روايات

رواية الإخوة الثلاثة الفصل السادس 6 بقلم مجهول

رواية الإخوة الثلاثة الفصل السادس 6 بقلم مجهول

رواية الإخوة الثلاثة الجزءء السادس

رواية الإخوة الثلاثة البارت السادس

الإخوة الثلاثة
الإخوة الثلاثة

رواية الإخوة الثلاثة الحلقة السادسة

لكن ذلك كان عبثاً؛ فما من أحد بينهم كان قادراً على أن يتحرك من مكانه قيد أنملة. وحين رأى ذلك، حاول أن يهرب، لكنه وجد نفسه عاجزاً عن الحراك، كأنه قيد في مكانه .
عندئذ انحنت العجوز قليلاً، وقد رأت أن كل شيء قد سار كما أرادت، ومسته بإصبعها الصغير،
قائلة: «اذهب، لقد خسرت رأسك!» فتحول في غمضة عين إلى رماد. بعد ذلك، مست بإصبع قدمها اليسرى حيواناته جميعاً،
واحداً بعد الآخر ، فما لبثت أن تحولت إلى رماد أيضاً مثل سيدها.
جمعت العجوز الرماد كلّه ودفنته تحت شجرة بلوط. وحين
أخذت السلسلة الحديدية في يدها تحولت ثانية إلى شعرة،
أعادتها من جديد إلى مكانها في رأسها.
وكان قد سبق لهذه العجوز أن فعلت مع كثير من الفرسان
الشباب والنبلاء ما فعلته الآن مع راعي الماعز المسكين هذا. لكن
المؤسف هو أنهم كانوا قد خسروا حيواتهم بطريقة أكثر شرفاً،
وليس بشعرة واحدة من عجوز ساحرة.
أما الأخ الأوسط، وبعد أن عمل طويلاً في مكان غريب، فقد
تملكته رغبة شديدة في أن يمضي إلى شجرة البلوط عند المفترق،
حيث افترق وأخويه لكي يرى إن كانت سكاكينهم لا تزال في
جذع البلوطة، لكن سكين أخيه الأصغر كانت قد سقطت على
الأرض. فعلم عندئذ أن أخاه الأصغر قد مات، أو يواجه خطر
الموت، وقرر أن يسلك في الحال الطريق التي سلكها ويحاول أن يكتشف ما جرى له وحين مضى في الطريق التي سبق لأخيه
الأصغر أن سلكها، وصل في اليوم الثالث، إلى قصر الملك،
فذهب إلى الملك ورجاه أن يأخذه بين خدمه. فأخذه الملك راعياً
لماعزه، تماماً كما سبق أن أخذ أخاه الأصغر.
وبعد أن رعى الأخ الأوسط ماعز الملك فترة طويلة، صعد بها
ذات يوم تلاً مرتفعاً، ووجد هناك شجرة صنوبر باسقة، فقرر أن
يتسلقها إلى قمتها وينظر من هناك إلى الريف الممتد في الجهة الأخرى
من التل. وحين تطلع حوله من قمة الصنوبرة، لاحظ دخاناً هائلاً
يتصاعد من جبل بعيد، وخطر له في الحال أنَّ أخويه ربما كانا هناك.
فنزل بسرعة وجمع ماعزه وعاد إلى قصر الملك، يتبعه مرافقوه
الأربعة؛ أي دبّه ،وذئبه وكلبه وقطته وحين بلغ القصر مضى إلى
الملك رأساً ورجاه أن يعطيه أجره في الحال، ويطلقه ليبحث عن
أخويه، لأنه رأى دخاناً يتصاعد على جبل، وحسب أنهم هناك.
عبثاً حاول الملك أن يثنيه عن عزمه قائلاً إن أحداً ممن ذهبوا إلى
هناك لم يعد لكن كلمات الملك جميعاً لم تسفر عن شيء، لأنه كان
مصمماً على الذهاب، فدفع له الملك ما يتوجب عليه، وأطلقه.
شد الأخ الأوسط الرحال في الحال، ومضى إلى الجبل رأساً.
وحين وصل إلى هناك، قضى وقتاً طويلاً قبل أن يجد أي نار غير أنه وجد ناراً، في النهاية تحت شجرة زان، فمضى إليها ليتدفاً،
وهو يتساءل طيلة الوقت من أضرمها، لأنه لم ير أحداً بقربها.
وبينما هو يتدفّاً سمع صوت امرأة في الشجرة فوق رأسه، وحين
نظر إلى هناك رأى عجوزاً متكومة فوق غصن، ترتجف من البرد.
وما إن رآها حتى طلبت منه العجوز أن يدعها تنزل وتتدفّاً،
فقال لها إن بمقدورها أن تنزل وتتدفأ كما تشاء.
لكنها قالت: «أخشى من الرفقة التي معك. خُذ هذه
الشعرة وألقها فوق دبّك وذئبك وكلبك وقطتك، وعندئذ
أقدر أن أنزل».
وانتزعت شعرة من رأسها وألقتها إليه. فضحك من مخاوفها،
وأكد لها أن مرافقيه لن يؤذوها؛ لكنه حين وجد أنها لا تزال
تخشى النزول من الشجرة، على الرغم من كل ما قاله، أخذ
الشعرة وألقاها على البهائم كما وجهته. وفي الحال، تحولت
الشعرة إلى سلسلة حديدية قيّدت الحيوانات الأربعة معاً. عندها
نزلت العجوز ، وجلست إلى النار تتدفاً. وبينما كان الأخ الأوسط
ينظر إليها وهي تتدفأ رأى أنها كانت تكبر وتكبر، إلى أن غدت
بنصف طول شجرة الزان. فتعجّب الأخ الأوسط، وصاح: «
أيتها العجوز أنت تكبرين فقالت وهي تكح وترتجف: «هي، يا ولدي إنني أتدفا وحسب. لكنه حين رأى أنها غدت
بطول شجرة الزان خاف ونادى رفقته: امسكها، يا دبي!
امسكها يا ذنبي امسكها يا كلبي امسكيها، يا قطتي
لكن أحداً منها لم يكن قادراً على أن يأتي بحركة، نظراً لإحكام
القيد عليها معاً.
وحين رأت العجوز ذلك، انحنت ومسته بإصبعها الصغير
فتحول إلى رماد. ثم مست الحيوانات الأربعة، واحداً بعد
الآخر، بإصبع قدمها اليسرى الصغير، فتحولوا إلى رماد أيضاً.
وما إن فعلت العجوز ذلك حتى جمعت الرماد كله في كومة
دفنتها تحت شجرة بلوط وكما فعلت برماد كثير من الفرسان
والأسياد والشبان هكذا فعلت الآن برماد هذا الرجل البسيط
الفقير. لكن أولئك كانوا قد ماتوا بطرائق أكثر شرفاً، وليس
بشعرة من رأس عجوز بائسة.
كان قد مرّ زمن طويل، من دون أن يخطر للأخ الأكبر ولو
مرة أن يعود إلى المفترق حيث افترق عن أخويه. فقد كان منهمكاً
في خدمة سيد طيب وصادق، وإذ وجد حاله على ما يرام، توهم
ان حال أخويه كحاله. كان سيده صاحب خان، وكان عمل
هذا الخادم مقتصراً على ترتيب أسرّة النزلاء، في الصباح والمساء.
وقد أحسن القيام بعمله لدرجة أن سيده فكر في أن يتخذه ولداً
بالتبني، لأنه لم يكن لديه أولاد.
وذات يوم جاء سيد بارز ليقضي الليل في الخان، وحَسبَ
الخادم أن هذا الغريب يبدو شديد الشبه بأخيه الأصغر. ورغب في
أن يسأله عن اسمه، لكنه لم يستطع، خجلاً؛ من جهة لأنه خشي
أن يلومه أخوه على نسيانه أن يذهب إلى شجرة البلوط؛ ومن جهة
أخرى لأن سلوك النزيل كان ذلك السلوك الرفيع وثيابه من الحرير
الناعم والمخمل، في حين كان قد ترك أخاه خشن الثياب جلفاً.
وبينما كان يفكر في الشبه بين النزيل وأخيه الأصغر، حسب
أن أخاه ربما يكون قد اكتسب، في رحلاته، بعض الحكمة، وحقق
من خلال حكمته هذه نجاحاً في عمله، وجنى من خلال هذا العمل
مالاً، ومكنه هذا المال من أن يشتري ثياباً ناعمة كالتي يرتديها
الغريب. وفيما هو يفكر على هذا النحو، تشجع، أخيراً وسأل السيد
عن عائلته، ثم تجرأ بما يكفي لسؤاله بوضوح إن كان أخاه .
عن.
وهذا ما سارع الغريب إلى إنكاره ونفيه تماماً، سائلاً، بدوره،
عائلة الخادم. وراح يصغي مبتسماً إلى جميع التفاصيل التي
قصها عليه.
وفي الصباح التالي غادر النزيل الخان باكراً؛ وحين مضى
الخادم لكي يرتب السرير الذي رقد فيه، وجد حجراً صغيراً
تحت الوسادة. وظن أن لهذا الحجر قيمته، كونه ملكاً لرجل مثل
هذا الغنى، وخطر له أن شخصاً يلبس الحرير الناعم والمخمل
لن يكاد يشعر بفقدان هذا الحجر. ورفعه إلى شفتيه وقبله، قبل
أن يضعه في جيبه؛ غير أنّه ما إن مسته شفتاه حتى برز زنجیان
وسالاه: سمعاً وطاعة يا مولاي بم تأمرنا أن نفعل؟». فارتاع
من ظهورهما المفاجئ، وأجاب لا آمركما بشيء». فاختفى
الزنجيان، ووضع هو الحجر في جيبه.
وكان كلما ازداد تفكيره في الحجر، ازداد تعجبه منه، وراح
يتأمل ما عساه يفعله به ولكي يكتشف ما يمكن للزنجيين أن
يفعلاه، أخذ الحجر من جيبه، ورفعه ثانية إلى شفتيه. وسرعان ما
عاود الزنجيان الظهور، وكرّرا القول: «سمعاً وطاعة يا مولاي».
فقال سريعاً: «أريد أن تحضرا إلي أفخر الثياب، على ألا تكون
قطعتان منها قد صنعتا من المادة ذاتها». و لم تمض بضع لحظات
حتى جلب له الزنجيان أجمل الثياب وأفخرها، حتى إنه لم
يستطع أن يحسم أية قطعة هي الأجمل. وحين صرف الزنجيين
اللذين اختفيا في الحجر، راح يرتدي الثياب. وبينما كان يبدي

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الإخوة الثلاثة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى