رواية الإخوة الثلاثة الفصل الرابع 4 بقلم مجهول
رواية الإخوة الثلاثة الجزء الرابع
رواية الإخوة الثلاثة البارت الرابع
رواية الإخوة الثلاثة الحلقة الرابعة
كانت أخته قد ذبحت أمها العجوز، وتوشك أن تشكها في سفود لتشويها.
وحين رأى ذلك، مملكه رعب شديد، وأسرع يختبئ
خلف برميل كبير كان في المطبخ.
بعد ذلك بقليل أخرجت أخته السفود خارج البيت، ووضعته على النار لتشويه، وهي تقول بصوت مرتفع: «سأفعل الشيء ذاته بإخوتي الثلاثة، واحداً إثر الآخر، وبذلك أبقى وحدي سيدة هذه الأملاك جميعاً».
وحين نضج الشواء، حملت السفود وعليه اللحم إلى
الغرفة، وأسندته إلى الجدار، ثم جلبت المسن الحجري وبدأت
تسن أسنانها. وفي لحظة دخولها إلى البيت، قفز الأخ الأصغر
من مخبئه واندفع صوب الباب، وراح يراقب من الخارج ما
كانت تفعله. وحين رأى ذلك، ملأ القدر وأجج النار، ثم اختبأ
قرب الموقد. أما أخته، بعد أن سنت أسنانها، فقد التهمت جثة
أمها، جميعاً ما عدا الرأس. وبعد أن أنهت وجبتها، خرجت
إلى المطبخ والرأس في يدها. وحين رأت النار متأججة، والقدر
ممتلئة بالماء، غضبت، وراحت تتطلع إن كان أحد في البيت .
فقد اشتبهت أن يكون أحد من أخوتها هناك، وراحت تصرخ،
وتنادي إخوتها بأسمائهم، وتفتش في كل مكان في البيت . غير
أنها نسيت، لحسن حظها، أن تفتش قرب الموقد، حيث اختبأ
أخوها الأصغر. وحين لم تجد أحداً في البيت، أخذت رأس أمها
في يدها وخرجت راكضة، سالكة الطريق التي يسلكها أخوتها
في ذهابهم إلى الحقل. وبينما هي تركض كانت تصرخ: «انتظر!
لا تحسب أنك قد نجوت مني!».
حين رأى الأخ الأصغر أن أخته راحت تركض، خرج من
مخبئه لينظر الماء في القدر. فرأى أن الماء قد تحول إلى دماء، فأسرع
إلى القبو وأفلت واحداً من الجراء التي كانت أخته تخشاها أكثر
مما تخشى جميع إخوتها.
وحين
أفلت الأخ الأصغر الجرو، عاد إلى القدر، ليرى ما
يجري للماء على النار. وفي هذا الوقت كان الماء الذي تحول
إلى دماء، يغلي ويفور ويبقبق؛ وكلما بقبق أكثر كانت الأخت
تزداد اقتراباً من أخويها في الحقل. غير أنها، حين لم يعد يفصلها
عنهما سوى خطوات خمس، سمعت فجأة صوتاً، كأن أحداً
كان يعدو خلفها، فالتفتت لتنظر، وحين رأت الجرو ارتعبت،
وحاولت أن تنجو بنفسها بتسلق شجرة قريبة. لكنها حين
تمسكت بواحد من الأغصان، انكسر في يدها، وسقطت على
الأرض، وفي اللحظة ذاتها انقض عليها الجرو، وعضها فقسمها
قطعتين. ورأى الأخوان ذلك كله، لكنهما لم يقتربا منها خشية
أن تعود إلى الحياة من جديد وتهاجمهما. غير أنهما سرعان ما
اقتنعا بأنها قد قضت حقاً، وهما يريان الكالجرولب يمزقها إرباً،
فاقتربا من البقعة حيث كانت، وأخذا جثتها ودفناها، مع رأس
والدتهما، تحت الشجرة التي سقطت منها.
وبعد أن أتما ذلك، عاد الأخوان إلى البيت، وأخبرا أخاهما
الأصغر بكل ما جرى. وحكى لهما، بدوره كيف تحول الماء
المغلي إلى دماء وراح يفور ويبقبق بسرعة في البداية، إلى أن هدأ
بعد فترة، ثم عاد ماء في النهاية. عندئذ هنا الأخوة الثلاثة أنفسهم
على التخلص من أختهم الرهيبة. وبعد بضعة أيام خرجوا جميعاً
إلى الحقل ليجلبوا التبن الذي جمعه الأخوان الأكبران. لكنهم لم
يجدوا كومة التبن الثالثة التي كانوا قد تركوها. فتعجبوا لذلك
كثيراً وراحوا ينظرون إن كان أحد قد سرقها؛ وحين لم يجدوا
أحداً، أخذوا ما تبقى وعادوا إلى البيت .
أخيراً انصرمت السنة التي وقع فيها كل هذا السوء. غير
أنهم لم يجرؤوا في السنة التالية أن يتركوا تبنهم من غير حراسة .
فتداولوا فيما بينهم من يحرس أولاً. وعرض كل واحد منهم أن
يقوم بذلك، لكنهم اتفقوا في النهاية على أن يبدأ الأخ الأصغر
الحراسة. فاستعد هذا الأخير، وفي الليل مضى إلى الحقل. وحين
وصل، تسلق الشجرة التي دفن تحتها جثمان أخته ورأس والدته،
وقرر أن يبقى هناك حتى طلوع الفجر. وحوالي منتصف الليل
سمع جلبة وصياحاً عظيمين، أفزعاه كثيراً فلم يجرؤ أن يحرك
ساكناً. فقد جاءت مخلوقات إلى الحقل والتهمت معظم التبن،
وما لم تلتهمه ذرته وأفسدته، فلم يعد صالحاً لشيء. وحين انبلج
الصبح، نزل الأخ الأصغر من الشجرة وعاد إلى البيت ليخبر بما
رأى. هكذا قضوا تلك السنة من غير تبن.
وفي السنة التالية، حين جاء وقت الحصاد، تشاور الإخوة
الثلاثة فيما بينهم كيف يحفظون تبنهم. فتطوع الأخ الأوسط
عندئذ لحراسة الحقل، وبدا واثقاً كل الثقة من قدرته على حماية
التبن. فمضى، وتسلق الشجرة، كما فعل أخوه في السنة الفائتة.
وحوالي منتصف الليل جاءت ثلاثة جياد مجتحة إلى الحقل مع
فريق من الجنيات. وراحت الجياد المجنحة تلتهم التبن الذي جمع
حديثاً، والجنيات يرقصن فوقه. وبعد أن التهمت الجياد القسم
الأكبر من التبن، وأفسد القسم الباقي برقص الجنيات فوقه، غادر
الجميع الحقل، ما إن بدأ الفجر يبزغ. ولقد شاهد الحارس في
الشجرة كل هذا، لكنه كان يرتعد خوفاً فلم يكد يحرك ساكناً.
وحين عاد إلى البيت، أخبر أخويه بكل ما رآه؛ وحزن الجميع،
لأنهم سيفتقرون إلى التبن هذه السنة أيضاً.
لكن الأيام مرت، وجاء الصيف الثالث. ومن جديد جز
الإخوة الثلاثة العشب في مرجهم، وتشاوروا معاً وهم في أشدّ
القلق كيف يحفظون تبنهم الجديد.
واستقر الأمر في النهاية على أنه قد جاء دور الأخ الأكبر في
الحراسة. واتفق على أنه، إذا ما أخفق هو أيضاً في حراسة التبن،
فلا بد من اقتسام القليل الذي يملكونه فيما بينهم، ليمضوا جميعاً
في هذه الدنيا، كل على حدة، يجربون حظوظهم، بعد أن رأوا
أن لا حظ لهم في بلدهم.
وكما اتُفق، ذهب الأخ الأكبر إلى الحقل في الليل؛ لكنه،
بدلاً من
من أن يتسلق الشجرة كما فعل أخواه، استلقى بهدوء على
كومة من التبن، وانتظر ليرى ما يحدث. وزهاء منتصف الليل
سمع جلبة عظيمة، قادمة من بعيد، و لم يلبث فريق من الجنيات،
معهن ثلاثة جياد بجنحة، أن اتجه مباشرة إلى حيث يرقد. وما أن
وصل إلى هناك، حتى بدأت الجنيات بالرقص، والجياد تلتهم
التبن وتخب فوقه. نظر الأخ الأكبر، وشعر بالخوف أول الأمر ،
وتمنى من كل قلبه أن تمضي هذه الثلة جميعاً من دون أن تراه. غير
أنها بدت غير متعجلة الذهاب، مما دفعه لأن يفكر فيما يفعله،
وقرر في النهاية أنه يجدر به أن يحاول الإمساك بواحد من الجياد
الثلاثة. وعندما دنت منه، قفز على صهوة أحدها، وتشبث به.
أما الحصانان الآخران فقد فرّا على الفور وكذلك الجنيات .
لم يترك الحصان الذي أمسك به الأخ الأكبر حذاقة إلا وجربها
ليطرح أرضاً ذلك الراكب المستثقل، لكنه لم يفلح. وحين وجد
أن جميع محاولاته لتحرير نفسه بلا جدوى، قال أخيراً: «أفلتني،
أيها الرجل الطيب، وسوف أنفعك ذات مرة». فأجاب الرجل:
«أفلتك بشرط واحد؛ أن تعدني بألا تأتي قط إلى هذا الحقل؛ وأن
تعطيني ضمانة أنك ستحفظ عهدك».
وافق الحصان مسروراً على هذا الشرط، وأعطى الرجل شعرة
من ذيله، قائلاً: «متى كنت في حاجة، ألق بهذه الشعرة في النار ،
فأكون في خدمتك على الفور».
وهكذا أطلق الحصان، وعاد الأخ الأكبر إلى البيت. وكان
أخواه ينتظران عودته على أحر من الجمر، وحين رأياه، ألحا عليه
أن يقص عليهما كل ما جرى. فحكى لهما كل شيء، سوى أنه
أخذ شعرة من ذيل الحصان، لأنه لم يصدق أن الحصان سوف
يحفظ عهده ويأتي إليه عندما يحتاج إليه. ولم يكن الأخوان
الأصغران واثقين من أن الجنيات والجياد المجنحة سوف تصدق
وعدها فلا تعود قط إلى العيث فساداً في حقل التبن، فاقترحا
القسمة. وحاول الأخ الأكبر أن يبقيهما سنة أخرى على الأقل،
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الإخوة الثلاثة)