روايات

رواية الإخوة الثلاثة الفصل الخامس 5 بقلم مجهول

رواية الإخوة الثلاثة الفصل الخامس 5 بقلم مجهول

رواية الإخوة الثلاثة الجزء الخامس

رواية الإخوة الثلاثة البارت الخامس

الإخوة الثلاثة
الإخوة الثلاثة

رواية الإخوة الثلاثة الحلقة الخامسة

وحاول الأخ الأكبر أن يبقيهما سنة أخرى على الأقل،
ليروا ما يحدث، لكنه لم يفلح في ذلك. فاقتسموا ما بقي من
أملاك، وأخذ كل حيواناته؛ دبه وذئبه وكلبه وقطته، وتركوا
البيت من جديد ساعين وراء حظوظهم في هذه الدنيا.
في اليوم الأول سافروا معاً، لكنهم اضطروا في اليوم الثاني
أن ينفصلوا، لأنهم حين وصلوا إلى مفترق، وحاولوا أن يسلكوا
الدرب ذاته، وجدوا أنه من غير الممكن أن يخطوا خطوة واحدة
إلى الأمام ما داموا معاً. فتركوا ذلك الدرب وجربوا آخر؛ لكن
عبثاً، لأنهم لم يستطيعوا أن يتقدموا خطوة واحدة ما داموا معاً؛
وحين جربوا الدرب الثالث، حصل الشيء ذاته أيضاً. فجربوا
إذا ما كان لاثنين منهم أن يسلكا الدرب ذاته إن تقدم واحد
وسار وراءه الآخر، لكن ذلك أيضاً كان مآله الفشل، و لم يتمكنوا
من التقدم خطوة واحدة، مهما فعلوا، فلم يبق أمامهم سوى أن
ينفصلوا ويذهب كل منهم في طريق مختلف. فأسفوا لذلك أشد
الأسف، و لم يكن في اليد حيلة.
وقبل انفصال هؤلاء الإخوة، قال الأكبر : «والآن، يا أخوتي،
دعونا، قبل أن نفترق، نغرز سكاكيننا في شجرة البلوط هذه؛
فتبقى حيث غرزناها ما دمنا أحياء؛ فإذا مات أحدنا سقطت
سكينه. ولنأت إلى هنا كل ثلاث سنوات لنر إن كانت السكاكين
لا تزال في أماكنها. وبذلك نعلم شيئاً، على الأقل، واحدنا عن
الآخرين». فوافق الآخران على هذا، وغرزوا سكاكينهم في
شجرة البلوط، وقبلوا بعضهم بعضاً، ومضوا، كل في طريقه،
وحيواناته معه.
دعونا نتتبع أولاً الأخ الأصغر في أسفاره ورحلاته. فقد
واصل السفر، مع حيواناته التي ترافقه، طيلة النهار والليل
دون توقف، وفي اليوم التالي رأى أمامه قصر ملك، فمضى
باتجاهه مباشرة. وحين أوقف في حضرة الملك، رجا جلالته
أن يستخدمه في رعي ماعزه. فوافق الملك على تعيينه راعياً
للماعز، فتولى منذ ذلك اليوم ماعز الملك وعاش على ذلك
النحو الهادئ فترة طويلة.
وصادف ذات يوم أن ساق راعي الماعز الجديد قطيعه إلى
تل مرتفع، غير بعيد عن قصر الملك. وعلى قمة التل كان ثمة
شجرة صنوبر باسقة، ما إن رآها حتى قرر أن يتسلقها ويتطلع
من ذروتها إلى الريف المحيط. فتسلق إلى هناك، واستمتع أيما
استمتاع بالمنظر الشاسع الجميل. وحين نظر في
اتجاه بعينه
رأي، على البعد، دخاناً عظيماً يتصاعد من جبل. وما إن رأى
الدخان حتى توهم أن واحداً من أخويه لا بد أن يكون هناك،
إذ حسب أن من غير المحتمل أن يكون أحد ما آخر في تلك
البرية. فقرر في الحال أن يترك رعي الماعز، ويمضي إلى الجبل
الذي رآه على البعد. فنزل من الشجرة، وأسرع بجمع قطيعه،
الأمر الذي تم بسهولة بالغة، نظراً للعون الطيب الذي أسداه له
دبه وذئبه وكلبه وقطته.
وما إن وصل إلى القصر حتى ذهب إلى الملك رأساً وقال:
«سيدي، لم يعد بوسعي أن أكون راعياً لماعزك. علي أن أذهب،
لأني رأيت اليوم جبلا يتصاعد منه الدخان، وأحسب أن واحداً
من أخوي هناك، وأود أن أذهب وأرى إن كان الأمر كما أقول.
لذلك أرجو جلالتك أن تعطيني حقي، وتدعني أمضي!». وكان
طيلة هذا الوقت يعتقد أن الملك لا يعلم شيئاً عن الجبل الذي
يتصاعد منه الدخان.
غير
أنه
حين انتهى من كلامه هذا، راح الملك يسدي إليه
النصح ألا يذهب إلى الجبل بأي حال من الأحوال، لأن كل من
ذهب، كما أكد له، لم يعد قط. وقال له إن الأرض قد انشقت
و ابتلعت كل من ذهب إلى هناك على ما يبدو، لأن أحداً لم يسمع
شيئاً بعد ذلك. بيد أن تحذيرات الملك ونصائحه جميعاً
لم تجد نفعاً، فقد كان راعي الماعز عازماً على الذهاب إلى الجبل
الذي يتصاعد منه الدخان، والبحث عن أخويه.
فانطلق بعد أن أعد العدة للسفر، ترافقه، كالمعتاد، حيواناته
الأربعة. ومضى إلى الجبل رأساً. لكنه حين وصل إلى هناك، لم
يستطع في البداية أن يجد النار، بل إنه عانى الكثير قبل أن يكتشف
مكانها. إلا أنه وجد في النهاية ناراً كبيرة تشتعل تحت شجرة زان،
فاقترب منها كي يتدفأ. وراح ينظر في الوقت ذاته في كل اتجاه
ليرى من الذي أضرم النار. وبعد قليل سمع صوت امرأة، وحين
رفع رأسه لينظر مصدر الصوت، رأى عجوزاً جالسة على غصن
فوق رأسه، وقد تكومت على نفسها، ترتجف من البرد.
وما إن وقع بصره عليها حتى رجته العجوز أن يدعها تنزل إلى النار
وتتدفأ قليلاً. فقال لها إن بمقدورها أن تنزل وتتدفأ كما تشاء. لكنها
ردت، قائلة: «آه، يا بني، لا أجرؤ على النزول بسبب رفقتك. فأنا
أخاف الحيوانات التي معك، دبك، وذئبك، وكلبك، وقطتك».
حاول عندئذ أن يطمئنها وقال: «لا تخافي! فلن تؤذيك».
غير
أنها لم تثق به، وانتزعت شعرة من رأسها وألقتها إلى الأسفل،
قائلة: «ضع هذه الشعرة على رقابها فلا أعود أخشى النزول».
أخذ الرجل الشعرة وألقاها على الحيوانات فتحولت الشعرة
في الحال إلى سلسة حديدية أحكمت القيد على تابعيه الذين
يمشون على أربعة.
وحين رأت العجوز أنه فعل ما أرادت، نزلت عن الشجرة
وأخذت مكانها قرب النار. ولقد بدت أول الأمر امرأة بالغة
الضالة، لكنها حين جلست إلى النار بدأت تكبر. وحين رأى
الرجل ذلك دهش كثيراً، وقال لها: «يبدو لي، يا عجوزي، أنك
تكبرين شيئاً فشيئاً!»، فأجابت، وهي ترتعش: «ها! ها! لا، لا،
يا بني! إنني أتدفأ وحسب!». لكنها كانت تكبر بالفعل وتغدو
أطول فأطول، وكان طولها قد بلغ نصف طول شجرة الزان.
وكان راعي الماعز يراقبها بعينين مفتوحتين على وسعهما وهي
تكبر، وحين بدأ الخوف يتسلل إلى قلبه، قال ثانية: «لكن حجمك
بات مخيفاً حقاً، وأنت تغدين أطول فأطول كل لحظة».
كحت العجوز وارتعشت، وقالت: «ها، ها، يا بني. إنني أتدفأ
وحسب!». وحين رأى أنها قد غدت بطول شجرة الزان، وخشي
على حياته، نادى قلقاً على رفقته: «امسكها، یا دبی! امسكها، یا
ذئبي! امسكها، يا كلبي! امسكيها، يا قطتي!». لكن ذلك كان
عبثاً؛ فما من أحد بينهم كان قادراً على أن يتحرك من مكانه قيد
أنملة. وحين رأى ذلك، حاول أن يهرب، لكنه وجد نفسه عاجزاً

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية الإخوة الثلاثة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى