روايات

رواية التل الفصل الثاني عشر 12 بقلم رانيا الخولي

رواية التل الفصل الثاني عشر 12 بقلم رانيا الخولي

رواية التل الجزء الثاني عشر

رواية التل البارت الثاني عشر

التل
التل

رواية التل الحلقة الثانية عشر

مرت الأيام والموعد يقترب
وهي تستعد لذهابها فور وصول نتيجة التحليل ستعود إلى القاهرة في منزلهم ويحدث ما يحدث.
لكن لن تقبل بالبقاء معه تحت سقف واحد بعد ما حدث
اما مراد فنظرت العتاب التي رآها في عينيها لا ترحمه حتى شعر بالخجل من فعلته
وخاصة عندما علم حقيقة الأمر من صديق آسر بأنه كان يتلقى العلاج في الخارج
والادهى من ذلك أنه اتخذ تلك الفتاة كحقل تجارب
ظل يستغفر ربه ويدعوا له بالرحمة والمغفرة
لن يخبر أحد بهذا الأمر وعليه أن يصلح ما افسده أخيه.
أما سلمى فقد راوضها الشك وهي تراه اغلب الوقت شاردًا يتظاهر بالنوم لكنها تعلم جيدًا بأنه يفكر في امرها
لقد صدق والدها حينما أخبرها بأن ذلك اليوم آتى لا محالة
وها قد جاء الوقت التي ستجبر فيه على التنازل ومشاركته مع أخرى ولن تستطيع الرفض
وكيف ذلك وهو لم يرفضها بعد اكتشافهم لذلك المرض الذي سلبها اعز ما تملك وحرمها من الإنجاب
فلما لا تضحي بدورها كما فعل هو
كما إن تلك الفتاة تبدو جيدة ولن تظلمها
ذهبت إلى غرفتها كما تفعل كل يوم وتجلس معها لتهون عليها
فقد شارفت على انتهاء شهرها السادس ومازالت ترفض الذهاب للطبيب
طرقت الباب ودخلت بعد ان سمحت لها نور بالدخول فوجدتها جالسة على الفراش بوجوم كعادتها
_ صباح الخير يا نور.
اجابت دون ان ترفع بصرها إليها
_ صباح النور
دنت منها لتجلس بجوارها وتحدثت بروية
_ مش ناوية تروحي للدكتور برضه؟
هزت راسها بنفي دون النطق بشئ
_ يا بنتي لازم تروحي عشان تطمني على البيبي مينفعش اللي بتعمليه ده
ردت باقتضاب وهي على نفس وضعها
_ لما تظهر نتيجة التحليل
_ نتيجة التحليل كلنا واثقين فيها حتى مراد نفسه بس هو عمل كدة من الصدمة مش اكتر، ده حتى مش فاكر النتيجة هتطلع أمتى
_ هتطلع بكرة وبعدها همشي ومش هتشفوني تاني.
زفرت سلمى بضجر من التطرق في ذلك لأمر كل يوم وتحدثت بيأس
_ يابنتي فكري بالعقل شوية، هتروحي فين؟ وازاي هتقدري تقعدي لوحدك وانتي في الظروف دي، وهتصرفي عليه وعليكي منين؟
لم تفكر نور في ذلك الأمر وهي لن تستطيع العمل وهو بتلك الأشهر الأخيرة من حملها فتمتمت بروية
_ ربنا مبينساش حد.
_ ونعم بالله بس احنا لازم نفكر بالعقل شوية سهام لو ظهرتي قدامها مرة تانية مش هترحمك، ولو فكرتي توصلي لأبوه هتعيدي نفس التجربة من تاني
ردت نور وهي على نفس الوتيرة
_ مش هروح عندهم، وهروح لأهل بابا في اسكندرية
_ وهتقولي ليهم ايه؟
_ الحقيقة واللي يحصل يحصل انا كدة ولا كدة ميتة.
_ بس انتي كدة بتظلمي ابنك وبتظلمي خالتي اللي الروح ردت فيها تاني لما ظهرتي، ليه تموتي حفيدها اللي ربنا بعتهولها عوض على صبرها.
لم تجيب نور والتزمت صمتها فأردفت سلمى
_ على الأقل سيبيها تطمن عليكم وتشوف حفيدها وبعدين أمشي
نظرت إليها نور بحيرة وقارنت بينها وبين سهر التي تدفعها للذهاب دائمًا وسألتها
_ وانتي مستفادة ايه من كل ده؟ المفروض ترفضي وجودي زي سهر وتغيري على جوزك مني.
ابتسمت سلمى بمرارة وتحدثت بمثابرة
_ تقصدي يعني عشان مش بخلف؟
شعرت نور بالحرج من نفسها وقالت باعتذار
_ انا أسفة حقيقي أول مرة أعرف حاجة زي دي، انا بس بتكلم بدافع غيرتك مش للسبب ده أبدًا
اومأت لها قائلة بتفاهم
_ عارفة إنك متعرفيش بس حاجة تانية عايزاكي تعرفيها حتى لو ده حصل والظروف حكمت بكدة فأنا واثقة إن مراد عمره ما هيظلمني ولا هيظلمك، مراد اه بيبان شديد وعصبي بس حقيقي مفيش اطيب ولا أحن منه
لاح الحزن بعينيها وهي تتابع
_ انا قبل ما اتخطب لمراد تعبت أوي والدكاترة اكتشفوا إني عندي ورم في الرحم ولازم يستأصلوه، طبعاً موضوع زي ده يحصل مع بنت لسة متجوزتش كان بمعدل الإعدام
مين هيرضى يتجوز واحدة بظروفي دي
فجأة لقيت مراد جاي بيطلبني وده بقى كان حلم حياتي مكنتش مصدقة نفسي بس محبتش اظلمه معايا وطلبت منه أنه يشوف حياته مع واحدة غيري بس هو رفض واتمسك بيا وعجل بفرحنا عشان يكون جانبي وانا بعمل العملية
متخلاش عني ولا سابني لحظة واحدة والنوع اللي زي ده عمره ما يظلم أبدًا
حاولت الابتسام لكن الذكريات المؤلمة نثرت الحزن على ملامحها وتمتمت بلهجة يشوبها الألم
_ كنت ديمًا بستكتره على نفسي وأحياناً بحس إني ظالمة إيه اللي يجبره يعيش مع واحدة في ظروفي مفيش أمل أنها تكون أم، طلبت منه كتير انه يتجوز بس هو كان بيرفض، صدقيني مراد انسان اللي زيه بقو قليلين أوي
فكري في كلامي كويس وبلاش تهور
خرجت من الغرفة تتبعها نظرات نور التي تأثرت بها لكنها ستظل على موقفها ولن تبقى في ذلك المنزل بعد ما حدث.
……….
في مكتب ادهم
جلس توفيق على المقعد أمامه وتحدث بضجر
_ انا خلاص يا ادهم مبقتش قادر اتحمل الوضع ده، البنت بقالها تلات شهور مش عارف عنها حاجة وكل فين وفين لما اسمع صوتها ارجوك اتصرف.
ضغط ادهم على الجرس فدخلت مديرة المكتب
_ نعم يافندم.
_ كوباية ليمون لوسمحتي يا أمل.
_ تحت امرك
خرجت المديرة وتحدث توفيق بحدة
_ ليمون ايه اللي هتعمله انا عايز اطمن على بنتي.
نهض ادهم ليجلس على المقعد المقابل له وتحدث بهدوء
_ اهدى بس وخلينا نتكلم بهدوء، أولًا انا عرضت عليك في الاول إنها تسلم نفسها وانا وعدتك إنها هتخرج منها براءة لأن ده دفاع عن النفس القاضي بيحكم من اول جلسة
بس انت رفضت خوف من اسبوعين هتقضيهم في الحبس فلازم نتحمل لحد الراجل ده ما يفوق من الغيبوبة ويعترف بكل حاجة.
_ امتى بس؟ ده بقاله شهرين وكل ما اسأل الدكتور يقولي مقدرش أحدد.
دلفت المديرة ووضعت العصير أمام توفيق ثم خرجت واغلقت الباب خلفها
حمل ادهم الكوب وناوله لتوفيق
_ اتفضل اشرب وخلينا نتكلم بهدوء.
ابعد الكوب عنه وتحدث برفض
_ مفيش هدوء وبنتي بعيدة عني ومعرفش عنها حاجة، وحتى مانع حد مننا يروح لها.
تنهد ادهم بتعب وغمغم بتسويف
_ لازم ياعمي لإننا مش ضامنين، أهل الولد ده مش ساكتين وبيدوروا وراكم عشان يعرفوا مكانها ويبلغوا عنها واحنا مش عايزين نجازف، نطمن بس انه فاق من الغيبوبة وبعدها نتصرف زي ما احنا عايزين.
وافق توفيق على مضد وظل يتابع حالته مع ذلك الطبيب الذي أصبح يشك في أمره.
……….
وقفت تنظر إليه من خلف شرفتها وهو يداعب حصانه ككل صباح
مازال على نفس قوته لم تغير إعاقته اي شيء
لازال ذلك الماهر الذي يتمتع بفروسية وشجاعة لم تراها من قبل
كانت تتابع سباقات الخيل باستمرار لكن لم ترى في بسالته أحد
نعم تغير كثيرًا وأصبح حاد الطباع قليل الكلام لكن لم تتغير نظراته الجامحة حنانه وطيبته التي هي جزء أساسي في شخصيته
وما ضايقها اكتر هو عدم ارتداءه العباءة التي كانت تزيده هيبه ووقار
كانت تتمنى أن تكون بجواره في تلك المحنة لتهون عليه لكن لم يشاء القدر أن ينصف وليدهم والقاه في غيابت الچب قبل أن ينمو ويزدهر
تتذكر كيف تلقت حقيقة زواجه وكيف أخفض حينها عينيه بحزن ماثل حزنها وقد يكون اشد وأقوى
اصرت في ذلك اليوم على الذهاب ولم يستطع أحد أن يثنيها عن قرارها فظن الجميع حينها بأنها تفعل ذلك من صدمة الحصان التي تعرضت لها
والأدهى من ذلك إصراره على توصيلهم لمحطة القطار
وكيف كانت نظراته لها في المرآة بين الحين والآخر
ونظرة الوداع التي رمقها بها وهو يطالعها من نافذة القطار
وكيف لاحظ والدها كل ذلك ورفض حينها ذلك الحب واصر على التخلص منه
لكن كيف ذلك وقد تمكن منها وظل يكبر حتى ملئ قلبها وتمكن منه.
تظاهرت بالنسيان لكن حينما تشاهد مسابقة الخيل تتذكره وتعود تلك اللحظات لمخيلتها تطرقها بلا هوادة
اخرجها من شرودها دخول ياسمين وهي تحمل يزن الذي اسرع إليها فتلتقفه هي بابتسامة مشرقة فقالت ياسمين وهي تشاهد تعلقه بها
_ اول ما صحي من النوم فضل يعيط عليكي.
تطلعت إليه بابتسامة
_ هو كمان وحشني أوي بقاله فترة بينام بعيد عني.
تقدمت ياسمين منها فلاحظت بأن توليب كانت تقف تشاهد جواد لكنها لم تندهش فقد تأكدت من مشاعرها تجاه أخيها في مواقف كثيرة
فقالت بمكر
_ اصل جواد بيحب يطمن عليه قبل ما ينام مكنش هينفع يقلقك كل شوية ويخبط عليكي
لاحظ يزن والده من الشرفة فأشار إليه وناداه بصوته الهادئ
_ بابا.
ضحك الاثنين وقالت ياسمين بخبث
_ ايه رأيك تاخديه وتنزلي عند جواد
تجمدت ملامحها واخفضت عينيها بحزن وهي تتمتم بخفوت
_ مينفعش لازم أكون بعيدة ومحدش يشوفني.
_ بس جواد عمره ما هيعمل حاچة تضرك بالعكس اني واثچة إنه لو عرف هيساعدك ومش هيتأخر عنيكي.
نظرت إليها لتقول برجاء
_ ارجوكي يا ياسو سيبيني براحتي ولو زهقتي مني انا….
قاطعتها ياسمين بتوبيخ
_ عيب عليكي انت خابرة زين غلاوتك انتي وإلين عندي وبعدين انتي مهونة عليا الوحدة اللي انا فيها اديكي شايفة جواد من وجت اللي حصل وهو جافل على نفسه وجليل الحديت، انا اللي مش عارفة لما تمشي هعمل ايه؟
دون إرادة منها وجدت عينيها تنظر إلى جواد وتمتمت بكلمات غير مفهومة
_ هيتعاد من تاني بناره وعذابه
نزلت ياسمين بيزن لوالده والذي كان سعيد بمشاهدة والده على ظهر الخيل حتى أنه ظل يبكي ليصعد على ظهره كوالده
أخذه جواد بحرص ووضعه أمامه وبدأ يترك له اللجام والطفل سعيد بذلك التحول بعد ان كان حبيسًا داخل القصر
اما هي فقد ظلت تشاهدهم من خلف النافذة بشرود
ماذا ستفعل بعد الرحيل
هل سيعاد ذلك العذاب؟
أم سيضاف عليه عذاب السجون.
❈-❈-❈
عاد وهدان من عمله مساءً فينتبه لصوت أطفاله الصاخب داخل المطبخ
وضع المفاتيح على الطاولة وتقدم منهم بقلق ليجدهم جالسين على الأرض وحياة بجوارهم تزين معهم قطعة الحلوى التي اعدتها لهم
انتبهت الصغيرة لوجود والدها فنهضت لتسرع إليه وهو يسألهم
_ بتعملوا ايه؟
لم تستطيع حياة الرد ونهضت شاعرة بالاحراج من دخوله دون ينبههم لوجوده
جذبت الحجاب من على الطاولة ووضعته على خصلاتها فقالت زينة بسعادة
_ النهاردة عيد ميلادي وخالتي عملت تورتة عشان تحتفل بيه.
نظر وهدان إلى حياة التي اخفضت عينيها بإحراج وسأل ابنته
_ وليه مجولتيش كنت چيبتها واني چاي بدل التعب ده
نهضت حور لتحتضن حياة وهي تقول بسعادة
_ خالتي حياة هي اللي طلبت نعملها مع بعض بس قمر وجعت الأولى وعملنا غيرها وكانت احسن منيها
قالت زينة بسعادة
_ أنا اللي ساعدت خالتي
ردت حور بامتعاض
_ انتي معملتيش حاچة غير إنك سجطتي البيض واني اللي اشتريت الحاچات من الدكان اللي چنبينا
ردت زينة بغيظ
_ انتي چيبتيهم ناجصين واني اللي كملت الباجي
اوقف وهدان جدالهم قائلاً
_ خلاص عرفت مين اللي عمل كلكم شاركتوا فيها
تمتمت قمر وهي تلف ذراعيها حول عنقه
_ واني
ضحك الجميع بسعادة ونظر وهدان إلى حياة بامتنان لنثر السعادة في قلوب اطفاله فتتهرب هي من مرمى عينيه قائلة
_ يلا يابنات نچهز العشا عشان تناموا
أخذ وهدان قمر وخرج من المطبخ كي يمنع عنها الحرج
لكن ابنته أرادت مشاركتهم فتركها لهم وذهب لغرفته كي يأخذ حمام دافئ وخرج بعدها ليجد بناته يضعون اطباق الطعام على الطاولة الصغيرة
كانوا يتسابقون على حمل الأطباق بسعادة لم يراها على وجوههم من قبل
جلسوا جميعاً في أماكنهم يتناولون طعامهم ولم يكفوا عن التحدث بشأن الحلوى التي شاركوا فيها وكل واحدة منهم تعيد ما فعلته مرة وأخرى
وهو يرمقها بين الحين والآخر بإعجاب
أما هي فقد ظلت تتجاهل نظراته من شدة الإحراج حتى انتهوا وأسرعت البنات مرة اخرى في المشاركة بتنضيف المكان كي يستعدوا للاحتفال
ودون أن ينتبهوا وجدوا قمر تحمل قالب الكيك فاغمضت حياة عينيها باستسلام كي لا تشاهد سقوطها مرة أخرى فضحك وهدان ونهض ليأخذ منها القالب وقال بسرور
_ چات سليمة المرة دي
فتحت حياة عينيها براحة وتمتمت
_ الحمد لله
بأجواء مبهجة مر الاحتفال بعيد ميلاد زينة والتي لم تحتفل به منذ وفاة والدتها فيشعر ذلك المنزل الصغير المعبق برائحة زهرة الأقحوان بالسعادة والسرور بعد حزن دام لأكثر من عامين
انتهوا أخيرًا وساعدت الأطفال للأيواء إلى فراشهم وظلت بجوارهم حتى اغمضوا أعينهم
خرجت لتدلف المطبخ كي تنظفه مرة أخرى واندهش هو من فعلتها فتقدم من المطبخ يقف على اعتابه يشاهدها وهي تنظف الأطباق التي نظفتها صغيرته منذ قليل فسألها بحيرة
_ هي مش زينة أصرت تنضفهم هي؟ ليه بتعمليهم تاني؟
انتبهت حياة لوجوده وقالت بحرج وهي تباشر ما تفعله
_ مردتش ازعلها وأجولها انهم مش مغسولين زين وجلت لما تنام هغسلهم تاني.
ابتسم بصبو ووجد نفسه يراقبها وهي تتنقل كالفراشة في المكان
وتساءل
ماذا لو كانت زوجته حقيقة وهو واقفًا ينتظرها حتى تنتهي من عملها ثم يحملها ويعود بها لغرفتهما
يعود كل يوم من العمل يبحث بقلبه عنها قبل عينيه ثم يأخذها لأحضانه
شعر بأنه لن يستطيع الوفاء بوعده وسيحنث به يومًا
لكن لن يكون سوى برضاها
انتبهت لمراقبته له فالتفتت إليه لتسأله بارتباك
_ محتاچ حاچة اعملهالك؟
ابتسم بحب وتحدث بامتنان
_ لا بس كنت رايد اشكرك على السعادة اللي مليت البيت بوچودك
شعرت بالاحراج من حديثه وتمتمت برهبة وهي تنشف يديها
_ اني معملتش حاچة انت خابر إني بحب الاطفال وبعتبرهم حاچة كبيرة جوي ولازم تتعامل معاملة تانية غير إني اتعلجت بيهم لأن أمي ماتت واني في سنهم إكدة وخابرة جد ايه بيبجى صعب الفراغ اللي الأم بتسيبه.
لاح الحزن على ملامحها وتابعت بألم
_ يمكن القي اللي يعوض ابني حرمانه مني.
_ إن شاء الله هيچمعك بيه جريب جوي.
اومأت بصمت وقد زاد شعورها بالاحراج عندما تصلبت نظراته على محياها فقررت الانسحاب من أمامه ومن قلبها أيضاً واسرعت إلى غرفتها.
❈-❈-❈
في القصر
جلس كلا من عدي وخالد ويحيى في حديقة القصر وقد تم تحديد موعد زواج يحيى وسيلين فقال عدي ليحيى
_ ها يا يحيى خلصت كل حاچة.
اومأ له وتحدث بتعب
_ مكنتش اعرف إن الموضوع متعب إكدة بجالي اسبوعين مرتحتش واصل.
ربت خالد على كتفه وقال بمغزى
_ المهم يكون بفايدة الآخر وميكتش نصيبك زي نصيبي.
لم يتقبل عدي حديث أخيه وقال باستنكار
_ نصيبك كان زين جوي بس انت اللي ضيعته منيك بغباءك
رمقه خالد بحدة وقال بانفعال
_ لو انت مكاني مكنتش هتجول إكدة
_ كلنا كنا مكانك واتزوچنا غصب عنينا بس مخناش ولا فكرنا نعمل إكدة ورضينا بناصيبنا، كان ممكن باسلوبك ومحبتك تخليها تعشجك وتتمسك بيك بس انت اللي وصلتها للحالة دي.
تدخل يحيى
_ اهدوا يا چماعة اللي حصول حصول وخلاص ويا عالم يمكن البعد ده يجربهم اكتر من بعض.
نظر اليه خالد وقال ساخرًا
_ هو بيجول إكدة لأن يسر طيبة وبتتمنا له الرضا، وأكبر دليل شمس أختك شوف كانت بتحب جواد جد ايه ومع ذلك عمره ما حبها
_ بس مظلمهاش ولا خانها
ضحك خالد باستهزاء وتحدث بسخرية
_ أومال البنت اللي چات الفرح دي وكان هيموت عليها وهي ماشية مع أبوها ده كنت تسميه أيه؟
_ وانت ليه مبصتش انها ضيفة وچاية تحضر فرح أخته وحصانه اللي عمل فيها إكدة أني نفسي كنت هعمل اللي عمله.
اكد يحيى حديثه
_ دي حجيجة اي واحد منينا كان هيعمل إكدة
عاد خالد بظهره للوراء وهو يقول
_ ولما هو إكدة مجعدها عنده المدة دي كلها ليه؟
عقد عدي حاجبيه مندهشًا وسأله
_ هي مين؟
_ البنت إياها انا بنفسي اللي موصلها للمزرعة عنديه ولساتها عنده وعايش حياته معها، ويمكن هو اللي عمل إكدة في أختك عشان يخلاله الچو معها.
لم يقبل يحيى حديثه هذا وقال برفض لاتهامه
_ لأ طبعاً اني عارف جواد زين مستحيل يعمل إكدة، وبالنسبة للبنت دي عادي هو مش هيجضي حياته من غير چواز.
أكد عدي
_ اني صحيح على خلاف معاه بسبب اهتمام چدي بيه بس هو ميعملش إكدة واصل.
_ اهتمام چدك ببه بس؟ والمزرعة اللي أخدها وهي تعتبر تلت ثروة چدك كلها لأ وكمان بكرة بعد عمك ما يموت هيورث كمان يعني نص الثروة هتكون بتاعته.
لم يستطيع أحد منهم التحدث فهو محق في ذلك الأمر فعاد الحقد يأخذ مكانه داخل قلوبهم وتابع خالد بتوعد
_ بس والله ما هخليه يتهنى بيهم وبكرة افكركم.
هزت فايقة رأسها بيأس من هؤلاء الشباب الذين لا يفعلوا شيء سوى النظر في حياة جواد
عادت لداخل غرفتها عندما انفتح الباب ودلف فايز الذي تعجب من استياءها وسألها وهو يخلع عباءته
_ مالك يا فايقة في ايه؟
تقدمت منه لتأخذ منه العباءة وتضعها في الخزانة وهي تجيب
_ على ولاد أخوك اللي مش راضيين يسيبوا جواد في حاله وكمان ابنك بجى زييهم.
جلس على المقعد وقال بتعب
_ هما باصين للمزرعة اللي ابوي كتابها باسمه ناسيين انه اكتر واحد تعب فيها ولو أبوي عارف أنه ميستهلهاش مكنش عمل إكدة
جلست فايقة بجواره وقالت باستياء
_ وان جينا للحج ده كان تمن السنة اللي جضاها مع بنت أخوك اللي كانت مخليه حياته چحيم، الله يرحمها بجى ويسامحها اذكروا محاسن موتاكم
_ كله من كريمة هي اللي بتلعب في دماغ عيالها ومجوياهم من ناحيته، ربنا يهديها.
قالت فايقة بتأثر
_ بصراحة الواد ده صعبان عليا جوي عاش حياتها كلها في ظلم
من أمه وابوه اللي كان سايب كريمة تجسى عليه وبعدها مرته واللي حصلها، بس اكيد ربنا شايله حاچة زينه تعوضه عن كل ده.
نهضت من جواره
_ هجوم احضرلك العشا.
خرجت من الغرفة فتجد ابنها متوجهًا إلى غرفته فاوقفته قائلة
_ تعالى يا يحيى عايزة اتحدت معاك شوي.
دنى منها يحيى وقال باحترام
_ اكيد يا ست الكل اتفضلي.
اغلقت باب غرفتها جيدًا ثم تحدثت بامتعاض
_ بلاش ترمي ودنك لولاد عمك ويجسوك على چواد هو ميستاهلش منك إكدة
_ لا يا امي اني مش مطاوعهم ولا حاچة أنتي خابرة زين معزة جواد عندي بس اللي متفجين فيه معروف ومش هنتنازل عنيه بعد اذنك.
تركها ودلف غرفته فتهز فايقة رأيها بيأس منه وذهبت لوجهتها
❈-❈-❈
خرج مراد من المختبر وهو ينظر للظرف بين يديه
لا يعرف ماذا يفعل
اليوم سترحل كما أخبرته من قبل ولن يستطيع منعها
وكيف يمنعها وقد وافقها منذ أن طلب منها عمل التحاليل.
ظل واقفًا أمام السيارة يفكر
هل سيتركها تذهب ويتحمل نتيجة خطأه
أم يطلب منها البقاء بعد أن يقدم اعتذاره لها
تنهد بتعب واستقل سيارته وانطلق بها إلى المنزل والتفكير لا يتركه
أما هي فقد اعدت حقيبتها تنتظر مجيئه واعلان النتيجة أمام الجميع
وحينها سترحل دون عودة
لا تنكر بأن الأمر أصبح شاقًا عليها بعد أن تعلقت بوالدته وبسلمى التي تحاول التخفيف عنها ومؤيد الذي يعاملها بكل احترام وتقدير
لكن عليها الذهاب لأجله هو أيضًا كي لا تكون سبباً في هدم حياته فقد كانت تلاحظ غيرتها المفرطة كلما رأته يحدثها او يسأل عن حالها فالحل الأنسب هو رحيلها
طرق الباب فعلمت حينها بهويته فحملت حقيبتها ودنت من الباب تفتحه فتجده واقفًا أمامها ويمسك بين يديه الظرف وغمغم وهو يبعد عينيه عنها
_ اني چاي عشان أجولك إني مفتحتش الظرف ولا محتاچ افتحه لإني خابر النتيجة زين
اتسعت عينيها بصدمة عندما رأته يمزق المغلف وغمغم بثبوت
_ ملوش عازة عندينا فبالتالي مفيش خروچ من اهنه، البيت ده بجى بيتك خلاص وانتي بجيتي واحدة منينا مينفعش تهملينا وتمشي
هم بالانصراف لكنها اوقفته بحدة
_ استنى عندك.
توقف مكانه وسألها بهدوء
_ خير؟
قطبت جبينها بعدم تقبل لتغيره وتمتمت بحدة
_ وانت فاكر باللي عملته ده هتخليني اغير رأيي؟
_ انا عملت أيه؟ انتي جولتي لما اعرف النتيجة هسمحلك انك تمشي وانا معرفتش ومش رايد اعرف يبجى مفيش وعد هيتنفذ
رفعت حاجبيها وهي تسأله بتهكم
_ بالبساطة دي؟
رفع بصره لأول مرة وكأنه أصبح باستطاعته النظر إليها ثم يتمتم بنفي
_ مفيش بساطة ولا حاچة أني چاي اعتذر عن اللي جولته كان وجت صدمة وخلاص
ظلت نور على نفس وجومها وسألته بفتور
_ وايه اللي غير رأيك؟
أشاح بعينيه وكأن مدته انتهت لهذا الحد وقال بثبوت
_ أنا رأيي زي ما هو فـ اللي عملتيه لأنه غلط كبير إنما اني بتحدت في إني اتهمتك في نسب ابنك مش أكتر وده اللي انا بعتذر عنه.
_ ولو قلتلك لأ؟
عاد بنظره إليها وتمتم باستنكار
_ مبجاش ينفع لإن في روح بتچمعنا، عوض عن أخونا اللي اتحرمنا منيه واني جولتلك هتعيشي معانا معززة مكرمة ومحدش هيدوسلك على طرف بعد النهاردة.
كانت سلمى تستمع إليهم وتلاحظ نظرات زوجها لنور والتي تراه يفعلها لأول مرة مع امرأة حتى زوجة أخيه مما جعل الشك يصبح يقين
فظلت واقفة تنظر إليهم تنتظر ردها حتى فاجأتها
_…
❈-❈-❈
وقفت توليب تزرع الغرفة ذهابًا وإياباً وقد بدأت تشعر بالملل
فكرت في الخروج والسير قليلاً في الحديقة لكنها لم تملك الجرئة لفعلها خشيةً من عودته
فتحت النافذة لتنظر منها على السياج والذي يمرن فيه حصانه
انتفض قلبها عندما وجدته يدلف بسيارته ويقف بها أسفل شرفتها ويترجل منها
ارتدت قليلًا كي لا يراها واثناء ذلك لمحت سيارة شرطة تتقدم من المزرعة فيسقط قلبها خوفًا……

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية التل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى