روايات

رواية أهداني حياة الفصل السادس والأربعون 46 بقلم هدير محمود

رواية أهداني حياة الفصل السادس والأربعون 46 بقلم هدير محمود

رواية أهداني حياة البارت السادس والأربعون

رواية أهداني حياة الجزء السادس والأربعون

رواية أهداني حياة
رواية أهداني حياة

رواية أهداني حياة الحلقة السادسة والأربعون

ظلت في دوامة تفكيرها ومن شدة الارهاق نامت دون أن تشعر ….
أما على الجانب الآخر في شقة حمزة كان عمر يسأل حمزة للمرة الخمسين تقريبا عن طريقته الخاصة في مصالحة ندى ؟ وما هي ؟ وكيف تكون ؟ وحمزة كالعادة لا يجيبه بينما عمر لا يمل من تكرار السؤال مرة بتملق ومرة بضيق ومرة بغضب ومرة بمحايلة وفي كل مرة يصله نفس الجواب من صديقه وهو لا شأن لك أو الأمر لا يعنيك
واخيرا نااام كلاهمااا دون أن يستريح عمر بينما حمزة يضحك في نفسه على هذا الأحمق لا يعلم أن طريقة مصالحة ندى ليست سوى شراء بسكويت النواعم خاصتها لتغمسه في الشاي بالحليب !!
وفي اليوم التالي استيقظت حلا باكر أو ربما لم تنم من الأساس كان التفكير يؤرقها بشدة كانت تنتظر طلوع الصبح بفارغ الصبر وقد أخبرت والدتها أن لديها محاضرة هامة أضافيه في الصباح الباكر
ارتدت ملابسها سريعاً واتصلت بصديقتها يارا لتقابلها أمام البيت ليذهبا معا لمعمل التحاليل الذي أرسلها زياد إليه
وبالفعل بعد حوالي ساعة كانت هناك وتوجهت حيث مكان سحب العينات دون أن تخبر الطبيب على توصية زياد أو أنها جائت من طرفه لكن ما إن رأت سن الابرة الحاقنة حتى شعرت بدوار عنيف يعصف برأسها وسقطت مغشياً عليها في الحال وما إن أفاقت حتى وجدت شاب يقف أمامها يسألها بقلق قائلا :
– الحمد لله انك فوقتي ..ثم اردف متسائلا باهتمام أنتي بخير يا آنسة ؟
– أماءت حلا رأسها بالايجاب واجابته بوهن : اه الحمد لله ثم تسائلت بس هو ايه اللي حصل ؟أنا مش فاكرة حاجة ..وحضرتك مين؟؟
– أجابتها صديقتها بدلا منه : أنتي أول ما شفتي الحقنة وقعتي علطول والدكتور جه شالك وفوقك
– حلا بحرج : شكرا لحضرتك
– الطبيب متسائلا بمرح : اسمي حسن مش مستاهلة حضرتك وبعدين احنا نطول نخدم انسة …؟؟
– ابتسمت حلا بوهن : بشمهندسة حلا
– صمت حسن لثوان ثم صاح متذكراً: بشمهندسة حلا الشاذلي اللي من طرف زياد ابن خالتي ؟
أمآت رأسها بالايجاب بعدما تعجبت بداخلها من معرفته بها وقد فطنت أن زياد حتماً اخبره إذا هو قد اهتم ولم يهملها لكن لماذا لم يخبرها بذلك ؟قاطع شرودها ذاك صوت الطبيب قائلا
– طب ولما أنتي جاية من طرفه مسألتيش عليا ليه ده زياد مكلمني من بالليل وقعد يوصيني عليكي أد كده بس واضح أنك تهميه ثم سألها وهو يتفرس بملامحها ويترصد كل انفعالاتها أنتو مرتبطين ؟
– انتفضت حلا بفزع ونفت برأسها سريعا وهي تؤكد نفيها بلسانها كأنه ألصق بها تهمة قد تصلها لحبل المشنقة : لأ لأ لأ مرتبطين أيه مفيش أي حاجة زي كده وبعدين حضرتك أنا مبرتبطش بحد ومبصاحبش
– تعجب الطبيب من رد فعلها المبالغ فيه فتحدث بهدوء قائلا : أنا آسف مقصدش حاجة وبعدين مالك اتخضيتي كده؟ أنا بس فرحت أنه أخيرا ارتبط بحد أصلك متعرفيهوش طول عمره جد وملتزم بزياادة أوي ف زمن مش شبهه ولا بقا في من اللي زيه ولأنه أول مرة يوصيني على واحدة فأنا فسرتها كده يعني وبعدين زياد مش وحش أووي للدرجادي هو صحيح مش النموذج اللي تحلم بيه أي ست بس…
– قاطعته حلا باندفاع لا تعلم سببه من الأساس : أكيد طبعااا دكتور زياد انسان محترم جداا وكويس أووي وميعيبهوش أي حاجة والست اللي هترتبط بيه هتكون أكيد محظوظة بس ده ملوش علاقة بيا كل الحكاية زي مقولت لحضرتك ف المبدأ نفسه بتاع مرتبطين أو متصاحبين أو أيا كان بتتقال أيه ده هو اللي مرفوض وده اللي خلاني انفعلت مش أكتر
– امأء حسن رأسه بتفهم ولمعت عيناه بأعجاب ثم تحدث قائلا : مفهوم يا بشمهندسة اعذريني بس الأخلاق اليومين دول بقت عملة نادرة ومبقاش في بنات بأخلاقك كده
– ابتسمت حلا برقة : شكراا لحضرتك والبنات اللي زيي كتير بس ممكن تكون مقابلتهومش لكن هما موجودين
– قال حسن مازحا: طب قعدنا اتكلمنا وروحنا شمال ويمين وبردو معرفتش أنتي تعرفي زياد منين ؟
– تنحنحت حلا وقالت بصراحة دون رغبة في الكذب: أنا ابقا اخت صاحبه ثم صمتت للحظات وأردفت تقريباً يعني المهم هو أن دكتور زياد شخص أنا بثق فيه وف رأيه
– ابتسم حسن ثم تحدث قائلا : الحمد لله كده أنا فهمت أصلي بيني وبينك أنا سألته وقعدت أغلس عليه ولما مرضيش يقولي خمنت أن يكون في بينكم مشاعر وكده بس هو مش عايز يعرفني متفتكريش ده فضول مني بس أنا بحب زياد مش عشان هو ابن خالتي وبس لكن لانه جدع وبتمناله الخير المهم دلوقتي بقا نيجي لأهم حاجة بما أنك جاية من طرف صاحبي وحبيبي يعني لازم المعاملة تبقا اسبشياال قوليلي أنتي عندك فوبيا من الحقن ؟
– حلا : أه تقريبا مش بستحمل اشوف شكل الحقنة وخصوصا السن بتاعها بحس بدوخة جامدة بس ديه أول مرة يغمى عليا بسببها ممكن أكون كنت متوترة زيادة شوية
– الطبيب حسن: خلاص بعد كده ابقي بصي ف أي اتجاه تاني وعشان متخافيش يا ستي أنا بنفسي اللي هاخد منك العينة
– حلا بتوتر : بس أنا خايفه توجعني
– حسن : متخافيش وعد مني مش هتوجعك ثقي فيا بس واتطمني
– حلا بمزاح تلقائي ودون قصد: أهو انا مبخافش إلا من جملة اطمني وثقي فيا ديه اول ما بسمعها بقلق علطوول
– حسن بمزاح: لأ أنتي بمجرد ما هتبصي على العصفورة هتلاقيني خلصت خلاااص
– حلا بتساؤل :عصفورة ايه ؟؟
– حسن : اكشفي دراعك كده وأنا هقولك
– حلا بامتعاض : أنتا بتكلم عيلة صغيره
– حسن : لا طبعا أنا اقدر اقول كده بكلم انسة بشمهندسة وزي القمر كمان
خجلت حلا ونظرت بالاتجاه الآخر في نفس اللحظة كان الطبيب حسن قد سحب عينة الدم التي يريدها دون أن تشعر به ف ضحك لها قائلا :
– أديني خلصت حسيتي بحاجة بقا ؟
تعجبت حلا بشدة فمتى بدأ حتى انتهى ؟؟ كيف لم تشعر بوخز الابرة ؟؟ف نظرت له ببلاهة قائلة :
– أزااي سحبتها من غير ما أحس ؟معقول ايدك خفيفة أوي كده ؟
– حسن بفخر مصطنع وهو يرفع ياقة قميصه الوهمية :عيييب عليكي بتشككي ف قدرااتي ولا ايه ثم اردف ضاحكا ًكل الحكاية إني لماا قولتلك أنك جميلة أنتي اتلهيتي واتكسفتي ف أنا استغليت الفرصة وسحبت العينة شوفتي بقا بذمتك في طريقة أحسن من كده
ازداد احمرار وجه حلا لكنها شعرت ببعض الضيق ف هي لا تحب تلك الطريقة في التعامل ولا كلمات الغزل على شكل مزاح فرسمت الجدية على وجهها وشكرته ثم حدثته بحزم قائلة:
– شكراا لحضرتك بس بعد أذنك ياريت متستخدمش طريقتك ديه معايا تاني ويفضل متستخدمهاش أصلا مع حد لأن كده تقريبا حضرتك بتعاكسني حتى لو قصدك هزار أو بتلهيني ف بردو مينفعش وحرام
– اعتذر حسن قائلا : آسف يا بشمهندسة عندك حق أنا بس كنت عايز اشتت عقلك عشان اغلب خوفك
وفي تلك اللحظة استدعى الممرضة وبينما كان يحدثها نظرت حلا تجاه يارا صديقتها التي بقيت صامته منذ بداية حديثها مع الطبيب حسن وحينما رأتها وجدت أنها شارده يبدو أنها قد هامت بهذا الطبيب حسن الاسم والوجه وحتى اللسان لا انه لا يبدو بل هو مؤكد ف هي تكاد ترى الفراشات تحلق من حولها وكأنها ف عالم آخر فلكزتها بقوة إلى حد ما فانتفضت يارا متسائلة بحنق :
– في أيه ؟؟
– حلا بغيظ لكن بصوت خفيض: في أيه أنتي ؟؟ أيه غضي البصر ده أنتي قربتي تطلبيه للجواز
– ضحكت صديقتها وقالت بتامل : يارييييت تفتكري يوااافق
– ضربت حلا كف بكف وقالت بمزاح : وااااقعة
كان في تلك اللحظات مازال الطبيب حسن منشغلا بالحديث مع الممرضة التي تقف بجواره ويعطيها عينة الدم الخاصة ب حلا وأخيرا عاد ليحدثها قائلا :
– بإذن الله النتيجة هتطلع بكره تقدري تعدي ف أي وقت تاخديها
– حلا بامتنان : شكرا لحضرتك على تعبك معايا وبإذن الله هعدي بكره أخدها سلام عليكم
تحركت حلا وخلفها صديقتها وما أن ابتعدا حتى اتصل حسن ب زياد ليطلعه على ما حدث طلب رقمه وما إن علا رنين الهاتف كان الأخيرقد أجابه وكأنه ينتظر مكالمته تلك فضحك الأول قائلا :
– أنتا أيه قاعد على الزرار وتقولي مفيش حاااجة !
– زياد بتأفف : أخلص يا حسن هااا طمني جت ؟؟
– حسن : أه جت ولسة ماشية هي وصاحبتها بس بصراحة عندك حق هي جمييلة مااشاء الله لأ وأخلاق كمان ت…
– قاطعه زياد بحزم قائلا : حسن لو سمحت مينفعش كده البشمهندسة معرفة وأمرها يهمني ومحبش انك تتكلم عليها كده
– حسن بمرح : معرفة أاااه ايوه وهي أخت صاحبك معرفة بردو يا زيزو ؟
– رفع زياد حاجبه بدهشة متسائلا : وأنتا عرفت منين أنها اخت صاحبي ؟
– حسن : هي اللي قالتلي هكون يعني عرفت منين
– زياد بحنق: وأيه المناسبة أنها تقولك حاجة زي كده ؟
– حسن : هفهمك
وهنااا بدأ حسن بسرد كل ما حدث على أسماع زياد الذي بدأت أنفاسه تتسارع وصدره يضيق ويشعر بغضب يجتاحه دون أن يعلم سببه خاصة حينما ذكر صديقه أنها قد تعرضت للاغماء وانه قد حملها بين ذراعيه كما ثار بشدة من طريقته السخيفة في سحب عينة الدم حينما غازلها ف صاح به بعصبية قائلا :
– وأيه اللي خلاك تشيلها عاملي فيها أحمد السقا متخلي أي اتنين من التمريض يرفعوها وبعدين ايه اللي جميلة أوي ومعرفش ايه قال ايه عشان تلهيها وتسحب العينة مفيش طريقة محترمة شوية
– كتم حسن ضحكته بصعوبة ثم سأله ببرود قائلا : وأيه اللي ضايقك يا زوز بس مش قولت انها مجرد معرفة
– زياد بتبرير : قولتلك أمرها يهمني وديه أمااانة متعرفش يعني أيه أمانة
– حسن بمكر: لأ أعرف يا زيزو بس ليه متوفقش راسين ف الحلال وتخدم صاحبك بردو
– زياد بضيق : تقصد أيه يا حسن ؟ ياريت توضح كلامك
– حسن : قصدي يعني أنها باين عليها محترمة ومن أسرة طيبة وجميلة ومهندسة ودمها خفيف وصاحبك آن الأوان يكن وربنا يهديه ويتجوز بقا
– زياد بانفعال : تصدق أنا غلطان أصلا أني بعتها لواحد زيك يعني أنا بعتهالك عشان بثق فيك واطمن عليها تقوم أنتا تقعد تتغزل فيها وقال بقولها ابن خالتي وصاحبي
– حسن بخبث: ياا صاحبي أتغزل فيها أيه بقولك بفكر اتجوزها صمت ل ثوان ثم أردف بمكر ده لو أنتا مش مهتم يعني
– زياد بعصبية : بقولك أيه يا زفت ركز في شغلك واعمله الأول وبعدين ابقا دور على الهبل اللي بتقول عليه ده
– حسن متسائلا ليثير غيظه: يعني أنتا من ناحيتك مش راافض
– زياد وقد صاح منفعلا : وأنا أرفض ولا أواافق ليه أنااا ماالي ولا تكون فاكرني خاطبة المهم بس يا حسن أول ما نتيجة التحاليل تطلع تكلمني علطول وتبلغني بيها قبل ما تقولها فاااهم قبل ما تقولها اديني قولت يارب متتغلبط ولا تنسى
– حسن : وأنا أقولك أنتا ليه يا دكتور في حاجة اسمها الامانه المهنية عايزني أخون القسم
– زياد بنرفزة: بقولك ايه متعصبنيش عليك قسم ايه اللي هتخونه وبعدين انتا خريج علوم ما أقسمتش اصلاا اخلص يا حسن أول ما النتيجة تطلع تكلمني تعرفني
– حسن ضاحكا: نفسي افهم أنتا متعصب ليه يا زيزو مش عوايدك
– زياد بحنق: اقفل يا حسن عشان ورايا شغل مش فاضي للهبل بتاعك ده ومن غير سلام كمان
ثم أغلق الخط في وجهه وسط موجة ضحك عارمة من ابن خالته وصديقه حسن والذي لم يتوقع قط أن زياد الخلوق الهاديء قد ينفعل لدرجة أن يغلق الهاتف في وجه أحدهم وقد تيقن من ردة فعله تلك أن هذه الفتاة امرها يهمه للغاية حتى وان كان هو نفسه لا يعلم ذلك !
وهناك حيث شقة كريمة قد استيقظت ندى وتوجهت حيث شقيقتها لتخبرها أنها ذاهبة لترى حمزة وتطمئن عليه وتسألها هل تود أن تأتي معها أم لا وكان رد نسمة قاطعا حينما قالت :
– لأ يا ندى مش هروح روحي أنتي اتطمني على جوزك واقعدي معاه شوية ثم اردفت بمزاح لم تكن ترغب به لكن لعلها أرادت أن تهدأ ثورتها الداخلية قليلاً وتثبت لنفسها أنها واهمة بشأن مشاعرها تجاه زوج شقيقتها وأن الأمر كله لا يتعدى خوف وغيرة من أجل شقيقتها فقط لذا قالت : أنا محبش ابقا عزول بين واحد ومراته أهو تخففي عنه شوية وتطري القعدة بس متنسيش تطرأي عمر
– ندى متسائلة : هو عمر هناك لسة ؟
– نسمة: متهيألي اه كان بيقول انه هيبات معاه بس معرفش بقا مشي ولا ايه ؟ ثم اردفت غامزة ممكن تقوليله انزل العب مع الاسد أو روح هاتلنا شاي أم حسن
– ندى بحزم : طب متتلمي أنتي بدل ما افسحك أنا .. يعني آخر كلام مش هتيجي معايا يمكن حمزة يكون محتاجك تغيريله على الجرح مثلا
– نسمة بنبرة محبطة : لا متخافيش حمزة مش محتاجني أصلا ثم اردفت بنبرة حاولت ان تكسوها بالمرح المهم أنه يحتاجك أنتي مش أي ست تانية ثم اكملت بجدية خلي بالك من جوزك يا ندى
– ندى وهي ترمق شقيقتها بتعجب : نفسي أفهم فيكي أيه من امبارح أنا متأكدة أن في حاجة حصلت أنتي مش عايزة تقوليلي عليها
– نسمة بنزق: يووه ما قولنا مفيش حاجة ويلا بقا يا ندى عشان متتأخريش عليه
– ندى : ماااشي برااحتك
تحركت ندى من أمام شقيقتها وهي على يقين أن تام أن هناك ثمة أمر ما قد حدث ويخفيه عليه كلاهما وقررت بداخلها أن تنجح ف انتزاع السر من حمزة والتي لم تفلح في ذلك مع شقيقتها العنيدة
بعد حوالي نصف ساعة كانت أمام البناية التي بها شقتها وشقة والدة حمزة القديمة وأثناء صعودها الدرج وبينما هي في شرودها مفكرة بأمر شقيقتها وأحوالها المتقلبة الايام الفائتة حتى اصطدمت بصدر أحدهم وكانت قاب قوسين أو أدنى من أن تسقط من على الدرج لولا تلك اليد التي جذبتها بقوة من مرفقها حتى استعادت توازنها رفعت عيناها بخجل لتعتذر لصاحب هذا الصدام وتلك القبضة القوية التي مازالت ممسكة بها كأنها تخشى عليها الهروب لكن حينما التقت الأعين وتعرفت عليه حتى سادت لحظة من الصمت لحظة توقف الزمن فيها عند كليهما لحظة رأي عمر في عيناها مشاعر كثيرة ليس من بينهما البغض اطلاقا كانت نظرات حانية بها مشاعر لم يستطع تفسيرها وكأنها تلومه على أمر ما لا يعرفه لكن سرعان ما تبدلت نظراتها هي من معتذرة خجولة ل متحدية غاضبة وما أن شعر هو بتبدل تلك النظرات سريعا حتى ابتعد مجفلاً وكأنه قد وعى هو الآخر أنه مازال ممسكا بذراعها وكأن تلك اللحظة كانت خارج حدود المكان والزمان لحظة وهمية شعر خلالها أنها قد مست شغاف قلبيهما لكن على ما يبدو انه كان يتوهم ذلك وأخيرا قطع هو هذا الصمت متجاهلا ما حدث كليا :
– أزيك يا استاذة ندى يارب تكوني بخير
– ندى برسمية: الحمد لله يا كابتن أنا بخير
– عمر متسائلا بسذاجة : أيه جاية ل حمزة ؟
– رمقته بتعجب ثم اجابته ساخرة: أومال تفتكر جاية ازور حيطان شقتي عشان وحشتني مثلاا
– عمر مبتسماً بحرج: صح عندك حق على العموم هو كويس النهارده أحسن الحمد لله من امبارح نزلت أنا وهوه غيرنا على الجرح في المستشفي القريبة من هنا ورجعنا أنا كنت نازل عشان أجيب فطار وراجع تاني أعمل حسابك معانا
– ندى بعدم اهتمام لما تفوه به: لأ شكرا أنا فطرت الحمد لله
– سألها دون قصد ليختلق أي مواضيع للحوار : هي الدكتورة مجتش معاكي ليه؟
– اشتعلت نظرات ندى فجأة وبدت متحفزة تجاهه ثم تسائلت بعصبية: وحضرتك بتسأل ليه ؟؟
– عمر بتراجع وكان قد استشعر هذا التحفز الظاهر في صوتها وكأنه كان على وشك اختراق حقل ألغااام : مفيش عادي أصلها كانت بتقول انها هتعدي على حمزة عشان تطمن عليه
– أجابته ندى باقتضاب وهي تهم بالصعود لأعلى :عاادي مجهدة شوية ومش هتقدر تيجي النهارده بعد أذنك بقا عشان ألحق اطلع لحمزة واقعد معاه شوية قبل ما امشي
هتف عمرمن خلفها ليوقفها قائلا :
– ثواني يا استاذة ندى بعد أذنك
– توقفت ندى لكنها لم تلفت إليه ثم سألته بضيق: خيير ؟
– عمر بوضوح متسائلا: هو أنتي بتكرهيني ليه ؟
– حينما نطق بجملته شعر بجسدها يتصلب من الخلف ثم التفتت إليه سريعا قائلة : أكرهك ؟؟ وأنا هكرهك ليه يا كابتن متهيألي مفيش بينا تواصل ولا معرفة للدرجة اللي تخليني أكرهك
– عمر باصرار : يعني فعلا أنتي مش بتكرهيني طب ليه بتعامليني كده؟
– ندى وهي تزفر بملل : كده أزاااي يعني ؟؟
– عمر : يعني بتتعاملي معايا كأنك مش طايقاني
– ندى بصرامة : كابتن عمر أنا بتعامل مع حضرتك عادي زي ما بتعامل مع أي حد غريب معرفهوش لكن اكيد بعاملك باحترام باعتبارك زميل حمزة وبعدين حضرتك مهتم ليه أنا بعاملك ازااي يفرق معاك أيه ؟أنا مجرد مرات صاحبك يعني ممكن متتعاملش معايا أصلا لو حسيت إني بعاملك بطريقة مش عجباك أو يمكن مش متعود أن الستات تتعامل معاك بيها وإذا كنت منتظر مني أعاملك زيهم ف ديه مشكلة عند حضرتك ثم أردفت بغيظ ومش معنى إن معظم الستات اللي بتقابلهم بيبقوا هيتجننوا عشان بس تبصلهم وبتقدر تتكلم معاهم بأريحية ومن غير حدود يبقا عايزني أنا كمان اتعامل كده لأ آسفة أنا مش زيهم بعد أذنك
صعدت ندى دون أن تمهله فرصة للرد هو أيضا كان مازالت الصدمة تكتنفه لا يعلم لما هاجمته بهذا الشكل وعن أي نساء تتحدث ومنذ متى وهو يتعامل بأريحيه معهن بل ويرفع الحدود أيضا عمن تتحدث تلك الحمقاء ؟! كم أوجعه وصفها له بالغريب بينما هو يعتبرها الأقرب لقلبه !
هبط الدرج على غير هدى وقد قرر ألا يعود حتى تنصرف من عند صديقه فلا رغبة له في لقاؤها مرة آخرى حتى لا يصيبه قلبها الجليدي هذا ….
أما ندى فما إن صعدت عند شقيقها وجدته اليوم أفضل حالا على ما يبدو ظلا يتحدثا طويلا وقد قص عليها كل ما حدث بالأمس بالطبع دون ذكر انتكاسة جرحه حتى لا تقلق عليه وحينما انتهى من الجزء الخاص بشقيقتها حتى تمعنت النظر به قائلة بصراحة وجرأة أجفلته :
– بتحبهااا ؟
– تظاهر بعدم الفهم متسائلا : هي مين ؟ قصدك بيري ؟ ما أنتي عارفة أننا ..
– قاطعته ندى بصرامة : متستهبلش يا حمزة أنتا عارف أنا اقصد مين على العموم هسألك بوضوح أكتر بتحب نسمة ؟
– حمزة بمراوغة : ما أنتي عارفة يا ندى من وقت ما نسمة جت البيت وأنا بحبها زي حلا بالظبط
– ندى وهي ترمق شقيقها بغيظ ثم اقتربت منه وضربته على كتفه الغير مصاب فتأوه مصطنعا الألم فضحكت ندى قائلة بسخرية : على فكرة أنا ضربتك الناحية التانية اصلا ف متمثلش وتتهرب مني أنتا فهمت سؤالي كويس وعارف أنا اقصد ايه ولو إني عارفة الأجابة وأتأكدت منها لما قعدت تستهبل كده
– حمزة وهو يزفر باستسلام : هتصدقيني يا ليلو لو قولتلك إني أنا نفسي مش عارف ..أنا حاسس ناحيتها بمشاعر مختلفة معدتش عليا قبل كده لكن مش قادر اقول أن ده حب أو لأ ده غير طبعا أن الأمر مش سهل خااالص لاعتبارات كتيير مش سهل نتجاهلها بس الأهم عندي من كل ده إني والله يا ندى طول ما كنا متجوزين أنا مفكرتش حتى للحظة واحدة في المشاعر ديه حسيت بحاجة غريبة وتجاهلتها وبعدت خاالص عن البيت لأني بحترمك ولا يمكن اسيء ليكي حتى لوكان جوازنا مجرد جواز على ورق
– ندى بابتسامة: أنا واثقة من ده يا حمزة من غير متقول
– حمزة متسائلا : طيب السؤال الأهم عندي بقا هل مشاعري ديه ضايقتك أو هتضايقك ف يوم من الأيام؟
– اجابته ندى بإبتسامة ودون تفكير : ضايقتني
– امتعضت ملامح حمزة وأخذته الصدمة فتحدث قائلا : أنا آسف مكنش قصدي أخليكي تحسي كده وأوعدك إني هبعد عنها خاالص و…
– قاطعته ندى ضاحكة : بس بس هههههه أنا بهزر بردلك شوية من مقالبك وأنا هتضايق ليه أن أخويا اللي كان جوزي يحب أختي
– حمزة بعدم فهم : يعني أنتي دلوقتي بتتكلمي جد ولا بتهزري أصلي حاسس أنك بتتريقي
– ندى بتوضيح : لأ بهزر متقلقش بص يا حمزة منكرش قبل ما اعرف أنك أخويا كنت بتضايق من قرب نسمة ليك بس مش عشان خايفه أنتا تحبها لكن عشان خوفت هي تحبك
– حمزة : وعرفتي منين أنها هتحبني ؟ وليه خوفتي ؟
– ندى بابتسامة حنونة:عشان أنتا مفيش ست تعرفك ومتحبكش يا حمزة
– حمزة بمشاغبة : طب ما أنتي عرفتيني ومحبتنيش
– ندى : مين قالك أنا حبيتك بس شكل الحب كان مختلف خصوصا لان مشاعري كانت مع يوسف لكن نسمة بالرغم من جنانها وتهورها إلا أن جواها قلب نفسه يحب ويتحب نفسها تلاقي الراجل اللي يعرف يحتويها ويحبها بشخصيتها المرحة المهيبرة راجل بمواصفاتك خوفت تحبك من غير ما تحس ولما تعرف هتتلغبط وهتتعب وهتبقا مش عارفة تتصرف أزاي وغصب عنها هتبتدي تغلط وتعك يعني ببساطة خايفه عليها مش منها وللعلم ده اللي بدأ يحصل نسمة بتحبك من غير متعترف لنفسها ب ده بتغير عليك وتتضايق منك لما تحاسبها وتتضايق من نفسها بسبب ميلها ده حاالة لغبطة جامده
– حمزة متسائلا : يعني أنتي متأكدة أنها بتحبني ؟؟
– ندى بابتسامة: يعني معقولة يا حضرة المقدم يلا بتفهمها وهي طايرة مخدتش بالك من كل تصرفاتها اللي بتقول أنها بتحبك حتى لو هي نفسها معترفتش ب ده
– حمزة وهو يحك رقبته من الخلف بحرج: يمكن كنت عايز أسمعها منك عشان أتأكد ثم أردف بتعاطف طب ما نقولها اننا اخواات
– ندى بحزم : لأ مش هنقولها حاجة دلوقتي
– حمزة مستفهماً: ليه ؟ ايه اللي ف دماغك فهميني ؟
– ندى : عشان نسمة لازم تفهم إني لما كنت بقولها أن قربها منك غلط كنت بتكلم عشان مصلحتها لازم اسيبها كده شوية عشان تفهم ليه ربنا منعنا من الاختلاط وان محدش يقدر يتحكم ف مشاعره ولا ميل قلبه
– حمزة : انتي ليه قاسية معاها كده يا ندى
– ندى : معلش ساعات لازم تقسى على اللي بتحبهم عشان يتعلموا الصح من الغلط المهم أنتا فهمني ناوي على ايه معاها ؟
– حمزة بتفكير : مش عااارف والله يا ندى أنا مقدرش أعيد تجربتي مع بيري تاني بنفس التحفظات لازم نسمة تتغير الأول وتتغير عشان نفسها عشان علاقتها ب ربنا مش عشاني أنا بس أزااي ده ممكن يحصل معرفش
– ندى : نسمة من جواها جميلة وطيبة وقابلة للتغيير لكن محتاجة دعم والأهم محتاجة هداية من عند ربنا عشان تغير قناعتها اللي زرعتها مامتها فيها ف اللي علينا ندعيلها وربنا قادر على كل شيء
– حمزة متنهداً : يااارب بس أحنا دورنا أننا نحاول نهتم ونوجه من غير ضغط ولا توبيخ أنا كمان هحاول اتحكم ف انفعالاتي وأنتي طبعااا دورك أكبر وأهم لأني مش هقدر أكون قريب منها طول الوقت لحد ما احدد طبيعة مشاعري ناحيتها واعرف أنا عايز منها أيه بالظبط
– ندى : بقولك ايه أنا همشي بقا عشان أروح الشغل عشان أنا قولت ل ماما إني رايحة أزور زميلتي اللي كانت تعبانة وهرجع على الشغل مش عايزاها تقلق ومتنساش تكلمها تطمنها عليك
– حمزة: حااضر بس أنتي هتمشي لوحدك استني عمر يجيي يوصلك أنا معرفش هو اتأخر ليه قالي رايح يجيب فطار ويجيي علطول أنتي مقابلتيهوش وأنتي طالعة؟؟
– ندى وقد تجاهلت ما حدث بينهما على الدرج : قابلته أه زمااانه جاي على العموم أنا كده كده همشي لوحدي زي ما جيت مش عايزة حد يوصلني
– حمزة : هو الراجل هيلاقيها منك ولا من أختك أعوذ بالله عليكوا أنتو الاتنين
– ندى بسخرية : مش يمكن هو اللي نيته مش سالكة عشان كده بنعامله بالطريقة اللي يستاهلها
– حمزة بتعجب : نفسي أفهم مش طايقاه ليه مهو أنا حوار مبحبوش كده لله ف لله ده مش داخل دماااغي عل العموم ليكي روقة هفضالك وهنتكلم
– ابتسمت ندى وهي تهم بالانصراف : مش هتسمع أكتر من اللي سمعته يلا سلاااام وخد بالك من نفسك بلااش فرك كتيير ارتااح عشان الجرح يخف بسرعة و…
قاطعها صوت رنين هاتفها فأخرجته من حقيبتها ونظرت إلى اسم المتصل ثم رفعت وجهها بابتسامه لشقيقها وقد التقطها فورا وفهم أن المتصل هي شقيقتها فتسائل بشبه يقين :
– نسمة ؟؟
– ندى وقد أجابته بايماءة من رأسها: أيوه
ثم اشارت له بالصمت حتى تتمكن من الرد على شقيقتها
– ايوه يا نسمة ..اه عنده ..كويس الحمد لله ..اه نزل غير على الجرح ف المستشفى اللي جنب البيت ..لأ مقليش حاجه نفسي افهم انتو الاتنين مخبين عليا ايه ..خلاااص خلاااص ماااشي سلااام
وما إن أغلقت الهاتف حتى قابلتها عيناه المتسائلة فابتسمت قائلة :
– بتطمن عليك وعلى الجرح وبتسألني إذا كنت حكيتلي حاجة ولا لأ أنا قولتلها لأ على آخر الزمن هبقا مرسال الغرام
– حمزة بتعجب : مرسااال الغراام مرة واحدة مكنش سؤاال ده أنتي مفترية
– ابتسمت ندى ببراءة مصطنعة : أناااا مفترية ده انا حتى طيبة خااالص
– حمزة : طب خدي بالك من نفسك يا طيبة ومتنسيش تطمنيني عليكي أول ما توصلي
– ندى : حاااضر يا موزة سلااام
– حمزة : سلاام يا ليلو
ما إن خرجت ندى من البناية بأكملها حتى صعد عمر لصديقه والذي أجابه كاذباً بأن والده كان يحادثه ففضل أن ينهي مكالمته خارجا كما أخبره أنه اراد تركه هو وشقيقته بمفردهما دونه حتى لا يضايقها بوجوده ولم يقص عليه ما حدث بينهما على الدرج …
في مكان آخر بعيد كانت تجلس احداهن في حجرتها وحيدة كلمات حمزة بالأمس ترن ف أذنيها وما زاد الأمر سوءا هو توقيت سماعها لتلك الكلمات تحديدا فقد أتت بعد مقابلة أحدهم بعدما تلقت اتصالا هاتفيا منه طلب فيه مقابلتها وقد كان ذلك قبل ذهابها لشقة حمزة
شردت قليلا حيث ليلة أمس وما حدث بها
في المساء في إحدى المطاعم الراقية المطلة على النيل دخلت تتلفت حولها تتفحص كل الوجوه علها تعرفه أو يتعرف هو عليها وبالفعل وجدت من يشير إليها ف تحركت نحوه وتسائلت بهدوء :
– الرائد كريم الرشيدي؟
– أماء كريم برأسه وحدثها بابتسامة متفحصة : بريهان هاانم راشد.. طبعا حضرتك غنية عن التعريف
– بريهان برسمية : خير حضرتك طلبت تقابلني ممكن أعرف السبب ؟وحضرتك تعرفني منين ؟؟
– كريم وقد اشار لها لتجلس: اتفضلي طيب حضرتك اقعدي واشربي حاجة وهنتكلم
– بريهان بضيق: لأ معلش وبعدين هو أنا أعرفك عشان هنقعد نشرب حاجة مع بعض ياريت حضرتك تخلص علطول وتقول عايزني ف أيه
– كريم بمكر : متهيألي حضرتك عرفتي السبب اللي طلبت أقابلك عشانه وعشان كده وافقتي تقابليني
– بريهان بنزق: لأ أنا معرفتش السبب كل اللي حضرتك قولته أن مصلحتنا واحدة وأن الموضوع يخص حمزة طليقي ومراته لكن أنا مش فاهمة حاجة والاهم ياريت اعرف حضرتك مين وتعرف حمزة منين وايه مصلحتك بالظبط
– كريم بجرأة: بصي أنا هدخل في الموضوع علطول أنا بحب ندى مرات حمزة وأنتي بتحبيه وعايزة ترجعيله وانا الوحيد اللي اقدر اساعدك زي ما أنتي الوحيدة اللي تقدري تساعديني يبقا مصلحتنا واحدة ولا لأ؟؟
– بريهان بدهشة : وأنتا تقدر تساعدني أزاي ارجع لحمزة ؟ اوعى تكون فاااكر إني ممكن أأذي حمزة بأي شكل من الأشكال ده ابو ابني
– كريم بمكر: ومين قااالك أنك هتأذي حمزة ؟!
– بريهان بعدم فهم : ياريت حضرتك توضح أكتر
– كريم متخابثا: أنتي هتأذيها هي!!ندى اللي خدت منك جوزك ..فرصة وجتلك عشان تخلصي منها يبقا تستغليها ولا تسبيها تفلت منك ؟؟
– بريهان بتساؤل حذر : أزااي ؟؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية أهداني حياة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى