روايات

رواية خطيئة ميريام الفصل الخامس 5 بقلم سارة علي

رواية خطيئة ميريام الفصل الخامس 5 بقلم سارة علي

رواية خطيئة ميريام الجزء الخامس

رواية خطيئة ميريام البارت الخامس

رواية خطيئة ميريام الحلقة الخامسة

يوم الجمعة …
يوم التجمع العائلي المعتاد …
وقفت أمام مرآتها تعدل خصلات شعرها للمرة الأخيرة قبل أن تتحرك بثقة خارج غرفتها الواسعة ومنه الى الطابق السفلي ليستقبلها الجد بترحاب شديد كعادته فتندفع هي نحوه تعانقه بدلالها المعتاد …
جلست بعدها جانبه يسألها بدوره عن دراستها فتجيبه إن كل شيء يسير على ما يرام بينما الحقيقة لم تكن هكذا أبدا فهي رغم مرور اسبوعين على بداية العام الدراسي لم تدخل أي محاضرة حتى الآن بل تقضي اليوم مع مجموعة من الأصدقاء حيث يخرجون بشكل شبه يومي الى أحد الأماكن الترفيهية …
كانت ما زالت تتحدث مع جدها عندما دلفت عمتها منى الى الداخل ..
لم تكن يوما على وفاق مع عمتها ولا تعلم سببا منطقيا لهذا …
ربما لإن عمتها بشخصيتها القوية المتسلطة وطريقتها الحازمة بالتعامل لا تناسب حوراء بغرورها ودلالها بل وفشلها الذي تتحدث عنه منى بتهكم فهي دائما ما ترى فيها فتاة أفسدها الدلال لا تستطيع التحرك خطوة دون دعم من جدها ووالدها ..!
ألقت منى التحية ببرود وهي تجلس على الكرسي المقابل لهما واضعة قدما فوق الأخرى فتتأملها حوراء رغما عنها بجمالها الذي يزداد مع مرور السنوات ولا يقل …
كانت منى في الرابعة والثلاثين من عمرها وكانت الأشد جمالا بين نساء العائلة …
لم تتميز عن بقية شقيقاتها في جمالها فقط بل في ذكائها فهي تعتبر نابغة في مجال الهندسة الذي برزت فيه لتصبح من أشهر المهندسين المعماريين في البلاد بل سعت لتكوين شركتها الخاصة بعيدا عن ثروة والدها إضافة الى تدريسها في الجامعة الأمريكية والتي لسوء حظ حوراء كانت تدرس بها هي الأخرى …!!
جلست منى تقلب في هاتفها عندما سمعت والدها يسألها باهتمام :-
” هل صحيح إنك رفضت التعامل مع شركتنا في مشروع المنتجع السياحي الجديد ..؟!”
ردت بهدوء :-
” نعم رفضت …”
سألها والدها مجددا بتعجب :-
” لماذا ..؟! المشروع مهم للشركة و ..”
قاطعته منى بعملية :-
” أنت تعرف إنني لا أحبذ التعامل مع ولدك في أي مشروع …”
أضافت مبررة :-
” عمر طريقته مختلفة عني في العمل …”
رمقتها حوراء بنظراتها المستاءة بينما نهضت منى من مكانها تخبره :-
” عن إذنك .. سأرى الخدم في الأسفل لأتأكد من تحضيرهم لكل شيء كالمعتاد ..”
ثم تحركت بسرعة تهرب من هذا الحوار الذي بات مملا بالنسبة لها عندما نظرت حوراء لجدها تخبره عن قصد :-
” منى تكره بابا يا جدي …”
هتف الجد بسرعة :-
” ما هذا الكلام يا حور ..؟! هل توجد شقيقة تكره شقيقها ..؟!”
هتفت حوراء ببرود :-
” هي تكرهه والجميع يعلم هذا … تكرهه لدرجة تجعلها ترفض التعامل معه في مشروع مهم للمجموعة وهي تدرك ذلك …”
زفر الجد أنفاسه بتعب عندما قالت حوراء بمكر :-
” لا تحزن يا جدي .. انا لم أقصد …”
أضافت بابتسامة خبيثة لا تشبه نبرتها المفتعلة بحزن كاذب وهي تضم جسدها داخل أحضانه :-
” أنا فقط أحب بابا كثيرا ولا أحتمل حزنه وعمتي منى دائما ما تحزنه بكلامها وتصرفاتها ..”
تنهد الجد وهو يتمتم :-
” لا بأس يا صغيرتي .. عمتك منى طبعها حاد قليلا … ”
أكمل وهو يربت فوق على ظهرها :-
” لا تحزني …. حسنا يا حبيبة جدك …”
رفعت وجهها نحوه تبتسم له مرددة بعدما طبعت قبلة فوق وجنته :-
” أنت أفضل جد في العالم ..”
…………………………………………………..
دلفت منى الى المطعم تتأمل الخادمات الذي يعملن على قدم وساق لتتفاجئ بوجود شهد في المطبخ تساعد علا في تقطيع الخضار لتهتف منى بسرعة :-
” ماذا تفعلين هنا يا شهد ..؟!”
رفعت شهد وجهها بسرعة وهي التي لم تنتبه لدخولها لتجيب فورا بحرج :-
” دكتورة منى .. أنا فقط أساعدهن في تجهيز الطعام … ”
سألتها منى بجدية :-
” منذ متى وأنت تساعدينهن ..؟! ما أدركه إن والدتك لا تسمح لك بالمشاركة في أعمال المنزل .. أين هي صحيح …؟!”
تمتمت شهد وهي تزيح خصلة من شعرها خلف أذنها :-
” هي مريضة قليلا …”
ثم توقفت عن بقية حديثها لتكمل منى نيابة عنها :-
” فأرسلتك بديلا عنها ..”
قالت شهد بسرعة :-
” كلا يا دكتورة … أنا من أصريت على ذلك بعدما وجدتها مرهقة بشدة غير قادرة على النهوض من سريرها …”
زفرت منى أنفاسها بصمت قبل أن تخبرها :-
” تعالي معي يا شهد …”
ثم أشارت الى الخادمات بنبرة صارمة :-
” الجميع ينشغل بعمله …”
خرجت شهد وراء بتوتر دائما ما يزورها بحضور تلك السيدة القوية والتي تكون أستاذتها في الجامعة في نفس الوقت …
ورغم قوة منى وصلابتها كانت تتعامل مع شهد بشكل مختلف فهي رأت فيها مثالا للفتاة الذكية الطموحة فدعمتها في دراستها بل وجلبت لها منحة لدراسة الهندسة المعمارية في الجامعة الأمريكية وهو ما كان يفوق أحلام شهد بمراحل …
ورغم هذا ما زالت شهد تتوتر عندما تتحدث معها او تقف قبالتها…
وقفت شهد مقابلها لتسمعها تحدثها :-
” لم يكن عليك العمل هنا يا شهد … انت طالبة جامعية وهذا العمل لا يناسبك ..”
هتفت شهد بعدما بللت شفتيها :-
” أنا لا أفعل عادة .. ماما ترفض ذلك أساسا … فقط لإنها متعبة اليوم …”
قالت منى ببرود :-
” حتى لو … لست مضطرة للمساعدة كبديل عن والدتك … في البداية يبدأ الأمر كمساعدة ثم يتطور وتجدين نفسك تعملين معهن …”
تنحنحت شهد وأرادت أن تخبرها إنها لا تجد مشكلة في ذلك فهذا عمل والدتها الذي تحترمه رغم كل شيء لكنها لم تمتلك الجرأة لقول هذا فاكتفت بهز رأسها بصمت كالعادة عندما قالت منى أخيرا :-
” حضري نفسك … الأسبوع القادم ستعملين معي في الشركة كمتدربة … ”
لمعت عينا شهد وهي تردد بدهشة فرحة :-
” حقا يا دكتورة …”
أومأت منى برأسها وهي تضيف بجدية :-
” أخبرتك إنك ذكية وموهوبة جدا …. تعالي تدربي عندي في الشركة … ”
قالت شهد بسرعة وسعادة ظاهرة :-
” شكرا يا دكتورة .. حقا لا أعرف ما يمكنني قوله ..”
قالت منى وهي ما زالت محتفظة بملامحها الجادة تماما :-
” لا تقولي شيئا .. فقط إعملي بجد وحاولي أن تثبتي نفسك جيدا في الشركة … لا أريدك أن تخذليني بعدما وثقت بك …”
” ان شاءالله …”
قالتها شهد بسرعة لتهز منى رأسها بصمت وهي تتحرك عائدة من حيث أتت لتصفق شهد بيديها وهي تكاد تقفز بسعادة بعدما منحتها منى فرصة ذهبية كهذه ..
………………………………………
وقفت على مسافة منهم تتأمله وهو يتحدث معها بسلاسة ويبتسم لها بطريقة لم يفعلها معها أبدا …
شعرت به يقف مجاورا لها يخبرها بنبرة باردة :-
” لا تحاولي يا حوراء … إنه لم يرك يوما ولن يفعل …”
التفتت نحوه بحدة تناظره بغضب شديد ليبتسم لها بتكاسل مضيفا :-
” لا أصدق إن حوراء الذكية الجميلة تتصرف بهذه الطريقة .. تقف لوحدها بعيدا عن الجميع تراقب فارس الذي لا يبالي بها بنظرات شديدة الغضب والغيرة … ”
صاحت به بحدة خافتة :-
” لا تتجاوز حدودك يا صالح …”
أخبرها صالح ببرود :-
” وأنت لا تقللي من قدر نفسك بهذه الطريقة ..”
هدرت به :-
” كيف تجرؤ ….”
هتف صالح بهدوء :-
” انا حزين لأجلك يا حوراء … لا يعجبني ما تفعلينه بنفسك …”
ضحكت غير مصدقة وهي تقول :-
” ولماذا تحزن لأجلي أساسا …؟!”
توقفت لوهلة تدعي التفكير قبل أن تردف بنبرة ملتوية :-
” لإنك معجب بي مثلا ..”
قاطعها بجمود :-
” بل لإنني أحبك …”
تجمدت لوهلة من إعترافه الصريح دون تردد …
سرعان ما سيطرت على دهشتها وهي تخبره مستعيدة برودها :-
” لست الوحيد من يفعل … هناك الكثير يحبونني غيرك ..”
ثم همت بالتحرك بعيدا عنه لتتفاجئ به يقبض على ذراعها يخبرها بيقين :-
” لا أحد يحبك مثلي يا حور … صدقيني …”
دفعته بنفور وهي تخبره بغلظة :-
” سأعتبر إنني لم أسمع شيئا منك يا صالح … ”
ثم تحركت بسرعة دون أن تنتظر منه حديثا إضافيا حيث تقدمت إتجاهه وهو الذي يجلس معه شقيقه وشقيقها أحمد وسلمى إبنة عمتها يتحدثون سويا …
ألقت نظرة عابرة على سلمى غير مصدقة إنها باتت تشعر بالغيرة منها بعدما رأت أسلوب فارس المختلف معها …
لم يغب عن ناظريها ذلك النفور الذي ملأ ملامح ونظرات شقيقها أحمد كعادته حينما يراها …
لقد إعتادت على الرفض الصريح منه لها فهو لا يطيق رؤيتها ولم يسعَ يوما لإخفاء ذلك …!
جلست بجانب محمد الذي ما زال يتحدث مع سلمى تتأمل فارس الذي كان يعبث بهاتفه وعلى ما يبدو يتحدث مع أحدهم من خلال الرسائل النصية …
عقدت ذراعيها أمام صدرها تطالعهم بملامح فارغة عندما وجدته ينهض بعدما رن هاتفه ليقف عند طرف الحديقة يتحدث بملامح يظهر عليها الإنصات الشديد …
نهضت من مكانها محاولة إستغلال الفرصة للإنفراد به بعدما ينتهي من حديثه وهي تفكر في الحجة التي ستتخذها ذريعة للحديث معه …
تقدمت نحوه فشعر بها ليلتفت نحوها فتبتسم له بلطف مقصود وهي تسير نحوه بينما ينهي هو حديثه مع المتصل …
هتف بها بجمود سيطر على ملامحه تماما :-
” نعم … ”
” كنت أريد التحدث معك قليلا …”
قالتها بنبرة ناعمة عندما همت بقول شيء بعدها لتتفاجئ بكرة صلبة تضرب كتفها …
كادت أن تسقط من شدة الضربة لكنها سيطرت على نفسها في اللحظة الأخيرة عندما وجدت ابن شقيقها سالم يتقدم راكضا بسرعة نحو الكرة …!
هبطت نحو الكره تحملها وتقف قباله بنظرات حادة ليخبرها الطفل بسرعة :-
” أريد الكرة يا عمتي …”
صاحت به بعصبية سيطرت عليها :-
” أنت حقا أحمق وعديم التربية … كيف تضربني بالكره أيها الأبلة …؟!”
هم فارس بتأنيبها على طريقتها في الحديث بعدما رأى الدموع تتجمع داخل عيني الصغير الذي سبقه وهو يصرخ بها :-
” بل أنت هي الحمقاء والبلهاء وكل شيء …”
شهقت بعدم تصديق قبل أن تخبره بتوعد :-
” هكذا إذا…”
ثم سارعت ترمي الكرة من فوق السور الى الشارع الخارجي ..
صرخ الطفل باكيًا :-
” كرتي …”
ثم اندفع بسرعة خارج الحديقة مقررا الخروج الى الشارع لجلبها فنهرها فارس قبل أن يركض خلفه :-
” الطفل سيخرج الى الشارع بسبب تصرفك الأحمق …”
ثم أخذ ينادي عليه بينما الصغير يركض حتى إرتطم بجسد شهد التي تلقفته بسرعة بين أحضانها تسأله بقلق:-
” ماذا حدث ..؟! لماذا تبكي هكذا ..؟!”
وجدت فارس يتقدم نحوها فيميل نحوه قليلا يخبره :-
” إبقى معها وأنا سأجلب الكرة وأعود حالا ..”
ثم تحرك بسرعة الى الخارج ليجلب الكره بينما أخذ الصغير يثرثر لشهد بنبرته الطفولية عما فعلته عمته به …
حاولت شهد تهدئته وهي تربت على شعره وتقبله من وجنتيه حتى وجدت فارس يأتي بالكرة لتخبره وهي تشير اتجاه فارس بحماس :-
” ها قد وصلت الكرة …”
ركض السريع بسرعة نحو فارس يلتقط منه الكره وهو يقفز مرددا بسعادة :-
” شكرا .. شكرا كثيرا …”
ابتسمت شهد على ضحكات الصغير بينما تقدمت حوراء بملامح واجمة لتقف على بعد مسافة منها فتجد فارس يربت على شعر الصغير وهو يحدثه ببضعة كلمات …
استدارت حوراء قليلا نحو شهد لتجدها واقفة تتابع المشهد بإبتسامة هادئة ..!!
تأملت فارس الذي تقدم نحوها يخبرها وهو يبتسم لها بلطف :-
” شكرا يا شهد …”
تمتمت شهد برقة :-
” أنا لم أفعل شيئا …”
تقدم الصغير نحوها يخبرها :-
” هل تلعبين الكرة معي يا شهد ..؟!”
همت شهد بالرد لكن صوت حوراء البارد ألجمها تماما وهي تقول :-
” بالطبع ستفعل .. لا يمكنها أن ترفض أساسا …”
ثم أشارت لها بنبرة مترفعة :-
” خذيه وإلعبي معه …”
هزت شهد رأسها بصمت وهي تقبض على كف الصغير وتسير بجواره ليتأملها فارس بعدم تصديق فتهز كتفيها وهي تسأله ببرود :-
” ماذا حدث ..؟!”
تأملها بصمت لوهلة قبل أن يقول بتجهم :-
” أتعجب كثيرا منك يا حوراء … كيف يمكنك أن تكوني بكل هذا …”
توقف لوهلة لا يستطيع إكمال حديثه لتواجهه بوقفتها وهي تسأله بعدم إستيعاب :-
” لماذا تتحدث معي هكذا ..؟! لماذا أشعر دائما بأنني لا أعجبك …”
أجابها بتهكم مقصود :-
” ما حدث قبل قليل مثلا … موقف بسيط من عدة مواقف لا تبدد إعجابي بك فقط وإنما تجعلني أنفر منك أيضا …”
أنهى كلماته وتحرك بعدما منحها نظرة أخيرة شديدة الإزدراء جعلتها تغلي غضبا …

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية خطيئة ميريام)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى