روايات

رواية الغزال الباكي الفصل السابع 7 بقلم إيمان كمال

رواية الغزال الباكي الفصل السابع 7 بقلم إيمان كمال

رواية الغزال الباكي الجزء السابع

رواية الغزال الباكي البارت السابع

رواية الغزال الباكي
رواية الغزال الباكي

رواية الغزال الباكي الحلقة السابعة

أجابته بمكر:

– بصراحه معرفش، لكن مره والدتها قالت قدام اخوها عليه انه غمه واتزاحت، يبقى اعتقد انه طلقها، بس انت بتسأل ليه يا نمس؟

– هاه؟ بسأل على اية؟

– أمان مش عليا أنا؟ ده أنا اختگ وعجناگ وخبزاگ يادكتره، قول قول ومتخبيش عليا؟

 

 

 

 

 

– بقولگ اية انتي شكلگ فايق ورايق، وأنا بصراحه عندي حالة لازم تدخل، سلام يا لولو.

– بتهرب مش كده؟ اوگ براحتگ، بس للأمانه هقولگ لو اللي بالي حصل، احب ابلغگ أن مهمتگ هتكون صعبه جدا جدا معاها.

– تفتكري؟

– اكيد، و لا انت مش واخد بالگ أنها لسه في مرحلة علاج نفسي مكثف ولا اية؟

طمست بهجته وتحولت للعبوس بمجرد فكرة أنه سيقابل صعوبه معها، لكن قلبه لم ييأس وسيظل يحارب حتى يصل لمبتغاه.

مرت دقائق وجلبت له فنجان قهوته، ظل شارد بغير عادته، حتى انتهى من ارتشافها وطرقت الحالة بابه وباشر عمله بقلب انقلب حالته وزادت دقاته، وذهن شارد يفكر في غزالتة الشارده.

 

 

 

 

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

اتتهت “غزال” من عمل التحاليل اللازمه ويدها لم تفارق كف سندها الذي يعطيها القوة والعزيمة، واثناء سيرهما في السيارة قال لها:

– انا مستبشر خير في الدكتور اللي روحناله ده، شكله مريح كده و وشه بشوش، وكمان التحاليل اللي طلبها يمكن يكون السبب في عدم خسسانگ.

ابتسم وجهها وقالت بذهن مشوش وبال مشغول:

 

 

 

 

 

– فعلا ملامحه مريحه جدا، وهادي بس أنا أول مره اعمل كل التحاليل دي يا سند، وخايفة يكون عندي حاجة وحشة تظهر؟

– يا حبيبتي كفالله الشر، اتفاءلي خير، هو بس زي ما قالگ عايز يعرف سبب السمنه اية عشان يعالجه، متحطيش في بالگ انتي، وبإذن الله يكون خير.

– يارب يسمع منگ ربنا.

– يا ساتر عليكِ دايما كده قلوقه وهتقليني معاكِ ليه؟ اعوذُ بالله من فقرگ، بس بومه بصحيح، متشاءمه طول الوقت يا بااي عليكي.

قال حديثة وهو ينهرها بطريقة كوميدية، والابتسامة مرسومه على وجهه، شاركته في الضحگ، ثم ضم كتفها بيده اليمنى بحنان، وطبع قبله فوق جبينها، واكمل في سير طريقة للمنزل محاولا ان يعطي لها طاقة نور أمام مقلتيها، فقد كان لها دومًا يقدم لها عون المساعده والعون، فـ اخاها “سند” نعم الأخ الحنون العطوف.

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

 

 

 

 

هاتفت “غزال” عند عودتها لمنزلها طبيبتها الخاصة التي كانت بمثابة اخت وصديقة مقربه لها، نظرا لتوطيد العلاقة بينهما في الفترة القصيرة، وقصت لها ما حدث، واستشعرت “آلاء” بالتفاؤل في نبرة كلامها وحماسها، وكان هذا اول خطوة تخطيها في المسار الصحيح لحياة افضل مما كانت عليه.

أغلقت معها و بدلت ملابسها لتتفقد حالة صغيرها واسرتها، فكفى لها من الانعزال الذي طالما سجنت نفسها بداخله؛ فقد حان الأوان لها ان تتحرر وتنطلق لتحيا من جديد.

خرجت لهما بوجه بشوش، وقبلت والدتها بحب، و وجهت بعيناها قبل ثغرها لزوجة اخاها، وضمتها على تحملها المسئولية طوال فترة مرضها، واقترحت عليها انها تريد تغيير كل شيء في شقتها، تبديل اماكن العفش، فقد كانت تريد عيناها ان ترى اي تغيير ولو بسيط، وافقتها بشدة وابدت تقديم مساعدتها لها في تلگ اللحظة، وحينما شاهد “سند” فرحتها مد يده ليساعدهما بكل ترحاب.

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

كانت الأيام والشهور التي مرت سابقًا عليه حياة رتيبة ممله، فاقد الشغف لأي شيء حوله، شعر ان روحه تركها في بلاده، ولم تعد بداخله، لا يوجد داخل اضلعه شيء ساكن ثناياه إلا الألم، الوجع، والحسرة على حاله وما وصل له، والده يهاتفه يوميًا، يطمئن عليه ويحاكيه، حتى الحنين له فقده، كل ما يفعله في حياته هو العمل المستمر، كل طاقته يبذلها في عمله ليثبت قدراته بين كل العاملين معه، وفعلا كان له ذلگ وفي مدة قصيرة اظهر موهبته ولفت انتباه رؤساءه، وحقق ما تمناه.

 

 

 

 

فقد كان في أوقات كثيرة في ذروة عمله تخطر على باله من كسرها؛ ربما لاحتياجه في كثير من الأوقات لمشورتها كما كان يفعل منذ تخرجهما سويًا، ربما؟! فهي كانت دائما تقدم له يد المساعدة سواء طلبها منها او لم يطلب، كانت سباقه بكل خير له، وهو رد لها هذا المعروف؛ بالخذلان، الغدر، والخيانه، تألم للمره الأولى لها، وضميره عذبه لما فعل، لكن فكرة التقرب اصبحت من المحال؛ فبينهما سدود واسوار فولازية من المستحيل هدمها، فقد هدم بغباءه كل الجسور بينهما ولم يترگ أي خيط رفيع او رابط يجعلها تنسى كل الآمها وأوجاعها منه.

* * * * * * * * * * * * * * * * * *

 ظهرت التحاليل وتوجهت “غزال” بمفردها إلى عيادته تقدمها له، وانتظرت حتى جاء دورها في الكشف وحين دلفت وسارت بخطى متوتره وبيد مهزوزه قدمت له نتيجة التحاليل، ابتسم واشار لها بالجلوس، جلست ويدها تفركها بشدة، وهي ناظره إليه وهو يقلب الأوراق، تلاحظ تغيرات وجهه؛ فيزداد قلقها وخوفها، حاولت تهدأت روحها؛ بالاستغفار وحين انتهى ونطق متسائلا:

 

 

 

 

 

– ممكن أعرف ليه كل التوتر ده؟

طأطأت رأسها لأسفل وصمتت ولم تجد رد الا الخوف الذي تملگ كل اوصالها، وحينها قال بوجه بشوش:

– مفيش داعي للخوف ده؛ التحاليل كويسة جدا، بس…

قاطعته بفرحه اترسمت على صفحة وجهها قائلة:

– بجد يادكتور؟!

– اه الحمدلله، بس عندگ مشكلة في الغدة المسئولية عن الحرق فيها خمول شوية، وللأسف الحرق عندگ ضعيف جدا.

 

 

 

 

 

– والحل؟

– الحل بسيط هنعالج الغدة الدرقية، وبعدين هنبدأ رحلة العلاج، ومع تناول المشروبات الحارقة طوال اليوم اكيد هيساعدگ في انقاص الوزن.

انهى كلامه ونظر في اوراقة ليكتب لها بعض الادوية، ثم قدمها لها، امسكتها وتلامست الكفوف ببعضها، فسارت صاعقة كهربائية داخل جدران فؤاده مصدرها الجالسه الغافله التي لا تدري ماذا هي تفعل وتتلاعب بنبضات قلبه بمهاره لا تعلم عنها شيء.

وقفت واستأذنت لتنصرف، شعر بأن الهواء فرغ من حوله، فنادى عليها رادفًا:

– مدام غزال، ده الكارت بتاعي فيه كل أرقامي، لو احتجتي اي حاجة، اي سؤال بخصوص الرجيم راسليني عليه.

اخذته في استيحاء واومأت برأسها ثم انصرفت متوجه لمنزلها، واشترت العلاج، وصعدت شقتها، وإذا رن هاتفها ووجدته حماها يتصل، وضعت مفتاح شقتها لفتحه، ودلفت بالداخل، وفتحت زر الرد وقالت بنبره حانية عطوفه:

 

 

 

 

– ازيگ يا بابا، عامل اية وصحتگ ازيها؟

– سيبگ من صحتي، وطمنيني على نفسگ، وعن شادي.

– احنا كويسين الحمدلله وفي نعمه طول ما حضرتگ بخير وبتدعي لينا من قلبگ الطيب.

– والله يابنتي بدعيلكوا في كل صلاة، يشفيكي ويحفظ شادي، ويرجع فؤاد من غربته ويصلح ما بينكوا.

صمتت عند اخر جملته وتعجبت وسألته بفضول:

– هو سافر؟

تنهد بحزن عليه وما اصابه من الم :

 

 

 

 

 

– اه يابنتي بعد ما اتطلقتوا بكام يوم.

لم تجد كلام ترد به إلا :

– ربنا يطمنگ عليگ ويوفقه.

– يارب، ويهدي الحال.

– معلش يا بابا، مستحيل في يوم هنعود تاني، اللي بيكسر عمره ما يتصلح ابدا.

– يابنتي ربگ قادر يغير القلوب.

قالت بنبره حاده مفعمه بألم:

 

 

 

 

– وربنا غير القلوب فعلا، وقلبي اللي حب ابنگ علمه يكره ويقسى كمان، خلاص اللي بيني وبينه انتهى، بس مع كل آسف اتهنى بكسره، وجع، وقلب مجروح صعب جرحه يطيب في يوم.

– انا عارف وفاهم والله هو اللي خسر، وخسر كتير اوي كمان.

– مش مهم يا بابا مين اللي خسر، ومين اللي انجرح، النتيجة واحده في النهاية؛ وهي الفراق، وفراق بدون رجوع.

– يعني مفيش امل خالص يا غزال، حتى لو جالگ ندمان معتذر.

– ما انا قولتلك ابنگ كسرني وحطمني، وانا دلوقتي بحاول اتصالح مع نفسي، يمكن اعرف ارجعها من تاني.

– ربنا يكرمك ويصلحلگ الحال يا بنتي، بس ياريت متقطعيش بيا.

– مستحيل اقدر استغنى عنگ يا بابا، حضرتگ عارف غلاوتگ عندي، وشادي هيزورگ دايما، هو إحنا لينا بركة لغيرگ.

– ربنا ميحرمنيش منگ يا غزال، انتي نعم البنت اللي ربنا رزقني بيها على كبر.

ضحكت وقالت بحب مزاحته:

 

 

 

 

– انت اللي حبيبي يا جدو، أنا مش عارفة ليه مقبلتكش قبل ما اشوف ابنگ؟! عارف كنت اتجوزتگ على طول.

بادلها الضحگ ودعى لها بحب، فهو كان لها دائمًا اب حنون يقف بجانبها ويساندها في أي وقت احتاجت له.

انهت المحادثة معه، ثم دخلت متوجهه في غرفتها لتطمئن على والدتها وصغيرها، فوجدته نائما، و والدتها تتابع مشاهدة التلفاز، لمحت شرودها فسألتها عن السبب فقصت عليها ما حدث في مقابلة دكتور التغذية، واخفت عليها مكالمتها مع والد فؤاد، ومن حسن حظها أنها لم تجد احد في استقبالها، فـ أنها لم تجد مبرر أن تقول، ربما لحساسية موقف والده لما فعله ابنه، فلهذا السبب قررت أن تكون معاملتها معه في الخفاء، تبسمت والدتها، لكنها شعرت بأن هناگ شيء خفي تخبأه ولم تصرح به، صمتت ولم تعلق، وتوجهت للمطبخ تعد لها مشروبًا حارقًا في صمت، بينما هي بدلت ملابسها وشردت في حديثها مع والده وسؤاله هل لو اعتذر ستقبل؟

فكرت كثيرًا، ودارت معركة دامية بين قلبها وعقلها وحين لم تستقر على إجابه، أمسكت دفترها وسردت متسائلة..

 

 

 

 

 

ماذا أفعل إذا جاء في يوم نادمِا معتذرًا؟

ماذا سأقول له؟ هل اصفح عنه وانسى كل ما مضى؟!

ام اثأر لقلبي والقنه درسًا قاسيًا؟!

كم اتمنى ان اذقيه شربة من كأس المرار الذي اسقاني منه حتى امتلئت..؟!

عيناي ستحدقه دون شفقه او رحمه؛ كما فعل معي ورمى بيده كل ما مضى بطول ذراعاه..؟!

اي اعتذار علي ان اقبله؟ وأنا من ذبحت كـ الحمامه ونزفت دمًا وخطيت بقدماگ فوقه، ولم تبالي للحظة واحدة انقاذي؟

لا والف لا، لن اسامح ولن اغفر لگ، فقد قطع رباط الحب بيننا، فـ انا قُتلت بيدگ.

وهل يعود القتيل للحياة مره ثانيه؟

 

 

 

 

 

وعند هذه اللحظة جاءت اجابتها من أعماق روحها مؤكده الرفض البائت في أن تفكر مجرد تفكير في الصفح والمغفره.

ومر الأسبوع سريعًا وتوجهت “غزال” إليه وكم كان مشتاق لها منذ آخر مره تلاقت الأعين، كان يرمقها بلمعه وشوق لم تنتبه إليهما، فقد كانت هي تسابق الزمن في الوصول لهدفها، كررت التحليل مره ثانيه وقدمته، ورآى أن هناگ استجابه للعلاج، ضغط على زر جانبي، فأتت المساعدة إليه، وطلب منها اخذ المقاسات والميزان لمدام “غزال”، نفذت في صمت، ثم سجلت كل شيء وقدمته له، نظر لها وتبسم، ثم كتب لها نظام غذائي مفصل، وشرحه لها مفصلا، وقدمه لها فقالت بصوت هامس:

– يعني لما أنفذ كل تعليماتگ يا دكتور؛ في أمل اني اخس واوصل للوزن اللي بتمناه؟

 

 

 

 

اجابته كانت بالدليل وليس بالكلام، فتح درج مكتبه واخرج منه البوم صور، ثم فتحه وقلب في طياته، وشاهدت ما بداخله وهنا عيناها كانت لا تصدق، فضحگ بصوت مرتفع، رفعت بصرها وابصرته، ورأت ملامحه عندما ضحگ كم هادئه وجاذبه، فلانت عضلات وجهها وتبتسمت له ابتسامه اشرقت قلبه وجعلته يرفرف كالعصفور.

اخفض عيناه التي لم تنزل من عليها وتنحنح قائلا:

– انتي ليه مستغربه كده؟ الحالات دي كانت اوزان جسمها زي ما انتي ملاحظة سمينه جدا، ومع النظام الغذائي، والمشروبات الحارقة، وتجنب الممنوعات زي ما ذكرت، خست، لكن كل ده بجانب الأجهزة الحديثة كان ليها مفعول السحر في حرق الدهون الصعبه والمتراكمه في امكان معينه.

– يعني الأجهزة دي مش بترجع الدهون تاني يا دكتور؟

– لا طبعا، لو حافظتي على اسلوب حياتگ مش ممكن هتتجمع، المهم انگ تستمري عليها.

– وفي حالتي دي يا دكتور هاخد كام جلسه؟

 

 

 

 

سألته بخجل وعينان منكسره ناظرة أسفل قدماها، اشفق عليها، كم كان يود أن يلمس ذقنها ويرفعه إليه ليتعانق مع كحلة عيناها في عناق طويل، ويسرد لها ويأكد كم هي جميلة في كل حالتها، ولا ينقصها أي شيء لتصبح أجمل، فروحها مثل الفراشة تهفهف حوله محمله بعبق الزهور لتنعش رئتاه فتنتفخ بسعادة ليس لها مثيل، حين لاحظت صمته الذي طال، كررت عليه سؤالها فرد:

– نسبها لوقتها، لأن صعب نحدد، احنا هنعمل الرجيم ونشوف استقبال الجسم هيكون اية، ومع قياس المقاسات اول ما نبدأ، هنعمل جلسه الأجهزة ونقيس بعدها ونشوف نزلنا كام سنتيمتر من الخصر والارداف، متفقين يامدام غزال؟

– متفقين جدا يا دكتور، عن أذن حضرتك.

 

 

 

 

قالت ردها بنبره حماسيه جعلته يسعد بهذا الحماس واستبشر خير، وقبل أن تغادر ذكرها بمتابعته كل يوم تكتب له تقرير عما نفذته، حتى لو حدث اي لخبطة في النظام تبلغه عبر الواتس اب، اومأت برأسها بالموافقه، ثم تحركت نحو الباب منصرفه، بينما هو

عيناه كانت تتابعها حتى اختفت واغلقت بابه، تنهد بشوق، وظل من تلگ اللحظة يحسب الوقت لمقابلتها من جديد.

ومرت الأيام والأسابيع، و”غزال” تخطت أصعب مرحله في بداية الرجيم، فكان لديها قدرة خارقه لا أحد يقف امامها، وتعددت الرسايل بينما، فقد كان متلهفًا دائمًا منتظرها ترسل أي حرف يبرد من وهج شوقه، ويستمر في البداية معها في الحديث عن النظام الغذائي، ثم يتحول باقي المحادثة في أي شيء آخر، فقد قص عليها ظروفه بعد فقدانه لزوجته وتحمل مسئولية ابنه الصغير، دون التلميح لها بما يكنه لها؛ فـ الوقت كان يمر بسرعة البرق، لا أحد منهم يشعر به، وجد كل منهما روحه الغائبه، والآن عادت له، لا تنكر “غزال” انها كانت تتحجج وترسل له، وتعجبت من احساس الأمان الذي تشعر به معه، خشيت في لحظة أن ينجح قلبها مره ثانية، ونفضت فكره زيادة اهتمامه بها، فهي مجرد مريضة وتحتاج لمتابعه، لذا قررت بالا تكثر من الحديث معه تجنبًا لعدم جرحها مره ثانيه، تعجب من ردها عليه دائما بأقتضاب، راجع محادثاته معها كثيرًا ربما يكون قد تعدى حدوده، لكنه لم يجد شيء بجعلها تحد من الحديث معه بهذه الطريقة، كاد عقله يجن منها، ظل يفكر لعله يجد حل، استفاق على صوت ابنه يطلب منه ان يخرج للنزهه معه فقال مقترحًا عليه:

 

 

 

 

 

– اية رأيك نروح لتيتا؟

رد بغضب طفولي:

– هو انت يا يا بابي معندكش خروج غير عند تيتا، بقولگ اتفسح، مش اروح من بيت لبيت.

– طب يا لمض، قول عايز تتفسح فين ياسيدي؟

ظل يفكر حتى اقترح وقال بسعادة؟

– اية رأيك نروح دريم بارگ، او حتى النادي، العب هناگ كوره، ولا العب في الملاهي اللي هناگ، اي مكان نشم فيه هوا.

اتتهد بقلة حيله وقال :

 

 

 

 

– خلاص روح البس، وهوديگ النادي، وبالمره هتصل بعمتگ “آلاء” وتحصلنا.

فرح الطفل وركض لغرفته يجهز ملابس كره القدم ويضعها في حقيبته مع الكره الخاصة به، بينما والده كان يهاتف أخته، واستمعت لمطلبه و وافقت تحت الحاحه الشديد، وتركته لتجهز حالها، مرت الوقت سريعًا وتوجهه إلى النادي، وعندما وصل ركض “فادي” مهرولا تجاه ملعب كره القدم، وتوجه والده على طاولة ينتظر أخته بذهن شارد في غزالته التي لا تغيب عن باله ولو للحظة، وتمنى أن يراها في التو.

في غرفة “غزال” تلح عليها زوجة اخيها حتى تنهض وترتدي ملابسها لتذهب معها تمرين السباحه لابنها “عمر” لكنها رفضت بشدة، لرغبتها في الراحه والاسترخاء، شدت من عليها الغطاء وقالت بنبره حاده مغلفة بالهزار تجذبها من يداها قائلة:

 

 

 

 

– يالا قومي يا كسلانه، بلاش وخم بقى، عمر هو اللي طلب مني ناخدگ يرضيكي تزعليه؟

رمقتها بقلة حيله ونهضت وهي تتدعي البكاء :

– اااه يا ربي حتى النوم مش طايلاه في البيت ده، اعمل اية بس؟ حاضر يا مفترية انتي وابنگ، هلبس واجهز شادي واجي، اه ياغلبي منكوا.

– انا مفترية عشان عايزاكي تشمي هوا، وتغيري جو، ماشي يا غزال، انا غلطانه، حقگ عليا.

قالت كلامها وهي تمثل التأثر والزعل، اقتربت منها “غزال” وضمت كتفاها بحب هاتفه:

 

 

 

 

– خلاص يا سمية متحوريش وتعملي فيها مقموصة، اقولگ عشان ننجز خدي شادي لبسيه عقبال ما اغير هدومي، واجهزله اكله كده خفيفه اخدها معايا.

– اوك، متتأخريش عليا.

تركتها وكل منهما ينفذ ما طلب منه، دقائق كانت “غزال” خارجة من غرفتها غي قمة رونقها، تشعر بالتغير داخليًا قبل ان يكون خارجيًا، ابتسامتها تتجلى بوضوح على وجهها، بادلتها “سمية” الابتسامة، تشابكت الأيدي وحملت حقيبة ممتلئة ببعض الطعام والمسليات لاطفالها، مع الملابس الخاصة بابنها، صافحت والدتها واستقلوا سيارة اخاها، وتوجهوا إلى النادي، وعندما وصلوا إلى هناگ ركض “عمر” ومعه اخاه الصغير إلى مغطس السباحة وخلفهما والدتهما تتسابق في خطوتها لتقترب منهم، بدلوا ثيابهم وارتدوا ملابس التمرين، وجلست برفقتهم تراقبهم بعين الامومه التي تلاحقهم في كل حركة يؤدوها، بينما “غزال” تركت صغيرها معها وتركتها لتسير في النادي تلتف حول (التراك) بمفردها، واضعة سماعات الأذن فوق رأسها تستمع لافضل الاغاني التي تحبها، تحاول ان تهرب معها وتوقف شلالات الذكريات التي تهاجمها في كل لحظة، وياليتها تستطيع الهروب من الماضي؟!

 

 

 

 

 

خطواتها في ازدياد، تسير بلا وعي لحالتها، كأنها دلفت داخل دوامه ولا تعرف كيف تخرج منها مثلما دلفت قدامها وغاصت في احزانها، ربما يكون السبب ما تسمعه قلب عليها اوجاعها، فهي مائلة لاستماع الأغاني ذات الكلمات الحزينة، التي تمس نبض قلبها؛ واذا فجأه يسقط من يداها هاتفها، انحنت بجسدها لتلتقطه، وحين استقامت لم تعي للذي واقفًا امامها..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الغزال الباكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!