روايات

رواية الحب أولا الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم دهب عطية

رواية الحب أولا الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم دهب عطية

رواية الحب أولا الجزء الخامس والعشرون

رواية الحب أولا البارت الخامس والعشرون

رواية الحب أولا الحلقة الخامسة والعشرون

وقف عاصم امام رجلًا كبير يدعى الحاج (يونس) انه العم الأكبر لمسعد وفي مقام الجد الأكبر لعاصم وقبل كل هذا هو كبير عائلة الصاوي لذا كانت هيئته تزداد هيبة بالحية البيضاء والشعر المماثل واتقاء وايمان بسبحة الزرقاء التي تتحرك بين اصابعه برتيبة متكررة هادئة ، اما الجلسة والنظرة الجادة والهدوء البادي عليه هي شكيمة تشع تعظم وشموخ الرجال……
“خير ياجدي طلبت تشوفني…..”
قالها عاصم وهو يجلس أمامه بهدوء بعينين منتظرتين……
تنحنح الحاج يونس ثم قال بخشونة….
“أكيد بلغك الخبر اللي عمال يتنقل بين التجار في شارع الصاوي وبرا حدوده…..”
هز عاصم راسه مستفهمًا….
“خبر اي بظبط ياجدي… كلام الناس مش بينتهي وكل يوم كدبة جديدة وتأليف…..”
ضرب الحاج يونس عصاه الغليظة ارضًا ينهيه
عن المناورة في الكلام فهذا لا يليق بسنه ومكانته
في عينا العائلة الكبرى……
“بس الحكاية اللي بتتنقل الاسبوعين اللي فاتوا دول لا كدبه ولا تأليف….حقيقه حصلت وانت كنت شاهد عليها…”
التزم عاصم الصمت بأحترام بينما الغضب كان متأجج في صدره……
فاضاف الحاج يونس بتقريع…..
” زي ان خطبتك مثلا اتمسكت في مطعمها بتهمة
التسمم… وانها باتت ليله كاملة في الحجز…. دا غير
المطعم اللي اتشمع وفضحيتنا وسط الناس….شمت
اعدائنا فينا يا ابن الحاج عبد الرحمن اللي كان طول
عمره راجل يشهد الناس باخلاقه وادبه…وأمك كانت ست كُمل وإختيار ابوك ليها.. ست من عيلة محترمة… عاشت طول عمرها مع ابوك عمرنا ما سمعنا عنها حاجة وحشة… ”
أوغر صدر عاصم بالغيظ والغضب إلا انه حافظ
على رابط الجأش متحدثا…..
“معنى ايه كلامك ياحاج يونس انا عمري ما خرجت عن طوعك و كنت مثال للابن البار ليك وللعيلة كلها… من يوم ما فتحت عيني على الدنيا وانا ماسك في طرف عباية جدي شربت منه الصنعه وتعلمتها وديرة املاكه من غير ما أطلب مساعده من حد وكبرت اسمه أكتر من الأول واسمكم معاه….كبرت بيكم ومعاكم…..”
تبرم الحاج يونس موضحًا…..
“انا مش بذم في اخلاقك ياعاصم انا عارف كويس انك امتداد لاسمنا انت واحفادي باذن الله لكن
البنت اللي خطبتها……”
“اسمها شهد وهي مراتي مش خطيبتي….”قاطعه عاصم ولم يعلو صوته عن الطبيعي….
تافف الحاج يونس وهو يقول برجاحة
عقل…..
“لا حول ولا قوة الا بالله…. المثل بيقول حاسب قبل ماتناسب… والرسول عليه افضل الصلاة والسلام وصانا لما قال ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)…انت قبل ما بتختار زوجة ليك بتختار
ام لاولادك عيلة تانيه بتدمجها بعيلتك….”
ثم استرد بعدم رضا……
“والبنت دي لا مناسبة ليك ولا مناسبة لعيلتك…وبعد اللي حصل اتضح انها مستحيل تكون زوجة وام صالحة… اللي تبيع ضميرها بشكل ده تتوقع منها
اي حاجة….”
فارة الدماء في عروق عاصم فأوقفه بصوتٍ
محتد……
“حاسب على كلامك ياحاج يونس دي مراتي..مرات
عاصم الصاوي….شرفي وعرضي..وان بعض الظن
اثم… مراتي بريئة وفي حد ملفق لها القضية دي..”
التوى ثغر الرجل بعدم اقتناع….
“حتى بعد ما الحكومة فتشت المطعم واثبتت انها مذنبة..”
عقد عاصم حاجباه جافلا لوهلة…..فاسترسل
الحاج يونس…..
“مستغرب ليه فكرك هاجي اكلم معاك كده من غير ما اتأكد من الموضوع بنفسي…تفتكر انا عايز ارميها بالباطل وخلاص انا بتكلم على حسب اللي وصلني وعرفته….”
صاح عاصم بصدرٍ يحترق….
“كل ده كدب اقسملك بالله شهد بريئة…..”
رمقه الحاج يونس مستنكرًا فالزيجة باكملها تشي
بالفشل الذريع الذي سيقع على عاتقه للمرة
الثانية….فأفصح عن شكوكه بأسلوب جلي…
“ياعاصم اهلها مش من مستوانا….اخوها شغال سواق على مكروباص في موقف (…..)وابوها لا ليه شغله ولا مشغله كل شوية يتجوز ويطلق واخر واحده اتجوزها كانت….”
استغفر الحاج يونس متافف بضيق بالغ…..
” انا مش فاهم اي اللي عجبك فيها….اذا كانت
جميلة ففي اجمل منها….وبنات عائلات يتمنوا نسبنا….اشمعنى دي ياعاصم… ”
اندفع بعاطفيه يخبره دون حرج…..
“بحبها…..بحبها وعايز اكمل الباقي من عمري معاها
دا مش سبب كافي….”
نظر له الحاج يونس لبرهة ثم اضاف بجزع…
“نفس عناد مسعد لما وقف قدام أبوه زمان
وصمم يتجوز إلهام….”
فابتسم الرجل ساخرًا مضيفا…
“على الأقل إلهام قدرت تتأقلم معانا ومسمعناش عنها غير كل خير لكن خطبتك في فترة قصيرة خلت سيرتنا على كل لسان…وشمتت الكل فينا…..”
سحب عاصم نفسًا طويلًا كاد ان يقتلع أزرار قميصه
وهو ينهي الجدال بـ……
“حادثه بسيطه وربنا سترها…وانا متأكد انها ملهاش دخل فيها….وبريئة من كل التهم دي…. ”
رمقه الحاج يونس بغضب…..
“معنى كلامك انك هتكمل في الجوازه دي وهتكسر
كلامي….وهتقف قصاد مصلحة العيلة…. ”
اربد وجه عاصم فقارعه بالحديث….
“واي مصلحة العيلة في اني اسيب مراتي…يعني
هو ده اللي اتربينا عليه ياحاج يونس… أول ما تتعرض لأزمة زي دي اقولها مع السلام متلزمنيش..
مصلحة العيلة فوق كل شيء….”
نظر له الرجل بغضب كسى وجهه المجعد….
فاضاف عاصم بتقهقر احترام للسن والمكانة
التي يمتلكها الحاج يونس امامه وامام عائلة
الصاوي الكبرى……
” انا مقدرش أكسر كلامك ياحاج يونس لكن دي حياتي..وانا اختارتها وهكمل معاها للآخر…واوعدك اللي حصل ده مش هيتكرر تاني لان شهد خلاص قفلة حوار الشغل بضبة والمفتاح وانتهى لحد كده…..”
ازدرد الحاج يونس ريقه وهو يخفف من
حدته….مستفسرا بشك…..
“متأكد انها مظلومة وبريئة من التهمة دي….”
اقسم عاصم وهو ينظر اليه برجاء….
“ورحمة ابويا وامي بريئة….وكل ده اتلفق لها ظلم…”
ساله بحيرة وتعجب….
“ومين اللي ليه مصلحة يلفق لها تهمة بشكل ده….”
نظر عاصم في اللاشي بملامح صخرية
مغمغما…
“مصيري اعرفه وساعتها مش هرحمه….”
……………………………………………………………
وقفت امام احد الجدران التي تم طلائها قريبًا باللون الاسود الفحمي تأملت بعسليتاها بدقة تلك الوردة البيضاء البراقة التي رُسمت في منتصف حائط
شديد السواد ، وأوراقها الجميلة تسقط ارضًا
بانكسار حزين…..
وكانها صورة مقتطفة من حلمٍ يتيم فارقها قسرًا !…
بلعت ريقها وهي تقاوم غصة البكاء القاسية لن تستسلم لمثل تلك المشاعر سترضا بمشيئة الرحمن وتقبل بتلك النهاية…..
فيبدو انه ما كتب عليها لا مفر منه… لكن ثأرها لن تتركه طالما في صدرها نفسًا يتردد… تلك المرأه لن تفلت من بين يداها ستعرف سرها وستكشفها امام الجميع….
“اي رأيك في الشغل البشاير بدات تبان مش كده…”
اتى صوت المهندسة( آلاء)بتودد….
فنظرت لها شهد بملامح فاترة ثم سالتها وهي
تشير للحائط الأسود…..
“مين طلب منك الرسمة دي يالاء…..”
قالت آلاء بهدوء متريث….
“المعلم عاصم شافها فعجبته…دا هيكون الركن الخاص بيه فحبيت استشيره بديكور اللي يحب يعمله..واختار الديكور ده…معجبش حضرتك؟…..”
“عجبني اوي بس كئيب…..معقول هو اللي اختاره….مش دي شخصيته…”قالتها شهد وهي
تطلع على الحائط بعينين منكسرتين…..
قالت الاء بابتسامة متزنة….
“احيانا اختيارتنا بتبقى مرتبطه بذكرى معينة….مش شرط يكون نابع من شخصنا…..”
اومات شهد براسها بتفهم….
“يمكن……ممكن اتكلم معاكي شوية يالاء….”
اكدت الاء بحبور….. “ايوا طبعا انتي تؤمري…..”
وقفا معانا في شرفة الشقة التي يتم تجهيزها الان على نطاق واسع……قالت الاء بعملية….
“مفيش اي ملاحظات عند حضرتك على الشغل اللي اتعمل…لو في اي حاجه حابه تضفيها أو تغيريها انا تحت أمرك… ”
سحبت شهد أكبر قدر من الهواء البارد ثم قالت بتريث….
“مش هو ده اللي جيالك عشانه انا جايه في
موضوع تاني خالص….”
قالت الاء….. “اؤمري….”
فتحت شهد سحابة حقيبتها واخرجت منهم
رزمةٍ مالية……
“الأمر لله وحده….خدي دول يالاء….”
نظرت الاء للأموال بعلامة استفهام….
“اي دول يانسة شهد…انا لسه واخده دفعه كبيرة تحت الحساب من الاستاذ عاصم…..”
قالت شهد بنبرة حاسمة….
“دا ملوش علاقة بالشغل دا ليه علاقة باتفاق هتفقه
معاكي….”
قالت الفتاة بتوجس… “مش فاهمه اتفاق إيه…..”
بللت شهد شفتيها وهي تقول بنظرة حازمة….
“انا عيزاكي تاخدي وقتك انتي والعمال في تجهيز الشقة هو المفروض فاضل قد إيه من المهلة المتحددة…”
قالت الاء….. “أقل من شهرين…..”
قالت شهد بأمر….. “خليهم سبع شهور…..”
انعقد حاجبي آلاء….. “مش فاهمه…..”
قالت شهد بعد ان سحبت نفسًا مضطرب…
“يعني خدي و قتك في توضيب الشقة…ولو عاصم سالك قوليلوا اني طلبت منك تعديل في كذا حاجة وغيرت في الديكور اكتر من مرة وده عجزك ومخلكيش تخلصي في الوقت اللي متفقين عليه…”
قالت آلاء بعفوية….
“طب وحضرتك ليه عايزة تعملي كده…”
توترت حدقتا الاء فور نظرة شهد المحذرة
فقالت بتلعثم….”مش قصدي أدخل بـ…..”
قالت شهد ببرودة أعصاب….
“مسألة شخصية…..اتمنى تلتزمي بالاتفاق
والفلوس دي اعتبريها عربون واكيد هيبقا في
زيهم لو استمريتي في اللي طلبته منك…..”
نظرت الاء للأوراق النقدية بين يدي شهد ثم لعينا شهد الجادة والمنتظرة….فمدت آلاء يدها مستسلمة
بعد لحظات من الصمت قالت بتردد….
“اللي تشوفيه طالما مسألة شخصية ومش هضر
حد اتفقنا… ”
فوضعت شهد يدها في كف آلاء دون تردد او
تراجع عن الأمر فمن الان وصاعدًا ستواجه دون خوف او حذر !!…..
………………………………………………………………
وقفت فوق الصخور وامام البحر الهائج بامواجه الثائرة.. عاقدة ساعديها تشاهد بعقلا شارد وقلبٍ عالق في دهاليز الماضي وظلامه…..
عندما داهم انفها عطره اغضمت عيناها بتأثر وهي تعد من واحد لعشرة لترتب افكارها للمرة المائة…..
شعرت بدفء يسري في كامل جسدها كسائل وردي دافئ براق عندما اهداها قبلة حانية على وجنتها
الشاحبة هامسا بتحية الصباح المعتادة التي
أدمنت عليها…..
“صباحك شهد…. ياست الحُسن….”
اكتفت بايماءة وهي تنظر لعيناه بشوقا اخفته
تحت قناع البرود…..
“صباح النور….. كويس انك جيت زي ماقولتلي…”
ضيق عيناه وهو يقف امامها والبحر جوارهما يثور
ويتناثر على الصخور بالاسفل بينما يقفا هم على الصخور العلوية……
“واي اللي هيخليني اتاخر عليكي ومجيش…”
زمت شفتيها بعتاب…..
“دا السؤال اللي المفروض تجوبني عليه….”
وضع يداه في جيب بنطالة…”اللي هوه…..”
رمشت باهدابها عدة مرات بانفعال واذنيها ووجهها يغطى بحمرة الغضب…
“فات قد إيه على معاد فرحنا ياعاصم….”
خفق قلبه متجوبا معها
بحب…
“اسبوعين…. وعشر ساعات….”
نظرت اليه مصعوقة من تلك الدقة وعندما بادلها النظر بقوة تتوغل لقلبها الملتاع انتابها انتفاضه
خفية….وهي تجلي صوتها باتزان….
“انت غيرت رأيك ياعاصم قولي بصراحه انا مش هضايق بس بلاش تفضل معلقني كده….”
“واضح انك ناسيه انك مراتي….”أخرج زفرة
مستاءة… مابال الجميع اليوم معه الكل يختبر
صبره وقوة تحمله ؟!!…
الصبر والرحمة يالله….
قالت شهد بصلابة….
“مش ناسيه انت اللي ناسي انه كتب كتاب واننا
في حكم المخطوبين…..”
سالها ببرود… “يعني إيه…..”
رفعت شهد وجهها الابي تواجه ظلام عيناه
المستعارة بالغضب….
“المفروض انا اللي اسألك السؤال ده معناه إيه ياعاصم.. انك تستنا كل ده بعد ما طبعنا كروت
الفرح وحجزنا القاعة…..”
نظر عاصم للبحر مجيبًا….
“انا اجلت الموضوع شوية بعد اللي حصلك….”
قالت بانفعال مكتوم…
“اجلته عشاني ولا عشان اهلك رافضين….”
أدار وجهه اليها بملامح عابسة فقالت
بقسوة….
“على العموم انا هوفر عليك اللف والدوران….
طلقني ياعاصم وكل واحد يروح لحاله….”
تبادلا النظرات لبرهة وكانت ملحمة عنيفة تلفهما
في درب محتدم حتى قطع عاصم الامر بجملة
باترة…..”تمام…. يلا بينا….”
تسمرت مكانها مبهوته شاعره بسهام سامة
تخترق صدرها….. “إيه….. على فين ؟!….”
هز عاصم كتفه ببرود… “هعملك اللي انتي عيزاه….”
سالته جافلة…… “هطلقني…..”
اوما براسه بعينين صقريتين…
“زي ما تحبي… غيرتي رأيك….”
هزت راسها بنفي وهي تنظر ارضا مقاومة
غصة البكاء الحادة…
“أكيد لا بس انت واقفت بسرعة دي معقولة….”
قلدها في اخر كلمتين بتشنج….
“زي مانتي بتطلبيها بالسرعة دي…معقوله برضو…”
ازدردت ريقها بحرج….
“انا بتكلم على حسب اللي شيفاه قدامي….”
هتف عاصم بتهكم…
“وانا رديت على حسب كلامك… يلا انفذلك اللي انتي عيزاه دي تاني مرة تطلبيها وانا مش هستنى التالته…”
شعرت بنغزة مؤلمة في قلبها فقالت
بتكتف….
“واضح انك حابب ترجع لمراتك الأولى….”
صاح في وجهها بعصبية
مفرطة….
“قصدك طلقتي…….طلقتي….”
تماسكت امام غضبه السائد….
“مش هتفرق كتير كده كدا انت عايز ترجعلها….”
هتف عاصم بسخرية سوداء محدث نفسه بصوتٍ واضح….
“غيرانه الهانم مع ان طلقني على لسانها زي البانه….”
رفعت شهد اصبع التحذير….
“اتكلم بطريقه احسن من كده….انا مش
بحب التجريح..”
انزل اصبعها من امام وجهه بنفاذ صبر
هازئًا….
“لكن انتي تجرحي عادي مش كده….”
قالت بصوتٍ متهدج بالمشاعر العنيفة….
“انا بتكلم على حسب اللي شوفته منك الاسبوعين اللي فاتوا….دا غير انك قللت مكالمتنا وانا النهاردة اللي طلبت أشوفك….”
تافف عاصم وهو ينظر للبحر بنفسٍ مليئة
بالهموم……
“عشان انا في مشاكل…. في مشاكل من ساعة اخر مرة كنت معاكي فيها مشاكل فوق راسي من كل ناحية وبحاول احلها..”
المها قلبها لأجله فقالت بترفق…..
“اكيد مشاكل بسبب اللي حصلي…بلاش تقاطع
اهلك عشاني ياعاصم…..خلينا ننفصل بهدوء….”
زمجر عاصم من بين اسنانه بنفاذ
صبر…
“دي تالت مرة تنطقيها ياشهد….”
“دا لمصلحتك صدقني…..”قالتها بثبات تحسد
عليه ، فعيل صبره بسأم…..
“عليكي برودة اعصاب هتشلني….”
تحاشت النظر اليه موضحة….
“دي مش برودة اعصاب دا المنطق….”
تضخم صدره بمشاعر سوداوية…فنظر لها بانفعالا متجهمًا……
“والمنطق بيقول اننا نطلق ونسيب بعض مع أول اختبار حقيقي لينا…..إزاي بتتخلي عني بسهولة
دي وانا ماسك فيكي ومتبت…..”
لمعة عيناها بدموع وهي تنظر اليه بضعف…
“عشان مترجعش تقول ياريتني…يارتني سبتك
من الأول..”
انعقد حاجباه بعدم فهم….
“وليه هقول كده إيه اللي هيخليني أندم ياشهد….”
اعتصر قلبها قبضة جليدية فقالت…
“معرفش محدش عارف بكرة مخبي إيه….”
أعشقك ياعاصم اقسم لك انني اصل معك لقمة العشق لكني اخدعك استغلك عن قصد لكن لي اسبابي التي ربما ان عرفتها تترفق بي أو لا !..
سالها عاصم بعد لحظات من
الصمت… “انتي عايزة تطلقي….”
انعقد لسانها وطالت النظرات بينهما كالحنًا
حزين يقطع نياط القلوب…..
“واضح ان السكوت علامة الرضا…اركبي العربية….”
قالها عاصم بجمود وهو يشير على السيارة خلفهما
لم تتحرك شهد بل سألته مصعوقة.. “على فين….”
رد بنظرة جامدة وكانه يضعها تحت
الاختبار…
“على المأذون….يلا ننفصل من غير شوشرة…”
خفق قلبها بقوة مؤلمة وبهت وجهها بشدة
والأحرف تتعرقل على لسانها…
“نـ ننفضل ما اا…. مانا لازم ابلغ أهلي….”
هز عاصم راسه بجدية شديدة….
“لا بعد ما نخلص نبلغهم عشان ميضغطوش عليكي..”
هل سيتركها فعلًا بهذه السهولة….تراجعت للخلف خطوة وهي تلملم شتاتها ففلتت من بين شفتيها
شهقة هلع…..”اااه…..”
مسكها من خصرها بقوة قبل ان تنزلق قدمها
أرضا…. “حاسبي…..”
اغمضت شهد عيناها لثواني وعندما شعرت بذراعيه القويتين تحتوي خصرها وتدعمها….حتى فتحت عيناها تنظر إليه…..
تأمل عاصم عسليتاها في تلك الميلة البسيطة
فكانا كشمسان يضويان في ساعة المغيب فوق
زرقة المياة….
سالها وعيناه تتشرب من جمال
حُسنها…”انتي كويسة ياشهد….”
همست بضياع خارج حدود النص…..
“انت هطلقني…..هطلقني بجد ياعاصم…..”
عدلها بحركة بسيطة ثم تكلم بحيرة من
فهم تلك المخلوقة غريبة الاطوار….
“حيرتيني معاكي وكان انا اللي طلبت مش انتي….انتي عايزة إيه بظبط…. ”
همست باعياء وهي ترجع خصلاتها
للخلف…
“مش عارفه…..مش عارفه….”
نظر عاصم لها طويلًا ثم قال دون
تبسم… “بس انا بقا عارف….”
……………………………………………
كانت طوال تلك الرحلة القصيرة بسيارته صامته واجمة الملامح باهتة النظرات وكانه يقودها للجحيم !..
عضت على باطن شفتيها وعقلها يتأرجح بين الندم
والغضب….
هل سينتهي الأمر بهذه السرعة، وكانه كان ينتظر قرارها حتى يلوذ بالفرار…..
رمشت باهدابها عدة مرات بعصبية واذنيها تزداد احمرار ووجنتاها تلتهب غضب وقهر….يحترق صدرها بأتون حارق من الغيرة فهي بغباء ستفرط بحقها به وتتركه لغيرها ؟!..
انها تعذب نفسها وتقحم قلبها في قصة حب بائسه فلو كان متمسك بها ولو قليل ما كان ابتعد عنها سابقًا لاسبوعين كاملين متحجج بمشاكله وهو في الواقع يحاول التأقلم على بعدها !…
وكانه انزعج من ضجيج افكارها فقرر
سؤالها…. “بتفكري في إيه….”
لم تنظر اليه بل قالت باقتضاب….
“ولا حاجة….. هو لسه بدري على مكتب الماذون….”
“قربنا… ياترى بعد ما نـطـ…..”جز على أسنانه وهو يركز على الطريق سائلا بفضول وتسلية…..
” بعد ما نسيب بعض هتعملي إيه…..”
نظرت ليدها التي تضغط عليها بحنق…
“هعمل إيه… هرجع لحياتي من أول وجديد….”
سالها بهدوء…. “إزاي بعد اللي حصلك…”
لوت شفتيها مجيبة بقلة حيلة….
“بسيطه هبدأ من الصفر تاني هعمل اسم مستعار وهبدأ اشتغل بيه على النت…..”
نظر لها بدهشة مزمجر بعدم رضا…
“مفيش فايدة فيكي…. بعد كل اللي حصلك ولسه بتفكري في الشغل…”
قالت بوجوم وهي تنظر اليه بعينان تقدحان شرارٍ
وغيرة…..
“والله معرفش شغل غيره…المهم انت بقا هتعملي إيه
لم ننفصل….”
ادعى التأثر وهو يطرق على عجلة القيادة
بحزن……
“هعمل إيه…. هرجع تاني اعيش حيات العزوبية وحيد بين أربع حيطان شوية في الورشة وشويه
في الصاغه..”
ازدردت ريقها بتساؤل…. “يعني مش هتجوز تاني….”
نظر لها بطرف عيناه بخبث ثم نظر للطريق وهو يمط
شفتيه مفكرًا……
“أكيد هتجوز تاني….الواحد برضو لازم يكون في حياته ست حلوة تدلعه وتاخد بالها من طلباته…..”
غلت الدماء في راسها فقالت باندفاع
فظ……
“مش شايف انك كبرت على الدلع….وقلة الأدب…”
ضحك عاصم باستمتاع مجيبًا بشقاوة…..
“بالعكس دا سنها ووقتها…وبتفرق اوي معايا الحاجات دي…ولا انتي اي رأيك ياست الحُسن…”
نظرت امامها مقتضبة…… “انا مليش دعوة…”
قلدها عاصم بغلاظة….. “انا ملييييش دعووووه…..”
نظرت له بغضب يتطاير من حدقتاها….فقال
عاصم ببرود وهو يصف السيارة جانبًا…..
“وصلنا ياهانم……”
اشاحت شهد بعيناها عنه الى النافذة المجاورة لتجد نفسها في شارع راقي ونظيف وكانه مقتطف من قطعة فنية منمقة وامام عيناها رأت دار أزياء لفساتين العرائس ، راقيًا شكلا ومرموق الهيئة والواجهة الزجاجية تعرض أفضل وأروع
التصاميم العصرية……
خفق قلبها بتوله وهي تنظر لعاصم
بشك..
“اي ده المأذون هنا….انت بتهزر…..”
رد عاصم بجدية وهو ينزع حزام الأمان
من عليه…
“بيكتب كتاب عرسان جوا…يلا بينا لحسان
اتاخرنا عليه..”
وكانه لطمها بقوة فتسمرت للحظات وقد قتل
الأمل داخلها….فسالته بتبرم وهي تترجل من
السياره… “مستعجل اوي…..”
“فوق ما تتصوري… “مسك يدها واتكأ عليها بتملك
دغدغ أوصالها ومن ثم دلفت معه لدار الأزياء يدٍ
بيد مشهد لا يوحي ابدا بزوجين على وشك الانفصال !…
بدأت تطلع على كل ركن بهذا (الاتيلية) الفخم والذي يوجد به أحدث تصاميم لفساتين العرائس بجميع اشكالها والوانها بأذواق مختلفة….
استقبلتهما احد العامِلات بحفاوة وتهذيب ومن ثم اشارة لهما على أحد الغرف الشاسعة والتي كانت باللون أبيض ناصع يلائم رقي المكان والموسيقى الكلاسيكيّة المنبعثة منه….
في منتصف أرضية الغرفة يوجد جزءًا علويًا رخامي مصقول على شكل دائرة كبيرة كمسرح استعراضي
وعلى اليمين واليسار مرآتين كبيرتين لترى العروس
ثوبها وتقيمه هي ومن يرافقها……
تركتهما العاملة لبضعة دقائق حتى تختار العروس ثوب الزفاف وتبدأ في مساعدتها في ارتدائه….
عندما انفرد بها… تحدث وهو يضع يداه في جيبه ناظرا لها بتسلية….
“احنا حجزنا القاعة وطبعنا الكروت بس نسينا الفستان والبدلة…..”
قالت شهد بتردد….
“معنى كلامك اننا جينا هنا نختار الفستان….”
أكد بنظرة جادة مسيطرة…..
“أكيد….ياست الحُسن.. ولا انتي ليكي رأي تاني….”
اشاحت بوجهها وهي تنظر لأحد الاثواب المعروضة
على تماثيل مجسمة….
“انا عجبني ده أوي….. اي رأيك….”
اشارت لأحد الاثواب بعشوائية من شدة التوتر….فنظر عاصم للتماثيل المجسمة المعروض عليها افخم اثواب الزفاف……فأشار الى تصميم
جذبة من الوهلة الأولى فتقدم منه…..
“دا أحلى….. هتبقي زي الملِكات فيه….”
اقتربت من التمثال قائلة بحيرة وقد اعجبها
الثوب كذلك وبشدة…..
“اي حكايتك مرة ست الحُسن ومرة ملِكة انت شايفني مين فيهم….”
اجاب وهو ينظر لعسليتاها البراقة…
“الإتنين ياشـهـد…..”
سالته….. “إزاي يعني…..”
سحبها من خصرها فجأه قشهقة ووضعت كلتا يداها
على صدره تمنعه من التهور فإنهما في مكان عام ولا
يصح هذا…تخلل عطرها الطيب انفه عطرٍ انثوي جامع بين نسيم البحر وعبير الزهور…..تلاقت
اعينهما في لحنًا مميز مابين الحب والكبرياء…..
فاضاف عاصم بتأني وعينيها مأسورتين بعيناه
القوية……
“أوقات بحس انك ملكة من عصر قديم…عصر فنى ومبقاش موجود غير في كُتب التاريخ….ملكة شديدة وقاسية في الحكم على نفسها قبل اللي حوليها..
لكنها جميلة لدرجة تحير….. روحها الحلوة بطل من عنيها…اذا قربت منها وسرقت مفتاح قلبها مع الوقت هتكتشف انها أضعف واحن ست ممكن تقبلها…وان كل حاجة وحشة عملِتها كان قناع بتحمي نفسها وراه…”
تخلل الصقيع جسدها وهي تقف امامه شاعرة بالعراء
مع نظرة عيناه الثاقبة المشعة بثقة وتحدٍ ان انكرت
حديثه الذي رسخ في راسها الآن كسيف الحاد….
تراجعت خطوتين للوراء بخوف وكانها تحمي نفسها من شعورًا ما… أغرب من الحب التي تكنه له ؟!…
مسك عاصم طرف ثوب الزفاف الحريري الذي
أعجبه واشار لها….
“انا شايف ان ده احلى اي رأيك….”
قالت بسرعة وهي تهرب من عيناه….
“هجربه…”
سحبت ثوبٍ مماثل له من على علاقة الملابس واتجهت سريعًا الى احد الزوايا حيث حجرة المقياس….
نظر عاصم الى المرآة بوجه صخري وعينين تضوي
بالحب و…..التحدي……
لن يلين قلبك إلا لي ، ولن تئنِ حبٍ وضعفٍ إلا في احضاني ، وسرك سأعرفه يومًا منكِ ستروي لي
التفاصيل بنفسٍ راضية وقلبٍ مطمئن..
أعدكِ بهذا….
بعد لحظات خرجت من حجرة المقاسات…. بثوب أبيض يلمع بقماشة الحريري الذي يلتف حول قدّها بجمالًا يسحر القلوب قبل العيون ، ينزل باتساع بسيط يصل طوله لأخر كاحلها ويتدلى جزءا منه خلفها كالعروس الملكية…..
صدق حينما رآها ملكة ، ملكة متوجه على قلبه الولهان…
كان رائع التصميم الملكيّ عليها مميز وعصري رقيق الطلة رفيع شكلا ومضمونًا وكأنه يثبت انه أفضل دون ان يمتزج بقماش التل بورد أو لمعة تشغله وتفسد جماله…
وقفت على الارضية المصقولة العلوية تستدير يمينا ويسارا وهي تنظر عبر المرآتين تقيم الثوب بتأني….
اما هو فوقف كالمسحور يتأمل حُسنها بقلب يخر أسفل قدميها عشقًا…عيناه تبرق كالالعاب النارية ولعابه يسيل في فمه مشتهي رشفة من حُسنها الغلاب…..
غلاب ياسيدتي هواكـِ ، وانا المغلوب على أمري
معك..
ماهو سرك ياجميلة ولماذا تبتعدي باحزانك عني
آلاف الاميال أريد ان اعالجك واعالج قلبي بشفاءك
فمتى يحين الوقت وترفعي راية السلام….
بوجنتين حمراون وعينين خلابتين
سألته….”اي رأيك…..حلو….”
وضع يداه بجيبه وهو على بعد مسافة
منها وعيناه مثبته عليها… “انتي شايفه إيه….”
استدارت يمينا ويسار بتأني….
“بصراحه عاجبني أوي…وكانه اتعمل عشاني….”
اوما عاصم برأسه مبتسما….
“انا كمان شايف كده….حلو اوي عليكي….بس لو
حبى تجربي حاجة تانيـ….”
رفضت بهدوء وهي تتشبث باطراف الثوب بسعادة
طفلة تشع من عسليتاها…..
“لا انا هاخده خلاص انا مقتنعة بيه..”
همست سرا بروح متوهجة….
(يجنن… إزاي قدرت تقنعني بذوقك !….)
قالت العاملة بحبور و التي ساعدتها على ارتداء الثوب….
“بجد هو جميل اوي عليكي ماشاء الله…ذوق حضرتك هايل….”
وجهت الحديث لعاصم فابتسم وعيناه تأسر الكهرمان
بحب وهي تبادله النظرة بكبرياء يليق بها…
………………………………………………………………
في صباح يومًا جديد دلف الى مكتبه الخاص بكامل
اناقته يرتدي حلة رسيمة انيقة مصفف شعرها للخلف
ويضع عطره القوي المميز….
انعقد حاجباه بحيرة عندما لم يراها على مكتبها ككل
صباح……فأتجه الى مكتبه وهو يجري اتصالا بها..
عندما فتح الخط سالها بلهفة…
“انتي فين ياعصفورتي….”
ضحكة برقة وهي تثرثر كالعادة ثرثرة تشبة زقزقة
العصافير مزعجة لكنها مقبولة لجمال مغردها….
(انا في السكة…تصور عزيزة بايظة…..الكاوتش
مريح حبتين….عايزه منفاخ….روحت اشتري منفاخ
قعدت نص ساعة افاصل مع الراجل افاصل مع الراجل لحد ما زهق مني وادهوني بنفس السعر
برضو…..وكاني بهاتي مع نفسي…..)
ضحك سليم وهو يستريح خلف مكتبه مستمتعا
بثرثرتها وخفة ظلها…..
فاضافت كيان باندماج عالي….
(الإسعار ولعت يا سليم….تصور الاندومي سعره
زاد الضعف…ولا شكولاته اللي بحبها لا بجد…
يالهوووي…إمبارح روحت اشتري حاجات لجهازي
عجبتني كذا حاجة….)اضافت بروح متوهجة
بفخر….
(جبت مقشرة على شكل برايه بس تجنن…وجبت سمكة كده سلكون بتفصل الصفار عن البياض
وجبت معلقة على شكل طماطماية…..شهد قعدت تقولي الحاجات دي ملهاش استعمال مش عمليه وانتي كده بضيعي فلوسك في حاجات تافهة….)
انتفخ صدرها بالفخر…..
(بس انا مسكتش قولتلها دول من اساسيات المطبخ….ولا انت اي رايك ياسولي…)
كان على وشك التحدث لكنها اوقفته مثرثرة
بسرعة تفوق الوصف…
(استنى قبل ما تقول رايك مش انا قررت افصل فستان فرحي….في حته مصممة هايلة بتصمم
فساتين الأفراح….انا هصمم من عندها الدريس
بتاع فرح شهد…..)
ثم استرسلت بضحكة شقية….
(صحيح عمو مصطفى كلمني امبارح…يالهوي رغينا مع بعض رغي وهو بيكلمني بقا طاجن البامية اتحرق وحلف انه هياكلهولك محروق…..)
ضحكة بصخب عالٍ استفزه…
(كلتوا محروق…..انا اللي قولتله….)
طرق سليم بالقلم على سطح المكتب
قائلاً… “جدعه…..واي كمان….”
سالته بدهشة….(معقول مزهقتش من الرغي…)
برم شفتاه معترفا…..
“حقيقي كنت قربت أزهق بس مع الوقت اتعودت..”
قالت على الناحية الاخرى بابتسامة
حلوة…..
(طب كويس اديني بسليك لحد ما أوصل عارف إمبارح اتفرجت على حتة مسلسل كوري….يجنن..)
تابع عنها بملل فمعظم مكلماتهما عن المسلسلات
الكورية واللغة الكورية بالمجمل لدرجة انه علق
معه بعض الكلمات من تكرارها عليه !…
“البطل خاين وقهر البطلة تلاتين حلقة وصلحها
في آخر حلقتين….”
اكدت وهي تصحح المعلومة….
(هو دا اللي حصل فعلا بس هما كانوا خمستاشر حلقه بس…..بس في أحداث جديدة….)
اجاب بوقاحة…..
“لو فيها بوس واحضان تمام احكي….”
تخضبة وجنتاها فقالت بحرج….
(اي ده مفيش الكلام دا طبعًا….)
سالها بحاجب مرفوع بشك….. “بجد….”
(هكدب ليه انا…)
تلعثمت بحرج ففي سهرة أمس وهي تتابع اخر حلقات مسلسلها المفضل شاهدت قبلة جبارة بين
الأبطال…لكنها لن تكون أشد حرارة من قبلته
مع ايتن التي رأتها على أرض الواقع….
عند تلك الخاطرة لجم لسانها وضاق صدرها بالغضب
والغيرة وشعرت برغبة بالتقيؤ…..فصمتت لدقائق……
فسالها سليم حين ذاك بفضول….
“ليه جبتي منفاخ لعزيزة مش كنتي ودتيها لحد
صلحها….”
قالت كيان بتبرم….
(عزيزة مش بتحب تكشف على حد غريب..)
سخر منها قائلا بغلاظة… “بتكسف ولا إيه….”
صمتا قليلا فقالت كيان باهتمام فطري
حاني….
(ااه حاجه زي كده….. سليم انت فطرت…)
اجاب بنفي وهو يبتسم بانتشاء….
“اكيد مستنيكي…. عملتيلي فطار معاكي…”
عادت لعهدها بتدريج وهي تقول بمشاكسة…
(بدانا استغلال… انا اشتكيت لعمو منك على فكرة
قولتلوا بياكل سندوتشاتي..)
ضحك سليم بقوة فضحكت معه بصخب انثوي
لذيذ…..فقال سليم بتذكر…..
“عشان كده كان مصمم يفطرني قبل ما انزل…”
سالته بضجر…..(ومفطرتش ليه….)
رد بتملق محبب لقلبها…..
“فطرت لقمتين كده وقولت اكمل معاكي…اي اخبار
فرح اختك حددوا المعاد أخيرا.. ”
اكدت وهي تخرج تنهيدة حمد….
(اه الحمد لله شوفت بعد اسبوعين من التاخير حددوا معاد..الخميس الجاي والحنة الأربع…
اشتريت ساري هندي يجنن لونه أخضر…)
لمعة عيناه على ذكر الزي الهندي….فقال
بخبث…..
“على كده انا معزوم في الحنة دي….”
قالت بجدية صارمة….
(دي للبنات بس يا أستاذ… نتقابل بقا يوم الخميس في القاعة….على فكرة انا عايزة أجازة النهاردة
الإتنين…)
“مفيش اجازات عندنا شغل يا استاذة….”رفض
رفضا قاطعا…..
فقالت بتزمر……
(لا يا أستاذ من حق اي مواطن ياخد اجازة في الظروف اللي زي دي….)
رفض سليم بايجاز….. “مقدرش…”
سالته بضيق……(ليه بس…)
“ابعد عنك يومين إزاي….مينفعش….”قالها بصدق نابع من قلب مغرم بعصفورته الشقية….
ابتسمت كيان ثم حاولت معه بأسلوب الابتزاز العاطفي….
(وان قولتلك عشان خاطري….)
هز راسه برفضا وكانها تراه…… “لا برضو….”
امتقع وجهها فقالت بعنفوان….
(كده.. طيب انا هاخد أجازة رسمية لمدة أسبوع
من عمو المستشار….)
هتف سليم بقوة باستنكار…..
“ياسلام من امتى والمستشار ليه علاقة بشغلي..”
هتفت كيان بتهكم…..
(انا هخليه ليه علاقة لو مسمعتش الكلام وادتني اجازة…..)
سالها بسخرية…… “بتهدديني يعني….”
أكدت بقوة…..(فعلا بهددك….)
هتف سليم بتوعد….. “لم اشوفك ياكيان….”
قالت بفتور…..
(انا تحت على فكرة هطلع بالاسانسير…سليم..)
اعطاها كامل تركيزه فسمعها تقول
برقة…..
(افتح الدرج اللي على إيدك اليمين…)
فعل كم طلبت فوجد علبة هدايا صغيرة سوداء بشريط أزرق….سمعها تقول بحب….
(كل سنة وانت طيب ياسولي…..)
سالها وهو يحرك العلبة بين يده دون ان
يفتحها… “عرفتي منين انه النهاردة….”
قالت بحرارة وهي تدلف من باب المكتب ثم
وضعت حقيبتها على سطح مكتبها الخاص….
(من عمو حبيبي مش بيخبي عليا حاجة ربنا يباركلي فيه يارب…..)
أغلق الخط معها وفتح العلبة برفق ليجدها ساعة
رجالية أنيقة من ماركة مشهورة…..ما يميز الساعة
ليس فقط فخامة التصميم والذوق الرفيع الدال
على منتقيها لكن الاسم الصغير الذي يلمع باللون
الفضة في دائرة الساعة (كـيـان..)
إلا يكفي حبك في قلبي ، تسعي بان تكوني مع كل ثانية تمر من عمري راسخة في ذهني…
آه ياعصفورة الكناري لو تعلمين مقدار عشقي لكِ
ما ظننتِ ان ساعة في معصم يدي ستمنع نسيانك
عن عقلي ولو لدقائق ، كيف تفكرين بهذا فأنا لن أنساكِ دونها او بها…
طلت براسها من خلف باب المكتب قائلة
بمرح…..
“اي رأيك حبيت احط اسمي عليها عشان لم
نتعارك اخد هديتي اللي عليها اسمي….”
ضحكت فضحك بعدها متشارك العدوى معها
العدوى الأجمل على الإطلاق….
“كل سنة وانت طيب….”قالتها وهي تقف امام
مكتبه….فاجابها ناهضا من خلف مكتبه يفصل
المسافات بينهما….
“وانتي طيبة ياعصفورتي…”
عندما وقف امامها بتلك الوسامة المدغدغة
لأوصالها نظرت اليه قائلة….
“اي رأيك نحتفل النهاردة ونخرج انا وانت…”
اجاب وعيناه تحتويها وتقبلها آلاف
القبل…
“اختاري المكان وانا موافق…..”
اومات براسها بوجنتين مشتعلتين…..فوجدته يمد
يده لها قائلا بالباقة…”تسمحيلي برقصة دي….”
اومات براسها بالموافقة وهي تضع يدها
بيده… “يبيوو….”……(جميل)
تحركا خطوتين للامام وللخلف دون موسيقى على
بساط المكتب…. وكان افضل ايقاع لهما في أول رقصة ، هو حفيف الهواء عند تحرك اقدامهما وصخب خفقات قلوبهما مع هدير انفاسها
المضطربة بقربه،وثقل انفاسه المنتشية
بقربها….
قال سليم بمجاملة…
“هون نيو….”…..(أمرأه جذابة…)
ابتسمت كيان بخجلا….. “كوماوو… بتتعلم بسرعة….”
(شكراً…)
برم شفتاه وعيناه تجوب في فضاء الفيروز….
“من كتر ما بتكلمي زيهم…..واضح ان كان طموحك
واحد كوري….”
اكدت بصراحة مطلقة….
“دي حقيقه بس طبعًا لما عرفتك غيرت رايي…”
سالها وهو يملأ رئتاه من عبيرها الياسميني..
“ازاي بقا…”
بللت شفتيها قائلة بتوله….
“اكتشفت ان مفيش احسن من ابن بلدي
سرانغي…”
انعقد حاجبا سليم بعدم فهم….
“معناها إيه الكلمة الاخيرة دي… مش فاهم….”
ضحكت وهي تنزع يداها عنه واقفه امامه بتهذيب معترفة بشجاعه….. “يعني بحبك بالكوري….”
تسمر مكانه للحظات غير مصدقا بعد….
فسالها بتأني….
“دا مش وقت كوري خالص…. قولتي إيه… ”
تنهدت كيان بعذاب معترفة
بحرارة…
“بحبك…..بحبك ياسليم…..”
لم يرد بل فصل المسافة بينهما مندفعًا نحوها يريد سحق تلك الشفاه الشهيه حتى يرسخ تلك الذكرى الجميلة للأبد بينهما…..
لكنها ابتعدت للخلف مزمجرة بسوقية….
“إيه…. إيه انت رايح فين هو فرح… الزم حدودك
وبطل قلة آدب…انا راحه احضر الفطار….”
قال سليم بتزمر كطفلا غاضب من عدم
نيل حلواه المفضلة…..
“النهاردة عيد ميلادي على فكرة….”
قالت متخصرة وهي تقاوم نظرت عيناه الجذابة….
“عايز ايه اكتر من هدية عليها اسمي واعترف بحبك بالكوري وبالمصري….مش شايف انك طماع حبتين..”
“كده طماع…..كيان تعالي هنا بقولك….”أمرها وهو يتقدم منها بنفاذ صبر….
فابتعدت لاخر المكتب عند باب الخروج مباشرةً….تضحك بشقاوة وهي تخبره بحزم…..
“لاه….انا راحه احضر الفطار…وهتقعد مؤدب زي كل
يوم…..لحسان اخصمك….”
زمجر بضجر….. “انتي بتكلمي ابن أختك…..”
رفعت يداها للسماء بتمني….
“يسمع من بؤك ربنا دا انا نفسي اشيل عيالها اوي..”
امتقع وجهه مقتضبا….
“عقبال ما تشيلي عيالك….فصلتيني….”
“ثواني ورجعالك….”قالتها وهي تخرج من
المكتب…..
عاد جالسا خلف مكتبه وهو يشتعل شوقا ورغبة
بها كمن يحترق على صفيح ساخن….
شقاوتكِ لذيذة.. وحبك حلوٍ.. وحديثك وضحكاتك
شهيا فأخبريني كيف اقاوم كل هذا بصبرٍ وتريث…
وانا لم اعتاد بعد على تلك الحدود التي تضعيها بصرامة وكانك تعاقبيني على ما مضى !…
الن تنسي ياكيان ؟!….
……………………………………………………….
ترجلت من السيارة برفقته وعندما استقلا المصعد
بدا يملي أوامره عليها وهي تصغي اليه بحنق شديد
وعندما زادت اوامره حدةٍ مطت شفتيها وهي تنظر
لمرآة المصعد الكبيرة حيثُ ثوب السهرة الانيق التي
اتباعته مع شقيقة زوجها كان رائع وانيق باللون الارجواني الفاتح عليه حجاب يلائمه وقد وضعت
زينة رقيقة وحمرة شفاه لامعة ترى بالعين المجردة
لان زوجها الغيور يرى ان الحمرة رمزٍ لقلة الحياء
وحتى ان كانت ذاهبة لحنة في بيتٍ بين النساء
سحبها من ذراعها لتقع على صدره العريض فورًا
بينما زمجر بخشونة….
“انا مش بكلمك بتعملي إيه….مش المفروض
لما ابقا بكلمك تقفي تسمعي وتردي على كلامي…
مش تبصي الناحيه التانيه وكاني بكلم نفسي….”
تنهدت بتعب وهي تنظر لعيناه الحانقة…كانت تظن إن اقتربا كاي زوجين ستتلاشى كل مشاكلهما وخلافاتهما للأبد لكن مع العكس احيانا تشعر
بالفجوة تزداد بينهما ربما لفرق السن ام انها المرحلة الأكثر توترًا بين اي زوجين في بداية عامهما الأول
من الزواج….
سالته بشفاه مقلوبة بتمرد…
“انت مضايق اوي كده ليه…. ممكن افهم….”
صاح في وجهها بعروق بارزة….
“اسمعي الكلام ياداليدا… مفيش رقص فوق..
مكان ما تقعدي متتحركيش سامعه…”
صاحت بتمرد في وجهه وكانت امامه تشبه الارنب
الصغير امام وحش عملاق…..
“واي فيها يعني لو رقصت… مفيش رجاله فوق كلهم
ستات….”
برقة عيناه بشكلا مخيف…..
“وانا مش عايزك ترقصي ولا حتى قدام الستات
سامعه….”
تاففت داليدا وهي تدب الارض بحذائها
العالي…..
“اوووف….خلاص مش هتزفت…دا انت نكد….”
ردد سلطان الكلمة بصدمة…. “انا نـكـد…”
عقدت ساعديها امام صدرها مكتفيه بايماءة
باردة….فمسكها سلطان بشكلا غير متحضر
حيث قبض على حجابها من الخلف مقربها
منه بهمجية عنيفة…..
لفح صفحة وجهها بانفاسه الساخنة الغاضبة
نظرت له بتخوف وهي تبلع ريقها محاولة
التخلص من قبضته…
“الطرحة هتكرمش بقالي ساعة بكويها….”
هسهس سلطان بنبرة خافته وهو يحركها
بين يده كمن قبض على لصٍ…
“انتي مبتعرفيش تقولي حاضر هيحصلك حاجة
لو قولتي حاضر ها….لا ولسانك مترين لقدام…”
قالت داليدا بضجر وهي بين يداه….
“انا لساني مش طويل وبسمع الكلام.. بس انت
اللي مفتري…حتى الرقص عايز تحرمني منه…”
“ليه واخدك رقاصة بروح امك…..ااه يابنت العضاضة… “صرخ وهو يبعد يده عنها بعد ان
سحقت جلده تحت اسنانها بعنفًا..
زأرت داليدا بوحشية….
“مالك ومال امي…فالح بس في التلفون تقولها عامله
اي ياحماتي اخبارك اي ياحماتي وحشتيني ياحماتي
تعالي اتغدي معانا ياحماتي….”
قال سلطان وهو يمسح يده اثار العضة…
“دا عشان بحبها وهي في غلاوة امي… لكن انتي…
مش عارف ليه مطلعتيش عاقلة وراسيه زيها…”
سالته بصدمة…. “قصدك اني مجنونه….”
اكد ببرود…. “مش قصدي دا أكيد….”
كانت ستنقض فوقه كالببغاء لكنه كبل
يداها مهددا…..
“متمديش ايدك هديكي بونيه اطيرك….”
فتح باب المصعد في تلك الأوقات وكان على وشك
دخوله حمزة الذي تفاجأ بوجودهما به يتشبكا بالايدي
وبعد ان ذابت الصدمه على محياه تنحنح حمزة حتى يجذب انتبهم له…
ابعد سلطان يداه عنها وفعلت هي ايضا وهي تعدل
حجابها بوجنتين حمراوان بحرج….
خرج سلطان من المصعد وهي تتبعه… صافح
سلطان صديقه قائلا….
“الف مبروك ياصاحبي عقبال ليلتك….”
رحب به حمزة بحبور….
“الله يبارك فيك عقبال مانشوف عوضك…”
ساله سلطان…. “انت كنت رايح فين كده…”
اجابه حمزة الذي كان يتأنق بطاقم شبابي أنيق
ويصفف شعره الناعم الغزير للخلف….
“الشقة اللي فوق أجرتها من صاحب العمارة النهاردة عشان قعدت الرجالة تكون فيها… والبنات يفضلوا في شقة عادي من غير ما حد يضايقهم…”
انشرح صدر سلطان معلقًا برضا
تام…
“يازين ما فكرت ياصاحبي….”
تدخلت داليدا قائلة
بحرج…
“مبروك لشهد ياحمزة….”
اجابها بجذل…
“الله يبارك فيكي نورتي المكان..” ثم أشار الى
أحد الزوايا…..
“الشقة بتاعتنا اللي في الوش دي بابها مفتوح البنات
جوا ادخللهم… وانا هاخد سلطان ونطلع نقعد مع الرجالة فوق….”
اومات داليدا براسها وهي تودع سلطان بنظرة
من عيناها الشقية وسارت باتجاه الباب كالحمل
الوديع فابتسم سلطان وهو يراقبها بحب وعندما اقتربت داليدا من عتبة الباب اطلقت الزغاريد العالية مما جعل سلطان يجفل ناظرًا لها بصدمة…..
تمتم سلطان مؤنبا نفسه…
(إزاي نسيت الزغاريط….)
اتجه مع حمزة الى المصعد حيث الشقة العلوية….
…………………………
تهللت اساريرها وهي تعانق صديقتها بسعادة…
“أخيرًا الحظر اتفك ياديدا جيتي…. دا انا كنت هقطعك لو مجتيش….”
قالت داليدا وهي تعانقها بحرار…
“مقدرش… الحمدلله انه رضي…”
نظرت داليدا الى كيان التي تتألق بزي هندي انيق ومحتشم من اللون الأخضر….ثم حانت منها نظرة
على شهد التي كانت تجلس على مقعدها بين المعازيم تتالق بزي هندي كذلك مماثلا لكنه يجمع
بين الأحمر والذهبي…..قالت بحفاوة وهي تميل
عليها لتبارك لها…..”مبروك ياشهد…”
اهدتها شهد إبتسامة رائعة….
“الله يبارك فيكي ياحبيبتي عقبال ماتشيلي عوضك….”
قالت كيان بصوتٍ عالٍ من بين صخب
الأغاني….
“دي بقا قمر خطيبة حمزة وبنت عمتنا…”
اشارت على قمر التي تقف جوار شهد والتي بدورها
انتبهت للحديث وبادلتهما الإبتسامة بلباقة….فتابعت
كيان مضيفة…..
“قمر دي داليدا صاحبتي وجوزها يبقا صاحب
حمزة اوي….”
مدت قمر يدها لداليدا قائلة
بتبسم… “نورتينا ياحبيبتي….”
بادلتها داليدا بروح حلوة….
“بنورك ياقلبي…ماشاء الله قمر وهي قمر….”
ضحكة قمر بود….. “حبيبتي انتي اللي قمر ١٤….”
مالت داليدا على شهد سائلة
بفضول….
“وريني كدا ياشهد رسمة الحنة….”
رفعت شهد ظهر يدها مبتسمة…فقد رسمت رودةٍ
رقيقة مماثلة في اليدين…..عقبت داليدا بجذل….
“الله حلوه اوي ورقيقه…”
ثم قالت داليدا بتودد….
“حلو الساري اوي…لايق عليكم انتوا الاتنين…”
ضحكت كيان وهي تنظر لاختها….
“اسكتي انا وشهد ندمنا ان احنا جبناه..”
سالتهم داليدا…… “ليه بقا..”
قالت بتبرم وهي تنظر للثوب وتطريز
المبالغ فيه…..
“تقيل اوي الواحد مش عارف يتحرك…”
تابعت شهد بضحكة مستاءة.. “وزن فوق الوزن….”
هزت كيان راسها….. “وحياتك اتقل…”ثم نظرت
الى قمر قائلة بغيرة….
“قمر انصح مننا اشترت دريس عادي…”
ابتسمت قمر والتي كانت تتانق بثوب سهرة رقيق وتطلق شعرها الغجري يتراقص بتموج مجنون خلفها…”انا قولتلكم بلاش…..مسمعتوش الكلام…”
“هو حلو بصراحه بس مكتفني….”قالتها شهد ثم صدح هاتفها في حجرها وعندما ابصرت اسمه
ينير الهاتف خفق قلبها قائلة بلهفة…..
“عاصم بيرن هرد عليه وجيلكم….”
عندما دخلت الغرفة واغلقت الباب خلفها خف صوت ضجيج الاغاني قليلاً ثم فتحت الخط ووضعت الهاتف على اذنها……
(الحلو بيعمل إيه….)
اغمضت عيناها متنهدة بتوله….
“يعني قعده مع الناس وكده….شوفت الصورة اللي
بعتهالك…اي رايك لايق عليا… ”
دللها بالغزل الصريح…..
(عيب تسالي السؤال دا ياست الحُسن انتي اي
حاجة تليق عليكي….انتي اللي بتحليها..)
بللت شفتيها بحياء….. “انت شايف كده…..”
دللها بالكلمات…..(انا مش شايف غيرك….)
ضحكت برقة سائلة… “اي اخبار الحنة عندكم…”
تكاد تقسم ان الضحكة تشمل وجهه الآن وهو يخبرها..
(زي الفل طبل وزمر وحاجه اخر حلاوة…كدا كده
كلها ساعة وماشي…)
انعقد حاجباها….. “رايح فين….”
اخبرها عاصم بلؤم….
(حكيم عامل سهرة كده…..لتوديع العزوبية….)
داهم صدرها فجأة شعور الغيرة فقالت
بتساؤل….
“وعبارة عن اي بقا السهرة دي….”
أجاب بإيجاز…
(خمرة وحريم… واحتمال نلعب قمار….)
هاجت بغيظ….. “انت بتهزر ياعاصم….”
ضحك بجاذبية ذاب قلبها معها بينما
أخبرها بهدوء…..
(هقولك اي طيب… سهرة عاديه مع ناس صُحابنا… اقصى حاجة في السهرة دي شيشه….)
سالته بفضول…
“انت أول مرة تروح يعني….”
اجابها عاصم مفكرًا….
(يااه عملتها قبل كده زمان….لم حكيم قرر يتجوز
لاول مرة….) فلته ضحكة من بين شفتاه فضحكت
معه وكانه اصابها بالعدوى…
كان يبدو سعيدًا جدًا ، سعادة تفوق الوصف وكانه
إمتلك العالم بزواجه منها….
عندما تلاشت ضحكاتهما بتدريج سالته شهد
بفضول….
“بتضحك على ايه… اي اللي حصل يومها….”
اجابها وهو ياخذ أنفاسه….
(يومها كان بيشرب وبيعيط… وكانه رايح ينتحر…
مع ان كررها مرتين بعد كده…)
همهمت بتهديد انثوي….”ويترى انت ناوي تكررها….”
اجابها دون تقهقر….
(اتجوزك بس وبعدين نشوف الموضوع ده…)
رفعت حاجبها…… “ياسلام…”
غير مجرى الحديث قائلا…..
(علا اختي وصلت النهاردة…. عشان تحضر فرحنا..)
خفق قلبها بتوتر….. “بجد….و سألتك عني….”
اجابها عاصم مبتسما بسخرية….
(سؤال بس دي خدت تقرير مفصل عنك… وصورك كلها بقت معاها….)
همست بارتياع…. “انت بتخوفني ليه ياعاصم….”
بث بها الطمأنينة قائلا بحنو….
(لا متقلقيش علا مش هتلاقي اطيب منها… بس هي
فضوليه شويه….المهم..)
ردت بهمهمات فاسترسل هو قائلا بعبث….
(انا ممكن اكنسل سهرة حكيم واجي اقضي معاكي اليوم اي رأيك…..)
رفضت بترفع…..
“مش هينفع…. عشان انا مش فاضيه….”
همهم قائلا بوعيد شقي….
(ماشي ياعم المهم كلها سواد الليل وتبقى في حضني ساعتها…قول على نفسك يارحمن يارحيم…)
امتقع وجهها بعنفوان… “المفروض اطمن كده ولا أخاف….”
أكد بوقاحة وهو يتأنى في نطق الكلمات…
(الإتنين ياست الحُسن…. انا عايزك تنامي كويس
وترتاحي عشان سهرتنا بكرة صباحي….)
احمر وجهها واذنيها بخجلا لذيذ فقالت
بضيق….. “عاصم….”
(يسلملي الخجلان…..) ضحك بنشوة وكانه يرى تخضب وجهها الشهي….
…………………………

دلف الى داخل المطبخ فوجدها تسكب (الشربات) في الاكوب الزجاجيه….
وقف قليلًا يتأملها رغم تعجله في احضر ما نزل إليه.. لكنه كالعادة حين يتصادف بها يتعرقل قلبه وانفاسه
وعيناه تتسمران عليها كالمسحور…..
قدها الممشوق جسدا وطولا كعارضات الازياء شعرها الغجري المتراقص بفتون….وجهها البهي المزين وبنيتاها الكحيلة باغواء…..بها لمحة شعبية شامخة وقلبا حنون مفرط في الحب والعطف على الجميع….
تنحنح بخشونة حتى يجذب انتباها….فادارت
رأسها اليه مبتسمة…..
“واقف كدا ليه عايز حاجة…..”
تقدم منها قائلا…. “بدور على صناديق الساقع..”
اشارت على احد الزوايا وهي تتابع ما
تفعله…..
“مانت ركنهم أهوه…..اللي واكل عقلك… ”
تقدم منها حمزة بتساؤل…..”بتعملي إيه….”
نظرت اليه بعينين عاشقة متأملة سيمات
الوسامة به…..
“بصب شربات للضيوف….شكلك حلو… ”
رد بمجاملة….. “اكيد مش أحلى منك ياقمرايه…”
سالها بفضول وهو يراقب ما تفعله بتلك الاصابع
الطويلة النحيلة…
“في وجوه جديده برا….انتي تعرفيهم….”
قالت بتبرم وهي ترمقه شزرًا…..
“تقريباً صحاب شهد من ايام الجامعة….وانت
مركز ليه.. ”
رد بفتورٍ وهو يتأمل جمالها عن كثف….
“قبلت واحده وانا داخل كانت طالعه تتكلم في التلفون..”
سالته بضجر… “والله…وقالتلك حاجة….”
اجاب ببراءة…. “سالتني على الساعة….”
مطت شفتيها متخصرة…..
“اي المياعه دي وهي مش معاها تلفون…”
رفع حمزة حاجبه وكانه انتبه للتو….
“تصدقي صح قلة النوم دي خلتني اتغاشم…اكيد بتلفت الانتباه بس انا غشيم… ”
زمت قمر شفتيها وهي تجز على اسنانها…
“ياحبيبي….ومالك مضايق اوي كدا ليه اجري…اجري الحقها…”
تسمر حمزة مكانه جافلا فقالت قمر بتبرم والغيرة
تنخر في قلبها…..
“ماهو مش جديد عليك…..فاكر فتون ولا الرقاصة…”
انعقد حاجباه متذكرًا……
“طب فتون دي انا تقريبًا فاكر شكلها تشاش…لكن مين الرقاصة دي….”
قالت من بين اسنانها بتهكم…..
“اللي كنت بترقص معاها في القاعة يوم الحادثة اللي حصلت لعاصم….”
إرجع راسه للخلف كدلالة عن تذكره فعقب
بفتور……
“اه افتكرت…يومها هي اللي طلبت ترقص معايا وحياتك فمرضتش اكسر بخاطرها…”
زاد علو تنفسها غضبا…
“انت بارد ومعندكش احساس…”
اجابها حمزة ببرودة اعصاب….
“وانتي مجنونه….وبتنخوري في القديم….مش فاهم انتي عايزة إيه…..تكونيش بتغيري يابت….”
رمقته بنظرة نارية…
“بت؟!…خلي البت بقا ترد عليك..”
فصل حمزة المسافة بينهما وحجزها بين رخامة المطبخ ساند بكلتا يداه جوارها من الجهتين….اختلج قلبها بالخفقات فقالت بتلعثم متأثرة بعد ان تخللت انفاسه المنكهة بالقهوة رئتاها……
“ابعد شوية عيب كده….”
همس بصوتٍ أجش بالقرب من وجهها المتخضب..
“قمراية….بيقوله الحضن في الخطوبة لي طعم تاني…انتي اي رأيك….”
تشنج جسد قمر بتوتر فنظرت الى صنية المشروبات
جوارها ثم قالت بتهديد شرسٍ….
“اعملها كده وانا هرمي الكاسات دي في وشك….”
“الكاسات دا انتي خدتي عليا أوي….”نظر حمزة لها بصدمة قليلا ثم تجرأ ولف يداها خلف ظهرها بيد واحده كبلها ناظرًا لعيناها بتحدي……
جن قلبها بين اضلعها وذاب جسدها بعد هذا القرب الحميمي…..فقالت بغضب مكتوم…..
“سيب ايدي ياحمزة…..”
“يخربيت حلاوتك….”همس بها حمزة بضياح وعيناه تسافر على ملامحها وعيناها بتأني كمن يكتشف موطنه بعد الهجر !…
بعد هذا الاطراء الغير متوقع منه….ازداد توترها
اكثر فوضعت يدها على صدره تبعده عنها
“أبعد عني ياحمزة…..”
مالى حمزة عليها طابع قبلة طويلة وبطيئة على وجنتها المشتعلة……فضعطت بكفها المفرود على صدره هامسة بضعف.. “حمزة….”
حل وثاقها ووضع يده على خصرها يستشعر نعومة هذا الخصر المنحوت اما اليد الاخرى فسارت باريحيه على شعرها الغجري يلامسه بفضول تلك الخصلات الزغبية الناعمة تسحره كلما تحركت صاحبتها يمينا ويسارا بحرية….
“بتعملواااااا إيه هـنـا….”
اتى صوتٍ من خلفهما يقطع أروع وأجمل لحظة تعيشها معه او ربما اتى لينقذها قبل ان يزداد الأمر سواء وتكن اكثر من قبلة على الخد !…
ابتعد حمزة للخلف خطوة واحد قائلًا
بحنق بالغ……
“شعرها شابك في زرار القميص فبسلكوا….”
تقدمت منهما كيان قائلة بشفاه مقلوبة وهي توزع
نظرات الاتهام عليهما بالتساوي…..
“واي اللي خلاه يشبك في الزرار ؟!!..”
“انا اعرف بقا….”قالها حمزة ثم غمز لقمر دون ان تلاحظ شقيقته ثم صاح بعدها مستهجنًا……
“ماتلمي شعرك ياست فضحتينا……كل شويه يشبك في القميص واقعد اسلك….انا طالع فوق…..”
ثم نظر لاخته التي تنظر اليهما بشك أكبر….
فقال لها مبتسما…..
“عايز حاجة ياكيموو…..سلام….”
عندما خرج حمزة نظرت كيان الى قمر باتهام صريح
فرمشت قمر عدة مرات بتوتر ثم حملت صنية
المشروبات قائلة بثبات…..
“هطلع الشربات للمعازيم…”
بعد لحظات دلف من جديد الى الداخل لاحضار بعض المياة الغازية للرجال في الأعلى فوجدها تقف في
المنتصف بين النساء تتمايل على أوتار اغنية شعبية
بجسد يلين مع الاوتار وكانه آلة موسيقيّة لا تخطئ
الإيقاع…..وقف للحظات يتأملها مشدوها بجمالها
ومفتون بميل جسدها في الرقص…..
لم يتوقع ان يقدم على فعلها مقتحم جلسة النساء
مشاركها الرقص بعصاه الغليظة…..
إبتسمت قمر بسعادة وسط دهشة الجميع واستنكارهما الممزوج بالغيرة والتقريع…..
لكنها لم تبالي بل رقصت أمامه بدلال وحرفنة وكانها
تتحداه ان يتوقف….وكان هو اشد حرارة وعناد منها
فرقص معها بالعصا لأكثر من ساعة وتصفيق يزداد حرارة كلما تبدلت الأغنية لاخرى أشد صخبٍ اما
هو فيزداد تتوقا للمزيد معها بينما عيناه تداعبها بالنظرات الصريحة والهمسات التي لم يسمعها سواهما…..
اما شقيقتاه فظلا يتابعا ما يحدث بابتسامة عريضة سعيدين ببوادر السعادة التي بدأت تعرف طريقها
على وجه اخيهما……
…………………………………………………………..
هذا اليوم مختلف عن كل ما سبق في عمرها… اليوم
هي عروس ستزف الى زوجها… اليوم ستبدأ حكايتها
تاخذ منحنى اخر مختلف..
ستكون كل خطوة وتفكير بحساب اما المشاركة فهي إجباري وليست اختياري؟!….
احيانا تضع عقلها في صندوق مظلم لا يفكر إلا في السلبيات لماذا ترى الزواج سجنًا مشدد بدلًا من رؤيته حياة زوجية متكاملة اقيمت على المودة والرحمة….. والحب…
ان اخترنا(الحب أولا)وتعايشنا على هذا النحو دون انانيه او تخاذل من الطرفين لاستطاعنا جميعًا المرور دون إسقاط….
انهت (الارتست)عملها فقالت لها بابتسامة عريضة…
“كده خلاص خلصنا….بسم الله ماشاءالله..زي القمر
والميكب عليكي يجنن…..”
رمشت شهد باهدابها الكثيفة المظللة عدة مرات وهي ترى صورتها المنعكسة في المرآة…
كان وجهها يشع جمالا ورقي كانت زينة وجهها مختلفة عن اي عروس ، غير مكلفة وتشع كبرياء راقي يليق بــسيدة الحُسن…
وقفت أمام المرآة تطلع الى ثوبها الأبيض ذو التصميم الملكي والى تسريحة شعرها التي ارتفعت للأعلى باناقة منسدل الوشاح الأبيض الشفاف من الخلف بانسيابية….
اقتربت منها كيان ووقفت جوارها قائلة
بابتسامة سعيدة
“قمر اربعتاشر ياشوشو…..الميكب والفستان يجنن عليكي….أحلى واجمل عروسة في دنيا…..”
مالت كيان وقبلت خد اختها بمحبة…وكذلك انشدت قمر بصدق وهي تطلع على شهد….
“دي حقيقه فعلا…..احلى عروس في الكون…مبروك ياشوشو ربنا يكملك على خير….”
قالت خلود التي تجلس خلفهما على الاريكة…
“شهد طول عمرها حلوه…ربنا يتمملك على خير ياقلبي…. ويعوضك…..”
ردت عليها شهد بمجاملة….
“حبيبتي ياخوخه عقبال ماتفرحي بولادك….”
ثم نظرت للفتيات قائلة….
“عقبالكم ياحبايبي واثقه انكم هتبقوا احلى عرايس….”
نظرا الفتاتان لبعضهما ثم تشاركا ثلاثتهن العناق
وهم يبتسما بحب….
رفعت كيان ذراعها قائلة بسرعة….
“تعالوا ناخد صورة حلوة بالمناسبة دي…تعالي ياخلود معانا….”
قالت خلود بامتناع ومزالت جالسة مكانها…
“لا انا بطلع وحشة في الصور اتصوره انتوا….”
ابتسما الفتيات الثلاثة معًا وكانت شهد تقف بينهن وقبل ان تاخذ كيان اللقطه اقتحمت داليدا الغرفة متأنقة بثوب سهرة انيق من قماش الستان الحريري باللون( الاوف وايت) يزين من عند الصدر بقطعة قماش طويلة من التل وتلف حجابٍ أنيق حول
وجهها يناسبه…
شهقت عندما رأت شهد بهذا الشكل…
“ااااااااالله…….تجنني…..اي الحلاااااوه دي….”
ضحك الجميع على ردة فعلها التلقائية…بينما اقتربت
داليدا من شهد قائلة بفرحة عارمة…..
“الف مبروك ياشهد عسولة اوي ماشاء الله….”
بادلتها شهد الابتسامه قائلة بمحبة….
“حبيبتي ياديدا عيونك هي اللي حلوة….”
قالت كيان بغمزة شقية….
“بس اي الحلاوة دي ياديدا معقول سلطان سابك تخرجي بعد الحلويات دي كلها… ”
قالت داليدا بجزع….
“الحمدلله ربنا هداه ورضي….دا عشان شاف الفستان قبل مالبسه يعني ملوش حجه….”
قالت قمر بتململ.. “الصورة ياكيان قبل ما شهد تنزل….”
خبطت كيان على راسها متقدمه منهن….وهي
تشير لصديقتها…..
“ايوا صح….تعالي ياديدا خدي سيلفي معانا للذكرى….”
إبتسمت داليدا بحماسية…
“ومالوا…انا بحب السيلفي أوي…..”
وقفت داليدا جوار شهد ومن الناحية الأخرى قمر
وامامهن كيان التي قالت مبتسمة..
“ضحكة حلوة بقا يابنات خالتي …”
ضحك الفتيات بقوة فور نطقها بهذه الجملة فاخذت اللقطة وقتها أجمل الضحكات لأروع وأنقى نساء راتهن العدسات يومًا…..
……………
مزيج من السخرية والرهبة تستشعر بهما الان وهي تتأبط ذراع والدها نازلة معه درجات السلم الطويل الممتد المزين بالزهور والاضواء والذي ينتهي عند القاعة بقلب افخم فندق في المدينة….
في هذه اللحظة يكون الشعور المسيطر على العروس هو الحزن لفراق حبيبها الأول (الأب..)وكذلك السعادة لكونها عروس ستسلم لزوجها بيد والدها الحبيب….
لكن كل هذا صورة زائفة تمثلها الان امام الحضور اما عن شعورها فهو للاسف ميتٍ…وكأنها بين يدي غريب ترافقه في تلك الرحلة القصيرة بمشاعر باردة وقلبًا لا يتقبل اللحظة باي شكلًا من الأشكال…
كمن يمثل مسرحية ساخرة يضحك على نفسه قبل
اضحاك الجميع عليه…..
حانت منها نظرة على والدها نظرة خاطفة ثم عادت تنظر امامها حتى لا تتعرقل تحت اطراف ثوبها….
حتى هو يبدو انه يتقن الدور على خشبة المسرح ببراعة فقد اخذها من الأعلى دون كلمة مباركة كل ما قاله عندما رآها بهيئة عروس…..
(يلا العريس والناس مستنين تحت….)
وقتها سألت نفسها لماذا لم يعقب على هيئتها ولو حتى برأي سلبي محبط حينها كان سيظهر بعضٍ من اهتمامه كأب ولو بمقدار بسيط !…..
لكنه لم يفعل صمته وبرود مشاعره معها في اكثر لحظة انتظرت بها بقلب طفلة يتيمة ان يراها والدها ولو بالخطأ لكن كالعادة الابوة مجردة من قلبه والانسانية منعدمة فوقع قلبها مهشمًا على صخرة الواقع الصلبة محتفظ بالخيبات الكبرى…..
اقتربت من موقع عاصم الذي ينتظرها عند اخر درجات السلم بنظرة عاشقة تحتويها بالدفئ توعدها بالحب والسعادة…..
وكانه اشرق في قلبها شمس الحب فابتسمت برقة ممزوجة بالحياء…..
اما هو فوقف يتأملها من أول راسها حتى حذائها الذي يظهر بصعوبة من تحت اطراف ثوبها الأبيض الملكي….
آه من جمالك ياسيدة الحُسن….ملكة انتِ على عرش المُلك تجلسين حُسنك سيفٍ رادع للحاقدين ، عيناكِ سهمٍ ذابح للكارهين صمتك سحرٍ يذعن له السواحر
وعندما تطلي ياغاليتي يقف الكل مشدوهًا مبهورًا فانتِ حكاية ملكية لا ترى إلا بين سطور الاساطير…
كان كل مابها يدل عليها يرمز لها جمالها المميز طلتها الملكية ابتسامتها الخجولة الرقيقة سحرها الطاغي على كل شيء بُرعم رقيها وصمتها المحبب وكانها مقتبسة من كل ماهو جميل وقريب من القلب…….
لذلك كل من راها وقف يتأملها باعجاب صريح
وقتها انتبه عاصم لهذا فتمتم بقلب ولهان……
“سبحان من صورك وابدع…اللهم ياحافظ ياخير الحافظين احفظها من شر الحاسدين…..”
خفق قلبها وهي تقترب منه وتضع يدها في يده
بعد ان تركها والدها له منهي الأمر بكلمات مقتضبة لعاصم…
استغربت جدًا تلك المعاملة لكنه لم يتركها كثير
لتفكر بل وجدته يطبع قبلة فوق راسها مهنئها امام الجميع….”مبروك ياحبيبتي….”
ازدادات الخفقات صخب بين اضلعها فنظرت اليه مردده بخفوت لا يسمعه سواها وابتسامة خجولة تزين محياها فتأبطت ذراعه بعدها جالسين في المكان المخصص لهما
وقتها بدات التهنئة من الجميع وبعض الصور التي
تم التقاطها لهما من قِبل الاصدقاء والأهل….
اقتربت منها (علا..)شقيقة عاصم الوحيدة والتي تعيش في الخارج مع زوجها واولادها واتت اليوم لحضور حفل زواج اخيها وستعود بعد عدة أيام مع عائلتها الصغيرة…
تصادفت بـعلا صباحا عندما بدات تجهز نفسها لحفل الزفاف تعرفت عليها وكانت شخصية عفوية ولطيفة لكنها فضولية قليلا وهذا تعاملت معه برحابة صدر وقد مر الأمر مرور الكرام وتلاشت تلك المخاوف بعدها بتدريج……
قالت علا وهي تبارك لهما….
“مبروك ياشهد….طالعه زي القمر ياحبيبتي…”
ردت شهد مبتسمة بمجاملة….
“الله يبارك فيكي ياعلا عيونك الحلوين…”
قالت علا بمشاكسة وهي تنظر الى اخيها….
“اي يا عصوم مفيش تعالي اقعدي جمبي ياعلا ريحي رجلك شويه ياعلا هو انا مش اختك ولا إيه ولا من لقى احبابه. ”
ضحك عاصم قائلا بغلاظة…
“وهو حبك يعني الكرسي اللي قاعد عليه مالقاعة مليانه كراسي قعدي في المكان اللي يعجبك….”
مطت علا شفتيها وهي تنظر
الى شهد….
“شوفتي اتغير من أول ربع ساعة جواز…”
ضحكت شهد بحرج…..
“بيهزر طبعًا ميقدرش يستغنى عنك….”
أكد عاصم وهو ينظر الى اخته بمحبة…..
“دي حقيقة انا ليا مين غيرها….دا هي اختي
وبنتي وامي الصغيرة……”
رق قلب علا فقالت بعينين تلمع بدموع
الفرح….
“ياحبيبي وانا ليا مين غيرك.. ربنا يسعدك ويفرح قلبك ويعوضك خير..”
ثم نظرت الى شهد قائلة بصفاءٍ…..
“شهد مش هوصيكي عاصم في عنيكي…زي ما اتفقنا…وانا رقمي معاكي لو حصل اي حاجة مش هتلاقي احسن مني يسمعك وينصحك……”
إجابة شهد عليها كانت ايماءة بسيطة….فقالت
علا كذلك لاخيها وهي تربت على كتفه بحنو…
“وانتي ياحبيبي حطها في عينك دي شكلها طيبة
وبنت حلال وبتحبك…..”
اقترب يزن منهم قائلا بتزمر…..
“اي ياست علا هتفضلي لزقلهم كتير….هو مفيش غيرك ولا ايه وسعي أبارك للكينج…..”
نهض عاصم بحفاوة ياخذ هذا الصغير في احضانه بمحبة فهو بمثابة طفله الذي لم ينجبه….قال يزن وهو يربت على ظهر ابن عمه الأكبر….
“مبروك ياكينج…الف مبروك… ”
فصل عاصم العناق قائلا بابتسامة واسعة…
“الله يبارك فيك عقبال التخرج يادكتور…وبعد كده
العروسة…”
“ان شاء الله….”ثم نظر نحو شهد تلك النظرة الغريبة التي تحتار في تصنيفها لاختلاط المشاعر المبهمة المنبعثة منها….
“مبروك ياشهد…..”
اكتفت بابتسامة مجاملة…. “الله يبارك فيك عقبالك….”
تدخلت علا قائلة بمناكفة…..
“والله زمان يادكتور يزن انا فكرة من سنتين بس كنت بتقولي يا أبلة علا…..”
عدل يزن ياقة قميصه قائلا بصفاقة…
“دا كان زمان دلوقتي علا بس… ”
لكزته علا في كتفه ضاحكة فمكانته في قلبها
خاصة وغالية منذ ان حملته وهو رضيع…..
اقتربت منهم الهام وقالت بابتسامة صفراء
مباركة….
“مبروك ياعاصم……مبروك ياشهد…..”
تبادلت هي وشهد النظرات لبرهة وكانت عينا الهام
تشتعل بالحقد والغضب ومع ذلك تمثل دورها بأتقان
كزوجة عم العريس…..
رد عاصم باسلوب فاتر…..
“الله يبارك فيكي يام يزن…عقبال ماتفرحي بيزن….”
اكتفت بابتسامة باردة ومسكت ذراع ابنها
قائلة….
“تعالى يايزن عيزاك…..”
ابتعد يزن مع امه وهو يلقي نظرة اخيرة عابرة على
شهد العروس التي خطفت عيناه وقلبه حين راها بثوب الابيض الملكي وتمنى في تلك اللحظة لو
كان هو !!….
قالت علا لاخيها بهدوء….
“عاصم هروح ابص على تيته والولاد…..”
عندما ابتعدت اخته مالى على شهد قائلا
بمداعبة….”اي حكايتك…..”
مالت عليه قليلا سائلة…. “حكاية إي مش فاهمه….”
غمزة لها بشقاوة…
“كُنتي مخبيه الحلاوة دي كلها فين….”
رفعت وجهها الابي تمنع ابتسامتها
بصعوبة….
“قصدك اني كنت وحشة قبل كده….”
هز راسه بنفي مغازلاً……
“مش صحيح… انا من يوم ما وقعت عيني عليكي وانا مش شايف غير شـهـد اسم ومضمون…..”
عضت على باطن شفتيها بخجلا… “بجد…”
اوما براسه وهو يميل عليها بالقرب من اذنها
هامسا…..
“في حاجه مهمة عايز اقولهالك لما نطلع فوق….”
سالته بفضول….. “اي هي….”
قبض على يدها برفق وامتلاك….. “لم نطلع بقا…..”
سالته بعد لحظتين من الصمت….
“هو احنا فعلا ياعاصم…. هنسافر برا مصر……”
اكد وهو يأسر عسليتاها…..
“هنسافر بلد حلوة اوي هتعجبك…..”
قالت شهد بحرج…..
“بصراحه انا أول مرة اسافر برا مصر……”
رد وعيناه تجوبان ملامحها الجميلة بتأني وتتوق….
“ودي احلى حاجة…. ان أول كل حاجة هتجربيها معايا…”
خفق قلبها ونظرت امامها شاعرة بسخونة في وجنتاها فور هذا الكلام الصريح الـ….الوقح…….
تتمنى ان تتخطى تلك المرحلة بعقلية ناضجة دون تراجع او زعر حتى لا يسخر منها ومن خوفها….
انها خائفة وكل ماتعرفه عن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة مجرد مقتطفات بسيطة جمعتها على مر سنوات عمرها السبعة والعشرون…..
فلم تكن مولعة بتلك الاشياء ولم يدفعها الفضول ابدا
للبحث عنها….كانت في عالم اخر أشد برودة وقسوة
عالم لا يقبل إلا بصلبة المشاعر وحجب الرغبات….
ولم تتوقع يومًا ان ياتي اليوم التي تنفجر فيه مشاعرها ورغباتها كأنثى على يد رجلا… وهذا ما حدث عندما ضمها لصدره لأول مرة واشبع شفتيها العذراء بالقبلات والهمسات وقتها هناك شيءٍ تغير داخلها فجأة !….
………………………………………………..
كانت تقف جانبا تاخذ لقطات للعروس من خلال عدسة هاتفها…. فوقف جوارها احد الشباب مدعي التصوير وهو ينظر اليها باعجاب…
فقد تألقت بثوب سهره جميلا من اللون (الافندر) الانيق من قماش الشفون المبطن…..وكانت ترفع شعرها الغجري للأعلى قليلاً وتزينه بمشابك للؤلؤية براقة….وتضع زينة رائعة تلائم ملامحها الشامخة بالجمال…..
قال الشاب بابتسامة جذابة…
“هاي…. نادر ابن خالة العريس…..”
ابتسمت قمر بمجاملة…. “تشرفنا….”
سالها الشاب بعد نظرة متفحصة…
“انتي تقربي للعريس ولا للعروسة….”
قالت قمر وعيناها معلقة على شاشة هاتفها تلتقط
الصور “انا بنت عمة العروسة….”
رفع حاجبه متفاجئا….. “بجد واسمك ايه بقا….”
“وانت عايز اي بقا من اسمها….” قالها حمزة بخشونة والذي وقف جوارهما حائل…..
رد الشاب بطيش مبتسم…. “عادي يامان بنتعرف….”
فارة الدماء في عروق حمزة فدفعه في كتفه
محذرًا…
“روح اتعرف في حته تانيه احسلك….”
رفع الشاب كفيه ببساطه مبتعدًا……
بينما مسكها حمزة من ذراعها
بغضب….
“انتي واقفه كدا ليه….”
سحبت ذراعها من بين قبضته
بضيق….
“بصور العروسة مالك….”
سالها من بين اسنانه بعصبية… “وصورتيها…..”
اومات قمر براسها بتخوف فمسك يدها قابضا عليها
وهي يسحبها معه بهدوء……
“تعالي معايا……”
سالته وهي تسير معه….. “وخدني على فين….”
اجابها وعسليتاه تقدحان شرار….
“هترجعي تقعدي على الطربيزة……مع كيان ومرات سلطان واياكي تتحركي من مكانك…..”
سالته بقلبًا متوهج بالسعادة….
“اي اللي حصل لده كله….”
صاح بغيرة مجنونة….
“انتي مش شايفه كان بيبصلك إزاي….”
رفعت راسها تستشف الاجابة من
عيناه….
“وحضرتك غيران بقا…..”
رد بجدية صارمة اطفأت الأمل داخلها….
“دا طبيعي انتي مش مرتبطه بسوسن….انا راجل دمي حامي وبغير اوي على اللي يخصني…..”
حتى الاعتراف بالغيرة تأبى ان تتركه يمر بصورة خاطئة توضحه بمنتهى البساطه بانه من البديهيات التي لا تحمل اي شعورٍ استثنائي لي !…..
أحرق قلبي اكثر في هواك فانا أستحق جحيمك ، تبًا
لك ولقلبٍ هواك……
ابتعدت قمر بوجها محمر بالغضب واتجهت الى مقعدها وجلست عليه وسط الفتيات باقتضاب….
انها تشعر بانها مفروضة عليه لكنها تنكر الإحساس وكانها تخشى ان ترى الحقيقة البشعة خلف هذا الارتباط ؟!!…..
……………………………
ابتسمت كيان وهي تتقدم من أحد الطاولات حاملة معها طبق كبير ممتلأ بالطعام….
وضعته امامه قائلة بإبتسامة حنونة…
“اول مالبوفية فتح عملتلك حتة طبق ياعموو.. هتدعيلي..”
نظر المستشار مصطفى للطبق بدهشة….
“بس ده كتير اوي ياكيان….”
لم تزول الإبتسامة وهي تخبره بمحبة….
“مش كتير ولا حاجة ياعموو… بالف هنا….”
نظر سليم لها بطرف عيناه قائلا بغيرة….
“وبنسبة ليا ياعصفورة مفتكرتنيش باي حاجة….”
قالت بنظرة شقية تحكي الكثير…..
“انا من رايي تيجي معايا بنفسك يا أستاذ
تشوف هتاكل إيه…”
نهض سليم مغلق زر السترة الفخمة التي يتأنق بها
اليوم برجولة فتية جذابة ومهلكة لقلبها الصغير…
“وانا موافق…. دا انا ميت من الجوع….”
عندما ابتعدا عن الطاولة في طريقهما للبوفية اخبرها
وهو يتأمل ثوبها الانيق الذي كان من قماش الشفون
المبطن باللون( الكناري)الرائع الذي كان يتناسق معها
ومع شعرها البندقي المنساب على كتفها باريحية….
“بس اي الحلاوة دي ياعصفورتي.. اللون الكناري هياكل منك حته….”
رفعت عيناها الفيروزية مبتسمة
اليه…
“انا بحب الون ده أوي…..”
“وانا بحبك أوي….”اجابها بحرارة وهو يأسرها بالكلمات والهمسات…..
خفق قلبها فنادت عليه بدلال…. “سلييييم….”
مسك يدها قائلا برجاء…..
“قوليها ياكيان عايز اسمعها تاني منك…..”
تنهدت بلوعة الحب فهو لا يمل من هذا الطلب
وهي لا تيأس من تكراره……
“بحبك…بحبك اوي ياسليم….”
قبلها بعيناه الاف القبل مجيبا بحرارة
العواطف…
“وانا دايب فيكي… ياروح سليم….”
ابتسمت وهي تشبك يدها بيده متجهين الى احد الزوايا حتى ينفردا قليلًا بعيدًا عن الضجيج والناس لبعضٍ من الوقت……
…………………………
على أوتار الموسيقى الناعمة احتوى خصرها بيداه وقربها منه فاحاطت هي عنقه برفق بيداه وساعدها الكعب العال بكسب طولا اضافيا لها…
كانا متعانقا بحب يتمايلا على اوتار الموسيقى بقلوب
متشابكة بالغرام وعيون تتحاور بالغة سرية مميزة…
“حاسة ان الناس كلها بتبص علينا….”
ابتسم عاصم وهو يضمها الى صدره متعانقا
بشكلا صريح…..
“ركزي معايا انا ياست الحُسن وسيبك من الناس…”
همست بحرج بالغ….. “عاصم…. الناس….”
همس جوار اذنها بصوتٍ أجش…..
“غمضي عينك وانسي كل حاجه….وافتكري بس
انك في حضني…..”
اه من جمال الاحساس وروعة شعوره انه الوطن الذي لم أكن ابحث عنه يومًا رغم غربة قلبي وشقائي لم أبحث عنه فاتى ليكن موطني واماني……
ضمها عاصم الى صدره بشوق يستشعر جسدها الغض بين يداه.. امتلاكه لها بعد معافرة وعذاب، جولة تلو الاخرى جميعها أشد قساوة ووطأة…آه من لذة السعادة والانتصار بعد ان تخطى كل هذا وفاز بها اخيرًا. وها هي أصبحت زوجته امام الله والجميع…..
سحب أكبر قدر من عبيرها الطيب وهو يضمها الى صدره اكثر حتى شعر ان عظامها اللينه ستنكسر بين يداه….
ابتسمت داليدا بحزن وهي تنظر الى هذا المشهد الشاعري الرائع فيبدو انهما عاشقان منذ الازل…..
بينهما كيميا رائعة وكانهما خلقا لبعضهما والحب مزيج دافئ وردي يشع من خلالهما…..
شعرت بنغزة في قلبها ماذا لو كانت ارتبطت بسلطان بعد قصة حب مولعة بالمشاعر المتبادلة بينهما هل كان الأمر اختلف عن الآن….
أكيد فالحياة الزوجية يجملها الحب ومن الاساسيات التفاهم والاحترام والثقة المتبادلة بين الطرفين حتى تكن علاقة متكاملة….
الثقة !…
شعرت به يعانق خصرها ويميل عليها هامسا بملل..
“مش يلا بينا بقا يادودا…. الوقت اتاخر وانا بكرة عندي شغلي بدري في الورشة….”
اومات براسها بتفهم وهي تبتعد معه الى باب الخروج من القاعة بعد ان ودعتهما مستأذنه بالمغادرة…..
…………………………………………………………….
نظرت بعيناها متأملة هذا الجناح الفخم الأنيق والمتكامل بقلب الفندق الذي اقيم به حفل
الزفاف…..
سمعت الباب يغلق خلفها وعاصم يتقدم منها بخطوات هادئة ازدردت ريقها وهي تراه يقف امامها
بتلك الجاذبية المميزة به والرجولة المدغدغة لأنوثتها…
“مبروك ياعروسه….”
ابتسمت وهي تسبل اهدابها
بحياء….
“الله يبارك فيك….”
مسك عاصم فكها الناعم ورفع وجهها اليه برفق
قائلا بصوتٍ مسحورٍ بجمالها….
“تعرفي اني بقالي فترة بحلم باليوم ده…”
سالته بخفقات مضطربة….. “لدرجادي….”
اكد وعيناه تأسرها بعاطفة جياشة…
“واكتر… انتي متعرفيش انتي اي بنسبالي ياشهد..”
مرر ابهامه على بشرة فكها مضيفًا بحرارة…
“اه لو تعرفي اللي جوا قلبي ناحيتك…”
اغمضت عيناها وكانها تستريح على مرسى
الهوى معه…فقال عاصم وهو يبعد يداه عنها…
“احنا لازم نصلي… تحبي اساعدك عشان تغيري الفستان….”
فتحت عيناها وهي ترقض
بخجلًا..
“لا انا هعرف اغيره….”
اوما براسه متفهمًا..
“تمام غيري انتي في الاوضه وانا هغير هدومي واتوضى… بس متتأخريش عليا…”
هزت راسها بانصياع وهي تبتعد… “حاضر….”
“شـهـد..”
نظرت اليه بحيرة فمد يده لها كي تتقدم منه ففعلت
على استحياء…. وعندما وصلت اليه سحبها الى
احضانه وضمها اليه بتوله وهي كذلك عانقت خصره
بكلتا يداها بحرارة وكانها تستريح بعد عناء….
“اه من حلاوة حضنك ياشـهـد….”
ذابت اعصابها مع كلماته وانهار قلبها بين اضلعها مسلم الرايا….
ابتعد عنها قليلاً وطبع قبله على
وجنتها….
“يلا عشان منتأخرش عن الصلاة….”
ثم نظر لعيناها قائلًا بمشاكسة…
“متاكده انك هتعرفي تقلعي الفستان لوحدك….”
اومات براسها بحياء وهي تنزع جسدها من بين
يداه مبتعدة الى غرفة النوم مغلقه الباب خلفها…
بعد لحظات وقفت خلفه بخطوتين باسدال الصلاة تقف بين يدي الله تسمع ترتيل القرآن بصوت عاصم الخاشع في وقفته امامها…..
شعورٍ جميلا احتواها جراء تلك الخطوة الروحانية
منه ، فلم تتوقع ان يكون أول شيء بينهما هو
الصلاة بنية المباركة في حياتهما الزوجية القادمة…
ظنت انه سيكون متلهفًا لاقامة علاقة حميمية
معها فور دخولهما الجناح…
لكنه كالعادة أثلج صدرها بافعاله الرائعة كشخصيته
فكان التلاقي الروحاني بينهما اقوى من الالتقاء الجسدي…..
ولانها الان بدت تشعر بالطمأنينة لكونها تقف على سجادة الصلاة معه تسمع الآيات الصغيرة بصوته
الخاشع الذي بث في أوصالها رجفة تميز جمال
اللحظة وقوة تأثيرها الروحاني عليهما….
بعد ان انتهت من فريضة الصلاة….اعتدل عاصم في جلسته ونظر اليها متاملا شكلها بالحجاب الذي زادها بهاءا وجمالا فقال مبتسما باعجاب…
“تعرفي ان شكلك حلو اوي بالحجاب….”
قالت بوجها متخضب
بالحياء…
“تعرف اني بفكر البسه….”
تمنى بحرارة…… “ياريت ياشـهـد….”
اسبلت اهدابها وقلبها يخفق بجنون…..
فمد عاصم يده وبدا ينزع حجابها من حول راسها
اغمضت عيناها عندما انساب شعرها خلف ظهرها
بانسيابية ناعمة….تخلل نعومته بين اصابعه ثم مالى
عليها وطبع قبلات رقيقة متفرقة على حنايا وجهها
كلمسات آلورد….
علت سرعة تنفسها وهي تشعر بالاسدال ينسحب
من فوق جسدها ومن ثم ينكشف قميص نومها الحريري الأبيض لعيناه ومعه تظهر مفاتنها
الانثويه الرقيقة….
وقف أمام هذا المشهد طويلا يتأملها بنهم فكم
كانت جميلة وشهية بهذا القميص القصير….
حملها على ذراعيه وهو ينال من شفتيها الشهية بمذاق العسل قبلها قبلة طويلة وعميقة اطاحت بمخاوفها وهواجس عقلها عرض الحائط…وبقت
معه كريشة في مهاب الريح……
وضعها على الفراش الكبير برفق ثم انضم لها بعد ان نزع ملابسه عنه وشفتاه مزالت تقضم شفتيها من كل زواية بنهم….ويداه الجريئتان تعرف مسارهما على مفاتن جسدها…
نزع القميص عنها ناظرا الى جسدها العاري بين
يداه والذي افتتن به من النظرة الاولى فتسمر
متأني في النظر اليه فهمست شهد مغمضة
العينين بخجلا صارخ…
“عـاصـم…..”
“افتحي عينك ياشـهـد…”
امرها بصوت محموم من شدة المشاعر الساخنة
بينهما….
فتحت عيناها بألق عاطفي مستجد بينهما….
داعب انفها بانفه هامسا بحب جارف….
“انـا بــحــبــكـــ….”
فغرت شفتاها الحمراء المتورمة قليلا اثار
قبلاته القوية عليها بينما عسليتاها تتسعان
بصدمة جميلة….كبركتان من العسل الصافي…
أومأ براسه مؤكدًا وهو يقضم شفتها السفلى
باسنانه برقة هامسا….
“بـعـشـقـكـ ياست الحُسن….”
اغمضت عيناها شاعرة بدوامة وردية تسحبها اليه
ببطئ فتركت جسدها وقلبها يتذوقا لذات الحب
والرغبات لأول مرة بين يدي حبيبها الـ….الجريء جدًا….

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الحب أولا)

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى