روايات

رواية أغصان الزيتون الفصل الثامن 8 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الفصل الثامن 8 بقلم ياسمين عادل

رواية أغصان الزيتون الجزء الثامن

رواية أغصان الزيتون البارت الثامن

رواية أغصان الزيتون
رواية أغصان الزيتون

رواية أغصان الزيتون الحلقة الثامنة

– الجزء الأول –

“في طرفة عين، يتبدل الحال لحالٍ آخر، وهو لم يعايش بدل الحال فـ حسب، لقد انقلب كل شئ رأسًا على عقب، والتنبؤ بشئ بات أمر غاية في الصعوبة.”
____________________________________
أنهى “نضال” المكالمة الهاتفية بعجالةٍ، ثم نظر بإتجاه “حمزة” الذي وصل لذروة غضبهِ، وأعطاه الخبر السئ :
– مش هنقدر نعمل حاجه، الخبر انتشر في صفحات كتير جدًا ده غير الحسابات الشخصية اللي شاركت الموضوع.. دي بقت قضية رأي عام ياحمزة.
ترك الهاتف وهو يقترح عليه :
– أنا رأيي تاخد إجراء قانوني ضدها، أعمل بلاغ وانت عارف إن الحق معاك.
كان “حمزة” جالسًا على مكتبه، يتحرك به المقعد يمينًا ويسارًا كما يتحرك عقله تمامًا، الأمور تعقدت بسرعة مريبة، وهو عاجزًا عن صدّ كل تلك الإشاعات عنه في ظل عدم وجود دليل براءته، ذلك التحليل الذي سينقذ موقفهِ ويحل الأزمة التي تعرض لها ، وكأنها حملة مكثفة لإنهائه، برع مُخططها في رسم كل زواياها. دخلت “رضوى” بعد أن قرعت على الباب، كان بينًا على ملامحها تغييرًا واضحًا، كأنها نظرات محتقرة أو ما شابه، أحنت رأسها مبتعدة عن النظر عنه، ثم قالت :
– بفكر حضرتك إن جلسة الإستئناف في قضية مدام عايدة بكرة.
حدجها “حمزة” بنظرةٍ مستنكرة، وعلى وجهه تعابير الغضب جليّة :
– تقريبًا يارضوى أنا المفروض أكون في باريس دلوقتي، كنتي هتعملي إيه!.
ثم صاح بغتةً وبشكلٍ أفزعها :
– ما تتصرفي زي ما بتتصرفي على طول!!.
وزع “نضال” نظراتهِ بينهما قبل أن يتدخل منعًا للصِدام :
– خلاص ياحمزة هي متقصدش.
ثم نظر بإتجاه “رضوى” متابعًا :

– أنا هشوف الموضوع بنفسي يارضوى.
رمت “رضوى” نظراتها الحانقة على كلاهما، ثم التفتت لتخرج وهي تغمغم بهسيسٍ غير مسموع :
– مقدرش على الحمار وجاي على البردعة، تستاهل كل اللي بيحصل يارب يطلع إبنك في الآخر ونشوف بقى هتعمل إيه!.
خروجها صادف دخول “راغب” إليه، وعلى وجهه تعابيرٍ غير مبشرة بالمرة، قرأ “حمزة” ذلك بسهولة، فسأله قبل أن يعترف هو :
– إيه ياسبع ؟.. معرفتش توصل لحاجه! مش كده ؟!.
فـ أفصح “راغب” عن فشلهِ الذريع :
– ملهاش أثر، ٣ بس في مصر أسمهم سُلاف محفوظ السُني، واحدة منهم ميتة من شهر ونص، وواحدة مسافرة برا مصر في هجرة مع جوزها بقالها ٣ سنين، والتالته بنت عندها ١٦ سنة.
برزت ابتسامة ساخرة على محياه، وتجول حولهم بتوترٍ مرتبك وهو يصيح بـ :
– أنا قولت كده!!.. واحدة بالدماغ دي مستحيل تديني رقبتها بسهولة.
دفن أصابع يديهِ الأثنتين في رأسهِ يضغط عليها بإنفعالٍ :
– هتجنن، مين ورا البت دي!!.. أنا مسيبتش واحدة غير وأنا مقطع الورقة العرفي اللي بينا، مفيش واحدة عرفت تخدعني ولا تاخد مني اللي أنا مش عايز إديه ليها!!.. إزاي ده يحـصل معـايـا..!.
فكر “نضال” قليلًا، وبدأ بالفعل يُصدق أن الأمر حقيقيًا ولا يحمل أي تلاعب، تشكك في ذاكرة “حمزة” الذي قد يكون تناسى تلك الفتاة، من بين العشرات الذي قضى لياليهِ الخاصة معهن، فـ رمقهُ بتوجسٍ وسأله :
– أنت حاسس بإيه يا حمزة؟؟.. معقول يكون ده إبنك فعلًا؟.
– مــش إبـنــــــي، مـسـتـحـيل!.
اهتاجت أعصابهِ وهو يصرخ بذلك، ولم يهدأ أبدًا بل أن الأمر تطور أكثر :
– واللعبة القذرة دي أنا هكشفها كلها، وساعتها وحياة أمي ما هرحم البت دي، ولا هيكون ليها شفيع عندي.
شدد “راغب” على كتفه مهونًا عليه :
– خلاص ياحمزة، كلها النهاردة والنتيجة تطلع، ونحطها في عين الكل ، ونرفع بيها قضية كمان.. هنبهدلها هي واللي يتشدد لها كمان.
نظر “حمزة” لهاتفهِ، لم ترد “ميان” على اتصالاته المتكررة، وتجاهلت رسائلهِ تمامًا، حتى إنه فشل في تحديد موعد للقاءها وتفسير نفسه أمامها، فـ قذف الهاتف بعيدًا عن متناول يده، وفتح زرّ قميصهِ ليُحرر عنقهِ قليلًا، بعد أن أحس بإختناقٍ شديد يُطوقهُ، وفتح النافذة الزجاجية العريضة لينظر عبرها، تلك المرة الأولى التي يصل فيها لحالٍ گهذا، عاجز، حائر، ومضطر على الصبر حتى تتبين النتيجة التي ستكتب مصيرهِ، إما النصر، أو الهزيمة الساحقة.
************************************
أيام عصيبة، قضاها جميعهم في الإنتظار على أحرّ من الجمر، لتظهر براءة “حمزة” ويتطهر من ذاك الأمر الذي طالهُ ولوّث دفترهِ – الأبيض – كما يظن الجميع. هذه المرة السادسة على التوالي ، التي تتصل فيها “أسما” بـ ولدها، لكي تطمئن على النتيجة النهائية لتحليل الأبوة، لكنه لم يُجيب هذه المرة، كان منشغلًا بإستلام أصل النتيجة، گطالب الثانوية العامة الذي ينتظر نتيجة سيتحدد على أساسها حياته كلها. أمسك “حمزة” بالظرف، متوترًا مرتبكًا، هل يفتحه أم لا؟.. ماذا ستكون النتيجة؟ هل لصالحهِ؟.. أم صالحها هي؟. كفّيهِ متجمدان گقطعتان من الثلج، والخوف – لأول مرة – يعرف الطريق لـ بواطنهِ. فتح الظرف بتلهفٍ، وفتح التقرير الطبي ليشملهُ بنظراتٍ خاطفة، حتى استقرت عيناه على تلك العبارة المكتوبة بالأنجليزية، وكان معناها ( العينة مطابقة بنسبة ٩٩.٩٪ مع حمزة صلاح القُرشي).

بُهتت تعابيره، گمن انهدمت دُنياه رأسًا على عقب، إذًا هو أب لهذا الطفل بالفعل، حتى وإن أراد ألا يكون ، هذا هو الواقع الذي يُعايشهُ الآن. ظل واقفًا مشدوهًا مصدومًا، ماذا سيفعل الآن؟.. بل أين سيجد طرف الخيط الذي سيدُلهُ عليها؟. تعقدت الأمور أكثر وأكثر، بعدما ثبت له صدق قولها، وإنها أنجبت منه طفلًا في الخفاء دون أن يرى أو يسمع شيئًا، وكان هذا هو ضمانها الوحيد، لكي يعيش الطفل.. وتعيش هـي.
خرج “حمزة” من بوابة المعمل، بوجهٍ مغلف بالذهول ، حتى استوقفه “راغب” بترقبٍ يسأله :
– طمني؟.. النتيجة إيه؟.
لم يتفوه كلمة، بل كان صمتهِ أبلغ رد قد يصل لـ “راغب”، ذمّ على شفتيه وقد فهم ما وصلت إليه الأمور :
– إبنك؟.
نظر “حمزة” حوله، ثم قطع دابر الأمر نهائيًا بقوله :
– ده كلام التحاليل، إنما الحقيقة.. لأ.
قطب “راغب” جبينه بغير فهم :
– يعني إيه؟.
برقت عينا “حمزة” ببريق شرٍ، وأفصح عن نيتهِ :
– يعني كأني مشوفتش التحليل ده، هنضرب النتيجة زي ما بنضرب أي حاجه، وتبقى تقابلني لو عرفت تثبت العكس.
طوى “حمزة” ظرف التحليل ووضعهُ في جيب سُترتهِ، ثم سار نحو سيارته :
– يلا عشان ورانا حاجات كتير.
***********************************
تلقى “صلاح” خبر تواجد أفراد الشرطة أمام بيتهِ، في حدثٍ لم يسبق له الحدوث من قبل، فـ هرول بالخروج من مكتبه الموجود بداخل المنزل، ومن خلفهِ “أسما”، وقد تسرب القلق لكليهما، حتى وصل أمام البوابة، ليرى بالفعل أفراد من الشرطة في انتظاره. أخفى “صلاح” مشاعر القلق والتوتر بداخله، وبدا ثابتًا صامدًا وهو يردف بـ خشونةٍ :
– أيوة يافندم.. أنا صلاح القرشي، أؤمر.
رمقه ضابط الشرطة بحزمٍ وهو يسأله :
– إبنك فين ياأستاذ صلاح؟.
ازدرد “صلاح” ريقه، فالأمر كان مريبًا بالنسبة إليه :
– ليه يافندم، ممكن تفهمني ؟.
– مطلوب القبض عليه.
حدقت “أسما” بفزعٍ :
– لـيه ؟.. إبني عمل إيه؟.

حينئذٍ كانت سيارة “حمزة” تتوقف أمام البوابة، أراد “صلاح” لو أن لديه الفرصة لتحذيره، ليبتعد على الأقل – حاليًا – ، حتى يفهم تحديدًا ما الذي حدث كي يؤدي الحال إلى أمر بالقبض. ترجل “حمزة” عن سيارته وعيناه تتجول بين الواقفين كلهم، ظن أن “شاكر” قد بدأ المراوغة معهم، بعد ما طال ابنته، فـ تنهد بتحيرٍ وهو يسير نحوهم متسائلًا :
– في إيه يابابا؟.
فسأله الضابط :
– أنت حمزة القرشي؟.
زفر “حمزة” بنفاذ صبر وهو يجيب :
– آه.. خير حضرتك.
– أتفضل معايا، في محضر ضدك وبناء عليه خرج أمر بالقبض عليك.

اتسعت عيناه بذهول، لتطور الأمر بسرعةٍ خارجة عن سيطرته، وسأل ممتعضًا ، وبلجهةٍ بدت مستنفرة :
– عشان؟؟.
– أنت متهم بتهديد بالقتل، ضد السيدة سُلاف محفوظ السني.
گالصاعقة، نزل الخبر عليهم، فـ قبل حتى أن يضع “حمزة” الخطة ضدها، كانت هي قد تحركت ضده منذ زمن، وهذه هي بادرة خطتـها…

– الجُـزء الثـانـي –
تنويه :-
(الجزء قصير حيث إنه بقية فصل أمس).
“ظُلم الظالم أول خيارات العدل.”
______________________________________
فرك “نضال” عيناه الناعستين، ونفض رأسه عله يتخلص من نوبة النوم التي اشتدت عليه. خرج من العقار الذي يقطن به وهو ينظر من حوله، حتى رأى سيارة “راغب” تقف هناك، فـ سار نحوها متأدًا حتى استقر جواره بجانب مقعد القيادة، وسأله في سخطٍ منزعج :
– إيه الموضوع اللي يخليك تقومني من نومي وتنزلني الشارع على ملى وشي ياراغب!!.
اقتاد “راغب” السيارة متعجلًا وهو يفسر له الأمر :
– حمزة في القسم.
تغضن جبينهِ مدهوشًا، وسأل بإستفسار :
– في القسم جاني ولا مجني عليه؟.
– الأتنين.
كان جوابًا مريبًا لم يُفسر حقيقة الموقف، مما استرعى بادرة إنفعالٍ لدى “نضال”، فتسائل بنفاذ صبر :
– ما تكلم ياعم انت وتقول من الآخر !.. أنا مش فاهم أي حاجه!.
فشرح له على عجالة :
– البت اللي ما تتسمى دي، راحت عملت محضر ضده إنه هددها بالقتل.
حدق “نضال” مذهولًا من جرأتها، بعد ما تسببت فيه من كارثة أودت بمستقبل “حمزة” إلى الهاوية :
– بنت اللئيمة!!.. بعد كل ده هي اللي بتبلغ عنه!.
فصاح “راغب” دفعة واحدة، بعدما حاول حجب امتعاضهِ الدفين :
– تخيل!!.. حتة مفعوصة تجرجرنا كلنا على القسم!.. أنا مش مستوعب اللي بيحصل.
تثائب “نضال” للمرة الثانية على التوالي، فـ نهرهُ “راغب” منفعلًا :
– إيـــه ياعم انت ما كفاية وتخلي عندك دم؟!.
فتّش “نضال” عن هاتفهِ فلم يجده، فـ اتسعت عيناه مضجرًا :
– يـوه!!.. نسيت التليفون بتاعي!.
توقف “راغب” بمحاذاة الرصيف بغتةً، وصرخ في وجهه :
– أنـزل ياجدع انت وخدلك تاكسي، أنا أعصابي مفرفرة لوحدها.
فـ انفعل “نضال” أيضًا ولم يحتفظ بسكونهِ – الغير مقصود – طويلًا :
– يا زفت انت التليفون بتاعي عليه أرقام ناس مهمين جدًا، ممكن حد فيهم ينفعنا.. فهمت! ؟.. أنجز خلينا نشوف الليلة اللي مش فايته دي!.
***************************************

 

 

 

اهتاجت أعصابه فاقدًا السيطرة عليها، بعد تعرضه لهذا الموقف الذي لا يُحسد عليه، فـ بعد أن قرر قطع دابر الأمر بالتزوير والكذب، وطَمَسَ حقيقة نسب طفلهِ العائدة إليه؛ لم يجد حتى الوقت الذي يتخلص فيه من أي صلة بالأمر، وإذ به يقع فريسة سهلة في فخٍ مُدبر، قبيل حتى أن يرمش عينهِ. فـ هي تعلم جيدًا حيل خصمها وتحايلهِ، وقضت وقت طويل للغاية لكي تدرس كل ما يخص شخصيته، لتكون قادرة على تلك المواجهة الصعبة والتحدي الشرس، الذي قررت خوضهِ. أفاق “حمزة” من شرودهِ اللحظي، على صوت والده وهو يتحدث للضابط :
– إزاي الكلام ده!.. إبني مش حد من الشارع يافندم، طالما قولت لسيادتك بكرة الصبح يكون قدام النيابة يبقى خلاص، كلامي نافذ.
رفض الضابط اقتراح “صلاح” رفضًا قاطعًا ، وبرر ذلك بـ حجتهِ القوية :
– مفيش الكلام ده ياأستاذ صلاح، أنت راجل قانون وعارف، ده أمر نيابة، يعني أستاذ حمزة هيفضل مشرفنا لحد ما يتعرض الصبح على النيابة.
لم يدوم صمت “حمزة”، بل خرج عنه وقد استنفذ كل ما بقى لديه من بقايا صبرٍ وتماسك :
– أنت أكيد اتجننت!! عايز تنزلني أنا الحجز!.
هبّ الضابط عن جلستهِ وقد اتقدت عيناه بإنفعال ملحوظ، وصاح فيه بغير هوادة :
– ده انت اللي دماغك لسعت على الآخر، أنت هنا في القسم، يعني ممكن ألبسك محضر سبّ وقذف وتعدي لفظي على موظف أثناء تأدية وظيفته!.. هي هبّت منك ولا إيه!.
تدخل “صلاح” قبل أن يتورط “حمزة” بتهورهِ أكثر وأكثر، كي ينقذ ما يمكنه إنقاذهِ :
– يافندم ميقصدش، الصدمة برضو مش طبيعية، ده محامي معروف وكانت وظيفته يخرج الناس من هنا، يقوم هو يدخل!.
زجرهم ضابط الشرطة بنظراتٍ مستخفة، ولم يأبه بذلك التبرير الواهي من وجهة نظرهِ :
– والله دي مشكلته هو مش مشكلتي، في محضر متحرر ضده ودليل على إنه هدد السيدة سُلاف بالقتل.
نظر “صلاح” لإبنه نظراتٍ مستنكرة، بعدما ورط نفسه معها بقول شئ مثل هذا، دون أن يعي إنها احتاطت جيدًا لتوقع به شرّ وقيعة.
(عودة بالوقت للسابق)
ارتكزت عينا “حمزة” على الطفل وهي تتناوله ليبقى بين أحضانها، فـ غلت الدماء في عروقهِ، وما زال عقله غير قادر على استيعاب ما حدث حتى الآن :
– ده مش إبنـــي، مــستحيـل حاجه زي دي تكون حصلت، حتى لو كنت فعلًا اتجوزتك، مش ممكن يكون ده حصـل انتي سـامعة.
ثم نظر للطفل مرة أخرى، ولم يطيق صبرًا بعد كل هذه المماطلات :
– ماشي، هعمل تحليل عشان بس أكشف لعبتك القذرة، وبعدها….
صمت هنيهه، وبرز الشر في عينيه وهو يتوعدها :
– هكون عـزرائيلك، هموته وهموتك مـعاه.
(عودة للوقت الحالي)
ضرب “حمزة” على سطح المكتب وهو ينظر لوالدهِ :
– أتصرف، أعمل حاجه يابابا!.
عاد الضابط يجلس في مكانه، وهو يردف بفتورٍ منزعج :
– مفيش حاجه تمنع تطبيق القانون ياحضرت المحامي.. ودي حاجه أنت عارفها كويس، ياريت كفاية مماطلة وتتفضل.
وأشار للمجند :
– خده ياعسكري.
وقف “حمزة” عن جلستهِ بعد أن أيقن أن لا خلاص من هنا الليلة، خاصة وأن والده قام بالعديد من المكالمات التي استهدف بها إنقاذ ولدهِ، لكنها باءت جميعًا بالفشل، في ظل تحول ذلك الموضوع لأمر تحدث عنه العامّة وأصبح حديث المدينة كلها. خرج “حمزة” ومن خلفه المجند، يوّد لو يطالها بيده، ليفتك بها فتكًا بلا رحمة، ليتحقق مرادهِ بنفس اللحظة، ويراها ماثلة أمامهِ وجهًا لوجه. فـ تسعرت مشاعرهِ وكاد يهجم عليها لولا وجود والده الذي أعاق حركته :
– يابنت الـ ×××××.

 

 

 

دفعه “صلاح” للخلف وهو يعنفهُ بخفوتٍ :
– حــمـزة!!. إحنا في القسم أعـقل.
تبسمت “سُلاف” وهي ترنو إليه بشماتةٍ قائلة :
– دي فيها قضية سب وقذف دي ياحمزة!.. عيب، قولتلك قبل كده أنا أم إبنك ولازم نحترم بعض، أنت مصدقتش.
فصرخ في وجهها :
– مش إبــنــي!.
حافظت على هدوءها الذي يثير نيران انفعاله أكثر، وهي تُشهر تقرير المعمل حول تحاليل الأبوة أمام عينيه :
– لأ لأ لأ ، ميصحش تكذبني كده قدام حمايا!!.. ده التحليل طلع وأنت استلمت النتيجة بنفسك، مش كده يابابا حمزة؟.
حدق “صلاح” في تلك الورقة الفاصلة، التي تمسك بها “سُلاف، ثم نظر لولده يسأله مذهولًا :
– الواد طلع إبنك ياحمزة ؟؟.
ناولته” سُلاف” التقرير وهي تجيب نيابة عنه :
– أيوة ياجدو صلاح، طلع إبنه.

 

 

 

ثم نظرت إليه من جديد :
– ما ترد على بابا ياحمزة، ولا مكسوف!.
تلك العيون التي تنظر إليها وشرارة الشر بازغة فيهم، كانت تُشعرها بلذة الإنتصار وزهوته، وهو عاجزًا حتى عن صدّ العدوان الذي أقامته عليه. دنت منه خطوة، وهمست بجوار أذنه بخفوت سمعهُ :
– مش قولتلك، هعرف أوصلك في الوقت والمكان المناسب.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أغصان الزيتون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى