رواية الدكتورة والمحاسب الفصل الثاني 2 بقلم نورا سعد
رواية الدكتورة والمحاسب الجزء الثاني
رواية الدكتورة والمحاسب البارت الثاني
رواية الدكتورة والمحاسب الحلقة الثانية
“الدكتورة والمحاسب²”
– أنا دكتورة…أهلي مش هيوافقوا بيك يا يوسف!
بدأ يفهم، ملامحه بدأت تتشنج وهو بيسألني:
– طب وأنتِ؟
غصب عني دموعي ذادت، بدأت أشهق أنا وبتكلم وبقوله:
– رأيي ملوش لازمة، أهلي مش بياخدوا غير بقرارهم هما وبس، لو عليا؛ فأنا كان نفسي أختار حاجات كتير اوي في حياتي؛ لكني معرفتش!
ملامه بدأت تِلين تاني، بعد ما كان متضايق ومتعصب دلوقت هو حزين عليا، خد نفس وابتسم وهو بيقولي:
– طب أنا عايزك تهدي عشان نتكلم…أنا مش قادر أشوفك كده ومش عارف أعملك حاجة.
كلامه خلاني أهدى، حاولت أسيطر على بُكايا، مسحت دموعي أنا ومثبته عيوني على ملامحه، ومنغير ما أحس كنت بقوله:
– من صُغري وأنا كان نفسي أختار؛ صحابي ومدرستي، وكُليتي، وشغلي، حتى شريك حياتي كان نفسي اختاره! لكن هما رفضوا، من وأنا وصغيرة بيقولولي يا دكتورة، وأزاي الدكتورة هتدخل حاجة غير العلمي؟ أزاي الدكتورة تدخل حاجة غير الطب؟ ولما مجموعي مجبش طب بشري؛ قالوا صيدلة؛ مهتموش لكُرهي للتخصص ده، لكن هما كانوا شايفين ده أقرب حل لحلمهم.
دموعي بدأت تغرّق وشي من تاني لكني كملت:
– وبعد ما خلصت دراسة، والعرسان بدأت تهِل عليا؛ بدأ تسلطهم على اختيار شريك حياتي تظهر، كل ما عريس يتقدم ليا لازم الأول يسألوه؛ أنت خريج إيه؟ حاجة غير الطب؛ يتهزأ، لو طب يقولولي قابليه أديله فرصة ويقولوه فيه أشعار، بس أنا مكنتش برتاح مع حد فيهم.
سكت ومسحت دموعي، رفعت راسي اللي كانت في الأرض وثبت عيوني عليه وكملت:
– ولما بابا زهق مني ومن رفضي للعرسان بتوعه؛ بدأ يقلب عليا، لدرجة أن لهجته كانت بتساومني أني مش هروح سفرية الشغل دي غير لو وافقت على أخر عريس أتقدملي.
– ووافقتي؟
– قولتلهم لما أرجع هقعد معاه تاني، بس بابا فهم أني موافقة مبدائيًا.
عيوني بدأت تدمع تاني، لكن هو ابتسم، كان عايز يمسك أيدي لكنه تراجع وأكتفى بس أنه يقولي بأحراج:
– مش عارف أواسيكي أنتِ وبتعيطي فممكن تهدي وأنتِ حلوة كده ومناخيرك حمرة أنتِ وبتعيطي؟
غصب عني ضحكت، قدملي منديل وهو بيقولي:
– أنا ميهمنيش كل اللي قولتيه ده يا نور بخصوص العرسان؛ أنا اللي يهمني أنتِ؛ لو أتقدمتلك هتوافقي؟ولا شهادتي مش في مستواكِ؟
كان منتظر ردي بفارغ الصبر، وعشان كده ابتسمت وسط الدموع اللي مغرقة وشّي وقولتله:
– هو أنت تترفض يا يوسف؟ أنا ملقتش نفسي غير أنا ومعاك.
ابتسم من كل قلبه، وبحماس شديد كان بيقولي:
– وأنا بكرا هكون عند بباكِ، هاتي رقمه يلا.
أتفزعت، نفيت براسي أنا وبقف في مكاني وبقوله:
– لا يا يوسف لا، هيسمعّك كلامك بجرحك، وأنت مش عايزة حد يضايقك بحرف.
وقف قصادي وقال بهدوء:
– ملكيش دعوة يا نور، كفاية عليا أني هحاول عشانك.
كلامه دافي، طمنّي رغم أني عارفه أن الموضوع مستحيل، اديته رقم بابا والمشرف قالنا أننا هنتحرك خلاص، وفعلًا اتحركنا، وطول الطريق مكنش بنا كلام، كانت كلها نظرات…نظرات بألف معنى ومعنى.
********
– ماما أنا زميلي في الشغل عايز يتقدملي، وأنا موافقة لأني مياله ليه.
استغليت أن ماما قاعدة جمبي وقولتلها كده، ملامحها كانت بترقص من الفرحة، سابت اللي في أيديها ولفّت بجسمها ناحيتي وقالتلي بلهفة:
– يألف نهار أبيض يا حببتي، وماله يا قلبي اقول لابوكي ويقابله وأنا هخليه يوافق، قوليلي هو صيدلي زميلك؟
كلمتين هدّوا كل حاجة حلوة قالتها، وغصب عني عيوني بدأت تدمع، ابتسمت بسخرية وسط الدموع اللي بتلمع في عيني وقولتلها:
– لا يا ماما، ده محاسب.
ملامحها اتحولت! بدأت تتشنج، مسكت المفرش اللي كان في أيديها وبدأت تركز فيه تاني هي وبتقولي:
– تجارة يا نور؟ كلية تجارة؟
– معهد يا أمي، يوسف خريج معهد عالي.
أتنفضت من مكانها، رمت اللي في أيديها وفاجأة لقتها هبّت فيا زي النار بالظبط! هي وبتقولي:
– أنتِ اتجننتي ولا إيه؟؟ بقى عايزة ترفضي دكتور عشان عيل خريج معهد! أنتِ عبيطة يا نور؟
– لا بحبه يا ماما.
قولتها و…وانهارت في البُكى، بدأت تفهم، بدأت تسكت وتهدى، طبطبت على أيدي، رفعت أيديها ومسحتلي دموعي هي وبتقولي:
– يا بنتي ليه طيب؟ ليه علقتي نفسك بحد أنتِ عارفه أنه مينفعلكيش؟
– هو أنا المفروض قبل ما قلبي يدق لحد أقوله أصبر لحد ما أعرف هو خريج إيه؟ هو الحب بأيدينا يا أمي؟
سكتت، معرفتش ترد عليا، كل اللي عملته أنها فتحتلي حُضنها وأنا بستسلام أترميت فيه على أمل أن نار قلبي تنطفي.
********
ـ أهلًا وسهلًا يا ابني، أتفضل.
– شكرًا يا عمي.
كان قاعد في الصالة عندنا، بعد ٣ أيام من رجوعنا من السفر كلم بابا وخد منه معاد يجي يتقدم، ودلوقت هو مع بابا برة! خايفة، مرعوبة، مبسوطة ومتحمسة! كل شعور وعكسه كان جوايا، وفاجأة سمعت بابا بيسأل يوسف أهم سؤال.
– وأنت معاك شهادة إيه يا ابني؟
أتنحنح، كان بيفرك في كف أيده، وبتوتر كان بيجاوبه:
– معهد عالي نظم ومعلومات قسم إدارة أعمال، وشغال حاليًا في شركة أدوية كبيرة محاسب، ومتثبت وليا حوافز وعلاوات كل شهر، وشغلتي الحمد لله ثابتة وكويسة.
كان بيحاول يقوله كل أيجابيات شغله عشان ينسى موضوع التعليم، لكن ملامح بابا مكنتش مُبشرة، مكننش مُبشرة خالص!
خصوصًا لما قام وقف وقال:
– يا بني كل اللي قولته ده على عيني وعلى راسي، بس والله أنت جيت متأخر، نور في حد متقدملها وأنا يعتبر أديته كلمة خلاص، دكتور بشري زميل نور، كل شيء قسمة ونصيب يا ابني شرفت.
حرجه بالذوق! يوسف شكره وخد كرمته ومِشي! وأنا قلبي أتفتفت معاه، وقبل ما أنهار كان بابا بيدخل عليا الأوضة زي الأعصار بالظبط هو وبيزعق وبيقولي بكل غضب:
– جيبالي عيل في معهد يتجوزك؟؟ بقى كل المرمطة دي اجوزك لواحد في معهد!
– يا بابا بس…
– أخرسي، أنا مرتدش أكسفه عشان ده زميلك في الشغل، غير كده كنت سمعته ما لا يعجبه يا نور أنتِ فاهمة، وقراية فاتحتك الخميس الجاي.
خلص كلامه ومِشي، مدنيش فرصة أتكلم ولا أرد ولا أدافع عن حقي! حقي في اختيار شريك حياتي! كنت حاسه أني عاجزة، متكتفة، كل حاجة أتهدت، كل اللي قدرت أعمله أني مسكت التليفون ورنيت على يوسف أنا وبقوله:
– أنا آسفة.
– متتأسفيش، أنتِ ملكيش ذنب.
دموعي نزلت، ولكني قولتله:
– حبيت أودعك.
وبصوت كله حُزن كان بيقولي:
– خليني أعرف أتطمن عليكِ يا نور، حتى لو من بعيد، أنا عارف أنك هتبعدي، بس بلاش تقفلي في وشي كل طُرق الوصول ليكِ، أنا أكيد مش هفكر أكلمك تاني؛ لكني عايز أبقي اتطمن عليكِ من بعيد، جايز يجي يوم والدنيا تدينا فرصة نتجمع.
ودعته وقفلت معاه، مسحت رقمه وبعت أيميل للشركة بطلب نقل من الشركة، عملتله بلوك واتساب، كنت هعمله فيسبوك كمان لكني أفتكرت طلبه، وعشان كده سبته عندي، سبت التليفون وبدأت انهار…كنت بفتكر كل لحظة عشتها وكنت حاسه بيها بالعجز زي دلوقت، والحقيقة أني اكتشفت أن كل مراحل حياتي عدت بفترة انهيار زي دي؛ والمصيبة أنها كانت لنفس السبب؛ العجز!
********
– شغلك هيخلص أمتى؟
– على ٨ إن شاء الله.
أتخطبنا، في أقل من شهر كنا مخطوبين، مكنتش حاسة بأي حاجة من ناحيته، علاقتنا كانت فيها حاجة غلط، أنا مكنتش مرتاحة أبدًا، يمكن عشان قلبي لسه مع يوسف! ويمكن عشان أنا مرتحاله أصلًا؟ المهم أني مكنتش متقبله .
– خلصي الملف ده النهاردة وسلميهولي يا نور.
– حاضر.
كان يوم مرهق وكله شغل، مكنتش طايقه نفسي ولاطايقة راضي اللي كل خمس دقايق يرن عليا ويقولي روحتي ولا لسه! هو أنا لو روحت هخبي عليه ليه بجد؟ ليه وجعلي دماغي وكل عشر دقايق يرن عليا!
– الملف أهو، أنا همشي عشان اتأخرت أوي.
تليفوني فصل والساعة ١٠ بليل، حاسه أن ماما هتقلق عليا، وراضي أكيد قلقان، كنت راكبة التاكسي وأنا قلبي بيدق بسرعة، حاسة في حاجة هتحصل.
– إيه يا نور كل التأخير ده؟ راضي قلق عليكِ يا بنتي وجيه لحد هنا يسأل عليكِ.
مكنتش فاهمة، اتأخرت شوية آه، يقلق عليا ماشي، لكن مش مستهلة يجي لحد بيتي يعني عشان يسأل عليا! حسيت أن في حاجة غلط، قربت منه وسألته بتعجب من الموقف كله:
– في إيه يا راضي؟
– أنتِ اتأخرتي كده ليه؟ وليه تليفونك مقفول؟
كان بيتكلم بهجوم شديد، وبنفس لهجتي المستغربة قولتله:
– تليفوني فصل وكنت في الشغل! في إيه بقى؟
– في إنك خضتيني عليكِ وأفتكرت أنك خرجتي منغير ما تقوليلي، وأزاي تتأخري كل ده في الشغل يعني؟ مش المفروض ليكِ مواعيد تروحي فيها.
مهتمتش لكل الرغي اللي قاله، كل اللي اهتميت بيه صوته اللي كان عالي، وعشان كده قربت منه خطوة أنا وبقوله بثبات:
– هو انت بتزعق ليه؟
وبعصبية أكثر كان بيزعق وبيقول:
– هو ده اللي همك؟؟ أني بزعق! أنتِ باردة كده ليه؟
اتعصبت أكتر، وبكل انفعال كنت بقوله:
– أنت تعديت حدودك معايا، لما تتعلم أدب الحوار تعالى أتكلم معايا، بعد إذنك .
سبته ودخلت أوضتي، كان حرفيًا بيشيط في الصالة! ماما سمعت صوتنا وجت جري علينا وأنا كنت دخلت أوضتي، سمعت صوت خطوات رجله ورزعت الباب وصوت ماما اللي بتنده عليه، وبعدها على طول سمعت صوت خطواتها اللي بتقرب من أوضتي، هنبدأ بقى.
– هو إيه اللي أنتِ عملتيه ده؟
– أنا اللي عملت؟ ده قليل الأدب وشكاك، دايمًا يرن عليا ويفضل يحقق، طول الوقت حاسس أني بعمل حاجات من وراه، ده واحد مريض والله العظيم وكمان تطاول عليا.
ختمت كلامي بانفعال، وهي زهقت مني أو تقريبًا ملقتش رد، وعشان كده قالتلي وهي بتسبني وتمشي:
– ده حب يا غبية، بيخاف عليكِ، زهقتيني.
خلصت كلامها وسبتني ومشيت، وأنا كنت بفكر أزاي ههرب من اللي أنا فيه ده! هو فعلًا شكاك، كنت بقول لنفسي يمكن خوف زيادة لكنه لا، ده شك، شك في كل تصرفاتي وأنا مبقتش مستحملة!
********
– استاء معتز أنا محتاجة أروح.
– ليه؟
كنت حاسه أني تعبانة، الدوخة مسكاني من الصبح ودماغي مصدعة، جايز من قِلة أكلي الفترة الأخيرة، ولكن فعلًا اليوم ده أنا مكنتش كويسة خالص، مسكت دماغي ورديت عليه:
– دايخة شوية، ومحتاجة أروح.
شاف شكلي المرهق ووافق، مسكت تليفوني وقولت لماما أني جاية في الطريق، قفلت معاها و…ومحستش بنفسي!
في أقل من دقيقة الدنيا كلها دارت بيا ودوخت وكنت بقع في نص الشركة، محستش باللي حواليا ولا باللي حصل، كل اللي أعرفه أني فتحت عيني لقيت الكل جمبي وبيحاولوا يفوقوني، الرؤية كانت مشوشة، مسكت دماغي وسألت:
– حصل إيه؟
– وقعتي من طولك مننا يا نور.
حاولت أقف ومقدرتش، حسيت أني الدنيا بتلِف بيا وزميلي مازن جيه بسرعة سندني وهو بيقولي:
– أنتِ مش هتقدري تروحي لوحدك، تعالي معايا أوصلك.
– لا لا أنا همشي لوحدي.
– تمشي إيه بس، تعالي أسندي عليا.
استستلمت للأمر واتسند عليه لحد ما نزلنا السلم وركبنا تاكسي، افتكرت أن تليفوني مش معايا أتخضيت وسألته بلهفة:
– تليفوني فين؟؟
خرجه من جيبه وهو بيقولي بهدوء:
– أهدي معايا، هو بس لقيته مقفول مرتدش أفتحه عشان لو حد رن عليكِ مش هنعرف نرد.
خدته منه وفتحته، كانت ماما رانه عليا بالهبل؛ وراضي طبعًا، سبت التليفون ومسكت دماغي، كنت لسه حاسه بدوخة، التاكسي وقف ومازن حاول يساعدني انزل من التاكسي، أنا ونازلة من التاكسي كان في وشي راضي! راضي اللي أول لما شافني حرفيًا أتعفرت! قرب مني بكل عصبية، مهتمش أن شكلي تعبان، مهتمش لأي حاجة غير أن في حد معايا وبس! وبكل عصبية كان بيقف قدامي وبيزعق فيا نو وبيقول:
– مين ده يا نور؟
مازن اللي حاول يتكلم:
– أنا زميل..
– بعد إذنك أنا بكلم خطيبتي، شكرًا لخدماتك، يلا.
شدني من أيدي وجرني قدام مازن! كان بيجرني ناحية باب العمارة وكأني بهيمة! ولأن أنا مكننش قادرة أتمالك اعصابي أصلًا متكلمتش، كل اللي عملته أني بصيت لمازن بأسف وهو فهم نظرتي ومِشي، طلعنا الشقة وماما أستقبلتنا، وأول لما شافتني أتخضت عليا، خبطت على صدرها وهي بتمسكني من دراعي وبتسألني بلهفة:
– اسم الله عليكِ يا حبيبتي، مالك؟
مش أنا اللي رديت عليها، خدتني وقعدت على الكنبة وهو اللي رد عليها بغضب وعصبية:
– الهانم نازلة من تاكسي مع واحد غريب وبيسندها، واضح أني مش مالي عنيها.
هنا وماما فقدت أعصابها، قامت وقفت وبدأت تزعقله وتقوله:
– إيه اللي أنت بتقوله ده؟ أنت مش شايف منظرها؟ كل اللي همك أنها مع واحد ومش همك وشها الأصفر؟؟
– ده كله استعباط، ما كانت كويسة معاه.
– هو في إيه هنا؟؟
كان ده صوت بابا اللي دخل على زعيق ماما وراضي، بص عليهم وعليا وفاجأة أتخض وجري عليا وهو بيسألني بلهفة:
– مالك يا نور عيني؟
مكننش قادرة افتح عيني، راسي كانت سانده على المخدة، وأول لما بابا حاول يرفعها فقدت الوعي في لحظتها..
********
– حصل إيه يا بابا؟
– حمد الله على سلامتك يا نور عيني.
– حمدالله على سلامتك.
كان ده صوت راضي، رديت عليهم وماما جت هي ومعاها صنية الأكل، حطيتها قدامي وهي بتقولي:
– عجبك كده؟ كل ده من قِلة أكلك، أتفضلي كلب دلوقت وتخلصي أكلك كله.
ابتسمت بهدوء أنا وبقولها:
– تسلم أيدك يا حبيبي.
وفي وسط الجو الأسري الجميل ده كان لازم تحصل حاجة تعكر الأجواء، والحاجة دي كانت كلام راضي اللي ملوش لازمة لما قال:
– ممكن تقوليلي يا نور مين اللي وصلك ده؟ وليه يوصلك اصلًا.
– زميلي، ووصلني عشان كنت تعبانة زي ما أنت شايف كلك نظر.
– ومحدش من زمايلك البنات وصلك ليه؟
– عشان الشركة مفهاش بنات غيري.
قولتها ببرود أنا وباكل، الحقيقة أني كنت بكدب، الشركة فيها بنات طبعًا، بس الشيفت بتاعي مكنش فيه بنات غيري فعلًا، وزي ما توقعت بالظبط، الكلمة مريحتوش؛ وخليته يتعصب أكتر ويزعق ويقول:
– أنتِ أتجننتي! شغاله في شركة طويلة عريضة وسط عشرين شاب وبطولك! هو أنا كيس جو…
– بس كفاية.
كان ده رد بابا عليه، زعق فيه فاجأة لدرجة أننا كلنا أتخضينا، وقف قصاده وبدأ يكمل بتحذير شديد:
– أحترم أدبك وأعرف أنت بتقول إيه.
سكت وقبل ما البني آدم ده يرد؛ كان بابا قرر أنه أخيرًا هيجبلي حقي! مكنتش مصدقة ودني، ولا مستوعبة اللي بيتقال خصوصًا لما قاله:
– أنت كل شوية تطاول على البنت وفكرها جارية لجنابك، فكرني معرفش الميت خناقة اللي بتتخانقها معاها بسبب الشك؟ روحتي فين، جيتي منين، جيتي الساعة كام، اتأخرتي ربع ساعة ليه! في إيه؟؟؟ ده أنت حتى دكتور وفاهم ومتعلم! ده أنا قولت اللي في نفس مستوى تعليمها هيكون مستواه الفكري راقي؛ طلعت منحدر أكتر من الناس الجاهلة! سايب أنها تعبانة وزميلها جايبها مسندها؛ وماسك في أزاي تمشي مع رجل غريب! يا عم وأنت مالك! دي جاية بيت ابوها، يعني أنا شايفها وأمها هي اللي مستقبلاها!
– يا عمي.
– أسكت أنا مخلصتش كلامي.
حاول يقاطعه لكن بابا رعبه بصوته! بابا قرب مني ومد أيده ليا وأنا فهمت أنه بيقولي على الدبلة، خلعتها بسرعة وحطيتها في أيدي وأنا قلبي بيتنطنطت، مسكها مني وحطها في أيد راضي وهو بيقوله أكتر جملة كان نفسي اسمعها من سنين!
– أتفضل دبلتك، واضح أني كنت بفكر غلط لمصلحة بنتي.
كرمته وجعته، حد الدبلة وهو ماشي فضل يزعق ويقول أن دي مش أصول، بابا مهتمش لكلامه الفارغ وجيه قعد جبي، طبطب على شعري وهو بيتسم وقالي:
– أنا آسف.
نبرته كانت ندمانة، وعشان كده مستحملتش، دموعي فضحتني ولساني سبق عقلي في التفكير وقال بكل أندفاع:
– عرفت أنك كنت بتفكر غلط يا بابا؟ عرفت أن التعليم مش مقياس للتفكير؟
سكت شوية وهو بينزل راسه للأرض، وأنا غصب عني قولتله أخر حاجة كانت في قلبي قبل ما أقوم من مكاني وأدخل على أوضتي:
– على فكرة يا بابا، أنا عمري ما هنسى أنك ضيعت عليا فُرصة عُمري، مش هنسى أنك ضيعت عليا فرصتي أني أكون مع اللي اختاره قلبي.
خلصت كلامي وسبته ودخلت أوضتي بسرعة، كنت عارفة أنه مش هيفهم حاجة من كلامي، ماما بس اللي تعرف مشاعري إتجاه يوسف، هو ميعرفش حاجة، كل اللي يعرفه أنه زميلي في الشغل وبس، كنت عايزة أبكي بس لقيت نفسي بجفف دموعي وببتسم، كنت راضية من جوايا عن اللي حصل، حتى لو اللي حصل ده متأخر؛ ولكن المهم أنه حصل، مسكت التليفون بسرعة ودخلت على الفيسيبوك، دخلت على إنشاء منشور وكتبت فيه بكل سعادة:
– الحمد لله على كل شيء، تم فك خطبتي، واللهم يرزق كل مِنا الخير والسعادة.
ونشرت البوست، كان هدفي عبيط وساذج أوي من البوست ده، ولكن كان عندي أمل! أمل بسيط مع شعاع نور جاي من بعيد معرفش إيه مصدرهم، لكن أكيد مصدرهم هو حُبي ليوسف.
********
– ماما هموت من الجوع ألحقيني بأكل بم.. إيه ده؟؟
اتصنمت في مكاني..أخر شخص أتخيل أني ألاقيه في بيتنا! وقاعد مع بابا كمان!
– يوسف !
– تعالي يا نور سلمي على زميلك.
بابا هو اللي قدمني ليوسف بابتسامة عريضة! مكنتش فاهمة اللي بيحصل، لكن بابا وضحلي الدنيا لما لقيته بيشاور على الكرسي اللي جمبه وبيقولي:
– تعالي يا نور أقعدي عشان في موضوع مهم عايز أكلمك فيه.
قعدت جمبه بهدوء بعد ما سلمت على يوسف من بعيد، بعد ثواني من الصمت لقيت بابا اللي اتكلم وقالي:
– بصراحة كده يا نور الأستاذ يوسف جيه يجدد طلبه ليا من تاني، وحابب أنه يتقدملك، والحقيقة أني قولتله القرار الأول والأخير ليكِ.
خلص كلامه وسكت، وبعد ثواني كمل وهو بيستعد أنه يقوم وقال:
– هسيبكم مع بعض شوية تتكلموا عشان تقوليلي قرارك.
خلص كلامه وقام عشان يسبنا في الصالون لوحدنا، بس قبل ما يختفي من قدامي كان بيبُصلي بنظرة غريبة…نظرة كأنه بيقولي بيها حاولت أصلح اللي عملته! ابستمتله بأمتنان وهو اختفى، وهنا يوسف هو اللي اتكلم وقال:
– أنا متشكر أنك نفذتي وعدك ليا.
مكنتش فاهمة كلامه، وبستغراب سألته:
– وعد إيه؟
– إنك تسبيني أعرف اخبارك من بعيد.
افتكرت البوست اللي نزلته، وغصب عني ابتسمت، وهو كمان ابتسم، غمزلي بمشاكسة وهو بيقولي:
– أول لما عرفت أن قلب الحلوة بقى خالي؛ جيت جري وحياتك.
ابتسمتله، وبكُل حب كنت بقوله:
– هو من يوم ما فرقتني وهو خالي يا يوسف.
عيونه لمحت السلسلة، شاور عليها من بعيد وسأل:
– لسه معاكِ؟
وبتوهه في عيونه الحلوين كنت بقوله:
– كانت بتفكرني بيك، كل ما بتوحشني كنت بضمها ليا.
– أفهم من كده أن الحلو موافق عليا؟
وبرِقة كنت بقوله:
– مش بابا وافق؟
شاور على الباب وضحك وهو بيقولي بهمس:
– هو صحيح الحج أتغير كده أمتى؟
وبنفس الهمس كنت بقوله:
– لا دي حكاية كبيرة بس أساسها أكيد ست الكُل، المهم أنها عايزة أقعدة طويلة عشان أحكيهالك؛ بس مينفعش دلوقت؛ خليها بعد الخطوبة.
مصدقش اللي سمعه، وبكُل فرحة وحماس لقيته بينده على بابا وهو بيقوله بكُل الفرحة اللي في العالم كُله:
– يا حج، هو مينغعش نجيب المأذون دلوقت؟؟
يتبع
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الدكتورة والمحاسب)