكل لايوصف ان كلامي وصل للملك واتنفذ وحسيت اني وصلت لدرجة عالية من الاهمية أجبرت الملك يسمعني ويلبي طلباتي ..
وبعد فترة مات الملك وعرفت ان أبنه الأمير حام هو الملك الجديد ، وبعد تولية العرش مباشرة جه لعندي بشكل عادي من عامة الشعب كالعادة ، وطلب من الكاهن مقابلتي ، وخرجت لعنده ولما شوفته قولتله :-
– انا تأكدت انك من رجال الملك ، الكلام اللي قولته وصل للملك وانت الوحيد اللي قولت قدامه الكلام ده
= غلطانة ياصوفيا
– انا متأكدة واقسملك انك من رجال الملك والقصر
= تتجوزيني ؟
اتصدمت من طلبه الغريب وارتبكت واستدارت فوراً وكنت همشي من قدامه ، لكنه مسك ايدي ووقفني وقالي من فضلك اسمعيني الاول قبل ماتمشي ، فضلت واقفه مكاني لكن من غير ما التفت ليه ، وانتظرت انه يكمل كلامه وجوايا شعور قوي بالخجل والأرتباك فكمل كلامه وقالي :-
= أختيار زوجة أمر صعب ومرهق جداً مش اي واحدة تنفع تكون زوجة وتتحمل مسؤوليات كتير جايه ، لكن اخيراً القدر حطك في طريقي ومن وقتها وانا قررت تكوني زوجتي ..
– انت قررت ؟ انت شايفني عبدة هطيع قرراتك واختياراتك انا كمان لازم اختارك اولاً..
= طبعاً حقك ، ايه يمنعك انك تختاريني ؟
– انا مش عايزه اتجوز انا هعيش لخدمة المعبد ، ثانياً ببساطة انا ماعرفكش ..
= انا كنت من رجال القصر فعلاً لكن بموت الملك ، الظروف اتغيرت وفكرت اتاجر لان التجارة مكاسبها كبيرة وعندي بيت جميل يساعنا وماليش حد قريب او صديق وانا اتمنى تكوني القريب والصديق والزوجة والابنة
كلامه لمس فيا مشاعر حركتني ناحيته ، بدون وعي التفت ليه وانا ببصله كأني بشوفه لاول مره ، وماعرفش ازاي قولتله اني موافقه بدون تردد ..
ولاحظت السعادة والفرحة على وشه ، وكان هيحضني لكن صديته بايدي وهزيت راسي بان ده ممنوع حالياً ابتسم و قالي اني أجهز نفسي و فى اليوم التالي وهيبعتلي عربة مزينة بافضل الخيول تاخدني من المعبد لعنده فقولتله :-
– هتتجوزني من غير مباركة الكاهن الأكبر وموافقته ؟ ازاي اخرج من هنا بسهوله كده لازم تكلمه اولاً
= بكره الكاهن بنفسه هيترجاكي تخرجي لعندي
ومسك ايدي وقبلها بلطف وسابني ومشي وكنت طايرة من السعادة ، احساس مختلف اني هكون زوجة وعندي بيت وحياة جديدة وهكون ام فيما بعد مشاعر كتير اتلخبطت جوايا ، وماقدرتش انام اليوم ده من الفرح وبقيت خايفه يكون كداب ويجي بكره ومايحصلش حاجه ، وكان الوقت بيمر ببطئ مميت في انتظار العربة اللي هتاخدني من المعبد ، وفي الصباح بسمع بره اصوات عربات وخيوال وحركة مريبة ، كأن في جيش اقتحم المكان ولاقيت الكاهن بيخبط على غرفتي ..
وبيطلب مني اجهز بسرعة وأخرج
وانا بالفعل كنت جاهزة ومستعدة ففتحت الباب ، ولقيت الكاهن قدامي ملامحه سعيدة حد الجنون ، فسألته :-
– في ايه وليه كل العربات اللي بره دي ؟
= دي عربات ملكية وبرفقتها حرس ملكي من القصر
– ليه ؟ الملك هيزور المعبد ؟
= لاء ده عشان ياخدونا احنا لضيافة الملك
– انا مش هينفع اتحرك انا منتظره حاجة تانيه وقربت توصل
= ماينفعش ياصوفيا نرفض طلب الملك طلبك بالاسم وطلبني معاكي ودي جريمة اذا رفضنا الاوامر
نزلت معاه بعد محاولات اقناع وترهيب فيا بان لازم نروح القصر ونطيع الملك ، وكنت براقب المكان من حواليا ومنتظره اسمع صوت عربة عريسي المجهول ….
ساعتها لمعت في دماغي حكاية العربة هي عربة مين ؟ انا ماعرفتش حتي اسمه ؟ هو انا ازاي وافقت على جواز من غير ماعرف اسمه ..
انتبهت لانحناء الحرس ليا وده أربكني اكتر ، حرس الملك بينحنوا ليا !
وركبت عربة مخصصه ليا لوحدي من ضمن العربات واخدوا الكاهن لعربة تانيه ، لحد ماوصلنا القصر ومن اول مانزلت من العربة كان الكل بينحني قدامي باحترام بالغ وقرب مني الكاهن وقالي واضح ان مكانتك بقت مهمة لكل المملكة بما فيهم القصر الملكي ، بصيت للكاهن بدون رد لاني ماكنتش عارفه معنى اللي بيحصل ، لحد مادخلت بهو القصر ولاحظت ان في مراسم واحتفال كبير ناس من عامة الشعب وجنود وقادة وكهنة واشكال والوان من جميع الاطياف، وطلبوا مني اصعد على سلالم مفروشة بالورد الأحمر ومزينة بشكل جميل ، نهايتها عرشين جنب بعض وكان الشخص اللي بيتردد عليا وطلبني للجواز واقف عند عرش منهم في استقبالي لما شوفته وقفت على السلم ..
وكأني فقدت القدرة على الحركة ومركزه بعيني عليه اللي كانت مليانه باسئلة كتير لكن بدون كلمات ..
ووقتها نزل هو لعندي ومسك ايدي وصعد بيا لمكان العرش وقال اقدملكم زوجتي وملكتكم الملكة صوفيا ، وانحنوا الحضور وهتفوا وقرب من ودني وهمس وقالي ، انا الملك حام ياصوفيا ، كلامه كأن اشبه بالصاعقه اللي نزلت عليا ، ولقيت نفسي سقطت على العرش اللي ورايا وقعدت من غير حركة ولاكلام وهو ضحك وقعد ع العرش جانبي واشار للكهنة يتمموا مراسم الزواج الملكي ..
ماكنتش سامعه حاجة والرؤية في عيني مش واضحة كأني دخلت جوه حلم جميل مش قادره احدد فيه المعالم والاشكال كمل حام كلامه وقالي :-
– عرفتي ليه الملك سمع كلامك ونفذ طلباتك ، لان انا اللي امرت بكده ، صوفيا بصيلي واسمعيني
لفيت وشي ناحيته ببطئ وقولتله :
= أمرك يامولاي
– انتي اللي بقيتي مولاتي وزوجتي ومملكتي ، اطلبي مني ما تشائين وهيتنفذ فوراً
= انا بقيت ملكة ؟
– طبعا وكل دول عبيدك ومن رعيتك
= انت الملك
– بقيت ملك قريب لما كنت بقابلك كنت لسه امير ، انا عارف انك مصدومة ومش مستوعبة اللي حصل بس ماكتش ينفع افصح عن هويتي وقتها ، انا ماعرفش انتي بنت مين ولا اصلك منين لكن شوفت فيكي صفات اقوى واجمل الملكات ، ومش هنسى انك وافقتي بيا من غير ماتعرفي هويتي الحقيقية ..
= سامحني انا مش قادرة اتكلم ومتلخبطة
– ولا يهمك ماتتكلميش خدي وقتك لحد ماتستوعبي كل حاجه بهدوء ، المهم عايز اعرف حاجة واحدة هل انتي سعيدة ياصوفيا ؟
ابتسمت وهزيت راسي باني سعيدة جداً وفي الحقيقة كلمة سعيدة كانت قليلة جدا على حالة الفرحة الكبيرة المذهلة اللي كنت عيشاها وحساها ، فرحة قوية ماعرفتهاش قبل كده ولا جربتها اعادت في عقلي صور من حياتي القديمة لحد المكانة اللي بقيت فيها حالياً من يتيمة ووحيدة لخادمة في البيوت لمطاردة وشريدة وشحاتة لفتاة مقدسة في معبد لملكة في يوم عرسها …
طبعاً في ايامي الاولى ماكنتش عارفه قواعد ولا اصول القصر ، كان طريقة اكلي عشوائية وحتى كلامي وتحركاتي وتصرفاتي لكن حام علمني كل حاجه بنفسه , حتى علمني الفروسية والمبارزة بالسيوف والرماح والقوس ومهارات القتال عموماً وكان بيقولي اكيد مش بعلمك عشان هتحاربي معايا في يوم ولكن عشان هتضطري تدافعي عن نفسك وعن احبابك من بعدي “كوني قوية كالنمرة ”
بعد ماولدت هرماس ، نظرة الناس ليا اختلفت من الفتاة العذراء المقدسة رسولة الالهة لملكة وام وواحدة زي بقيت الناس مش انسانة خارقة للطبيعة ، وقابلت كراهية وحقد من الاخوة البنات للملك حام وكنت بالنسبالهم واحدة مش معروف أصلها ولا تنتمي ليهم ، اتعرضت لمحاولات قتل واتهموني بجرايم ماليش ذنب فيها وحاولوا مراراً وتكراراً يعملوا وقيعة بيني وبين الملك ، لكن كان رباطنا أقوى من احقادهم ومكائدهم وقدرت اتخلص من اعدائي في القصر مع الوقت وكنت بزداد في المكانة والقوة ..
والملك كان بيستشرني في كل خطواته ، وكنت مهتمه بالمقام الأول اننا مانظلمش الشعب ونرفع عنهم ديماً معاناة الفقر والاحتياج وفتحنا اماكن خيرية كتير ، وكمان ركزنا سوا على سياستنا الخارجية واكتساب الحلفاء من ممالك تانيه وانهاء سنوات من الحروب والدم، وكانت سنوات من الرخاء والاستقرار ، وكانت الناس بتهتف بأسم الملك وأسمي في كل مكان ..
لحد ماظهر الحارق وتولي قيادة الجيش وبقى يتدخل في شؤون الدولة الخارجية والداخلية ، وقدر يعمل علاقات خفية مع كبار المملكة ، وأكتشفت تحركاته الغريبة ، لكن وقتها الملك كان مريض فأمرت بالقبض عليه وحاكمته بنفسي واتفاجئ اني عارفه كل حاجه كان بيظن انها مخفيه ، قدمتله ادلة ادانته لحد ماعجز عن الرد والدفاع عن نفسه..
وأمرت بحبسه انفرادي فى السجن الأسود اكبر سجن في المملكة وأشدهم حراسة ، وده لحين مايستعيد الملك قوته ويتعافا ويأمر هو بأعدامه ، لكن بعد يومين بس ، كان الحارق في القصر بقواته ولقبهم بالحرس الأسود تذكيراً باسم السجن اللي حطيته فيه وقدروا يقتلوا كل حرس القصر ومن بعدها دخل جناح الملك اللي كنت نايمة فيه اليوم ده انا وابني بالقرب من حام ، وفى لمح البصر اتغيرت الحياة كلها زوجي اتقتل وبقيت محبوسة في قفص حيوانات انا و أبني ..
ومن بعدها شوفت ايام صعبة ومن بعدها سنوات متعبة انت حضرتها معايا لحد ماوصلت أني اكون الملكة صوفيا من تاني وأبني بقى الملك هرماس
..
لمعت عين لامك بالدموع وبنبرة حزينة قال :
= ان تناسوا الناس مين جلالتك ! فانا مؤمن بانك المرأة المقدسة القوية والعنيدة والرحيمة فخر الملوك والشعوب ، وأعظم المحاربين حاربتي من طفولتك لحد يومنا هذا ، انا كنت شاهد على تحملك للسجن وحبس ابنك في قفص بعيد عنك ، عن تماسكك لما عرفتي ان محكوم عليكي بالاعدام ، هربتي من قبضة الحارق ورجالة وهربتي مني انا شخصيا ومن رجالي ، وعشتي في غابة وقاومتي الوحوش واصطدتي لبؤة لوحدك ، وأتقبض عليكي في جزيرة مليانة بالهمج والرعاع ، أهانوكي وعذبوكي وقدرتي تروضيهم وبنيتي على اراضيهم مملكة وبقيتي مقدسه في عيون الجميع والملكة العظيمة..
لو كنت سمعت عنك يامولاتي من غير ماشوفك وأعرفك ، كنت هتمنى يجمعني بيكي القدر واكون عبد من عبيدك
نزل لامك على ركبتيه وركع وقبل اقدام صوفيا وايديها ، ابتسمت وقومته ومسكت ايده وطبطبت عليها برفق وقالتله :-
– انا بفضلك قدرت اكون ملكة من تاني يالامك
لولاك ماكتتش نفدت من الأعدام والموت وكان مصير ابني هيبقى مجهول ومعتم ، انا مديونة ليك بروحين ، روح إبني وروحي ..
ومرت سنين وانت معايا ، كنت مخلص ومتواضع ومش طماع وكنت بشوف نظرات الخوف والحزن عليا في اي مشكلة تقابلني ، وشوفت فيك نظرات الغضب والأنتقام ، ضد اي شخص يزعلني ، دربت الجيوش وعلمتهم فنون الحرب، وتفانيت في تعليم ابني فنون القتال ، وحققت معايا الصعب والمستحيل بفضل ايمانك بيا ومحبتك وأخلاصك ، لايمكن يالامك هثق في مخلوق غيرك ولا هنسى كل اللي عملته عشانا ، ولا كفاحك الطويل ، ولازم هيجي الوقت اللي اعوضك فيه عن كل اتعابك معايا ..
= كل اللي قدمتيه ليه ولسه بتقولي تعويض ، جلالتك خلتيني اعلى منصب بعد الملك ، واستأمنتيني على اسرار المملكة وعلى أبنك وحتى اسرارك الخاصة ، وأكرمتيني كرم بالغ وانعمتي عليا بكل الخير ، انا اللي لا يمكن هنسى افضالك يامولاتي ..
***********
“الملك هرماس”
على تبة عالية في منطقة متطرفة عن ضجيج المملكة خالية وخاوية جلس هرماس بجوار النمر ليبو ، يتأمل الطبيعة والهدوء منفرداً وقطع سرحانه صوت بيقول ” كنت متوقعة أن جلالتك هنا ”
التفت هرماس باتجاه مصدر الصوت , وكان الصوت لفتاة شديدة الجمال بشعر بني طويل وعيون واسعة كعيون الريم ، ولون عينيها عسلي فاتح ساحر فى ضوء النهار ولها قوام ممشوق وفاتنة الطلة ..
ابتسم هرماس بسعادة وقال:
– لوسيا جميلة الجميلات ، ازاي قدرتي تمشي كل المسافة دي لحد عندي هنا ؟
أقتربت منه لوسيا بدلال وقالت :
= اعمل ايه اذا كان مولاي الملك بيعشق الوحدة والتأمل والبعد عن زحمة الناس ، لكن فعلاً هنا افضل واجمل
– لسه مش متعود على كلمة الملك دي غالباً محتاج وقت عشان اقتنع أني بقيت ملك
= انت أعظم ملك في عيوني ، من وقت طويل وانا بشوفك ملك عظيم وأهم ملوك الأرض
– القدر شاء انى أمر بفترات صعبة طويلة قبل ماكون ملك والا كان زماني ملك من سنين ..
= لكل شئ وقت ودلوقت وقتك ، و هتنتصر في حروبك الجاية على الاعداء والغزاة اللي قاصدين خراب المملكة
– أنتي عرفتي بأمر الحرب
= الاخبار بتنتقل بين الناس بأن في حرب قادمة ، ولكنهم واثقين فيك وفي الملكة صوفيا وفي جيشنا القوي بقيادة لامك..
– انا بس اللي هحارب يا لوسيا مش هيكون في سفك دماء لابناء الشعب..
= يعني أية؟
– قررت أني هتحدى الملك الحارق في قتال بيني وبينه ، قصاد شروط متبادلة تتنفذ للمنتصر
= ليه يامولاي ؟ جلالتك هتضحي بنفسك ؟
– هاهاها ، اللي مطمني ان واضح من كل اللي حواليا ، انهم شايفين اني خسرت وانهزمت مقدماً
= مش قصدي انا واثقة في قوتك وقدراتك لكن ده مايمنعش الخوف عليك وعلى مستقبلك..
– مستقبلي أني اضمن سلامة المملكة وأحافظ على دم أبناء شعبي ،
= شعبك مش عايز حاجة غير سلامة جلالتك
مد هرماس ايده ومسك ايد لوسيا وابتسم وقال :
– متأكدة ان دي رغبة الشعب كله ولا رغبتك انتي ؟
ردت لوسيا بخجل :
= دي رغبتي انا وده المهم عندي ، انا صحبح بنت صياد بسيط لكن اظن ان رغبتي مهمة عند جلالتك ، لانك عادل ومش بتفرق بين طبقات الناس
– بنت صياد ولكن هتكوني زوجة الملك
لمعت عين لوسيا بدموع الفرح وابتسمت بسعادة وكمل هرماس كلامه :-
= انا مستني الوقت المناسب اللي هطلبك فيه كزوجة ليا وملكة متوجة جنب مني ، لكن مش دلوقت
شردت لوسيا والإبتسامة على وشها ..
– …..
= سرحتى في ايه يا لوسيا !
– لايمكن مولاتى هتوافق على جوازنا
= هتوافق وهتبارك من غير تردد انا واثق
– الملوك مش بتتجوز من عموم الشعب
= القدر اراد انى أتجرد من الملك لسنوات ، عشان نفهم ان مافيش أهم ولا أقوى من الشعب
– ممكن تحكيلي عن حياتك يامولاي ؟!
سكت هرماس وشرد للحظات قبل ماتقطعه لوسيا
= مولاي ؟!
– سمعك يا لوسيا ، حكايتى أبتدت بموت والدي الملك حام ملك نيبرو كنت طفل فى عمر ٨ سنوات تقريباً دخلت علينا مجموعة من الجنود الخونة ، وقطعوا رقبته بالسيف ..
إتقتل على أيد الحارق اللى هتقاتل معاه فى معركة بينى وبينه قريب ، وتولى العرش مكاني ، ورماني أنا وامى فى السجن ، وهو كان مكان لتربية النمور فيه مجموعة اقفاص اتحطيت انا فى قفص وأمى فى قفص قدامي ، كنت بحاول بكل قوتى ماكنش متعب لأمى برغم صغر سني وخوفي الشديد ، كنت مطيع جداً واوهمتها اني بقتنع بكلامها وهي بتحاول تصبرني ، كنت ببكى اغلب الوقت بصمت وانا شايفها قدامى منهكة وبتتألم وخايفة ، كنت بصطنع أنى نمت عشان هى تطمن وتنام ، العجز كان اكتر شعور قاتل وقتها اني مجرد طفل محبوس مش في ايدي حاجة ، امي قدامي بتتعذب وبتحاول تخفف عني ومافيش جنبها اللي يخفف عنها ، كنت بسرح في النمر اللي كان في قفص جنبي ، واتمنيت قوته ، واني اكون زي الوحش ده لكن قولت بصوت مسموع ، هتفرق أيه قوته وهو محبوس زيي ، هو كمان مش قادر ينقذ نفسه ، واتفاجئت بالنمر بيبصلي وبيقرب مني ونطق وقال ..
” انا مش مجرد نمر ياهرماس انا روح غاضبة وكنت أنسان زيي زيك ”
اتنفضت من خضتي لما سمعته بيكلمني
وكمل كلامه وقال ..
هحكيلك حكايتي لكن قرب مني أكتر
أترددت بخوف ورهبة، لكن الفضول دفعني اني اقرب من قضبان القفص اللي بيفصلني عنه ، التفت بوشه ناحية أمي للحظات ورجع قال ..
” اسمعني يا هرماس..”

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الملك النمر)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى