رواية أوهام الحب الوردية الفصل الرابع عشر 14 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية الجزء الرابع عشر
رواية أوهام الحب الوردية البارت الرابع عشر
رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الرابعة عشر
بعد مرور أربع سنوات.
ابتسم رامز وهو ينظر بفخر واعتزاز إلى شركته التي تمكن من فتحها مرة أخرى بعدما أغلقت بسبب الظروف القاسية التي مر بها قبل أربع سنوات.
لقد نحت في الصخر، وفعل المستحيل لكي يقف على قدميه مرة أخرى بعدما أفلس عقب احتراق المخزن والفضل يعود في تمكنه من افتتاح الشركة مرة أخرى إلى والدته التي باعت مصوغاتها الذهبية وسيارة والده الراحل والأرض التي ورثتها عن والدتها ثم أعطت الأموال لابنها حتى يسدد جميع القروض التي اقترضها من البنك ومن حسن حظه أنه قد تبقى قليل من الأموال بعدما قام بعملية السداد فقرر أن يستخدم هذا المال حتى يعيد افتتاح شركته مرة أخرى.
بدأ رامز في القيام بمشروعات صغيرة وبفضل خبرته في مجال التجارة والتسويق تمكن من النجاح في هذه المشروعات وجنى منها أرباحا كثيرة جعلته يتمكن من افتتاح الشركة والبدء في مجال الاستيراد والتصدير مرة أخرى.
لم يكن هناك شيء ينغص عليه حياته سوى عدم تمكنه من رؤية إسلام، فقد منعته داليا من رؤيته خاصة بعد زواجها من عزام واحتمائها بنفوذه.
لم يكن رامز ساذجا ولا غبيا إلى تلك الدرجة التي تجعله لا يفهم حقيقة أن عزاما هو الشخص المسؤول عن حريق المخزن وموت الحراس فقد صار الأمر واضحا بالنسبة له كوضوح الشمس وأقسم أن ينتقم منه في الوقت المناسب عندما تسمح له الفرصة.
راود رامز شك في أن يكون عزام هو نفسه الشخص الذي قتل أشرف ولكنه لم يكن واثقا من هذه فكرة لأنه لا يرى من وجهة نظره أي شيء قد يربط بين أشرف وعزام.
يعترف رامز أنه أذنب في حق نفسه لأنه أحب فتاة مثل داليا، فهذا الحب لعنة ولا يجلب للعاشق سوى الخراب والدمار وجرح قلب يظل ملازما لصاحبه إلى أن يحين وقت رحيله من هذه الحياة القاسية.
لقد ظن أن داليا تحبه ولكنها تصرفت معه بوضاعة عندما مرّ بمحنة وكأنها تقول له ليس ذنبي أنك أحببتني أيها الغبي الأحمق، فأنا لستُ سوى فتاة جميلة تسعى لعيش حياة مرفهة وإذا كنت لا تستطيع أن تجعلني أحيا في سعادة ورفاهية فعذرا لك ولقلبك فأنا لا أكترث لمشاعرك الحمقاء.
تلقى رامز اتصالا هاتفيا من شقيقته تهنئه بمناسبة افتتاح الشركة ثم ناولت الهاتف لزوجها الذي تمنى التوفيق لرامز.
ظهرت ابتسامة واسعة على ثغر رامز قائلا:
-“تسلم يا منير وألف مبروك ليك على الترقية”.
أنهى رامز المكالمة بعدما ودع شقيقته وزوجها وتذكر عندما تزوجت أمنية قبل عامين من شخص خلوق تقدم لها وسافرت معه للخارج بعدما تم الزفاف.
غادر رامز الشركة بعدما أنهى جميع الأعمال التي كان يتوجب عليه إنجازها ثم ذهب إلى عيادة الطبيب النفسي الذي يذهب إليه من حين لأخر حتى يتحدث معه فهو قد تمكن بمساعدة هذا الطبيب من الاستمرار في حياته بعد سلسلة المصائب التي مر بها وعلى الرغم من تخطيه لندوب الماضي إلا أنه يشعر بحاجة ماسة للتحدث مع هذا الطبيب والبوح أمامه بما يجيش في صدره.
دلف رامز إلى غرفة الطبيب وجلس أمامه فسأله الأخير عن السبب الذي أحضره إلى العيادة بعدما أخبره في المرة الماضية أنه لن يأتي إليها مرة أخرى:
-“إيه اللي حصل معاك المرة دي يا رامز؟ أنا سمعت أنك قدرت تفتح شركتك اللي فلست قبل كده وده شيء المفروض يخليك سعيد ومبسوط”.
أخذ رامز شهيقا وزفيرا وتنهد قائلا بوجوم:
-“أنا فعلا مبسوط بخصوص الشركة بس حاسس بخنقة كبيرة أوي جوايا منغصة عليا فرحتي”.
ضيق الطبيب عينيه وهو يسأله:
-“هل سبب حزنك متعلق بابنك اللي طليقتك مانعاك تشوفه ولا فيه حاجة تانية غير الموضوع ده؟”
وضع رامز كفه أسفل ذقنه ومط شفتيه بعدما قال:
-“أنا زعلان أوي على أمي، هي أكتر شخص ساندني في محنتي ومش طلبت مني غير مقابل واحد وهو أني أفرحها وأتجوز مرة تانية”.
سأله الطبيب مستغربا حزنه من هذا الأمر:
-“طيب وإيه المشكلة في الموضوع ده؟!”
أجابه رامز بصراحة كاشفا عما يدور بداخله:
-“المشكلة هي أني مش طايق الفكرة دي من الأساس، تقدر تقول أن من ساعة ما داليا غدرت بيا وحرمتني من ابني وأنا كاره كل الستات وشايف أنهم انتهازيات زي داليا أو طيبين لدرجة غبية زي نادين وأنا مش عايز أرتبط بواحدة وأسيبها زي ما عملت قبل كده في بنت خالتي أو أطلع عليها عقدي لو كملت معاها واتجوزتها”.
حرك الطبيب القلم الذي يمسك به في يده بحركات دائرية فوق ورقة بيضاء موضوعة على سطح مكتبه قائلا:
-“أفهم من كلامك يا رامز أن والدتك عايزاك تتجوز وتنسى اللي حصلك من داليا بس أنت رافض فكرة الارتباط وده عامل مشكلة بينك وبينها”.
أومأ رامز قائلا بوجوم ارتسم على وجهه بعدما تذكر نظرات العتاب التي رآها في عيني والدته قبل مغادرته المنزل في الصباح الباكر:
-“بالظبط كده، ماما مش قادرة تفهم أن أنا مش عايز أغلط نفس الغلطة لما سمعت كلامها وخطبت نادين وفي الأخر ظلمت نفسي وظلمتها معايا لما تخليت عنها قبل ميعاد الفرح بفترة قليلة”.
عدل الطبيب من وضع نظارته قبل أن يتحدث بجدية:
-“بص يا رامز، طول ما أنت حاطط داليا في دماغك هيكون صعب عليك أنك تبدأ من جديد، أنا قولتلك قبل كده وهقولها تاني، لازم تنسى كل اللي حصل بينك وبين طليقتك وتشيل فكرة الانتقام منها من رأسك عشان تقدر ترتاح وتكمل حياتك”.
حرك رامز رأسه مستنكرا فكرة عدم الانتقام من داليا وعزام بعدما دمرا حياته وحرماه من رؤية ابنه الوحيد:
-“أنا مش هنسى داليا ولا اللي عملته فيا غير في حالة واحدة بس وهي أنها ترجعلي إسلام اللي مش قادر أعرف عنه أي حاجة لحد دلوقتي”.
تنهد الطبيب ثم نظر إلى رامز وأخبره بطريقة علاج فعالة سوف يلجأ إليها معه وهي طريقة الجلسات النفسية الجماعية.
اعترض رامز في البداية على فكرة الطبيب ولكنه انصاع له في النهاية بعدما تمكن الأخير من إقناعه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
نظرت هانيا في المرآة إلى هيئتها بسعادة ثم التفتت إلى زوجها قائلة بسرور:
-“إيه رأيك في الفستان ده يا زياد؟”
أجابها زياد وهو يقترب منها بضع خطوات:
-“جميل جدا يا حبيبتي، أنتِ طول عمرك ذوقك حلو وبتختاري على طول الحاجات اللي بتخليكِ تباني جميلة ومميزة”.
شعرت هانيا بالرضا بعدما سمعت كلمات زياد الذي لم يهتم لثمن الفستان الباهظ على عكس محمد الذي كان ينهرها دوما ويتشاجر معها عندما تخبره أنها قامت بشراء فستان جديد.
تذكرت هانيا ما حدث بعدما انقضت فترة عدتها فقد حضر زياد إلى منزلها وطلب يدها ولكن رفض شقيقها الأمر ولم يوافق إلا بعدما رأى إصراراها وتمسكها برأيها.
كان من المفترض أن يتم الزواج بعد بضعة أشهر من انتهاء العدة ولكن تم تأجيل الأمر بعدما توفي أحد أقارب والد هانيا التي اضطرت للانتظار أكثر من ستة أشهر حتى تتزوج بزياد.
مرت ثلاث سنوات على زواج هانيا بزياد عاشا فيها حياةً سعيدة للغاية فقد كان معظم
وقتهما مشغولا بالسفر والتنزه وحضور حفلات أصدقائهما ولم يكن يشغل بالهما أي شيء فكل منهما لم يفكر في مسألة الإنجاب لأنهما أرادا أن يقضيا أوقاتا ممتعة قبل أن يتحملا مسؤولية إنجاب طفل وتربيته.
اختفت الابتسامة من وجه هانيا بعدما سمعت زيادًا وهو يقول:
-“هو أنتِ عملتِ اختبار حمل الشهر ده يا هانيا ولا لسة؟”
شعرت هانيا بالضيق بعدما ألقى عليها زياد هذا السؤال فهي قد أجرت الاختبار بالأمس وكانت النتيجة سلبية مثلما وجدتها في الأشهر الماضية.
لقد صار زياد في الآونة الأخيرة لحوحا بشأن فكرة الحصول على طفل من صُلبه بعدما رأى ابن عمه وهو يحمل طفله على كتفه في إحدى المناسبات العائلية.
في ذلك اليوم عندما رجع زياد برفقة هانيا من حفل عائلته طلب منها أن تتوقف عن تناول أقراص منع الحمل وأخبرها صراحة برغبته في أن يصبح أب لطفل منها.
امتثلت هانيا لطلب زوجها وتوقفت بالفعل عن تناول الأقراص منذ ستة أشهر ولكنها لم تحمل في أحشائها الطفل المنتظر وهذا الأمر أصابها بالحيرة والقلق.
ردت هانيا على سؤال زوجها وهي تشيح بوجهها:
-“للأسف يا زياد، أنا عملت الاختبار ولقيت أن مفيش حمل”.
زفر زياد بضيق وهتف بحزم:
-“يبقى إحنا كده مش قدامنا غير حل واحد وهو أني أروح أكشف وأعمل تحاليل عشان أعرف إيه السبب اللي أخر الحمل لحد دلوقتي”.
أومأت هانيا موافقة على فكرة زوجها وهي تشعر بالثقة في نفسها فهي تدرك جيدا أنه لا يوجد بها أي علة تمنعها من الإنجاب وإذا كان هناك مشكلة تعيق حملها فسوف تكون من جهة زوجها وليست من جهتها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وضعت سمية الكتاب الذي كانت تمسك به جانبا ثم نهضت من فوق سريرها وذهبت إلى الحمام حتى تغسل وجهها.
وقعت عينا سمية على انعكاس وجهها في المرآة فقد تبدلت ملامحها وصارت تبدو أكبر من عمرها بسبب الحزن والأسى اللذين تشعر به فقد تم انتهاكها تحت مسمى زواج وهمي اتضح عدم وجوده كما أنها أمضت عامين من عمرها داخل مصحة نفسية حتى تتعافى قليلا من أثر الصدمة التي لحقت بها.
عادت سمية إلى غرفتها ثم فتحت خزانتها وارتدت فستان داكن اللون يناسب الحالة النفسية التي تمر بها.
حملت سمية حقيبتها وخرجت من غرفتها وهي تنادي على والدتها قائلة:
-“أنا خارجة دلوقتي يا ماما، مش عايزاني أجيبلك حاجة معايا وأنا جاية؟”
هزت جميلة رأسها بنفي قائلة:
-“تسلمي يا حبيبتي، أنا مش عايزة حاجة غير سلامتك”.
غادرت سمية المنزل تحت نظرات جميلة التي كانت تشعر بالحسرة على ابنتها الوحيدة فعلى الرغم من عودة سمية لطبيعتها وتجاوزها بشكل ظاهري للصدمة إلا أنها تشعر أن ابنتها لا تزال تحمل في قلبها كثيرًا من العذاب والألم والمعاناة ولكنها تتعمد إخفائهم عن أعين الجميع حتى لا يظنوا أنها ستدخل في نوبة انهيار جديدة تستلزم منهم إعادتها إلى المصحة.
كانت سمية تلزم غرفتها بعدما خرجت من المصحة ولم تكن تبرحها وهذا الأمر أحزن جميلة التي كانت تريد من ابنتها الخروج من عزلتها.
تفاجأت جميلة في يوم من الأيام عندما أخبرتها سمية أنها ستخرج من المنزل للتنزه وقد صار هذا الأمر يتكرر منذ ذلك اليوم بشكل أثار قلق جميلة ولكنها لم تقم بسؤال سمية عن المكان الذي تذهب إليه فقد خشيت أن يجعلها هذا السؤال تعود إلى عزلتها مرة أخرى.
رفعت جميلة عينيها للأعلى ورددت بدعاء:
-“يا رب احمي بنتي وحافظ عليها ورجعها زي ما كانت زمان قبل ما الحيوان مراد يدخل حياتها، اللهم إني أسألك بقدرتك أن تنتقم من كل اللي ظلموها وأذوها في حياتها”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وصلت سمية إلى وجهتها وهي عيادة الطبيب النفسي الذي تتابع معه حالتها فقد قررت أن تتخذ خطوة الإقدام على العلاج النفسي بعدما مر فترة قضتها في التردد والتفكير في الأمر.
وصلت سمية إلى الغرفة التي يجلس بها بعض المرضى الآخرين فقد وافقت على خوض تجربة الجلسات النفسية الجماعية بعدما أخبرها الطبيب أنها تعد نوعًا من أنواع العلاج النفسي، وهي واحدة من أكثر الطرق نجاحا في مجال علاج الأمراض النفسية والحصول على الهدوء النفسي.
جلست سمية على أحد المقاعد أمام بعض المرضى الذين لم يكن عددهم كبيرًا مثلما كانت تظن عندما اقترح عليها الطبيب فكرة الجلسة الجماعية.
بدأ كل مريض في التعريف عن نفسه والتحدث قليلا عما جرى معه وظلت سمية تستمع إلى مشكلة كل مريض إلى أن حان دور الرجل الذي كان يجلس أمامها مباشرة فهي لم تشعر بالتعاطف معه على الإطلاق مثلما شعرت مع المرضى الآخرين.
تحدثت سمية باندفاع دون أن تنتبه إلى نبرة صوتها التي ارتفعت وجعلت الجميع يسمع الكلمات الحادة التي وجهتها إلى المريض الذي يجلس أمامها:
-“مع كامل احترامي لحضرتك يا أستاذ رامز محدش قالك تروح تسيب خطيبتك اللي بتحبك وتروح تجري ورا واحدة مش محترمة اتعرفت عليها من الفيس بوك”.
لمعت عينا رامز بالغضب بعدما استشعر نبرة الهجوم في حديثها ولكنه تمالك أعصابه وهتف بحدة خفيفة:
-“أنا مكنتش بحب خطيبتي وكنت هظلمها معايا لو اتجوزتها وعشان كده سيبتها وبعدين أنا مش فاهم هو أنت ليه مضايقة نفسك أوي كده؟!”
رفع رامز أحد حاجبيه مستطردا:
-“اللي يشوف انفعالك ده يقول أنك كنتِ خطيبتي اللي سيبتها عشان خاطر واحدة تانية”.
أشاحت سمية برأسها ولم ترد عليه وظلت تنصت إلى حديث المرضى الآخرين وهي ترمقهم بنظرات مشفقة فقد مر كل منهم بمحنة فظيعة جعلتهم يفكرون في الانتحار.
بدأت سمية في الحديث بعدما حان دورها ومع كل حرف كانت تنطقه كانت أعين الحاضرين تتسع بشدة وخاصة رامز الذي لم يتوقع أن تمر الفتاة التي كادت تتشاجر معه قبل قليل بكل هذه الفواجع التي يمكنها أن تقضي على صاحبها وتكسر ظهره.
شعر رامز أن مشكلته تافهة للغاية مقارنة بمشكلة سمية التي جعلته يفكر فيما كان سيفعله لو مرت شقيقته بموقف مماثل.
بكت سمية بشدة بعدما أنهت حديثها فأخذ كل المتواجدين يخففون عنها إلى أن انتهت الجلسة وقد شعرت سمية ببعض الراحة بعدما أخرجت جزءا من الهموم التي تثقل كاهلها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أنهت إلهام صلاتها ودعت الله أن يوفق رامز ويصلح حاله ويرد له ابنه في أحضانه مرة أخرى حتى يعيش حياته مرتاح البال ويفكر بشكل جدي في تكوين أسرة جديدة تعوضه عن الزيجة الفاشلة التي مر بها.
فتحت إلهام هاتفها ونظرت إلى سجل الرسائل المتبادلة بينها وبين امرأة أخرى تدعى “أم سامح” وقد أخبرتها في رسالتها الأخيرة أنها وجدت عروسًا مناسبة من أجل رامز.
شعرت إلهام بالحزن لأن ابنها أخبرها بمنتهى الصراحة عن رفضه لفكرة الزواج في هذا الوقت وطلب منها ألا تلجأ لأسلوب الإلحاح في طلبها.
وضعت إلهام الهاتف جانبا وتمتمت بحزن:
-“منك لله يا داليا يا بنت فوقية، من ساعة ما ابني عرفك وحياته كلها اتقلبت وبقيت سواد، روحي يا شيخة قادر ربنا يجعل نهايتك تكون عبرة لكل واحدة حقيرة زيك”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
حملت حبيبة بعض الملفات وتوجهت بها نحو مكتب مهاب حتى تحصل على توقيعه.
انتظرت دقيقتين أمام المكتب قبل أن تسمح لها السكرتيرة بالدخول بعدما تأكدت من عدم انشغال مهاب بأي عمل يجعله غير قادر على النظر في الملفات التي تحملها حبيبة.
وضعت حبيبة الملفات على مكتب مهاب وهتفت بوجوم متحاشية النظر إلى وجهه:
-“أنا خلصت مراجعة الملفات دي زي ما أنت طلبت مني وجيبتهالك عشان تشوف إذا كانت كده تمام ولا عايزني أعمل فيها تعديلات تانية”.
نظر مهاب إلى الملفات الموضوعة وهتف بضيق ظهر بوضوح على وجهه بسبب عدم نظرها له:
-“تمام يا حبيبة، تقدري تقعدي لحد ما أخلص مراجعة الملفات بدل ما أنتِ واقفة كده”.
-“أنا مش جاية عشان أقعد هنا في مكتبك، حضرتك تقدر تراجع الملفات ولو لقيت أي مشكلة في واحد فيهم ابعتلي وأنا هاخد الملف وأراجعه مرة تانية”.
قالتها حبيبة وخرجت من المكتب دون أن تمنح مهابا فرصة للرد على حديثها.
زفر مهاب بحنق فهو يعلم جيدا أنها غاضبة منه لأنه قام بضرب أحد الموظفين الأسبوع الماضي وطرده من العمل بعدما صرح لها الأخير بحقيقة مشاعره نحوها وأنه معجب بها.
شعرت حبيبة حينها بالغضب بسبب الموقف المحرج الذي وضعها به أمام زملائها فقد صاروا ينظرون إليها على أنها عشيقة سرية لمهاب وهذا الأمر جعلها تشعر بالإهانة ودفعها إلى تقديم استقالتها ولكنها تفاجأت عندما أخبرها مهاب أنه وفقا للعقد الذي وقعته عند تثبيتها في الوظيفة أنها لا يمكنها أن تغادر الشركة بمحض إرادتها قبل مرور خمس سنوات على عملها.
في الحقيقة لقد أضاف مهاب هذا الشرط في عقدها هي فقط دونا عن باقي الموظفين حتى لا تقوم بمغادرة العمل فهو لا يمكنه أن يحتمل هذا الألم الفتاك ويشعر بالثورة والجنون كلما خطر في عقله أنها ربما قد تحمل في قلبها مشاعر لرجل أخر غيره يدفعها للتوقف عن العمل.
اسمها حبيبة، وهي حبيبة القلب ونور الفؤاد التي وقع في حبها دون أن يشعر بذلك ولن يدعها تبتعد عنه حتى لو كان ثمن ذلك هو حياته.
لم يكن يعلم في البداية أنها شقيقة أشرف وعندما أخبره عزام بالأمر شعر بالصدمة لأنه كان قد سقط في حبها وانتهى أمره.
ترددت بقوة كلمات عزام في أذنه:
-“أنا مش فاهم أنت إزاي يا مهاب وظفت حبيبة في الشركة من غير ما تعرف أنها أخت أشرف؟”
نكس مهاب رأسه ولم يرد على عزام الذي استكمل حديثه بنبرة حازمة:
-“أنت لازم تمشي البنت دي بكرة من الشركة”.
شعر مهاب بألم كبير في قلبه بعدما سمع هذا الكلام وقرر أن يستخدم فطنته في التحايل على عزام حتى تظل حبيبة بجواره:
-“أنا شايف أن مفيش مشكلة من وجود حبيبة في الشركة لأننا أصلا في أمان ومحدش يعرف أساسا أن أنت كنت تعرف أشرف وبالتالي وجود حبيبة في الشركة مش هيخليها توصل لأي حاجة بخصوص موضوع أخوها”.
لقد تمكن مهاب من إقناع عزام بوجهة نظره ولم تبتعد عنه الفتاة التي دق قلبه لها بعدما بدأت بالعمل معه في الشركة، وسيظل يحبها رغم معرفته بحقيقة أن نهايته ستكون على يديها بعدما تعلم أنه قاتل أخيها.
تمنى لو تمنحه قلبها وحبها، فهو لا يطلب منها المستحيل وإنما يريد أن يشعر بقلبها يخفق باسمه مثلما يحدث مع قلبه كلما رآها أمامه.
نهاية الفصل
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)